وضع داكن
20-04-2024
Logo
ماليزيا- ديناً قيماً 1 - الحلقة : 26 - الإمعة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: لا يكن أحدكم إمعة، يقول: إذا أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أحسنوا، وإن أساؤوا تجنبوا إساءتهم، ما هو الإمعة؟ وما صفات الإمعة؟ لماذا لا يكون الإنسان المسلم الذي يتحلى بالقرآن الكريم والسنة النبوية إمعة؟ وهل قوة الشخصية تفرض على الإنسان أن يجتنب ما هو محظور من الدين بالضرورة أم لا؟ كيف يوازن الإنسان المسلم بين ألا يكون إمعة وأن يكون صاحب مبادئ وصاحب مواقف يقرها الله ورسوله، ويحبها رسوله صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا أصبح كثير من شباب الأمة الإسلامية إمعة وإمعات؟ الإمعة حلقة جديدة من برنامج:" ديناً قيماً" أهلاً بكم..
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلاً في حلقة جديدة من هذا البرنامج، أرحب بحضرتكم، وأرحب بضيفينا الكريمين الجليلين السبتين أصحاب المعالي والفضيلة، فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي وفضيلة الأستاذ الدكتور عمر عبد الكافي، مرحباً بكم في حلقة جديدة..
الدكتور راتب :
 بارك الله بك، ونفع بك.
المذيع:
 ماذا تقترح شيخنا أن نتكلم في هذه الحلقة؟
الدكتور عمر :
 المجتمع الإسلامي مما نعيب نحن عليه أو يؤلمنا تربيته المطلقة في كثير من الأمور التي يجب أن يكون فيها إيجابياً.
المذيع:
 بمعنى.
الدكتور عمر :
 بمعنى أنه تابع لكل ناعق، عندما يسمع أمر هكذا يتبناه وهو لا يعرف مدى صحته من عدم صحته.
المذيع:
 ماذا يسمى هذا في الميزان؟
الدكتور عمر :
 الإمعة، إمعات كثيرون يعيشون على سطح الأرض لا يباليهم مبال.
المذيع:
 إذاً نتكلم عن الإمعة، شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي من هو الإمعة؟

تعريف الإمعة :

الدكتور راتب :
 هو الذي يقلد ولا يؤمن كما ينبغي أن يؤمن، يقلد، لذلك أنا أقول: لو قلدت العقيدة الصحيحة لا تقبل منك تقليداً لقوله تعالى:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

[ سورة محمد: 19 ]

 ما قال: فقل، التقليد مرفوض.
المذيع:
 ما الفرق؟
الدكتور راتب :
 التقليد مرفوض فاعلم أنت بعد بحث ودرس وتفكر في الآيات الكونية والقرآنية وصلت إلى الإيمان بالله، هذا الإيمان بالله لو أنك نطقت ألفاظه نطق تقليد لا يقبل، ما سبقه بحث ودرس، الآية فاعلم، ما قال: فقل.
المذيع:
 الدين أخذ هكذا بالتلقي والتلقين؟
الدكتور راتب :
 هنا الآية واضحة، كلمة فاعلم يوجد بحث ودرس.
المذيع:
 فاعلم تأتي بمعنى انظر.
الدكتور راتب :
 أن تتبناها، بحثت بها، بحثت عن أدلتها، اكتشفت حقيقتها.
الدكتور عمر :
 هذا المتن، أما الشرح فشيخنا دائماً بارك الله به نستمد منه القضية، قالها شيخنا من قبل بمعنى ما الحد الأدنى بالعلم بالشرع كي ينقذني من النار يوم القيامة؟ ما علم بالضرورة، يقول لك أحدهم: يا أخي أنا لا أقرأ ولا أكتب ما عندي تلفاز في البيت ولا ..الحد الأدنى من معرفة الله عز وجل ومعرفة الدين الأوامر والنواهي والحلال والحرام.
الدكتور راتب :
 الأدنى حقائق الإيمان والحلال والحرام المتعلق بحرفته.
المذيع:
 كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: لا يكن أحدكم إمعة، نود أن نسمع الحديث ونسقطه على الواقع الحالي.

 

إسقاط حديث النبي: " لا يكن أحدكم إمعة " على الواقع الحالي :

الدكتور راتب :
 والله الإمعة إنسان يعيش مع الآخرين، إن أصابوا ذكر كلامهم، إن أخطؤوا وقع في خطئهم، ليس له موقف خاص، الإنسان مخير، الله قال لك:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

[ سورة محمد: 19 ]

 الآية تقول:

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ﴾

[ سورة يونس: 99 ]

 لا بد من أن يكون لك إيمان بجهد شخصي، هذا الإيمان الذي ترتقي به عند الله عز وجل، كل شيء في الكون يدل على الله، الله له آيات كونية وتكوينية وقرآنية.
الدكتور عمر :
 لا يكن أحدكم إمعة إن أحسن الناس أحسنا وإن أساؤوا أسأنا، بل وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أحسنوا، وإن أساؤوا تجنبوا إساءتهم، أي صديقك من صدقك لا من صدقك، أي إن قلت الحق خذ الحق ولو من بعيد بغيض، واردد الباطل ولو من قريب حبيب، اقبل الحق ولو من بعيد بغيض، أي رجل يكره والد زوجته، مثلاً.
المذيع:
 حماه، لا هذا طبيعي.
الدكتور عمر :
 يبغضه، ولكن الرجل قال حقاً، الله عز وجل صدق على كلام بلقيس ولم تكن مؤمنة بعد، قال تعالى:

﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾

[سورة النمل: 34]

 قال ربنا:

﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾

[سورة النمل: 34]

 خذ الحق واقبله ولو من بعيد، واردد الباطل ولو من قريب.
المذيع:
 مع أن الكلام كان عن سيدنا سليمان ملكاً نبياً.
الدكتور عمر :
 هي ظنت أن كل الملوك على شاكلتها هي، أوان مستطرقة.
المذيع:
 الموضوع فيه خلافات كبيرة.
الدكتور عمر :
 ولكن الإنسان يسلك طريق الصالحين، وإن كان هذا الإنسان ليس تابعاً لرايات معينة، الشيخ الفلاني تابع لجماعة معينة، وهذا الجماعة العلانية، هذا المذهب وهذا التقوقع داخل حفر الرايات يضر الإسلام.
المذيع:
 دكتور راتب نحن الآن نعيش في عصر كثرت فيه الآراء والانقسامات والتشرذمات في الأمة وأصبح شباب الأمة ورجالها ونساؤها مع هذا أو مع ذاك أو مع تلك، أيعتبرون إمعة؟

 

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 لا، أنا أقول: العلاج أن تعيش ضمن حاضنة إيمانية، والدليل قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

 أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية، بحاجة إلى أخ كريم ينصحك وتنصحه.
المذيع:
 هو يعيش معه سيدي.
الدكتور راتب :
 هذا من وهمه.
الدكتور عمر :
 هناك شروط لمن آخذ منه وأصادقه.

 

شروط من آخذ عنه و أصادقه :

المذيع:
 ما هي؟
الدكتور عمر :
 أول شيء إذا رأيته ذكرتك بالله رؤيته، ودلك على الله حاله، وزادك في علمه منطقه، وإن رآك غافلاً ذكرك، وإن رآك ذاكراً أعانك، الخمسة هذه تدلك عليه.
المذيع:
 من أين نأتي بهم؟
الدكتور راتب :
 لا تخلو الدنيا.
المذيع:
 لكن هذه الشروط إذا لم يصنع أحدنا هذه الشروط يكون إمعة؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.
المذيع:
 ما معنى هذه الكلمات: أنا مع الجماعة، أنا معكم، أنا مؤيد، أنا تبع لكم؟

 

دين الإنسان قوام حياته و آخرته :

الدكتور راتب :
 إنسان أراد أن يبيع بيته، خرج من بيته وجد دلالاً قال له: هذا ثمنه خمسة ملايين، يبيعه رأساً؟ من أجل بيت لا يمكن أن يبيعه رأساً.
المذيع:
 يسأل ثالثاً ورابعاً وخامساً.
الدكتور راتب :
 دينك الأساسي، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا. قوام حياتك، قوام آخرتك، أبد، ما الأبد؟ شيء صعب تتصوره، واحد بالأرض وأصفار للشمس، أمام اللانهاية صفر، أبد.
المذيع:
 ما أثر الإمعة على الفرد والمجتمع؟

أثر الإمعة على الفرد والمجتمع :

الدكتور عمر :
 السلبية لا تخلق لا قائداً ناجحاً، ولا إنساناً صالحاً، ولا مواطناً فالحاً، إنما السلبية تورث إمعات أقزاماً في عالم العمالقة، العالم الآن يتجمع ويتعملق، نحن نتقزم إذ سبحان الله قال تعالى:

﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 46 ]

 هذا التشرذم نتيجة أن الإنسان يصير إمعة، يسير في ظل آخرين لا يدري ما قيمتهم من القرب من الحق والبعد.
المذيع:
 وإذا كان لا يدري ماذا يصنع وماذا يقول، ماذا ينبغي عليه أن يفعل؟
الدكتور عمر :
 المؤمن مكلف يا ولدي تكليفاً واضحاً، علينا أن نجلس بين أيدي العلماء الثقات الثبوت، ونتعلم منهم أين الحلال، وأين الحرام، وأين طريق الصواب، وأين طريق الخطأ، هم أعلم الناس بالحلال والحرام.
الدكتور راتب :
 لو سألنا لماذا يصلي الإنسان؟
المذيع:
 تقرباً لله تعالى.
الدكتور راتب :
 نقول: الصلاة فرض، وطلب العلم فرض على كل مسلم.
المذيع:
 إذا سمحت له الظروف بذلك، إذا تكلمنا على أرض الواقع، هناك من لم ينل قسطاً من التعليم، هنالك من المتعلمين من هم إمعات أليس كذلك؟
المذيع:
 هؤلاء يقلدون العلماء.
المذيع:
 هل يعتبرون إمعة؟
الدكتور راتب :
 لا إذا قلدوا عالماً.
المذيع:
 انتفت الإمعة.
الدكتور راتب :
 نعم، عالم رباني، أقول لك كلمة أدق من ذلك: لا يمكن أن يعلم الله من عبده حرصه على الحق إلا ويجمعه مع أهل الحق، مستحيل.
المذيع:
 هل ظهرت هذه الإمعات على زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ولم حذر منها لا يكن أحدكم إمعة؟

 

تحذير النبي من ألا يكون أحدنا إمعة :

الدكتور عمر :
 النبي صلى الله عليه وسلم أراه الله ما لا يراه الآخرون، وأسمعه الله ما لا يسمعه الآخرون، فسبحان الله كأنما عرض عليه التاريخ السابق والتاريخ اللاحق، حتى يرى ما لا نرى، الصحابة كان كل واحد منهم إيجابياً فاعلاً حتى يصير رمزاً، وكان كل واحد منهم يتمتع بعلو الهمة، وعلو الهمة كالنحلة، ودنو الهمة كالخنفساء، وشتان بين الطرفين، علة الهمة إذا أكل أكل الطيب، وإذا أطعم أطعم الطيب، وسبحان الله النحلة لا تدخل خليتها فراشة، أو شغالة في رجلها قاذورات، لأنهم مجتمع نظيف، نحن إذا قمنا بإلغاء تاريخ الإمعة، قلبنا صفحة الإمعات وفتحنا صفحة الإيجابيات رأينا موظفاً مرتشياً في مصلحة ما فامتنع الناس عن رشوته، فاضطر أن يعمل، وأن ينهي لنا مصالحنا دون أن يأخذ رشوة، لكن أنا أعينه على أخذ الحرام، وأتمثل بفلان الذي دفع له الرشوة، وأصير معهم في المعاصي، هذا إمعة.
المذيع:
 المصلحة يجب أن تصير هكذا..
الدكتور عمر :
 لا، رزق الله كما قلنا من قبل لا يسوقه إليك حرص حريص، ولا تمنعه كراهة كاره، والله لو أن رزقك في فم الأسد أو في فم الحيوان الضخم، لماذا؟ لأننا للأسف لا ندرك حركة التاريخ، الحيوانات العملاقة قد انتهت، وبقيت الحيوانات الصغيرة، ونحن نعملق مبانينا وسوف تنتهي، لأننا صرنا إمعات، نقلد الغرب في عملقة الأمور، وليس عملقة النفس، النفس الإيمانية عملاقة، ليس مقزمة، والإمعة قزم.
المذيع:
 السلبيات شيخنا الدكتور راتب النابلسي بارك الله بك ربما تكون السلبيات هي المصطلح الأقرب إلى الإمعة، كيفية علاج هذه السلبيات أو تلك الإمعة؟

علاج الإمعة :

الدكتور راتب :
 والله أنا أقول: الجماد شيء مادي له وزن، وله أبعادٌ ثلاثة، النبات يزيد عليه بالنمو، و الحيوان بالحركة، والإنسان بالعقل والإدراك، الله أودع فيه قوة إدراكية تشريفاً له، ما لم يستفد من هذه القوة بطلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به، اسمع إلى القرآن الكريم ماذا يقول عن هؤلاء:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[سورة النحل: 21]

 نبضه ثمانون، ضغطه ثمان اثنتا عشرة، وعند الله ميت، قال تعالى:

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان : 44]

 دابة، قال تعالى:

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون: 4 ]

﴿ كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفارًا ﴾

[سورة الجمعة: ٥]

 خمسة أوصاف في القرآن الكريم لمن أعرض عن طلب العلم، لأن الله أودع فيك كياناً، قوة إدراكية تلبى بطلب العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
الدكتور عمر :
ولذلك قال تعالى:

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

[ سورة الرحمن: 1-4]

 من الواجب الترتيب المنطقي خلق الإنسان علم القرآن، كيف يعلم القرآن قبل أن يخلق، فجعل خلق الإنسان بين تعليمين كأن من لم يتعلم لم يخلق بعد.
المذيع:
 كلمة أخيرة توجهها لمن هو إمعة أو موقفه سلبي دائماً.

 

كلمة لمن هو إمعة أو موقفه سلبي دائماً :

الدكتور عمر :
 أنا أقول: إن أركان أو ركائز وخصائص هذه الأمة، قال تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

 فإذا لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر صرنا إمعات، وإذا صرنا إمعات انتفت عنا خاصية الأمة، وانتفت عنا صفة الخيرية.
المذيع:
 كلمة أخيرة توجهها للإمعة أو السلبي ماذا تقول؟
الدكتور راتب :
 البحث عن الحقيقة مطلب أساسي لكل إنسان، أما أن يبقى تحت رحمة الإشاعات والأقوال التالفة الغير صحيحة فهذا سيكون ضحية.

 

خاتمة و توديع :

المذيع:
 شكراً لكما على هذا اللقاء، ونلتقيكم في الحلقة القادمة إن شاء الله.
 مشاهدينا الكرام؛ وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة على وعد بلقاء في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى حتى ذلك الحين شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخفاء الصور