وضع داكن
23-04-2024
Logo
ومضات في آيات الله - الدرس : 20 - يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الميثاق هو الفطرة والعقل والشرع :

 أيها الأخوة الكرام؛ وردت كلمة الميثاق في أكثر من مكان من كتاب الله، ومن أوجه تفسيرات الميثاق الفطرة والعقل والشرع، فأنت يمكن أن تهتدي إلى الله بعقلك، إذا تأملت في الكون أيقنت أن لهذا الكون إلهاً واحداً، كاملاً، متصرفاً، ويمكن أن تؤمن بالله عز وجل بفطرتك عن طريق ما يسمى الإيمان الفطري.
 إن أصل بنيتك وأصل كيانك مبرمج على الإيمان بالله، فالناس جميعاً مؤمنون بالله بالفطرة.
 مرة جاءت رياح عاتية فاقتلعت أكثر من مئة وخمسين بيتاً زراعياً في الساعة، والذين قاموا بجولة هناك التقوا مع كل الفئات، ومع أكثر من اتجاه ومذهب ودين، هناك إيمان فطري أن الإنسان السيئ دُمّر بيته، هذا إيمان فطري، يوجد إله يحاسب ويعاقب، فأنت بالعقل تؤمن، وبالفطرة تؤمن، وبالمنهج تؤمن، معك قرآن، فحيثما وردت كلمة ميثاق تعني ميثاق الفطرة، وميثاق العقل، وميثاق الشرع.

 

ابتلاء كل مؤمن لأن الدنيا مطية للآخرة :

 الآن لأن الدنيا مطية للآخرة لا يقبل الله إنساناً يعبده على حرف، من السهل جداً إذا كنت في بحبوحة، وفي صحة جيدة أن تعبد الله، ولكن ليس من السهل أن تعبده وعندك امتحان صعب، فلذلك اقتضت حكمة الله عز وجل أنه ما من مؤمن على وجه الأرض إلا و هو مبتلى، مبتلى بماله، بنفسه، بأهله، بأولاده، بمن حوله، فكل واحد منا له نفس تأمره بالسوء، أمارة بالسوء، وله شيطان يغريه، وله كافر يقاتله، وله منافق يبغضه، وله مؤمن يحسده، هذه كلها ابتلاءات، هنالك ابتلي المؤمنون، حتى أصحاب النبي ، وهم قمة البشر لم يسلموا من الابتلاء، ابتلاهم بالضعف في بدر فافتقروا إلى الله فنصرهم، وابتلاهم بالقوة في حنين فاعتزّوا بها فخذلهم الله عز وجل، لذلك:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 9]

 بالتعبير الحديث الله عز وجل معه مليار مِليار مليار مليار ليخلق شيئاً من لا شيء، حتى في الحروب الحديثة مهما قلت لي: إن هناك تفوقاً عسكرياً، أنا أقول لك: رياح هبت في حرب العراق عطلت التقدم، وأتلفت مئات الدبابات والطائرات، لو أنها استمرت ما تحقق النصر، الله عز وجل بيده كل شيء:

﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾

[ سورة الأحزاب: 10]

أصعب أنواع الابتلاء أن يقوي الله الكافر ثم يظهر آياته :

 الله عز وجل من أصعب أنواع الابتلاء أن يقوي الكافر، ويقويه، ويقويه، ويتغطرس، ويتكبر، ويتبختر، ويتيه بقوته:

﴿ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15]

 ويقول تصريحات لا تحتمل، وإرادته نافذة، ويدمر من يشاء، ويقتل من يشاء، ويقاطع، ولا يقاطع، حتى يقول ضعيف الإيمان: أين الله؟ هذا امتحان، ونحن فيه الآن، ثم يظهر آياته حتى يقول الكافر: لا إله إلا الله، يظهر آياته:

﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ﴾

[ سورة الأحزاب: 10-11 ]

 إذا كان أصحاب النبي  وهم قمم البشر، وهم صفوة الخلق، لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم:

((إن الله اختارني، واختار لي أصحابي))

[ أخرجه الحاكم عن عويم بن ساعدة ]

 هؤلاء امتحنوا، وزلزلوا، وجاءهم الموت من كل مكان، حتى قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى، وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته، أناس كثيرون فهموا أن الإسلام كذب وافتراء ودجل، وانتهت القضية، لأن المسلمين في الخندق كانوا يعانون من مقولة نكون أو لا نكون، أي بقاؤهم على قيد الحياة مشكلة وقت قصير، لأن العرب جميعاً اجتمعوا عليهم، وأرادوا استئصالهم وإبادتهم:

﴿ هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 11]

 هذا الزلزال يفرز المؤمنين:

﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 12 ]

 أي الإسلام كذب، والوحي كذب:

﴿ وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾

[ سورة الأحزاب: 13-14 ]

أكبر هزيمة أن نهزم من الداخل :

 أيها الأخوة؛ لكن فريقاً آخر قال الله عنه:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

[ سورة الأحزاب: 23]

 فالبطولة ألا تبدل، ألا تغير، وألا تيئس، وألا تخضع، وألا تستذل، وألا تتضعضع:

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 139]

 و الآن أيها الأخوة؛ أخطر هزيمة ليس أن نخسر أرضاً، ولا أن نخسر بئراً، ولا أن نخسر جيشاً، أكبر هزيمة أن نهزم من الداخل، أن نيئس، الحروب تتنوع، وهناك جولات وجولات، والذي يخسر جولة قد يربح الثانية، لكننا إذا انهزمنا من الداخل لن ننتصر بعد الآن إطلاقاً، هذه القضية الدقيقة.

 

النبي الكريم أسوة للمؤمن بشرطين :

 الآن ما منا شخص إلا وله قدوة، شاء أم أبى، حتى الفلاسفة يقولون: لا يوجد إنسان بالأرض ليس له فلسفة، ولو كان أمياً، أي له قناعات وتصورات يتحرك بموجبها، هذه فلسفة، لذلك بالمقابل لا يوجد إنسان ليس له قدوة، أي لا يوجد إنسان إلا وله نموذج يتمنى أن يكونه، من هو الذي تتمنى أن تكونه؟ في عالم التجارة كبار التجار قدوة لكل التجار، مكتبه كالخيال يمكن أن يكون قد كلّفه مليونين، أرباحه فلكية، تجارته رائجة، وكيل مجموعة شركات، التاجر الصغير ينظر إلى التاجر الكبير هكذا، هذا قدوته، الآن أستاذ الجامعة ينظر إلى أستاذ معه اختصاص أعلى منه، ويحتل منصباً أرفع، فكل شخص بحسب حرفته أو مهنته أو نشاطه أو اهتماماته عنده قدوة، لكن من هو القدوة للمؤمن؟ النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هناك شرطاً، قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

 امرأة كانت فنانة كبيرة، وكان لها دخل فلكي، ثم افتقرت، ثم تابت إلى الله عز وجل، وقدمت لها فتوى بالتخلي عن كل مالها وافتقرت، تزوجها مهندس متواضع أخذها إلى العمرة في غرفة متواضعة، كانت إذا جاءت إلى العمرة تسكن في أكبر الفنادق، وفي أكثرها فخامة، وهناك من يقدم لها خدمات لا تعد ولا تحصى، فلما تابت، واعتزلت التمثيل أصبحت امرأة عادية، ثم ندمت على توبتها، أين كانت وأين صارت؟ جاءها من يقول لها برسالة: يوم كنت فنانة كبيرة كان كبار الفنانين قدوة لك، أما الآن فقدوتك رسول الله ، كان فقيراً، هذا الكلام أبكاها، وجعلها تعتذر لزوجها عما بدر منها، فالمؤمن الصادق لا يزن الأمور بميزان مادي، يزن الأمور بميزان أخلاقي:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

 أي بربكم بشكل منطقي لو أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وحبيب الحق لا رأى فنادق خمس نجوم، ولا رأى مونتي كارلو، ولم ير هذه الأماكن الجميلة في العالم، ولا ركب سيارات فارهة تتحرك الآن على الكلام، ثمنها اثنا عشر مليوناً، فقط كلام، ولم ير هذه البواخر الفخمة، هذه الطائرات العملاقة، ولا سكن ببساتين وحدائق، ولم يستخدم الخلوي، عاش في الصحراء، يأكل القديد بمكة، حياة بسيطة، مسجده من سعف النخيل، لا يوجد تكييف، ولا تدفئة، ولا اتصالات، ولا كومبيوتر، ولا يوجد برامج، ولا إنترنت، هذه كله ما رآه، هل هذا يعني أنه هين على الله؟ فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمداً أم أهانه حين زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانه فقد كذب، و إن قال: أكرمه فلقد أهان غيره حيث أعطاه الدنيا، دنيا مؤقتة، هذه الآية أيها الأخوة لأنك مؤمن:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

 لن يكون النبي  لك أسوة إلا بشرطين؛ أن ترجو الله واليوم الآخر، فإن رجوت الدنيا والأشخاص فلا يمكن أن يكون النبي  قدوة لك إطلاقاً، هذا الواقع لك أن تقول ما شئت، لكن في الحقيقة لن يكون النبي  قدوة لك إلا إذا رجوت الله واليوم الآخر:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

 أما إذا ذكر الدنيا كثيراً، وذكر مالها كثيراً، وذكر متعها كثيراً، وذكر مناصبها الكثيرة، وكانت الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومحط رحاله، ومنتهى آماله، فلن يكون لا النبي  ولا أي مؤمن قدوة له، قدوته فلان، إن كان له اهتمامات رياضية فلاعب الكرة فلان، وإن كان يعمل بالتجارة التاجر الكبير قدوته، وإن كان يحتل منصباً المنصب الرفيع هو قدوته، وهكذا، فحينما يكون النبي  قدوة لك فأنت بطل، حينما يكون النبي بتواضعه و فقره وتقشفه وحياته البسيطة قدوة لك فأنت بطل، حينما يكون أهل الدنيا قدوة لك فأنت من عامة الناس، أنت رقم من الأرقام لا تقدم ولا تؤخر.

 

بطولة الإنسان في ثباته على الحق :

 آخر الآية:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

[ سورة الأحزاب: 23]

 البطولة الثبات، أن تكون مع الله في المنشط والمكره، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض، قبل الزواج وبعد الزواج، في الضعف والقوة أنت مع الله، وهذا هو العدل الإلهي، وقد دخل مع النبي الكريم  في بعض المعارك أعرابي فربحوا المعركة، وأعطوه بعض الغنائم، قال: ما هذا؟ قالوا: غنيمة، قال: والله أنا ما على هذا أسلمت، أنا أسلمت على الذبح، ففي جولة قادمة استشهد فبكى النبي عليه الصلاة والسلام، قال: هوَ هُوَ؟ قال: هو هوَ، الآن الإنسان يأتي إلى المسجد بعضهم ليأخذ لا ليعطي، لينتفع، أما هذا الأعرابي فأسلم على الذبح.

 

الفرق بين أخلاق الجهاد و أخلاق الدعوة :

 أيها الأخوة؛ في قوله تعالى:

﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

[ سورة سبأ: 24]

 يعلم الله جلّ جلاله نبيه الكريم كيف يحاور الطرف الآخر؟

﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

[ سورة سبأ: 24]

 أي الحق كرة، إما معنا أو معكم، مساواة تامة بين جهة معها وحي السماء، وجهة مشركة معها شهوات الأرض، ومع ذلك فهذه أخلاق الدعوة:

﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة سبأ: 25]

 هل بعد هذا التواضع من تواضع؟ هذه أخلاق الدعوة:

﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾

[ سورة فصلت: 34]

 إنما أخلاق الحرب، أخلاق الجهاد:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾

[ سورة التوبة: 73]

الحوار مع المنتفع لا فائدة منه إطلاقاً :

 أيها الأخوة؛ مما يلفت النظر أنه ليس في القرآن الكريم كله آية واحدة تخاطب الكافر إلا آية في الآخرة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ﴾

[ سورة التحريم: 7]

 لكن بينما يخاطب المؤمنين في مئة وخمس وثمانين آية، يستنبط من هذا أن الذي عطل عقله، واتبع شهوته هو أحقر من أن يخاطب، وأنت حينما تخاطبه تجعل له قدراً وقيمة، لذلك الحوار مع المنتفع لا فائدة منه إطلاقاً، ثلاثة لا يحاورون، ولا يناقشون ؛ المنتفع، والقوي، والغبي، وقد يجتمعون في واحد، الله علمنا ألا نخاطبهم، لم يخاطبهم بآية في الدنيا إطلاقاً، بينما قال: يا أيها الذين آمنوا في أكثر من مئتين وخمس وثمانين آية.
 أيها الأخوة؛ بل يوم القيامة لا يسمح لهم أن ينطقوا:

﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة يس: 65]

 وترون أنتم كيف أن الجرائم يفلسفونها، وكيف أن القتل والدمار يجعلونه منهجاً لهم، ومغطى بكلام فارغ لا معنى له، هم يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل، ويستخدمون أسلحة دمار شامل في أثناء البحث، تناقض ما بعده تناقض، لذلك هم أحقر من أن يخاطبوا، و أحقر من أن يحاوروا، والله علمنا كيف نصمت، وكيف نعمل، نحن نحتاج إلى عمل لا إلى كلام، وأخلاق الدعوة شيء، وأخلاق الجهاد شيء آخر، ينبغي أن تكون هذه الحقيقة واضحة عند كل الدعاة إلى الله، لابد من التواضع، لابد من اعتماد مقاييس موضوعية في الحوار، لابد من أن يشعر الطرف الآخر أنك لست معنياً بتحطيمه وتسفيه رأيه، ولكنك معني بالأخذ بيده إلى الله عز وجل، والدعاة إلى الله ليسوا قضاة، ولكن هم دعاة فقط.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، و صلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور