وضع داكن
18-04-2024
Logo
الدرس : 104 - عملك في العطاء أم في الأخذ؟
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الله عز وجل بيده كل شيء :

 أيها الأخوة الكرام؛ مسلم يطوف حول الكعبة، أمامه رجل يدعو ويقول: ربي اغفر لي ذنبي ولا أظنك تفعل؟ شيء عجيب! وكان وراءه الإمام الشافعي، قال له: يا هذا ما أشدّ يأسك من رحمة الله؟ قال له: ذنبي عظيم، قال له: ما ذنبك؟ قال له: كنت جندياً في قمع فتنة في بغداد، هناك فتنة كنت أحد الجنود الذين كلفوا بقمع هذه الفتنة، فلما انتصرنا على أصحاب هذه الفتنة أُبيحت لنا المدينة، فدخلت أحد البيوت فرأيت فيه رجلاً، وامرأة، وطفلين، قتلت الرجل، وقتلت أحد أولاده، وقلت لامرأته: أعطني كل ما عندك، أعطتني كل ما عندها، ولما رأتني جاداً في قتل الثاني أعطتني درعاً مذهبة - أي مطلية بالذهب- أعجبتني أيما إعجاب، تأملتها، تفحصتها، فإذا عليها بيتان من الشعر قرأتهما فوقعت مغشياً عليّ، وسقطت على الأرض، ما البيتان اللذان كتبا على هذه الدرع؟ كتب على هذه الدرع:

إذا جار الأمير وحــاجباه  وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فـــويل ثم ويل ثم ويــــــــل  لقاضي الأرض من قاضي السماء
* * *

 أيها الأخوة الكرام؛ الله جلّ جلاله عنده علاجات أحدها: يدع الحليم حيراناً، مرة التقيت مع إنسان له صلاحيات كبيرة جداً لدرجة أنه لا يحاسب، في بعض البلاد هناك قوانين تجيز لمن يمسكون زمام الأمن في البلد أن يفعلوا ما يشاؤون، حتى لو قتل إنساناً لا يحاسب، هذا الإنسان قلت له: كل هؤلاء الناس عبيد لله والأصح من ذلك عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، أنت كمسلم عندما تكون منصفاً مع إنسان ليس من دينك، أي البطولة أن هذا الذي ليس من دينك يجب أن تنصفه، والآيات كثيرة جداً، فأنت حينما ترى الله عز وجل ترى الله بيده كل شيء، حياتك بيده، قوتك بيده، حواسك الخمس بيده، من حولك بيده، من فوقك بيده، الأقوياء بيده، الضعفاء بيده، الطغاة بيده، ماذا تقول الآية؟ قال تعالى:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ﴾

[ سورة هود : 55 ]

 والآية فيها تحدٍّ، قال تعالى:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود : 55-56 ]

 مرة شرحت هذه الآية بشكل معين، قلت: إذا كان هناك خمسون وحشاً كاسراً جائعاً، وقد يأكل هذا الوحش الإنسان بلقمتين مثلاً، وهذه الوحوش مربوطة بأزمة محكمة، بيد جهة، هذه الجهة رحيمة وعادلة وقوية، فأنت أيها الإنسان علاقتك مع الوحوش أم مع من يملكها؟ مع من يملكها، قال تعالى:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ﴾

[ سورة هود : 55 ]

 تحدٍّ، قال تعالى:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود : 55-56 ]

التوحيد أعظم ما في الدين :

 لو سألتني: ما هو أعظم ما في الدين؟ أقول لك: التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، لأن الله لو أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده، أي أسلم مصيرك إلى غيره، الجهلاء الطغاة يتوهمون أن بيدهم كل شيء، لو أن الله أسلم البشر إلى الطغاة لا يستحق العبادة، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

﴿ الْأَمْرُ﴾

 ال الجنس، أي أمر على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة، كله توكيد، الأمر ال الجنس، وكله توكيد، قال تعالى:

﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 الآن قال لك: فاعبده، متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 أنت حينما تعبد الله عز وجل ينبغي أن تكون مطمئناً. لذلك الآية الدقيقة جداً، فيها أمران ونهيان وبشارتان، قال تعالى:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ ﴾

[ سورة القصص : 7]

 أول أمر: أرضعيه، فإذا خفت عليه، والله شيء عجيب إذا خفت عليه فألقيه في اليم، معنى ذلك أن هذا الصندوق في اليم بيد الله عز وجل، حركته بيد الله، ساقه الله في اليم أي في نهر النيل، واقترب من الشاطئ، وأمام قصر فرعون يوجد غصن ممتد وقف أمامه، أوحى إلى أم موسى، أوحى إلى امرأة فرعون، هذا وحي الإلهام، عندنا وحي الإلهام ووحي الرسالة ووحي الأمر، أوحى ربك إلى الدنيا وحي أمر، ووحي رسالة، ووحي إلهام، امرأة فرعون توجهت إلى الشاطئ في قصرها ورأت هذا الغلام، قال تعالى:

﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾

[ سورة طه : 39 ]

 ألقى الله في قلبها محبة هذا الغلام، هذه المحبة من الله ألقاها في قلب امرأة فرعون:

﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

[ سورة القصص:9]

 فرعون لما بلغه أن طفلاً من بني إسرائيل سيقضي على ملكه، القضية سهلة جداً طاغية أمر بقتل أبناء بني إسرائيل، والمرأة التي لا تخبر أنها أنجبت مولوداً ذكراً تقتل مكانه، فقتل أبناء بني إسرائيل، أما الطفل الذي سيقضي على ملكه فرباه في قصره، قال تعالى:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾

[ سورة القصص : 7]

 هذان أمران، أرضعيه وألقيه في اليم.
 النهيان، قال تعالى:

﴿ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي ﴾

[ سورة القصص : 7]

 هذان نهيان.
 البشارتان قال تعالى:

﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ ﴾

[ سورة القصص : 7]

 الدين كله ممكن أن يضغط في كلمة واحدة؟ إنها التوحيد، والذي لا يوحد ليس فيه دين إطلاقاً، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، والتوحيد ألا ترى مع الله أحداً، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 فالإنسان يواجه مصاعب في الدنيا حينما ينطلق من التوحيد هذه المتاعب يكون لها أثر بسيط جداً، أي علمك بحالي يغني عن سؤالي، كما قيل أو كما نسب إلى سيدنا إبراهيم.

 

بطولة الإنسان أن يرى أن الله وحده الفعّال :

 أيها الأخوة الكرام؛ الدين بالتفاصيل مئات ألوف البنود، أما بالضغط فهو بند واحد، الدين يعني التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، ألا ترى فاعلاً في الكون إلا الله، ألا ترى معطياً إلا الله، ألا ترى مانعاً إلا الله، ألا ترى معزاً إلا الله، ألا ترى مذلاً إلا الله، ألا ترى رافعاً إلا الله، ألا ترى خافضاً إلا الله، ليست قضية سهلة، التوحيد كفكرة سهلة جداً، أما أن تعيشها، إنسان ابنه وقع من الشرفة نزل ميتاً، يقاضي من؟ لا يستطيع أن يتكلم كلمة واحدة، يقول لك: قضاء وقدر، لكن لو أن الابن كان يقطع شارعاً وجاء أمام سيارة والسيارة تمشي بأقل سرعة على الخمسة، وجاء تحت العجلات ومات، هنا هل يوجد قضاء وقدر؟ مباشرةً عندما وقع من الشرفة قضاء قدر، أما إن جاء القضاء و القدر على يد إنسان هو السائق، فالبطولة أن ترى الله هو الفعال في الحالتين، تأخذ حقك منه ويعاقب على تقصيره، لكن ألا ترى مع الله أحداً، الله سمح بذلك، فالتوحيد ولا أبالغ يخفف تسعة أعشار المصيبة، أنت بقبضة الله عز وجل، رزقك بيده، من حولك بيده، من فوقك بيده، زوجتك بيده، أولادك بيده، أذكر أن إنساناً عنده ولد وحيد هو بعيد عن الدين، أراد أن يكون هذا الولد في أعلى درجة، أرسله إلى أمريكا، وأخذ أعلى شهادة في أمريكا، وكل آماله متعلقة بهذا الولد، هذا الولد أقام في أمريكا طاب له العيش هناك نسي أباه وأمه وتزوج امرأة أجنبية وضنّ على أبويه برسالة، هذا الأب فقد عقله، لأنه علق كل آماله بابنه، البطولة أيها الأب ابنك ابنك اخدمه وعلمه وخذ بيده إلى التطور في الدنيا، لكن إياك أن تعتمد عليه، أقول لكم هذه الكلمة: أي شيء تعتمد عليه الله يتولى بذاته العلية أن يخيب ظنك.
 قال لي أحدهم له صديق حميم- كلمة حميم كافية- أي العلاقات بينهما تفوق حدّ الخيال، مرة الصديق الحميم تسلم منصباً رفيعاً، اصبح رئيس وزارة، فهذا الصديق نسي الله، شاهد صديقه أصبح رئيس وزارة، مرة وقع بمشكلة كبيرة، يقسم لي بالله دخل إلى مكتبه لم يقل له: تفضل اجلس، قال له: هناك قوانين وأنظمة لست مستعداً أن أخالفها من أجلك، خرج من عنده مسحوقاً، مكسوراً، قلت له: لأنك اعتمدت عليه، عندما تعتمد عليه الله عز وجل يخيبك.
 يروون أن إنساناً له قريب يسمونه ياور السلطان، ياور أي أمين عام أو سكرتير، هذا أعلى منصب بتركيا، قريبه فقير ركب القطار، كان هناك قطار من الشام إلى اسطنبول، في المحطة الحجازية يحتاج إلى ستة أيام أو سبعة ليصل، طرق بابه، وطلب منه حاجة، قال له: أول يوم لم يوقعها السلطان، كان يضعها أول معاملة، ثاني يوم لم يوقعها، ثالث يوم لم يوقعها، عشرون يوماً و لم يوقعها، فأوحى إلى الخدم نبهوه أن حاجتك لم توقع- الضيف ثلاثة أيام صاروا عشرين يوماً- يبدو أنه نبهه بقسوة فأغمي عليه من الألم، صديقه الحميم رئيس وزارة في استانبول يعنفه هذا التعنيف، خرج هائماً على وجهه يبكي، وإذا بالسلطان قد وقعها، بحث عنه في الخانات، الخان أي الفندق، وجده، هو لم يغادر اسطنبول، قال له: مدة عشرين يوماً تعتمد عليّ فلما يئست مني اعتمدت على الله فوقعها السلطان.
 عندما تعلق أملك بإنسان، أنا بحكم خبرتي المتواضعة في الدعوة إلى الله عندي ألف قصة بهذا الموضوع، عندما تعتمد على إنسان وقد يكون ابنك، الله يتخلى عنك، فلذلك التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، ألا ترى معطياً إلا الله، ولا مانعاً إلا الله، ولا رافعاً إلا الله، ولا خافضاً إلا الله، ولا معزاً إلا الله، ولا مذلاً إلا الله، هذا الاعتماد على الله هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، إذا كان من الممكن أن نضغط الدين كله بكلمة واحدة هو التوحيد، أن ترى أن يد الله تعمل وحدها.
 لذلك أذكر مرة أنني قلت: هذا المظلي لو أنه جهل شكل المظلة يا ترى هي دائرية أم بيضوية أم مستطيلة؟ لا يعرف، جهل شكل المظلة، وجهل نوع الخيوط التي صنعت منها المظلة، وجهل الحبال كم حبل، وجهل نوع الخيوط التي صنعت منها الحبال، ممكن أن تجهل مئة معلومة بهذه المظلة، إلا معلومة واحدة إذا جهلتها نزلت ميتاً، طريقة فتحها، أنت ممكن أن تجهل مليون موضوع إلا موضوع الدين إذا جهلته انتهيت، تعيش بدوامة الشرك الخفي، الشرك الخفي شيء لا يحتمل، أنت تتوهم أن الأمر بيد فلان وفلان، لا أحبه ولا يحبني، والسلطة معه ولا يرحمك، هذا الفهم لوحده يسبب جلطة، الأمر بيد فلان، بتوقيعه، هو عدو لك صار بأعلى منصب، لا يرحمك، عندما تضع أملك بغير الله عز وجل ستجد أشياء مؤلمة جداً، أشياء مقصودة من الله، حول الموضوع يوجد آلاف القصص، علق أمله بفلان، علق أمله بزوجته، والله أعرف شخصاً اعتنى بزوجته عناية تفوق حدّ الخيال، وهو طبيب يسكن في حي في الشام اسمه نوري باشا، من أرقى أحياء دمشق، سابقاً كان الحي الأول، وكل بناء أجمل من الثاني، ولكن هناك بناء متميزاً جداً، الحجر كله مزخرف، سكن هذا البناء طبيب، هذا الطبيب له مشكلة لا يخرج من البيت، وهو الطبيب النسائي الوحيد في الشام- القصة قديمة جداً – لم يكن هناك سيارات كان هناك عربات، لا يخرج من البيت إلا بليرة ذهبية وعربة تأخذه، إذا عانت المرأة من مشكلة في الولادة يبيعون الفراش من تحتها حتى يحصلوا على الليرة الذهبية، لا يأتي إلا بليرة ذهبية، متحكم، منفرد بهذا الطب، لا يرحم أحداً، جمع ثروة طائلة، من مظاهر هذه الثروة أنه عمّر بناء هو الأول في الحي في نوري باشا، فأصيب بالشلل، زوجته التي يحبها حباً لا حدود له تحملته شهراً، بعد شهر في البناء قبو تحت الأرض، وضعته تحت الأرض، تبعث الطعام مع الخادمة، هذا يقول لها: أين الخانم؟ تقول له: لا أعرف، تأتي كل أسبوع مرة، تطل عليه طلة واحدة، يبدو أنها تأخرت مرة عليه أكثر مما ينبغي قال لها: أين الخانم؟ نزلت لعنده قالت له: تضرب ماذا تريد من الخانم؟ طعامك ألا يصل إليك؟

 

السكينة أعظم عطاء إلهي :

 الله كبير، والله يا أخوان أقول: الله كبير لا أشبع منها، ممكن أن يحيجك لخادم، ممكن أن يحيجك لعدوك، ممكن أن يتخلى عنك كل من حولك، أناس كثر من بعدهم عن الله وقعوا، لأنهم اعتمدوا على أولادهم، أحدهم سافر جميع أولاده خارج البلد واستقروا هناك، يذهب الابن إلى أمريكا يجد شيئاً غير معقول، أنا سافرت مرات كثيرة إلى هناك أقول لهم كلمة: إذا كان يوجد بالأرض جنة هي هناك، أعني ما أقول، ولكن هناك على الشبكية، أما إلى هنا فجهنم الحمراء، على الشبكية جنة، طلباتك تدخل إلى المولات شيء لا يصدق، بأي مكان حتى في الريف المول فيه بضاعة لا تصدق، لو طلبت لبن العصفور الأمور ميسرة بشكل غير معقول، والحاجات مؤمنة بأعلى درجة، والأسعار معقولة، لكن إذا الإنسان غفل عن الله تغدو هذه البلاد جحيماً لا يطاق، وأحياناً يكون في بيته مع أولاده، وبيته متواضع، لكن أولاده يحبهم ويحبونه جنة، هناك شيء بالدين عجيب، إن الله يعطي الصحة، والقوة، والمال، والجمال للكثيرين من خَلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، هذه السكينة أكبر عطاء إلهي صعب أن أعرفها، لكن أعطي ملامح عنها، أنت بالسكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، هذه السكينة العطاء الإلهي الكبير، والله ذكر في القرآن الكريم: يتنزل على قلبه السكينة، الطمأنينة، الثقة بالله، التفاؤل، الشعور بالحب، صفات السكينة صعب أن تضغط بكلمة واحدة، السكينة ترتاح إليها، الله عنده عطاءت كثيرة جداً، إذا أعطاك السكينة تجده ساكناً في بيت صغير عنده زوجة تحبه ويحبها.
 مرة دخلت إلى بيت في دمشق، يمكن لا يوجد بيت أقل منه خشونة، عندنا في الشام جادات، أعلى جادة الجادة العاشرة، خط الترام القديم هذا جادة أولى، هناك أولى وثانية ورابعة، كلما صعدت أكثر يصير هناك تقشف أكثر، وتخلف أكثر، وخشونة أكثر، الجادة العاشرة ليست معقولة، بيت بالجادة العاشرة، البيت عبارة عن غرفة والأرض ليست بلاطاً بل من الإسمنت، من شدة التقشف والفقر أنا دخلت إلى هذا البيت أقسم لكم بالله شعرت أن هذا البيت جنة، يبدو أن الزوج والزوجة مؤمنين، عندهم ابن جميل الصورة، وعندهم بساط قديم يصنع من القماش القديم، وفراش من الإسفنج، البيت لا يوجد به شيء، أنا شعرت أن هذا البيت قطعة من الجنة، تجد أحياناً بيتاً فخماً جداً، لا يوجد ود به، و لا محبة، يوجد شقاق زوجي، هي ضد زوجها، قسم من الأولاد معها، قسم مع أبيهم، كل يوم يوجد مشكلة، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، هذه السكينة أعظم عطاء إلهي، والله صعب أن أشرحها، صدقوا أنا الآن لي بالدعوة أربعون سنة، لا يوجد عندي إمكان أن أشرحها شرحاً مفصلاً، إلا أن أقول لكم: أكبر عطاء إلهي، السكينة بيته صغير مبسوط.
 والله دخل شخص إلى السجن أقسم بالله كان بجنة، قال لي: حفظت كتاب الله كله، لا يوجد عنده إلا قرآن كريم، يقرأ ويحفظ ويبكي، ويتأثر، يصير السجن الذي هو أسوأ مكان بالحياة جنة، وقد يكون أفخم بيت جهنم.
 الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، لكنه يعطي الآخرة لمن يحب، نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور