وضع داكن
28-03-2024
Logo
رمضان 1424 - ليلة القدر : 3 - إدارة الوقت
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

المحافظة على مكاسب رمضان طوال العام :

 أيها الأخوة الكرام؛ الموضوع الثالث هو أن الإنسان في رمضان ارتقى إلى الله بشكل أو بآخر، فمثلاً حافظ على تلاوة القرآن كل يوم، غض بصره عن محارم الله، أنفق من ماله، أدى صلاة العشاء والقيام في المسجد، وأدى صلاة الفجر في المسجد، فلو أن المؤمن عاهد نفسه على متابعة هذه الإنجازات طوال العام أعتقد أنه حقق الهدف من الصيام، أما إذا عاد لما كان عليه من تقصير، ومن بطء في السير إلى الله عز وجل، فكأن هذا الشهر ما فعل فيه شيئاً، الله عز وجل اصطفى بعض الأوقات، ومنها رمضان لينسحب هذا الصفاء على كل العام، اصطفى شهراً، هو شهر رمضان، اصطفاه على بقية الأعوام ليكون فيه الصفاء، ثم ليشيع الصفاء في كل العام، واصطفى بعض الأماكن، كبيت الله الحرام ليكون فيه الصفاء، ثم ليشيع فيه الصفاء على كل مكان، ليست العبرة أن تقفز، ثم ترجع، ليست العبرة أن تغلي، ثم تهمد، العبرة أنك إذا حصّلت مكسباً في رمضان أن تتابع هذا المكسب طوال العام، لذلك المؤمن الصادق بعد أن ينقضي رمضان لا يتغير من حاله شيء، إلا أنه يأكل في النهار، أما غض بصره، تلاوة قرآنه، إنفاق ماله، طلبه للعلم، ضبطه للسانه، فهذا إذا حقق في رمضان ينبغي أن يستمر لآخر العام، لذلك رمضان على رمضان يكفر ما بينهما، إذا اجتنبت الكبائر.

كيفية إدارة الوقت :

 أيها الأخوة؛ يوجد موضوع لا تجد بين المسلمين ولا خمسة بالمئة يعتدون به، هو إدارة الوقت، كيف مضى رمضان؟ كلمح البصر أليس كذلك؟ البارحة بدأنا بالصيام، اليوم هو السابع والعشرون، قرئ القرآن كله في هذا الشهر، وهكذا تمضي الشهور والأعوام، والإنسان يواجه حادثاً خطيراً هو مغادرة الدنيا، نحن بعد رمضان نحتاج لإدارة وقت، إدارة الوقت ملخصة بآية واحدة، قال تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة الملك: 22]

 أنت ينبغي أن تضع لك هدفاً واضحًا، وينبغي أن تضع لهذا الهدف طريقًا، وينبغي أن تتابع نفسك، بأكثر إدارات الأعمال والأوقات هناك متابعة، ما الذي يمنع أن تقتني دفترًا خاصًّا بعلاقتك مع الله؟ الأخطاء والتقصيرات التي تشكو منها قليلة، ما الذي يمنع أن تعالجها مع من تثق بعلمه؟ ما الذي يمنع أن تعقد العزم على تطهير نفسك بها؟ ما الذي يمنع أن تعاقب نفسك لو أنك قصرت، سيدنا عمر يقول: " تعاهد نفسك "، ليس هناك واحد ليس فيه نقاط ضعف، والمعصوم هو رسول الله، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، ولكن لا بد من جلسة تأمل من حين لآخر، لئلا تستهلك، ولئلا تكون رقماً، هناك إنسان رقم، لو تتبعت معظم الناس لا همّ له إلا طعامه وشرابه وثيابه، يكون مركزه بعمله قويًا، ودخله مريحًا فقط، وكأن الله خلقك من أجل أن تأكل وتشرب وتتنعم، فإذا جاء الموت كان الإنسان خاسرًا خسارة كبيرة، لكن لابد من إدارة الوقت.
 إن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، فأنا أقترح عليكم أن تقتنوا دفتراً خاصاً لبرنامجكم الديني، أنت يجب أن تطلب العلم، يمكن أن تطلبه بدرس عام، إذاً احضر درس التفسير كل أسبوع، هذا دخل لبرنامجك، اعمل أجندة، وتستخدم هذه الكلمة كثيراً في الأخبار، هذا التعبير اسم أجنبي، يوم الجمعة من المغرب للعشاء درس تفسير، يوم الأحد درس عقيدة، احضر الخطبة، ثلاثة مصادر، لا بد لي من كتاب في الحديث أقتنيه أعود إليه، لابد لي من كتاب في التفسير مشروع مكتبة.
 الآن: برنامجي في الذكر، صباحاً صليت الفجر، اتلُ بعض الأذكار التي تلاها النبي، ولو لعشر دقائق، ثم لابد من قسم تقرؤه كل يوم من القرآن الكريم، قسم تقرؤه تدبراً، وقسم تلاوة، عندي بند القرآن الكريم تلاوة، وبند تجويداً، وبند تفسيراً، وبند تطبيقاً، عندي بند الحديث الشريف، لا بد من كتاب معتمد، اسألوا أهل الذكر، ينبغي أن تقرأ بعض الأحاديث، وتتعلم معنى بعض الأحاديث، وتراجع مضمون بعض الأحاديث، من فضل الله يوجد تقريباً في هذا المسجد سبعة آلاف شريط، من ثمان وعشرين سنة، ما من درس ألقي في هذا المسجد إلا وله في الأرشيف وجود، تطلب أحاديث تربية الأولاد في الإسلام، أسماء الله الحسنى، دروس في العقيدة، دروس في التفسير، يكاد يكون معظم كتاب الله مفسراً عدا بعض السور، والتفسير مطول جداً، ويوجد تفسير مختصر، يجب أن يكون عندك رغبة في التخطيط للوقت، يجب أن تبني إيمانك بشكل دقيق، العقيدة، القرآن، السنة، السيرة منهج كامل، لو لم يكن هناك كتاب ولا سنة لكانت سيرة النبي كتاباً وسنة، وهذا شيء ممتع، يجب أن تقتطع من وقتك وقتًا لطلب العلم، لكن ما الذي يحصل؟ أدرس دروسًا عامة، وأدرس دروسًا في الجامعات، الطالب عنده كتاب مقرر وامتحان، لذلك إذا كنت تتلقى درساّ حاول أن تأخذ شريطاً، هذا مرجع لك، وإذا كان الشريط مفرغًا خذ تفريغه، وأحياناً موضوعات ألفت بها كتب، أن تأخذ الكتاب، عندك مرجع، فبند طلب العلم يجب أن تدخله في برنامجك الأسبوعي، أنا لا أعتقد أن إنسانًا يمكن أن ينجح في حياته من دون برنامج أسبوعي، المواعيد كلها دروس علم، الجلسة مع الأهل وقت، العلم وقت، الراحة وقت، النزهة وقت، المطالعة وقت، الجلوس مع الأهل وقت، طلب العلم، اعمل برنامجًا لحياتك، رمضان مضى كلمح البصر، وما قولكم في إنسان يمضي عمره كلمح البصر، ما خطط ولا رسم هدفًا، ولا وضع وسائل، ولا ضبط وقته، يوجد عادات وتقاليد، أنت حينما تلبي شيئاً تحبه دائماً، وحينما تلبي شيئاً ضاغطاً عليك، وتنسى الشيء الأساسي فأنت تفتقر لتنظيم وقتك، وحينما تضع لشيء وقتاً لا يكفي تفتقر أنت إلى إدارة وقتك، وحينما تتضارب مواعيدك أنت تفتقر إلى إدارة وقت، وحينما تقول: ليس عندي وقت، لا، عندك وقت، أجمل كلمة سمعتها في بعض السفارات: ما هو المستحيل؟ قال: المستحيل الذي لا نستطيع أن نفعله، هذا تعريف خاطئ، المستحيل هو الشيء الذي لا نريد أن نفعله، تصور إنسانًا بالخامسة والخمسين يتمنى أن يطلب العلم، وهو أمي لا يقرأ، ولا يكتب، وهو في صعيد مصر، وليس هناك من مواصلات إلا الدابة، ركب دابته من الصعيد إلى القاهرة، يسأل عن الأزعر! هو قصده الأزهر، يا رجل، هذا ليس الأزعر، هذا الأزهر، أول شيء تعلم القراءة والكتابة، ثم قرأ القرآن، وما مات إلا وهو شيخ الأزهر، مات في الثالثة والتسعين، ألا تغار؟ لماذا وضع الله في نفسك الغيرة؟ الغيرة حيادية، إن توجهت إلى الدنيا فهي الحسد، أما إن توجهت للآخرة فهي أكبر باعث للإنسان، ألا تغار من إنسان متفوق في العلم؟ من إنسان مستقيم؟ من إنسان يقدم شيئاً لله عز وجل؟ الناس الآن يحسدون فقط، يغار من إنسان عنده مركبة موديل حديث، عنده بيت واسع، وكيل شركة، من هنا يأتي الحسد، ألا تغار من طلاب العلم؟ من المحسنين؟ من الدعاة إلى الله؟ ممن أقامهم الله في عمل طيب؟ أنا أتمنى أن تقوم بإدارة الوقت، وأنا خصصت خطبتين إذاعيتين لإدارة الوقت، وهذا العلم أصبح العلم الأول الآن، و هناك دورة في دمشق سموها: الهندسة النفسية، إدارة الوقت رسمها سبعون ألف ليرة، بما أنت عليه يمكن أن يتضاعف إنجازك لعشرة أضعاف، أما وقت ضائع من دون تخطيط، قاعدون، في بعض الأماكن يجلس أمام بيته، يمر شاب ينظر إليه، لا يقدم شيئًا، أمة كسولة، أمة لا تعمل، يتلقى مسلسلاً، وبعدها ينقصك هموم؟ تأخذ هموم الناس أيضاً؟ ألف الناس هذه الشاشة، حجزتهم عن الله عز وجل، ألف الناس متابعة ما يجري، تتابع الأخبار إلى متى؟ سمعت الندوة بالجزيرة؟ لا والله، لا يوجد بيدنا شيء، مهما سمعت خطط لوقتك، اجلس مع أهلك، وجه أولادك، اطلب العلم، افهم كتاب الله وسنة رسوله، وسيرة رسول الله، حاول أن تقوم بعمل، عندك بنود العمل الصالح، صلة الأرحام أدخلها ببرنامجك، لك أخت من سنتين لم تزرها، تعتب عليك، قم بزيارتها، تفقد أحوالها، أنا لا أقدم لكم برنامجًا تفصيليًا الآن، لكن أتمنى أن تفكر أن تدير وقتك، وتضع برنامجًا لك دقيقًا يجمع بين الصلوات والتلاوة والذكر، وبين طلب العلم والعمل الصالح والعمل المِهني، يوجد أشياء يمكن أن تصحح، ولا نصححها، نعيش أزمات وأزمات، بيوت المسلمين ليست كما ينبغي، لا يوجد ود، ولا محبة، ولا تناسق بين أفراد الأسرة.
 لو أراد أحدهم أراد أن يستفسر قدم له كل شيء، لكن يجب أن تضبط، أنت طالب، ينبغي أن تضع خطة للدراسة، هذه الشهادة بهذه العلامات أدخل هذا الفرع، اجعل هذا الفرع في سبيل الله، اخدم به المسلمين، هذه خطة، أنا ما وجدت إنسانًا ناجحًا إلا يدير وقته إدارة علمية، فنحن في رمضان، مضى شهر كلمح البصر، وتمضي أشهر وأشهر، والإنسان قد يواجه الموت دون أن يكون مستعداً له، وهذه هي الطامة الكبرى.

الوقت أثمن شيء في حياة كل إنسان :

 سأقول لكم: إدارة الوقت مصطلح جديد، لكن ديننا كله إدارة وقت، مثلاً:

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾

[سورة التكاثر: 1-2]

 لا يوجد إدارة وقت، دخل بمتاهة جمع المال، هو لا يستهلك من هذا المال إلا الجزء اليسير، جمعه من حرام، أو من شبهات، أو ما دقق في كسب المال، وما استهلك إلا الجزء اليسير، ثم يحاسب عليه، وقد يكون سبب شقائه في الآخرة، وأولاده يسعدون به، نحتاج لدراسة لكسب المال، وللحرفة، وللأسرة، أين يوجد مشاكل؟ إدارة الوقت تبدأ من:

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة التكاثر: 1-4]

 حين تعلم لاحقاً تندم، أنت إذاً لم تكن مديراً للوقت.

﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[سورة التكاثر: 1-6]

 يمكن لا يوجد سورة تشير إلى إدارة الوقت كهذه السورة، السورة الثانية العصر، أنت وقت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، يمكن أن تستهلك الوقت استهلاكاً، أو تستثمره استثماراً، إدارة الوقت بالحديث:

(( اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ))

[الحاكم والبيهقي عن ابن عباس وأحمد عن عمرو بن ميمون ]

 هذه إدارة الوقت.

((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ))

[الحاكم عن شداد بن أوس]

 أنت وقت، أثمن شيء الوقت، من دون وقت لا يوجد شيء، إنه وعاء عملك، فكل واحد لو رسم خطة متوازنة لكان في حال أفضل.

 

إضاعة الوقت سبب تخلفنا :

 الإنسان ينغمس بعمله، وينسى كل شيء، هذا ليس عنده إدارة وقت، والله أحياناً أطلع على مشكلات يعاني منها بعض الناس؛ إنسان حقق نجاحًا كبيرًا بعمله، لكن عنده في البيت مشكلة كبيرة جداً، طاحنة، انشغاله الشديد، وبعده عن المنزل الطويل سبب مشكلة في بيته، لو علمها لانتحر، هذا لم ينجح، ما دام نجح بمكان، وأخفق ببيته، هذا لم ينجح، يجب أن يكون هناك توازن، الزوجة لها نصيب، والأولاد لهم نصيب، وجسمك له نصيب، أوضح شيء بإدارة الوقت العناية بالصحة، والذي لا يعتني بصحته يعاني من أزمات ومشكلات ومتاعب لا يعلمها إلا الله، طبعاً العمر لا يتغير، لكن بينما أن تمضي الستون هكذا أو هكذا، خطط، صحتك لها بند، يشتري طعامًا معينًا، يوجد أطعمة مؤذية جداً، اعمل دراسة للأطعمة، صحتك متعلقة بالطعام، يوجد مواد دسمة، زيوت مهدرجة، زيوت تعلق بالدم، تسبب تراكماً وتضيقاً بالشرايين، فادرس طعامك، وادرس برنامجك الرياضي للتمتع بلياقة جيدة، ادرس علاقاتك الأسرية، وعملك، خطط لدينك، وعملك، وزوجتك، وأولادك، أما هكذا سبهللة، صدقوني لا يوجد خمسة بالمئة من المسلمين يديرون وقتهم، كلهم هكذا حركة عشوائية، لماذا أنتم قاعدون؟ يجيبك نمضي الوقت، ليس له هدف أبداً، هذا حال المسلمين، الشيء المؤلم الذي يعصر القلب أن تذهب إلى بلاد الكفار، الوقت ثمين جداً عندهم، ويخططون، ما بلغوا قوتهم بلا تخطيط، ما سيطروا على العالم كله بلا تخطيط، ما فرضوا إرادتهم على كل الشعوب بلا تخطيط، نحن بشر مثلهم، الوقت الذي يملكونه تملكه أنت، الوقت لا يتغير أبداً، أكبر عالم في الأرض يملك أربعًا وعشرين ساعة، وسبعة أيام في الأسبوع، وثلاثين يوماً في الشهر، لا يوجد غيرهم، هم تفوقوا، وتخلفنا.

إدارة الوقت قضية مصيرية :

 أتمنى بعد هذا الشهر الكريم أن ترى أن إدارة الوقت بالقرآن، إدارة الوقت من دينك، إدارة الوقت تلبي مصيرك، قضية مصيرية، تلبي سعادتك، تلبي بيتك، لو أن أحداً درس مشكلاته لوجدها كلها بسبب عدم التخطيط، فأنا أتمنى أن يقتني أحدنا دفترًا، ويأخذ بعض المراجع، ويخطط لحياته، ينظم علاقاته مع الآخرين، ينظم دروس العلم، يقتني مكتبة صغيرة، يسأل، يبحث، يعطي وقتاً لجسمه، وقتاً لصحته، وقتاً لغذائه، وقتاً لأهله، وقتاً لأولاده، وقتاً لتطوير مهنته، يجب أن نعيش هذا العصر بقيم العصر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

((دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ وَاجِمًا سَاكِتًا........ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا))

[ مسلم عن جابر]

 وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ فَرَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ))

[ البخاري عن ابن عباس]

عناية الإنسان بكل جانب من جوانب حياته :

 إذا وجدت أشياء جيدة بالجاهلية فيجب أن تأخذ بها، وقياساً على ذلك إذا وجد شيء جيد بالعالم الغربي يجب أن تأخذ به، لأن الطرف الآخر قوي جداً، وغني جداً، وذكي جداً، وخبيث جداً، فما لم نكن على جانب من القوة والذكاء والغنى لا نستطيع أن نقف في وجههم، المعارك الآن معركة نكون أو لا نكون، ترون كيف أن بلاد المسلمين تحتل، والثروات تنهب، وقهر، وإذلال، وقتل، وطرق كلها مسدودة، المشكلة كبيرة من عدم التخطيط، دائماً أعمالنا ردود فعل، لا يوجد تخطيط، ممكن أن يكون هذا اللقاء الطيب، والدرس الكريم باعثاً للإنسان ليعتني بكل جوانب حياته، يبدأ بعلاقته مع ربه، علاقته مع ربه هل فيها طلب علم؟ هل فيها استقامة؟ فيها عمل صالح؟ طلب العلم من أين؟ من الدروس العامة، ثلاثة، اثنان، أسجلها، مرة قلت لكم: إن شخصًا عنده مركبة وزنها ثلاثــة طن، يوم الجمعة يحميها ربع ساعة، وينتقل من طرف المدينة الشمالي إلى طرفها الجنوبي، ليشتري كيلو من الفول من رجل يحبه، يأتي يوم الجمعة إلى أقرب جامع !! قانع أم غير قانع، الخطيب متقن لخطبته أم لا، لحق ركعة، كيلو الفول عنده أغلى من دينه، طلب العلم هذا بند ادرسه، الآن أسرتك هل يوجد مشكلات مزمنة؟ لماذا يوجد نفور؟ لماذا أنــت في البيت لست مرتاحاً؟ يوجد تقصير منك أم منها؟ الأولاد مشكلتهم، الرزق له مشكلة، لا يوجد إتقان، حسناً ابحث وضع خططاً، واجعل العام القادم إن شاء الله عام تخطيط، وعام نجاح، ولا نستطيع أن نفعل إلا هذا، النبي عليه الصلاة والسلام لأنه أدار وقته إدارة مذهلة، أقسم الله بعمره، والهل يوجد علماء أجلاء تتحير كيف ألفوا هذه الكتب؟ كيف تركوا هذا التراث؟ تمسك تفسيراً من ألف سنة فتجد دقة ما بعدها دقة، كل من قرأ التفسير، ونقله إلى الآخرين في صحيفة المؤلف، اترك عملاً يستمر، يوجد حديث أو دعاء يلفت النظر والله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ))

[سنن النسائي عن أبي هريرة]

 هذا إذا له عمل انقطع، وإذا لم يكن له عمل؟ وإذا كان له عمل سيئ؟!! نتحدث عن إنسان له عمل صالح، إذا مات انقطع، فالبطولة أن تبقي عملاً يبقى بعد موتك، أحياناً يبقى كتاب، أحياناً شريط، والله عندما أذهب إلى لبنان إلى إذاعة القرآن عالم جليل توفي منذ عدة سنوات، له كل يوم الساعة الثانية وقت الغذاء درس تفسير، يا رب هذا الآن قد يفنى، لكن العلم الذي بثه في قلوب الناس لا يفنى، ابحث عن عمل يستمر بعد الموت، وطبعاً يوجد مغنون أغانيهم بعــد موتهم تصدح بها الإذاعات، هذا عمل أخطر، ذاك عمل سيئ، أو رجل ترك ملهى ومات، ما هذا العمل الصالح؟ هذا أكبر بلاء من الله عز وجل، الآن كن طموحاً، وابحث عن عمل يستمر بعد الموت، لا تكن تحت رحمة أحد، يجب أن يأتي الموت، وكل من حولك يبكي، وأنت وحدك تضحك، هذا هو المفروض.

 

ارتباط تقدمنا بإدارة وقتنا :

 إذاً إدارة الوقت من صلب الدين، إدارة الوقت فيها عشرات الآيات والأحاديث، وكان النبي وأصحابه على درجة من إدارة الوقت، هذا الموضوع الأول الآن، وسبب تفوق العالم الغربي وهم على باطل بإدارة أوقاتهم، الآن مثلاً عقود القران ثلاث ساعات، هذا فوق طاقة الإنسان، يأتي إنسان بأول الأمر، وآخر بنصف الوقت، لا يوجد وقت محدد، لو صار الوقت ساعة واحدة فقط لجاء الجميع في البداية، إن لم تأت بعد ساعة لن تصبح لك قيمة كبيرة، الفوقية أن تأتي بعد ساعة، صار الذي يأتي على الوقت كأنه أحمق، أليس هذا بالخطأ الكبير؟!! متى الموعد؟ الرابعة والنصف، تأتي في هذا الوقت و لكن المنشدين لم يأتوا، فتجلس وحدك، فأين إدارة الوقت؟ يجب أن تأتي بعد ساعة، أي أنت في مكان تأتي بعد ساعة، هذه واحدة من عقولنا، لا يوجد مواعيد مضبوطة، يضعك ساعة، مثلاً أنت عزمت أناساً فيتأخر أحد الضيوف ساعة، الوقت له قيمته، والكل يتأخرون، إن لم يكن الوقت أثمن شيء بحياتنا لن نتقدم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور