وضع داكن
29-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 152 - الشبهات2 – مكانة المرأة في الإسلام1.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مرحباً بكم مستمعينا الأكارم عبر أثير إذاعتكم حياة fm، ونرحب بكم بحلقة جديدة مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 شيخنا الكريم، بدأنا في حلقتنا الماضية الحديث عن الشبهات، وكانت مقدمة عامة بتوضيح ما هي الشبهة، وكيف للمسلم أن يتعامل معها، وأنه يجب ألا يبقي أي معلومات غير واضحة لديه، بل يستفتي ويسأل أهل الذكر، حتى يطمئن إيمانه في قلبه.
 اليوم دكتور، نتحدث عن واحدة من أهم هذه الشبهات والتي تثار كثيراً فيما يحاول بعض أعداء الإسلام أن يثيروها في محاولة كما يعتقدون قنص فرص في الإساءة للإسلام، ويبدو أنها أصابت بعض المسلمين، وعملت نوعاً من أنواع التشويش لديهم، قصة ومكانة المرأة في الإسلام، هذه حلقتنا لهذا اليوم.
أبدأ هذه الحلقة بقول الله سبحانه وتعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الروم: 21]

 وقول الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم إنما:

(( النِّسَاءُ شَقائقُ الرجال ))

[الترمذي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها]

 هذا هو النص والتشريع، لكن يبدو أن الواقع أحياناً يختلف عنه، وما يصل إلى أذهان الناس يختلف عنه.
 أبدأ معك بهذا السؤال الكبير دكتور: ما هي مكانة المرأة في الإسلام؟

الإنسان هو المخلوق الأول والمكرم والمكلف :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 الإنسان مكلف بعبادة الله
أخي الكريم، جزاك الله خيراً على هذا الموضوع، وهذا السؤال، أية جهة ينبغي أن تتبع تعليماتها؟ إنها الجهة الصانعة، لأنها الجهة الخبيرة، والآية تقول:

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 فالإنسان هو المخلوق الأول، والمكرم، والمكلف، مكلف بعبادة الله، والعبادة في أدق تعريفاتها: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
 فالله عز وجل وجل أودع فينا الشهوات، الإنسان أودعت فيه الشهوات، وفهمي الدقيق وأرجو أن أكون على صواب، ليرقى بها إلى رب الأرض والسماوات، الشهوة اندفاع، الخالق له تعليمات، الخالق هو الخبير، فأنت مسموح لك أن تصل إلى هذه الشهوة بطريق مشروع، بطريق رسمه الله لك، بطريق سمح الله لك به، فمادامت حركتك مع الطرف الآخر في موضوع المرأة وفق منهج الله لا شيء عليك، يزيدك الزواج إيماناً بالله ومحبة له، أما إذا أراد الإنسان أن يقضي هذه الشهوة بخلاف منهج الله فمن هنا تبدأ متاعبه، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان على الإطلاق إلا جعل لها قناة نظيفةً طاهرة تسري خلالها.
 أرأيت إلى صفيحة البنزين؟ سائل متفجر، إذا وضع في المستودع المحكم، وسال في الأنبوب المحكم، وانفجر في المحرك في البستونات، في الوقت المناسب، والمكان المناسب، ولّد حركة نافعة، قد تقلك إلى المصيف في الصيف، أو في العطلة، شيء ممتع، هذه الصفيحة نفسها إن صُبت على السيارة، وجاءتها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها، بين أن تكون قوة دافعة أو قوة مدمرة.
 لذلك ما أودع الله فينا الشهوات إلا لنرقى إلى رب الأرض والسماوات، لذلك الشهوات يمكن أن تتحرك من خلالها مئة و ثمانين درجة، لكن الشرع الحكيم أعطاك مثلاً مئة و عشرين درجة، ما دامت الحركة وفق هذه الدرجات فأنت أسعد الناس، ولك أن تقول: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني.
 أريد أن أقول كلمة لأخواننا المستمعين: بالإسلام لا يوجد حرمان أبداً، لكن يوجد ترشيد، و توجيه، مثلاً: يوجد جهاز كومبيوتر سمعت عنه، تضع فيه نقطة دم يعطيك اثني عشر تحليلاً فوراً، إذا كان عندك باليوم حوالي مئة شخص يحتاجون إلى هذا التحليل فلك منه دخل فلكي، لو أن الجهاز وصل لك، ولخطأ ما لم ترسل لك الشركة تعليمات التشغيل، إن شغلته بلا تعليمات أتلفته، وإن خفت عليه جمدت ثمنه، التعليمات أليست أهم من الجهاز؟ لذلك:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

[ سورة العلق: 1-2]

العاصي إنسان غبي لأنه خالف تعليمات الصانع :

 أخي الكريم؛ جزاك الله خيراً على هذا الموضوع، أنا أمامي طاولة جماد، وزن، وحجم، وطول، وعرض، وارتفاع، النبات يزيد عليها بالنمو، والحيوان يزيد عليها بالحركة، أيضاً وزن، وحجم، وطول، وارتفاع، ونمو، وحركة، والإنسان يزيد عليهما بالقوة الإدراكية التي أودعها الله فيه، القوة الإدراكية هو يفهم، يفكر، يعقل، يؤمن، يرفض، يقبل، هذه القوة الإدراكية رفعته إلى أعلى عليين، فهو عند الله المخلوق الأول بالقوة الإدراكية، هذه القوة الإدراكية الرائعة التي تميز بها الإنسان عن بقية المخلوقات لو عطلها، اسمع إلى كتاب الله:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

 ميت، لكن نبضه ثمانون، ضغطه 8 - 12 مثالي، لكنه عند الله ميت.

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون:4]

 خشب.

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾

[ سورة الفرقان:44]

 دابة.

﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

[ سورة الجمعة:5]

 كله قرآن، أنا أتكلم بالقرآن، إذا الإنسان أعرض عن الله، ولم يعبأ بمنهج الله، ولم يعرف سرّ وجوده، وغاية وجوده، لم يعرف أن هناك آخرة، وجنة للأبد، ونار للأبد، يكون أحمق، ما رأيت في حياتي أغبى من العصاة، لأنهم خالفوا تعليمات الصانع، والجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها.

من مارس شهوته وفق منهج الله سعد في الدنيا و الآخرة :

 الآن أودعت فينا الشهوات، وشهوة المرأة من هذه الشهوات، والمرأة كذلك، الشهوة متبادلة، لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات، فإذا تحركنا بدافع هذه الشهوة بخلاف منهج الله أصبحت الحياة شقاء.

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه:124]

 قرآن.

﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ﴾

[ سورة طه:124-126]

 من قادته شهواته خلاف منهج الله يشقى
كان الإنسان أعمى القلب، عندنا بصر وبصيرة.
 أخي الكريم؛ مثل دقيق جداً: ما قيمة هذه العين قطعاً بلا ضوء؟ لو جلس شخص أعمى مع إنسان بصير في مكان بلا ضوء يكونون مثل بعضهم، أنت بالضوء ترى الأشياء، أما هذا العقل فبوحي الله يرى الحقائق، كما أن العين لا ترى الأشياء إلا بضوء الشمس، أو بضوء معين، كذلك العقل لا يفهم الحقائق إلا بنور الوحي. فنحن معنا كتاب الله، معنا وحي السماء، معنا تعليمات الصانع، والصانع هو الجهة الوحيدة الخبيرة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها.
 نأتي بمثل بسيط: اقتنى إنسان سيارة، أثناء السير تألق ضوء أحمر في لوحة البيانات، توهم أن هذا الضوء تزييني، تابع السير احترق المحرك، إذا فهم من تعليمات الصانع أن هذا الضوء تحذيري لا تزييني، أوقف المركبة أضاف لتر زيت فقط، تابع السير يكون قد سلم، ففرق كبير بين أن تفهم الدنيا متعة، وبين أن تفهمها تكليفاً، أنت خُلقت لجنة عرضها السماوات والأرض.

(( فيها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 ثمن هذه الجنة أن تأتي إلى الدنيا، تودع فيك الشهوات، ومعك منهج، يوجد شهوات و منهج وعقل، الكون يدل على الله، والعقل يفهم على الله من كونه، ومن كتابه، وشهوات، وكل شهوة لها قناة نظيفة طاهرة.
 عفواً، شاب غض بصره، ضبط نفسه، ما ارتكب معصية، تزوج، قد يسعد بزواجه سعادة قد لا توصف، لأنه دخل لشيء مباح سمح الله له به، هذه الشهوة مارسها وفق منهج الله، وفق تعليمات الصانع، وفق تعليمات الخبير، سعد في الدنيا والآخرة.

الموت عرس المؤمن :

 أنا أقول لك هذه الكلمة: إنسان ولد، الآن فرح به أهله كثيراً، ولد سليم والحمد لله، تطور مشى، تكلم، أخذ الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية ثم الليسانس، تعين بوظيفة، تزوج، اشترى بيتاً، أنجب أولاداً، لكنه ليس منضبطاً بمنهج الله، جاء الموت، الموت حق، انتهى كل شيء، رجع للصفر، لا يوجد زوجة، ولا أولاد، ولا أصهار، ولا كنائن، ولا مكانة اجتماعية، ولا يوجد سيارتان أو ثلاث، ولا حفلات، ولا لقاءات، ولا ولائم، ولا عزائم، لا يوجد شيء، قبر، ما الذي حصل؟ الخط البياني يصعد، يصعد، يصعد، عند الموت رجع هذا الخط إلى الصفر إلا المؤمن، الله وكيلك خطه صاعد، صاعد، صاعد، الموت نقطة على هذا الخط الصاعد، والصعود مستمر، إذا رأى ال
 مؤمن مقامه في الجنة، يقول: لم أرَ شراً قط، بحياته كلها، خط بياني صاعد، أي الموت تحفة المؤمن، الموت عرس المؤمن.
 أنا أشبهه بالضبط مثل إنسان فقير جداً جداً، وذكي جداً جداً، ضغط على أمه، وأخواته، وخالاته، وعماته، ليبيعوا أساورهم، واشترى بطاقة سفر إلى أمريكا، دخل جامعة، من شدة فقره يداوم في النهار، ويعمل في مطعم لتنظيف الصحون بعد الظهر، ويدرس في الليل، سبع سنوات أخذ دكتوراه، الآن لم تنسه حكومته، وعدته بمنصب رفيع، وزير صحة مثلاً، الآن ذهب إلى المطار، وقطع التذكرة، وذهب إلى المطار، ووضع رجله على سلم الطائرة، انقضى عهد التكليف، والدراسة، والسهر، والعمل بالمطعم، والخوف من الأساتذة، والامتحانات، والنجاح، والرسوب، والقلق، انتهى عهد كله بأكمله متاعب، وزير، وسيارتان أو ثلاث، ومكانة اجتماعية، وبيت فخم بالمدينة، وبمصيف جميل، وعلى البحر، مثلاً، أنا أعطيك أمثلة، هذا انتقل من حال إلى حال.
 الموت عند المؤمن تماماً كمن يضع رجله على أول درجة على سلم الطائرة ليعود إلى بلده بأعلى منصب، وأجمل بيت، وأحلى مصيف.
المذيع:
 هو لم يبدأ بعد هذا النعيم، ولكن وُعد به.

أجمل حياة يعيشها الإنسان هي الحياة التي تنتهي بالجنة :

الدكتور راتب :
 وعد الله.

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾

[ سورة النساء: 87]

﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة التوبة: 111]

 والله ما رأيت عاصياً عاقلاً أبداً إلا أحمق، اترك موضوع الخير والشر، كذكاء لا يوجد إنسان عاص إلا أحمق، أنت تعصي تعليمات الصانع، تعصي تعليمات مصلحتك:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾

[ سورة الجاثية: 15]

 تظهر آثار طاعة الله في خريف العمر
لذلك أجمل حياة يعيشها الإنسان هي الحياة التي تنتهي بالجنة، يقول لك: لم أرَ شراً قط.
 عندنا عالم بالشام عاش سبعاً و تسعين سنة، ما شاء الله! كان شيخ العلماء كلهم، بدر الدين الحسني، عاش سبعاً و تسعين سنة، كان منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، إن رأى شاباً يقول له: يا بني أنت كنت تلميذي، وكان أبوك تلميذي، وكان جدك تلميذي.
 سُئل مرة: يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها؟ يقول: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقيناً عاش قوياً.
 أكثر الناس يتشابهون بسني الشباب الأولى، أين الاختلاف الكبير؟ بخريف العمر، فكل إنسان أمضى حياته في طاعة الله هو في أعلى درجة، إذاً هو الآن يريد أن يتزوج:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة الروم: 22]

المذيع:
 شيخنا نتوقف بعد إذن حضرتكم بعد هذه المقدمة المهمة جداً في تأصيل فكرة خلق الإنسان، واتباعه لتعليمات الصانع الخالق عز وجل، إلى فاصل قصير وندخل في موضوعنا عن مكانة المرأة بعد هذه المقدمة التي أوضحت منهجية التفكير التي يحملها المسلم.
 شيخنا الكريم، مكانة المرأة في الإسلام بعدما عرف الإنسان لماذا هو موجود في هذا الكون، ويفترض بعقله الذي خلقه ربنا أن يتبع به تعليمات الخالق عز وجل، يأتي السؤال الكبير دكتور: هل المرأة تابع للرجل أم أن المرأة لها مكانة متساوية في الإسلام؟ وما هي مكانتها؟

مكانة المرأة في الإسلام :

الدكتور راتب :
 قبل ذلك، هل من الممكن أن يقول الإنسان: اشتريت بيتاً وملعقةً؟ لا يتناسبون، العطف يقتضي التماثل، هل الفكرة واضحة؟

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

 والسماوات والأرض ما سوى الله، الكون، ومن آياته الشمس والقمر.

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

[ سورة فصلت: 37]

 دقق الآن:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾

[ سورة الروم: 21]

 فكما أن الكون من آياته، وكما أن الشمس والقمر من آياته، وكما أن الليل والنهار من آياته، ومن آياته التي لا تقل عظمة عن هذه الآيات الكبرى أن

﴿ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

 أجمل ما في المرأة ايمانها وعفتها
المرأة، تحب كما تحب، تشتهي كما تشتهي، تتألم كما تتألم، تفرح كما تفرح إنسان، لذلك: ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحبّ أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً.
 المرأة محببة، فإذا كانت مؤمنة وطاهرة وعفيفة، شيء والله لا يصدق.
 أذكر قصة لكن مؤثرة جداً، أحد أخواني في الشام، عنده سوبر ماركت بأحد أحياء دمشق، وله جارة ليست مسلمة، تنزل لعنده تشتري ومعها كأس شاي، أو كأس عصير، هي تتحرش به، فيبدو أنه عندما فكر أن يتزوجها، أهله أقاموا عليه النكير، وهددوه بقطع علاقتهم به كلياً، بلغها، قالت له: والله إن تزوجتني سأسلم، وسأحفظ القرآن، وسأتحجب، هل القصة واضحة؟ أهله رفضوا، تركها، تزوج إنسانة صالحة، بعد سنتين ذكر لها القصة، قالت له: والله إن لم تتزوجها لن أبقى عندك، وهي أحد أخواني، وتزوجها، وجاءت بها إلى بيتها، وأعطتها غرفة النوم، وهي نامت على الديوان بغرفة الجلوس، البطولة جميلة جداً، قالت لك: أنا سأسلم وسأتحجب، وسأحفظ القرآن و لم تتزوجها؟
 فالغيرة بين الزوجات هذه جاهلية، هي طلبت منه، هذه قصة ليست سهلة، لذلك القصة الدقيقة أن الإنسان عندما يتبع منهج الله عز وجل يعيش بحالة سعيدة جداً، وإن لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني فعنده مشكلة مع الله.
المذيع:
 كنا نقرأ كثيراً في الجاهلية عن الإساءة إلى المرأة، كوأد البنات، قتلها خوف من أن تسبى بالحروب في المستقبل، حرمان الإناث من الميراث، تحكم أهلها فيها، بيعها كالجواري في الأسواق، لما جاء الإسلام هل غيّر هذه المعادلة؟

تغيير الإسلام النظرة إلى المرأة :

الدكتور راتب :
 غيّرها كلياً، تاريخ الصحابة، أو الصحابيات شيء لا يصدق، أنا أتمنى على أخوتي المستمعين والمشاهدين أن يتابعوا خبر الصحابيات، يوجد صور من الصحابيات، وهناك كتب بالانترنيت، بأي مكان، الإنسانة عندما عرفت الله، كائنة راقية جداً، مؤمنة، طاهرة، عفيفة، تعتني بزوجها، تعتني بطعامه، بشرابه، تعتني بهندامها، تعتني بصحتها، تعتني برشاقتها، الزواج هذا الشيء المباح للشهوات، إذا هي أهملت نفسها، عفواً عندما تتزوج اطمأنت، لم يعد عندها اهتمام بصحتها، يزيد وزنها كثيراً، يصير عندها فضول، كرهته بها، أنا أرى أن زينة المرأة لزوجها فرض عليها، لتبقى ملء عينه، وملء سمعه وبصره، فإذا كانت كذلك تحقق الهدف من الزواج، أعانته على غض بصره عن غيرها، حينما تعتني المرأة بهندامها، وبرشاقتها، وبوزنها، وبصحتها، وتؤدي واجبها تجاهه أعانته على طاعة الله عز وجل، لأن الشهوة الجنسية قوة مدمرة أحياناً، وبيوت انهارت من وراء انحراف الأزواج، أو إهمال الزوجات.
المذيع:
 إذاً جاء الإسلام دكتور فغير كل ما كان في الجاهلية، وأصبح للمرأة مكانة قوية فيها، النبي قال:

((اعلمِي أيتها المرأة، وأعلمِي من دونك من النساء أن حُسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله))

البيت الإسلامي بيت مبني على الحب :

الدكتور راتب :
 أبلغ من ذلك:

(( أول من يمسك بحلق الجنة أنا، فإذا امرأة تنازعني، تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة ربت أولادها))

 البيت المبني على طاعة الله والحب قطعة من الجنة
كزوجة صالحة لها الجنة، كأم صالحة لها الجنة، كبنت صالحة لها الجنة، ما هذا؟ ما هذا الإسلام العظيم؟ أقول لك كلمة دقيقة: والله إن لم يكن بيت المسلم قطعة من الجنة أنا مسؤول عن كلامي، هذا ليس إسلاماً، لا يهم البيت، و إن كانت مساحته ستين متراً، و أثاثه بسيط جداً، و الطعام خشن، لا يوجد مشكلة أبداً، لكن يوجد حب، هذا البيت مبني على الحب، وكلما كان فيه غض بصر كان هناك حب، وكلما كان هناك إطلاق بصر انعدم الحب، غض البصر فيه آية قرآنية سيدي، وليس حديثاً ضعيفاً، لا، لا.

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 من غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه، قرآن، والمؤمنات كذلك:

﴿ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾

[ سورة النور: 30]

 منهج السماء، هذا سيدي منهج السماء، إذا لم يكن البيت جنة عندنا مشكلة، إن لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن أن يكون أتقى مني عندك مشكلة مع الله، أنا لا أتكلم عن البيت، ولا عن مساحته، ولا عن الأثاث الفخم، ولا عن المصروف، قد تأكل خبزاً ومعه شاي فقط، وتسعد به.
المذيع:
 شيخنا أريد أن أطرح على فضيلتكم مجموعة من النقاط التي تثار حول مكانة المرأة في الإسلام، البعض منها كما تفضلتم موضوع التشديد على المرأة باللباس، التشديد على المرأة بالاحتشام، لماذا كلفت المرأة بهذا الجانب دون الرجل؟

التشديد على المرأة باللباس و الاحتشام :

الدكتور راتب :
 لأن المرأة محببة إلى الرجل، أقول لك كلمة دقيقة: الدوافع متنوعة، من أقوى الدوافع الدافع الجنسي، المرأة محببة، بالطريق يوجد شاب، عمره عشرون سنة، بينه وبين الزواج عشرون سنة قادمة، هل هذا الكلام صحيح؟ فإذا أظهرت مفاتنها في الطريق ماذا يفعل بنفسه؟ سينحرف، والانحراف الأكثر هو العادة السرية، انحرف، أما حينما سترت مفاتنها.
 عفواً، ما هو ذروة سنام الإسلام؟ الجهاد، أما أنا العبد الفقير فأرى أن ذروة سنام الإسلام عنده المرأة إعفاف الشباب، ذروة سنام الإسلام عند الرجل الجهاد، وذروة سنام الإسلام عنده المرأة إعفاف الشباب.
المذيع:
 ما ذنبها؟ لماذا لا يغض الشاب بصره؟ لماذا هي التي تحتشم مثلاً دكتور؟

الحكمة من تكليف المرأة فقط بالحجاب والاحتشام :

الدكتور راتب :
 شاب مقصر في غض البصر، ملأ عينه من محاسنها، اشتهاها، ولا يوجد عنده إمكانية ليتزوج، هناك أشياء كثيرة من الانحراف، هي سببت، أنا أسميها تجاوزاً اسمح لي: تحرش المرأة بالرجل، هو يتحرش بها بكلمة نابية، أو بلمسة، بمناسبات معينة، هذا تحرش، أما المرأة فتتحرش بالرجل حينما تبدي مفاتنها في الطريق لكل الناس، هذا إيماني والله.
المذيع:
 لماذا كُلفت المرأة بالاحتشام، ولم يكلف الرجل، دكتور، وهي أيضاً تنظر إليه وجاء الخطاب القرآني:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور :30]

﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾

[ سورة النور: 31]

 لماذا لم يكلف الرجل بالحجاب والاحتشام؟
الدكتور راتب :
 هناك جواب دقيق، أريد منك أن تتحملني، الشهوة الجنسية عند الرجل حسية فقط، الشهوة الجنسية عند المرأة اجتماعية، ما معنى اجتماعية؟ تريد زوجاً يعطف عليها، زوجاً يسكنها ببيت، شهوتها الجنسية أبلغ من الحسية، الرجل حسية، لذلك:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

 أما المرأة فحينما تتطلع إلى غير زوجها يكون عندها شهوة من نوع ثان، ليست جنسية، بل إن هذا أغنى، أقوى، منصبه أعلى.

﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾

[ سورة النور: 31]

 يوجد آية دقيقة جداً، الآن سأذكرها بعد قليل، أن الشهوة تختلف من الرجل للمرأة، واحدة حسية، والثانية عاطفية، أي العاطفية من نوع ثان، هي يهمها رجل غني، أو قوي، أو يحميها، هذه دوافعها الجنسية.
المذيع:
 ليست مرتبطة بالشكل كما هو حال الرجل؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً، هناك فرق بينهما قطعاً، هذه أنا قرأتها بكتب علمية معتمدة.
المذيع:
 لذلك هي كلفت بجانب الجسد والاحتشام بشكل أكبر.
الدكتور راتب :
 هو كُلف من نواح ثانية.
المذيع:
 هل يتعارض الاحتشام دكتور مع أناقتها كمسلمة؟

أناقة المرأة لا تتعارض مع احتشامها :

الدكتور راتب :
 لا، أبداً، ممكن أن تكون ثيابها أنيقة جداً، عفواً أخي الكريم؛ الآن دخلت في كلمة دقيقة، ما هو الحجاب؟ اللباس الذي يشف عن لون بشرتها ممنوع قطعاً، كل شيء شفاف، وكل شيء خفيف، أي ثياب تشف عن لون بشرتها، وأي ثياب ضيقة تصف خطوط جسمها، وأي ثياب وضاءة تلفت النظر، لو أصفر أحياناً، هناك ألوان.

﴿ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾

[ سورة البقرة: 69]

 ألوان صارخة، وهناك حجوم تصف، الآن الثياب الضيقة كأنها عارية، لكن هي تلبس ثياباً، غاب لون بشرتها فقط، أما خطوط جسمها فهي كلها واضحة، فيجب أن تستر الثياب لون البشرة، وخطوط الجسم، ولا يكون اللون فاقعاً يسر الناظرين.
المذيع:
 إذاً الأناقة التي تراعي ألا يكون ملفتة، وألا يكون هناك زينة، ولا تتناقض مع هذه الخطوط الشرعية لا حرج.
الدكتور راتب :
 من قماش غال لا يوجد مشكلة أبداً.
المذيع:
 أما ملفت بطريقة حجمه أو ألوانه أو كذا فهنا أصبح هناك خلل.
الدكتور راتب :
 مرة كنت بالقاهرة دخلت إلى متحف الفرعون، جاء وفد بريطاني أقسم بذات الله أكاد أتقيأ من بشاعة منظر النساء، خرجت من المتحف رأيت امرأة تلبس معطفاً طويلاً، وتضع حجاباً، لم تقع عيني في حياتي على امرأة تتمتع بجمال الحشمة كهذه المرأة، جمال الحشمة، الحشمة لها جمال من نوع ثان.
 أساساً أكبر ملحد بأمريكا جيفري لانك، أستاذ رياضيات في الجامعة، استقبل طالبة شرق أوسطية، تحضر دكتوراه في الرياضيات، بلوس أنجلوس، أرسلها له أستاذه لأن موضوع محاضرتها متعلقة به، عندما نظر إليها جيفري لانك وهو ملحد، أساسه ألماني، والده كان رجل دين مسيحي متشدد جداً، فانتقم من أبيه بأنه كفر بالأديان كلها، واعتنق الإلحاد كداعية، أي هو من دعاة الإلحاد الكبار، اسمه جيفري لانك، عندما أرسل أستاذه له هذه الطالبة المحجبة، والدنيا صيف، والفتيات شبه عرايا في الطرقات، لفت هذا نظره فبدأ يقرأ القرآن، وعندما وصل إلى قوله تعالى على فرعون أن فرعون كيف نجاه الله.

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾

[ سورة يونس: 92]

 فماذا قال له جيفري لانك لأحد العلماء، اسمه الصاوي؟ قال له: هذا القرآن كلام الله؟ العالم الثاني قال له: هذا الذي ذكرته الآية رممت جثته بيدي، الآن أذكر اسمه، وكان سبب إسلامه، والآن من كبار الدعاة بأمريكا،ما الذي دعاه ليسلم؟ امرأة محجبة، النساء كلهن شبه عرايا إلا هي عندها قناعات عظيمة جداً.
المذيع:
 الله يجزيكم الخير يا دكتور، ويفتح عليكم على هذا الكلام الطيب، بارك الله بكم وجزاكم عنا كل خير، ونطرح شبهة ثانية تثار كثيراً في مكانة المرأة، قضية التعدد في الزواج، ولماذا للرجل أن يتعدد دون المرأة؟ ولماذا أصلاً فكرة التعدد؟ وهل تتنافى مع الوفاء من وجهة واحدة؟ والحديث بالتفصيل حول هذه الشبهة التي تثار في ملف مكانة المرأة في الإسلام.
 شيخنا الكريم يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾

[ سورة النساء: 3]

 فربنا سبحانه وتعالى أباح للرجل أن يعدد في الزواج، أن يتزوج امرأة واثنتين وثلاث وأربع، لماذا كان هذا التعدد؟ وهل يتنافى مع الوفاء لزوجته الأولى بأنه اختار بديلاً عنها؟ هكذا يقال.

التعدد في الإسلام :

الدكتور راتب :
 أولاً لابد من كلمة:

(( أبْغَضُ الحلال إلى اللَّه الطلاقُ ))

[أبو داود عن محارب بن دثار رضي الله عنه]

 وأبغض الحلال إلى المرأة التعدد، المرأة تخاف، من حقها، من محبتها لزوجها، من غيرتها عليه.
المذيع:
 أي هذا شيء فطري.
الدكتور راتب :
 يطلب العدل عند تعدد الزوجات
طبيعي جداً، إلا أن هذا التعدد باب طوارئ، لو فرضنا الإنسان لم تنجب زوجته وهو حريص أن ينجب أولاداً، ينبغي ألا يطلقها، أن يبقيها معززة، مكرمة في بيتها، بأعلى درجة من المودة والمحبة، يتزوج امرأة ثانية كي تنجب له أولاداً، لا ضحيت بالأولى، ولا حرمت نفسي الأولاد، يوجد ظروف دقيقة جداً، إلا أن عظمة هذا الشرع لم يطالبنا في التعدد بالسبب، لو طالبنا بالسبب لفضحت البيوت، طالبنا بالعدل فقط، طالبنا بالعدل، يوم بيوم، جمعة بجمعة، ثياب بثياب، طالبنا بالعدل التام لا المطلق.

((اللهم هذا قَسْمي فيما أملك فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك ))

[الترمذي والنسائي عن عائشة رضي الله عنها]

 أب يوجد عنده ولدان، الولد الأول أذكى من الثاني، وجهه صبيح أكثر، أما بالمعاملة فلا يمكن أن يقبّل الأول أكثر من الثاني، أبداً، لكن هو لا يملك لنفسه.

((هذا قَسْمي فيما أملك فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك ))

 فمطلوب العدل التام لا المطلق.
المذيع:
 في قضية التعدد، هل شيخنا هي قضية مباحة بمعنى من أراد من الرجال أن يعدد في أن يتزوج الثانية دون سبب مثلاً أم هي طوارى مربوطة بعذر؟
الدكتور راتب :
 لو الله طالبنا بالسبب لفضحت البيوت، طالبنا بالعدل، سيدي الآن درست أنا علم النفس، هذا الدافع الجنسي متفاوت بين الأفراد، يوجد إنسان عنده هذا الدافع قوي جداً، لا تكفيه امرأة واحدة، أو يقع بالخطأ، أنا لي كلمة دقيقة: تزوج أربع نساء ولا تزن، بالغرب الزنا أهون من التعدد، بمجتمع متفلت هذه عشيقة لا يوجد مشكلة، أما بالإسلام لا يوجد عشيقة، مشكلة كبيرة، أكبر عدوان على المرأة أن يزنى بها، والتي تتخذ الدعارة حرفة لها.
المذيع:
 واحدة من النساء دكتور تقول: أعتبر نفسي متألمة من هذه القضية النفسية، وأنت بداية تكلمت أن انزعاج المرأة من هذا الشيء فطري، لا يعد اعتراض على شرع الله؟

احترام شرع الله في التعدد :

الدكتور راتب :
 لأن الله حينما سمح به أنا يجب أن أحترم شرع الله، سمح به.

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

[ سورة الأحزاب: 36]

 

الله قضى بالتعدد، تتألم؟ تتألم طبعاً، الألم مقدس، و لكن هي محفوظ حقها.
المذيع:
 شيخنا لماذا الرجل كما تفضلتم إن كان لديه حاجة، أو لدية رغبة بالإنجاب وزوجته لا تنجب له الحق بالتعدد، بينما المرأة مثلاً زوجها به مرض ولا يمكن له أن ينجب لا تستطيع أن تتزوج عليه زوجاً ثانياً؟

الحكمة من إباحة التعدد عند الرجل فقط :

الدكتور راتب :
 لأن الدافع الجنسي مختلف، أما الزوج فدافعه حسي.
المذيع:
 هي تريد أولاداً وزوجها لا ينجب.
الدكتور راتب :
 من حقها أن تطلب المخالعة، الزوج يطلق، والمرأة تطلب الخلع، والقاضي يفرق، والمرأة تطلب الخلع، معقولة زوجة لرجلين؟ أعوذ بالله، مستحيل.
المذيع:
 لماذا الرجل مع امرأتين بينما المرأة لا يحق لها أن تكون مع رجلين؟
الدكتور راتب :
 إذا أنجبت الولد فهذا ولد من؟
المذيع:
 ستختلط الأنساب.
الدكتور راتب :
 طبعاً، منك، لا مني، أعوذ بالله، خطأ كبير جداً، حتى بالجينات يوجد خطأ كبير.
المذيع:
 هل يستطيع الرجل أن يكون زوجاً لامرأتين دكتور نفسياً ومالياً؟

ضرورة العدل التام عند تعدد الزوجات :

الدكتور راتب :
 طبعاً ممكن، بالعدل، العدل التام وليس المطلق، الوقت متساو، العدل بالوقت والتعامل والنفقة وكل شيء، عدا القلب.

((هذا قَسْمي فيما أملك. فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك ))

المذيع:
 أما المرأة كما تفضلتم دكتور لا تستطيع أن تكون لرجلين معاً، وجاء من الله سبحانه وتعالى هذا التشريع العادل بأن يكون الزواج للرجل.
 شيخنا، وكما تفضلتم الرجل مجبر شرعاً على أن يبدي سبباً، هي قضية حلال، لا يشترط أن يكون هنالك سبب قاهر.
الدكتور راتب :
 ما طالب الشرع الزوج بسبب.
المذيع:
 هي ليست وجود ضرورة، هي قضية مباحة.
الدكتور راتب :
 هي مطلق الإباحة، لكن الشرع حفاظاً على كرامة الزوج، وكرامة المرأة، أي لا يحبها، غير جميلة مثلاً، فضحها، لو طولب بإظهار السبب سيقول: أنا لا أحبها، وغير جميلة، لا، طالبه بالعدل فقط، أعفاه من ذكر السبب، وطولب بالعدل، بالعدل التام غير المطلق.
المذيع:
 إذا الرجل لم يمكن على وفاق مع زوجته، أمامه خياران، إما أن يتزوج عليها ويكرمها بالعدل، أو أن يطلقها وينفصل عنها، والمرأة أمام خيار واحد، إما أن تطلب الخلع عنه، وتنفصل لأنها لا يمكن أن تكون لرجلين كما تفضلتم.
 شيخنا الكريم، قضية تثار، قضية مزاح بعض الرجال مع النساء في التعدد، كل يوم والثاني يمزح معها والله أتزوج عليك.

مزاح الرجل مع زوجته بالزواج الثاني حمق وغباء :

الدكتور راتب :
 أنا ما وجدت- وسامحني بهذه الكلمة- رجلاً يمزح بالطلاق، موضوع الزواج الثاني لا يوجد به مزح، إما تزوج، أو اسكت، إما تزوج زوجة ثانية أو اسكت.
المذيع:
 أريد أن أسألك سؤالاً شرعياً شيخنا، هل الرجل الذي يمازح زوجته ليلاً نهاراً بالزواج عليها آثم؟
الدكتور راتب :
 آثم.
المذيع:
 لأنه يزعجها نفسياً.
الدكتور راتب :
 لأن زواج الرجل أحد فصول حياته، أما زواج المرأة فهو كل فصول حياتها.
المذيع:
 إذاً يبدو الذي يزعج النساء في ملف التعدد هو كثرة مزاح بعض الرجال لدرجة الإزعاج وعدم العدل، وهذان السلوكان حرام.
الدكتور راتب :
 هذا نوع من الحمق، حمق وليس حراماً، أن يخسر واحدة تحبه، وليس لها غيره أساساً.
المذيع:
 في المقابل لو أن رجلاً تزوج وهو لديه أسبابه التي لا يريد أن يفصح عنها لا يجوز لزوجته أن تعترض، لأن هذا اعتراض على شرع الله، ولا أهلها، ولا أهله، والناس يقاطعونه على أنه خان، هذه النظرة موجودة عند البعض دكتور من يعدد كأنه خان الوفاء.

الابتعاد عن انتقاد أي شيء سمح الله به :

الدكتور راتب :
 هذا بالدين غير صحيح، شيء سمح الله به لا يوجد اعتراض على ممارسته، لا تؤاخذني يتزوج أربع، ولا يزني بواحدة.
المذيع:
 شيخنا، الزواج من امرأة ثانية لا يعد انتقاصاً من وفائه للزوجة الأولى.
الدكتور راتب :
 لا، أنا أقول: عندما الله سمح له بأربع هناك حكمة بالغة، إذا إنسان مارس شيئاً الله سمح به لا يوجد أي انتقاد عليه.
المذيع:
 سؤال آخر شيخنا: لو أن رجلاً لم يرد الزواج، ولم يعدد، اكتفى بامرأة واحدة، هل هو مأجور بالحفاظ على مشاعرها في الغيرة والفطرة؟

إكرام المرأة و عدم إهانتها :

الدكتور راتب :
 يكون قد أراح نفسه.
المذيع:
 شرعاً هل له أجر بذلك؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، لأنه أكرمها، ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحبّ أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، صلى الله على من علمنا هذا الخير صلى الله عليه وسلم.
 الغرب يشيع أحياناً دكتورنا أن المرأة مكانتها في الإسلام هي تابع للرجل، وليست كياناً مستقلاً، والدليل أنه يتزوج من اثنتين، ثلاث، أربع، ليجرهم من خلفه، يرسمون هذه الصورة النمطية أحياناً، ما رأي فضيلتكم في قضية التعدد؟

المنهج الإسلامي منهج متكامل :

الدكتور راتب :
 هذا المنهج الإسلامي لا يمكن أن تأخذ فقرة جزئية منه وتقارنها بمجتمع آخر، هذا منهج متكامل، ما دام هناك غض بصر، ما دام هناك حرص على طاعة الزوج، أغلب الظن يوجد تفاهم كبير بين الأزواج في الإسلام، أنا أقول كلمة: ما من خلل في البيت، ما من شقاق زوجي في البيت إلا بسبب معصية من الزوج أو من الزوجة أو من كليهما، هذا ملخص الملخص.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، دكتور في ختام هذه الحلقة نلخص لمستمعينا هذا الموضوع أن ربنا سبحانه وتعالى جعل للمرأة مكانة عظيمة مساوية لمكانة الرجل في هذه الحياة، موضوع الاحتشام التي كلفت فيه المرأة يتوافق مع المهمة التي خلقت لها، واهتمامها بصفات الجمال التي أودعت بها، ولم تودع بالرجل، وأن الرجل يتأثر من الجانب الشكلي بينما المرأة من المعاملة واللسان اللطيف.

تلخيص لما سبق :

الدكتور راتب :

﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ﴾

[ سورة الأحزاب:32]

المذيع:
 أي خلل بين الزوجين فبسبب معصية
فأمر الرجل بهذا الشيء، وأمرت المرأة بالاحتشام، وفي قضية التعدد أنه مباح من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن تتقبله ولو شعرت بألم، وهذا الشعور فطري لكن لا يعترض الإنسان على شرع الله.
الدكتور راتب :
 طائرة سوف تسقط، أفضل شيء باب الطوارئ، فالزوجة الثانية باب طوارئ، من دون أن نتكلم نحن، لكن تلافى أن تزل قدمه بزوجة ثانية.
المذيع:
 وعليه الواحب الشرعي.
الدكتور راتب :
 وبالغ في إكرام الأولى، مكانة، وإنفاقاً، لم يعد هناك مشكلة أبداً، وكلما المرأة كانت أعقل تقبل التعدد، لأن هذا منهج إلهي، والذي يرفض التعدد يرفض منهج الله، إله هو الخالق هو سمح بالتعدد إذاً فيه حكمة.
المذيع:
 لو قبلته وشعرت بنوع من الانزعاج النفسي هذه فطرة طبيعية وتؤجر عليها.
الدكتور راتب :
 سيدي، هناك قيم أخلاقية بالإسلام تفوق حدّ الخيال.
المذيع:
 ومزاح الرجل مرفوض للزوجة.
الدكتور راتب :
 حمق، وغباء، وحرام، إما أن يطلق أو يسكت.
المذيع:
 الله يفتح عليكم، سنكمل في هذه الملفات، ومكانة المرأة في الإسلام، وكثير من القضايا دكتور في الحلقة المقبلة إن شاء الله.
 نختم حلقتنا بالدعاء، ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، أصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، اجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.

خاتمة و توديع :

المذيع:
الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي لهذه الكلمات الطيبة.
نكمل هذا الموضوع عن مكانة المرأة في الإسلام في حلقتنا المقبولة بحول الله تعالى.
سبحانك لله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور