وضع داكن
29-03-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 13 - العبادة - مفهومها الخضوع لمنهج الله - عبادتا الهوية والظرف.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي الكرام، أخواتي الكريمات: بتحية الإسلام نحييكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن معاً في حلقة جديدة من برنامجنا: "منهج التائبين" نحن نبحر معكم في هذا المنهج المبارك منهج الأنبياء والمرسلين، منهج نسير عليه إن شاء الله ابتغاء رضى الله رب العالمين.
 معنا دائماً ونحن في معيته فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبارك الله بكم.
الدكتور بلال:
 سيدي غاية التوبة هي أن يصل الإنسان إلى عبادة التوبة، لأن الله تعالى يقول:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾

[ سورة الذاريات : 56 ـ 57 ]

 فأصل التوبة كما تفضلتم هو أن يصل الإنسان إلى العبادة الحق لله رب العالمين.
 بادئ ذي بدء ما مفهوم العبادة؟

 

مفهوم العبادة :

الدكتور راتب :
 هي خضوع لمنهج الله، خضوع لتعليمات الصانع، لأن الصانع هو الجهة الوحيدة الخبيرة.

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 عبادة الله ومحبته صفتان متلازمتان
العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
 فما عبد الله من أحبه ولم يطعه، وما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، فكلا العبادة والمحبة شرط لازم غير كافٍ.
 طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، الله عز وجل قال:

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾

[ سورة التكاثر: 5]

 عندنا علم يقين، الوهم ثلاثون بالمئة، الشك خمسون بالمئة، الظن سبعون بالمئة، غلبة الظن تسعون بالمئة، والقطع مئة بالمئة.

﴿ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾

[ سورة التكاثر: 5]

 قطعاً.

﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[ سورة التكاثر: 6]

 شخص ينحدر بمركبته بسرعة كبيرة، ثم اكتشف أن المكبح تعطل، وتنتهي هذه الطريق بمنعطف حاد، يقول لك: انتهينا، هلكنا، هو لم يهلك بعد، لكن يوجد مقدمات للهلاك.

﴿ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[ سورة التكاثر: 6]

 لذلك البطولة أن تعرف الحق قبل فوات الأوان.

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام: 158]

 والحقيقة أن ريح الجنة في الشباب، الشباب يباهي الله بهم الملائكة، والحقيقة الدقيقة أن الإنسان بشبابه طاقاته كبيرة، أما عندما يتقدم به السن فتصبح عبادته ضعيفة جداً.

((اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك))

[أخرجه الحاكم عن عبد الله بن عباس]

 فالبطولة أن نعرف الله في وقت مبكر، والآية تقول:

﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾

[ سورة الأنعام : 158]

 من عبد الله شابا له شيخوخة رائعة
والشيء الدقيق من عبد الله شاباً له شيخوخة رائعة.
 أذكر عالماً من كبار علماء الشام بلغ سبعة و تسعين عاماً، وكان منتصب القامة، وحاد البصر، ومرهف السمع، وأسنانه في فمه، وكان يقول لمن سأله: يا سيدي؛ ما هذه الصحة التي حباك الله بها؟ يقول: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
الدكتور بلال:
 سيدي، إذاً العبادة لها مفهوم أعم من المفهوم الخاص.
الدكتور راتب :
 خضوع لمنهج الله، خضوع لتعليمات الصانع، خضوع للخبير,
 أنت حينما تركب مركبتك، بلوحة البيانات تألق ضوء أحمر، سألت خبيراً؟ قال لك: هذا ضوء الزيت، إن لم تصب الزيت احترق المحرك، لو قال لك أحدهم: ضوء تزييني، احترق المحرك.

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل : 43]

 حياة الإنسان، مصيره، الأبد، الآخرة، ليس مهتماً لهذا.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي قد يكون الإنسان في بيته، مع أهله، وهو في عبادة، وقد يكون في نزهة وهو في عبادة، أي لا يقتصر مفهوم العبادة على أداء الشعائر الإسلامية.

 

العبادة علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور راتب :
 يمكن أوسع مفهوم في الإسلام العبادة، إن كنت تستمع إلى زوجتك متألمة، استماعك لها عبادة لله عز وجل، إن وجهت ابنك توجيهاً صحيحاً، التوجيه عبادة، إن وقفت مع شريكك وقفة صادقة عبادة، العبادة علة وجود الإنسان في الدنيا، الصلوات الخمس تقضى بساعة أو ساعة ونصف، الباقي أخذ وعطاء، ووقوف إلى جانب الحق، ورد الباطل.
 طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
الدكتور بلال:
 أريد أن أتحدث هنا وأدخل إلى عبادة الهوية، أحياناً الإنسان يعبد الله فيمَا أقامه، وأحياناً يعبد الله فيمَا لم يقمه به، أي ينشغل بشيء ليس في مكانه، ما عبادة الهوية، كيف يعبد؟

عبادة الهوية :

الدكتور راتب :
 القوي له هوية، إحقاق الحق عبادة القوي، القوي بجرة قلم يحق حقاً، ويبطل باطلاً، ويقيم معروفاً وينزع منكراً، فالقوي عبادته الأولى إحقاق الحق.
 الغني عبادته الأولى إنفاق المال، أي ما جعل الله الغني غنياً إلا ليصل بماله إلى أعلى درجات الجنة، ميتم، مستشفى، يطعم الجياع، يكسو العراة، يزوج الشباب، يوجد أعمال طيبة كثيرة.
 الغني عبادته إنفاق المال
والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، الأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى، واسعة جداً، وكلها سالكة إلى الله.
الدكتور بلال:
 هذه عبادة القوي، والغني.
الدكتور راتب :
 أما عبادة العالم فإلقاء العلم، دون أن تأخذه في الله لومة لائم، قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب : 39]

 أي لو أن هذا الذي يلقي العلم خشي غير الله، فتكلم بالباطل تملقاً، وسكت عن الحق خوفاً، انتهت دعوته، هذه الصفة الوحيدة اسمها صفة جامعة مانعة، أي صفة لو أزيلت التغى الموصوف كلياً.

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب : 39]

 العالم إلقاء العلم دون محاباة، دون نفاق، دون صمت، حتى إذا كان هناك مأساة كبيرة، وتكلم العالم بموضوعات فقهية عادية جداً فقد خان الله ورسوله، هذا موضوع ساخن، عبادة العالم إلقاء العلم، الغني إنفاق المال، القوي إحقاق الحق، المرأة رعاية الزوج والأولاد.
 اعلمِي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله.

(( ذروة سنام الإسلام الجهاد ))

[رواه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي]

الدكتور بلال:
 هذه عبادة الهوية، لو انتقلنا إلى عبادة الظرف، الإنسان أحياناً يقع في ظرف محدد هو كشخص، فهل هناك عبادة للظرف الذي يقع به الإنسان؟

 

عبادة الظرف :

الدكتور راتب :
 الجيل المؤمن أمل الأمة وقوتها
إذا كان وضعه المادي جيداً، وهناك ظرف عام صعب جداً، فإنفاق المال عبادة الظرف، طرحت شبهة في البلد ضد الدين، فتوضيح هذه الشبهة، والإتيان بالأدلة القوية، وإزالة هذا التردد عند الناس، هذه عبادة أولى، إما في شبهة، أو في شهوة طغت، شهوات طغت، أو شبهات طغت، هذه عبادة العصر.
 وإذا كان الغني يعتد بأسلحة فتاكة، فالقنبلة الذَّرية يجب أن نواجهها بقنبلة الذُّرية، علينا أن نربي جيلاً مؤمناً متمكناً من دينه محسناً، يقيم لهذه الأمة قوتها.
الدكتور بلال:
 اليوم سيدي يوجد هجوم واضح، أنكر من أنكر، وأثبت من أثبت، لكن القضية أصبحت واضحة، يوجد حرب على المسلمين، يوجد حرب تشن على المسلمين نحن بظرف عصيب جداً يريدون إفقارنا وإذلالنا.
الدكتور راتب :
 وإضلالنا.
الدكتور بلال:
 ما العبادة التي تتوجه إليها الجهود اليوم من الشباب و من الشيوخ؟

سعي الشباب و الشيوخ إلى التجمع لأن الجماعة رحمة :

الدكتور راتب :
 التجمع، الجماعة رحمة، والفرقة عذاب، أنا أقول كاجتهاد مني: طرح قضية خلافية الآن يعد في نظري جريمة في الإسلام، نريد أن نجتمع، أن نتوحد، أن نأخذ القواسم المشتركة، وأنا أعتقد أن بين المسلمين خمسة و تسعين بالمئة قواسم مشتركة، وهناك خمسة بالمئة، طرح القضايا على مستوى خمسة بالمئة عدوان على الدين.
الدكتور بلال:
 هذه عبادة الظرف، وعبادة الهوية، الآن سيدي كما قلتم مفهوم العبادة هو مفهوم عام جداً، العبادات التعاملية، التعامل مع الناس كيف تكون العبادة في ذلك؟

كيفية التعامل مع الناس :

الدكتور راتب :
 ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام، التعاملية بالدرهم والدينار، المال قوام الحياة، الكسب كسب المال الحلال، وهناك كسب مبني على إيذاء المسلمين، على إيذائهم في أخلاقهم، على إيذائهم في معاشهم، على إيذائهم في وحدتهم، الطرف الآخر ذكي جداً في إفساد أولادهم، في إفساد المناهج التربوية، فالطرف الآخر يقظ، والحقيقة الدقيقة هناك حرب عالمية ثالثة تشن على الدين، فعليك أن تدافع عن الدين إما بعلمك، أو بجهدك، أن بعملك.
 أذكر إنساناً أنشأ أربعة أبنية، وكل بناء عبارة عن اثني عشر طابقاً، وكل طابق أربع شقق، وهذا البناء يؤجر إلى طالب العلم المتزوج بمبلغ رمزي، حل مشكلة آلاف الشباب، لأن البيت مهم جداً بالزواج.
 الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
الدكتور بلال:
 وينبغي أن يشعر المؤمن الإنسان اليوم بأي عمل يقوم به، يستصلح أرضه، يبني شيئاً لأمته، يدافع عن قضيته هو في عبادة.
الدكتور راتب :

((إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة - النخلة الصغيرة - فليغرسها))

[أخرجه البزار عن أنس بن مالك]

 ما هذا الدين؟!

 

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 هذه إيجابية مطلقة. جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي الكرام، أخواتي الكريمات؛ أسأل الله عز وجل أن نسلك جميعاً منهج التائبين ومنهج العابدين، لنصل معاً إلى عبادة ترضي الله تعالى رب العالمين، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، إلى الملتقى.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور