وضع داكن
29-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 136 - المال بالإسلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا وأستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 حفظكم الله دكتور، وحياكم الله مستمعينا، وحلقتنا لهذا اليوم نتحدث فيها عن: "المال في الإسلام" ونبدأ بقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

[ سورة الكهف: 46]

 وأيضاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم:

((لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فهو يَقضِي بها ويُعَلِّمُها، ورجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مالا فَسَلَّطَهُ على هَلكَتهِ في الحقَّ))

[البخاري عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه]

 نبدأ مع فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، شيخنا هل المال في الإسلام هو محبب أم هو شيء منبوذ؟

 

العبادة علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 سؤالكم دقيق جداً بارك الله بكم، لكن لا بد من مقدمة.
 إن الإنسان في هذه الدنيا يوجد مصطلح دقيق، ما علة وجوده في الدنيا؟
 أخ كريم يرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه من السوربون، مدينة عملاقة فيها ملاه، فيها دور سينما، فيها متاجر، فيها حمامات، فيها مسارح، فيها أسواق، علة وجود هذا الابن بهذه المدينة العملاقة شيء واحد هو الدراسة، ممكن أن يدخل لمطعم، لمكتبة، ممكن أن يتنزه، لا يوجد مانع، لكن سبب وجوده في باريس هو الدراسة.
 هذا سؤالك الكريم، عندما منعرف لماذا نحن في الدنيا؟ ما علة وجودنا؟ القرآن أخبرنا عن ذلك، قال:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56 ]

 العبادة.

 

العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية :

 يوجد عبادة شعائرية، وعبادة تعاملية، والفرق بينهما شاسع، الشعائرية، صلاة، صوم، حج، زكاة، هذه العبادات الشعائرية لا تقبل ولا وزن لها ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، ليس لها وزن، الدليل:

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا؟ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))

[ سنن ابن ماجه عن ثوبان ]

 انتهينا من الصلاة. الآن:

(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))

[البخاري عن أبي هريرة ]

انتهينا من الصيام.

(( من حج من مال حرام، ووضع رجله في الركاب وقال: لبيك اللهم لبيك، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك ))

 الزكاة:

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 53]

 الشهادة:

(( من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها؟ قال: أن تحجبه عن محارم الله ))

[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]

 العبادات الشعائرية لا وزن لها، ولا تقبل، ولا يستفاد منها، إلا إذا صحت العبادة التعاملية.

((ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط))

[الجامع الصغير عن أنس]

 التعاملية ما دليلها؟ سيدنا جعفر قابل النجاشي، قال له: حدثني عن الإسلام؟ قال:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث - الآن العبادة التعاملية- وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 عندي عبادتان، عبادة شعائرية، وعبادة تعاملية، تماماً في مصطلح علمي كل واحد منهما شرط لازم غير كافٍ.
 مثل الذي عنده رأس غاز، لكن لا يوجد عنده أسطوانة غاز، فالأسطوانة شرط، والغاز شرط.
 فالإسلام كلّ متكامل، له جانب شعائري، عبادي، صلاة، صوم، حج، زكاة.
المذيع:
 هذه العبادات الشعائرية.
الدكتور راتب :
 وجانب تعاملي صدق، أمانة، إحسان، إتقان.
المذيع:
 الذي هو التعامل مع الناس دكتور.
الدكتور راتب :
 لذلك لن تقبل العبادات الشعائرية وحدها، رب مبلغٍ أوعى من سامع.
المذيع:
 أين يقع المال في هذه المنظومة دكتور ؟

 

شروط العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 بارك الله بك لأن علة وجود الإنسان في الدنيا العمل الصالح، ومعنى العمل أنه صالح أي يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً، وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
 فعلة وجودنا الوحيدة العمل الصالح، الدليل يوم القيامة:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنين:99 -100]

 ليس لأكمل البناء الذي بدأت به.

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنين:100]

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 وحجم الإنسان عند الله بحجمه عمله الصالح، والعمل الصالح ينبغي أن يصلح للعرض على الله، ولا يصلح للعرض على الله إلا إذا كان خالصاً وصواباً، ما ابتغي به وجه الله، وما وافق السنة.
المذيع:
 المال أين يكون دكتور؟

 

المؤمن القوي أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف :

الدكتور راتب :
 قوة.
 الآن بالحديث الثاني:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[مسلم عن أبي هريرة]

 لأن القوي يستطيع بتوقيع أن يحق حقاً و يبطل باطلاً، ما القوة؟ يوجد ثلاثة أنواع من القوة، قوة المال، العلم، المنصب، الإنسان بماله يطعم الأيتام، ينشئ معهداً شرعياً، ينشئ مؤسسة خيرية، يطعم الجياع، يعالج المرضى، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
المذيع:
 إذاً الإنسان الغني يعتبر صاحب قوة دكتور.
الدكتور راتب :
 طبعاً:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

المذيع:
 في هذا دكتور يكون لدينا سؤال: هل يحرص الإنسان على أن يكون غنياً أم يحرص على أن يكون فقيراً؟
الدكتور راتب :
 ما دام مؤمناً يجب أن يحرص على أن يكون غنياً، لأن علة وجوده سيدي، قد يكون غنياً، وقد يكون عالماً، العلم قوة، وقد يكون صاحب منصب رفيع، بجرة قلم يحق حقاً.
المذيع:
 وبهذا المال يمكن أن يغير الكثير.

 

الإنسان كلما ارتقى مقامه اتسعت رؤيته :

الدكتور راتب :
 أنا أذكر مرة جئت من المغرب إلى الشام بطائرة، كان الطيار تلميذي، أخذني إلى غرفة القيادة، دخلنا إلى سوريا من طرابلس، رأيت بأم عيني طرطوس وصيدا، بينهما خمسمئة كيلو متر، بنظرة واحدة، ورأيت دمشق وحمص.
 تعلمت درساً من هذه الرؤية، الإنسان كلما ارتقى مقامه اتسعت رؤيته، فالأنبياء إنسانيون.
المذيع:
 دكتور إذاً الأصل بالإنسان أن يسعى نحو تحصيل المال حتى يخدم الأمة في ذلك؟

خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى :

الدكتور راتب :
العمل ليس كله مال، يوجد عمل خدمي، أسس جمعية خيرية، هناك أعمال خدمية.
المذيع:
 العمل الصالح لا يقتصر على المال، لكن أقصد دكتور إذا كان المال له المكانة الكبيرة، الأصل أن يسعى المسلم إليه، لماذا الصورة المتوارثة لدينا دكتور أنه يفترض أن يكون متديناً وفقيراً.
الدكتور راتب :
 إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
المذيع:
 والمال وحدة من نقاط القوة دكتور.
الدكتور راتب :
 هم ثلاث: إما علم، أو مال، أو منصب.
المذيع:
 جميل، الفكرة المتوارثة أنه يفترض بالمسلم أن يحاول أن يكون فقيراً.

ضرورة تحصيل المال بالحلال لخدمة الدين :

الدكتور راتب :
 اركلها بقدمك.
المذيع:
 لماذا توارثناها دكتور؟ من أين جاءت لنا؟
الدكتور راتب :
 من عصور الانحطاط، لأن الفاشلين بحياتهم هم يقدسون وضعهم، أما الإنسان فبجرة قلم يحق حقاً، بمعركة حرر تركيا مثلاً، يوجد كثير من الأبطال بقوتهم حرروا أماكن كثيرة.
 أساساً أخ صلاح الدين قال شيئاً لا يصدق، قال لأخيه صلاح الدين: لو أبرزت كرديتك، أنت كردي، قال: لو أبرزت كرديتك، قال له: والله لولا أنك أخي لقتلتك، أنا مسلم ولا أزيد على هذا شيئاً، هذا الدين.
المذيع:
 نصر الله، فنصر الدين على يديه، جميل.
الدكتور راتب :
 قال له: لو أبرزت كرديتك، قال له: لولا أنك أخي لقتلك، أنا مسلم ولا أزيد على إسلامي شيئاً.
المذيع:
 يا سلام، لو أن هذا الفهم يكون منتشراً هذا اليوم، والكل يعمل لصالح الأمة.
 إذاً دكتور فكرة الإنسان أن يسعى ويتعمد أن يكون فقيراً هي فكرة خاطئة، وعليه أن يسعى لتحصيل المال، لكن طبعاً بالحلال.

 

إن لم تتفوق في دنياك لن يحترم دينك :

الدكتور راتب :
وأنا لي رأي خاص أسوقه الآن، إن لم تتفوق في دنياك لن يحترم دينك.
المذيع:
 ومنها تفوقك بالمال.
الدكتور راتب :
 بالمال، وبالعلم، دكتور مثلاً معك أموال طائلة عملت مشاريع، زوجت الشباب، رعيت الأيتام، عالجت المرضى، سيدي الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
المذيع:
 ونعمة بالله رب العالمين، يوجد قضية أطرحها بتوسع على فضيلتكم مرتبطة بالمال والزهد، نحن مرتبط عندنا الزهد أنه يعني قلة الحال، هل هذا الفهم صحيح؟ هل كان حال الصحابة المادي بسيطاً وكان النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً فقيراً؟ وعلاقته بالمال، وهذا ما نتوسع فيه بشكل كامل مع حضرتكم شيخنا الكريم.
 دكتورنا الكريم قضية المال والزهد، مرتبط في بالنا أن الإنسان الزاهد هو رث الثياب، ثيابه ممزقة، لا يجد قوت يومه، بيته لا يوجد فيه إلا حصيرة، هل هذا هو الزاهد الحقيقي؟

تعريف الزهد :

الدكتور راتب :
 الزهد الحقيقي أن ينتقل المال من قلبك إلى يديك، هذا الزهد.
المذيع:
 ممكن نشرحها دكتور؟
الدكتور راتب :
 إذا كان هناك تعلق شديد بالمال، هذا التعلق قد يحمله على أن يأكل المال الحرام، أو أن يغش في عمله، أما حينما يكون قلبه عامراً بالله، يأخذ من المال ما كان حلالاً، وينفقه في مصرفه، لذلك يوم القيامة كل الأسئلة شطر واحد، إلا المال عبارة عن شطرين، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟.
 ممكن إنسان يكون معه اختصاص عال، جاءه مريض يقول له: إن مرضك خطير، يراجعه مدة شهرين أو ثلاثة، وقضيته ليست خطيرة، هذا وقع في خطأ كبير، أصحاب المهن الرفيعة لا ينكشفون إذا أخطؤوا، لكن الله يعلم.
المذيع:
 ونعمة بالله، إذاً دكتور الزهد هو أن يكون المال في يديك وليس في قلبك.
الدكتور راتب :
 بيديك قوة لك، لا في قلبك تتعلق به وتنحرف عن الحق.
المذيع:
 ممكن مثال دكتور حتى توضح لنا الفكرة أكثر؟
الدكتور راتب :
سيدي، إذا شخص عنده معمل، وفي هذا المعمل ثمانون عاملاً، صديق لي عنده معمل بالشام، لا يوجد ربح إطلاقاً، فقرر إغلاقه، قلت له: كم عامل عندك؟ قال لي: أربعة و ثمانون قلت له: أنت تفتح أربعة و ثمانين بيتاً، إذا البيت فيه خمسة أشخاص تقديراً، زوجة وثلاثة أولاد، أربع و ثمانون ضرب خمسة تقريباً خمسمئة إنسان يأكل من معملك، هذا عند الله أكبر ربح، ليس كل الربح مادياً، أنت أمنت فرص عمل.
 قال له: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده، سيدنا عمر سأل والياً ممتحناً: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده، قال له: إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا عن خلقه، لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، إن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية.
المذيع:
 يا سلام، ما أبلغ هذا الكلام! هذا كان كتاب التكليف.
الدكتور راتب :
 هناك تكليف ثان، قال سيدنا عمر لأحد الولاة: خذ عهدك وانصرف إلى عملك، واعلم أنك مصروف رأس سنتك، فإن وجدناك أميناً ضعيفاً استبدلناك لضعفك، لكن لا يوجد عقاب، عدل فقط، وسلمت من معرتنا أمانتك، وإن وجدناك خائناً قوياً استهنا بقوتك، وأوجعنا ظهرك، وأحسنا أدبك، وإن جمعت الجرمين، جمعنا عليك المضرتين، وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك، ورفعنا لك ذكرك، وأوطأنا لك عقبك، نعمل لك تمديداً.
هذا كتاب تعيين.
المذيع:
 الولاية مسؤولية كبيرة، وأن يكون الإنسان حاكماً.
 إذاً دكتور الزهد لا يعني أن تكون فقيراً، إنما ألا تدخل الدنيا قلبك.
الدكتور راتب :
 أن تنتقل الدنيا من قلبك إلى يديك.
المذيع:
 أعود وأسأل فضيلتكم ما سألت حضرتكم عنه في بداية الحلقة: من أين لنا هذا الموروث الفكري دكتور أن الإنسان الزاهد هو صاحب الثياب الممزقة.

المفاهيم المغلوطة نتيجة الخطاب الديني الخاطئ :

الدكتور راتب :
 من الخطاب الديني الخاطئ، يوجد خطاب ديني، إذا نجح الخطاب الديني قبله غير المسلم، وإن لم ينجح رفضه المسلم.
المذيع:
 ماذا تقصد بالخطاب الديني؟

الخطاب الديني يقوم على مخاطبة العقل و القلب و الجسم :

الدكتور راتب :
 أن تخاطب عقله، وقلبه، وجسمه، أن تغذي عقله بالعلم، وقلبه بالحب، وجسمه بالطعام والشراب، ويده عليا لا سفلى، هذا الخطاب الديني، يجب أن تنمي عقله بالعلم، وقلبه بالحب، وجسمه بالطعام والشراب، من مال حلال، أما إذا اكتفيت بواحدة فسوف يتفرق الإنسان.
المذيع:
 دكتور أسأل فضيلتكم: نحن نقرأ كثيراً في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ميسور الحال من الناحية المالية، عندما اشتكى الصحابة من الجوع ربطوا حجراً على بطنهم فكان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم فقيراً؟

ديننا دين نقل و أهم ما في النقل صحته :

الدكتور راتب :
 سيدي أولاً لم يتح للسيرة علماء كعلماء الحديث، يوجد أشياء مبالغ بها كثيراً.
المذيع:
 قد لا تكون صحيحة في الروايات.
الدكتور راتب :
 ممكن، نحن سيدي ديننا دين نقل، أهم ما في النقل صحته، فأنا أولاً أبحث عن النص من أين مصدره، لابد من أن يكون مطابقاً للكتاب والسنة، يوجد نصوص خلاف الكتاب والسنة.
 الإمام البخاري من أربعمئة ألف حديث اختار أربعة آلاف حديث، والباقي كله ضعيف، فقط أربعة آلاف، نحن مشكلتنا بالأحاديث الضعيفة.
المذيع:
 دكتورنا، هذه الصورة التي تتولد لدى كثير منا أنه كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الفقر، هل كان النبي فقيراً دكتور؟
الدكتور راتب :
 لا، لم يكن فقيراً، لكنه مكتف.

من أصاب نعمة الإيمان والكفاية والصحة ما فاته من الدنيا شيء :


 يوجد نقطة دقيقة أنا أخاطب الأخوة المستمعين والمشاهدين:

ثلاث نعم إذا توافرت ما فاتك من الدنيا شيء، أول نعمة نعمة الهدى، تمام نعمة الهدى، أن تعرف الله، أن تعرف عظمته، أن تعرف أسماءه الحسنى، وصفاته العلا، أن تعرف منهجه، أن تعرف نبيه، أن تعرف تطبيق هذا المنهج، هذه أعلى نعمة.
 النعمة الثانية: نعمة الصحة، لا يوجد عاهات، لا يفقد أية حاسة، هذه النعمة الثانية لا تعدلها نعمة.
 الثالثة: الكفاية، الكفاية ليست فقراً، ولا غنىً، عندك دخل يغطي حاجاتك، من أصاب نعمة الإيمان، ونعمة الكفاية، ونعمة الصحة، ما فاته من الدنيا شيء.
المذيع:
 جميل، إذاً النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فقيراً لكنه كان كثير الصدقة.
الدكتور راتب :
 يوجد أخوة من الصحابة الكرام لو طلب مئات الألوف تدفع فوراً، ما كان فقيراً لا يكنز، ولا يبذخ، عنندا ثماني آيات عن الترف، المترفون فاسقون، فسقوا:

﴿ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة المؤمنون: 33 ]

المذيع:
 من هو المترف دكتور؟

 

تعريف المترف :

الدكتور راتب :
 مثلاً ممكن أن تنشئ بيتاً، لكن أحياناً تكون الكسوة عشرة أضعاف ثمن البيت، للتباهي فقط، فكل شيء زاد عن حده قلب ضده، بيت واسع جيد، أثاث لطيف، جميل، جيد، أما تدفع خمسين مليون درهم لتأخذ الرقم واحد بالسيارة مثلاً بربك ما هذه القيمة؟ يوجد أرقام من الواحد للعشرة سعر النمرة خمسون مليوناً، خمسون مليوناً كم بيت تفتح؟
المذيع:
 هذا تبذير أم إسراف دكتور؟
الدكتور راتب :
 إسراف بالحق، التبذير بالباطل.
المذيع:

﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾

[ سورة الإسراء: 27]

الدكتور راتب :
 الإسراف بالمباحات، عنده ثمانون بذلة، هذا إسراف.
المذيع:
 هل يؤاخذ عليها الإنسان دكتور؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.

 

الوقت أثمن شيء في حياة كل إنسان :

 

يوجد نقطة دقيقة:

لو فرضنا طالباً عنده فحص في اليوم الثاني الساعة الثامنة، توجيهي، توجيهي أي يحدد مصيره بالحياة، طب، أو طب اسنان، أو هندسة، أو جغرافيا، أو تاريخ، أو أدب، إلخ.. وعنده مادة أساسية الساعة الثامنة صباحاً، واشتهى أن يأكل شطيرة بطرف المدينة الثاني، استغرق ثلاث ساعات، ألا يكون أحمق؟ هو لم يعص الله، لكنه ركب أول باص، والثاني، حتى وصل إلى بائع متميز جداً، اشترى شطيرة وأكلها ورجع، الوقت أثمن شيء.

 الحقيقة الدقيقة، الإنسان في تعريفه الدقيق الجامع المانع هو وقت، بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، ولأنه وقت أقسم الله له بالوقت، قال:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 1 -2]

 جواب القسم أنت خاسر، لماذا؟ لأن مضي الوقت وحده يستهلك الإنسان، فأنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، أحياناً يوجد أعمال ليس فيها معصية، لكن يوجد بها استهلاك للوقت.
المذيع:
 جميل، هل دكتور المال مرتبط بالكبر والغرور أم لا رابط بينهما؟

 

عدم ارتباط المال بالغرور أو الكبر :

الدكتور راتب :
 هناك أغنياء متواضعون جداً، والله أعرف أغنياء شهد الله عندهم تواضع لا يعلمه إلا الله.
المذيع:
 إذاً ليست قاعدة أن الإنسان يكون مغروراً بذلك.
الدكتور راتب :
 الجاهل مع الغنى يستعلي.
 شخص دخل على النبي فارتجف، النبي له هيبة، قال له: هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش، كانت تأكل القديد بمكة.
 أبلغ من ذلك؛ في معركة بدر الصحابة ألف، والرواحل ثلاثمئة، قال: كل ثلاثة على راحلة، أمر من زعيم الأمة، من القائد، من النبي، من الرسول، ثم قال: وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، سوى نفسه مع أقل جندي، ركب النبي الناقة، فلما انتهى دوره في الركوب، وجاء دوره في المشي، توسل صاحباه أن يبقى راكباً، فقال لهم: " ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر".
 كانوا في سفر، عالجوا شاة - ذبحوا شاة - قال أحدهم: عليّ ذبحها، وقال الثاني: عليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، وقال النبي: وعليّ جمع الحطب، قالوا: نكفيك ذلك، قال: أعلم أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه، هذا الدين.
المذيع:
 هل هذا موجود اليوم دكتور؟
الدكتور راتب :
 سيدنا الصديق زعيم الأمة، قائدها، رئيسها، له عمل صالح مع جارة له، يحلب لها الشياه، فلما أصبح خليفة المسلمين دخل لهذا البيت الحزن، لأن الخدمة انتهت، في صبيحة اليوم الأول من تسلمه الخلافة طُرق باب العجوز، قالت لابنتها: افتحِي الباب يا بنيتي، فتحت الباب، قالت: من الطارق؟ قالت: جاء حالب الشاة يا أمي.
 سيدنا الصديق، بعدما صار خليفة المسلمين، الإسلام شيء كبير جداً، المؤمن إذا لم تعشقه لن يكون مؤمناً.
المذيع:
 الحمد لله، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

((اللَّهمَّ اجعَل رِزقَ آلِ محمدٍ قُوتاً , وفي رواية: كَفَافاً))

[البخاري عن أبي هريرة]

 حتى نتوسع في هذه القضية هل فعلاً ندعو الله في الغنى أم ندعوه بالكفاف وحده؟
 دكتور كنا نقرأ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه قوتاً كفافا))

 هل ندعو الله بالغنى أم ندعوه بالكفاف؟

 

على الإنسان أن يدعو الله بالكفاف إلا إن كان يملك طموحات دعوية كبيرة :

الدكتور راتب :
 لا، ندعوه بالكفاف، أنا أقول: إذا شخص له طموحات إيمانية كبيرة جداً، وكان غنياً فهذا شيء كبير، طموحاته الإيمانية كبيرة جداً.
المذيع:
 إذاً أدعو أنا دكتور أن أكون غنياً، وأن أمكن بهذا المال أم أدعو بما جاء في الحديث أن يكون رزقي كفافاً؟
الدكتور راتب :
 إذا كان إيمانه ضعيفاً، والمال يفتنه، فالكفاف أفضل له، أما إذا كان عنده طموحات دعوية كثيرة، فتح عشرة معاهد شرعية، عمل ملجأ للمساكين، عمل مستشفيات، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، بل إن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

 والعمل الصالح يحتاج إلى مال، أو إلى قوة، قوة علمية، أو قوة مالية، أو قوة منصب.
المذيع :
 دكتور قول الله سبحانه وتعالى:

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾

[ سورة الشورى: 27]

 هل المال مرتبط دكتور بأن يبغي الإنسان بالأرض؟

 

الله تعالى وحده يعلم كل شيء :

الدكتور راتب :
 هنا دخلنا بالحكمة، هذا موضوع ثان.
المذيع:
 نوضحها دكتور؟
الدكتور راتب :
أحياناً الله وحده يعلم، علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
 ما لم يكن لو كان، مثلاً: إنسان دخله متواضع، وعنده بيت، وعنده زوجة وأولاد، هذا لو أعطيته مئة مليون، يبقى مستقيماً؟ هذه من يعرفها؟ الله وحده يعرفها، الله وحده يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
 يوجد شخص دخله وسط، وبيته إسلامي، إلخ.. سافر إلى جهة نفطية، وجاءه دخل كبير، خبر زوجته أن تأتي إليه بالبنطال أو لا تأتي أبداً، كانت زوجته محجبة، هو كان دخله وسطاً، فرأى المال ففسق.
 فعلم ما كان، وما يكون، وما سيكون، أخطر وحدة: وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
 فالإنسان يطلب من الله السلامة.
المذيع:
 ونعمة بالله رب العالمين.
الدكتور راتب :

(( وعزتي وجلالي، لا أقبض عبدي المؤمن إلا ابتلته بسيئة كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه ))

[ حديث قدسي ]

المذيع:
 نسأل الله أن يحسن ختامنا يا رب العالمين.
 دكتور المال كما تفضلت حضرتكم في بداية الحلقة، يسأل عليه الإنسان.
الدكتور راتب :
 سؤالان، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
المذيع:
 هل سيسأل الإنسان عن كل قرش دكتور يدخل إليه؟

 

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :

الدكتور راتب :
 والله كل قرش.
المذيع:
 إذاً هذا يجعل الإنسان دكتور يحاول ألا يحصل على المال لتخفيف سؤاله يوم القيامة.
الدكتور راتب :
 لماذا؟ تعلم، اطلب العلم، المال قوة يا أخي، أنت عندما تزوج الشباب هل هذا الشيء قليل؟ يوجد أغنياء يزوجون الشباب، عمل مؤسسة، شاب مستقيم ورع لا يوجد عنده مال زوجته، هذا أعظم عمل سيدي، جبرت بخاطر فتاة وشاب، هناك أعمال تعليم، بعثات، أعرف شخصاً غنياً بلبنان بعث أربعة آلاف شخص ليدرسوا دكتوراه في أمريكا، أربعة آلاف طالب علم رجعوا جميعهم دكاترة، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
المذيع:
 لكن فكرة دكتور أنني سأسأل أمام الله عن كل قرش من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ فكرة مخيفة.
الدكتور راتب :
 اطلب العلم، وأنفقه إنفاقاً صحيحاً.
المذيع:
 جميل، قول الله تعالى:

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

[ سورة التكاثر: 8]

 ما المقصود بالنعيم الذي سنسأل عنه دكتور؟

 

النعيم الذي سيسأل عنه الإنسان يوم القيامة :

الدكتور راتب :
 مثلاً لم يصاب الإنسان بشيء في جسمه، صحته جيدة، ومتزوج، والله أرسل له أولاداً، وعنده بيت، وعنده وظيفة متواضعة، كل مقومات النجاح عنده، ألا تصلي؟ ألا تعرف الله؟ ألا تجعل لآخرتك نصيباً؟ هذا النعيم.
 حتى قال بعضهم: النعيم الماء البارد أحياناً.
المذيع:
 دكتور، إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ما المقصود بها شيخنا؟

محبة الله لرؤية أثر نعمته على عبده :

الدكتور راتب :
 إذا شخص أتمّ الله عليه كل شيء، بيته مرتب، يوجد تناسق بالألوان مثلاً، سيارته نظيفة، ثيابه أنيقة نظيفة، المؤمن له مظهر راق.

((فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ))

[أبو داود عن قيس بن بشر التغلبي رحمه الله]

المذيع:
 دكتور إذا كان الإنسان يحب النفقة المالية، يحب أن يكون لباسه حسناً، سيارته جميلة، بيته أثاثه جديد وأنيق؟
الدكتور راتب :
لا يوجد مشكلة أبداً.
المذيع:
 لا يتعارض.
الدكتور راتب :
 أبداً.

((إن الله جميل يحب الجمال))

[مسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]

المذيع:
 لو نوى دكتور أن يكون نموذجاً دعوياً جميلاً هل يؤجر في هذه النفقة على هذه الزينة؟
الدكتور راتب :
 يوجد حدود، كلمة دقيقة: عندي خط عامودي، بهذا الخط خطان أحمران، الخط الذي في الأسفل هو النهاية الصغرى، والذي في الأعلى هو النهاية العظمى، يوجد مصروف ضمن النقطتين، لكن عنده مئة طقم، اشترى سيارة، لأن رقمها واحد بخمسين مليوناً، هذا لا معنى له كله، هذا كله إسراف، ضمن الخطين الأحمرين لا يوجد مانع.

((فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ))

 يجب أن يكون المؤمن أنيق، ويلفت النظر، بهندامه الحسن، ببيته المرتب، النظيف، يوجد تناسق بالألوان.
المذيع:
 دكتور لماذا النفس تحب المال إلى هذه الدرجة وتحرص عليه وأحياناً تسعى إليه؟

 

حبّ النفس للمال لأنه مادة الشهوات :

الدكتور راتب :
 لأنه مادة الشهوات.
المذيع:
 فيه يحقق الإنسان الشهوات.
 دكتورنا الكريم، أيضاً عندما نتحدث عن المال، وعن أشكاله المتعددة على مدار الزمن كثير من النصوص الشرعية دكتور جاءت لتطلب من الإنسان أن يزكي، أن يتصدق.

 

على الإنسان أن يكون غنياً إن كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله :

الدكتور راتب :
 يكون غنياً، إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله، لا يوجد غش، ولا كذب، ولا بضاعة محرمة، ولا تحايل، ولا كسب ربا، إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي بالعمل الصالح لا تعد ولا تحصى، أما إذا كان طريق القوة على حساب مبادئك وقيمك فالضعف وسام شرف لك.
المذيع:
 جميل، دكتور حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

((داووا مرضاكم بالصدقة))

[رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]

 ما الرابط بين أن أدعو ربنا أن يستجيب دعائي بشفاء المريض وأن أقدم أنا المال؟

 

الأخذ بالأسباب ثم التوكل على رب الأرباب :

الدكتور راتب :
 أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتصدق، وتتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، قال لك الطبيب: هذا البيت العالي يؤذي قلبك- لا سمح الله- الطبيب مسلم حاذق ورع إذاً ينبغي أن تأخذ بتوجيهاته، قال الطبيب: أنت مريض لا تحتمل الصيام، ما دام الطبيب مسلماً وحاذقاً وورعاً، قال لك: افطر، يجب أن تفطر.
 النبي الكريم ببعض المعارك أفطر أمام الناس برمضان، بالجهاد، وهناك أناس لم يفطروا، قال: أولئك العصاة، لأن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه.
المذيع:
 إذاً هذا من ملف الأخذ بالأسباب دكتور، وجزء من ملف التوكل على الله أن نتصدق.
الدكتور راتب :
 أما سيدي فالقانون الرائع بكل أحوالنا أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.
 لو فرضنا أخاً بعمان، أراد أن يذهب بالعيد رحلة إلى العقبة، يرى المحرك، العجلات، القشط، يراجع السيارة مراجعة تامة، ثم يقول: يا رب أنا بحمايتك، وبرعايتك أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.
المذيع:
 نصيحتكم في ختام هذه الحلقة دكتور للجمهور الكريم في ملف المال، ماذا تقول سواء لمن لا يملك.

السعي للعمل الصالح :

الدكتور راتب :
 إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن القوي خياراته في العمل الصالح، والعمل الصالح علة وجوده لا تعد ولا تحصى.
المذيع:
 والغني قوي، والذي ربنا سبحانه وتعالى دكتور لم يجعل له نصيباً من المال، وكان ظرفه صعباً مالياً؟
الدكتور راتب :
 يلقى الفقير بصبره كما يلقى الغني بماله.
المذيع:
 ونعمة بالله، نختم حلقتنا بالدعاء ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور