- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
العينان من آيات الله الدالة على عظمته في خلق الإنسان :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
أيها الأخوة الكرام ؛ من آيات الله الدالة على عظمته في خلق الإنسان - ونحن في خلق الإنسان - هاتان العينان ، قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
هذه العين فيها عدسة ، كما تعلمون لها محرق ، لو وضعنا أمام عدسة بلورية شمعة وأمسكنا ورقة من الورق المقوى وحركناها بعد عدة دقائق نصل إلى المحرق ، في المحرق تبدو صورة الشمعة مركزة جداً ، ومقلوبة ، هذا المكان الذي هو المحرق تظهر فيه الصورة واضحة تماماً بشكل متقن ، والحقيقة العين عدسة ، والعدسة مؤلفة من مادة شفافة ذات احتداب ، لكن الذي يلفت النظر أنك مع العدسة البلورية حركت الورق المقوى ، نحن ورقة المقوى ثابتة وهي الشبكية ، الشبكية ثابتة ، من يصدق أن الشبكية مساحتها ميلمتر وثلث فقط ؟ فيها مليون وثلاثمئة مستقبل ضوئي ، بينما أعظم آلة احترافية صنعها الإنسان في الميلمتر الواحد في الآلة فيها عشرة آلاف مستقبل ضوئي ، من عشرة آلاف مستقبل إلى مليون وثلاثمئة ألف مستقبل من أجل أن تأتي الصورة دقيقة ، لذلك العين البشرية تفرق بين تسعة ملايين لون ، قد ندرج اللون مئة ألف مرة ، قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
هذه العين فيها هذه العدسة ، أما النقطة الدقيقة جداً فهي عملية المطابقة ، نحن مع العدسة البلورية نحرك الورق المقوى ، ورقة المقوى ثابتة هي الشبكية ، فما الذي يحصل ؟ قال : هناك عضلات هدبية على رأس العدسة وعلى أسفلها ، فإذا المسافة كانت بعيدة تضغط هذه العضلات الهدبية على العدسة فتزيد احتدابها ، فيأتي الخيال على الشبكية ، وإذا كان الجسم قريباً تمطها يقل احتدابها فيأتي على الشبكية ، أنا أرى ولا أبالغ أن أعقد عملية تتم في الإنسان المطابقة ، المطابقة تحتاج إلى جهة ثالثة تقيس المسافة ، وجهة أولى تضغط على العدسات ، أين كل هذا ؟ أنت دون أن تشعر تتابع كرة القدم في مباراة ، وترى الكرة بشكل دقيق حاد في كل مراحل حركتها ، ترى الأشياء متحركة ، السيارات ، فأنت ضمن ستين متراً تجري عملية معقدة جداً قد لا يتخيلها العلماء عملية المطابقة ، فإذا قرأت الأبحاث العلمية الدقيقة جداً ثم قرأت القرآن ينبغي أن تبكي ، قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾
فالعين باحتدابها وبعضلاتها الهدبية وبالماء ، العين فيها ماء ، لو أن إنساناً سكن بالمتجمد الشمالي بفنلندا مثلاً ، والحرارة هناك تقدر بعشرين تحت الصفر وقد تصل إلى ستين تحت الصفر ، والماء يتجمد عند الصفر ، يجب أن يصاب كل أهل هذه البلاد بالعمى ، الله أودع فينا مادة مضادة للتجمد ، قال تعالى :
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
فأنت إذا قرأت عن العين بحثاً ثم قرأت هذه الآية قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
ينبغي أن ترتعد فرائص الإنسان خشوعاً لله ، ينبغي أن يخر ساجداً لله عز وجل .
ضرورة التفكر في خلق الإنسان :
لو أن إنساناً تفكر في خلق جسمه ، في حواس نفسه ، في حواسه الخمس ، في أنسجته ، في أجهزته ، في أعضائه ، لو تفكر الإنسان يجب أن يعرف الواحد الديان ، وأنا أرى أن من العبادة أن يتفكر في خلق الإنسان ، هذه العين التي خلقها الله لنا أعظم آية تدل على عظمته ، وعلى إتقان عمله ، قال تعالى :
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
اللسان من آيات الله الدالة على عظمته :
قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾
من يصدق أن هذا اللسان كل حرفٍ تنطق به يُسْهِمُ في صنعه سبع عشرَة عضلة ، يوجد تجويف في سقف الحلق هو لسان المزمار ، فيه حروف شفهية ، حروف صوتية ، حروف إمالة ، شيء دقيق جداً ، الحرف الواحد يُسْهِمُ في صنعه سبع عشرَة عضلة ، ، الكلمة خمسة حروف ، ، والجملة خمس كلمات والصفحة خمسة عشر سطراً ، كيف تتحرك هذه الأجهزة حينما تقرأ ؟ فقراءة الإنسان قال تعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
يا ربي أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق ؟ لا ليس هذا هو المعنى ، ليس الترتيب هنا ترتيباً زمنياً هو ترتيب رتبي ، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه ، قال تعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
هذا البيان أنت تستمع إلى الصوت ، تستمع إلى اللغة الصوتية بالبيان ، وأنت تعبر عن مشاعرك وعن أحوالك وعن أفكارك باللغة الصوتية ، لكن هذه اللغة الصوتية تحتاج إلى وجود ، إلى شهود ، لكن حينما تكتب نقلت هذه المعلومات إلى أجيال كثيرة . لذلك هذه العلوم لولا الكتابة ، قال تعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
قال تعالى :
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾
فاللغة المسموعة تحتاج إلى مواجهة شخصية ، أما اللغة المكتوبة فيمكن أن تنقل هذه المعلومات إلى أجيال وأجيال ، تفسير القرطبي مثلاً هذا أُلّف قبل ألف عام ، ينتفع به العالم الإسلامي كله الآن ، هذه اللغة المكتوبة جعلت العلم يستمر .
كيفية انتقال العلوم من أمة إلى أمة :
لكن كيف ينتقل العلم من أمة إلى أمة ؟ عن طريق الترجمة ، إذاً هناك لغة مسموعة تحتاج إلى لقاء مباشر ، و لغة مكتوبة تحتاج إلى كتابة ، و لغة مترجمة تحتاج إلى نقل الثقافة من أمة إلى أمة ، وكأن الإنسان هو المخلوق الأول الذي أودع الله فيه قوة إدراكية ، هذه القوة الإدراكية ينبغي أن تلبى بطلب العلم ، والإنسان ما لم يلبِّ هذه الحاجة بطلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، ولو قرأنا بعض الآيات التي تشير إلى إنسان لم يطلب العلم ، اكتفى بطعامه وشرابه ، قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
قال تعالى :
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
قال تعالى :
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
قال تعالى :
﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
فالإنسان إذا عزف عن طلب العلم وهو الذي يميزه عن بقية المخلوقات هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً .