وضع داكن
28-03-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 18 - قانون الحب في الله - المحبة في الله عين التوحيد ، والمحبة مع الله عين الشرك
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الحبُّ في الله:

 أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، الموضوع اليوم الحب في الله.

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 31 )

1 – علامة حبك لله اتباع منهج رسوله:

 

علامة محبتك لله اتباعك لمنهج النبي عليه الصلاة والسلام.

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾

( سورة الإسراء الآية: 19 )

 أي شيء تثاب عليه لا بد من دليل يؤكده.

 

2 – علاقة العبد مع ربه علاقة حب وطاعة:

 لكن النقطة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى جلّ في علاه شاءت حكمته أن العلاقة بينك وبينه علاقة محبة، عبر عنها العلماء بالمحبوبية، لو أراد لجعلك تطيعه قسراً، أرادك أن تأتيه طائعاً، أرادك أن تأتيه بمبادرة منك، أرادك أن تحبه، هو غني عن طاعتك، ولا تضره معصيتك.
(( فلو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أتقى عبد من عبادي ما زاد في ملكي جناح بعوضة. ولو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أفجر عبد هو لي ما نقص من ملكي جناح ))

[ رواه الطبراني عن أبي موسى ]

لا تنفعه طاعتنا، ولا تضره معصيتنا، ولكن أراد أن يكرمنا، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، حينما أحبنا ابتداءً ينتظر أن نحبه، والدليل على ذلك:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

( سورة المائدة الآية: 54 )

 لما أحبنا أولاً ينتظر أن نحبه ثانياً، لذلك ما أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة قهر، ولا علاقة جبر، ولا علاقة إجبار، أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة محبة، الدليل:

 

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

الدليل الآخر:

 

﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 256 )

 لذلك الكافر يأكل ويشرب، والملحد يأكل ويشرب، وينام، ويتمتع بصحة عالية جداً، وله زوجة أولاد، وعنده بيت، ومركبة، معه أموال طائلة، وهو ينكر وجود الله، لا تنفعه طاعتنا، ولا تضره معصيتنا، ولكن أرادنا أن نكون سعداء بالقرب منه، والدليل:

﴿ إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

( سورة هود الآية: 119 )

 خلقهم ليرحمهم، خلقهم ليسعدهم، خلقهم لجنة عرضها السماوات والأرض.

 

3 – محبة الله تستلزم الطاعة التامّة:

 لكن أيها الإخوة، أنا لا أتمنى أن يتوهم الواحد منا أنه يحب الله من دون أن يأخذ موقفاً، دققوا:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 72 )

 كل دعوى المحبة لا قيمة لها، أين العمل ؟ هل أنت وقاف عند كلام الله ؟ هل يراك حيث أمرك ؟ هل يفتقدك حيث نهاك ؟ هل أنت مطيع لله ؟

﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾

( سورة يونس )

أيها الإخوة، في الإسلام عقائد، وفي الإسلام عبادات، وفي الإسلام معاملات، وفي الإسلام أخلاق، لكن شطر هذا الدين أن تحب الله.

(( لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحبُّ لِنَفْسِهِ ))

[ متفق عليه ]

آيةُ تقصم ظهر المدّعين للمحبة:

 الآية الدقيقة، والله أيها الإخوة، هذه الآية تقصم الظهر :

﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ ﴾

 الأشخاص.

﴿ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ﴾

 الأشياء، الأشخاص، والأشياء.

﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ﴾

( سورة التوبة الآية: 24 )

بين المبادئ والأشخاص والأشياء:

1 – عصرُ النبي عصر المبادئ، والأشخاص والأشياء في خدمة المبادئ:

في الحياة في مبادئ، وأشخاص، وأشياء، في عصر النبي عليه الصلاة والسلام المبادئ هي الأصل، الأشخاص والأشياء في خدمة المبادئ.
 سيدنا عمر جاءه ملك، ملك الغساسنة جاءه مسلماً، رحّب به، النبي عليه الصلاة والسلام طلب النخبة، في أثناء طواف هذا الملِك حول الكعبة داس بدويٌّ من قبيلة فزارة طرف رداء هذا الملك، فانخلع ثوبه من كتفه، ملك عظيم جبار، التفت نحو هذا البدوي فضربه ضربة هشمت أنفه، هذا البدوي ذهب إلى عمر، وشكا جَبَلَة، سيدنا عمر استدعى جبلة، شاعر معاصر صاغ الحوار الذي جرى بينهما، سيدنا عمر قال لجبلة:
أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟
قال:

لست ممن يكتم شــــــيا  أدبت الفتى أدركت حقي بيديا

قال له سيدنا عمر:

أرضِ الفتى، لا بد من  إرضائه مازال ظفرك عالق بدمائه
أو يهشمن الآن أنفــــــك  وتنال ما فعلته كـــفك

هذا عصر مبادئ، الأشياء والأشخاص في خدمة المبادئ.
قال:

كيف ذاك يا أمير  هو سوقة وأنا عرش وتاج
كيف ترضى أن يخر النجم أرضا ؟

فقال له سيدنا عمر:

نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها
أقمنا فوقها صرحاً جديدا ً وتساوى الناس لدينا أحراراً لدينا وعبيدا

فقال جبلة:

كان وهماً ما جرى ف ي خلدي أنني عندك أقوى وأعز
أنا مرتد إذا أكرهتني.

قال له:

عنق المرتد بالسيف تحز

عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى  وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى

 هذا عصر مبادئ، والأشخاص والأشياء في خدمة المبادئ.

 

2 – نحن في عصر الأشخاص والأشياء:

 نحن في عصر آخر: الأشياء والأشخاص، في أول العصر الأشخاص والأشياء في خدمة المبادئ، وفي عصر آخر المبادئ والأشياء في خدمة الأشخاص، هذا عصر درجة ثانية.

3 – أخطرُ عصرٍ أن تكون المبادئ والأشخاص في خدمة الأشياء:

 لكن العصر الخطير أن تكون المبادئ والأشخاص في خدمة الأشياء، حتى تكون قيمة المرء الآن مساحة بيته، نوع مركبته، جماله، أناقته، ثمن ثيابه، قيمة المرء متاعه، المبادئ والأشخاص في خدمة الأشياء، إذا وصل المجتمع إلى هذا المستوى فاقرأ عليه السلام،  المبادئ لا قيمة لها أبداً، والأشخاص لا قيمة لهم، الأشياء لها كل شيء.
فلذلك:

﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ ﴾

 هؤلاء الأشخاص.

 

﴿ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ َترْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ ﴾

 الطريق إلى الله ليس سالكاً، كيف ؟

 

 

﴿ وَمَسَاكِنُ َترْضَوْنَهَ﴾

 بيت بنظام الإيجار القديم، أنت مستأجره بمئة ليرة بالشهر، وصاحبه بحاجة إليه، القانون معك، فلا تعبأ به، هذا المنزل أحب إليك من تطبيق أمر الله عز وجل بردِّ البيت إلى صاحبه.
 أحياناً له زوجة يحبها، لا تريد أن تتحجب، ولكنه حريص على رضائها، فلم يعبأ بدينها، بل أراد أن تكون عنده زوجة يفخر بها، ويسعد بها، ولم يعباً بدينها.
 فلما لما يكون الشيء أغلى عند الإنسان من الله فتيقنوا أن الطريق إلى الله ليس سالكاً.

 

 

﴿ فَتَرَبَّصُواْ ﴾

 

﴿ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

( سورة التوبة )

حديث عظيم في حلاوة الإيمان:

 

1 – أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا:

 شيء دقيق جداً، لما قال النبي الكريم:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

[ متفق عليه عن أنس ]

 أي أن يكون الله في قرآنه، والنبي في سنته أحب إليه مما سواهما، متى ؟ عند التعارض، حينما تتعارض مصلحتك مع الحكم الشرعي القرآني، أو حينما تتعارض مصلحتك مع الحكم الشرعي النبوي، إن فعلت هذا فالطريق مسدود، والله عز وجل عزيز، ولم يقبل منك  أن تؤثر عليه شيئاً، هذا الحديث أيضاً قريب من هذه الآية، أن يكون الله في قرآنه، ورسوله في سنته عند التعارض، حينما تتعارض مصلحتك مع الحكم الشرعي، إن آثرت الحكم الشرعي أثبت أنك تحب الله أكثر من أي شيء آخر.
لذلك:

 

﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

 الفسق يحول بينكم وبين الاتصال بالله عز وجل، وبشكل أو بآخر إذا كانت الشهوة أغلى عليك من الله فالطريق إلى الله ليس سالكاً، الله عزيز، وقد وقعتَ في الشرك.

 

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾

( سورة الفرقان الآية: 43 )

 هذه الشهوة آثرتها على رضاء الله عز وجل، فلذلك:

 

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

 لذلك ذاق طعم الإيمان، الإيمان له طعم، والإيمان له حقيقة، إدراك حقائق الإيمان سهل جداً، يحتاج إلى فكر، وإلى قراءة، وكتابة، تقرأ فتفهم، فتحفظ، لكن أن تذوق حلاوة الإيمان لابد أن تدفع الثمن باهظاً، وهو طاعة الله عز وجل.

 

 

2 – وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ:

لذلك:
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))
 المؤمن يحب المؤمن، ولو كان فقيراً وضعيفاً، ويتبرأ من غير المؤمن، ولو كان قوياً وغنياً، هذا الولاء والبراء دليل المحبة.

3 – وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ:

 العلامة الثالثة التي فيها طعم الإيمان وحلاوة الإيمان:

(( وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

 إخواننا الكرام، الإنسان يحب أن يعتمد عقيدة صحيحة، فكر نير، أدلة صحيحة، أدلة قطعية، عنده تفسير لكل شيء، هذا شيء متوافر في الإسلام.

 

الإنسان عقل يدر ك وقلب يحبّ:

 الإسلام العظيم قدم لك تصورا عميقا، دقيقا، متناسقا للكون، والحياة، والإنسان، لكن أنت أيها الإنسان لست عقلاً يدرك فقط، أنت عقل يدرك، وقلب يحب، الجانب أساسي من جوانب شخصيتك قلب يحب، أنت بحاجة إلى أن تحب الله، وأن يحبك الله.
مرة حدثنا دكتور في الجامعة هو أستاذ في علم النفس، قال: الإنسان الذي لا يجد حاجة إلى أن يُحِب، أو إلى أن يُحَب ليس من بني البشر، لذلك يمكن أن تحب زوجتك، يمكن أن تحب امرأة لا تحل لك، يمكن أن تحب طعاماً، أن تحب بيتاً، أن تحب مركبة، لكن إذا أحببت  الله عز وجل كنت في أعلى درجات الإيمان.
 لذلك قالوا: هناك حب في الله، وحب مع الله، الحب في الله عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك.

 

 

من علامات حب الله:

 

1 – حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين:

 دخلنا الآن في الموضوع، الحب في الله، إنك تحب الله جل جلاله من علامات محبتك لله أنك تحب رسوله، حب رسوله حب في الله، وحب أصحابه الكرام جميعاً حب في الله، وحب العلماء الصادقين الربانين المخلصين حب في الله، وحب زوجتك وأولادك حب في  الله، وحب المساجد حب في الله، حب القرآن الكريم حب في الله.

2 – بغضُ غير المؤمن والفاسق:

 أما أن تحب صديقاً غنياً بعيداً عن الدين، لكنه يغدق عليك من أمواله الطائلة، هذا حب مع الله، وهو عين الشرك.

إيّاكم والشركَ الخفيَّ:

 لذلك قال سيدنا علي: << الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على جور >>.
إنسان منحرف تحبه، هذا نوع من الشرك، أو أن تبغض على عدل، واحد نصحك بأدب، لكن ما تحملت هذه النصيحة فأبغضته، إنك في الحالة الأولى أشركت مع الله إنساناً ليس مستقيماً، لكنه يغدق عليك من أمواله، وفي الحالة الثانية لأن هذا الإنسان الذي نصحك لعله  جرحك، فثأرت منه، وأشركت نفسك مع الله، الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على جور و أو أن تبغض على عدل.

 

هذا هو الحبُّ الحقيقي:

 أيها الإخوة، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، قل لي من تحب أقل لك من أنت، المؤمن يحب الله، يحب الرفيق الأعلى، يحب طاعته، قال النبي الكريم:

 

 

(( لو كنت متخذ من العباد خليلاً لكان أبو بكر خليلي، ولكن أخ وصاحب في الله ))

 المؤمن يؤثر الله على كل شيء.

 

 

(( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، من ولده، ووالده، والناس أجمعين ))

 

[ متفق عليه ]

 سيدنا عمر قال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من أهلي وولدي ومالي إلا نفسي التي بين جنبي، قال له: كلا يا عمر، إلى أن قال له: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من مالي، وولدي، ونفسي التي بين جنبي، قال: الآن يا عمر.
 الدين نصفه محبة، والحب في الدين يجعلك كالمرجل، الحب في الدين يجعلك تذوق حلاوة الإيمان، من دون حب الدين نصوص، وتقاليد، وعادات، وأشياء مملة في النهاية.
الصحابة الكرام: أنا لا أتصور امرأة تتفقد رسول الله، يبلغها أن النبي قُتل ، فتنطلق إلى ساحة المعركة، لا تلوي على شيء، رأت زوجها مقتولاً، فلم تعبأ، رأت أباها مقتولاً، فلم تعبأ، رأت ابنها مقتولاً، لم تعبأ، رأت أخاها مقتولاً، تقول: ما فعل رسول الله ؟ إلى أن وقعت  عينها عليه، فقالت: يا رسول الله كل مصيبة بعدك جلل، هذا هو الحب.
الحب أيها الإخوة يفعل المستحيل، الحب يجعل الواحد كألف، وبلا حب الألف كأف.

المحبة في الله عينُ التوحيد، والمحبة مع الله عين الشرك:

 بصراحة إذا ما دمعت عين الإنسان إطلاقاً، ولا خشع قلبه إطلاقاً، ولا ناجى ربه إطلاقاً، ولا رأى أنه ليس كما ينبغي، فهناك مشكلة عنده كبيرة جداً.
أنت عقل يدرك وقلب يحب، وأرقى أنواع الحب أن تحب الله، إن أحببت الله فأنت حر، الحمد لله الذي أخرجنا من ظلم الأوثان إلى عدل الإسلام، لأن الصنم وثن، يسأله وهو حجر لا يقدم ولا يؤخر، أما الله عز وجل فهو معك أينما كنت، يسمعك، ويلبيك، ألم يقل الله عز وجل:

 

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾

 

( سورة الفرقان الآية: 77 )

 حينما تدعوه تؤمن بوجوده، وإذا دعوته تؤمن أنه يسمعك، وإذا دعوته تؤمن أنه قدير على كل شيء، وإذا دعوته تؤمن أنه يحبك.
فلذلك أيها الإخوة، بين أن تحب في الله، وهو عين التوحيد، وبين أن تحب مع الله، وهو عين الشرك، ومحبة الله بلا دليل لا قيمة لها إطلاقاً، كل يدعي وصلاً بليلى، دليلها أن تحب الله، وأن تتبع منهج نبيه:

 

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾

 

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور