وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 21 - علاج ضعف الايمان2- الإكثار من النوافل.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي، أخواتي؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير، نحن في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا: " منهج التائبين " نترسم خطا هذا المنهج بمعية شيخنا الفاضل فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله بكم، ونفع بكم.
الدكتور بلال:
 حياكم الله سيدي، ونفع بكم، نحن نتعلم منكم.
 سيدي كنا قد انتهينا في اللقاء السابق من الحديث عن علاج ضعف الإيمان، وبقي لنا بند ولا أريد أن نتركه، تداركنا الوقت، البند الذي بقي هو: "الإكثار من النوافل" أن يعالج الإنسان ضعف إيمانه بالإكثار من النوافل، وهنا يحضرني حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:

(( وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مِنْ أداءِ ما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كُنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 وهذا في الصحيح.
 كيف نفهم هذا الحديث، وأهمية النوافل في علاج ضعف الإيمان؟

الإكثار من النوافل علاج لضعف الإيمان :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 الفروض كالضرائب لا بد من أن تؤدى، إنسان قدم جامعة لأمته، يقام له حفل تكريم كبير، قدم مشروعاً، قدم منحة، فالفرائض لا بد من أن تؤدى، إلزامية، أما النوافل فيرقى بها الإنسان، فلذلك النوافل ترتقي بالإنسان إلى الله عز وجل، الفرائض الحد الأدنى، يوجد حد أدنى، وحد أعلى.
 أذكر تماماً أن مسيلمة الكذاب التقى بصحابيين، قال لهما: أتشهدان أني رسول الله؟ قال الأول: ما سمعت شيئاً، فقتله، قال الثاني: أشهد أنك رسول الله، الأمر بلغ النبي الكريم، ماذا قال؟ قال: أما الأول فقد أعز دين الله فأعزه الله، وأما الثاني فقد قبل رخصة الله.
 عظمة هذا الدين وضعك في حدين، حد أدنى، وحد أعلى، كما في الجامعة يوجد نجاح مقبول، ونجاح مع مرتبة شرف، فالإسلام واقعي يتوافق مع كل إنسان، يوجد حد أدنى لابد منه، وحد أقصى تبلغ بها أعلى المراتب.
الدكتور بلال:
 الحد الأدنى الفرائض.
الدكتور راتب :
 الفرائض.
الدكتور بلال:
 والنوافل زد ما شئت من الأعمال الصالحة.
الدكتور راتب :
 الأقصى، لا حدود لها.
الدكتور بلال:
 وما معنى الحديث:

((ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كُنتُ سمعَه))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

المؤمن يسمع بنور الله :

الدكتور راتب :
 الآن لا يستمع إلى شيء لا يرضي الله، يقول: مالتوس قال إن هناك مجاعة؟ لا، هذا كلام يتناقض مع القرآن، دارون قال: الإنسان أصله قرد.
 والله أنا كطرفة، آمنت بها مؤخراً لكن معكوسة، كان إنساناً صار قرداً.
الدكتور بلال:
 من غير المؤمنين.
الدكتور راتب :
 هناك أشياء غير صحيحة، وأنا أغلب الظن عندي الأشياء التي أراد أصحابها الطعن بالدين الحقيقة أنها مفتعلة، لا أنه رأى كذا فقال كذا، لا، معه برنامج، أو معه أجندة بالتعبير المعاصر، ليطعن الدين في صميمه، وأعداء الدين حينما رأوا أن هذا الإسلام دين قوي جداً، دين يتنامى، دين قوي، متجذر، وسطي، متوازن، مقبول، ينمو نمواً عجيباً أرادوا أن يأتوا بأشياء لتقليل قيمة الدين عند الناس.
الدكتور بلال:
 لتنفير الناس من الدين، إذاً:

((كُنتُ سمعَه الذي يسمع به))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

الدكتور راتب :
 لا يسمع شيئاً يناقض القرآن، يوجد نقطة دقيقة الإنسان:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء: 88-89]

 ما القلب السليم؟ هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد إلا الله.
الدكتور بلال:
 هذه:

(( كُنتُ سمعَه الذي يسمع به))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 فيسمع بنور الله، ثم يقول:

((وبصرَه الذي يبصر به))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

المؤمن ينظر للشيء بالقيم أو بالمؤدى :

الدكتور راتب :
 دخل لبيت فخم بشكل غير معقول، لكن صاحبه تاجر مخدرات، ثم دخل لبيت متواضع ستين متراً، صاحبه مؤمن مستقيم.
الدكتور بلال:
 ينظر بنور الله.
الدكتور راتب :
 ينظر بنور الله، هذا البيت أساسه قمار، أو مخدرات، أما هذا البيت الصغير فأساسه موظف مستقيم، دخله محدود، لكنه مؤمن، مصلي، صائم، فهو ينظر للشيء بالقيم، أو بالمؤدى، وأنا أتمنى للأخوة المشاهدين بكل شيء أدخل الآخرة مع الدنيا، إن أدخلتها مع الدنيا تنعكس المقاييس.
الدكتور بلال:
 تصح الرؤية.

((كُنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

المؤمن بصير ينظر للنتائج و المآلات :

الدكتور راتب :
 أي هذه اليد لا يستخدمها إلا في الحلال، في العطاء، لا في القهر، والإيذاء، والنيل من الناس، يد في نور.
 عفواً، إنسان يركب مركبة في الطريق ليلاً، يوجد منعطفات، وأكمات، وحفر، وصخور، هذا الإنسان بحاجة إلى ضوء.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد: 28]

 المؤمن معه نور من الله، يرى به الحق حقاً، والباطل باطلاً، لذلك المؤمن بصير، البصير غير البصر، البصير بحقائق الأشياء، معه بصيرة، فيرى أن هذا العمل القمار نهايته الدمار، والتطلع لغير الزوجة نهايته الفساد، والغش بالبيع والشراء نهايته الإفقار، هذا يسمونه فقه المآلات، أي هذا العمل ينتهي بالفقر، بشر الزاني بالفقر ولو بعد حين.
الدكتور بلال:
 لا ينظر إلى المقدمات، وإنما للنتائج، والمآل.
الدكتور راتب :
 فالمؤمن ينظر بنور الله، لذلك الله حارسه، الأنبياء معصومون، المؤمنون محفوظون، ما دام طبق منهج الله عز وجل فهو محفوظ، لا يوجد عنده خبر ساحق، مدمر، لأن ماله حلال، و لم يأت من القمار، و لا من ملهى، ماله حلال، واختار زوجة صالحة ليست سيئة، هو بدايته صحيحة، والنهاية صحيحة، وكل إنسان يتوهم أن البدايات سيئة تنتهي بمآلات رائعة يكون أحمق، البداية السيئة تنتهي بنهاية سيئة.
الدكتور بلال:
 وإن وقعت له بعض الابتلاءات فهو ينظر إلى ما أعده الله له في المستقبل.

((كُنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

اتجاه المؤمن إلى خدمة أمته لا إلى مكان لا يرضي الله :

الدكتور راتب :
 أي لا يتجه إلى مكان فيه معصية، لا إلى ملهى، ولا إلى دار قمار، ولا إلى مكان لا يرضي الله، فيه عورات مكشوفة، فيه اختلاط، وغيبة، ونميمة، فيه أفلام لا ترضي الله، لا يمشي إلا إلى مكان صالح، إلى جامع، إلى درس علم، إلى صديق مؤمن، إلى لقاء إيماني، إلى عمل صالح، إلى عمل خيري، إلى عمل تنموي، إلى عمل لخدمة أمته، ووطنه.
الدكتور بلال:

((ورجله التي يمشي بها))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 ثم يقول كما في الحديث القدسي:

((وإن سألَني أعْطَيتُه، وإن استَعَاذَ بي أعَذْتُه ))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 يصبح مستجاب الدعوة، يدعو الله فيستجيب له؟

الدعاء هو العبادة :

الدكتور راتب :
 الاستجابة هي قاسم مشترك لكل مؤمن، هو ينتظرنا، الدعاء هو العبادة.

((الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ))

[الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه]

 هو ينتظرك، والمؤمن سعيد جداً، لا أبالغ بهذه الكلمة، سعادته ناتجة أن معه خطاً ساخناً مع الله، يناجيه في الليل، في قيام الليل، يسأله، يتوسل إليه، يرجوه، حالة المؤمن متميزة.
الدكتور بلال:
 سيدي في النوافل، في الإكثار من النوافل، ما البرنامج الذي تقترحونه للنوافل، هل هو قيام الليل مثلاً؟

برنامج النوافل :

الدكتور راتب :
 والله لابد من قيام في الليل، ولو كان قبل الفجر بربع ساعة، لابد من تلاوة القرآن كل يوم.
الدكتور بلال:
 في ثلث الليل الآخر.
الدكتور راتب :
 قيام الليل، تلاوة القرآن، صحبة الصالحين، طلب العلم، درس علم بالأسبوع مرة.
الدكتور بلال:
 هذه كلها تدخل في النوافل، في الإكثار من النوافل، سيدي:

((وإن سألَني أعْطَيتُه، وإن استَعَاذَ بي أعَذْتُه ))

[البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 أي إذا التجأ إلى الله يلجئه الله إليه بهذا المعنى؟
الدكتور راتب :
 بتعبير دارج المؤمن غال على الله، معه خط ساخن مع الله، له مكانة عند الله، الله لا يخيب ظنه أبداً.
الدكتور بلال:

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص: 31]

الوعد بالجنة يمتص متاعب الإنسان في الدنيا :

الدكتور راتب :
 مرة أذكر أن شخصاً فجأة لسبب أو لآخر صار معه مبلغ ضخم جداً، من فقر شديد لخمسمئة مليون، موضوع إرث، هذا المليادير مات بحادث، هذا قريبه ورث المبلغ، حتى قبض المبلغ احتاج إلى سنة لقبضه، ما الآية:

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[سورة القصص : 31]

 المؤمن موعود بالجنة، هو يعيش بين الناس، قد يعاني ما يعانون، يوجد موجة حر، غلاء أسعار، لكن الله وعده بالجنة، هذا الوعد بالجنة يمتص كل متاعبه في الدنيا.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي علاج ضعف الإيمان يكون بتدبر القرآن الكريم، ويكون بالإكثار من الأعمال الصالحة، ويكون بالإكثار من النوافل، وصحبة الصالحين، وطلب العلم الشرعي النافع، كل هذه الأمور تتكامل فيما بينها لنعالج هذه الظاهرة.
 الآن إذا قوي الإيمان سيدي، أي إذا أصبح الإنسان قوياً في إيمانه ما الذي يحصل؟

خيارات القوي بالعمل الصالح لا تعد ولا تحصى :

الدكتور راتب :
 حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، وإذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن القوي خياره بالأعمال الصالحة واسع جداً، هناك قوة العلم، وقوة المال، وقوة القرار، فإذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي بالعمل الصالح لا تعد ولا تحصى، ولأن العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[مسلم عن أبي هريرة]

 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي الأكارم؛ لم يبقَ لي في نهاية هذا اللقاء الذي سعدنا فيه بصحبة شيخنا الفاضل وبصحبتكم إلا أن أشكر لكم حسن المتابعة، سائلاً المولى جلّ جلاله أن نلتقيكم في حلقات قادمة وأنتم بأحسن حال مع الله، ومع خلقه.
 إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور