وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 189 - القرآن يحتوي على صور لنماذج بشرية.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

تدبر آيات القرآن الكريم وتمثلها :

 أيها الأخوة الكرام؛ القرآن طافح بسور لنماذج بشرية، الله عز وجل وصف الكفار، وصف المنافقين، وصف المؤمنين، وصف المؤمنين بآيات كثيرة تزيد عن مئتي آية، لذلك البطولة أن الإنسان المؤمن إذا قرأ آية فيها وصف للمؤمن ينبغي أن يسأل نفسه سؤالاً دقيقاً: هل هذه الصفة تتمثل بي؟ هكذا المؤمن، وإذا الله عز وجل أمر المؤمنين بأمر هل أنا مطبق لهذا الأمر؟ هذا هو التدبر، القرآن ينبغي أن تقرأه قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة العربية، وينبغي إن أمكنك أن تقرأه قراءة مجودة هذا معنى قوله تعالى:

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾

[ سورة البقرة : 121 ]

 وينبغي أن تفهمه، وينبغي أن تتدبره، التدبر أين أنت من هذه الآية؟ هل أنت مطبق لها؟ هذه نقطة مهمة جداً كلما قرأت آية فيها وصف للمؤمن أنت مطبق لهذه الصفة؟ هل هذه الصفة تتمثلها أنت؟ إلى آخره.
 اليوم الله عز وجل كما وصف بني البشر قدم في القرآن الكريم نماذج بشرية للكفار والمنافقين والمؤمنين، المؤمنون وصفهم وأمرهم، فالمؤمن الصادق يجمع بين وصف المؤمنين وبين الأمر الموجه لهم وسيحاول أن يتمثله حتى يكون إيمانه صحيحاً.

 

تفوق عاد و طغيانها في كلّ البلاد :

 لكن هذه المرة عندنا قوم عاد، هؤلاء لهم ميزة كبيرة جداً، لأن الله عز وجل ما أهلك قوماً إلا ذكرهم أنه أهلك من هو أشدّ منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15 ]

 معنى ذلك ما كان فوق عاد إلا الله، يوجد دول عظمى لا يوجد فوقها دولة، أمرها نافذ، بوش رئيس أمريكا السابق، قال: أنا لا يوجد عندي حوار مع أحد، أنا عندي أوامر أمليها فقط، هو أكبر من أن يحاور، هو يلقي أوامر فقط، في كل عقد يوجد دولة قوية جداً، ما أهلك قوماً إلا ذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15 ]

 هذه واحدة.
 وصفهم وصفاً دقيقاً، قال تعالى:

﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

[ سورة الفجر: 11-12 ]

 أي البنتاغون يقصف، وهوليوود تفسد، البنتاغون يقصف، قصف أماكن كثيرة من دون أذن الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن، البنتاغون يقصف، وهوليوود تفسد،

﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

 أولاً: عاد تفقوا تفوقاً كبيراً، تفوقوا بكل الموضوعات، لذلك لم يخلق مثلها في البلاد، متميزة، أقوياء لكن مع القوة يوجد غطرسة، قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15 ]

 هناك قوي متواضع وهناك قوي متغطرس، أول شيء: طغوا في البلاد، ما قال في بلدهم، بل في البلاد، قال تعالى:

﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

[ سورة الفجر: 11-12 ]

 إذاً طغيانهم ليس في بلدهم في كل البلاد، قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15 ]

 لا أحد، نحن نملي أوامرنا، أحد أعضاء الكونغرس صرح: بما أن الغرب مهيمن على الشرق لن نسمح بقيام حكم إسلامي من الأخير، الجزائر أجرت انتخابات ألغيت، وفي فلسطين ومصر ألغيت، واضح تماماً مثل الشمس، لذلك الإسلام يواجه حرباً عالمية ثالثة كانت قبل حين تحت الطاولة، اليوم فوق الطاولة، الإسلام محارب جهاراً نهاراً، قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت: 15 ]

تفوق عاد في كلّ المجالات :

 الآن أنواع تفوقهم، تفوق عمراني قال تعالى:

﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴾

[ سورة الشعراء : 128 ]

 ناطحات سحاب، تفوق عمراني في أعلى مستوى، وهناك تفوق صناعي، قال تعالى:

﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾

[ سورة الشعراء : 129 ]

 وتفوق عسكري:

﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾

[ سورة الشعراء: 130 ]

 و تفوق علمي:

﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾

[ سورة العنكبوت: 38 ]

 إذاً تفوق عسكري، تفوق عمراني، تفوق علمي، تفوق اقتصادي من كل المجالات، وطغوا في البلاد، في كل البلاد فأكثروا فيها الفساد، إهلاكهم شيء عجيب، أكثر ظاهرة مدمرة في الغرب الأعاصير، الإعصار سرعته تقدر بمئتين أو ثلاثمئة كيلو متر، أنا قرأت عن الإعصار، مدينة بأكملها ما بقي منها شيء، وجد محرك سيارته بعد خمسة كيلو متر، الأبنية والمركبات كلها تطير، أعاصير أمريكا مخيفة جداً، لذلك قال تعالى:

﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

[ سورة الفجر: 13-14]

 جاءت موجات بحرية دمرت، الخسائر كانت ثلاثين ملياراً منذ يومين أو ثلاثة، المصائب تأتي كبيرة جداً منها الأعاصير، منها الأمواج العاتية.

 

الإيمان هو الخلق :

 لذلك أيها الأخوة الكرام؛ كأن هذا القوي نموذج للأقوام الأقوياء، مع القوة يوجد غطرسة، أما النبي صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة المكرمة دخلها مطأطئ الرأس، حتى كادت ذؤابة عمامته تلامس عنق بعيره تواضعاً لله عز وجل، لا يوجد قائد يفتح مدينة ناصبته العداء عشرين عاماً، انتهكت حرمات الصحابة، قتلوا الصحابة، حاربوهم مرتين أو ثلاث، فلما دخلها فاتحاً قال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. يقول له أبو سفيان: ما أعدلك! وما أرحمك! وما أحكمك! عندما فتح مكة.
 فلذلك أيها الأخوة الكرام؛ الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان، هذه كلمة ابن قيم الجوزية.
 هذا الإنسان ما علاقته بالمؤمن؟ بأخلاقه فقط، صلاته له، أذكاره له، علمه له، علاقتك مع المؤمن علاقة أخلاق، أنا سأقول كلمة: يجب على الناس أن يعشقوا المؤمن لأنه موصول بالله، الموصول بالرحيم.

 

قانون الالتفاف و الانفضاض :

 دققوا في هذه الآية:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 هذه الباء باء السبب، أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم، فلما كنت ليناً معهم التفوا حولك، ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة، وهذه القسوة تنعكس على الناس غلظة وفظاظة، عندئذ ينفضون من حولك.
 أنا قلت: هذه الآية تمثل قانون الالتفاف والانفضاض، من لا يحب أن يكون أولاده ملتفين حوله بالمحبة والتقدير والخدمة؟ لا أحد، هذه تحتاج رحمة، يجب أن يشعر الابن أنك ممتلئ رحمة تجاهه، قال تعالى:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 من لا يحب إذا كان مدير دائرة أن يحبه الموظفون؟ هناك فرق بين أن يكون حولك أناس محبون- بتعبير آخر حراس- وبين أن يكون حولك أناس ينتظرون مناسبة لينهشوك، مسافة كبيرة جداً، والله الإيمان سعادة المؤمن بالدنيا قبل الآخرة، فالإيمان حكمة، المؤمن حكيم، رحيم، الآية تقول:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 عندما تكون موصولاً بالله تشتق منه الرحمة، هذه الرحمة دون أن تشعر تعامل من حولك بالاعتدال، باللين، باللطف، بالعفو أحياناً، قال تعالى:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

قيمة الإنسان بأخلاقه :

 أيها الأخوة الكرام؛ لذلك هؤلاء الأقوام السابقون ما جاء وصفهم بالقرآن عبثاً، يوجد إيجابيات عندهم ينبغي أن نقتبسها، وإذا كان هناك سلبيات ينبغي أن نبتعد عنها، عندنا نموذج بشري؛ المؤمن، المنافق، الكافر، وعندنا نموذج بشري لقوم عاد الذين مثلوا الأمة القوية الطاغية، أنا مرة كنت في أمريكا قال لي أحدهم: أين كنت؟ قلت له: بعاد الثانية، فالله عز وجل ماذا قال؟

﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ﴾

[سورة النجم: 50]

 استنباط لطيف إذا إنسان قال لك: هذه الدفعة الأولى، ما دام قال لك أولى فهناك دفعة ثانية، بكل عصر يكون هناك طاغية قوية، ومع القوة غطرسة وكبر واستعلاء، فلذلك الإنسان عندما يتصل بالله عز وجل يصير عنده أخلاق عالية جداً.
 بلغ سيدنا عمر بن عبد العزيز أن أحد القادة العسكريين فتح سمرقند وما عرض عليهم الإيمان، والله شيء لا يصدق، بعث له قصاصة: انسحب من سمرقند ثم اعرض الإسلام على أهلها أولاً فإن قبلوا لا تحاربهم، لم يصدقوا بلدة فتحت بالجيش، انسحب الجيش بقصاصة ورق، انسحب وعرض الإسلام، عندما انسحب أسلموا كلهم، الإسلام لم ينتشر بحدّ السيف، لا، والله انتشر بالأخلاق، فلذلك الإسلام وصل إلى مشارف فرنسا، أنا كنت بمكان بفرنسا يدعى بواتييه، هنا وصل جيش طارق بن زياد، ووصل إلى مشارف الصين، فلذلك عندما فهمنا الدين فهماً عميقاً أنا أقول لكم كلمة دقيقة: والله الذي لا إله إلا هو لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما نفهمه نحن الآن والله الذي لا إله إلا هو ما خرج الإسلام من مكة، كيف عمّ الأرض؟ كيف عمّ القارات الخمس؟ كيف وصل إلى الصين؟ بالأخلاق، بالاستقامة.
 لذلك أيها الأخوة الكرام؛ الذي ينعكس منك إلى من حولك أخلاقك، عبادتك لك، فهمك لك، علمك لك، مليون قضية لك، فهذا الذي أمامك، أنا كنت أقول لأخواننا في ألمانيا: هذا الألماني لا قرأ القرآن، ولا قرأ صحيح البخاري، ولا قرأ صحيح مسلم، من هو الإسلام عنده؟ أنت، إذا غلطت فالإسلام غلط، لذلك الآية الدقيق جداً، قال تعالى:

﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾

[ سورة الممتحنة : 5 ]

 هذا الكافر عندما رأى المسلم قدم تصريحاً كاذباً إلى أوربا، يرفض الإسلام ويعتز بكفره، من أقنع الكافر بكفره؟ المسلم المقصر عندما قدم تصريحاً كاذباً، هناك الكثير من القصص، عندما تقدم كتاباً: أنا ليس لي دخل تستحق تسعمئة يورو كل شهر، وكل ولد ثلاثمئة يورو، تكلفه ورقة مع توقيع، وهم لم يطلبوا إثباتات، لكن عندما تقدم تصريحاً كاذباً يعرفون أنك قد انتهيت.
 مرة دخلت إلى مكان بحجم المسجد بألمانيا في برلين ألقيت محاضرة، همس أحدهم بأذني قال: كلهم قدموا تصريحاً كاذباً أنهم لا يعملون، هل من الممكن أن يقتنع الألماني بالإسلام؟ أبداً، لماذا تقول: أنا لا أعمل، هذا يسمونه: عمل أسود، يوجد عمل أسود وهو مصطلح أنه يعمل من دون أن يصرح أنه يعمل، فيأخذ تسعمئة يورو كل شهر، ويأخذ عن كل ولد ثلاثمئة يورو، هم بحاجة إلى يد عاملة، يريدون الأولاد ولا يدققون، يجدون كل ألف تصريح شخص هذا يدرسونه دراسة دقيقة جداً، إذا كان يكذب يدمرونه نهائياً، الإنسان قيمته بأخلاقه، المؤمن لا يكذب، الكذب يتناقض مع الإيمان، دققوا:

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ))

[ أحمد عن أبي أمامة الباهلي ]

 يوجد مؤمن طبعه حاد، معذور، عصبي هذا طبع، والآن صار عندنا علم الطباع، هناك إنسان يحب العزلة لا يحب أن يجلس مع الناس، إنسان لا يحب السفر، يحب الإقامة، موضوع محبة السفر والإقامة والاجتماع هذه طباع ليس لها علاقة بالأخلاق، فجاء الحديث:

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ))

[ أحمد عن أبي أمامة الباهلي ]

 فإذا كذب وخان ليس مؤمناً، كل شيء ممكن إلا الكذب، كذب انتهى.
 أيها الأخوة الكرام؛ سوف أقول كلمة أخيرة: الذين حولك؛ أولادك، جيرانك، زملاؤك، أقرباؤك، يعنيهم منك فقط الأخلاق، يتسامحون معك بكل شيء إلا الأخلاق، مثلاً أنت تذهب لطبيب لا يهمك استقامته، يهمك أن يكون معه بورد، واختصاصه عال جداً، محامي مثلاً لا يهمك استقامته لكن عنده خبرة بالقوانين عالية جداً، لكن رجل الدين لا يمكن أن تقنع منه إن وجدت مسافة بين أقواله وأفعاله، فالإنسان عندما يتقي إذا دعا إلى الله استقامته هي الدعم، لذلك بيت الداعية إلى الله جزء من دعوته، وعمله جزء من دعوته، إذا أنت أحببت أن تكون مثلاً أعلى للناس أهم شيء أن تطبق، أنت عندما تطبق تقنع الناس بهذا الدين.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور