وضع داكن
25-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 12 - إتقان العمل من الدين.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

حاجة كل إنسان إلى الطعام والشراب و الزواج و التفوق :

 أخوتنا الكرام؛ أي إنسان على وجه الأرض من بين المليارات الثمانية الآن بحاجة إلى الطعام والشراب، لماذا؟ ما علة ذاك؟ ما تفسير ذلك؟
 يأكل ويشرب ليبقى حياً، أي يأكل ويشرب حفاظاً على بقائه كفرد، هذه الحاجة الأولى، الطعام والشراب جعل الله له ثمناً، إذاً لا بد من أن يعمل حتى يحصّل ثمن الطعام والشراب، صار هناك عمل، والعمل فيه امتحان للإنسان، يصدق أو لا يصدق، يخلص أو لا يخلص، ينصح أو لا ينصح، فالإنسان ممتحن بحرفته، بعمله، بإتقانها، بالإخلاص لها، بالرحمة لمن يحتاجها، إلى آخره..
 لذلك الله عز وجل خلق الإنسان وأودع فيه الحاجة إلى الطعام والشراب.
 شيء آخر؛ بعد أن ينال الليسانس أو البكالوريوس، للتقريب وله دخل، وسكن بمنزل معقول، يبحث عن الزواج، الحاجة الثانية هو قد لا ينتبه لها، هي الحاجة إلى بقاء النوع، لولا الزواج لاندثر هذا النوع وانتهت الحياة، فهناك حاجة ثانية دون أن يعرف أبعادها، يحب أن يتزوج، وكذلك الشابة تنتظر من يخطبها، إذاً الحاجة إلى بقاء النوع، هذه الحاجة الثانية.
 لكن بعد أن يأكل، ويشرب، وينجب، ويأتيه الأولاد ذكوراً وإناثاً، ويعمل عملاً له دخل يوجد حاجة ثالثة دقيقة جداً، الحاجة إلى التفوق، إلى أن يشار إليه بالبنان، هذا هو الطبيب الأول، هذا هو العالم الأول، هذا هو الصيدلي الأول، الحاجة للتفوق.
 والشيء الذي لا يصدق إن هذه الحاجات الأساسية في كيان كل إنسان على وجه الأرض محققة تحققاً تاماً وفق منهج الله، وأنت في أعلى درجات الإيمان تأكل وتشرب، وأنت في أعلى درجات الإيمان تبحث عن زوجة صالحة، تسرك إذا نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إذا أمرتها، وتحتاج فوق كل ذلك إلى التفوق، إلى أن يعلو اسمك، يعلو ذكرك، حاجة أساسية، وكل هذه الحاجات تحقق تحقيقاً تاماً وفق منهج الله، تفوق في دراستك، أخلص في عملك، ابتدع في عملك التجاري والصناعي، طور الأمور، فطرق التفوق لكل الناس جميعاً.
 أنت بحاجة إلى الطعام والشراب، وبحاجة إلى الزواج، وبحاجة إلى التفوق.

الإتقان جزء من الدين :

 لذلك ورد من النبي الكريم هذا النص الدقيق:

(( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ))

[ الجامع الصغير ومسند أبي يعلى الموصلي والطبراني في الأوسط عن عائشة ]

 مفارقة حادة، الطرف الآخر الأجانب أتقنوا أعمالهم إتقاناً مذهلاً، فباعوا بضاعتهم بأضعاف مضاعفة، ونحن أحياناً لا نتقن أعمالنا ينخفض دخلنا، وتكسد مبيعاتنا، فالإتقان جزء من الدين، والدليل أن النبي الكريم شيع صحابياً، وتمّ دفنه، بعد أن سوي القبر بقيت فرجة، فالنبي غضب قال: لم أبقيتها؟ قال: هو ميت، قال: إنها لا تؤذي الميت ولكن تؤذي الحي:

(( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ))

[ الجامع الصغير ومسند أبي يعلى الموصلي والطبراني في الأوسط عن عائشة ]

 نحن بين أيدينا البضاعة الغربية متقنة جداً، وأسعارها عالية جداً، وأرباحهم كبيرة جداً، نحن إذا أهملنا ما أتقنا ينخفض مستوى بضاعتنا، يضعف بيعها، لا نربح منها أرباحاً كما ينبغي.
 لذلك أنا أقول: الإتقان جزء من الدين، أتقن عملك، أتقن حرفتك، أتقن طريق رزقك، إذا أتقنته سلمت وسعدت.
 أقول لكم هذا الكلام الدقيق: تمر أزمات اقتصادية في البلاد، المتقنون بضاعتهم دائماً تستهلك، أما غير المتقنين فقد يبيعون في الأزمات فقط، أما في الكساد فلا يبيعون أبداً، لذلك الشركات المتقنة جداً مبيعاتهم ثابتة، وكل إنسان عمل بالتجارة، بالصناعة، بالزراعة، إذا أتقن عمله استمر إنتاجه، واستمر بيعه، ونمت ثرواته.

الدعاء رأس العبادة :

 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وعملاً صالحاً، ويقيناً صادقاً، أي هذا الدعاء يحتاج إلى تطبيق:

((الدعاء مخ العبادة))

[ أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك]

 الدعاء رأس العبادة، الدعاء أن يسأل الإنسان الضعيف القوي وهو الله، أن يسأل الإنسان الجاهل العليم وهو الله، أن يسأل الإنسان المريض الشافي وهو الله، هذا الإنسان إذا سأل الله وصل إلى كل شيء:

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

 لذلك أيها الأخوة الكرام؛ الدين منهج، الدين سلوك، الدين تعليمات الصانع، والإنسان بدافع من حرصه على سلامته قد لا ينتبه إلى مضاعفات التقصير.
 أذكر مرة إنساناً في أثناء السفر احتاج إلى تبديل زيت السيارة، فلما وضع الزيت الجديد، الأجير لم يحكم إغلاق هذا المستودع، مستودع الزيت، طلبه صاحب المتجر فانتقل إليه، وصاحب المتجر قال لصاحب السيارة: الأمر انتهى، سافر، هذا سافر، الزيت تسرب من مستودع الزيت، انتهى الزيت احترق المحرك في وقت حار جداً، لا يوجد أي مكان انتهى هذا بموت صاحب السيارة، فمن أجل ألا نحكم إغلاق المستودع أدى هذا إلى موت صاحب السيارة، لذلك الإنسان لا يحاسب على حجم التقصير يحاسب على النتائج.
 رب شيء طفيف، صحن يتلقى المحطات الفضائية لم يحكم صاحب المصلحة إحكام تثبيته، طار نزل فوق طفلة صغيرة فقتلها، عدم وضع برغي أخير وشده انتهى هذا إلى موت طفلة صغيرة، فلا تنظر إلى صغر الذنب انظر إلى نتائجه.

الدعاء :

 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لكم إيمانكم جميعاً، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم.
 والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور