- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ ما هو الاختلاف ؟ وما أنواعه ؟ وكيف يكون الاختلاف طبيعياً ؟ متى يصبح اختلافاً مذموماً ينهى عنه الشرع ؟ ما هي المرجعية في قضايا الاختلاف بين المسلمين ؟ ما هي القواعد التي يمكن أن يتعامل بها الإنسان مع مخالفه وصولاً إلى الحق ؟ تابعوا هذا اللقاء لنتعلم معاً آداب الحوار والاختلاف .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله واصحابه أجمعين .
أخوتي الكرام ؛ أخواتي الكريمات ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في مستهل حلقة جديدة من برنامجكم درر ، حيث نتناول فيه قيم الإسلام في التعامل بين أفراد المجتمع ، بادئ ذي بدء يسرني أن أرحب باسمكم بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم سيدي .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم حديثنا اليوم عن قيم الإسلام في التعامل مع من يخالفني في الرأي ، بداية سيدي لا شك أن الاختلاف واقع في الحياة سواء في الأمور الدينية أو الأمور الدنيوية ، يقع اختلاف بيني وبين شخص معين هو يرى رأياً وأنا أرى خلافه ، هناك في الشرع ما يضبط حركة الاختلاف في الحياة ، بداية هل الاختلاف شيء موجود حقيقة ؟ وما أنواعه ؟
الاختلاف و أنواعه :
الدكتور راتب :
الاختلاف واقع ولا يحتاج إلى دليل ، إلا أن هناك اختلافاً حيادياً لا يمدح ولا يذم ، أضرب له مثلاً ، قبيل رمضان في اليوم التاسع والعشرين من شعبان سمع الناس في مدينة إسلامية صوت مدفع ، يا ترى مدفع إثبات رمضان أم هناك عمل في الجبل يحتاج إلى تفجير؟ هناك صوت يشبه المدفع ، هذا الاختلاف طبيعي لأنه لا يوجد دليل يقطع بأحد الاتجاهين ، لكن بعد ساعة في نشرة الأخبار أذيع أن غداً أول أيام رمضان ، حسم ، فالاختلاف الطبيعي ليس مشكلة إطلاقاً ، اختلاف مؤقت ، ثم تأتي الأخبار فتلغي هذا الاختلاف ، هذا غير داخل بموضوعنا .
أما الحقيقة الدقيقة أن هناك اختلافاً محموداً ، فهذا الاختلاف تنافسي ، هذا اجتهد أن أعظم شيء بالدين الدعوة إلى الله ، هذا اجتهد أن أعظم شيء بالدين العمل الصالح ، هذا اجتهد بتأليف القلوب ، هذا اجتهد بتأليف الكتب ، هذا التنوع تنوع ثراء وغنى لا تنوع تضاد وتعاكس ، هذا يغني الدين ، هذا اختلاف محمود ، وهذا فيه تنافس ، هذا تفوق بشيء ، وهذا تفوق بشيء ، تقريباً كعالم اهتم بالتفسير ، و آخر بالحديث ، و ثالث بالفقه ، و رابع بمقاصد الشريعة إلى آخره ، هذا الاختلاف اختلاف تنوع وغنى ، وهو محمود ، أما الاختلاف القذر والذي هو مصيبة المصائب ، اختلاف أهواء ومصالح ، هذا الاختلاف القذر تؤكده آية دقيقة جداً :
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾
بسبب البغي والعدوان والأهواء والمصالح ، هذا الخلاف الذي نحذره ، أما اختلاف التنافس فمحمود ، وهناك اختلاف طبيعي نقص المعلومات ، بين اختلاف نقص المعلومات هذا يحل بعد حين ، وبين اختلاف التنافس وهذا ميزة بالإنسان ، أما الخلاف الذي ينهى عنه الشرع فهو اختلاف الأهواء والمصالح ، أي كل أتباع الدين هناك مسلمات بحياتهم ، الكتاب والسنة والحديث الشريف الصحيح ومع ذلك يوجد اختلاف ، هذا الاختلاف قد يفسر تفسيراً سلبياً ، ليس إيجابياً .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم جزاكم الله خيراً هذه الأنواع بينت الكثير للمشاهد ، لكن أحياناً يقع بيني وبين أخ آخر في مسألة شرعية في الوضوء ، في الصلاة ، في الصوم ، في قضية فقهية معينة ، هذا أين يندرج ؟
الاختلاف بين الفقهاء اختلاف تنوع و رحمة :
الدكتور راتب :
أفهم هذا الاختلاف محموداً ، اختلاف تنوع ، مثلاً امرأة في الحج جاءتها الدورة قبل طواف الإفاضة ، والطواف ركن من أركان الحج ، عند الإمام الحنفي عليها بدنة ، فإن كانت ميسرة تشتري بدنة وتوزعها وينتهي الأمر ، وعند الإمام الشافعي تغدو أميرة الحج ، ينتظرها قومها ، فإذا كانت ملحقة بفوج ، والفوج مئة رجل ، و هناك أجور الفنادق و هي مبالغ كثيرة جداً، ولا أحد ينتظرها ، جاء الإمام مالك وقال : تطوف البيت ولا شيء عليها .
هذا التنوع تنوع رحمة ، تنوع غنى ، أما عدم التنوع ففيه إشكال كبير جداً ، هذا اختلاف طبيعي ، وهذا اختلاف محمود ، وهذا اختلاف وجهات نظر ، اختلاف تقدم .
الأستاذ بلال :
فرضاً سيدي لو وصلنا في الاختلاف إلى نقطة وجدت أن رأيي ليس له دليل ، والرأي المخالف له دليل .
ديننا الإسلامي دين أدلة :
الدكتور راتب :
لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، هذا الدين دين أدلة ، هذا النص هو الدليل ، فالذي لا يملك الدليل لا يلتفت إليه إطلاقاً ، إن أردت أن تقول فكراً ائت بالدليل ، حتى قيل : إن كنت ناقلاً فالصحة ، وإن كنت مبتدعاً فالدليل ، ائت بشيء جديد مع الدليل ، إن كنت ناقلاً فالصحة ، وإن كنت مُدَّعِياً فالدليل .
الأستاذ بلال :
قال تعالى :
﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
وجوب طاعة الله و رسوله و أولي الأمر :
الدكتور راتب :
النقطة دقيقة جداً وأطيعوا الله أي في قرآنه ، والرسول في سنته ، وأولي الأمر منكم، من هم أولياء الأمور ؟ عند الإمام الشافعي من أروع ما قرأت هم العلماءُ والأمراء معاً ، العلماء يعلمون الأمر ، والأمراء يطبقون الأمر ، لو فرضنا تنازعتم مع علمائكم أو مع أمرائكم ، ما الحل؟ قال تعالى :
﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
حينما يحيلك الله إلى كتابه ، وإلى سنة رسوله ، هل يعقل بالمنطق أن يحيلك الله خالق الأكوان إلى شيء لا تجد به بغيتك ؟ مستحيل ، هذه الآية وحدها تؤكد أن ما من مشكلة يعاني منها المسلمون إلى نهاية الدوران إلا ولها في الكتاب والسنة دليل ، لها حل علمه من علمه ، وجهله من جهله .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم لو انتقلنا إلى قيم الإسلام في التعامل مع من يخالفني الرأي ، نستعرض بعض النقاط السريعة وأسمع تعليقكم الكريم عليها ..
أولاً : ينبغي أن يتثبت الإنسان من قول المخالف .
التثبت من قول المخالف :
الدكتور راتب :
الأصل في ذلك قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
وهناك رواية فتثبتوا ، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، قبل أن تأخذ هذا القول ولا تحتمله تأكد أنه قال هذا الشيء ، مرة يروى أن رجلاً يقف على كنز قال : معبودكم تحت قدمي، هذه كلمة يُكفّر بها الإنسان ، أنا بالمناسبة لا أسمح لنفسي ولا لأحد أن يتكلم كلاماً يحتمل معنيين متناقضين ، هذا تضليل للناس ، و أنت وضعت نفسك كمتهم ، خاطب الناس على قدر عقولهم ، خاطب الناس بعبارة واضحة ، لا تحتمل معنيين .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أولاً نتثبت من قول المخالف .
الدكتور راتب :
الآن لو فرضنا ثبت أنه قاله ، قبل أن أفضح ، قبل أن أجاهر بهذا القول ، قبل أن أعتلي المنبر وأندد بهذا الذي قال ، أنا أذهب إليه كمؤمن أبين له وجهة نظري ، فإن رجع أنا أصمت ، وينتهي العمل ، هذا منتهى الحكمة ، قبل أن نتراشق على المنابر وعلى الفضائيات ، هذا الذي أنت تنتقده رجل دين أيضاً ، لعل له وجهة نظر ثانية ، اتصل به ، اسأله على الهاتف فلعلك تقنع بكلامه ، أو يقنع بكلامك إذا كان هناك نوايا طيبة ، أما إذا كان مرتبطاً بجهة معينة فهذا اختلاف قذر ، قبل أن تحدث فتنة بالمجتمع ينبغي أن نتواصل .
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا وأحسن إليكم ، أخوتي الأكارم مازال في الحديث مزيد عن قيم الإسلام في التعامل مع من يخالفنا الرأي فتابعوا هذا المزيد بعد الفاصل ...
السلام عليكم ؛ عدنا إليكم من جديد لنتابع الحديث بصحبتكم عن قيم الإسلام في التعامل مع المخالف .
أستاذنا الكريم ننتقل الآن إلى القاعدة الثانية في التعامل مع المخالف قالوا : تحديد محل الاختلاف ، فأحياناً يدخل مختلفان في الرأي في حوار طويل ويظهر في النهاية بعد ساعة أنهما متفقان .
توحيد المصطلحات :
الدكتور راتب :
يبدو أحياناً وبشكل واضح جداً أنهما متفقان على أصول هذا الموضوع ، والاختلاف سوء فهم ، أو تغير في المصطلحات ، أحياناً المصطلح إذا أنا فهمته بشكل ، وأنت تفهمه بشكل آخر ، مثلاً الإيمان والتقوى فرضاً ، إذا مفهوم الإيمان غير المفهوم الأصولي فأنت تختلف مع المحاور بهذا الموضوع ، لا بد من أن تتوحد المصطلحات .الأستاذ بلال :
الأمر الثالث قال : لا تتهم النيات ، حاور لكن لا تتهمه في نيته إن لم يكن هناك ما يدعو لذلك .
عدم اتهام النوايا :
الدكتور راتب :
لا يوجد إنسان يستطيع أن يصل إلى النوايا إلا الله ، قال تعالى :
﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ﴾
أنت حاوره بما قال ، و ائت له بالدليل فقط ، أما أن تصل إلى موضوع لا تملكه فهذا افتراء على هذا الإنسان .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم قالوا : أخلص النية لله واجعل الهدف من الحوار أن تصل إلى الحق.
هدف الحوار الوصول إلى الحق و إخلاص النية لله :
الدكتور راتب :
أحياناً يكون هناك أنا ، هذه الأنا اعتداد بالذات ، وأنت بالحوار هدفك تحطيم الآخر، هدفك تسفيه الآخر ، هذا الحوار غير مقبول في الإسلام ، الهدف الحقيقة ، لو أن الحقيقة مع الآخر وأنا كنت غافلاً عنها أعترف له ، واعترافي بطولة ، واعترافي رقي واستقامة ، فأنا حينما أحاور كي أعلو ، أو أحاور كي أخفض ، هنا المشكلة أما أنا فحواري لمعرفة الحقيقة، إذاً ما دام الهدف سليماً فالأهداف السليمة لها وسائل سليمة .
الأستاذ بلال :
وقال الإمام الشافعي رحمه الله : رأيي صواب يحتمل الخطأ ..
الدكتور راتب :
ورأي خصمي خطأ يحتمل الصواب .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أيضاً من الأمور التي ينبغي أن ينتبه لها بالحوار ، قالوا : اتهم رأيك ولا تطمئن لأفكارك ، وقل ربما يكون الحق مع غيري كما أسلفنا ، ويحضرني قصة الحباب بن المنذر في حادثة بدر لعلها تضيء إضاءة على ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم من الرجوع إلى الحق ، ، قال : يا رسول الله أمنزل أنزلك الله ؟
اتهام الإنسان رأيه و عدم الاطمئنان لأفكاره :
الدكتور راتب :
الحقيقة شيء مذهل ، النبي صلى الله عليه وسلم معصوم ، معه وحي السماء، لكن هذا الصحابي الجليل حرصه على سلامة المعركة وعلى النصر فيها كبير جداً ، ورأى رأياً معيناً ، رأى أن هذا الموقع الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليس بموقع ، شدة الأدب التي تلفت النظر ، قال : يا رسول الله هذا الموقع وحي أوحاه الله إليك أم هو الرأي والمشورة ؟ قبل أن يقول لعله وحي فينتهي الأمر ، انظر إلى الأدب ، أما إذا كان رأياً ومشورة أنا مهمتي أن أنصح ، قال له : بل الرأي والمشورة ، فقال هذا الصحابي لسيد الخلق وحبيب الحق الذي يوحى إليه : يا نبي الله ليس بموقع ، قمة المجتمع الإسلامي النبي المعصوم ، ليس بموقع ، هذه الجرأة في الحق ، قال : أين الموقع الذي تراه مناسباً ؟ فأشار إلى موقع آخر ، فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إليه .
هذه القصة لها أبعاد كبيرة جداً ، فالإنسان يجب ألا يكون خاضعاً من دون دليل ، وأنا أذكر قصة دقيقة جداً أن النبي صلى الله عليه وسلم أمّر أنصارياً على الصحابة في سرية ، هذا الأنصاري لسبب أو لآخر قال :
(( ...أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا ، فَجَمَعُوا ، فَقَالَ : أَوْقِدُوا نَارًا ، فَأَوْقَدُوهَا ، فَقَالَ : ادْخُلُوهَا .. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ))
وهذا الشيء تنكره الفطرة ، وكأني أريد أن أقف وقفة متأنية عند كلمة الفطرة ، ، الفطرة معرفة ابتدائية من دون تعليم ، من دون دليل ، الإنسان فطر على الحق ، على الكمال ، هذه الفطرة معرفة نفسية ابتدائية ، لا تحتاج إلى تعليم ، قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾
هذه الآية تؤكد تطابق الفطرة مع منهج الله عز وجل .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم لما جئتم بقول الحباب بن المذنر لما قال له : وحي أم الرأي والمشورة، ألا يعلمنا ذلك أيضاً إضافة لما ذكرتم أن هناك أموراً لا تناقش هي وحي السماء ، الآن بالفضائيات ، في الفيس بوك ، في وسائل التواصل ، تُناقش أمور محسومة في الدين فيها نصوص قطعية الثبوت والدلالة ثم تناقش وكأنها شيء طبيعي .
عدم خضوع المسلمات الأساسية في الدين للمناقشة :
الدكتور راتب :
أقل حالة بالإيمان أن تعتقد يقيناً أن هذا الكتاب كتاب الله ، وأن الله عز وجل كلامه معصوم من أي خطأ ، قال تعالى :
﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾
هذه مقولات أساسية في الدين ، مسلمات ننطلق منها وليست خاضعة للمناقشة .
الأستاذ بلال :
قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
لو انتقلنا إلى نقطة مهمة ، بعض الذين يخوض في الحوار وفي الاختلاف يجادل والجدال منهي عنه ، متى يكون الحوار مذموماً ؟ متى يصبح جدالاً ؟
ضرورة الحوار لإدراك الحقيقة لا للتسفيه و الكبر :
الدكتور راتب :
الحقيقة الجدال موضوع تأكيد الذات ، تأكيد السيطرة ، التفوق ، أو سحق الآخر ، أو تسفيه الآخر ، هذه الميول الأنانية أو التحطيمية ، هذه ميول مرفوضة في الحوار ، الحوار من أجل الحقيقة
أنا أسأل مستفهماً لا ممتحناً ، أنا أعلق متسائلاً لا ناقداً ، هذا الحوار الذي أراده الله ، النبي صلى الله عليه وسلم حاورنا ، والله حاور آدم وحاور الشيطان ، والحوار مطلوب لكن بنية إدراك الحقيقة لا بنية التسفيه ، ولا الكبر .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم هنا يقولون : إذا تيقنت أن الحق مع مخالفك فاقبله ، وإذا قبل الحق منك فاشكر له ذلك ، هذا أيضاً من القيم .
الدكتور راتب :
أنا أراها بطولة ، أو أنا أراها مقياساً للإخلاص في طلب الحق ، وأخضع له ، وأعتذر عن خطئي لعلي أشدد في مصافحتي والثناء عليه ، بهذا نرقى .
الأستاذ بلال :
أحياناً ينصح فيهاجم فيترك النصح و النبي يقول :
(( الدِّينُ النصيحة ))
الدين النصيحة :
الدكتور راتب :
لكني أقول كتعليق على هذا الذي ذكرته : ليس الذي يقبل النصيحة بأقل أجرنا ممن يسديها ، طالب من طلابي نصحني مثلاً ، و هناك قضية غابت عني ، أنا والله من عادتي أن أذكر ذلك في درس عام وأثني عليه .
الأستاذ بلال :
حتى يتعلم أن ينصح دائماً .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم ، وأحسن إليكم .
أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .