وضع داكن
23-04-2024
Logo
الخطبة : 0907 - القدر - الزكاة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

  الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلِّ وسلم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ليلة القدر :

 أيها الأخوة المؤمنون : ليلة القدر أفضل ليالي العمر ، لقول الله عز وجل :

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾

[ سورة القدر : 1-3]

 والألف شهر يساوي ما فوق الثمانين عاماً ، و هو عمر مديد ، أو : هي خير من ألف شهر ، أو هي خير من ثمانين عاماً ، نعبد الله فيها من دون علم ولا هدى ، أو نعمل فيها من دون انضباط ولا إخلاص ، لذلك قال عليه الصلاة و السلام :

((لعالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد))

[ كنز العمال عن ابن مسعود]

 فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ليلة القدر خير من ألف شهر .
 أيها الأخوة الكرام : يستحب طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر من رمضان ، و روى الإمام البخاري و مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

[ متفق عليه عن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

 و روى أحمد و ابن ماجه و الترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ :

((يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))

[ أحمد عن عائشة]

الخواطر الإيمانية حول ليلة القدر :

 أيها الأخوة الكرام : تنطلق الخواطر الإيمانية حول ليلة القدر من قوله تعالى :

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

[ سورة الزمر : 67]

 في هذه الآية ملمح رائع :

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾

[ سورة الزمر : 67]

 كيف نقدر الله حق قدره ؟ يشير الله إلى الطريق :

﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾

[ سورة الزمر : 67]

 يشير إلى التفكر في خلق السموات و الأرض ، و تنطلق الخواطر الإيمانية حول ليلة القدر من الآيات الأولى التي نزلت أول ما نزلت من القرآن الكريم :

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾

[ سورة العلق : 1-5]

 أيها الأخوة : إذاً ينبغي أن نقدر الله حق قدره في ليلة القدر ، وذلك عن طريق العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، و إذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، و إذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، وقد عبر الله عن العلم بكلمة اقرأ ، والقاعدة اللغوية أن الفعل إذا حذف مفعوله أطلق ، اقرأ في كتاب الله ، أو في بيان المعصوم ، أو في كتاب الكون ، فالكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي صلى الله عليه وسلم قرآن يمشي في سنته القولية والعملية والإقرارية والوصفية .

 

أنواع القراءات في القرآن الكريم :

1 ـ القراءة الإيمانية :

 اقرأ أول آية نزلت من القرآن الكريم ، أي تعلم ، واطلب العلم ، ولكن الأصل في هذه القراءة أن تكون قراءة إيمانية ، أن تنتهي بك إلى الإيمان بالله :

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾

[ سورة العلق : 1]

 تنتهي بك إلى الإيمان بالله موجوداً وواحداً وكاملاً :

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

[ سورة العلق : 1]

 وهذه القراءة مقدور عليها ، بدليل أنها تنطلق من أقرب شيء إلى الإنسان ، من نفسه التي بين جنبيه :

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾

[ سورة العلق : 1-2]

 و أنت إنسان :

﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾

[ سورة العلق : 2]

 الأصل الأول أن تكون هذه القراءة إيمانية ، أو أن تنتهي بك إلى الإيمان بالله .
 أيها الأخوة : هناك أصل آخر لهذه القراءة قد نسميه أصلاً أخلاقياً :

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾

[ سورة العلق : 1-3]

 منحك نعمة الإيجاد ، ومنحك نعمة الإمداد ، ومنحك نعمة الهدى والرشاد ، وخلقك ليسعدك في الدنيا والآخرة ، إنه رب أكرم :

﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾

[ سورة العلق : 3]

 أي ينبغي أن تنتهي قراءتك إلى شكر الله عز و جل .

تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :

 لقد سخر الله هذا الكون لهذا الإنسان المخلوق المكرم تسخير تعريف وتكريم ، أما تسخير التعريف فكل ما في السموات والأرض ينطق بوجود الله ، و وحدانيته ، و كماله ، ويشف عن أسمائه الحسنى وعن صفاته الفضلى ، وهو مجال رحب للتفكر ، و بيّن في الآية :

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

[ سورة الزمر : 67]

 أن تقدير الله حق قدره طريقه التفكر في ملكوت السموات والأرض ، قال تعالى :

﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

[ سورة الجاثية : 13]

 هذا الكون بسمواته وأرضه ، بمجراته ونجومه ، بكل ما فيه مسخر للإنسان ، وهذا الكون هو المجال الكبير للتفكر :

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

[ سورة الجاثية : 13]

 أما تسخير التكريم فقد قال تعالى :

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾

[ سورة الإسراء : 70]

 واجب الإنسان تجاه تسخير التعريف أن يؤمن ، وواجب الإنسان تجاه تسخير التكريم أن يشكر ، فالإنسان إذا آمن و شكر فقد حقق الغاية من وجوده لهذا يتوقف التأديب والمعالجة ، يقول الله عز وجل :

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[ سورة النساء : 147]

 واجب التعريف أن تؤمن ، واجب التكريم أن تشكر ، فإذا آمنت بالله ، وشكرته على نعمه التي لا تنتهي ، ومن أبرزها أنه أوجدك ، ومن أبرزها أنه أمدك بما تحتاج ، ومن أبرزها أنه هداك إليه ، ومن أبرزها أنه أعد لك جنةً عرضها السموات والأرض ، فقد حققت الهدف من وجودك ، قال تعالى :

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[ سورة النساء : 147]

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾

[ سورة العلق : 1-4]

اللغة نعمة انفرد بها الإنسان عن سائر المخلوقات :

 إشارة رائعة إلى نعمة انفرد بها الإنسان ، قال تعالى :

﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾

[ سورة الرحمن : 1-4]

 بالبيان تعبر عن مكنون نفسك ، بالبيان تعبر عن أفكارك ، بالبيان تطلع على أفكار الآخرين ، بالبيان تطلع على مشاعر الآخرين ، من تعريف اللغة أنها أداة اتصال بين أفراد النوع ، من تعريفات اللغة أنها أداة يعبر بها عن الفكر وعن العاطفة ، من تعريفات اللغة أنها مقاطع صوتية يعبر بها الإنسان عن ذاته ، فالله عز وجل كرم الإنسان ، وعلمه البيان ، ولكن هذا البيان على أنواع من أبرز أنواعه أنه بيان شفهي ، هذا يحتاج إلى اتصال ، يجب أن تكون أمامه ، ويتكلم هو ، وتسمع أنت ، يجب أن يكون أمامك يتكلم وتسمع ، هذا البيان الشفهي أداة اتصال بين أفراد النوع ، ولكن أيها الأخوة : حينما ينعدم الاتصال فكيف تنتقل الأفكار والمشاعر ؟ يمكن أن تنتقل عن طريق الكتابة قال تعالى :

﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾

[ سورة العلق : 4]

 فعن طريق الكتابة أيها الأخوة الكرام يمكن أن تتواصل الأجيال من دون أن تلتقي ، ويمكن أن تتواصل الأمم من دون أن تتعاصر ، ويمكن أن تكون هذه الحقائق في جعبة البشرية جمعاء عن طريق القلم ، فبالتعبير الشفهي نتواصل ، ولكن مع اللقاء ومن دون تعبير شفهي تصل هذه المعارف وهذه الحقائق من جيل إلى جيل ، من أمة إلى أمة ، بل إنها تختزن في جعبة البشرية جمعاء ، هذا الأصل الثاني .

2 ـ قراءة العرفان :

 الأصل الأول أن نقرأ ما في الكون ، أو ما في خلق الإنسان قراءة إيمانية ، أي تنتهي بنا إلى الإيمان ، والقراءة الثانية قراءة عرفان ، قراءة أخلاقية ، تنتهي بنا إلى الشكر ، لأنك بمجموعك من نعم الله عز وجل .

3 ـ قراءة الوحي و التلقي :

 أما القراءة الثالثة فهي قراءة الوحي والتلقي ، فمعرفة الذات الإلهية وكمالها المطلق، ومعرفة الماضي السحيق والمستقبل البعيد ، ومعرفة حقيقة الحياة الدنيا وحقيقة الدار الآخرة ، ومعرفة هوية الإنسان ونشأته وحقيقته ، وحقيقة المنهج التفصيلي ودقائقه ، ومفردات التكاليف ، هذا كله يؤخذ من الوحي ، وهذا ما يستنبط من قوله تعالى :

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾

[ سورة العلق : 5]

 الإنسان بعقله قد يهتدي إلى ربه من خلال الكون ، والإنسان بعقله قد يهتدي إلى أن هذا القرآن كلام الله من خلال الإعجاز ، والإنسان بعقله قد يهتدي إلى أن هذا الإنسان الذي جاء بالقرآن هو رسول الله ، وهنا يتوقف دور العقل ، ويأتي دور الوحي والتلقي أن تعرف الماضي السحيق ، وكيف نشأ الإنسان ، والمستقبل البعيد ، وماذا ينتظر الإنسان ، وما هو عليه بعد الموت ، أن تعرف ذات الله عز وجل أو طرفاً من ذات الله ، أن تعرف أسماءه الحسنى ، أن الله غفور رحيم ، عزيز ذو انتقام ، أن تعرف أسماء الله الحسنى ، أن تعرف حقيقة الدنيا ، حقيقة الكون ، حقيقة الإنسان ، هذه أشياء لا يمكن أن تعرفها بعقلك ، الله الذي خلق سبع سموات ، الله الذي أنزل من السماء ماءً .
 أيها الأخوة الكرام : القراءة الثالثة قراءة الوحي والتلقي .

4 ـ قراءة الطغيان :

 ينبغي أن تقرأ ما في الكون، وما في القرآن الكريم قراءة إيمان ، وقراءة عرفان ، وقراءة تلق ، فالقراءات الثلاث ؛ قراءة إيمانية، وقراءة أخلاقية ، وقراءة الوحي والتلقي ، أما إذا قرأ الإنسان ما في الكون قراءة نفعية فقط ليس غير ، وابتعد عن هذه القراءات الثلاث فكان الطغيان ، وكان العدوان ، لذلك قال تعالى :

﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾

[ سورة العلق :6]

 يطغى بالعلم ، يطلب العلم للنفع فقط ، لكسب المال ، لتجميع الثروات ، يطلب العلم لصنع أسلحة دمار شامل ، طلب العلم ليتفوق عسكرياً ، فيقهر الشعوب ، هذا علم أيضاً ، ولكنه علم بعيد عن قراءة الإيمان ، وقراءة العرفان ، وقراءة الوحي والتلقي .

﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾

[ سورة العلق :6-7]

 حينما يبني هذا الإنسان القوي الذي كان العلم سبب قوته مجده على أنقاض الآخرين ، يبني غناه على فقرهم ، يبني قوته على ضعفهم ، يبني أمنه على خوفهم ، يبني عزه على ذلهم ، يبني حياته على موتهم فقد طغى بالعلم ، واستخدم العلم لغير ما أريد له فقد طغى بالعلم ، وطغى ، وبغى ، ونسي المبتدا ، والمنتهى ، و نسي الجبار الأعلى .

 

قوم عاد أكبر مثال على قراءة الطغيان :

 أيها الأخوة الكرام : لقد ضرب الله مثلاً في القرآن الكريم لهؤلاء الذين تعلموا فكانوا أقوياء بعلمهم ، لكنهم بغوا ، وطغوا ، ونسوا الجبار الأعلى ، إنهم قوم عاد ، إنه نموذج متكرر لهذا الإنسان الذي قرأ قراءةً نفعية فطغى ، وبغى ، ونسي المبتدا والمنتهى ، ونسي الجبار الأعلى ، فعاد تفوقت بالعلم في شتى الميادين ، قال تعالى :

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾

[ سورة الفجر : 6-8]

 تفوقت في شتى الميادين ، تفوقت بالبناء والعمران والحصون والمنشآت ، قال تعالى :

﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾

[ سورة الشعراء : 128-129]

 وتفوقت بالقوة العسكرية عن طريق العلم ، قال تعالى :

﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾

[ سورة الشعراء : 130]

 و تفوقت بالناحية العلمية ، قال تعالى :

﴿وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾

[ سورة العنكبوت : 38]

 لم يكن فوق عاد إلا الله ، بدليل أن الله ما أهلك قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة ، إلا عاداً لما أهلكها قال تعالى :

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾

[ سورة فصلت : 15]

 وعاد بسبب العلم ، وبسبب تفوقها وبعدها عن الله عز وجل ، وبسبب قراءتها ما في الكون قراءةً نفعية بعيدةً عن القراءة الإيمانية ، وعن قراءة الشكر ، وعن قراءة التلقي تكبرت بغير الحق ، واستعلت لا في بلدها فحسب بل في كل الأرض ، قال تعالى :

﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾

[ سورة فصلت : 15]

 نحن نعطي الأوامر والإملاءات ، ولا نحرر أحداً ، نأتي إلى بلد نعطي التعليمات ، فإن لم تنفذ يقصف .
 أيها الأخوة الكرام : فماذا كانت محصلة هذا التفوق المادي ؟ إنهم طغوا في البلاد، والطغيان مجاوزة الحد للعدوان ، ولم يقل طغوا في بلدهم ، طغوا في البلاد كلها ، ليصف طغيانهم بالشمول ، وأنهم أكثروا فيها الفساد ، ولم يقل فسدوا ، بل قال : أكثروا فيها الفساد ، لأن فسادهم عمّ الأرض عن طريق أفلامهم ، والحديث عن عاد في القرآن الكريم لا يتوجه إلى عاد وحدها ، بل يتجه إلى كل أمة سلكت مسلك عاد ، فقوم عاد نموذج متكرر ، بدليل أن الله عز وجل يقول :

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى﴾

[ سورة النجم : 50]

 معنى ذلك انتظروا عاداً ثانية كالأولى تماماً ، ولكن بشكل آخر لقد كان تأديبهم بالأعاصير التي تدمر كل شيء أتت عليه ، لقد أهلكوا ، قال تعالى :

﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾

[ سورة الحاقة : 7]

 تأديبهم بهذه الأعاصير التي تزيد سرعتها على ثمانمئة كيلو متر في الساعة ، تدمر كل شيء ، فماذا كانت النتيجة ؟ قال تعالى :

﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾

[ سورة الفجر : 13-14]

 أي بالمرصاد لكل من يكون على شاكلة عاد .

 

طريق تقدير الله عز وجل التفكر في خلق السموات والأرض :

 أيها الأخوة الكرام : ليلة القدر تعني أن نعرف الله عز وجل ، وأن نقدره حق قدره عن طريق العلم به من خلال آياته الكونية والتكوينية والقرآنية ، أي من خلال خلقه ، وفعله ، وكلامه ، العلم كما يرى بعض العلماء علم بالله ، وعلم بأمره ، وعلم بخلقه ، أو علم بالحقيقة ، وعلم بالشريعة ، وعلم بالخليقة ، العلم بالله أصل الدين ، والعلم بأمره أصل العبادة ، والعلم بخلقه أصل صلاح الدين ، لقد دعا الإسلام إلى العلم بالله من خلال التفكر في خلق السموات والأرض ، ففي صحيح بن حبان عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :

((أتاني النبي صلى الله عليه وسلم في ليلتي ، وقال : ذريني أتعبد لربي عز وجل، فقام إلى القربة فتوضأ ، ثم قام يصلي فبكى حتى بلّ لحيته ، ثم سجد حتى بل الأرض ، ثم اضجع على جنبه حتى أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح - أي يعلمه - فقال : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : ويحك يا بلال ، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالى في هذه الليلة : إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب . . . .))

[ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها]

 أيها الأخوة الكرام : طريق تقدير الله عز وجل التفكر في خلق السموات والأرض إذا علمنا أيها الأخوة أن حجم الأرض يساوي مليون كيلو متر مربع ، وأن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، وأن المسافة بينهما مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر ، وأن نجماً من النجوم في برج العقرب يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما ، وأن نجماً اسمه الجوزاء يزيد حجمه على حجم الشمس بمئة مليون مرة ، قد صدق الله العظيم إذ يقول :

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[ سورة الذاريات : 47]

 إن ما بينهما بمسافات تقدر بالسنين الضوئية ، فالضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر ، إذاً هو يقطع في السنة عشرة آلاف مليار من الكيلو مترات ، فإذا علمنا أن القمر يبعد عنا ثانيةً ضوئية واحدة ، وأن الشمس تبعد عنا ثماني دقائق ، وأن المجموعة الشمسية لا يزيد قطرها على ثلاث عشرة ساعةً ضوئية ، وأن أقرب نجم ملتهب إلى الأرض يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ، ولكي نعلم ما تعني السنوات الضوئية الأربع ، إذا أردنا أن نصل إلى هذا النجم الملتهب الذي هو أقرب نجم على الإطلاق إلى الأرض ، وركبنا مركبةً أرضية نحتاج إلى خمسين مليون عام ، أربع سنوات ضوئية ، الأربعة آلاف سنة ضوئية متى نصل إليها ؟ المليوني سنة ضوئية بعد المرأة المسلسلة ، أما هذه المجرة التي اكتشفت حديثاً ، والتي تبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية قال تعالى :

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

[ سورة الواقعة : 75-76]

 أيها الأخوة الكرام : شيء ينبغي أن نقف عنده قليلاً ، أحدهم كتب فقال : انظر إلى الشمس من رفعها ناراً ، ومن نصبها مناراً ، ومن ضربها ديناراً ، ومن علقها في الجو ساعةً، يدب عقرباها إلى قيام الساعة ، من الذي أتاها معراجها ؟ وهداها أدراجها ؟ وأحلها أبراجها ؟ ونقل في سماء الدنيا سراجها ؟ الزمان هي سبب حصوله ، ومنشعب فروعه وأصوله ، وكتابه وفصوله ، لولاها ما اتسقت أيامه ، ولا انتظمت شهوره وأعوامه ، ولا اختلف نوره وظلامه، ذهب الأصيل من مناجمها ، والشفق يسير من محاجمها ، تحطمت القرون على قرنها، ولم يمح التقادم لمحة حسنها ، لقد صدق الله العظيم إذ يقول :

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ﴾

[ سورة فصلت : 53]

 انظر إلى القلب في فعله وأثره ، وغرضه ووطره ، وقدْره وقدَره ، وحيطانه وجدره ، ومنافذه وحجره ، وأبوابه وستره ، وكهوفه وحفره ، وجدوله وغديره ، وصفائه وكدره ، ودأبه وسهره، وصبره وحدره ، وعظيم خطره ، لا يغفل ولا يغفو ، ولا ينسى ولا يسهو ، ولا يعثر ولا يكبو ، ولا يخمد ولا يخبو ، ولا يمل ولا يشكو ، وهو دائب صبور بأمر من أحسن خلقه ، وأعد له عدته ، وأوقد فيه جذوته ، وقدر له أجله ومدته ، يعمل من دون راحة ولا مراجعة ولا توجيه ، لقد صدق الله العظيم إذ يقول :

﴿أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾

[ سورة السجدة : 27]

 أيها الأخوة الكرام : سيدنا علي كرم الله وجهه يقول : " انظر إلى النملة في صغر جثتها ، ولطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبت على أرضها ، وصبت على رزقها ، تنقل الحبة إلى جحرها ، وتعدها في مستقرها ، تجمع في حرها لبردها ، وفي وردها لصدرها ، مكفولة برزقها ، مرزوقة بوسقها ، لا يغفلها المنان ، ولا يحرمها الديان ، ولو في الصفا الوابد والحجر الجامد ، ولو فكرت في مجاري أكلها ، في علوها وسفلها ، وما في الجو من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها وأذنها لرأيت من خلقها عجبًا ، ولقيت من وصفها تعبا ، فتعالى الله الذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ، لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقه قادر " لقد صدق الله العظيم إذ يقول :

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾

[ سورة الأنعام : 38]

 أيها الأخوة الكرام : لئلا ندخل في متاهات تفسير هذه السورة أنا قلت : إنها خواطر إيمانية حول ليلة القدر ، وحول سورة القدر ، قال تعالى :

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾

[ سورة القدر : 1-3]

 حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، و عمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .

* * *

الخطبة الثانية :
 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلّ و سلم وبارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

الزكاة تطهر نفس الغني من الشّح ونفس الفقير من الحقد :

 أيها الأخوة الكرام : يقول الله جل جلاله :

﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾

[ سورة الذاريات : 55]

 الله عز وجل حينما قال :

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾

[ سورة التوبة : 103]

 من أموالهم ، (من) تعني التبعيض ، لا تعني أن تأخذ كل أموالهم ، فليس في الإسلام ما يسمى بمصادرة الأموال المنقولة ، وغير المنقولة ، خذ من أموالهم ، وخذ جزءاً يسيراً جداً ، وإياك وكرائم أموالهم ، خذ من أموالهم صدقةً تؤكد صدقهم ، وتطهرهم ، تطهر الغني من الشح ، كيف أن في الجسد حمى يعافى منها الإنسان ، ويوجد أمراض خبيثة ، ويوجد أمراض وبيلة تنتهي بالموت ، إذا كان في النفس أمراض عضالة قاتلة إنها الشح ، قال تعالى :

﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

[ سورة الحشر : 9]

 لذلك الزكاة تطهر مال الغني من تعلق حق الغير به ، والحجر المغصوب في دار رهن بخرابها :

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾

[ سورة التوبة : الآية 103]

 تطهر نفس الغني من الشح ، و تطهر نفس الفقر من الحقد ، و تطهر المال من تعلق حق الغير به :

﴿وَتُزَكِّيهِمْ﴾

[ سورة التوبة : 103]

 نفس الغني تنمو ، يرى عمله ، يرى أنه إنسان معطاء ، يرى أن أسراً كثيرة رُسمت على وجوه أفرادها البسمة بسبب عطائه ، هذا الفقير تطهر من الحقد ، و الغني تطهر من الشح، و المال تطهر من سبب إتلافه ، فما تلف مال في بر أو بحر إلا بحجب الزكاة ، و من أدى زكاة ماله أذهب عنه شره ، و في بعض الروايات : حصنوا أموالكم بالزكاة :

﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾

[ سورة التوبة : 103]

 نفس الغني تزكو ، يشعر أنه يعيش للناس ، ولا يعيش الناس له ، فرق كبير بين المؤمن و بين غير المؤمن ، المؤمن يعيش للناس ، قدوته الأنبياء الذين أعطوا كل شيء ، و لم يأخذوا شيئاً ، بينما الطرف الآخر همه الوحيد أن يعيش الناس له ، أخذ كل شيء من الناس ، و لم يعطهم شيئاً ، والناس جميعاً تبع لغني أو نبي ، لقوي أو نبي ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، و الأقوياء أخذوا ولم يعطوا .

الزكاة تزكي نفس الغني و نفس الفقير وتزكي المال نفسه :

 أيها الأخوة الكرام : تنمي نفس الغني ، يرى عمله ، يتألق وجهه ، وتنمي نفس الفقير يرى أنه ليس مهاناً في مجتمعه ، وليس منسياً ، وليس مهمّشاً ، هناك من يهتم به ، هناك من يهتم بإطعامه ، هناك من يهتم بإكسائه ، هناك من يهتم بفرحه ، هناك من يهتم بمعالجته ، تطهر نفس الغني من الشح ، ونفس الفقير من الحقد . وتزكي نفس الغني ، وتزكي نفس الفقير، وتزكي المال نفسه :

﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾

[ سورة سبأ : 39]

 المال ينمو ، أنت إذا منحت الفقير مالاً أي قوة شرائية سيشتري منك ، و سوف تروج بضاعتك ، وينمو المال أيضاً بعناية إلهية خاصة ، هذه لا نعرفها ، لذلك :

((يَا بْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ . . .))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 أنفق بلالا ، ولا تخش من ذي العرش إقلالا .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، و قنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك و نتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، و اجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، و اجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، و بطاعتك عن معصيتك ، و بفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، و لا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق و الدين ، وانصر الإسلام ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى ، ، اللهم بارك لنا فيما بقي من شهر رمضان ، و أعنا فيه على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان ، وأدخلنا الجنة بسلام ، واجعلنا من عتقاء رمضان يا رب العالمين، اللهم وفق ولاة المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، خذ بيدهم ، و اجمعهم على التوحيد يا رب العالمين .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور