وضع داكن
28-03-2024
Logo
برنامج ويتفكرون 2 - الحلقة : 01 - معرفة الله من خلال آياته الكونية و التكوينية و القرآنية
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ بلال:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أخوتي أخواتي؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير، بتحية الإسلام أحييكم؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن في مستهل برنامجنا: "ويتفكرون"، برنامجنا في موسمه الأول تحدث عن آيات الله في الكون، وها نحن نتابع الحديث في الموضوع ذاته، هذا العنوان مستمد من قوله تعالى في سورة آل عمران:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190-191 ]

 أخوتي باسمكم جميعاً أرحب بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 سيدي، لو بدأنا بمقدمات حول موضوعنا ويتفكرون، وننطلق من الآية التي استمد منها عنوان برنامجنا:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190]

 ما السموات والأرض؟

 

معرفة الله من خلال آياته :

الدكتور راتب :
 أنا أرى أنه لا بد من مقدمة لهذه المقدمة.
 الإنسان هو المخلوق الأول عند الله، والمكلف، والمكرم، أصل هذا الدين معرفة الله، إنك إن عرفت الله تفانيت في طاعته، أما إن لم تعرفه وعرفت أمره تفننت في معصيته، فأصل هذا الدين معرفة الله، الله عز وجل ذات كاملة لا تدركه الأبصار لكن العقول تصل إليه من خلال آياته الكونية والتكوينية والقرآنية، الكونية تفكر، التكوينية نظر، القرآنية تدبر، أفعال الله قال تعالى:

﴿ قُل سيروا فِي الأَرضِ ثُمَّ انظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ ﴾

[سورة الأنعام: ١١]

 فالقرآن يتدبر، التدبر أن نفهم الآية، أن نقرأها قراءة صحيحة، وأن نفهمها وفق قواعد اللغة العربية، وأن نفهم أحكامها، وأن نتدبرها، وآخر مرحلة أخطر مرحلة.
 أيها الإنسان أين أنت من هذه الآية؟ هل أنت مطبق لها؟ دائماً وأبداً المؤمن يقرأ القرآن هناك ملمح دقيق جداً من خلال قراءة القرآن، أين أنا من هذه الآية؟ قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور : 30]

 سؤال دقيق: هل أنا أغض بصري عن امرأة لا تحل لي؟ قال تعالى:

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾

[ سورة الكهف : 29]

 هل أتكلم بالحق؟ فالبطولة في قارئ القرآن أنه كلما قرأ آية يسأل نفسه السؤال الدقيق والعميق والضروري: أين أنا من هذه الآية؟ هذا الدين إن لم يطبق أصبح فلكلوراً إسلامياً، إن لم يطبق أصبح تراثاً، عادات، تقاليد، والآن يوجد مصطلحات حديثة؛ خلفية إسلامية، أرضية إسلامية، توجهات إسلامية، مشاعر إسلامية، تطلعات إسلامية، الإسلام منهج تفصيلي يبدأ من أدق خصوصيات الإنسان وينتهي بالعلاقات الدولية، فنحن نكون متدينين إذا طبقنا منهج الله، لأن الإنسان أعقد آلة في الكون، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولهذه الآلة صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، إذاً الأصل في هذا الكون أن نعرفه، والمعرفة عن طريق آياته الكونية تفكر، التكوينية نظر، القرآنية تدبر، فنحن في هذا اللقاء الطيب على سلسلة مشابهة للسلسلة الأولى نتفكر في خلق السموات والأرض من خلال آيات كونية وتكوينية وقرآنية.
الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً، سيدي لو تدبرنا هذه الآية:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190]

 السموات والأرض مصطلح يتكرر في القرآن الكريم ما معنى السموات والأرض؟

 

التعريف بمصطلح السموات و الأرض :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن هناك كلمة اسمها الكون، كلمة حديثة أما المصطلح القرآني للكون فهو السماوات والأرض، وهذا يعني الكون والكون ما سوى الله.
الدكتور بلال:
 إذاً هي تدل على أن نتفكر في كل شيء خلقه الله؟
الدكتور راتب :
 أبداً.
الدكتور بلال:
 قال تعالى:

﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190]

الدكتور راتب :
 هو ذات كاملة لا تدركه الأبصار، والتوجيه النبوي العميق والخطير:

(( تفكروا في مخلوقات الله، ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا ))

[ورد في الأثر]

 التفكر في ذاته هلاك، لأن العقل البشري لا يمكن أن يقترب من واحد من مليارات من معرفته، هو الذات الكاملة، أما أنا فأتعرف إليه معرفة من خلال آياته الكونية والتكوينية والقرآنية.
الدكتور بلال:
 سيدي قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

 يصف هؤلاء أولي الألباب، أولي العقول:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

من عرف الله تفانى في طاعته :

الدكتور راتب :
 جاء الذكر بصيغة الفعل المضارع، هذا الفعل يشير إلى الاستمرار، فالتفكر في خلق الله، في طعامك، في شرابك، في ابنك الذي كان حويناً منوياً واحداً، إذا هو طفل، دماغ، وشعر، وعيون، وأنف، ولسان، ومعدة، وأمعاء، ورئتان، وقلب، شيء لا يصدق، من نطفة لقحت بويضة إلى طفل، بدماغ يوجد فيه مئة و أربعون مليار خلية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، العين آية، الدماغ آية، الأنف آية، الأسنان آية، الشعر آية، الجهاز الهضمي آية، التنفس آية، الكلية آية، نحن مغمورون بآيات لا تنتهي، بل أي شيء في الكون يدلك على الله، الذي أتمنى أن يكون واضحاً جداً لدى الأخوة المشاهدين أعيده مرة ثانية: إن عرفته عرفت كل شيء:

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء....))

[ تفسير ابن كثير]

 إن عرفت الله تفانيت في طاعته، أما إن لم تعرفه فتتفنن في التفلت من أمره، فكأن هذا الدين حينما طبقه الصحابة فتحوا العالم، وحينما اكتفينا بتلاوته ولم نعمل به فقدنا أهليتنا لنكون أمة كما أرادها الله عز وجل، هادية لبقية الأمم. قال تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران: 110 ]

 كنتم بمعنى أصبحتم خير أمة.
الدكتور بلال:
 سيدي قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

 كلمة الذكر إذا أطلقت يتجه ذهن الناس أن يردد بلسانه؟

 

الذكر أوسع كلمة فيها تطلّع إلى الله و كمالاته :

الدكتور راتب :
 والله أنا أفهم الذكر فهماً واسعاً جداً، إذا قرأت القرآن فأنت ذاكر، إذا دعوته فأنت ذاكر، إذا استغفرته فأنت ذاكر، إذا ناجيته فأنت ذاكر، وإذا أمرت بالمعروف فأنت ذاكر، أوسع كلمة فيها تطلّع إلى الله وتطلّع إلى كمالاته وخدمة خلقه هي الذكر، كلمة واسعة جداً، هناك تلاوة، وصلاة، وحج، وصوم، وزكاة، وغض بصر، وضبط لسان، لكن الذكر تشتمل كل هذه النشاطات.
الدكتور بلال:

﴿ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

مرافقة الذكر للإنسان في كل أحواله :

الدكتور راتب :
 الإنسان له ثلاث حالات، إما أنه واقف يعمل، أو ينام، أو مضطجع، معنى قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

 في كل أحوالهم.
الدكتور بلال:
 يرافقه الذكر بشكل دائم.
الدكتور راتب :
 لذلك الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا، المؤمنون ساعة وساعة، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، لكن البطولة في ساعة وساعة، بين إنسان يعيش ثلاثاً وعشرين ساعة في تألق وساعة فتور، لا أقول معصية، خطأ كبير، ثلاث وعشرون ساعة تألق وساعة فتور، وهناك شخص عنده ساعة تألق و ثلاث وعشرون فتوراً، نحن نتمايز بالنسب.
الدكتور بلال:
 قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 191 ]

 في كل أحوالهم كما تفضلتم، الآن جاء بنوع من أنواع الذكر:

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾

 هو ذكر؟

 

الذكر أقرب وسيلة لمعرفة الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 أقرب وسيلة لمعرفة الله، إن عرفته عرفت كل شيء، والأثر القدسي:

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء))

[ تفسير ابن كثير]

 فالذكر أن تصل إليه، إلا أن الإنسان ماذا يحب في الحياة الدنيا؟ يحب الجمال والكمال والنوال، يحب منظراً جميلاً، يحب منظر بحر، أو جبل أخضر، أو طفل وديع جداً، أو باقة ورود، يحب الجمال، ويحب الكمال، الكريم محبوب، الصادق محبوب، المخلص محبوب، يحب النوال العطاء، الجمال والكمال والنوال عند الله، إذا وصلت إليه وصلت إلى كل شيء، وإن فاتك الوصول إليه فاتك كل شيء.

 

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً.
 أراني سيدي مضطراً إلى حلقة ثانية أتابع فيها هذه المقدمات اللطيفة قبل أن نشرع في التفكر التفصيلي في آيات الله عز وجل، ولكن أدركنا الوقت، إن شاء الله في حلقة قادمة نتابع، أخوتي المشاهدين؛ أشكر لكم حسن متابعتكم، راجياً الله تعالى أن نلتقيكم دائماً وأنتم في أحسن حال مع الله ومع خلقه، معاً نتفكر في خلق السموات والأرض، ونبحر في آيات الله الكونية والتكوينية والقرآنية، إلى الملتقى أستودعكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور