وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 23 - محاولات الشيطان مع الإنسان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

الإنسان كائن متحرك :

 أخوتنا الكرام؛ الإنسان كائن متحرك، ما الذي يدفعه إلى الحركة؟ حاجته إلى الطعام والشراب ليبقى حياً، وما الذي يدفعه إلى الحركة أيضاً؟ حاجته إلى الزواج، وحاجة الفتاة إلى زوج، أما الحاجة الثانية دون أن نشعر جميعاً فهذه الحاجة تؤكد بقاء النوع، وما الذي يدفعه إلى الحركة الثالثة، أكل وشرب حافظ على وجوده كفرد، وتزوج وأنجب حافظ دون أن يشعر على بقاء النوع، يوجد حاجة ثالثة إلى التفوق أنا أسميها بقاء الذكر، يحب أن يكون الطبيب الأول، المهندس الأول، العالم الأول، هذا التفوق نعمة كبرى، وأنا أطمئن أخوتنا المستمعين والمشاهدين أن كل هذه الحاجات متوافرة في الدين، لذلك الشيطان له دور سلبي فيما يبدو، يوسوس للإنسان أن يكفر، فإن رأى الشيطان هذا الإنسان على إيمان، وسوس له أن يشرك، إن رآه على توحيد وسوس له أن يبتدع، يأتي ببدع في الدين طبعاً، البدعة في الدنيا مقبولة، طورنا حياتنا، طورنا دخلنا، استخرجنا ثرواتنا، صنعنا هذه الثروات، جميع هذه البدع في الدنيا مقبولة بل مطلوبة، أما البدعة في الدين فهذا تشريع الخالق، الله عز وجل شرعه كامل كمالاً مطلقاً لا يضاف عليه، ولا يحذف منه، فإذا أردنا أن نبتدع في الدين وقعنا في خطر كبير، البطولة أن نبتدع في دنيانا، في تطوير حياتنا، في تطوير أرزاقنا، في استخراج ثرواتنا، في تصنيع هذه الثروات، أن نبدع في أن نعطي للإنسان حقوقه الأساسية، حق العمل، حق الزواج، إلى آخره..

ديننا دين كامل لا يضاف عليه ولا يحذف منه :

 نحن متى نخطئ خطأ فاحشاً؟ إذا ابتدعنا في الدين، وقلدنا في العمل، لا بد من أن نبتدع في تطوير حياتنا، هذا مطلوب، أما في الدين فهو من عند الخالق، من عند المطلق، دين كامل لا يضاف عليه، ولا يحذف منه، إن أضفنا عليه اتهمناه بالنقص، إن حذفنا منه اتهمناه بالزيادة، لكننا إذا أصررنا على أن نبتدع في الدين، نبتدع بالخطاب الديني، نخاطب عقل الإنسان بالعلم، نخاطب قلبه بالحب، نخاطب جسمه بأن تكون يده هي العليا لا السفلى، هذا الابتداع في الدين ابتداع في الخطاب الديني، وهذا مطلوب، لكن هذا الشيطان وسوس له بالكفر، إن رآه على إيمان وسوس له بالشرك، إن رآه على توحيد وسوس له بالبدعة، إن رآه على سنة وسوس له أن يرتكب كبيرة، إن رآه على طاعة وسوس له أن يرتكب صغيرة، فإن رآه على ورع وسوس له بالمباحات، يوسع بيته، يغير سيارته، يطور أثاث بيته، ثم يغيب عنه الموت، والموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف، وغنى الغني وفقر الفقير، ينهي وسامة الوسيم، البطولة الغنى والفقر بعد العرض على الله.

العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا :

 متى يسمى الغني غنياً؟ هو غنى العمل الصالح، لأن علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح، وسمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، فالغنى والفقر بعد العرض على الله.
 التوسع في المباحات ليس محرماً، لكن يشغلك عن أعمال أقوى، علة وجودك العمل الصالح، الذي يصلح للعرض على الله، يحتاج إلى مال، يحتاج إلى قوة، لذلك إذا كانَ طريق القوةِ سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 القوي بمنصبه بجرة قلم يحق حقاً ويبطل باطلاً، بجرة قلم يزيل منكراً ويؤكد معروفاً، والقوي بعلمه ينشر الحق ولا سيما في هذا العصر، النبي صلى الله عليه وسلم تفاءل تفاؤلاً مذهلاً قال:

(( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ))

[ من حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعا أخرجه الحاكم وصححه ورده الذهبي ]

 يوجد وسائل تواصل إذا استخدمناها الاستخدام الصحيح نكون قد وسعنا هذه الدعوة، وكلما توسعت دوائر الحق ضاقت دوائر الباطل، فلذلك الحق الشيء الثابت والهادف، والباطل الشيء العابث والزائل، فالبطولة أن تكون مع الحق.

الأخوة الإيمانية أرقى علاقة بين شخصين :

 أيها الأخوة الكرام؛ فإن سلم من كل هذه النوازع الشيطانية، هناك آخر شيء وهو التحريش بين المؤمنين، المؤمنون قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

[ سورة الحجرات: 10 ]

 على اختلاف مللهم، ونحلهم، وأعراقهم، وأنسابهم، وطوائفهم،

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

  الأخوة الإيمانية أرقى علاقة بين شخصين، هذا الأخ المؤمن مبادئه كمبادئك، قيمه كقيمك، أهدافه كأهدافك، يوجد تواصل، فلذلك الإنسان حينما يحرص على أخوة الدين، هذه الأخوة المستمرة، الراقية لها تفسيرات علمية كثيرة، الإنسان له خارطة، لو رسمنا هذه الخارطة وإلى جانب هذه الخارطة خارطة مؤمن آخر، العبادة واحدة، الطاعة واحدة، التواضع واحد، الإكرام واحد، كثرة هذه الخطوط العرضية تقوي العلاقة بين المؤمنين،

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

.

القرب من الله سعادة و نور :

 أيها الأخوة الكرام؛ الإنسان إذا ابتعد عن الله عز وجل وقع في شر عمله، القرب من الله سعادة، نور، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾

[ سورة الحديد: 28 ]

 تصور إنساناً يمشي بمركبة بلا إضاءة في الليل، والطريق وعر فيه أكمات، وحفر، وصخور، ومنعطفات، ومنحدرات، مادام هناك ضوء المؤمن يستنير بنور الله، اتصاله بالله عز وجل يهبه هذا النور، النور الإلهي مؤكد بآيات كثيرة جداً، المؤمن يتحرك وفق نور إلهي، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾

[ سورة الحديد: 28 ]

 الشيء الآخر أنت إذا كنت مع المؤمنين، أنت إذا كنت مع حاضنة إيمانية، هناك من ينصحك، هناك من يلفت نظرك، قال تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

 فعل أفعل أغفل لا تعني أن الله جعله غافلاً، بل تعني أن الله وجده غافلاً، عاشرت القوم فما أبخلتهم ما وجدتهم بخلاء، عاشرت القوم فما أجبنتهم ما وجدتهم جبناء، قال تعالى:

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

الدعاء :

 اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور