وضع داكن
24-04-2024
Logo
برنامج ويتفكرون 2 - الحلقة : 09 - العبادات الشعائرية والعبادات التعاملية - القساوة والمتانة - العظم يحفظ الأعضاء النبيلة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي أخواتي؛ أينما كنتم بتحية الإسلام أحييكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن معاً في حلقة جديدة من برنامجنا: "ويتفكرون"، نتفكر معكم بآيات الله عز وجل الكونية في الخلق، وفي الأنفس، وفي الآفاق، نستضيف في هذه الحلقات المباركة فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل يقول تعالى في كتابه الكريم:

﴿ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ﴾

[ سورة البقرة:259]

 كأنها دعوة من الله عز وجل إلى النظر في هذه النعمة من نعم الله الكبرى وهي نعمة العظام، كيف نوجه هذا؟

 

العبادات الشعائرية و العبادات التعاملية :

الدكتور راتب :
 قبل أن أجيب عن هذا السؤال لا بد من ملمح دقيق، هذا الملمح هو أن الله عز وجل أمرنا بالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والنطق بالشهادة، هذه عبادات شعائرية، أما العبادات التعاملية فعندما سأل النجاشي سيدنا جعفر رضي الله عن الإسلام، قال:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية... أمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء..))

[ ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 أنا فهمي - وأرجو أن أكون على صواب - أن العبادات الشعائرية لا وزن لها، ولا قيمة لها، ولا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية، فلذلك كلمة فانظر، العلماء قالوا: كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب. يوجد آلاف الأوامر هذا منهج تفصيلي لحياتنا، هناك أمر ونهي، فالمؤمن فضلاً عن العبادات الشعائرية هذه لا بد منها يوجد عندك أمر إلهي، قال تعالى:

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾

[ سورة الطارق: 5-6 ]

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾

[ سورة عبس: 24 ]

 آيات كثيرة جاءت في هذه الصيغة..
الدكتور بلال:

﴿ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الروم: 50 ]

العظام من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب :
 كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، لما قال تعالى:

﴿ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ﴾

[ سورة البقرة:259]

 الحقيقة أن العظام جسم متانته عالية جداً، عظم عنق الفخذ يتحمل ضغط يقدر بمئتين وخمسين كيلو، والثاني يتحمل مئتين وخمسين، ممكن أن يتحمل الإنسان ضغطاً يقدر بخمسمئة كيلو، وهو من ماء مهين.
الدكتور بلال:
 قال تعالى:

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ﴾

[ سورة الإنسان: 28 ]

الدكتور راتب :
 من ماء مهين، إذاً العظام من آيات الله الدالة على عظمته، العظم ينمو ما دام هناك غذاء العظم ينمو آلياً، ما الذي يوقفه عند مكان معين؟ مرة سمعت من دكتور في الجامعة كلمة غير معقولة قال: كأن هناك خطاً وهمياً في الفراغ فإذا بلغته العظمة تقف، لا، التفسير هو القابض والباسط، يبسط نمواً ويقبض، وقف النمو، وإلا كان هناك عملقة في الحياة، الحقيقة أن الكون قرآن صامت، و القرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي. الحقيقة تراها في الكون في خلقه، وتراها في أفعاله، وتراها في كلامه.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل هذه العظام يقولون أحياناً تكون لحماية بعض الأعضاء النبيلة أيضاً؟

 

حفظ الأعضاء النبيلة من قِبل العظام :

الدكتور راتب :
 أخطر شيء بالدماغ أن يصاب بخدش، والخدش قد يكون عاهة دائمة، فالدماغ محفوظ بالجمجمة، والجمجمة فيها مفاصل ثابتة بشكل زكزاك، ما فائدة هذا المفصل؟ لو تلقى الطفل ضربة على الأرض، إذا تعثر، هذه الجمجمة فيها فواصل تمدد، هذه الفواصل المتعرجة تتداخل ببعضها بعضاً، فالدماغ لا ينكسر، ولا يصيبه شيء، فالدماغ محفوظ بجمجمة، والجمجمة لها فواصل تمدد متعاكسة، والعمود الفقري حافظ للنخاع الشوكي، وهذا أخطر شيء، الرحم يحفظه عظم الحوض، القلب القفص الصدري، كل عضو نبيل خطير جداً تتوقف الحياة على سلامته محفوظ بغلاف، القلب القفص الصدري، والرحم عظم الحوض، والدماغ الجمجمة، والنخاع الشوكي العمود الفقري، هذا كله من حكمة الله عز وجل.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل أحياناً في عمر متقدم بعد أن يتوقف نمو العظم يكسر عظم الإنسان يقع يحدث شيء.

الخلية العظمية المرممة من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب :
 قلت قبل قليل: هذه الخلية إذا بلغت الحد الذي رسم لها تنام، تنام ولا تموت، كالأمة الإسلامية تماماً تنام لكن لا تموت، فيها عنصر بقائها، عنصر تألقها، عنصر نهوضها، تنام هذه الخلية لكن بعد سبعين سنة من ولادة الإنسان يقع في الطريق ينكسر عظمه، الخلايا العظمية المرممة تستيقظ، نامت سبعين عاماً ثم استيقظت، تخطيط من؟ علم من؟ قدرة من؟ حكمة من؟ أنا أرى أن التفكر في خلق السموات والأرض، والتفكر في خلق الإنسان هو أقصر طريق إلى الله، وأوسع باب ندخل منه على الله، لأنه يضعنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله، والآية دقيقة جداً:

﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾

[سورة الحاقة: 33]

 ضع تحت كلمة عظيم أربعة خطوط، إبليس آمن بالله، لكن ما آمن به عظيماً، وأهل الأرض جميعاً عدا فئة قليلة جداً تؤمن بالله، لكن لا تتحرك وفق منهج الله عز وجل، فإذا آمنت بالله العظيم لا تتحرك إلا وفق منهج الله.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل تحدثنا عن كسر العظم، وأن الخلية لا تموت ولكنها تنام، ثم ما الذي يفعله المجبر الذي يجبر؟
الدكتور راتب :
 لا يفعل شيئاً إلا أنه يعيد العظم لوضعه الطبيعي قبل أن يلتحم، ويترك للذات الإلهية بخلقها المعجز، فهذه الخلايا بعد أن نامت نوماً كاملاً تستيقظ وترمم هذا العظم، هذا التجبير.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل تتمة الآية قال تعالى:

﴿ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ﴾

[ سورة البقرة:259]

 هل العظام أولاً ثم اللحم؟

 

الإعجاز في الترتيب بين العظام و اللحم :

الدكتور راتب :
 جاءت ثم لأن هناك ترتيباً، فالعظام تشكل يأتي اللحم ليكسوها، ليس معقولاً لحم يخلق من دون عظام.
الدكتور بلال:
 وهذا بخلاف ما كان يقال سابقاً.الدكتور راتب :
 أبداً.
الدكتور بلال:
 هنا إعجاز، قال تعالى:

﴿ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ﴾

[ سورة البقرة:259]

 أيضاً أستاذنا الفاضل العظم في مجمله هو عبارة عن كالسيوم بشكل رئيس، وهذا يمتصه للجسم..

 

استفادة العظم من الكالسيوم بفضل الهرمونات :

الدكتور راتب :
 يمتصه بهرمون معين، الإنسان لو افتقد هذا الهرمون لا ينتفع من المادة الكلسية في طعامه، أما إذا أكل طعاماً فيه كالسيوم، فهذا الكالسيوم فيه هرمون معين يسهم بامتصاص هذا المعدن وإيداعه في العظام.
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل أيضاً المفاصل، أحياناً بعض المفاصل يحدث فيها إشكالات كأن الله عز وجل أودع في المفاصل مادة تجعلها بمرونة معينة؟

أهمية الغضاريف في حياة الإنسان :

الدكتور راتب :
 هذا الغضروف هو مادة تحيط بالعظام تمنع الصدمة، تمنع الاحتكاك، تمنع أشياء كثيرة، هذه الغضاريف أنا أرى باجتهاد وقرأته بكتاب علمي حينما نعرض عن تناول الدهون كلياً هناك مشكلة، فكما أن بعض المواد ترمم العضلات، الدهون ترمم الغضاريف في الإنسان، فكل مادة غضروفية بين العظم واللحم هذه ترمم بالدهون، يوجد طبيب له نصيحة دقيقة جداً يقول: كُلْ كل شيء، أي شيء الله خلقه خذ منه طعاماً، لأن كل شيء يغطي حاجة في الجسم، هل هناك غذاء للدماغ كالجوز؟ هل هناك غذاء للغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي مثل البامية؟ فكل مادة لها وظيفة، قال: كُلْ كل شيء، و ابتعد عن الشدة النفسية، وكُلْ قليلاً، وابذل جهداً عضلياً، أربع خصائص، الطب كله في هذه الخصائص..
الدكتور بلال:
 أستاذنا الفاضل هذه العظام المصطلح العلمي لها القساوة، هي قاسية بهذا المعنى؟

القساوة و المتانة :

الدكتور راتب :
 نحن يوجد عندنا مصطلحان؛ عندنا قسوة ومتانة، المتانة تقاوم قوى الشد، أي أمتن عنصر على الإطلاق في الأرض الفولاذ المضفور، فالتلفريك بالفولاذ المضفور، المصاعد فولاذ مضفور، أقسى عنصر على الإطلاق الألماس، سنتمتر مكعب من الألماس يتحمل خمسمئة وخمسين كيلو ضغط، فعندنا تحمل الضغط يسمى قساوة، تحمل الشد يسمى متانة، قال تعالى:

﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

[ سورة الأعراف: 183 ]

 أي الإنسان مربوط بشيء بيد الله عز وجل، مهما توهم أنه طليق هو في قبضة الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

[ سورة الأعراف: 183 ]

 وهناك أشياء كما قلت قساوة ومتانة.

 

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، وأنتم أخوتي الأكارم الشكر موصول إليكم لحسن متابعتكم لما تفضل به شيخنا جزاه الله خيراً، على أن نلقاكم دائماً راجين الله عز وجل أن تكونوا في أحسن وخير حال، نودعكم على أمل اللقاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور