وضع داكن
25-04-2024
Logo
الفتوى : 19 - أريد تفسير لهذا الحديث : إن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم.....؟ .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سؤال:

فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد تفسير لهذا الحديث :

((إن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم))


وجزاكم الله عنا كل خير

 

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد.
الأخ الكريم / الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:
ما دام الإنسان في الدنيا يحمل رسالة، الرسالة أن يعرف الله وأن يتقرب إليه بالعمل الصالح، فهل تعتقد أن هناك عمل صالح وأنت منعزل عن الناس، هل تستطيع أن تقدم شيئاً، أن تنصح، أن تدعو إلى الله، هل بإمكانك أن تعمل صالحاً وأنت منعزل ؟ لا يمكن، لا بد من أن تكون مع الناس، الأنبياء كانوا مع الناس، كانوا معهم، كانوا في برج عاجي أخلاقي، وكانوا معهم بأجسامهم، ومشوا في الأسواق واستمعوا إليهم، وحلوا مشكلاتهم، لو أن الأنبياء عاشوا في أبراجهم العاجية لما كانوا أنبياء، الأنبياء يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، إذاً من أجل أن نصل إلى الآخرة بسلام، من أجل أن نكسب الجنة لا بد من عمل صالح، والعمل أساسه أن تكون مع الناس، وأنت حينما تخالط الناس وترحمهم، وتصبر على أذاهم، وترشدهم، وتأخذ بيدهم، وترعاهم وتقدم لهم خدمات جلة، يرضى الله عنك، لأنه عباده، الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله، أما الذي ينعزل حرم العمل الصالح، يعني حرم ثمن الجنة، يعني أصبح مطروداً من رحمة الله عز وجل فالإنسان ينبغي أن يكون مع الخلق، ولكن إذا كان ضعيف الإيمان وكانت خلطته مع الخلق ستؤدي به إلى بعد عن الله، ينبغي أن يعتزلهم، أنا أذكر هنا لعبة شد الحبل إذا كنت قادراً على أن تجر من حولك من تخالطهم إلى الله فكن معهم، أما إذا هم جروك إلى انحرافهم أو إلى معصيتهم فابتعد عنهم فالمقياس الدقيق بين أن تكون مع الناس وبين أن تعتزلهم هو مدى قدرتك على أن تأخذ بيدهم إلى الله عز وجل، فإذا كنت ضعيف الإيمان لا سمح الله ولا قدر لن تستطيع أن تأخذ بيدهم إلى الله، هو يأخذوك إلى المعصية من هنا كان هذا الضابط، متى أجلس مع من حولي ؟ ومتى أبتعد عنهم ؟ لكن صحبة المؤمنين من أجل الطاعات ـ لذلك المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ـ طبعاً فمن خالط الناس وصبر على أذاهم خير ممن لم يخالطهم ولم يصبر على أذاهم، فالضابط في هذا الموضوع مدى قدرتي على أخذهم إلى الله ورسوله، فإن أخذوا بيدي إلى المعصية فلا خير في هذا اللقاء لذلك:

((الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة))

بل إنك لن تستطيع أن تكون مؤمناً إلا إذا كنت مع المتقين، لقوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾

الدكتور محمد راتب النابلسي

إخفاء الصور