وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 243 - القصة على رأس هرم البيان غير المباشر للمعرفة.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

وجود الإنسان لا معنى له بدون منهج يسير عليه :

 أخواننا الكرام؛ الله جلّ جلاله قال في محكم كتابه:

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

[ سورة الرحمن: 1 - 4]

قد يسأل سائل: أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق؟ مستحيل، هذا التقديم بالدعوة تقديم رتبي لا تقديم زمني، بمعنى أنه لا معنى لوجودك بدون منهج تسير عليه.
 مثلاً: شركة أرسلت جهاز كمبيوتر لتحليل الدم، وضعت نقطة دم على هذا الجهاز خلال ثوان يعطيك اثني عشر تحليلاً، هذا الكمبيوتر ممكن أن يجلب لصاحبه أرباحاً فلكية، كل كبسة زر مئة دينار مثلاً، إلا أن الشركة نسيت إرسال تعليمات التشغيل، هذا الجهاز ثمن مئة مليون، لو استخدمته من دون تعليمات أتلفته، إن خفت عليه جمدت سعره، أليست التعليمات أهم من هذا الجهاز؟

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

[ سورة الرحمن: 1 ـ 4]

 فجاء علم القرآن خلق الإنسان، معنى ذلك لا معنى لوجود إله من دون منهج نسير عليه.
 الآن:

﴿ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

 البيان لغة، إلا أنه يوجد عندنا بيان شفهي، هذا يحتاج إلى لقاء، ما لم نلتقِ بك لا يوجد بيان شفهي، لكن من نعمة الله علينا قال:

﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾

[ سورة العلق: 4]

 يوجد بيان كتابي، أنت ممكن أن تنتفع الآن بتفسير وجد قبل ألف سنة، عمر التفسير ألف سنة، يوجد الآن مئات التفاسير.
 إذاً البيان قد يكون شفهياً، يحتاج إلى إلقاء، أما إذا كان كتابياً فينتقل هذا البيان من جيل إلى جيل، وإذا كان هناك ترجمة فتنتقل من أمة إلى أمة.
 لذلك لكرامة الإنسان عند الله علمه البيان.

 

من لم يطلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به :

 أيها الأخ الكريم؛ ما لم تطلب العلم هبطت عن مستوى إنسانيتك إلى مستوى لا يليق بك، هذه الطاولة جسم مادي لها وزن، وحجم، وطول، وعرض، وارتفاع، أما النبات فيزيد عليها في النمو، أما الحيوان فيزيد عليها بالنمو والحركة، أما الإنسان فله وزن، وحجم، وأبعاد ثلاثة، ويشغل حيزاً في الفراغ، وينمو كالنبات، ويتحرك كبقية المخلوقات، إلا أن الله ميزه بقوة إدراكية.
فالإنسان ما لم يطلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به، استمع إلى القرآن الكريم:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

 هو حي، نبضه ثمانون، مثالي، ضغطه 8 / 12، مثالي، ما دام الإنسان لم يطلب العلم فهو عند الله ميت.

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

 أو:

﴿ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون:4]

 خشبة، أو:

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ﴾

[ سورة الفرقان: 44]

 دابة، أو:

﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

[ سورة الجمعة: 5]

 كله قرآن، خيارك مع العلم لا يشبه خيار وردة حمراء تضعها على صدرك، ولا خيار هواء تستنشقه، فإذا ما استنشقته عند الله ميت.

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

القصة على رأس هرم البيان غير المباشر للمعرفة :

 أخواننا الكرام، الشيء الدقيق أن الإنسان علمه البيان، عندنا بيان مباشر، وبيان غير مباشر، مثلاً أناس بخلاء، بالتعبير العلمي هؤلاء قوم بخلاء، بالتعبير الأدبي:

بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم  طبخ القدور ولا غسل المناديل
***

 بحياتهم لم يعملوا وليمة بالبيت.

بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم  طبخ القدور ولا غسل المناديل
***

 هذا التعبير الأدبي الذي فيه إعجاز، مثلاً مغن سيئ الصوت، بالتعبير العلمي هذا المغني سيئ الصوت، الأدبي:
 عواء كلب على أوتار مندفـــــة في قبح قرد وفي استكبار هامان

وتحسب العين فكيه إذا اختلفا  عند التنغــــــــــــــــــم فكي بغل طحان
***

 هذا ابن الرومي، إذاً هناك تعبير مباشر، وتعبير غير مباشر، والقصة على رأس التعبير غير المباشر:

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى ﴾

[ سورة يوسف: 111]

 الأستاذ الموفق أحياناً يستخدم القصة، لأنها مؤثرة جداً، وبالتعبير غير المباشر صعبة جداً.

 

قصص للموعظة :

 سيدنا الصديق مرتبته تأتي أول مرتبة، الصدقيّة، من عادته أن يقوم بعمل صالح لإحدى جاراته المتقدمة بالسن، يحلب لها الشياه، فلما صار خليفة المسلمين، أعلى منصب بالأمة، دخل إلى هذا البيت حزن، مبعثه أن الخدمة انتهت، عندما لم يكن خليفة يأتي لعندها صباحاً يحلب الشياه، في صبيحة اليوم الأول من تسلمه الخلافة طرق باب هذه العجوز، عندها حفيدة قالت لها: يا بنيتي افتحيِ الباب، فتحت الباب وعادت إلى جدتها، قالت لها: من الذي جاء؟ قالت: جاء حالب الشاة يا أماه، يحلب الشياه وهو خليفة المسلمين .
 أنت أمام تاريخ، أمام أبطال، هذا تاريخنا، عندنا تاريخ رائع، جاء حالب الشاة يا أماه.
 سيدنا عمر عملاق الإسلام، جالس مع أصحابه، قال له أحدهم: ما رأينا خيراً منك أي كفر؟ فحدّ فيه النظر، حتى خاف، إلى أن قال أحدهم: لا والله لقد رأينا من هو خير منك، قال له: من هو؟ قال له: الصديق، فقال سيدنا عمر: كذبتم جميعاً، وصدق، عدّ سكوت هؤلاء على هذا المديح الذي ما أدخل فيه سيدنا الصديق كذباً، كذبتم جميعاً وصدق، قال لهم: كنت أضل من بعيري، وكان أبو بكر أطيب من ريح المسك، ما هذه الموضوعية؟ خليفة، يقع على رأس الهرم البشري.
 مرة السيدة عائشة، كان النبي الكريم يمدح خديجة، يمدح خديجة، خديجة أكبر منه، عندما كان عمره خمساً و عشرين سنة كان عمرها أربعين سنة، بينهما خمس عشرة سنة، قالت له: ألم يبدلك الله خيراً منها؟ قال لها: لا والله، لا والله، لا والله، ما هذا الوفاء؟
 أخواننا الكرام؛ عندما مُدح نظر إلى أصحابه، علموا أنه غضب، قال لهم: كنت أضل من بعيري، وكان أبو بكر أطيب من ريح المسك، صار خليفة المسلمين، وقف على المنبر، خجل أن يقف على الدرجة العليا، الدرجة العليا وقف عليها الصديق، نزل درجة، فلما سُئل، قال: ما كان الله ليراني أن أرى نفسي في مكان أبي بكر، نزل درجة، النتيجة سيدنا عثمان لم ينزل درجة، وسيدنا علي لم ينزل درجة، فجاء خليفة أموي إلى إنسان عادي، وقال له: لِمَ لم ينزل عثمان وعلي؟ قال له: والله لو فعلوها لكنا في قعر بئر.
 أخواننا الكرام؛ الصحابة الكرام، والله أنصح كل أخواننا أن يقرؤوا تاريخهم، يوجد كتب عن تاريخهم كتبها كاتب كبير، قصص الصحابة أي كتاب، اقعد مع أولادك واقرأ قصة صحابي واحد تشعر بانتعاش روحي عجيب جداً.
يروى أنه يوجد جامع بالشام اسمه: جامع الورد، بحيّ تراثي، بسوق ساروجا، له إمام رأى النبي الكريم، يقول له النبي في المنام- رؤية الأنبياء حق-: قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة، هو دارس شريعة، هذا جاره بقال، إنه رفيقي في الجنة، النتيجة اتصل به قال له: لك عندي بشارة من رسول الله، ولكنني والله لن أقولها لك إلا إذا قلت لي ماذا فعلت مع ربك؟ أغراه، فلما شدد عليه قال له: تزوجت امرأة، وفي الشهر الخامس من زواجي بها كان حملها في الشهر التاسع، واضح؟ زانية، بإمكاني أن أطلقها، أن أفضحها، أن أسحقها تحت قدمي، والشرع معي، والقضاء معي، وأهلها معي، لكن أردت أن أحملها على التوبة، جاء لها بولّادة، ولدت، وحمل المولود تحت عباءته، ووقف على باب الجامع ومعه المولود، إلى أن نوى الإمام صلاة الفجر لم يعد هناك أحد، وضع المولود والتحق بالمصلين، لما انتهت الصلاة دائماً الفجر القراءة فيه طويلة، بكى هذا المولود فتحلق المصلون حوله، حتى تأكد أن معظم المصلين تحلقوا حول هذا المولود، تقدم وقال: ما القصة؟ قالوا: تعال وانظر، قالوا: لقيط، قال: أنا أكفله، أخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط ودفعه إلى أمه وسترها.
 قال له: قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة.
 أخواننا الكرام، مرة الحسن البصري كان سيداً، يبدو في درس من دروسه تحدث عن الحجاج كلاماً أزعج الحجاج، فالقضية سهلة عند الحجاج، أمر بقتله، فاستدعي ليقتله، فالعادة إذا كان هناك قتل يمد النطع، و هو نوع من القماش كي لا يتلوث الأثاث، مدّ النطع، وجيء بالسياف، واستدعي الحسن البصري، جاء ليُقتل، فلما دخل حرك شفتيه، كأنه دعا الله، فإذا بالحجاج يقف له، ويستقبله، ويدعوه إلى أن يجلس على سريره معه، وجاءه بالعطر وعطره، وأكرمه، ولما انتهى اللقاء ودعه إلى باب القصر، هذا السياف صُعق، أنا أستدعيت لأقطع رأسه، فإذا به يكرم هذا التكريم، قال له الخليفة: أهلاً بسيد العلماء، هذا السياف ما فهم شيئاً، فلحق الحسن البصري، ثم قال له: جيء بك لغير ما فعل بك، فماذا قلت بربك حينما دخلت؟ قال: قلت له: يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم.
 أوصلني أخ من دمشق إلى البيت، أقسم بالله وصل ظرفه المادي لدرجة أنه وقف دخله كلياً، أقسم بالله لا يوجد غير الدعاء، عنده حرفة وقفت عن العمل، قال لي: شخص له جار غير مسلم، أحضر معه كيساً فيه ستة ملايين، تركه عندي وقال لي: عندما أريده سأطلبه منك، ستة ملايين كان الدولار بثلاث ليرات، مبلغ فلكي، فأخذته، هذا الذي أعطاني إياه صار معه سبات، كان طريح الفراش سنة بأكملها، لا كلام، ولا شيء، بعد سنة توفي، فبحثت عن أولاده وأخذت الذي لي ووزعت حصته على أولاده بالعدل، ثم قال لي: والله ربحت منه ثلاثة أضعاف.
 تطلب من الله شيئاً و لا يلبيك؟! أنت أقوى إنسان إذا كنت مع الله، أقوى إنسان، والله لا يوجد مشكلة إلا وتحل. إذا كان الله معك فمن عليك؟
 أي مستحيل أن تخطب وده ولا يخطب ودك، الله من أسمائه الودود، اطلب.
 سيدنا عمر يمشي بالطريق وجد راعياً معه غنم، قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها، قال له: ليست لي، قال له: خذ ثمنها، قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله؟
 هذا الأعرابي، البدوي، الأمي، الراعي وضع يده على حقيقة الدين، عندما تقول أين الله فأنت مؤمن بربك، يوجد فرص ممكن تأخذ ملايين، ولا أحد يحاسبك.

من أيقن أن علم الله يطوله و قدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه :

 أنت الآن تركب سيارتك بعمان، والإشارة حمراء قديماً، الآن يوجد كاميرا، لماذا تتوقف؟ تعلم لو أنك مشيت سيأخذون صورة لسيارتك، وهناك سحب إجازة، لأن واضع قانون السير علمه يطولك، وقدرته تطولك، لذلك لا يمكن أن تعصيه، ليس مع خالق الأكوان مع شرطي سير، لأنه يستطيع أن يأخد رقم السيارة، وينظم الضبط، فتدفع مبلغاً كبيراً، وقد تحجز السيارة، وأحياناً تسحب الإجازة.... إلخ، لأن علمه يطولك وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه.

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾

[ سورة الطلاق: 12]

الله ماذا اختار من أسمائه؟ العلم والقدرة، أي علمه يطولك، وقدرته تطولك.
 أحد الصحابة كان معتكفاً برمضان، رأى إنساناً بحاجة ماسة إلى المال، فقام من معتكفه، فقال له صحابي آخر: يا بن عباس أنسيت أنك معتكف؟ قال له: لا والله، ولكن سمعت صاحب هذا القبر، والعهد به قريب: لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا.
 معركة بدر، قال النبي الكريم كلمة عجيبة: لا تقتلوا عمي العباس، بصراحة يوجد صحابي لم يتحمل، قال: أحدنا يقتل أباه وعمه، وينهانا عن قتل عمه، ما القصة؟ القصة أن عمه مسلم، وهو عينه في مكة، قيادة ذكية جداً، فكل قرار يتخذ في مكة يبلغه إياه عمه، إذا قال لهم: أسلم، لن يستطيع أن يأخذ منه معلومات دقيقة، وإذا سكت يُقتل، لا يوجد حل ثان، إلا كلمة واحدة لا تقتلوا عمي العباس، يوجد صحابي قال: أحدنا يقتل عمه وأباه وينهانا عن قتل عمه؟ عندما اكتشفت الحقيقة يقول هذا الصحابي: ظللت أستغفر الله عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله.

 

أنواع العصور في الإسلام :

1 ـ عصر البطولات :

 ملك الغساسنة جاء إلى سيدنا عمر مسلماً، ففرح بإسلامه، ثم ذهب هذا الملك ليؤدي العمرة، أثناء طوافه حول البيت بدوي من فزارة داس طرف ردائه، فانخلع الرداء عن كتفه، كان من وجهاء الجاهلية، ضربه ضربة هشمت أنفه، هذا الأعرابي الذي ضُرب شكاه إلى عمر، فاستدعاه، تصور لقاء مع ملك، وشخص بالتعبير المعاصر من دهماء الناس، من سوقتهم، من عامتهم، شاعر توفي قبل سنوات، ساغ ديوان شعر، قال سيدنا عمر لجبلة- اسمه جبلة بن الأيهم ملك الغساسنة- : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح؟ قال: لن أنكر من الحق شيئاً، أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي، قال له: أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، ما زال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك، صُعق، قال: كيف ذاك يا أمير؟! هو سوقة، وأنا عرش وتاج، كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً؟ قال له: نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها وأقمنا فوقها صرحاً جديداً، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً، قال: كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، قال له: عنق المرتد بالسيف تحز، عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.
هذا عصر سماه المؤرخون عصر البطولات، كل صحابي بطل، ننصح أخواننا الكرام اقرأ كتاباً عن الصحابة، اقرؤوا لأولادكم، بطولات مذهلة.
 أخواننا الكرام، قال سيدنا عمر لجبلة: إن الله استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإن لم تجد في الطاعة عملاً التمست بالمعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية.
 أخواننا الكرام؛ يوجد بطولات، هذه إذا قرأتها تنتعش، إذا أنت بسهرة وتكلمت عن شخص بذيء، سارق، مبتز لأموال الناس، ظالم، ماذا تستفيد من هذه القصة؟ تعكر السهرة، أي بذكر الصالحين تتعطر المجالس، والله إذا ذكرت صحابياً تبقى يومين أو ثلاثة مسروراً.
 ملك يتعاقب وهذا الأعرابي يؤخذ بحقه؟ هذا عصر البطولات.

 

2 ـ عصر الأشخاص :

 ثم هناك عصر أشخاص، صلاح الدين الأيوبي له أخ قال له كلمة، قال له: يا أخي لو أبرزت كرديتك، أنت كردي، وأنت فتحت القدس، وهذا شيء ليس بالسهل، قال له: والله لولا أنك أخي لقتلتك، أنا مسلم، ولا أزيد على إسلامي شيئاً، الدين فيه كمالات، وفيه أخلاق.

أصول الدعوة إلى الله :

 أخواننا الكرام؛ أنا أتمنى أن تكون السيرة، سير الصحابة والصحابيات، وسيرة النبي الكريم جزءاً من الدعوة، لأن الله جعله أسوة، لقد كان لأخلاق النبي :

﴿ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب : 21]

 فأنت تحتاج إلى حقيقة مجردة، حقيقة متمثلة بالسلوك، لذلك قالوا: القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، والأصول قبل الفروع، والدليل مع التعليل، والحقائق لا الأوهام.
 عندنا بحث طويل عنها؛ أصول الدعوة إلى الله.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يبارك لكم في أولادكم وصحتكم. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور