وضع داكن
25-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 24 - الأمانة هي إدارة النفس.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

الإنسان هو المخلوق الأول رتبة المكرم و المكلف بعبادة الله :

 أيها الأخوة الكرام؛ قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 الحقيقة إن هناك عالماً اسمه عالم الذر، الأمانة عرضت على كل الخلائق:

﴿ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 فلما قبِل الإنسان حمل الأمانة، ما الأمانة؟ أن يتولى إدارة نفسه، قال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 9-10]

 فإذا نجح في إدارة نفسه استحق جنة الآخرة إلى أبد الآبدين، عطاء كبير لكن له ثمن، قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 يا ترى إنه كان ظلوماً جهولاً؟ لا، الطموح مطلوب من الإنسان، فإذا قبِل حمل الأمانة وأدى الأمانة كما أراد الله، هو ليس ظلوماً ولا جهولاً، بل طموحاً، ويرقى بهذا الطموح، لكن إذا أخل بحمل الأمانة تأتي الآية بمعنى الإقرار، قال تعالى:

﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 لذلك عندما قبل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبة، والمكلف بعبادته ثانياً، والمكرم ثالثاً.

 

مقومات الأمانة :

1 ـ الكون :

 الآن الإنسان عندما قبل حمل الأمانة أعطاه الله مقومات الأمانة، أول مقوم، الكون بكل تفاصيله ينطق بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، الكون كتاب مفتوح، الكون الكتاب الذي يقرؤه كل إنسان، أي من أي جنس، من أي لون، من أي طيف، من أي قرن، أبداً، الكون كتاب الله المفتوح، لذلك هناك آيات كونية قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

[ سورة آل عمران: 191-192]

 هذا الكون هو الثابت الأول هو كتاب الله المفتوح، هو الكتاب الذي يقرأ في كل وقت وحين، وفي كل زمان ومكان، لكن الله عز وجل بالمناسبة الملائكة اختاروا عقلاً بلا تكليف، أو عقلاً بلا شهوة، وبعض المخلوقات اختارت شهوة بلا عقل، لذلك ورد: رُكب الملك من عقلٍ بلا شهوة، و رُكب الحيوان من شهوةٍ بلا عقل، و رُكب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
 لذلك مقومات التكليف أولاً: الكون، الثابت الأول، آيات الله الكونية تحتاج إلى تفكر، الشمس، القمر، النجوم، الليل، النهار، الخضراوات، الأطعمة، الفواكه، الإنسان، خلق الحيوان، خلق النبات، كتاب الله المفتوح كل ما في الكون يدل على وجود الله، ووحدانيته، وكماله.

2 ـ العقل :

 لكن الله عز وجل تفضل علينا بالعقل، العقل أعقد جهاز في الكون، العقل عاجز عن فهم ذاته، العقل فيه مبادئ مبدأ السببية، فعقلك أيها الإنسان لا يفهم شيئاً بلا سبب، وهذا الكون من مسببه الأول؟ إنه الله، عقلك يهديك إلى وجود الله، ووحدانيته، وكماله، فالعقل مقياس علمي، أول مبدأ السببية، والغائية، وعدم التناقض، الغائية لا بد من أن تكتشف فضلاً عن السبب غاية هذا الشيء، هذه البقرة تقدم لك سبعين كيلو حليب، وليدها بحاجة إلى أربعة كيلو، معنى الفارق قال تعالى:

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل: 5 ]

 خصيصاً لكم، هذا الغائية، عدم التناقض أنت لا تقبل الشيء وعكسه بآن واحد، لذلك لهذا الكون خالق لا تقبل خلاف هذا الكلام، فكأن العقل هو أداة راقية جداً لمعرفة الله، فالكون خلقه في كمال، والعقل مقياس دقيق علمي.

 

3 ـ الفطرة :

 لكن في فطرة الإنسان أي أمر أمر به فطر على محبته، قال تعالى:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات: 7]

 أي شيء أمرت به أنت مولف، مبرمج، مفطور على محبته، أي شيء نهيت عنه أنت مولف مبرمج مفطور على كراهيته، هذه نعمة كبيرة، لذلك الفطرة، قال تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه﴾

[ سورة الروم: 30]

 شيء مريح جداً، لا ترتاح إلا إذا عرفت الله، لا ترتاح إلا إذا استقمت على أمره، لا ترتاح إلا إذا أحسنت إلى خلقه، بنيتك، خصائصك، مولفة مع منهج الله.
 شيء آخر الفطرة مقياس نفسي، أي جئت إلى البيت أمك الحنون طلبت منك دواء هي بحاجة إليه، فقلت لها: الصيدليات مغلقة الآن، فسكتت من أخلاقها العالية، لكنك تعلم أنت علم اليقين أن هناك صيدليات مناوبة، فلو ذهبت افتراضاً إلى هذه الصيدليات فلم تجد الدواء، تنام مرتاحاً، أما في الحالة الأولى فتنام منزعجاً، لذلك الفطرة مقياس عاطفي، مقياس نفسي، العقل مقياس علمي، والفطرة مقياس عاطفي ونفسي، لذلك:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم: 30]

 هكذا فطرت، فالذي يبحث عن طاعة الله، يبحث عن راحته النفسية، يبحث عن سلامته، يبحث عن سعادته، والذي يخرج عن منهج الله يعاني ما يعاني من كآبة، حدثنا إنسان في علم النفس له مكانة كبيرة، نسب الكآبة في العالم المتفلت مئة واثنان وخمسون، فلما سألناه: ما هذه النسبة؟ قال: مئة إنسان معه كآبة، واثنان وخمسون يوجد معهم كآبتان. فالكآبة نتيجة حتمية لمن ينحرف عن طاعة الله عز وجل.

 

4 ـ الشرع :

 إذاً الكون الثابت الأول، العقل أعقد جهاز، وهو عاجز عن فهم ذاته، أكبر جهاز يعجز عن فهم ذاته، والفطرة مقياس نفسي، لكن في النهاية يوجد شرع، شرع مكتوب مقروء، هذا الشرع يقيم به العقل والفطرة، العقل إذا هداك إلى شيء غير صحيح مرفوض، وكذلك الفطرة.

5 ـ الشهوة :

 أما الشهوة فهي القوة المحركة، تندفع المركبة بالمحرك، وصاحب المركبة يقودها بحكمة، والطريق هو الشرع يبقيها على الطريق، فنحن نتقدم بقوة الشباب المندفعة، وبتوجيه الشيوخ والعلماء الربانيين، ونسلم إذا بقينا على الطريق، لذلك الإنسان يعرف ربه يستقيم على أمره يتقرب إليه يسلم ويسعد بقربه في الدنيا والآخرة.

الدعاء :

 اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا..

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور