وضع داكن
25-04-2024
Logo
الفتوى : 28 - هل هنالك قاعدة شرعية في رد الديون المالية في ظل التغيرات الحالية للعملة ؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

السؤال:

فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

كيف لنا أن نتعامل مع رد الديون والحقوق إلى أهلها في ظل اختلاف قيمة العملة في أيامنا هذه .
فمثلا من اقترض من سنتين مبلغ مئتي ألف ليرة كانت قيمتها ذهبا أو بالعملة الصعبة ما يعادل خمسة أضعاف قيمتها في يومنا هذا أو أكثر وذلك في ظل الهبوط الكبير وليس البسيط في قيمة العملة .
فكيف يرد الدين إلى أهله دون ظلم للدائن ولا للمدين ... هل هناك عرفا أو قاعدة شرعية لذلك .


وجزاكم الله عنا كل خير

 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد .
الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:

 في الأحوال الطبيعية العادية : اتفق معظم الفقهاء والمجامعِ الفقهية ، أن الأصل في الدُّيون الثَّابتة بالذِّمة بعملة ما ؛ أداءُ الْمِثْلِ وليس القيمة ، لأنَّ الدُّيون تُقضى بأمثالها ، وحَسْبُ الدَّائن أنَّه ينال الأجر الكبير من الله تعالى في الدُّنيا والآخرة ، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :

(( مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ))

 وروى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :

(( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمَاً قًرْضَاً مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً ))

 أمَّا في الظُّروف الطَّارئة والأوضاع الاستثنائية التي يقع فيها تضخم نقدي كبير، حيث ترتفع الأسعار وتنخفض القوة الشرائية للعملة ، فتهبط قيمة النَّقد بالنِّسبة للذَّهب ، وهي مسألتنا المدروسة ، فلها حُكْمٌ آخر .
 جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية مسألة غلاءِ النَّقد ورُخْصِهِ :
 إذا تغيَّرت قيمة النَّقد غلاءً أو رخصاً بعدما ثبتت في ذمَّة المدين بدلاً في قرض أو دينِ مهرٍ أو ثمنِ مبيعٍ أو غير ذلك ، وقبل أن يؤدِّيه ، فقد اختلف الفقهاء فيها على عدة أقوال :

 

القول الأول:

 لأبي حنيفة والشَّافعيَّة والحنابلة والمالكيَّة على المشهور عندهم ، وهو أنَّ الواجب على المدين أداؤه هو نفس النَّقد المحدَّد في العقد والثَّابت ديناً في الذِّمَّة ، دون زيادةٍ أو نقصانٍ ، وليس للدَّائن سواه .

القول الثاني:

 لأبي يوسف - وعليه الفتوى عند الحنفيّة - وهو أنَّه يجب على المدين أن يؤدِّي قيمة النَّقد الَّذي طرأ عليه الغلاء أو الرُّخص يوم ثبوته في الذِّمَّة من نقدٍ رائجٍ ، ففي البيع تجب القيمة يوم العقد ، وفي القرض يوم القبض .
أي أنه يؤدي القيمة الشرائية للعملة و مقدار الدين المحدد .

القول الثالث:

 وجه عند المالكيَّة ، وهو أن التَّغيُّر إذا كان فاحشاً ، فيجب أداء قيمة النَّقد الَّذي طرأ عليه الغلاء أو الرُّخص ، وإذا لم يكن فاحشاً فالمثل .
 وقد حدد بعض العلماء التَّغير الفاحش لسعر الَّصرف بما قارب الثُّلث وجاوزه أخذاً من قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الوصية :

(( الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ))

[ رواه البخاري ومسلم]

القول الرابع:

 وهناك قولٌ رابع في قرارات مجمع الفقه الإسلامي :
 يحقُّ للقاضي في هذه الحالة عند التَّنازع ، وبناءً على الطَّلب تعديل الحقوق والالتزامات ، بصورة توزع القدر المتجاوز من الخسارة على الطَّرفين المتعاقدين ، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات رأيَ أهل الخبرة الثِّقات .

الرأي:

 والرَّأي - والله أعلم - في القول الرَّابع الذي يحقق مصلحة الطَّرفين ، ويحمِّل الخسارة والضَّرر عليهما ليكون الجميع متعاونين في حمل الأزمة ودفعها .

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور