وضع داكن
18-04-2024
Logo
ندوة قناة المغرب : نعم الله للعبد دليل محبته له .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقول أحد العارفين في مناجاته: اللهم اجعل سيئاتنا سيئات من أحببت، ولا تجعل حسناتنا حسنات من أبغضت، فالإحسان لا ينفع مع البغض منك، والإساءة لا تضر مع الحب منك، وقد أبهمت الأمر علينا لنرجو ونخاف، فآمن اللهم خوفنا، ولا تخيب رجاءنا، وأعطنا سؤلنا، فقد أعطيتنا الإيمان من قبل أن نسألك.... إلى آخر مناجاته، حديثنا اليوم عن الحب مع ضيف عزيز كريم محبوب في العالمين العربي والإسلامي، وهو فضيلة الأستاذ الدكتور الداعية محمد راتب النابلسي، أستاذي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب:
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 شكر الله لكم أستاذي الفاضل قبولكم لدعوة البرنامج، أود صراحة استغلال فرصة وجودكم في المغرب لتحدثنا عن موضوع جميل جداً هو موضوع الحب، ولا أقصد حب مجنون ليلى ولا حب المجانين، أود حقيقة أن أتكلم عن حب الله، هذا الحب الذي يربط بين العبد وربه.

الإنسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 من بعض تعريفات الإنسان أنه عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، والإنسان إذا غذى عقله بالعلم، وقلبه بالحب، وجسمه بالطعام والشراب تفوق، فإذا اكتفى بواحدة تطرف، وفرق كبير بيت التفوق وبين التطرف، فالبطولة أن نغذي عقولنا بالعلم، وقلوبنا بالحب، وأجسامنا بالطعام والشراب، بمال من كسب أيدينا، لأن اليد العليا خير من اليد السفلى.

الآيات الكونية و التكوينية و القرآنية هي القنوات الوحيدة لمعرفة الله :

 الحقيقة الحب يحتاج إلى تفكر في خلق السماوات والأرض، والدليل: أحبوا الله لما يغدوكم به من نعم، وأحبوني بحب الله، وأحبوا آل بيتي بحبي، فالإنسان مثلاً يمشي في الطريق أعطاه الله عينين، لماذا العينان؟ لأنك بالعين الواحدة يرى طولاً وعرضاً فقط أما بالعينين فترى أبعاداً ثلاثة، البعد الثالث يحتاج لعينين، أعطاه أذنين، لماذا؟ قد يصدر بوق مركبة من ورائك فتأتي نحو اليمين لأنك علمت أن البوق نحو اليسار، ما الذي أعلمك بهذا؟ الوصول الصوتي الأول للأذن واحد على ألف و ستمئة و عشرين ألف جزء من الثانية، من تفاضل وصول الصوتين للأذنين تعرف جهة الصوت، قال تعالى:

﴿أَلَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ﴾

[سورة البلد: ٨]

﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في أَحسَنِ تَقويمٍ﴾

[سورة التين: ٤]

 مليون وثلاثمئة ألف شعرة في رأس الإنسان، لكل شعرة وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة صبغية ودهنية، شبكية العين عشر طبقات، الدماغ مئة و أربعون مليار خلية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، يوجد بالإنسان آيات دالة على عظمة الله لا تنتهي، العين آية، والأذن آية، واللسان آية، والرئتان آية، والقلب كم يضخ من الدم بعمر ستين سنة؟ ما يملأ أكبر ناطحة سحاب في العالم، قلب يضخ الدم لستين عاماً يملأ أكبر ناطحة سحاب في العالم، هذا القلب لا يكل ولا يمل، فالقلب آية، والشعر آية، والأسنان آية، والعيون آية، والحنجرة آية، والآن يوجد غدد دقيقة في الإنسان الآن كشفت مثل التايموس، الغشاء العاقل آية أثناء الحمل، أي نحن مغمورون بالآيات الكونية، لذلك:

﴿ فَبِأَيِّ حَديثٍ بَعدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤمِنونَ﴾

[سورة الجاثية: ٦]

 معنى ذلك الآيات هي القنوات الوحيدة السالكة لمعرفة الله، إن عرفته عرفت كل شيء، وإن فاتتك هذه المعرفة فاتك كل شيء، آيات كونية الموقف منها التفكر، آيات قرآنية الموقف منها التدبر، وآيات تكوينية الموقف منها النظر، أي:

﴿إِنَّ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الأَلبابِ*الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِهِم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ ﴾

[سورة آل عمران: ١٩٠-١٩١]

 فعل مضارع يفيد الاستمرار،

﴿ رَبَّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ﴾

 الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي ممكن أن يدخل في جوف الشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض وبينهما مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر، وإذا قال الله عز وجل:

﴿وَالسَّماءِ ذاتِ البُروجِ﴾

[سورة البروج: ١]

 أحد أبراج السماء برج العقرب، كنت في أمريكا دخلت إلى قبة سماوية، رأيت بين النجوم خطوطاً كأنها عقرب، يوجد نجم أحمر متألق اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، هذا الإله يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا  الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
ولو لاح من أنوارنـا لـك لائــــحٌ  تركــــت جميع الكائنات لأجلنــــــــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعـــى  سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنـــــــــــا
فأيسر مافي الحب للصب قتـلـه  وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنــا
***

 فالله عز وجل هو كل شيء في حياة المؤمن، يعبده، يتقرب إليه، يحبه، يطيعه، ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.
المذيع:
 أستاذي الفاضل هل حب الله تبارك وتعالى لعبده علامات يعرف هذا العبد بأن الله تعالى يحبه؟

 

خلق الإنسان دليل محبة الله عز وجل له :

الدكتور راتب:
 نعم:

﴿أَلَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ*وَلِسانًا وَشَفَتَينِ*وَهَدَيناهُ النَّجدَينِ﴾

[سورة البلد: ٨-١٠]

 في خلق الإنسان دليل لمحبة الله عز وجل للإنسان، الإنسان يكتشف الأشياء، وعينه الصغيرة تعطيه أبعاداً ثلاثة، وأذنه تعطيه جهة الصوت، أي خلقه وأبدع في خلقه، أعطاه العقل واللسان والعينين والأذنين، القلب المضخة التي تعمل قبل الولادة، ويقف عملها عند الموت، تضخ ما يملأ أكبر ناطحة سحاب في العالم، والله يوجد اختصاص القلب في أمريكا يمكن فيه مئات الفروع، القلب شيء لا يصدق، أي بدأ بثمانين نبضة ويصل للمئة و الثمانين، شخص يمشي في الطريق ببستان، شاهد أفعى، تنطبع هذه الصورة على شبكية العين إحساساً لا إدراكاً، الصورة في الشبكية لا تقرأ، تنتقل إلى مركز الرؤية في الدماغ، فالصورة في الدماغ ترسل للغدة النخامية، النخامية ترسل أمراً إلى الكظر- هذه غدة فوق الكلية - يعطي أمراً برفع النبض للمئة و الثمانين، فالخائف نبضه عال جداً، لأنه يحتاج لدم، أمر ثان للرئتين ليزداد الوجيب، أمر ثالث للأوعية تضيق لمعة الوعاء، يصفر لونه، أمر رابع للكبد يطلق سكراً إضافياً، أمر خامس للكبد يطلق هرمون التجلط، فإذا تلقى ضربة سكين لا ينزف دمه كله، الدم المحيط بالفتحة يتجمد هذا كله يتم في ثانية،

﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في أَحسَنِ تَقويمٍ﴾

 والله لو أمضينا سنوات في الحديث عن خلق الإنسان فقط لن ننتهي، هذا العظم ينمو إلى متى؟ لو لم يكن هناك قاعدة الإنسان أصبح طوله مليون كيلو متر، يقول الدكاترة: إن هناك خطاً وهمياً بالفراغ فإذا بلغه العظم يقف، قل القابض والباسط، هنا يتوقف النمو، بعد خمسين عاماً يكسر عظم في الإنسان تستيقظ الخلايا العظمية التي تنام ولا تموت، تستيقظ وتجبر العظم، بالعظام يوجد آيات، في المعدة آيات، بالأمعاء آيات، في الكليتين مئة كيلو متر يمشي الدم كل يوم في الكليتين، فقط خلق الإنسان وحده معجزة، والله لو أمضينا كل حياتنا في خلق الإنسان ما انتهينا منه، هذا أحد مخلوقات الله عز وجل.
المذيع:
 دكتورنا الكريم، هذا التودد من الله سبحانه وتعالى لعباده؟

إحاطة الإنسان بآيات تؤكد وجود الله وكماله وعظمته ووحدانيته :

الدكتور راتب:
 الحقيقة:

﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمنُ وُدًّا﴾

[سورة مريم: ٩٦]

 الود بخلقه، الود خلق له عينين، خلق له شريكاً بالحياة، هذا ود كبير، فكل شيء أنت تعيش به ود من إله عظيم، وهو الغفور الودود، وكأن الله ينتظرك أن تكون ودوداً له، المودة من الإنسان لله هي الحب، وهي الاستقامة وخدمة خلق الله.
 بعوضة لا يوجد مخلوق أحقر منها عند الناس:

﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَستَحيي أَن يَضرِبَ مَثَلًا ما بَعوضَةً ﴾

[سورة البقرة: ٢٦]

 لهونها عند الله هذه البعوضة بعد اكتشاف المجهر الالكتروني تبين أن في رأسها مئة عين، أنا عرضت صورها في التلفزيون السوري، في رأس البعوضة مئة عين، طبعاً كان هناك مكبر ثماني مرات فقط، الآن يوجد مكبر يكبر خمسين ألف مرة، في رأسها مئة عين، في فمها أربعون سناً، في صدرها ثلاثة قلوب، وقلب لكل جناح، وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسامان، والبعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات، هذا الجهاز اسمه جهاز استقبال حراري، ترى الأشياء لا بأشكالها ولا بأحجامها بل بحرارتها فقط، فطفل نائم في الشتاء في غرفة، الحرارة خمس دئجات، أما حرارته فسبع و ثلاثون لا ترى إلا الطفل، تغرس خرطومها يوجد بخرطومها ست سكاكين، أربع سكاكين على شكل مربع، وسكينان يشكلان أنبوباً وتأخذ دمه، مع البعوضة جهاز تحليل، لا يناسبها كل دم، فقد ينام أخوان على سرير واحد، الأول يستيقظ وقد ملئ بلسع البعوض، والثاني لم يلسع، معها جهاز تحليل للدم، وجهاز تمييع، وجهاز توسيع، شيء لا يصدق، وبأرجلها يوجد مخالب للمكان الخشن، ومحاجم للمكان الأملس، هذه بعوضة، والله قال،

﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَستَحيي أَن يَضرِبَ مَثَلًا ما بَعوضَةً فَما فَوقَها ﴾

 اكتشف كائن يعيش فوق البعوضة، نحن محاطون بآيات لا تنتهي تؤكد وجود الله وكماله وعظمته ووحدانيته.
المذيع:
 دعني أنتقل إلى واقعنا المعيشي؛ بعض الناس يعيشون ظروفاً صعبة، ابتلاءات شديدة من كل جانب، منهم من يقول: لعل هذا علامة غضب من الله تبارك وتعالى، هنالك نصوص تقول: إن الله تعالى إذا أحبّ عبداً ابتلاه كيف نفهم هذه العلاقة ؟

 

خضوع كل مسلم للتربية و المعالجة لبلوغ الجنة :

الدكتور راتب:
 ذهب إلى طبيب مريضان؛ الأول معه ورم خبيث منتشر في كل أنحاء جسمه، الأمل صفر، سأل هذا الطبيب: ماذا آكل؟ قال له: كُلْ ما شئت، المريض الثاني معه التهاب معدة حاد، أخضعه لحمية قاسية جداً، أيهما أفضل أن يقال للإنسان كُل ما شئت أم يخضع لحمسة قاسية جداً؟ الحمية طبعاً:

﴿فَلَمّا نَسوا ما ذُكِّروا بِهِ فَتَحنا عَلَيهِم أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ حَتّى إِذا فَرِحوا بِما أوتوا أَخَذناهُم بَغتَةً فَإِذا هُم مُبلِسونَ﴾

[سورة الأنعام: ٤٤]

 أما المؤمن:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة : 21]

 المؤمن خاضع للتربية، خاضع للمعالجة، خاضع لجنة عرضها السماوات والأرض، الله يهيئه لبلوغ الجنة، أما غير المؤمن،

﴿فَلَمّا نَسوا ما ذُكِّروا بِهِ فَتَحنا عَلَيهِم ﴾

 ما قال: باب، قال: أبواب، لم يقل: شيء، قال: كل شيء،

﴿ أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ حَتّى إِذا فَرِحوا بِما أوتوا أَخَذناهُم بَغتَةً فَإِذا هُم مُبلِسونَ﴾

 فأنا أقول للعالم الإسلامي على ما فيه من قضايا صعبة جداً أنا أقول مطموع بهدايته عند الله، والله يعالجه ليكون من أصحاب الجنة.
المذيع:
 سؤال في نفس المجال كيف أفرق، نسمع بأن الابتلاء أنواع؟

 

أنواع الابتلاء :

الدكتور راتب:
 هذا موضوع دقيق جداً، ابتلاء يصيب الأنبياء، يصيب سيد الأنبياء، هذا الابتلاء ابتلاء كشف، أي هناك كمال كبير جداً في نفس النبي لا يبدو في الحالة العادية، أي يمشي للطائف ثمانين كيلو متراً يدعوهم لله ورسوله، يكذبونه، يسخرون منه، يغرون صبيانهم بضربه، والدم يسيل من قدمه الشريف، يأتيه ملك الجبال:

(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))

[ متفق عليه عن عائشة]

 هذه النبوة، بإمكانه أن ينتقم منهم، بإمكانه أن يلغي حياتهم:

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ﴾

[سورة القلم: ٤]

 فالأنبياء مصائبهم مصائب كشف فقط، سيارة تقول لي: ثمانية أحصنة، عشرون حصاناً، مئة و عشرون حصاناً، المركبة الأخيرة أعلى قوة، لا تبدو لك في الطريق الهابط، ولا في المستوي، بل في الطريق المائل، ومحملة بكامل إمكانياتها، وتمشي على المئة و العشرين، فالأنبياء مصائبهم مصائب كشف، عنده كمال كبير لا يبدو إلا بمصيبة:" قال" أعندكم شيء؟ قالوا: لا، قال: فإني صائم" فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمداً أم أهانه حينما زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانه فقد كذب، وإن قال: أكرمه فقد أهان غيره حين أعطاه الدنيا.
المذيع:
 إذا ابتلاء الأنبياء ابتلاء كشف.
الدكتور راتب:
 المؤمن ابتلاء دفع ورفع، سرعة بطيئة يلوح له شبح مصيبة، يصلي قيام الليل، يقرأ القرآن يومياً، يقوم بعمل صالح، شبح مصيبة يدفعه لمزيد من الطاعة، ولإحكام صلاته، فالمؤمنون مصائبهم دفع ورفع، أي يدفعهم إلى سرعة أعلى، وقد يرفع درجاتهم عنده، فالمؤمن له مصائب، أما مصائبه فمن نوع آخر، تزيد إقباله على الله، تزيد عمله الصالح، تزيد حبه له.
 أما الطرف الآخر فمصائبه مصائب ردع وقصم، تأتي مصيبة ردع، أصبح عندنا خمسة أنواع؛ كشف، دفع، رفع، ردع، قصم.
المذيع:
 أستاذنا الكريم كيف يميز المؤمن بين هذه الابتلاءات؟

 

كيفية تمييز المؤمن بين الابتلاءات :

الدكتور راتب:
 لا أصدق من أقام في عرفات ولم يغلب على ظنه أن الله قد غفر له فلا حج له، فالله عز وجل يلقي في روع المؤمن أنه يحبه، وأن هذه المصيبة لصالحه. لذلك:

﴿يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ وَلا بَنونَ*إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾

[سورة الشعراء: ٨٨-٨٩]

 هو أي قلب سلم من شهوة لا ترضي الله، وسلم من خبر يتناقض مع وحي الله، وسلم من عبادة لغير الله، أي أكبر عطاء إلهي للمؤمن أن يلقى الله بقلب سليم.

 

خاتمة و توديع :

المذيع:
 أستاذي الكريم الحديث معكم ممتع وشيق، ومر الوقت معكم بسرعة شكراً جزيلاً على هذه الكلمات الطيبة، نسأل الله تعالى أن يبارك فيكم وعليكم.
الدكتور راتب:
 بارك الله بكم.
المذيع:
 مشاهدينا الكرام أختم حديثنا بأبيات قالها محب صادق يقول فيها:

فليتك تحلو والحياة مــــريـــــــــرة  وليتك ترضى والأنام غضــابُ
وليت الذي بيني وبينك عامــــر  وبيني وبين العالمين خــــــرابُ
إذا صح منك الودُّ فالكل هيــنٌ  وكل الذي على التراب تــــرابُ
***

 دامت لكم محبة الله ومحبة الرسول، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور