وضع داكن
19-04-2024
Logo
ماليزيا- ديناً قيماً 1 - الحلقة : 07 - أكل الحرام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 مشاهدينا الكرام؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرحب بكم بحلقة جديدة من هذا البرنامج، كما نرحب بضيفينا العالمين الجليلين الدكتور محمد راتب النابلسي، والدكتور عمر عبد الكافي، مرحباً بكما.
 دائماً يخطر ببالي سؤال وقد أكون قد سألته من قبل: لماذا هذه الابتسامة والبشاشة التي تعلو وجهيكما؟
الدكتور عمر :
 أنا شخصياً عندما أجاور الصالحين أفرح أن الله جعلني في معية الصالحين، نذكر أنفسنا بالله، ونذكر مشاهدينا بالله، والله هذا عز لا يبلغه إنسان لو ذاقه أحد لقاتلنا عليه بالسيوف.
المذيع:
 الابتسامة والبشاشة التي على وجهك شيخنا؟
الدكتور راتب :
 والله من الله.
المذيع:
 ماذا تقترح أن نتكلم في هذه الحلقة؟
الدكتور راتب :
 والله أنا أذكر هذا المثل، مظلة قد يجهل المظلي شكلها، قد تكون دائرية، مستديرة، بيضوية، قد يجهل نوع الخيوط التي صنعت منها المظلة، قد يجهل عدد الحبال، ألوان الحبال، قد يجهل خمسين معلومة إلا معلومة واحدة إذا جهلها نزل ميتاً طريقة فتح المظلة، عبر العلماء عن هذا بالعلم الذي ينبغي أن يعلم بالضرورة، يوجد تبحر، يوجد مليون موضوع في الإسلام، أما العلم الذي ينبغي أن يعلم بالضرورة فهذا فرض عين على كل مسلم، منها أكل الحرام، لأنها قضية خطيرة جداً، هذه المادة حرام، أو ثمنها حرام، أو طريقة أخذها حرام، الحرام منوع، فأنا حتى لا أقع في الحرام يبنغي أن أعرف، فلابد من معرفة الحرام ضمن العلم الذي ينبغي أن يعلم بالضرورة.
الدكتور عمر :
 أي أفتح مظلة الحلال.
الدكتور راتب :
 نعم، من دخل السوق بغير فقه أكل الربا شاء أم أبى.
المذيع:
 إذا عن أكل الحرام؟
الدكتور راتب :
 نعم.
المذيع:
 تكلمنا في حلقة سابقة عن أكل الطيبات، كان الصحابي يقول: ذهب الصحابة لرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الحلال وكنت أسأله عن الحرام خشية الوقوع فيه، السؤال: الناس تتورع عن أكل الحرام أم أنها تجهل أكل الحرام؟

استحلال الحرام تحت عنوان الحلال :

الدكتور عمر :
 الناس الآن تستحل الحرام تحت عنوان الحلال، يسمون الحرام بغير أسماء.
المذيع:
 مثل ماذا؟
الدكتور عمر :
 يقول لك: هذه مشروبات روحية، ماذا يقصد بها؟
المذيع:
 خمور.
الدكتور عمر :
 هذه العارية على المسرح، وترقص على أطراف أصابعها، هذا فن الباليه، هذه السابحة في حمام السباحة في الأولمبياد ترفع ساقيها إلى الأعلى، السباحة التوقيعية، أي الخيبة براً وبحراً، سبحان الله اسمها سباحة توقيعية، الحرام بغير أسماء، ويستحل المشرفون على هذا كله أموالاً طائلة وراء كل هذا وتحت عنوان: أين الحرام؟
المذيع:
 شيخنا أنتم تحرمون كل شيء أي الموسيقا والفن؟

ضرورة انضباط الناس بشرع الله و تحري الحلال :

الدكتور عمر :
 يقولون ما يشاؤون، نحن أناس منضبطون بشرع الله سبحانه وتعالى، والأمور على الحل والإباحة، ما لم يأت نص يحرمه. لذلك لم يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة إلا ثلاثة عشر سؤالاً فقط، لماذا؟ لأن الصحابة عملوا فما شغلوا أنفسهم بالسؤال، أما نحن فما عملنا وتفلسفنا في الأسئلة.
المذيع:
 شيخنا الدكتور محمد راتب ما أشار إليه الدكتور عمر الآن لو امرأة ارتزقت من الرقص والتمثيل والغناء والطرب رزقها حرام ومطعمها حرام؟

الارتزاق من الرقص و الغناء محرم شرعاً :

الدكتور راتب :
 مستحيل أن يسأل هذا السؤال، سؤال بديهي.
المذيع:
 حرام؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.
المذيع:
 وإذا قامت بمأدبة في رمضان أي مائدة الرحمن وحجت واعتمرت وتصدقت منه أيضاً حرام؟
الدكتور راتب :
 هذا لا يغطيه أبداً.
المذيع:
 ليس هناك قاعدة فقهية تقول: إن المال إذا غادر محله انتفت صفته؟
الدكتور راتب :
 هل هذه آية قرآنية؟ لا.
المذيع:
 حسناً كيف نرشد مشاهدينا الكرام لكي يعرفوا أن هذا حرام؟

كيفية معرفة الحلال من الحرام :

الدكتور راتب :
 أولاً: الحرام يحرم الإنسان من السعادة، والحلال تحلو النفس به، الفرق كبير جداً، لابد من خطاب ديني صحيح، لابد من طلب العلم، الإنسان لا يأخذ شهادة صغيرة جداً ليدرس اثنتي عشرة سنة، يدخل الجنة بدون دراسة؟ من دون طلب علم؟ لابد من أن يطلب العلم، أما الإنسان يتلقى المعلومات من دون طلب علم فهذا مستحيل.
الدكتور عمر :
 إذا تيقن الإنسان أن هذا المشروب الذي يشربه فيه من الآفات ما سوف يقتله فوراً لن يشربه، ولن يأكله، إذا اقتنع الإنسان أن الحرام هو سمّ قاتل يقتل الإيمان داخل قلبه، ويظلم قلبه، فلا يرى الحق حقاً، ولا الباطل باطلاً، سوف يكف عن الحرام، هذا أمر.
 الأمر الثاني: كما قال أستاذنا إنسان يريد أن يأخذ رخصة تجارية فيصبح رجل أعمال أو مهنته تاجر، يجب أن يعطى من قبل لجنة شرعية معتمدة من أي دولة، يوجد فقه البيع والشراء، يجب أن يكون فقيهاً، لا يدلف إلى السوق إلا إذا عرف الحلال من الحرام، لا يدلف الولد الذي نريد أن نزوجه إلى بيت الزوجية، ولا البنت إلى بيت الزوجية إلا إذا أعطيناه شهادة موثقة من علماء ثقاة معروفين لدى الدولة، عندئذ يعطيه شهادة أنه صالح للزوجية، وأنها صالحة للزوجية، وإلا أكلنا الحرام ونحن لا ندري.
المذيع:
 هل أكل الحرام يعني الطعام فقط والمال؟

 

الحرام منوع :

الدكتور راتب :
 الحرام منوع، إما أن تأكل طعاماً حلالاً لكن اشتري بمال حرام، أي طعام حلال بالأصل لحم غنم إذا اشتري بمال حرام أصبح حراماً.
المذيع:
 المال يحرم في حدّ ذاته شيخنا؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، المال مطلقاً غير حرام، هو قيمة مطلقة، أما متى يحرم؟ إذا أنفق في حرام أو اكتسب من حرام.
المذيع:
 شيخنا شخص أكل من مال حرام ويريد أن يفعل كفارة، عمل عملاً وصار يسكب مالاً حراماً أيترك كل ماله يتصدق به؟ أم ماذا يصنع؟

 

التوبة تطهر المال بشرط ألا يتعلق بحقوق الغير :

الدكتور راتب :
 أي كل ماله حرام؟
المذيع:
 نعم مثلاً.
الدكتور راتب :
 والله يوجد فتاوى متعددة، شخص مثلاً يعمل بضرب العود في فندق برأي عالم كبير قال: توبته تطهر ماله.
المذيع:
 إذاً التوبة تطهر المال؟
الدكتور راتب :
 نعم، بشرط لا يتعلق بحقوق الغير، أي يعمل عملاً غير مشروع جمع منه مبلغاً معيناً فإذا تاب.
المذيع:
 إذا سرق مثلاً؟
الدكتور راتب :
 هذا موضوع آخر.
المذيع:
 إذا من الرقص، من التمثيل، من الغناء، من كذا، التوبة تطهر المال، لا تتصدق به، لا تتركه.
الدكتور راتب :
 أنا هذا رأيي، هذا رأي علماء كبار.
المذيع:
 هل توافق دكتور عمر؟
الدكتور عمر :
 طالما قال الدكتور راتب فهو أعلم بموضوع الحلال والحرام.
الدكتور راتب :
 أستغفر الله.
المذيع:
 هل ينطبق الأمر على من يسرق؟

 

من سرق مالاً فهذا حقوق الآخرين يجب أن يرجع لأصحابه :

الدكتور عمر :
 من سرق مالاً فهذا حقوق الآخرين يجب أن يرجع المال لأصحابه.
المذيع:
 ويفضح نفسه؟
الدكتور عمر :
 بأي آلية بحيث لا يفضح نفسه، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة.
الدكتور راتب :
 حوالة بريدية، أخ طلب مني قلت له: ابعث له حوالة
الدكتور عمر :
 إن كان مالاً عاماً يجب أن يأتي بطوابع، بأوراق بريد، بحيث تعود إلى خزانة الدولة دون أن يستفيد منها.
الدكتور راتب :
 هذا كلام رائع جداً، لو أخذ شخص رشاوي كبيرة جداً لأربعين سنة ما الحل؟ الدولة مكلفة بجميعات خيرية، مكلفة بأن تمدها بالمال، ادفع لهذه الجمعية.
المذيع:
 حسناً، أي لحم نبت بالحرام فالنار أولى به، ما ذنب الابن الذي أطعمه أبوه من حرام؟

الابن لا علاقة له بمال أبيه الحرام :

الدكتور راتب :

﴿ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى ﴾

[سورة الإسراء: ١٥]

المذيع:
 حسناً كيف نفهم هذا الحديث؟
الدكتور راتب :
 الابن ليس له علاقة، يأكل هذا الطفل من مال أبيه الحرام كأنه مال حلال، من أين يأكل؟ هذا شيء مستحيل.
المذيع:
 إذاً ينطبق الحديث على صاحب التصرف.
الدكتور راتب :
 نعم.
الدكتور عمر :
 من أكل الشبهة أربعين يوماً قال العلماء عصت جوراحه شاء أم أبى، هذا الآكل من حرام لا يستطيع أن يربي ابنه الذي أطعمه من حرام بلا جريرة ولا وزر كما قال شيخنا، ولكن الولد نفسه لن يخرج مطيعاً، لأن لحمه نفسه نبت من مال حرام ليس له ذنب به، ولا يحاسب.
المذيع:
 حتى الزوجة محاسبة ؟
الدكتور عمر :
 لا ليس لها ذنب المسكينة.
الدكتور راتب :
 لكن يقولون: الزوجة يجب أن تأخذ من مال زوجها الحد الأدنى، إذا زوجها عنده ملهى تأخذ من مال زوجها الحد الأدنى فقط.
المذيع:
 هل هناك صور للمال الحرام أو الأكل الحرام شيخنا؟

 

صور أخرى للمال الحرام أو الأكل الحرام :

الدكتور راتب :
 والله لا تعد ولا تحصى.
الدكتور عمر :

(( هدايا العمال غلول))

[ أحمد عن أبي حميد الساعدي]

 دخل شخص على سيدنا عمر بن عبد العزيز أتى إليه بهدية وهو أمير المؤمنين، قال: أنا لا أقبل الهدايا، قال: قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كانت لرسول الله هدية ولنا نحن رشوة.
 أي تهدي الرسول هدية، يقول لك الظهر بدل أربع ركعات ركعة واحدة؟ المثال الواضح: قال: هذا لكم وهذا أهدي إليّ، قال: أفلا قعد في بيت أبيه أو أمه أيهدى إليه شيء؟ فالقانون:

(( هدايا العمال غلول))

[ أحمد عن أبي حميد الساعدي]

 ولذلك ابن عبد العزيز لما قسمت عطور بيت مال المسلمين أمامه وضع يده على أنفه قالوا: وما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: وهل يستفاد من هذا إلا برائحته؟
 وجده عمر بن الخطاب يحضر خروج روح أحد من الصحابة، لما خرجت روحه أطفأ المسرجة، قالوا: يا أمير المؤمنين أتتركنا في الظلام؟ قال: صار للورثة حق في هذا الزيت، أتريدون إطعامنا ناراً يوم القيامة؟
 أنا أقول كلمة بسيطة: على المؤمنين جميعاً ونحن أولهم ألا نراعي مسألة الحلال والحرام فقط يجب أن نعيش في مساحة الورع، فإن عدنا خطوات للخلف عشنا في مساحة الحلال.
المذيع:
 دكتور راتب ماذا تقول؟
الدكتور راتب :
 أحد العلماء الكبار لم يجلس في ظل بيت مرتهن.
المذيع:
 رسالة أخيرة توجهونها لمن اشتبه ماله بحرام ويريد أن يكفر، ورسالة أيضاً توجهونها لمن لم يبتعد عن أكل الحرام؟

 

رسالة لمن اشتبه ماله بحرام ويريد أن يكفر عنه :

الدكتور عمر :
 أقول للذي اختلط حلاله بحرامه في ماله وجب عليك أن تتوب إلى رب العباد، أن تكثر من الحلال فيغلب الحلال على الحرام، هذا أمر، أما الذي لم يبتعد عن الحرام فأقول له: والله إن رزقك سيأتيك ولا تستعجل ما عند الله بمعاصي الله، فإن ما عند الله لا يبلغ بمعصيته ولكن يبلغ بطاعته، كتب رزقك يا ولدي لك وأنت جنين في رحم أمك، فلن ينقص ملك الموت درهماً من رزقك، ولا لحظة من عمرك، وثق بأن الرزق سوف يأتيك لن يسوقه إليك حرص حريص، ولن يمنعه عنك كره كاره.
المذيع:
 دكتور راتب.
الدكتور راتب :
 والله الحلال بين لكن لو اشتبه الحلال بالحرام لابد من طلب العلم، أي يسأل: هل تجوز؟ لو عنده صفقة فيها شبهة يسأل، الله ماذا قال:

﴿ فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ﴾

[سورة النحل: ٤٣]

الدكتور عمر :
 والله عندنا الآلاف من التجار الذين عندهم آلاف المليارات ما رأيت واحداً منهم قد ولى أمر الفتوى في الصفقات التجارية وفي أرباحها وغيرها عالم دين، وإنما عنده محاسب قانوني، يجب أن يكون عالم دين حتى يضبط الإيقاع، إذا كبرت الآخرة عنده سوف يتخذ هذا.
المذيع:
 حسناً كلمة تقولها لمن لم يبتعد عن أكل الحرام؟

 

كلمة لمن لم يبتعد عن أكل الحرام :

الدكتور راتب :
 شخص ارتكب خطأ فأصبح هناك دمار، الثاني أدرك نفسه، إن رأيت الذي أكل الحرام ترى أن الله دمره، فأنت اتعظ.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 بارك الله فيكما، مشاهدينا الكرام وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة، شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في أمان الله.

إخفاء الصور