وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 25 - مقومات الأمانة - الشهوة والوقت.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

الشهوات حيادية :

 لا زلنا في مقومات التكليف، فالله عز وجل أودع فينا الشهوات، وما أودع فينا الشهوات إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات، الشهوة قوة محركة، قوة اندفاع، تقريباً كالوقود السائل، البنزين، إذا وضع في المستودع المحكم، وسال في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، ولّد حركة نافعة، قد تقلك في العيد إلى مكان جميل، إذاً الشهوة قوة محركة، هذه الصفيحة من البنزين نفسها إذا صبت على المركبة وأصابت المركبة شرارة أحرقت المركبة ومن فيها، لذلك الشهوات قوة دافعة أو قوة مدمرة، تقريباً الشهوة يرمز لها بمئة وثمانين درجة، سمح الله لك بمئة وعشر درجات، وسبعين درجة ممنوعة، فالمؤمن يتحرك بدافع من شهواته وفق المساحة المباحة، ما من شيء أودعه فينا إلا له قناة نظيفة طاهرة، جميع الشهوات لها حيز مشروع، مقبول، محمود، وهناك حيز آخر مرفوض، فالشهوة لها تفسيران؛ تفسير إيجابي قوة اندفاع إلى طاعة الله، وتفسير سلبي انحرفت بالإنسان عن منهج الله الصحيح.

الإنسان مخير ليثمن عمله :

 شيء آخر؛ أنت تشتهي وأنت مخير، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، ولو أجبرهم على المعصية - لا سمح الله- لبطل العقاب، لو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً.
 لأنك مخير يثمن عملك، لأنك مخير ترقى بعملك إلى الله، لأنك مخير تسعد بعملك، أنت مخير، والدليل قال تعالى:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف: 29 ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[سورة الإنسان: 3]

 أما البعيدون عن الله عز وجل فيتوهمون أنه مسير، قال تعالى:

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 148]

 إذاً أنت فيك شهوات، هذه الشهوات من أجل أن ترقى بك إلى رب الأرض والسماوات، أنت مخير من أجل أن يثمن عملك، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف: 29 ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[سورة الإنسان: 3]

 فأنت تشتهي كي ترقى، ومخير كي تخلص.

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل :

 أما الوقت فالحقيقة الدقيقة ما وجدت تعريفاً جامعاً مانعاً لهذا الإنسان من تعريف الإمام الجليل الحسن البصري يقول: الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه. أنت وقت، أنت زمن، ولأنك زمن أقسم الله لك بمطلق الزمن، والآية دقيقة جداً:

﴿و العصر* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر : 1-2 ]

 أنت زمن، بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، لذلك نحن حينما نمشي في الطرقات، في بلاد تنشر فيها النعوات، هذا الإنسان توفي، لم توفي؟ انقضى زمنه، ما البطولة؟ أن تعيش المستقبل، أن تعيش الآخرة، أن تعمل لها، ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء.

أركان النجاة :

 لذلك أنت مع الزمن أمام أربع خصائص، قال تعالى:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 1-3 ]

 هذه أركان النجاة، لا بد أن تعرف الله، أن تعرفه خالقاً، ومربياً ومسيراً، أسماؤه حسنى، صفاته علا، أن تتفكر في خلق السماوات والأرض، أن تتصل به، أن تستقيم على أمره، لا بد من أن تعرفه، إن عرفته عرفت كل شيء، وإن فاتتك هذه المعرفة فاتك كل شيء، قال تعالى:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

[ سورة العصر: 3 ]

 جاءت الحركة مطابقة لمعتقدك، جاءت الحركة مطابقة لإيمانك، جاءت الحركة مطابقة لفهمك لهذا الدين، آمنوا عرفوا الله، عرفوا عظمته، عرفوا ربوبيته، عرفوا تسييره، فاستقاموا على أمره، معرفة تورث الاستقامة، ثم تقربوا إليه بعمل صالح يصلح للعرض عليه، عمل صالح فيه إخلاص، وفيه تطابق مع المنهج، ثم قال تعالى:

﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 3 ]

 أي صبروا على معرفته أولاً، والعمل بمنهجه ثانياً، والدعوة إليه ثالثاً، وصبروا على كل أولئك مجتمعين، فلذلك ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.

ليتك تحلو والحياة مـــريــــــــــــــــرة  وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صحّ منك الوصل فالكل هين  وكل الذي فوق التراب تــراب
* * *

طلب العلم ضروري لمعرفة الله و الاستقامة على أمره :

 لذلك أيها الأخوة؛ لا بد من طلب العلم، لا بد من أن تعرف الله من خلال هذا العلم، لا بد من أن تعرف منهجه، لا بد من تطبيق هذا المنهج، فإذا عرفته أولاً، واستقمت على أمره ثانياً، وتقربت إليه ثالثاً، واتصلت به رابعاً فقد حققت أركان النجاة معرفة، واستقامة، وعملاً صالحاً، واتصالاً، قال تعالى:

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[سورة البقرة:125]

 إنك إن صليت ذكرت الله، لكنه إذا ذكرك منحك نعمة الأمن، هذه النعمة لا يتمتع بها إلا المؤمن، منحك نعمة السكينة، تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، منحك الطمأنينة، منحك التوفيق، قال تعالى:

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾

[ سورة هود: 88 ]

 الخيرات في الدنيا قبل الآخرة التي تجنيها من معرفتك بالله، ومن طاعتك له لا تعد ولا تحصى، لذلك ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء.

الدعاء :

 أرجو الله عز وجل أن يحفظنا جميعاً، أن يحفظ لنا إيماننا، وأهلنا، وأولادنا، وصحتنا، ومالنا، ويحفظ لنا استقرار بلادنا، وهذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها، لذلك أرجو الله أن يحفظ لكم إيمانكم أيها المشاهدون، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، و استقرار بلادكم..

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور