وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج ويتفكرون 2 - الحلقة : 22 - العقل والذكاء - دور العقل بالتأكد من صحة النقل ثم فهم النص المنقول
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، و على آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي أخواتي أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بالخير واليمن والبركات والطاعات، في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا: "ويتفكرون"، نبحر فيها متفكرين في آيات الله عز وجل الكونية والتكوينية والقرآنية، يصحبنا فيها ونتشرف به فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 شيخنا الفاضل قبل حلقتين أو أكثر فيما أذكر تعرضتم سريعاً لقضية العقل، وأنا أريد أن أقف عندها مطولاً ذلك أن العقل أداة التفكر، ونحن نتحدث عن التفكر، فبالعقل يتفكر الإنسان، وقد ذهب بعضهم إلى إنكار دور العقل، وذهب بعضهم إلى تعظيم شأن العقل إلى درجة غير مقبولة، ما هي علاقة العقل بالتفكر؟ وأين دوره الحقيقي؟

علاقة العقل بالتفكر :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، الصادق الوعد الأمين.
 الحقيقة أن للعقل دورين اثنين خطيرين، أول دور التأكد من صحة النقل عن طريق العقل، ثم لفهم النقل، ولن يكون العقل أبداً حكماً على النقل.
الدكتور بلال:
 ماذا تقصدون بالنقل سيدي؟
الدكتور راتب :
 النقل النصوص الشرعية، القرآن نص، والسنة نص، هذا النص من عند الله، من عند الكامل كمالاً مطلقاً، لا يمكن ولا يعقل ولا يفهم أن يكون هناك خلل، لأن الذات الكاملة كمالها مطلق، فكلامه مطلق، فأنا مهمتي لا أن أمتحن صحة النص أو خطأه، هذا غير وارد، مهمتي أن أفهم النص القرآني، وأن أتأكد من صحة النص النبوي، هذا دور العقل، فهو ليس حكماً على النقل ولكنه في خدمة النقل.
الدكتور بلال:
 لماذا سيدي هل العقل مرتبط مثلاً بالبيئة، مرتبط..

ارتباط العقل بالبيئة و ارتباط النقل بالخالق :

الدكتور راتب :
 لو فرضنا أيقظنا إنساناً من قبره قبل خمسين عاماً، أطلعناه على آي باد صغير، قلنا له: في هذا الآي باد خمسة عشر ألف كتاب، هل يصدق؟ مستحيل، معطيات عصره لا تسمح له أن يصدق، أن هذا الآي باد فيه موسوعات فيها أكثر من خمسة عشر ألف كتاب، إذاً العقل مرتبط بالواقع، مرتبط بمعطيات الواقع، فالتكذيب يأتي طبيعياً جداً، الأصل هو التكذيب من قِبل عقل عاش قبل خمسين عاماً، فلذلك العقل مرتبط بالواقع أما النقل فمرتبط بالخالق، بالمطلق، الكمال مطلق، العلم مطلق، إذا قاض أفتى بألف حكم، وحكم بالعدل بثمانية وتسعين حكماً، أو تسعمئة وتسعة وثمانين فنحكم أنه قاض عادل، هذا إنسان أحكامه كلها نسبية، أما خالق الأكوان فأحكامه قطعية، مطلق مطلق، الله عز وجل كماله مطلق لا يمكن أن نرى في كلامه خلل، ولا في كلام نبيه المعصوم، والله عصمه من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وإقراراه.
الدكتور بلال:
 سيدي أيضاً العقل ليس بالضرورة دائماً أن يلهم صاحبه بالصواب، كم من مدخن يعلم ما في التدخين من أضرار ويدخن؟!

الراحة النفسية أكبر ثمرة من ثمرات الإيمان :

الدكتور راتب :
 هذا موضوع آخر، الإنسان عنده إدراك، وعنده شهوة، فالبطولة أن يغلب الإدراك شهوته، فإذا غلبت شهوته الإدراك هذه المشكلة، أساساً الإنسان بالفطرة يعلم الحق من الباطل، فالذي يغرق في مال حرام، وفي علاقات محرمة، هو خالف فطرته، وعنده كآبة مستمرة، لذلك أكبر ثمرة من ثمار الإيمان الراحة النفسية، لأنه في اصطلاح مع الفطرة، في تناغم بين حركته وفطرته، لا يوجد عنده خلل، لا يوجد عنده انهدام داخلي، لا يوجد عنده تناقض، لا يوجد عنده قلق متنام.
 أنا أقول كلمة دقيقة: الإنسان يتنامى قلقه من الدنيا، وخوفه من الموت مع تقدمه بالعمر إلا المؤمن، المؤمن تحرك وفق منهج الله، حركته صحيحة، دخله صحيح، إنفاقه صحيح، علاقاته العاطفية منضبطة، عمله طيب، إحسانه كبير، لا ينتظر إلا الرحمة من الله.

(( تحفة المؤمن الموت ))

[الطبراني وأبو نعيم والحاكم والبيهقي عن ابن عمر]

(( الموت عرس المؤمن ))

[ابن المبارك في والبيهقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو ]

 تماماً كإنسان اجتهد اجتهاداً عالياً جداً وجاء الامتحان، الامتحان مناسبة كي ينجح، كي يعبر عن دراسته العميقة جداً، فالقلق يأتي من ضعف الاستقامة.
الدكتور بلال:
ما علاقة العقل بالذكاء؟

 

علاقة العقل بالذكاء :

الدكتور راتب :
 ما كل ذكي بعاقل، الإنسان قد يصل إلى أعلى درجة بالاختراع النووي، شيء مذهل، يوجد عقول نحن درسنا في علم النفس أن العقل المتوسط درجته مئة علامة، أما العباقرة فمئة وأربعون، فلو أن إنساناً متفوقاً جداً بعقله، تسعون بالمئة من البشر مستوى عقلهم مئة، وقلة قليلة دون المئة، وقلة قليلة بعد المئة، هؤلاء عباقرة، العبقري عنده تفوق كبير، لكن هذا التفوق محدود بالواقع، أما الوحي فمن عند الله، الوحي صعب نقيسه بالواقع.
الدكتور بلال:
 سيدي هؤلاء الأذكياء في العالم الذين أوصلهم ذكاؤهم وعقولهم إلى اختراعات لم تخطر على بال، ثم لم يعرفوا الله كيف سيقفون بين يدي الله؟

موقف من لم يعرف الله يوم القيامة :

الدكتور راتب :
 والله أنا لي تفسير أرى أنه مقنع، لو جئنا بأحدث آلة تصوير، يوجد آلات احترافية ثمنها بالملايين، واستخدمناها بالتقاط منظر رائع جداً، أو ندوة رائعة جداً، لكن لا يوجد بها فيلم، فكل هذا الكلام الطيب لا يثمر، الإنسان إذا أراد الحق عنده فيلم لهذه الآلة المعقدة، إذا لم يرد الحق يسمع وينتبه لشيء ثان، هل يوجد إنسان يحمل دكتوراه في الطب لا يعرف خصائص الإنسان المذهلة؟ قال تعالى:

﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾

[ سورة الطور: 35 ]

 إذا كان بالشبكية مئة وثلاثون مليون مستقبل ضوئي، وبأكبر آلة تصوير رقمية احترافية ثمنها ملايين، يوجد بالميليمتر عشرة آلاف مستقبل ضوئي، بالشبكية ميلي وثلث فيها مئة وثلاثون مليون مستقبل ضوئي، ما هذا الشيء الدقيق؟ العين وحدها آية، القزحية آية، القرنية آية، العدسة آية، الماء ماء العين، هذا الماء ماء يتجمد بدرجة صفر، الإنسان الذي يعيش في شمال الأرض بموسكو، في فنلندا، بكندا، درجة الحرارة عشرون تحت الصفر، مرة كنا في السويد كانت الحرارة ستين تحت الصفر، يجب أن يتجمد ماء العين، إذاً كل من يسكن في هذه المناطق يفقدون بصرهم، من أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد؟ إنه الله، الإدراك الدقيق، الحقيقة يوجد تعظيم عام، الله عز وجل عظيم، خالق الأكوان، لكن يوجد تعظيم مبني على دقائق مؤثرة جداً، أنا أرى أن القضايا العلمية العامة لا تؤثر، لكن هناك دقائق قال تعالى:

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8 ]

 العدسة معروفة، العدسة ليست بلورية هي جسم بلوري، لكن من مادة عضوية، ومرنة، حينما يبتعد الإنسان عن الإنسان يوجد عضلات هدبية تضغط على العدسة ليزداد احتدابها، ليرى الإنسان بشكل دقيق جداً، يد من؟ أنا أرى أن المطابقة في العين أعقد آلة في الإنسان، والإنسان ضمن ستين متراً يوجد مطابقة وهو لا يعلم عنها شيئاً، كرة القدم تنتقل من مكان إلى مكان وأنت تراها بدقة بالغة بالغة بالغة بكل حركاتها، معنى هذا أنها كلما قطعت ميلمتراً العدسة تتبدل، حتى يبقى الخيال الدقيق على الشبكية، يد من؟ أقسم بالله يوجد بالإنسان خصائص و أشياء دالة على عظمة الله العقل لا يستوعبها، قال تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾

[ سورة عبس:24 ]

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾

[ سورة الطارق: 5-6 ]

 أي حوين يلقح بويضة، يصبح طفلاً، بدماغه مئة وأربعون مليار خلية استنادية سمراء، في عينه مليون وثلاثمئة ألف عصية ومخروط، شيء مثل الخيال، أنا أعجب ممن لا يؤمن وأمامه آيات محيطة به من كل جانب، قال تعالى:

﴿ وَفِي الأَرضِ آياتٌ لِلموقِنينَ ﴾

[سورة الذاريات: ٢٠]

الدكتور بلال:
 وكأن سيدي هذا الإنسان الذي استخدم ذكاءه وأوصله إلى اختراعات عظيمة لو استخدم جزءاً من هذا العقل في النظر في آيات الله والوصول إلى الله فكيف موقفه؟

 

موت الإيمان :

الدكتور راتب :
 أنا أستثني من هؤلاء العلماء العالم الذي نظر إلى النظرية النسبية أنشتاين، له كلمة، قال: كل إنسان لا يرى في هذا الكون قوةً هي أقوى ما تكون، عليمةً هي أعلم ما تكون، رحيمةً هي أرحم ما تكون، هو إنسانٌ حي ولكنه ميت. هذا موت الإيمان، قال تعالى:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[سورة النحل: 21]

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، الشكر موصول لكم أخوتي الأكارم لطيب متابعتكم، وحسن استماعكم، نلقاكم دائماً على خير، نودعكم يحدونا أمل اللقاء بكم دائماً وأنتم بأحسن حال، إلى الملتقى نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور