وضع داكن
24-04-2024
Logo
تركيا - ديناً قيماً 2 - الحلقة : 24 - محاسبة النفس.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور راتب :
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة المشاهدون؛ لازلنا في برنامج: " ديناً قيماً "، ومع صحبة أستاذنا ومربينا وعالمنا الجليل العالم الكبير الدكتور عمر عبد الكافي، جزاه الله خيراً، ونرجو الله عز وجل أن ننتفع جميعاً بما يقوله لنا في هذه اللقاءات، والموضوع اليوم محاسبة النفس.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 حمداً لله وصلاة وسلاماً على رسوله صلى الله عليه وسلم وبعد؛
 بارك الله بك، مولانا أنت وأنت تقدم تعلمنا، وهذا تواضع كبير منك، جزاك الله عنا كل خير، لأن التواضع قبل أن ندخل في محاسبة النفس هو النعمة الوحيدة التي لا تحسد، لأن لا أحد يحب أن يكون متواضعاً، بارك الله بك، وما يتواضع إلا عالم..
الدكتور راتب :
 هذا بعض ما عندكم.

محاسبة النفس :

الدكتور عمر عبد الكافي:
 بارك الله بك، وشكر الله لك.
أولاً: التشريع الإسلامي إما مخبراً أو منشئاً أو مصححاً، الإنسان موجود في الحياة، العاقل من اتبع طريق الهدى، ومشى بطريق السلامة، سلم وسعد وسلم الناس منه، والآخر سبحان الله ناكد نفسه، كره الناس فكره نفسه، كره العالم فكرهه العالم، أبغض الحق فالحق أبغضه، فسبحان الله، هذا الإنسان ليس عنده وقت ليحاسب نفسه، من كرم الله سبحانه وتعالى أنه لم يجعل لقاء نبيه في الصلاة كل يوم جمعة، أو مثل بعض المذاهب الأخرى يوم كذا في المعبد، أو بالمكان الذي يعبد فيه الرب، نأتي إلى الصباح جعل فرض الصبح ركعتين، ويسبقهما ركعتي سنة الفجر، عجيب، الإنسان يكون نشيطاً عشر ركعات، لا، أنت كنت نائماً لا ذنوب لك، والموتور لا يريد أن يتعب، ما صنعت ذنوباً فتكفيك هاتان الركعتان، بحيث يعطيك الشحنة إلى الظهر، نأتي إلى معمعة العمل، نسمع غيبة ونسمع نميمة و إلى آخره، يأتي الظهر بعشر ركعات، أربع قبلية وأربع الظهر واثنتان بعدية، حتى كثرت مادة الغسيل لكثرة أدران الثوب، وهكذا وهكذا نأتي إلى صلاة المغرب، نوقظ أنفسنا، ونرفع الصوت، ونجعل ركعتين منهما جهريتين، من أجل أن يستيقظ لاستقبال الليل، وإدبار النهار وهكذا، المهم من كرم الله على المسلم أنه يجعله بعد الصلاة يجلس دقيقتين أو ثلاث دقائق ويتفكر أنا ماذا عملت منذ الصباح؟ لأن الإنسان سلط عليه آفتان؛ عدم العزيمة والنسيان، وهذه كانت في أبيه من قبل فنسي ولم نجد له عزماً، ويبدو ورثنا هذا الجيل، سبحان الله، يقوي عزيمتنا، ويمحو نسياننا، هذه التذكرة التي نجلس بين يدي الله عز وجل بعد أن تنتهي الصلاة أنا ماذا عملت؟ فنمحو أول بأول، مثل ربة المنزل إذا رفعت الطبق من على المائدة وأدخلتها تحت حوض الغسيل تزول الآثار بسهولة، أما إذا تركت هذا الطعام لمدة أسبوع أو عشرة أيام فيجف الطبق ويحتاج إلى مواد كيماوية، وإلى مجهود في الغسيل، هكذا القلب، إذا صنع العبد ذنباً نكت فيه نكتة سوداء، فإن أسرع واستغفر منها، العجلة غير مستحبة إلا في هذه الأمور؛ التوبة من الذنب، وسداد الدين، ودفن الميت، وتزويج البكر، سبحان الله! وأداء الصلاة، إذاً الذي يسرع إلى مرضاتي إسراع النسر إلى فريسته، والذي يغضب حينما تنتهك محارمي كما يغضب النمر إذا حرب كما في الحديث القدسي عن سيدنا موسى، إذاً محاسبة النفس تبدأ بعد كل صلاة، ويوم الجمعة يعمل حساباً ختامياً، ثم من السنة إلى السنة يعمل في رمضان حساباً وهكذا، هذا الإنسان كفي مؤونته، وربما يوم القيامة يخرج من القبر إلى الجنة إن شاء الله، لأنه حاسب نفسه قبل أن يحاسب، ووزن أعماله قبل أن توزن..

 

المحاسبة سلوك الأذكياء والعقلاء :

الدكتور راتب :
 من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ومن كان حسابه في الدنيا يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيراً، الإنسان حينما يؤمن قطعاً أن هناك إلهاً عظيماً سيحاسبه، يعد للمئة قبل أن يخطئ، فإذا غفل عن مصيره، وعن القبر وما فيه من متاعب، وعن مغادرة الدنيا، وعن مغادرة هذا البيت الرائع.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 نسوا الله..
الدكتور راتب :
فنسيهم، وبعضهم قال: نسيان الله أنساهم أعمالهم، المحاسبة سيدي سلوك الأذكياء والعقلاء، لا بد من أن تحاسب، أنا أحاسب نفسي قبل أن أُحاسب..
الدكتور عمر عبد الكافي:
 يقول سعد لعمر: اجلسوا و استمعوا، قال: كيف نجلس وكيف نستمع؟ أنت رجل طويل وموضوع الثوب، فقال: أجب عمك يا عبد الله، ولما أجابه أنه أعار أباه الثوب الذي أخذه وأكمل ثوبه لأنه طويل، قال: الآن نجلس ونستمع، قال: لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها، لكن عندما جاء عبد الملك بن مروان، كانت الرعية غير الرعية، قال: و أيم الله كنتم تقولون لأبي بكر وعمر اتقوا الله، من قال اتق الله لفصلت رقبته عن جسده، لأنني أعلم ما قالها إلا مداهنة ورياء، عملها منظراً، والحاكم ظالم، أنت من؟
الدكتور راتب :
 سيدي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 عاش على أمان كذابة، تقول الراقصة قبل أن تصعد إلى المنصة: قرأت الفاتحة.
الدكتور راتب :
 وربنا وفقني في الرقصة..
الدكتور عمر عبد الكافي:
 سبحان الله! والله يا شيخ الإنسان عندما يسمع مثل هذا الكلام يريد أن يقف على رأسه كي يفهم، لا حول ولا قوة إلا بالله.
الدكتور راتب :
 عش رجباً ترى عجباً..
الدكتور عمر عبد الكافي:
 والله نحن عشنا كذا رجباً، ورأينا كذا عجباً، نسأل الله السلامة، محاسبة النفس ألا تقتضي وتقترن بتوبة صادقة؟

ضرورة طلب العلم :

الدكتور راتب :
 سيدي لي ملاحظة اسمح لي، أنا متى أحاسب نفسي؟ إذا اطلعت على القانون، على المنهج، على الأمر، على النهي، إذا الشخص لم يطلع على المنهج، وعلى الأمر، وعلى فعل الله عز وجل يرتكب الأخطاء، ويقول: ما فعلت شيئاً، لذلك لا بد من طلب العلم، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم..
الدكتور عمر عبد الكافي:
 وزهد الأمة الآن في العلماء كيف نعالجه؟ معذرة نحن نتكلم سواء يسمعون أو لا يسمعون علينا البلاغ..

المحافظة على المراحل التي ترسخ القيم و المبادئ :

الدكتور راتب :
 حينما تعتقد الأمة يقيناً أن هذا الأمر لا يصلحه إلا الدين يجب أن تدعم الدين، أن ترفع الدعاة الصادقين، الربانيين، أن تعطيهم مساحة أكبر من المساحة السابقة، هؤلاء الدعاء هم يبنون القيم والمبادئ..
الدكتور عمر عبد الكافي:
 يا سيدي يتركون لنا المساحات السابقة..
الدكتور راتب :
 سيدي هذا الطفل الآن ولد، عنده مؤسسة أولى هي أمه، الأم حينما نقنعها أن تخرج من البيت، خسرنا أول مؤسسة تربوية في حياة الطفل، الأم، وترك للخدم، وحينما نعطي المعلم أقل راتب في البلد، خسرنا العناصر الفذة المتفوقة للتعليم، وإذا هاجمنا المراجع الدينية خسرنا الدعاة إلى الله والقدوات، فهناك مشكلة كبيرة، المبادئ والقيم ترسخ في ثلاث مراحل، الأم، والمدرسة، والمرجع الديني، فإذا طعنّا بهذه الثلاثة أو أشغلناها بغير ما خلقت له نكون قد ضيعنا جيلاً بأكمله.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 محاسبة النفس هل أجلد ذاتي أم أنني أنبه نفسي، وأُوقظ ضميري، وأُوقِظ قلبي الغافل أن يؤوب.

يا نفس توبي فإن الموت قد حانا  واعصي الهوى فالـهوى ما زال فتانا
في كــــــــــل يوم لنا ميت نشيعــــــــه  نحيــــــــــي بمصــــــــرعه آثــــــار موتانا
***

 الصالحون حاسبوا أنفسهم ومضوا إلى رب العباد عز وجل راضين مرضيين، نحن كيف نضع منهجاً لمحاسبة النفس؟

 

حرص الإنسان على سلامته و سعادته و وجوده :

الدكتور راتب :
والله يا سيدي الدعاة إلى الله يأتون بمهمة إذا غاب النبي صلى الله عليه وسلم، مهمة الأنبياء تكون في تعريف الناس بخالقهم، ومنهج ربهم، والحلال والحرام، نحن إذا دعمنا الدعوة إلى الله، ووسعنا أفقها، ووسعنا مساحتها، وجعلناها تدخل في كل بيت، الإنسان يحب ذاته في النهاية، الإنسان حريص على سلامته وسعادته، لو أخذنا سبعة مليارات إنسان نجد أن ما منهم واحد إلا حريص على سلامته وسعادته واستمراره، سلامته بتطبيق تعليمات الصانع، وهو الخبير وسعادته بالقرب منه، واستمراره بتربية أولاده.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 هذا المنهج؟
الدكتور راتب :
 هذا المنهج.
الدكتور عمر عبد الكافي:
 نختم قبل أن يحاسبنا أولادنا الفنيون على الوقت، لنقول نبدأ لنرى ما الذي نحن قصرنا فيه، الخلل الذي عملناه نسده، ثم ننوي نية صادقة بأن نفتح صفحة جديدة، وأن نجدد النية كل يوم عسى رب العباد إذا قبضنا يقبضنا على هذه النية، هل ينفع هذا الكلام؟

 

مسؤولية عدة جهات عما نحن فيه اليوم :

الدكتور راتب :
 ينفع، لكن يوجد ملاحظة بسيطة، المرأة في بلاد متقدمة جداً يكتب على قيدها: متفرغة لأولادها، هذه مرتبة عالية جداً، فإذا ترك الابن للخدم، والمعلم كان من الطبقة الدنيا من دخله القليل، هذه مشكلة كبيرة، فالأمر فيه عدة جهات، أنا أقول لا يوجد جهة واحدة مسؤولة، الجهات كلها مسؤولة عما نحن فيه.

 

خاتمة و توديع :

الدكتور عمر عبد الكافي:
 نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يحاسبون أنفسهم إن أساؤوا، ويحسنون فيما بقي إن شاء الله، ولا ينسى أخواننا وأخواتنا وأبناؤنا وبناتنا على الشاشة ألا ينسونا من صالح دعائهم، وأن يشركونا في دعائهم، فنحن نحبهم في الله، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخفاء الصور