وضع داكن
28-03-2024
Logo
مقاصد الشريعة - الدرس : 10 - الإيمان بالملائكة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس مقاصد الشريعة، وقد كنا في أركان الإسلام، وانتقلنا إلى أركان الإيمان، والحديث اليوم عن بالملائكة.

الحسِّيات والمعلومات والإخباريات:

ولكن يجب أن نعلم علم اليقين أن قضايا الدين يمكن أن توزع في ثلاثة حقول، حقل الحسيات، وحقل المعقولات، وحقل الغيبيات ( الإخباريات )، أية قضية في الدين لا بد من أن تكون في أحد هذه الحقول:

 

1 – الحسِّيات طريق إدراكها الحواسُّ الخمس:

فالشيء الذي ظهرت عينه وآثاره فطريق اليقين به الحواس الخمس أو استطالاتها مع التقدم العلمي، كالتلسكوبات والميكروسكوبات.

2 – المعقولات طريق إدراكها العقلُ:

والشيء الذي غابت ذاته، وبقيت آثاره أداة اليقين به العقل، هذه مهمة العقل الأولى، ترى الأثر، وتستدل به على المؤثر، وترى الحكمة، وتستدل بها على الحكيم، ترى النظام، وتستدل به على المنظم، هذه مهمة العقل أمام شيءٍ غابت عينه وبقيت آثاره، لذلك يمكن أن تؤمن بالله إيماناً عقلياً من خلال هذا الكون، وكل شيء في الكون يدل عليه، ويشير إليه:

وفي كل شيء له

آية تدل على أنه واحد

ويمكن أن تؤمن بالقرآن الكريم عن طريق العقل، لأن في القرآن إعجازاً، إعجازه أكبر دليل على أنه كلام الله، بل إن وقوع الوعد والوعيد أيضاً من الأدلة الناصعة على أنه كلام الله، والذي جاء بهذا الكتاب هو رسوله، انتهى دور العقل، يمكن أن تؤمن بالله وبكتابه وبرسوله عن طريق العقل، هذا الإيمان إيمان عقلي، أما حينما ترى ساعة فتقول: هذا إيمان حسي، فعندنا إيمان حسي وإيمان عقلي.

3 – الغيبيات طريق إدراكها الخبرُ الصحيح:

لكن قضية الملائكة من نوع آخر، فهو نوعٌ غابت عينه وآثاره، ولا دليل مادي يؤكد وجود الملائكة، إلا أن الله أخبرنا بهذا، هذا النوع من الإيمان إيمان إخباري، أو إيمان سمعي، أو إيمان نصي.أول ملاحظة يجب أن تأخذ إخبار الله عن شيء ما وكأنك تراه، الدليل: قال تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) ﴾

( سورة الفيل )

 

يجب أن تأخذ خبرَ الله عن الغيب كمن رآه وشاهده:

بربكم هل من هؤلاء الحاضرين رجلٌ رأى بعينه ما فعل الله بأصحاب الفيل ؟ لا نحن ولا مَن قبْلنا واحد ولا حتى رسول الله رأى ذلك، وقد استنبط العلماء من هذه الآية أن الخبر الإلهي يجب أن تأخذه وكأنك تراه، لأنه: 

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) ﴾

( سورة النساء)

خالق الكون يخبرك عن وجود الملائكة.
مثلاً: قال تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي (116) ﴾

( سورة المائدة)

هذا فعل ماض، وهذا الشيء لم يقع بعد، بل يقع هذا يوم القيامة، فيجب أن تأخذ إخبار الله عن المستقبل وكأنه وقع.
مثال آخر:

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) ﴾

( سورة النحل)

معنى ذلك أن المؤمن الحق في تسلسل، فبعد أن آمن بالله خالقاً ومربياً ومسيراً من خلال هذا الكون الثابت الأول في العقيدة، الآن هذا الإله العظيم كمال الخلق يدل على كمال التصرف، خَلق عظيم، إعجاز ما بعده إعجاز، عظمة في الخلق، في التربية، في التسيير، إله غني قدير، حكيم رحيم، هذا الكون يشهد لله بعظمته.
أحياناً هناك أشخاص فوق الشبهات، لمجرد أن يخبرك بشيء لا تفكر أن تطالبه بالدليل، لأنه موثوق، لا يكذب، فالإيمان بالملائكة من هذا النوع، إيمان إخباري، وكما قلت لكم: عد ابن القيم الإيمان بالله إخباري، والإيمان بالجن إيمان إخباري، والإيمان بالماضي السحيق إيمان إخباري، والإيمان بالمستقبل البعيد إيمان إخباري، والإيمان بما بعد الموت من الجنة والنار إيمان إخباري.
حينما تقرأ القرآن، أو حينما تعالج قضية في الإيمان يجب أن تعلم في أي حقل هي، فإذا كانت في حقل المحسوسات فدليلها حسي، وإذا كانت في حقل المعقولات فدليلها عقلي، وإذا كانت في حقل الإخباريات فدليلها الخبر الصادق.

عالَم الغيب و عالَم الشهادة:

هناك عالَم الغيب وعالَم الشهادة، عالَم الشهادة: هذا الواقع الذي نعيشه، أما عالَم الغيب فهو ما أخبرك الله به ولم يقع بعد. 

لا إضافات على الأخبار الواردة في إثبات الغيبيات:

في عالم الغيب لا تستطيع أن تضيف على الخبر شيئاً، وأية إضافة على الخبر فهي إضافة ظنية، ليست يقينية، فلذلك الله عز وجل لحكمة بالغة أخبرنا عن الملائكة بعض الأخبار، وأخبرنا عن اليوم الآخر بعض الأخبار، وأخبرنا عن الماضي السحيق بعض الأخبار، وما أخبرنا كل الأخبار.
قال تعالى:

﴿ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ (78) ﴾

( سورة غافر)

لا حقَّ لي أن آتي بزيادات من أفكاري ومن خيالي، وأضيفها إلى عالم الغيب، فأيّة إضافة على الإخبار فهي إضافة ظنية لا معنى لها، لذلك المؤمن يسكت، ويقف حينما يسكت القرآن.
مثلاً: حدثنا عن قصة يوسف إخبارا، قال تعالى:

﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحيهِِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾

( سورة يوسف )

بعض الكتب في التفسير أخذوا من كتب بني إسرائيل إضافات وتفاصيل أضافوها على قصص القرآن، وهذه القصص وتلك التفاصيل ما أنزل الله بها من سلطان، هذه إضافات ينبغي ألا تكون، الحكمة البالغة من ذلك أن الله عز وجل أحياناً يغفل تفاصيل، يا ترى سيدنا يوسف هل تزوج امرأة العزيز بعد ذلك ؟ والله لا نعلم، وينبغي ألا نعلم، لأن هذه التفاصيل لا تخدم مغزى القصة، تماماً كما لو أستاذا جامعيا في الاقتصاد أن أراد أن يعطي درساً بليغاً في شروط نجاح التجارة، لكنه كان أديباً، فصاغ هذه الشروط بشكل قصة، فقال:
لي صديق اشترى محلاً تجارياً في مركز المدينة، موقع المحل، واختار بضاعة عليها طلب شديد، غذائية، واختار الأنواع الجيدة، وجعل السعر معتدلا، وعامل الناس معاملة طيبة، فربح أرباحاً طائلة، أراد أن يذكر لهم أن موقع المكان مهم، ونوع البضاعة، ومستوى البضاعة، وما باع ديناً، مع المعاملة الطيبة، فقال له طالب: هذا الإنسان الذي حدثتنا عنه أهو أبيض أم أسمر ؟ هذه أمورٌ لا علاقة لهذا بالتجارة الرابحة، ما اسمه ؟ أين يسكن ؟ هذه التفاصيل لو ذكرت لتوهمنا أن هذا الذي حدثنا الله عنه وقع، ولن يقع مرة ثانية.
الله عز وجل قدم لنا نموذجا متكررا، لذلك إغفال الجزئيات والتفاصيل وراءه حكمة بالغة، لئلا تقع في وهم أن هذا الذي حدثك الله عنه لن يقع، لا هو وقع، وسيقع، وهو نموذج متكرر، لذلك قال بعض العلماء: ينبغي أن تسكت حيث سكت القرآن.
أهل الكهف كم شخصا هم ؟ يقولون: أربعة، وخمسة، ولكن الله لم يحسم المسألة، لأن هذه التفاصيل لا تقدم ولا تؤخر، هذه التفاصيل في عرف كُتّّاب القصة هي عبء على القصة، وليست في خدمة القصة، فالأدب مع الله أنه إذا أغفل شيئاً أن تقف متأدباً مع إغفاله، لا أن تبحث في كتب الأقدمين عن روايات باطلة، هذه اسمها في التفاسير الإسرائيليات، وهي قصص ما أنزل الله بها من سلطان.

من الآيات القرآنية التي جاء ذكرُ الملائكة فيها:

لذلك أيها الإخوة الكرام، نحن نؤمن أن هناك ملائكة، وقد ورد ذِكْرُهم في القرآن الكريم عشرات بل بضع عشرات الآيات. 

الآية الأولى:

﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (11) ﴾

( سورة الرعد)

الله هيأ ملائكة للمؤمنين يحفظونه من أمر الله، أي يحفظونه بأمر من الله. 

الآية الثانية:

﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ﴾

( سورة ق)

ملَك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات، وأنت في الصلاة تقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، هذا إيمان إخباري، ليس عليه دليل مادي أبداً، لكن كلما عظُم القائل كان خبره يقيناً، فإذا كان القائل خالق السماوات والأرض فهذا هو الإيمان الإخباري.
أيها الإخوة الكرام، سيدنا جبريل ملَك، وهناك ملائكة العذاب، وملائكة الجنة، وملائكة الحساب، وملائكة نزع الأرواح، وملَك الموت ورد ذكره في القرآن، فأيّ آية حدثتنا عن الملائكة نكتفي بها، ولا نزيد عليها، ولا نبحث عن شيء أغفلته هذه الآية، فالملائكة كما قال الإمام علي كرم الله وجهه: << رُكِبَ المَلَك من عقل بلا شهوة، ورُكِبَ الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكِبَ الإنسان من كليهما، فإذا سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان >>، فالملائكة كائنات نورانية وهبها الله العقل، لا يعصونه ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.

الحكمةُ أن لكلِّ مؤمنٍ ملَكا يلهمه الخير وجنِّيّا يلهمه الشر:

الآن ما حكمة أن لكل مؤمن ملك يلهمه الخير و جني يوسوس له بالشر ؟ 

1 – ليس لمَلَك ولا جنيّ سلطة على الإنسان:

أول حقيقة: لا الملَك معه سلطة عليك، ولا الجني معه سلطة عليك، الدليل:

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (22) ﴾

( سورة إبراهيم)

أيها الإخوة الكرام، هناك مثل أضربه كثيراً:
توجه إنسان إلى قسم الشرطة يشتكي على إنسان، وهو يرتدي ثياب جميلة جداً بيضاء في أيام الصيف، وهي من أغلى الأنواع، والقميص ولوازم هذه الثياب من أعلى مستوى، رأى في حفرة فيها مياه آسنة سوداء فنزل فيها، وجاء ليشتكي على جهة، سأله المحقق: هل دفعك إلى هذه الحفرة ؟ قال: لا، والله ما دفعني أحَد، قال له: هل شهر عليك مسدس، وألزمك أن تنزل ؟ قال: لا والله، ما فعل هذا أيضاً، قال: هل أمسكك ووضعك فيها ؟ قال: لا والله، قال: لمَ تشتكي عليه ؟ قال: لأنه قال لي: انزل فنزلت، أين عقلك ؟ قال تعالى: 

﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (22) ﴾

 

( سورة إبراهيم)

أول حقيقة: لا الملك له عليك سلطان، ولا الشيطان له عليك سلطان، وأنت مخيّر، وما في القلب من نوايا لا يطلع عليها لا الملَك ولا الشيطان، أنت مخير. 

2 – وجودُ المَلَك والشيطان لتحريك الإنسان:

لكن باجتهاد ما حكمة وجود الشيطان والملك ؟ للتحريك، الإنسان أراده الله عز وجل متحركا، وما أراده ساكنا، فهو إما أن يستجيب للملَك في إلهامه، أو يستجيب للشيطان في وسوسته، ولو أنه استجاب للشيطان فهذا الفعل من صنعه، ومن اختياره، لأنه أحياناً يوسوس الشيطان لمئة فإنسان يستجيب واحد فقط، هذا الذي استجاب لوسوسة الشيطان هو عنده رغبة في هذه المعصية، وما أحد يضل أحدا إطلاقاً.
هناك أشخاص كلما ارتكب حماقة يلعن إبليس، أنا أقول له: العن نفسك، إبليس ليس له علاقة.

﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (22) ﴾

( سورة إبراهيم)

3 – الملَك تلقي في قلب الإنسان شيئًا:

الملائكة أحياناً تلقي في قلبك شيء، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾

( سورة فصلت)

الملائكة مكلَّفة بأعمال معيَّنة:


فالملائكة تلقي في روع الإنسان، والملائكة تنقل إلينا الوحي من السماء، وقد كلّف الله بهذا سيدنا جبريل، والملائكة تقبض أرواحنا عند الموت.
يُروى أن سيدنا سليمان كان عنده ملك الموت، وهذه القصة رمزية، فهذا الملك على شكل إنسان، وكان يحدّ النظر في أحد الجلساء بشكل يلفت النظر، فلما انقضى المجلس سأل هذا الرجل سيدنا سليمان: مَن هذا الذي كان يحدق بي ؟ قال: ملك الموت، انخلع قلبه خوفاً، قال له: خذني إلى طرف من أطراف الدنيا، فسيدنا سليمان أوتي بساط الريح كما تروي بعض الكتب، وفي القرآن تؤيد هذا آية، فأخذه إلى بلاد الهند، هناك توفي، فلما عاتب سليمان ملك الموت، لماذا كنت تحد النظر به ؟ قال: والله معي أمر أن اقبض روحه هناك، لماذا هو عندك الآن ؟
ملك الموت لقبض الأرواح، وسيدنا جبريل لنقل الوحي، وملائكة لكتابة الأعمال الصالحة والسيئة، الله عز وجل وظف الملائكة توظيفات لا تنتهي.

الملائكة لها سرعة هائلة:

قال تعالى:

﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾

( سورة الحج)

هذه الآية تعني سرعة الضوء، فما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد، لكن قال تعالى:

﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) ﴾

( سورة المعارج)

الملائكة لها سرعة خمسين ضعفا عن سرعة الضوء، هذه آية متعلقة بسرعة الملائكة.

خاتمة:

أيها الإخوة، الملك يلهمك، والشيطان يوسوس لك، لا الملك معه عليك سلطان، ولا الشيطان معه عليك سلطان، ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾، لكن حكمة الملك وحكمة وجود الجن مع الإنسان كي يتحرك إما إلى خير، وإما إلى شر، لأن الإنسان في الدنيا مكلف أن يتحرك ليكون من أهل الجنة ؛ إن اتخذ قراراً صائباً، أو من أهل النار إن غلبته شهوته على نوازعه الأخرى.
أيها الإخوة الكرام، الإيمان بالملائكة من لوازم الإيمان بالله عز وجل ؛ أن تؤمن بالله وباليوم الآخر وبالملائكة والكتاب والنبيين، هذه أركان الإسلام، والإيمان بالملائكة أحد أنواع الضبط.
الملائكة مثلاً تستحي من بعض الأمكنة، وهناك آثار كثيرة جداً تبين أن الملك كائن راق جداً، وقد أوكله الله عز وجل أن يكون معنا، النبي عليه الصلاة والسلام حينما استأجر أجيراً، وخلع ثيابه، وبقي عرياناً ليغتسل قال: خذ أجارتك، لا حاجة لنا بك، إني أراك لا تستحي من الله.
ينبغي على الإنسان أن يستحي من الملائكة الذين معه، يستحي من خالقه الذي هو معكم أينما كنتم، فالإيمان بالملائكة إخباري، وكذلك الشياطين، وهي لا تملك على الإنسان أية سلطة، وأنت مخير، ولكن هناك حِكم بالغة أحياناً من وجود الملائكة والشياطين، الشيطان يلقي في بالك وسواساً، أنت لا تنام الليل، فتذهب إ لى أستاذك، وتسأله فيزداد إيمانك، هو ماذا فعل ؟ قوى إيمانك من دون أن يشعر، وقوى إيمانك من دون أن يدري، ومن دون أن يريد، ولا أجر ولا ثواب له، كشأن الأقوياء حينما يوظفون عند الله لخدمة دينه والمؤمنين، فبشدتهم وقهرهم وبطشهم يدفعون الناس إلى باب الله، وهناك حكمة بالغة حتى من خلق الشياطين، لأن الشيطان يؤدي دوراً إيجابياً من دون أن تشعر أنت، ومن دون أن يشعر هز.
لذلك أيها الإخوة، لا بد أن نؤمن أن الذي قاله الله في القرآن الكريم حق كأنك تراه.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور