وضع داكن
20-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 13 - مدينة عمان، مسجد المهاجرين الزرقاء حي الفلاح - خواطر إيمانية، كمال الخلق يدل على كمال التصرف.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من عرف سرّ وجوده و غاية وجوده صحت حركته :

 أيها الأخوة الكرام؛ هناك مقولة دقيقة وهي أن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، هذا الكون هو الثابت الأول بين أيدينا، مجرات، مذنبات، أرض، سماء، جبال، وهاد، سهول، بحار، أسماك، مخلوقات، إنسان، هذا الكون بين أيدينا وهو معجز في خلقه، وكمال الخلق يدل على كمال التصرف، لذلك ربنا عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى لا يمكن أن يدع عباده بدون توجيه، لذلك كانت الرسالات السماوية توجيهاً وتعريفاً بذاته وبخلقه.
 الآن الله عز وجل خلقنا وهناك سؤال كبير لِمَ؟
 شخص أرسله والده إلى فرنسا لينال الدكتوراه من السوربون، فذهب هذا الشاب إلى هناك وسأل: إلى أين أذهب؟ نقول له: لماذا جئت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى الجامعات، إن جئت تاجراً فاذهب إلى الأسواق، إن جئت سائحاً فاذهب إلى المتنزهات. حينما يعلم الإنسان سرّ وجوده، وغاية وجوده تصح حركته.

الإنسان كائن متحرك تحركه حاجات ثلاث :

 الإنسان كائن متحرك، ما الذي يحركه؟ حاجته إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقاء الفرد، وما الذي يحركه؟ حاجته إلى الزواج، من دون أن يعلم حفاظاً على بقاء النوع، لولا الزواج لانتهى النوع البشري، تأكل حفاظاً على وجودك كإنسان، وتتزوج ومن دون أن تشعر حفاظاً على بقاء النوع، وبعد أن أكلت وشربت وتزوجت وأنجبت، يوجد لديك حاجة ثالثة، التفوق حفاظاً على بقاء الفكر، تأكل وتشرب لبقاء الفرد، تتزوج لبقاء النوع، تتفوق لبقاء الفكر. وهذه الحاجات الأساسية الثلاث متوافرة في هذا الدين العظيم.
 فلذلك من هو الإنسان؟ هو المخلوق الأول عند الله، لأن الله سبحانه وتعالى حينما عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال أبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان، قال الإنسان: أنا لها يا رب، فلما قبِل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبة.
 ركب الملك من عقل بلا شهوة، و ركب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته كان أعظم من الملائكة، وإذا سمت شهوته على عقله كان دون الحيوان، فإما أن يكون الإنسان خير البرية، أو أن يكون شر البرية لا يوجد حل وسط.

 

لكلّ شيء في الكون وظيفتان ؛ تعريفية و تكريمية :

 لذلك حينما قبِل الإنسان حمل الأمانة وقال: يا رب أنا لها في عالم الأزل، جاء الله به إلى الدنيا، وسخر له مافي السموات ومافي الأرض جميعاً منه تسخير تعريف وتكريم، كيف استنبطنا هذا المعنى؟ من قول النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى الهلال قال:

(( هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْدٍ ))

[أبو داود عن قتادة ]

 أي شيء في الأرض وفي السماء وفي الكون له وظيفتان؛ وظيفة تعريفية ووظيفة تكريمية.
 الوظيفة التعريفية تقتضي أن تؤمن، والوظيفة التكريمية تقتضي أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، وحنيما تحقق الهدف من وجودك تتوقف جميع المعالجات الإلهية، الدليل قال تعالى:

﴿ ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَليمًا ﴾

[سورة النساء: ١٤٧]

الإنسان هو المخلوق المكلف و المكرم :

 إذاً أنت أيها الإنسان اعلم يقيناً أنك المخلوق الأول عند الله رتبة. وأنك أيها الإنسان المخلوق المكرم، قال تعالى:

﴿ وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا ﴾

[سورة الإسراء: ٧٠]

 وأنك المخلوق المكلف، مكلف أن تعبد الله.

 

العبادة علة وجود الإنسان على وجه الأرض :

 والعبادة في أدق تعريفها طاعة طوعية، وليست قسرية، لأن الله الذي خلقنا، حياتنا بيده، رزقنا بيده، صحتنا بيده، من حولنا بيده، من فوقنا بيده، من تحتنا بيده، لأن الله عز وجل خلقنا، وكل شيء بيده، وما أراد أن نعبده إكراهاً، قال:

﴿ لا إِكراهَ فِي الدّينِ ﴾

[سورة البقرة: ٢٥٦]

 أراد أن نعبده حباً، قال:

﴿ يُحِبُّهُم وَيُحِبّونَهُ ﴾

[سورة المائدة: ٥٤]

 أراد أن تكون المحبوبية أسمى علاقة بين الله وعباده.
 فلذلك الإنسان يا أخواننا الكرام عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك. غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، فإذا غذيت عقلك بالعلم، وغذيت قلبك بالحب، وغذيت جسمك بالطعام والشراب تفوقت، فإذا اكتفيت بواحدة تطرفت، والفرق كبير بين التفوق والتطرف.
 إذا أنت مخلوق لعبادته، العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، في هذا التعريف الدقيق الجامع المانع للعبادة نقاط ثلاث، أول نقطة هي السلوك؛ السلوك طاعة، حركة، قبول منهج، أن تأتمر بما أمر، أن تنتهي عما نهى عنه وزجر، طاعة لكن ما أرادها الله قسرية، لا إكراه، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تقضي إلى سعادة أبدية، طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، هذه علة وجودنا.
 فلذلك الإنسان إذا تلقى من الله تعليمات وهو الصانع، والجهة الصانعة هي المرجعية الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها لأنها الجهة الخبيرة، قال تعالى:

﴿ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثلُ خَبيرٍ ﴾

[سورة فاطر: ١٤]

 إذا أنت مخلوق في الدنيا من أجل أن تعبد الله، وقد خلقت لجَنة عرضها السموات والأرض.

 

أنواع العبادات :

 أيها الأخوة الكرام، الآن العبادت أنواع، هناك عبادات شعائرية، منها الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والشهادتان، الشهادتان؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها؟ قال: أن تحجبه عن محارم الله))

[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]

 فإن لم تحجزه عن محارم الله لا وزن لها عند الله.
 الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ابن ماجه عن ثوبان]

 الصوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( من لم يكن له ورعٌ يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله تعالى بسائر عمله ))

[ مسند الشهاب عن أنس بن مالك]

 الزكاة قال الله تعالى:

﴿ قُل أَنفِقوا طَوعًا أَو كَرهًا لَن يُتَقَبَّلَ مِنكُم إِنَّكُم كُنتُم قَومًا فاسِقينَ ﴾

[سورة التوبة: ٥٣]

 الحج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك، قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك))

[الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب ]

 إذاً العبادات الشعائرية كالنطق بالشهادة والصلاة والصيام والحج والزكاة لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية، والعبادة التعاملية وردت في نص دقيق لما سيدنا جعفر قابل النجاشي- ملك الحبشة- قال: خبرني عن الإسلام؟ قال:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

هذه العبادة التعاملية.
 أنت أمام عبادتين؛ عبادة شعائرية وعبادة تعاملية، العبادة الشعائرية تشبه ساعات الامتحان الثلاث في آخر العام، أما العبادة التعاملية فتشبه العام الدراسي بأكمله، دوام تسعة أشهر، انتباه للمدرس، كتابة وظائف، أداء تقارير معينة، أداء امتحانات، فالعبادة التعاملية أصل الدين.

 

ما من محنة تصيب المسلمين إلا بعدها منحة من الله :

 لذلك لنوفر الوقت والجهد لأن النبي الكريم في الحديث الصحيح يقول:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 فإذا كان المسلمون يزيدون عن مليار وسبعمئة مليون، وليست كلمتهم هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، إذا نحن عندنا مشكلة كبيرة جداً، وعود الله عز في النصر محققة، أين الخلل؟ هنا الشاهد، الإسلام مبادئ، عبادات، معاملات، مستحسنات، فما لم نعقد العزم على التوبة، إذا رجع العبد إلى الله نادى مناد في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فلقد اصطلح مع الله، ورد في الأثر القدسي:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

 لذلك أيها الأخوة ما من محنة تصيب المسلمين إلا بعدها منحة من الله، وما من شدة تحل بهم إلا بعدها شدة إلى الله، تفاءلوا قال تعالى:

﴿ وَلَنُذيقَنَّهُم مِنَ العَذابِ الأَدنى دونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ ﴾

[سورة السجدة: ٢١]

 هذه حكمة الله عز وجل.

 

الدين قاسم مشترك بين البشر جميعاً :

 فلذلك أيها الأخوة؛ حسن الظن بالله ثمن الجنة، فأنت مخلوق أول، أنت مكلف بعبادة الله، والعبادة طاعة طوعية ليست قسرية، ممزوجة بمحبة قلبية، فما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، هناك جانب سلوكي وجانب شعائري وجانب جمالي، سلوكي، شعائري، جمالي.
 فيا أيها الأخوة الكرام؛ قضية الدين قضية مصيرية، قضية حياة أو موت، وصف الله من في الدنيا غير المسلمين فقال:

﴿ أَمواتٌ غَيرُ أَحياءٍ ﴾

[سورة النحل: ٢١]

 وقال تعالى:

﴿ إِن هُم إِلّا كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ سَبيلًا ﴾

[سورة الفرقان: ٤٤]

 وقال تعالى:

﴿ كَأَنَّهُم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[سورة المنافقون: ٤]

 وقال تعالى:

﴿ مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّوراةَ ثُمَّ لَم يَحمِلوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفارًا ﴾

[سورة الجمعة: ٥]

 القضية خطيرة، قضية حياة أو موت، شقاء أو سعادة، الدين ليس وردة تضعها على صدرك أو لا تضعها، ليس الدين فاكهة نادرة تأكلها أو لا تأكلها، الدين هواء نستنشقه، فإن لم تستنشقه لا تعيش أبداً. لذلك للتقريب مظلي هبط من طائرة وعلى ظهره مظلة، قد يجهل شكلها، يا ترى دائري أم مستطيل أم بيضوي؟ يا ترى ما نوع حبالها أو خيوطها؟ هل هي خيوط طبيعية أم صناعية؟ يا ترى كم حبل فيها؟ لا يعرف، ما نوع خيوط الحبال؟ لا يعرف، ما ألوان الحبال؟ لا يعرف، هناك معلومة واحدة إن لم يعرفها نزل ميتاً، طريقة فتحها فقط.
 لذلك العلماء قالوا: الدين واسع جداً، هناك شيء في الدين يجب أن يعلم بالضرورة، كطريقة فتح المظلة، فلا يوجد لك خيار، مثلا شخص دكتور في الطب، أليس هو بحاجة إلى الدين؟ أكيد هو بحاجة إليه، أنا العبد الفقير أعطني تخطيط قلب لا أرى فيه شيئاً، أما الطبيب يقول لك: فيه خوارج انقباض، فيه تسرع بالقلب، العضلة ضعيفة، يستنبط منه أشياء كثيرة، فأنا أمي في تخطيط القلب، وقد يكون الطبيب متفوقاً في اختصاصه، أمياً في الدين.
 الدين قاسم مشترك بين البشر جميعاً، أي أنت حر لتحضر درساً أم لا، إذا لم تطلب العلم لا بد من أن تقع في الخطأ، ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء البلاد، والجاهل يفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.

 

التفكر في خلق السموات والأرض أقوى عبادة على الإطلاق :

 أنت المخلوق الأول رتبة، المخلوق المكرم رفعة لشأنك، والمخلوق المكلف، مكلف أن تعبد الله، قال تعالى:

﴿ وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ ﴾

[سورة الذاريات: ٥٦]

 والعبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينة تفضي إلى سعادة أبدية.
 الآن أنت في القرآن أمام ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان، آية الأمر تقتضي أن تأتمر، آية النهي تقتضي أن تنتهي، قصة نبي تقتضي أن تتعظ، وألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان، ماذا تقتضي؟ تقتضي التفكر في خلق السموات والأرض:
قال تعالى:

﴿ إِنَّ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الأَلبابِ* الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِهِم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ رَبَّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ ﴾

[سورة آل عمران: ١٩٠-١٩١]

 إذاً أقوى عبادة على الإطلاق التفكر في خلق السموات والأرض، فأنت عن طريق التفكر تجد نفسك وجهاً لوجه أمام عظمة الله، إليك بعض الأمثلة؛ رواد الفضاء بأول رحلة إلى القمر أبولو ثمانية صعدوا إلى القمر بمركبة، بعد حين صاح رائد الفضاء: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، ما الذي حصل؟ في الأرض يوجد هواء، والهواء يسبب حالة فيزيائية اسمها انتثار الضوء، فهذا المسجد في النهار إن أطفأنا كل المصابيح و فتحنا النوفذ يوجد ضوء في النهار، من أين جاء هذا الضوء؟ أشعة الشمس مسلطة على ذرات الهواء خارج المسجد، هذه الذرات ردتها إلى داخل النوافذ، الأشعة خارج المسجد أما داخل المسجد فيوجد ضوء، هذا اسمه انتثار الضوء، وسماكة الهواء ستة وخمسون ألف كيلو متر، فلما تجاوز رواد الفضاء سماكة الهواء انعدم انتثار الضوء ودخلوا في ظلام دامس، فقال أحدهم: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئا، بالقرآن الكريم قال تعالى:

﴿ وَلَو فَتَحنا عَلَيهِم بابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلّوا فيهِ يَعرُجونَ* لَقالوا إِنَّما سُكِّرَت أَبصارُنا بَل نَحنُ قَومٌ مَسحورونَ ﴾

[سورة الحجر: ١٤-١٥]

 ماذا يعني هذا؟ أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن.

 

 من سنوات عديدة ومديدة اكتشفوا أشعة الليزر، فأنت كمهندس معك شهادة تقف أمام حائط بعيد، تضغط الجهاز يظهر لك ثلاثة عشر متراً وأربعة سنتمتر وثلاثة ميلي بالليزر، وهم اكتشفوا مرتفعات الأرض ومنخفضاتها فإذا بغور فلسطين أخفض نقطة في الأرض، والمعركة التي تمت بين الفرس والروم في غور فلسطين، قال تعالى:

﴿ غُلِبَتِ الرّومُ* في أَدنَى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبونَ ﴾

[سورة الروم: ٢-٣]

 هذا يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان.
 تطور علم الجنين تطوراً كثيرا خلال مئة عام، ثم تبين من خلال بحوثه العلمية أن الذي يحدد أن الجنين ذكر أو أنثى ليست البويضة إطلاقاً، ولكنه الحُوين، افتح القرآن قال تعالى:

﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوجَينِ الذَّكَرَ وَالأُنثى* مِن نُطفَةٍ إِذا تُمنى ﴾

[سورة النجم: ٤٥-٤٦]

 تطابق تام، هذا يؤكد تأكيداً تاماً أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل القرآن، قال تعالى:

﴿ يولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ وَيولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ ﴾

[سورة الحج: ٦١]

 أي شكل مكعب أو متوازي المستطيلات أو هرم، إذا دار أمام منبع ضوئي يأتي الضوء فجأة، أما الكرة وحدها إذا درات أمام منبع ضوئي فيتداخل الظلام مع الضوء،

﴿ وَيولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ ﴾

 الفجر للشمس والمغرب للعشاء، هذان الوقتان يتداخل فيهما الليل والنهار، قال تعالى:

﴿ يولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ وَيولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ ﴾

 فالآيات الكونية ألف وثلاثمئة آية، والآيات الكونية في القرآن منهج التفكر، الماء ذكره الله، والمخلوقات ذكرها، والكائنات، والأسماك، والأطيار، والجبال، والمجرات، والسهول، والبحار، والمستنقعات، والبحيرات، كله في القرآن موجود.

 

أصل الدين معرفة الله :

 لذلك إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في معصيته، وكأنني وضعت يدي على مشكلة المسلمين الأولى، الأمر معروف، في الابتدائي والمتوسط والتوجيهي درسوا الطلاب الصلاة والصيام والحج والزكاة، لكن من هو الآمر؟ إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفنيت في طاعة الآمر، فلذلك البطولة أن تعرف الآمر، وأصل الدين معرفة الله.
 فلابد من أن تقتطع من وقتك وقتاً لمعرفة الله، عن طريق التفكر في خلق السموات والأرض، قال تعالى:

﴿ إِنَّ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الأَلبابِ* الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِهِم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ رَبَّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ ﴾

[سورة آل عمران: ١٩٠-١٩١]

مهمة العقل التأكد من صحة النقل وفهمه لا الحكم عليه :

 أخواننا الكرام؛ في هذا الدين كليات، كنت مرة في أمريكا وزرت أضخم معمل للسيارات قال لي المرافق: إن هذه السيارة جنرال موتور فيها ثلاثمئة ألف قطعة، أما أنا كمستهلك فأرى فيها غلافاً معدنياً، و فيها مقاعد و محرك و عجلات و مقود.
 إذا انا أحببت أن أبسط هذا الموضوع، الدين والله يوجد حوالي المليون كتاب في الجزئيات، وكتب كبيرة وصغيرة، لكن الدين في النهاية فيه خمس كليات؛ أحد هذه الكليات العقيدة، إن صحت عقيدتك صح عملك، وإن لم تصح عقيدتك فسد عملك، أي إذا شخص فهم:

(( شفاعتي لأهل الكبائر مِنّ أمَّتي ))

[أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]

 الحديث له تفسير دقيق جداً، أما من فهمه فهماً سطحياً فيقول: الله قال لي غش بالحديث، من الذي قال؟! يفاجأ يوم القيامة أن هذا الحديث لم يكن كما فهمه، لذلك تؤخذ ألفاظ القرآن من حفاظه، وتؤخذ معانيه ممن يعانيه، لا بد من أن تكون طالب علم:

﴿ فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ ﴾

[سورة النحل: ٤٣]

 لكن إذا أنت فهمت الدين بفهمك المتواضع غير المؤصل من دون دليل، من دون تعريف، أنا أنصح أخوتي الكرام ألا تقبل في الدين شيئاً من دون دليل، وألا ترفض شيئاً من دون دليل.
 مرة النبي الكريم - وهذا شاهد مهم جداً- أرسل سرية وأمّر عليها أنصارياً، فلما خرجت السرية خارج المدينة، قال قائدهم: أضرموا ناراً عظيمة، أضرموها، قال: اقتحموها، قالوا: كيف نقتحمها؟ قال: ألست أميركم؟ أليست طاعتي من طاعة رسول الله؟ قال أحد الصحابة: إنما آمنا بالله فراراً منها، كيف نقتحمها؟ فشكوه إلى النبي الكريم، ماذا قال؟ قال: "والله لو دخلتموها لازلتم فيها إلى يوم القيامة إنما الطاعة في المعروف".
 العقل لا يعطل، يوجد عندك عقل، وعندك نقل، والعقل للتأكد من صحة النقل، ولفهم النقل، ولن يكون العقل حكماً على النقل.
 مثلاً إذا شخص أيقظناه من قبره، مات من خمسين سنة أعطيناه حاسباً صغيراً –لابتوب-، - آيباد صغير- وقلنا له: هذا الآيباد فيه مليون صفحة وفيه انترنت، يصدق؟ نتهم بالجنون عنده، لأن عقله مربوط بواقع لم يكن فيه حاسوب، الآن توجد أجهزة حاسوب تسعمئة ألف صفحة، الموسوعة الشاملة خمسة عشر ألف عنوان، تفسير الراوي أربعون جزءاً، خمسة عشر ألف عنوان في قرص واحد، ضعه في الحاسوب وتعطيه سؤااًل يقرأ الخمسة عشر ألف عنوان أي يقرأ مئة وخمسين ألف كتاب بست ثواني فقط، يصدق هذا الأمر أم لا؟ لا يصدق، فالعقل مربوط بالواقع، أما الوحي فمن الله عز وجل.
 فنحن يوجد عندنا وحي ويوجد عقل، العقل وظيفته أن تفهم النقل، أن تتأكد من صحة النقل أولاً وأن تفهم النقل ثانياً، ولن يكون العقل حكماً على النقل.
 لذلك إياك ثم إياك ثم إياك أن تمدح الدين لأنه موافق للعلم، جعلت العلم أصلاً، أنا أمدح العلم إذا وافق الدين، موقف الإيمان أمدح العلم إذا وافق الدين، ولن أمدح الدين إذا وافق العلم، هذا وحي السماء.

 

أغبى إنسان من لم يدخل الله في حساباته :

 فيا أيها الأخوة الكرام؛ الكليات العقيدة، أي ماذا أقول لكم؟ نأخذ ابتدائي وبعدها متوسط ثم توجيهي، اثنتا عشرة سنة، وبعدها أربع سنوات جامعة، وست دبلوم عامة، وسنتان دبلوم خاصة، وسنتان ماجستير، وثلاث دكتوراه، من أجل أن تضع بجانب اسمك حرف الدال، أي لتصبح دكتوراً، وتريد أن يستحق المؤمن الجنة إلى أبد الآبدين وليس مستعداً أن يحضر درس علم؟ إذا لم يكن لديك وقت لتعرف من أنت، وسرّ وجودك، وغاية وجودك، عندك وقت لماذا؟ إذا دكتور أخذ شهادة من أوروبا فتح عيادة، وكتب على العيادة: من الخامسة للسابعة مساء، أتى مريض الساعة السادسة، قال له: لا أملك وقتاً، إذاً لديك وقت من أجل ماذا؟ أنت أخذت دكتوراه من أجل أن تعالج الناس وأنا أتيت في الوقت المقرر، فلذلك من يقول: لا يوجد عندي لأعرف الله - هذه الكلمة فيها غباء- والله لم أجد - وأعني ما أقول- على وجه الأرض أغبى من إنسان ما أدخل الله في حساباته، ومن هم أغبى البشر؟ الطغاة، لأنهم لم يدخلوا الله في حساباتهم. عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبق لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت.

قضية الدين قضية مصيرية :

 أخواننا الكرام؛ قضية الدين قضية مصيرية، قضية سعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى:

﴿ وَلِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ﴾

[سورة الرحمن: ٤٦]

 أدق تشبيه: جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، يقول لك شخص: سبحان الله! الله خلقنا للعذاب، من قال ذلك؟ هذا كلام كفر، الله قال:

﴿ إِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾

[سورة هود: ١١٩]

 ولذلك خلقك، خلقهم ليرحمهم، ليسعدهم في الدنيا والآخرة، أتمنى أن يكون هذا الكلام مصيرياً، كل شخص يعقد العزم على معرفة الله، يطلب العلم، والعلم ميسر، والدليل قال تعالى:

﴿ وَلَو عَلِمَ اللَّهُ فيهِم خَيرًا لَأَسمَعَهُم ﴾

[سورة الأنفال: ٢٣]

 إذا أسمعك الله الحق فهذه إشارة لك، معنى ذلك أنه يوجد بك خير، أما إن لم يكن فيك خير، أنا عندي عمل تجاري، كان عندنا مندوب شركة من هولندا، مرة دعوناه إلى الطعام عندنا و صرت أقول له القليل عن الله، قال لي: قف، هذه المعلومات لا تعنيني إطلاقاً، ولا ألقي لها بالاً، ولا أهتم بها، لا يعنيني إلا امرأة جميلة، وبيت واسع، وسيارة فارهة، يعيش لحظته وشهوته فقط.
 زر كل بلاد الغرب، يعيش لحظته وشهوته فقط، يوجد عندنا في الشرق بقية إيمان، أستراليا أقمت فيها شهراً ونصف تقريباً، وأنا في طريقي إلى المطار يقول لي رئيس الجالية وهو إنسان محترم جداً: بلغ أخواننا في الشام أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت له: والله لم أفهمك، أستراليا قارة جميلة جداً، فيها ثمانية عشر مليون شخص، قال لي: لأن ابنك في أستراليا خمسون بالمئة ملحداً، وخمسون بالمئة شاذاً، نحن في بلادنا تجد الأولاد صالحين بررة، الزوجة محجبة، والله نحن نعيش إيجابيات في بلادنا لكن نحن من مرضنا النفسي نتعامى عن كل إيجابياتنا.
 شخص في الشام أحبّ أن يعمر مسجداً كلف مهندساً من أخواننا، وجدوا أرضاً مربعة في جنوب دمشق، مربعة أي ممتازة جداً لبناء لمسجد، وأحد أضلاعها باتجاه القبلة، صاحب الأرض تمكلها من شهر إرثاً، صاحب الأرض عنده ثمانية أولاد، معاشه يكفيه ثمانية أيام فقط، وبيته بالأجرة، وعليه دعوى إخلاء، فقير جداً، هذا ورثها من شهر، تفاوضوا على سعرها طلب خمسة ملايين، بعد ذلك قبل بأربعة ملايين، عمل له أحد إخواني شيكاً بمليونين، قال له: والبقية؟ قال له: بعد التنازل، قال: أي تنازل؟ قال له: هذه ستكون مسجداً، تذهب إلى الأوقاف وتقدم تنازلاً نعطيك الباقي، قال له: مسجد؟ قال له: نعم مسجد، قال له: أنا سأبيع أرضاً تصبح مسجداً؟ قال له: أجل، قال: أستحي من الله، أنا أولى منك أن أقدمها إلى الله، صاحب الأرض لا يملك شيئاً من الدنيا، بلادنا فيها خير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))

[ البيهقي عن جابر]

 دخلت إلى كامب في عمان، تسعة طوابق للاجئين، وهم قاعدون جالسون آكلون، والأكل درجة أولى، قلت: يا رب والله يوجد خير ببلادنا.

((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))

[ البيهقي عن جابر]

 أحد أخواننا مقيم في لندن، وهو إمام أحد المساجد، عنده وظيفة في مانشستر، وينام مع أصدقائه في لندن، يخرج كل يوم ويعود، مرة أعطى السائق خمسة جنيهات لم يكن معه أقل، ردّ له التتمة، عدها فإذا هي تزيد عشرين بنساً عما يستحق، حاور نفسه أن يعيدها أو أن يبقيها، قال: إنها شركة عملاقة معها ملايين وأنا أولى فيهم، ولكن أنت مسلم هذا المال ليس لك، دخل في صراع مع نفسه لكن في النهاية عندما نزل قال له: تفضل، أعطيتني زيادة، السائق تبسم، قال له: ألست إمام هذا المسجد؟ قال له: بلى، قال له: والله أنا قبل يومين أردت أن أتعبد الله عندك لكنني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك، وقع الإمام مغشياً عليه، ولما صحا من غشيته قال: يا رب كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً، كم مسلم يؤدي يميناً كاذبة؟
 والله كنت بألمانيا وأنا ليست من عادتي أن أكون قاسياً أبداً، علمت أن كل هؤلاء الذين أمامي ببرلين، كلهم قدموا تصريحاً كاذباً للدولة أنهم لا يعملون، يأخذ تسعمئة يورو وكل ابن ثلاثمئة يورو، ممكن أن تقنع ألماني بالإسلام؟ مستحيل، أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبلك، هذه الثانية ببريطانيا، قال: كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً.
 الثالثة بأمريكا، شاب أحبّ فتاة استأذن والده بالزواج منها، قال لا: يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، أحب فتاة ثانية قال: هذه أختك أيضاً، والثالثة أخته، فضجر أخبر أمه، قالت له: خذ أياً شئت، فأنت لست ابنه وهو لا يدري.

 

التباهي بالنواحي الإيجابية في بلادنا الإسلامية :

 والله يا أخواني يوجد في بلادنا نِعَم، نحن عندنا عقد نفسية ضد واقعنا، توجد نِعَم، البنت بنت عندنا، والزوج زوج، والصهر صهر، توجد سعادة في بيت الزوجية، يوجد شيء من الوفاء، كم إنسانة لا يعمل زوجها وتصرف عليه، ومن آياته خلق السموات والأرض، ومن آياته الليل والنهار، ومن آياته الشمس والقمر، قال تعالى:

﴿ وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً ﴾

[سورة الروم: ٢١]

 اكتشفوا النواحي الإيجابية في حياتنا، وكونوا أسعد الناس، دائماً وأبداً هناك شيء من الإيجابيات، كن موضوعياً، كن علمياً، دائماً نعتم على إيجابياتنا، ونكبر سلبياتنا، نذهب إلى أووربا ثم نعود فنمدحها، لم تر شيئاً من أوربا! معظم البيوت فيها خيانات، فيها شيء صعب جداً، قالت له: خذ أيا شئت فأنت لست ابنه وهو لا يدري.
 فنحن عندنا إيجابيات في بلادنا ينبغي أن نحب بلادنا، ونحب عاداتنا الإسلامية، ونحب تقاليدنا، والله أنا أذكر لكم أشياء في هذا البلد، أنا لست من هذا البلد في الأصل، لكن لاحظت ثلاث خصائص، أنتم قد لا تنتبهون إليها، أول خصيصة: التدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسب عليها، في بلاد أخرى هناك ضبط للصلاة، في هذا البلد يوجد أطياف مثل أي بلد آخر لكن لا يوجد بين كل طيفين أحقاد تاريخية تقتضي القتل، قد يقتل المتطرف تقرباً إلى الله، هذا يجري في بلادنا، والثالثة توجد حكومة قوية، تحاكم وتعاقب لكن لا يوجد برنامج للقتل، يوجد سجن، هذه نعم ثلاث، بالمناسبة هنالك نعم لا ننتبه لها، من هنا كان دعاء النبي الكريم: " اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها".
 أشكر لكم حضوركم وإصغاءكم، وأسأل الله لكم التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور