وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 174 - سنن الله عز وجل في خلقه - الهدى البياني.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سنن الله في خلقه :

 أيها الأخوة الكرام؛ الله عز وجل له سنن في هداية خلقه، هذه السنن تبدأ بما يسمى بالهدى البياني، أنت صحيح، بكامل صحتك، زوجتك معك، أولادك، بناتك، بعملك جيد، لا يوجد عندك أية مشكلة، الله عز وجل يتفضل عليك يسمعك الحق، من خطيب مسجد، من مدرس، من ندوة، من كتاب، المصادر متنوعة، لكن أنت حينما يقدر الله لك أن يسمعك الحق هذه مرحلة راقية جداً اسمها الهدى البياني، لا يوجد أية مشكلة بصحتك، ببيتك، بأولادك، مع زوجتك، بدخلك، بعملك، بعلاقاتك، الله عز وجل أسمعك الحق، الموقف الكامل بهذه المرحلة أن تستجيب، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال : 24 ]

 أيها الأخوة الكرام؛ شيء خطير الله وصف أهل الدنيا الغارقين في دنياهم ولذائذهم وغرائزهم ومصالحهم بأنهم أموات، قال تعالى:

﴿ أَمواتٌ غَيرُ أَحياءٍ ﴾

[سورة النحل: ٢١]

 ميت، ميت لكن ضغطه طبيعي، ونبضه سبعون، لا يوجد مشكلة معه إن فحص جسمه، اسمه عند الله ميت، الشاعر قال:

ليس من مات فاستراح بميت  إنما الميت ميت الأحياء
***

 ليس له هدف في الحياة، هدفه المتعة، سافرت إلى أمريكا اكتشفت حقيقة أن هذا الشعب - أو أوربا وأستراليا - يعيشون لحظتهم، هدفهم الوحيد الرفاه، هؤلاء أموات غير أحياء، قال تعالى:

﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[سورة يونس: 24]

سياسة الله عز وجل في معاملة عباده :

1 ـ الهدى البياني :

 عندك مرحلة راقية جداً ومريحة، لا يوجد عندك مشكلة، وأنت صحيح بكامل قوتك، وصحتك، وناجح مع أهلك، مع أولادك، بعملك، يسمعك الله الحق من درس دين، من خطيب مسجد، من ندوة تتابعها، من كتاب تقرؤه، وهناك شيء يقرأ، وشيء يسمع، وشيء يشاهد، هذه المرحلة أرقى مرحلة، وأسلم مرحلة، مرحلة مريحة هي الهدى البياني، الموقف الكامل بهذه المرحلة، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال : 24 ]

 قد يقول طبيب الهضمية لمن يعاني من التهاب حاد في معدته: يا أخي عندك حالتان؛ إما تخضع لحمية قاسية جداً ستة أشهر على الحليب فقط وتشفى أو تعمل عملاً جراحياً، لذلك قال تعالى:

﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة البقرة: 284 ]

 دقق، قال تعالى:

﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾

[ سورة البقرة: 284 ]

 أنت تعاني من مرض نفسي إن ذكرته أو لم تذكره الله سوف يعالجك منه، العلاج طريقان، قال تعالى:

﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾

[ سورة البقرة : 284 ]

 يقول له الطبيب: تخضع لحمية شديدة جداً تشفى بلا عمل جراحي، فإن أبيت إلا أن تأكل ما تشتهي عندك عمل جراحي

﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾

 بالحمية القاسية، و

﴿ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

 هذه المرحلة أرقى مرحلة ومرحلة فيها راحة.

2 ـ التأديب التربوي :

 أخواننا الكرام؛ أنت جالس في جامع، وفي درس علم، قنعت بما يقال، بالأدلة، بالآيات، والأحاديث، قنعت بالفكرة طبقها فقط، إذاً الموقف الكامل في الهدى البياني أن تستجيب، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال : 24 ]

 أي كنتم أمواتاً قبلها، أموات بالمفهوم القرآني، ميت، لم يستجب، الله رحيم يخضعه لأسلوب آخر، تأتي الشدة، قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى ﴾

[ سورة السجدة : 21]

 في الدنيا، قال تعالى:

﴿ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة : 21]

 الأكبر في الآخرة.

3 ـ الإكرام الاستدراجي :

 بالهدى البياني ما استجاب، الآن التأديب التربوي، الثانية تأديب تربوي، بالموقف الأول الكامل الاستجابة، الموقف الثاني التوبة، يوجد أخطاء، وتقصير بأداء الواجبات، وقليل من المال الحرام، وبضاعة تبيعها لا ترضي الله، تقول: عليها طلب، هذه ليست حجة، المرحلة الثانية مرحلة التأديب التربوي، الموقف الكامل التوبة، بالهدى البياني الاستجابة، بالتأديب التربوي التوبة، لم يتب الحالة الثالثة الذين ينجحون بها عشرة بالمئة، الإكرام الاستدراجي، ينطلق المحل، غلة كبيرة، بيع شديد، أرباح طائلة، سهرات، لقاءات، سفريات، اختلاط، إطلاق بصر، غيبة، نميمة، ممارسة الشهوات، هذه الثالثة الإكرام الاستدراجي، قال تعالى:

﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 178]

 إكرام استدراجي، بالمرحلة الثالثة إكرام استدراجي، الموقف الكامل أن تشكر.

4 ـ القصم :

 بالهدى البياني لم يستجب، و بالتأديب التربوي لم يتب، و بالإكرام الاستدراجي لم يشكر، ماذا بقي أمامه؟ قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

 يقولون: إن شخصاً ضبط متلبساً بسرقة، قال: والله يا أمير المؤمنين أول مرة، قال له: كذبت، إن الله لا يعاقب من أول مرة، كانت المرة الثامنة.
 الله عز وجل رحيم وحليم، يعطيك فرصة ينبهك، تشاهد مناماً مخيفاً، ينذرك، تلتقي بإنسان ينصحك، يهددك، يأتي لك بالآية والحديث، فأنت بين الهدى البياني، أرقى شيء، وبين التأديب التربوي أصعب، وبين الإكرام الاستدراجي أصعب وأصعب، لذلك قال تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

[سورة النساء: 28]

 إذا كان عندنا مئة إنسان ضعيف، الذين ينجحون ثمانين بالمئة، وإذا كان عندنا مئة إنسان قوي الذين ينجحون عشرة بالمئة، القوة مظنة استغناء عن الله عز وجل، استغنى عن الله، قوي، دخله كبير، مكانته كبيرة، بقي القصم آخر شيء، هذه نقطة.
 النقطة الثانية: أنت من غير المعقول كأب أن ترى ابنك اقترب من المدفأة المشتعلة وهو صغير وتبقى ساكتاً، تقفز وتخلصه، علامة الرحمة أنت تمشي بشكل خاطئ لك دخل حرام، و لقاءات لا ترضي الله عز وجل، أثناء البيع والشراء تملأ عينيك من محاسن النساء، وقد تدير حديثاً غرامياً معهم مثلاً، هو بائع أقمشة هذه تليق لك وهذه لا تليق لك، هناك أحاديث لا ترضي الله عز وجل، تفضل صلِّ الظهر ولكن لا يبقى لك صلة بالله أصبحت الصلاة شكلاً، إذا لم يكن لك توبة، صلح مع الله، استقامة، لا تنعقد مع الله الصلة، هذه من الأخير، قال تعالى:

﴿ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ﴾

[سورة التوبة: 54]

 هذا اسمه كفر دون كفر، ما أنكر وجود الله لكن هذا الأمر الإلهي ما قنع به، ما طبقه، قال تعالى:

﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى ﴾

[سورة التوبة: 54]

أنواع المصائب :

 أيها الأخوة الكرام؛ والله كلام دقيق أنت أمام تأديب تربوي، أمام هدى بياني، إكرام استدراجي، قصم، الآن عندما يريد رب العالمين أن يعالجك، المعالجة من لوازم المربي، المربي يعالج أول معالجة، النقطة دقيقة جداً سنبدأ بالرسل، مصائب الأنبياء مصائب كشف فقط، عنده كمال، عنده غيرة على الحق تفوق حدّ الخيال، يضعه الله بظرف يظهر كماله، أي ذهب النبي للطائف مشياً على قدميه مسافة ثمانين كيلو متراً، يصل إلى الطائف يدعوهم إلى الإيمان بالله، يكذبونه، يسخرون منه، يغرون أولادهم أن يضربوه، ويضربوه، ويسيل الدم من قدمه الشريف، يأتيه ملك الجبال ويقول له:

(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))

[ متفق عليه عن عائشة]

 إذاً المصائب إن أصابت الأنبياء هذه مصائب كشف، أنت عندك سيارة، محركها مئة وعشرون حصاناً، لا تبدو خصائص هذه المركبة القوية بالطريق السهل، ولا بالطريق الهابط، هذه لا تبدو إلا بالطريق الصاعد، الركاب كاملون والصندوق ملآن بضاعة وتمشي على المئة، هذه مئة وعشرون حصاناً لا تظهر إلا بحالة صعبة جداً، فالأنبياء عندهم كمال كبير، هذا الكمال كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكي على أعدائه رحمة بهم:

(( إنما أنا رحمة مهداة ))

[ الحاكم عن أبي هريرة ]

 أول أنواع المصائب مصائب الأنبياء، مصائب كشف فقط، عنده كمال كبير جداً لا يبدو إلا بالمصيبة.
 مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع، يوجد تقصير بالعبادات، وإهمال بالطاعات، يلوح له شبح مصيبة، يستقيم يقوم الليل، يقرأ القرآن، يغض بصره، يلغي الاختلاط، فالمصيبة دفعت المؤمن إلى مزيد من الطاعة، مصائب دفع.
 عنده بالدائرة موظف أقنعه بالدين، أقنعه أن يصلي، بيّن له الآيات والأحاديث، أسمعه درساً سمعه منذ يومين من أستاذه، اشتغل به شهرين أو ثلاثة فصار يصلي اكتفى به، لماذا اكتفيت بواحد؟ أقنع شخصاً ثان وثالث، حينما تلوح المصيبة لمؤمن من أجل أن تدفعه إلى مزيد من الطاعات، فإذا اكتفى بطاعة محدودة يلوح له شبح مصيبة من أجل أن يرتفع مقامه عند الله، دفع ورفع، أول واحدة كشف للأنبياء، كمؤمنين دفع ورفع، الطرف الآخر ردع وقصم، خمسة أنواع، كشف، دفع، رفع، ردع، تأتيه مصيبة طبعاً صار يوجد مال حرام، و غش كبير، والله أنواع الغش لا يعلمها إلا الله، أعرف شخصاً استطاع أن يصنع لبناً مصفى من غير الحليب وكلفته العشر، وباعه وربح أرباحاً طائلة جداً، وما مات إلا فاقد العقل، صار يمشي في الطريق عارياً، الله كبير، صدق ولا أبالغ مرة كنت أمشي بأسواق دمشق، خرج شخص من محل تجاري ودعاني لأشرب عنده فنجان قهوة، والله لبيت دعوته، قال لي: لي عندك سؤال، قلت: تفضل، قال: يوجد شخص عنده محل أقمشة في سوق مدحت باشا، سمع إطلاق رصاص مدّ رأسه أتت رصاصة بعموده الفقري فشلّ فوراً، هذا ماذا عمل يا أستاذ؟ ما ذنبه؟ أليس العمل عبادة؟ هو وجدها قضية ليس لها حل، قلت له: والله لا أعلم، أنا أعلم يقيناً أن الله عادل، لكن أنا لا أملك القدرة لتفسير أي عمل إلا بحالة واحدة أن يكون لي علم كعلم الله، لا أعرف، فقط، لحكمة بالغة بالغة بعد عشرين يوماً عندي أخ مدير معهد، ساكن بحي الميدان، قال لي: يسكن فوقنا رجل يبيع أقمشة في سوق مدحت باشا، محله ثاني محل، سمع إطلاق رصاص مدّ رأسه أصيب برصاصة فشلّ فوراً، هذا توفي أخوه منذ سنتين، وترك بيتاً مؤجراً، أخذ الأجرة ولم يعطها لأولاد أخيه، طالبوه مرتين أو ثلاث، شكوه إلى عالم جليل الشيخ حسين خطاب في الميدان، استدعاه قال له: لن أعطيهم، فقال لهم هذا الشيخ: يا بني هذا عمكم لا تشكوه إلى القضاء اشكوه إلى الله، هذا نفسه.

 

عدل الله المطلق :

 أيها الأخوة الكرام؛ نسمع خمسة آلاف قصة في حياتنا، ونعرف خمس قصص من أول فصل لآخر فصل نرى بها عدل الله المطلق، أنا أتمنى أن تقيسوا الخمسة آلاف قصة على الخمس، هذه أفعال الله، كمال مطلق، عدل مطلق، أنا لست مضطراً أن أتقصى أي إنسان وأتهمه بالذنوب، هذه ليس عملي، لكن أعلم يقيناً أنه ما نزل بلاء إلا بذنب، لو لم تكن عملت شيئاً ما كان صار معك شيء، أنا لي خبرة متواضعة، وأنا الحقيقة وقتها ندمت عليها، قال لي إنسان: أنا أصاب بالصرع، معلوماتي العلميّة عن المرض أنه تخرش بالدماغ، وهذا ليس له حل، الذي معه صرع يقع على الأرض فجأة، هذا الشخص كان له سيارة يركبها دائماً لم يعد يركبها أحضر سائقاً، في الطريق يقع، في المعمل يقع، جاء لعندي إلى البيت وقال لي: أنا ما ذنبي؟ أنا معي شهادة عليا من رومانيا بالخيوط، وموظف بمرتبة عالية، وأصاب بالأسبوع مرتين بالصرع و أنا راكب بالمركبة العامة، أو أمام عمالي هل لها حل عندك؟ أنا في ذلك الوقت قلت له: أنا الذي أعرفه لا يوجد ذنب إلا بسبب، هذه الحقيقة المرة، قال لي: ماذا أفعل؟ قلت له: صلّ الصلاة بأوقاتها، فأخرج دفتراً، وكتب، والله أذكر أنه كتب أربعين بنداً من حرقة قلبه، ثم قلت له: ابتعد عن الاختلاط، و عن الملاهي، و عن الأفلام، لا أعرف مأخذاً على الناس إلا و ذكرته له، كتبها كلها، أنا كان عندي درس كل أحد، جاء الأحد قال لي: هذا أول أسبوع لم أصب بشيء، قلت: يا رب بيضت وجهي، أنا قلت له: إذا كنت تمشي بشكل صحيح لن تصاب بشيء، والله أسبوع بكامله قال لي: لم أصب بشيء، ثاني أسبوع قال لي أيضاً: ما صار معي شيء، أربعة أسابيع، الخامس لم يأت، جاء السادس قال: لا تقلق على مبدئك أنا غلطت بهذا الأسبوع، قال لي: زرت صديقي وزوجته جالسة بثياب فاضحة، فأصبت بنوبة في الطريق، ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، أنت مرتكب شيئاً، فكر أن الإله العظيم خلقك للسعادة، يبعث لك مصيبة بلا سبب! بلا مبررات! هذه مستحيلة، هناك أناس يتهمون القدر، يتهمون الدهر، يقول لك: من الدهر، الله هو الدهر، يسبني ابن آدم حينما يسب الدهر وأنا الدهر، لا يوجد دهر، يقول: هذه البنت ليس لها حظ، حظها قليل، لا ليس حظها قليل بل هي غير مستقيمة، هذه الحقيقة قال تعالى:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء : 147]

 على مستوى فرد، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 النقطة الثانية المصائب، للأنبياء كشف، للمؤمنين دفع ورفع، لغير المؤمنين ردع وقصم.
 درسنا عشر نقاط، النقطة الأولى سنة الله في هداية خلقه، الهدى البياني أولاً، والموقف الكامل الاستجابة، ثم التأديب التربوي، والموقف الكامل التوبة، ثم الإكرام الاستدراجي، الموقف الكامل الشكر ثم القصم.

 

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم :

 أنواع المصائب مصائب كشف للأنبياء، مصائب دفع ورفع للمؤمنين، ومصائب ردع وقصم للكفار، خمسة بخمسة.
 أنا أتمنى أن يكرمنا الله جميعاً، أن نكون في الموضوع الأول مرحلة الهدى البياني، أنت معافى، صحيح ما عندك مشكلة، صحتك طيبة، زوجتك في تفاهم كامل بينك وبينها، أولادك أبرار، بناتك محجبات، دخلك حلال، ما عندك أية أخطاء، فأنت لا تغير لا يغير، كنت مرة بعمان، إنسان معه مسجلة أدخلها من النافذة وقال لي: حدثنا بكلمتين يا أستاذ، ماذا أقول له؟ قلت له: أنت مرتاح؟ قال لي: ممكن، قلت له: هل أنت مرتاح، صحتك جيدة، دخلك معقول، عندك أولاد يحبونك، عندك بنات صالحات، أقول لك: لا تغير لا يغير، انطلاقاً من قوله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الرعد : 11 ]

 لا تغير لا يغير، عندك مشكلة كبيرة في عملك، بصحتك، مع أهلك، مع أولادك، غير ليغير، ألا ترى الدين العظيم؟ أربع كلمات: لا تغير لا يغير، غير ليغير، وعندي كلمة ثانية: إما أن تأتيه ركضاً أو يحضرك ركضاً، الأكمل والأرقى أن تأتيه أنت مسرعاً، قال تعالى:

﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 133]

 مرة زارني شخص قال لي: أنا عندي مشكلة صحية كبيرة جداً، قلت له: خير؟ قال لي: عندي مطبعة والله وفقني ربحت أرباحاً طائلة، وضعت في جيبي مبلغاً ضخماً وأحببت أن أذهب إلى أمريكا لأروح عن نفسي، ولم آخذ معي زوجتي، وفهمكم كفاية، وصل إلى هناك، في الأسبوع الثاني شعر بألم في العمود الفقري، دخل إلى المستشفى فإذا هو مصاب بسرطان بالنخاع الشوكي، قطع سفره وجاء إلى الشام من جامع إلى جامع، أحضره الله ركضاً، الله قادر في كل لحظة أن يركضك ركضاً، تعال باختيارك، تعال وأنت صحيح معافى بدون وسائط، هذه بطولة، كل الناس بعد المصيبة تأتي، لكن بطولتك وأنت في الرخاء، في بحبوحة، ما عندك مشكلة بصحتك، ولا في بيتك، ولا مع أولادك، ولا بعملك، أن تأتيه طائعاً، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال : 24 ]

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور