وضع داكن
16-04-2024
Logo
ماليزيا- ديناً قيماً 1 - الحلقة : 20 - الأذى.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  الأذى هذه الكلمة التي طالما سمعناها، وتقشعر منها الأبدان، وترتعد منها الفرائص، فما هو الأذى؟ وما حقيقته؟ وهل يؤذي العبد نفسه؟ وكيف يؤذي العبد نفسه؟ وكيف يؤذي العبد العبد؟ هل يؤذي العبد الرب أم لا؟ هل الإيذاء يصل لله سبحانه وتعالى؟ هل مجرد إضاعة الأوامر والنواهي إيذاء لله سبحانه وتعالى أم تفريط في حق الشريعة الإسلامية؟ الأذى منتشر كثيراً بين الأمة الإسلامية لماذا لم نجده كثيراً في مجتمع الصحابة؟ هل تخلينا عن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء أم أن الأذى طبيعة مركبة فينا؟ هل للمؤذي أن يتخلص من صفاته الذميمة وصفته السيئة وهي الأذى ليحل مكانها صفة حسنة أم لا؟ الأذى ما له وما عليه حلقة جديدة في برنامج:" ديناً قيماً " أهلاً بكم.
 مشاهدينا الكرام؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج: " ديناً قيماً " نرحب بحضراتكم، ونرحب بضيفي الكريمين العالمين الجليلين السبتين العدلين أصحاب المعالي والفضيلة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عمر عبد الكافي، مرحباً شيخنا، و فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً شيخنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 نحيي الأناقة ما شاء الله.
الدكتور عمر :
 والله لا ترى العين الجميلة إلا الجميل.
المذيع:
 بارك الله بكم، نتعلم منكم، ماذا تحبا أن يكون موضوع الحوار في هذه الحلقة؟
الدكتور راتب :
 ممكن أن نأخذ بعض السلبيات، لأن الإيجابيات يقابلها السلبيات.
المذيع:
 من سوء الخلق.
الدكتور راتب :
 الإيجابيات نأخذ بها، والسلبيات نتجنبها.
المذيع:
 اقتراح جميل، ماذا من السلبيات نأخذ؟
الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾

[ سورة الأحزاب:57 ]

 هذه أول سلبية الأذى.
المذيع:
 لماذا نأخذ الأذى شيخنا؟
الدكتور عمر :
 لأن طعم الأذى مؤلم، قد لا يستشعره المؤذِي ولكن يستشعر المؤذَى، الواقع عليه الأذى، وقد يقتنع إنسان بجبروته مؤقتاً، أو لمكانته مؤقتاً أنه يستطيع أن يؤذي فلا يؤذى، ولكن هذا إنسان جاهل بحقائق الأمور، وجاهل بسنن الزمن.
المذيع:
 إذاً الأذى موضوع هذه الحلقة، إذا قلنا: هل يستطيع العبد أن يؤذي الرب؟

 

هل يستطيع العبد أن يؤذي الرب ؟

الدكتور راتب :
 ممكن.
المذيع:
 كيف؟
الدكتور راتب :
 الله عز وجل يفرح بتوبة عبده المؤمن:

((إنّ الله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والظمآن الوارد، والعقيم الوالد))

[ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

 يقابل هذا الفرح لو إنسان أفسد علاقة عبد مع ربه الذي فعل هذا يؤذي ربه، بهذا المعنى أفسد علاقة عبد مع ربه، روج شبهة، روج سلوكاً منحرفاً، طعن بأصول الدين، هذا كله إيذاء بين أن هذا الدين لا يصلح لهذه الحياة، أو أعطى الدين شكلاً فولكلورياً فقط، هذه كلها أنواع من الإيذاء.
المذيع:
 لكن دكتور عمر هذا الإيذاء قد يتصور عبد أنه يسامق الرب والعياذ بالله لأنه يؤذي الله عز وجل، كيف؟

 

فرعون رمز للأذى في التاريخ :

الدكتور عمر :
 سبحان الله العظيم أكبر المؤذين في التاريخ أو من أكبر رؤساء أقسام جامعات الأذى في العالم كان فرعون.
المذيع:
 جامعات الأذى، لماذا فرعون بالتحديد؟
الدكتور عمر :
 فرعون كرمز لهذا الجبروت الذي نسي أن الله قد أعطاه ملكاً، وأعطاه تملكاً، وأعطاه جاهاً.
المذيع:
 النمرود ألم يكن هكذا؟
الدكتور عمر :
 هذا مثال، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة القصص: 4]

 أولاً: هو الأهبل معذرة أعزكم الله و المشاهدين، هذا مجنون رسمي أو غير عاقل، لأن لا إنسان يعلو في الأرض، الأرض ليست مكاناً للعلو، هو علا إلى الأسفل، علا في تسفله.
المذيع:
 علا على دنيا.
الدكتور عمر :
 علا على دنيا، هذا هو الأمر، الأمر الثاني رغم علو فساده كانت له حاشية عجيبة جداً من الإيذاء، ولكنهم كانوا أكثر ديمقراطية من حاشيات كثيرة من فراعنة صغار في العصر المتتالي بعد ذلك، فماذا تنظرون؟ كان يستشير، قالوا: أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين، الله هذا يسمع إلى الرأي والرأي الآخر، إذاً هناك مساحة، ذروني أقتل موسى؟ هذا أيضاً يستشير، سبحان الله! هذا الإنسان الذي أذى بناء على رؤيا أن هناك طفلاً من بني إسرائيل سيأتي ويأخذ ملكك، أو يزيحك من الملك، يصدر قراراً أن يقتل كل ذكر من بني إسرائيل.
المذيع:
 ويؤذي كل هذه البيوت.
الدكتور عمر :
 هذا نوع من الأذى، الله عز وجل عندما يكون الإنسان بعين الله، طفولة موسى وضعفها لم تغرقه في اليم، وجبروت فرعون وجنوده لم تنقذه من اليم، فالذي يؤذي يتصور أنه يستطيع أن يمس إنساناً بضرر، لكن الرسول يثبت ابن عباس ويثبتنا صلى الله عليه وسلم: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على شيء لم يكتبه الله لك لا يضرك، انتهى، لأنه النافع الضار، صفتان متلاصقتان، رب العباد الذي يؤذي، ففرعون ظن أنه يؤذي بني إسرائيل، رب حاو رداه في ثعبانه.
المذيع:
 لكنه كان يؤذي بالفعل، يستضعف طائفة منهم، يذبح؟
الدكتور عمر :
 وبعد ذلك، هو يقول هذا ولكن لسان القدر يقول غير هذا، أي يا فرعون لن يتربى موسى إلا تحت رعايتك، وفي قصرك، وهو الذي سوف يزيل ملكك.
المذيع:
 أي لم ينفعه عمله في الحياة الدنيا من أن يمنع قضاء الله وقدره.
الدكتور عمر :
 المؤذي يوم كان عملاقاً فهو قزم لا يساوي شيئاً، انظر الطغاة يا ولدي لهم طفولة زائفة، وهم يعيشون في طفولة عقلية حتى يموتوا داخل دائرة طغيانهم.
المذيع:
 جميلة هذه المقولة، فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، الأذى إذا كان صورة من منع العبد عن عبادة ربه، صورة تؤذي الله عز وجل، هل هناك إنسان يؤذي الأنبياء ويؤذي المرسلين؟

 

الطغاة لا يتحركون إلا وفق إرادة الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 الحقيقة يوجد مقولة توحيدية دقيقة جداً، بالخمس قارات من آدم إلى يوم القيامة كل شيء وقع أراده الله، كلمة أراده لا تعني أنه أمر به، ولا رضي به، لكن سمح به، لحكمة بالغة بالغة بالغة، هذه الحكمة عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، لو أن الله أسلم العبد إلى غيره لا يستحق أن تعبده، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 الأمر الـ للجنس، أي أمر كله توكيد، الآن قال لك: فاعبده، متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 الطغاة لا يتحركون إلا أن يسمح الله لهم، هناك حدود، خطة إلهية، قد تستوعب خطة الله خطة إنسان طاغية، الطاغية يتحرك وفق خطة مرسومة له، بحيث يكون عمله في النهاية يؤدي إلى عكس ما أراد الطاغية، الآن لا يوجد عملية قمع للدين إلا ويقوى الدين، أنا أقول هذه الكلمة: الذي أراد أن يقمع الدين كمن يطفئ النار بالزيت.
المذيع:
 الذي أراد أن يقمع الدين كمن يطفئ النار بالزيت، جميلة هذه.

 

الأذى يقوي جانب المؤمن فيلجأ إلى رب العباد :

الدكتور عمر :
 وأنا أطمئن الأمة، هذا الضرب الخطير والمتتالي في العقود الأخيرة على أمة الإسلام وعلى المسلمين دليل على أن جسد الأمة مازال يتمتع بالحياة الكاملة، ولو كان جسد الأمة ميتاً لما ضرب أحد ميتاً أبداً، الذين يؤذون الله ورسوله والمؤمنين هؤلاء لا يؤذون إلا أنفسهم، لأن الأذى يقوي جانب المؤمن فيلجأ إلى رب العباد عز وجل، حينما تستشعر أن لا أحد ينصرك في هذا الكون، فأين تلجأ؟

﴿ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ﴾

[سورة التوبة: 118]

 لذلك لما قال رب العباد:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة الذاريات: 50 ]

 الإنسان لا يفر إلا من شيء يخافه، لكن أن تفر إلى الله عز وجل، تفر من كل شيء إلى رب العباد الذي يملك كل شيء، فالذين يؤذون هؤلاء أناس انظر إليهم كما قال أستاذنا هم سوط الله الذي يسلطه على عباده فيهذبهم، ويربيهم، ويرفع درجاتهم، ويعيدهم إليه، كلها خير.
المذيع:

أفر إليك منك وأين إلا  إليك يفر منك المستجير
***

الدكتور راتب :
 باخرة عملاقة تتجه نحو الغرب، عليها ركاب، هذا الراكب على ظهرها أراد أن يتحداها، فمشى على ظهرها نحو الشرق.
المذيع:
 ووضع الباخرة أيضاً.
الدكتور عمر :
 يصيبه دوار.
المذيع:
 أود أن أسأل فضيلتك دكتور محمد راتب عن أنواع وصور الأذى كيف تراها من مفهومك الخاص؟

 

تكذيب الرسل صورة من صور الأذى :

الدكتور راتب :
 تكذيب الرسل أذى، الله عز وجل رحمة بعباده أرسل لهم رسلاً، لئلا يظن أن هذا العمل من تلقائهم شهد لهم أنهم رسله عن طريق المعجزات، فما من نبي جاء إلا معه معجزة، والمعجزة شهادة الله له أنه رسوله ونبيه، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، كتابه خاتم الكتب، رسالته خاتمة الرسالات، بعثته خاتمة البعثات، مادام ولكل البشرية جمعاء، للناس كافة، فلا بد من أن تكون المعجزة لها طابع مستمر، ولن تكون مستمرة إلا أن تكون علمية، لذلك في القرآن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والحياة، هذه الآيات كلما تطور العلم اكتشف أن هذه الآية سبقت العلم بألف وأربعمئة سنة، مثلاً أرسلت مركبة فضائية إلى الفضاء الخارجي أبولو ثمانية، صاح رائد الفضاء: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً؟ ما الذي حصل؟ الذي حصل تجاوزت المركبة طبقة الهواء، فانعدم انتثار الضوء، فصار الجو مظلماً، هذه حادثة وقعت قبل عشرين سنة، نفتح الانترنيت نشاهد الحادثة، نفتح القرآن قبل ألف وأربعمئة عام، يقول الله عز وجل:

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 15]

 تطابق آية قرآنية نزلت قبل ألف وأربعمئة عام مع حدث حديث يؤكد قطعاً أن هذا القرآن كلام الله، أو أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، يوجد من هذا القبيل ألف وثلاثمئة آية.
المذيع:
 كنت أريد صور الإيذاء المجتمعي، إيذاء الناس بعضهم لبعض، كيف ترى نموذجاً من هنا؟

صور الإيذاء المجتمعي :

الدكتور عمر :
 أولاً: صورة من صور الإيذاء الحقيقي للإنسان نفسه، عندما يُحجم شرائع الله عز وجل في هوى عنده، أي أن تختزل آيات القرآن في الجزء التعبدي، العبادات في القرآن عشر ومئة آية، والأخلاق في القرآن ألف وخمسمئة وأربع آيات، ربع القرآن، ألف و خمسمئة و أربع أخلاق، ومئة و عشر عبادات، فإذا قمت أنا جدلاً بـمئة و عشر وعطلت ألفاً و خمسمئة و أربع أكون أنا قد آذيت المسلمين، هذا أمر.
 الأمر الثاني ألا يبيت المسلم أو غير المسلم باكياً أو ضارعاً إلى الله عز وجل من فرط أذاي، كان هذا مسلماً أو غير مسلم، زوج، جار، عامل، أي شيء، فالذي يؤذي يجب عليه أن يعلم أنه سوف ينام وهو ظالم ومؤذ ورب العباد عينه لا تنام فيقتص منه، أو يدخل في مرحلة المؤذي، استدراج الله يعطيه ويظن أنه بهذا رب العباد راض عنه، يؤذي الناس ولا يجد ثمرة، وأكبر ثمرة لهذا الإيذاء أن يصير في عداد المؤذين.
المذيع:
 دكتور محمد راتب النابلسي بارك الله بك، سؤال على مستوى الأسرة الأب والأم والابن كيف يؤذي بعضهم بعضاً؟

 

إيذاء الزوج لزوجته و أبنائه :

الدكتور راتب :
 والله الأب حينما يطعم أولاده ويكسوهم ويوصلهم إلى المدارس، جاء:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ))

[ أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

 هو يطعمه ويكسوه ويبعثه إلى المدارس، لكن لم يهتم بدينه، لم يهتم بإيمانه، هذا أكبر أذى.
المذيع:
 الزوجة كيف تؤذي زوجها وابنها؟

 

إيذاء الزوجة لزوجها و أبنائها :

الدكتور راتب :
 حينما تطيعه في معصية.
المذيع:
 تؤذيه؟
الدكتور عمر :
 أو تنشر أخباره على الهواء، لصديقاتها، وأمها، وأهلها، والعكس.
المذيع:
 ولا من قبيل الدردشة؟
الدكتور عمر :
 الدردشة والفضفضة صورة من صور الغيبة والنميمة، ولكن نحن ننمق الكلمات، هذا نوع من الأذى، إن من أكبر الخيانات عند الله - هذا كلام رسول الله- أن يسر الرجل إلى زوجته حديثاً فتصبح لتحدث به جيرانها، أو أن تسر المرأة إلى زوجها حديثاً فيصبح ليحدث به الجلساء، فيصير هذا البيت كبيت العنكبوت أخباره على الهواء، فلذلك امرأة نوح وامرأة لوط ماذا كانت تصنعان؟ كانتا تخرجان الأسرار، ما الذي عرف قوم لوط أن هناك ضيوفاً عنده؟ من الخيانة، قال تعالى:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾

[ سورة التحريم : 10]

 أي أخرجت أسرار بيت الزوجية سبحان الله، ولذلك في مجال المجتمع عندما تجد في مكتب موظفين وموظفات والناس كأنهم محارم مع بعض، وكأن ابن عباس عقد عليهم وشهد على العقد ابن عمر، وتصير مع زميلها، يعرف أسرارها، وتعرف أسراره، فالإنسان يجب ألا يوقع الأذى بنفسه فيضيع حسناته، ولا يوقع الأذى على الغير فيدعو عليه.
المذيع:
 كيف يؤذي الابن أباه وأمه؟

إيذاء الابن لأبيه و أمه :

الدكتور راتب :
 الأب والأم لهم رعاية كبيرة للابن، كل طموحهم أن يكون هذا الابن باراً بوالديه، هذا جزاء التربية والبذل والتضحية، فإذا خيب هذا الابن ظن والديه وقع بأذى كبير جداً، إنسان أرسل ابنه إلى بلد غريب لينال الدكتوراه، نالها وتزوج وقاطع أهله، والده بذل له كل ما يملك حتى أخذ الدكتوراه، هذا إيذاء كبير جداً.
المذيع:
 دكتور عمر نختم بهذا السؤال: هنالك العبد يؤذي الرب، والعبد يؤذي الملائكة والأنبياء، والعبد يؤذي أباه وأمه، وكذلك الأب والأم كلهم يؤذي، هل واقع الأمر أن الأذى يطال الله والأنبياء والمرسلين أم الذي يؤذي إنما يؤذي نفسه فقط؟

 

أذى الإنسان يقع على شرع الله لا على الله أو رسله :

الدكتور عمر :
 لا، الله سبحانه وتعالى هو الغني، هو الجبار القهار الخالق، لكن الأذى يقع على شرع الله عز وجل، حينما يكلف الإنسان بالانتظام داخل أو تحت مظلة هذا الشرع، وهو يعري نفسه ليكون إنساناً متدنياً يتسفل، قال تعالى:

﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾

[سورة الأعراف: 176]

 هذا الذي آذى نفسه هو لا يستطيع أن يؤذي لا رب العباد، ولا الأنبياء، ولذلك رئيس قسم الإيذاء بعد أربع وعشرين ساعة عمل، معمل الأذى هو الشيطان، سئل الحسن البصري ماذا تصنع مع الشيطان يا بصري؟ قال: أطيع فما نفع، وعصي فما ضر، الشيطان الذي جنن العالم كله.
المذيع:
 كلمة أخيرة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي نوجهها لكل من ناله أذى أو طاله أذى، ماذا تقول له وتقول للمؤذي؟

 

كلمة لكل من ناله أذى :

الدكتور راتب :
 أقول للمؤذي أن يكف عن إيذائه وإلا له عقاب شديد من الله عز وجل، نقول للذي أوذي أن يوحد، وأن يرى أن هذا الذي سمح الله به لحكمة بالغة، عرفها أو لم يعرفها، ما تعلَّمت العبيد أفضل من التوحيد.
الدكتور عمر :
 أنا أقول: متى إذا ترحلنا عن الناس حنوا إلينا وإذا متنا ترحموا علينا؟ بعدم الإيذاء، إذا لم نؤذهم إن رحلنا عنهم حنوا إلى لقائنا، وإذا توفانا رب العباد نحن لم نؤذهم ترحموا علينا وقالوا: رحم الله فلاناً.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 بارك الله بكما، شكراً لكما على هذا اللقاء، نلتقي في الحلقة القادمة إن شاء الله تبارك وتعالى.
 مشاهدينا الكرام؛ في النهاية تبقى كلمة نجملها في قول الشاعر حينما قال:

ألا والله إن الظلــــــــــم شــــؤم  وما زال الظلوم هو الملوم
إلى ديان يوم الدين نمضي  وعند الله تجتمع الخصوم
***

 مستمعينا الأعزاء شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله، نشكر ضيفينا الكريمين العالمين الجليلين السبتين العدلين أصحاب المعالي والفضيلة، فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، والشيخ عمر عبد الكافي، شكراً لكم، وحتى يضمنا لقاء جديد، نستودعكم الله، شكراً لكم، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

إخفاء الصور