وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 16 - خصائص تلاوة القرآن.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم...

العبادة علة وجود الإنسان في الدنيا :

 أيها الأخوة المشاهدون؛ آية جامعة مانعة، قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 أي علة وجودنا في الدنيا العبادة، والعبادة كما قال بعض العلماء: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، فما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، كما ما عبد الله من أحبه ولم يطعه، طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، الله عز وجل كما هو معروف حياتنا بيده، موتنا بيده، رزقنا بيده، صحتنا بيده، قوتنا بيده، ومع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً، قال تعالى:

﴿ لا إِكراهَ فِي الدّينِ ﴾

[سورة البقرة: ٢٥٦]

 بل أراد أن تكون العلاقة به علاقة حب، قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة : 54 ]

 العبادات منوعة، هناك عبادات شعائرية كالصوم، والصلاة، والحج، والزكاة، والنطق بالشهادة، هناك عبادات تعاملية، لكن من العبادات المنوعة تلاوة القرآن، المؤمنون يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، هذه التلاوة ما خصائصها؟ ما موجباتها؟ ما شروطها؟ هو موضوع هذا اللقاء الطيب.

تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة وفق قواعد اللغة العربية :

 قال الله عز وجل:

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾

[ سورة البقرة : 121 ]

 كلام الله جامع مانع، ما معنى حق تلاوته؟ قال العلماء: حقّ تلاوته أن تتلوه تلاوة صحيحة وفق قواعد اللغة العربية، فالذي يقول: إنما يخشى اللهُ، صلاته باطلة أصلاً، قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

[ سورة فاطر: 28 ]

 فلا بد من أن تتلوه حق تلاوته، ولأن هذا القرآن باللغة العربية التي اختارها الله لغة لكلامه فلا بد من تعلم العربية، يقول سيدنا عمر: "تعلموا العربية فإنها من الدين". أحد أسباب فهم الدين فهماً عميقاً تعلم العربية، والشيء الذي يؤلم أشد الإيلام أن أناساً لا يتكلمون حرفاً واحداً في العربية يحفظون كتاب الله.

وجوب الفهم العميق للقرآن الكريم :

 لذلك السيدة عائشة ذكرت كلاماً دقيقاً في ملمح عميق جداً، فكانت إذا سئلت عن أخلاق النبي تقول:

(( كان خلقه القرآن ))

[ مسلم عن عائشة ]

 لأن الكون قرآن صامت، ولأن القرآن كون ناطق، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي، أي حديثه، حركاته، سكناته، موقفه، غضبه، رضاه، فرحه، حزنه، إقامته، سفره، قرآن يمشي، وأنا أضيف و ما لم ير المسلمون اليوم أو ما لم ير الناس اليوم إسلاماً يمشي أمامهم، إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، وإن استثيرت شهوتهُ فهو عفيف، لن يقنعوا بهذا الدين، لماذا؟ لأن الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، فالقدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، لذلك الفهم العميق للقرآن يجب أن نصل إليه، يوجد أسرار، ومضامين راقية جداً، أي مثلاً تقرأ هذه الآية:

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

[ سورة مريم: 71 ]

 باللغة العربية حرف إن يعني حرف نفي، ما منكم واحد إلا وسوف يرد النار، والمستقيم؟ والمؤمن؟ والمجاهد؟ والذي أنفق ماله؟ والذي ضبط وقته ضبط شهواته؟ :

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

  هنا الدقة البالغة، قال العلماء: دخول النار شيء وورودها شيء آخر، دخولها عقاباً واستحقاقاً، أما ورودها فموعظة واعتباراً، أي هناك أقوياء في الأرض فعلوا ما فعلوا وماتوا، وقد كان موتهم في أبهى جنازة، ومع ذلك ما مصيرهم؟ لا بد من أن تطلع لترى عدل الله المطلق، ورود النار للموعظة، مثلاً أحياناً ننشئ سجناً راقياً حضارياً، غرف واسعة صحية، فيه شمس، وطعام جيد، فإذا زارنا رئيس دولة متفوقة جداً، وأخذناه إلى هذا السجن لنريه إيجابيات هذا السجن، هل يعد هذا رئيس الدولة مسجوناً؟ لا، هذا ورود:

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

 كي ترى عدل الله المطلق، لأن أسماء الله الحسنى كلها مطبقة في الدنيا، إلا اسم العدل مطبق جزئياً، فإذا ورد الإنسان النار ولو كان من أهل الجنة سوف يرى عدل الله المطلق، سوف يطمئن أعلى اطمئناناً لعدالة الله،

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

الصدق و العدل ينظمان العلاقة بين الله و عباده :

 يوجد كلمات جامعة مانعة، قال تعالى:

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

[ سورة الأنعام : 115]

 أي يا عبادي منكم الصدق ومني العدل، تتفاوتون عندي بصدقكم، أي بإصراركم على طلب الحق، على طاعتكم لي، وأنا أعدل بينكم، هاتان الكلمتان تنظمان العلاقة بين الله وبين عباده، هناك معنى آخر والقرآن حمّال أوجه، هذا الكتاب الذي بين أيديكم من دفته إلى دفته لا يزيد عن خبر وعن أمر، فالخبر صادق والأمر عادل، هذه كلمات جامعة مانعة، لذلك من بعض الكلمات الرائعة:

((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 لا يوجد شيء بعد تحصوا، وقيل الفعل إذا ألغي مفعوله أطلق، لن تحصوا الخيرات، لن تحصوا التفوقات، لن تحصوا ما عندكم من سعادة، ما عندكم من توفيق، ما عندكم من خير، ما عندكم من تألق، ما عندكم من استقامة:

((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

من تعرف إلى الله و استقام على أمره سعد و نجح :

 لذلك:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾

[ سورة فصلت: 30 ]

 طبق منهج الله، دين بلا استقامة فولكلور، صار تراثاً وعادات، تقاليد أو خلفية إيمانية، تطلعات إسلامية، قوساً إسلامياً، بطاقة معايدة إسلامية، أما الإيمان فشيء آخر، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾

[ سورة فصلت: 30]

 شيء لا يصدق، لا تخافوا من المستقبل، ولا تحزنوا على ما فاتكم، وكأن هاتين الكلمتين تغطيان الماضي والمستقبل، لذلك:

﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 286]

 أي إن أردت السعادة والتوفيق، والنجاح والفلاح والتألق، فتعرف إلى الله، واستقم على أمره، وأقبل عليه.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور