وضع داكن
19-04-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 09 - قانون النصر - إن الله لا يغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

مقدمة:

 أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، والقانون اليوم قانون النصر، وما من شيء يطمح إليه المسلمون كأي ينتصروا على أعدائهم، وما أكثرهم، ولكن ما لم نخضع لهذا القانون فلا يمكن أن نرى النصر.

ثلاث آيات ينضبط بها قانون النصر:

 آيات ثلاث:

 

الآية الأولى:

 

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 10 )

 الصيغة صيغة قصر وحصر، لا يمكن أن يكون هناك نصر إلا من عند الله .

 

الآية الثانية:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 7 )

 هذا قانون، نصر الله ثمنه أن تنصر الله أنت، بطاعته، بتعزيز مبادئه، بتقديس كتابه، بتعظيم نبيه، بإتباع منهجه.

 

الآية الثالثة:

 

 ثم إن الله في آية ثالثة يطمئن المسلمين فيقول:

﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 160 )

 هذه حقائق، طبعاً الموضوع طويل.

 

شروط النصر:

 

الشرط الأول: الإيمان:

 

 من شروط النصر الإيمان، الإيمان الذي يحمل المؤمن على طاعة الله، وإلا فلا قيمة لهذا الإيمان، والدليل:

﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الروم )

والشرط الثاني: الإعداد:

 

 الإعداد، قال تعالى:

 

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )

 إذاً: النصر من عند الله حصراً، والنصر له ثمن، وهو أن تنصر الله، وإن الله إذا نصرك فلا غالب لك.

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

( سورة الصافات )

 الإيمان الذي يحمل على طاعة الله، والإعداد الذي يعد أخذاً بالأسباب، لكن الله سبحانه وتعالى في الإعداد لم يكلفنا أن نعد القوة المكافئة، لكن كلفنا أن نعد القوة المتاحة فقط، والفرق كبير بين القوة المكافئة والقوة المتاحة، وقد يكون هذا مستحيلاً، بينما بإمكان الإنسان  أن يعد القوة المتاحة.

عبادة الله بدينه الذي ارتضاه:

 الآن هناك مفارقة عجيبة بين واقع المسلمين ووعود رب العالمين، المفارقة حادة، بمعنى ؛ أن المسلمين في حالة لا يحسدون عليها، في شتى أقطارهم، ليست كلمتهم هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، مع أن الله عز وجل:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ﴾

( سورة النور الآية: 55 )

 نحن بكل شفافية لسنا مستخلفين في الأرض:

 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ﴾

 

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

( سورة النور الآية: 55 )

 ونحن أيضاً لسنا ممكِّنِين في الأرض.

﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

( سورة النور الآية: 55 )

 ونحن لسنا آمنين، لسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، لأننا ما عبدنا الله رب العالمين، تتمة الآية:

 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

 

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

( سورة النور الآية: 55 )

 فإذا قصر المؤمنون في عبادة الله عز وجل فالوعود الثلاثة: الاستخلاف والتمكين، والأمن تتعطل.
 هذا أول تفسير للمفارقة الحادة بين واقع المسلمين، وبين وعود رب العالمين .
 عندنا وعد آخر:

 

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

 إذا تحققت جنديتك لله فأنت الغالب قطعاً، ولكن قد تكون الجندية لغير الله، فإذا كنت جندياً لله على التحقيق فالنصر حتمي:

 

 

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

 

﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾

 

( سورة النساء )

 فإذا كان لهم علينا ألف سبيل وسبيل فالإيمان الذي نحن عليه ليس ذلك الإيمان الذي أراده الله.
 إخوتنا الكرام، القرآن فيه جواب لكل شيء، بل فيه شفاء للناس، حينما قال الله عز وجل:

 

 

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

 السؤال: إن لم يمكنهم فمعنى ذلك أن فهمهم للدين لم يرتضيه الله لهم فهمٌ محدود، جزئي، فيه تعصب، فيه عداوة، فيه قنص، فيه دنيا، فيه مكاسب، فيه صراع، فيه تراشق تهم، فيه تعصب، لو أنك حملت همّ المسلمين لما كنت هكذا، لو أنك مخلص لرب العالمين لما  جعلت المسلمين شيعاً وأطرافاً.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 159 )

 يا محمد، ولا تكن من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً.
 إنّ كل إنسان يشق صفوف المسلمين يحدث في حياتهم شرخاً، يقيم تباعداً، يفرق المسلمين عن بعضهم بعضاً، هو بالتأكيد ليس من هؤلاء الذين يستحقون النصر.
 أيها الإخوة الكرام، الآية دقيقة جداً:

 

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

 فإن لم يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم فمعنى ذلك أن فهمهم للدين، وتطبيقهم له، وعرضهم للطرف الآخر لهذا الدين لم يكن ليرضي الله عز وجل.
لذلك هذا الذي قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق للغرب على الأقل بالمدى المنظور، ولكنني مؤمن أشد إيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين لا لأنهم أقوياء، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، ولكن بشرط أن يحسنوا فهم دينهم، وأن يحسنوا تطبيقه، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر، وهذه ورقة العالم لنا.
 إخوتنا الكرام، العالم اليوم والطرف الآخر لا يمكن أن يقرأ كتبنا، لأن حالنا المتردي والمتخلف حجبه عن حقيقة ديننا، وهناك قول رائع لبعض العلماء: الإسلام محجوب بالمسلمين، الإسلام محجوب عن أهل الأرض بالمسلمين المتخلفين، لذلك الطرف الآخر لن يقرأ  كتبنا، ولن يقف على حقيقة كتابنا، ولن يطالع سنة نبينا، ولن يقرأ تاريخنا، لأن أمامه واقعا متخلفا، وضعفًا شديدا في الوعي، وضعفًا شديدا في التعاون، وضعفًا شديدًا في حل مشكلات الأمة، فهذا الواقع السيئ يحجب الطرف الآخر عن حقيقة هذا الدين.

 

وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ

 أيها الإخوة، شيء آخر، قال الله عز وجل:

﴿ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

( سورة إبراهيم )

 تصور خالق السماوات والأرض يصف مكر الكفار من الشدة والفظاعة، والهول أن مكرهم يزيل الجبال، مع أن البشر جميعاً الستة آلاف مليون، مع كل ما يملكون مِن قوى لا يستطيعون أن يزيلوا هذا الجبل المتواضع من دمشق إلى درعا.

 

﴿ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

 

الحلُّ: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا

 

 لذلك الحل في كلمتين اثنتين:

﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾

( سورة آل عمران الآية: 120 )

 كل التفوق التقني، والعسكري، والمادي، والاقتصادي، والإعلامي، كل هذا التفوق، وكل أنواع الأسلحة الفتاكة التي بأيدهم تتعطل لو أننا صبرنا واتقينا، أما إذا صبرنا مقهورين، وعصينا عن ضعف، أو عن كِبْر فليس بعد المعصية والصبر إلا القبر.
أيها الإخوة الكرام، ما من موضوع يتوق إليه المسلم كي يستوعبه كموضوع النصر، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾

 

 

( سورة الروم الآية: 5 )

 النصر مسعد، لذلك عدم النصر إذا تتالى يشكل حالة خطيرة في الحياة، حالة اكتئاب، حالة إحباط، حالة ضياع، حالة صراع مستمر، حالة لا مبالاة، حالة عبث، أما النصر فيجعل الأمة تتماسك، وتعتز بدينها، وبإسلامها، وبماضيها، وبتاريخها، وبرجالها.
إذاً:

 

 

﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾

 

تغيير ما علق بالنفس من الفساد:

 

 شيء آخر، قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 

( سورة الرعد الآية: 11 )

 لا بد من التغيير، ولا بد من أن يبدأ التغير من النفس، لا بد من أن تجلس مع ذاتك.
أحد زعماء غطفان اسمه نعيم بن مسعود جاء ليحارب النبي عليه الصلاة والسلام، وهو في خيمته عشية معركة الخندق أجرى حواراً مع ذاته، قال في نفسه: يا نعيم، لمَ جئت إلى هنا ؟ من أجل أن تحارب هذا الرجل ؟ ماذا فعل ؟ هل سلب مالاً ؟ هل سفك دماً ؟ هل انتهك عرضاً ؟ أين عقلك يا نعيم ؟ أيليق بك أن تفعل هذا ؟ ثم وقف، وتخطى معسكر المشركين، وانتقل إلى معسكر النبي عليه الصلاة والسلام في الليل، ودخل على رسول الله قال له: نعيم ! قال له: نعيم، قال: ما الذي جاء بك إلينا ؟ قال: جئت مسلماً، زعيم قبيلة، قال: مُرْني يا  رسول الله: قال: أنت واحد، خذل عنا ما استطعت، وقد لا تصدقون أن المعركة الحاسمة التي قال الله عنها:

 

 

 

﴿ إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾

( سورة الأحزاب )

 لكن الله سبحانه وتعالى يقول بعد هذا:

 

﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾

 

 

( سورة الأحزاب )

 نعيم بن مسعود أجرى الله على يده هذا النصر، ذهب إلى اليهود قبل أن يعرفوا أنه قد أسلم، وشككهم بقريش، وجاء إلى قريش قبل أن يعرفوا أنه أسلم، وشككهم باليهود، فنشب خلاف بين قريش وبين اليهود، ثم هبت رياح عاصفة قلبت قدورهم، واقتلعت خيامهم، وشتتهم.

 

 

﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ﴾

 

 

( سورة الأحزاب الآية: 25 )

 

﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 سيدنا نعيم بن مسعود غيّر، فكّر.
إن الإنسان ينبغي ألا تستهلكه الحياة، قف، فكر، تأمل، ادرس، إلى أين أنت تسير ؟ في طريق لا يرضي الله، هل هذا المال الذي تكسبه تكسبه حلال أم حرام، هل هذه الوظيفة ترضي الله أم لا ترضي الله ؟ هل سلوك الأهل في البيت وفق منهج الله أم بخلاف منهج الله ؟ قف، تأمل:

 

﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 

الجهاد بكل أنواعه:

 لكن أيها الإخوة، نحن كلما قلنا: الجهاد لا يقفز إلى أذهاننا إلا الجهاد القتالي، مع أن هناك أنواع مهمة جداً من الجهاد تسبق الجهاد القتالي منها جهاد النفس والهوى.

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 69 )

 وهذا جهاد النفس والهوى هو الذي يعد الشرط الأول للنصر، هو التغيير:

 

﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 الشيء الثاني: الجهاد الدعوي، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

 

(( بلغوا عني ولو آية ))

 

[ أخرجه البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]

 كل مسلم شاء أم أبى مكلف بالدعوة إلى الله، في حدود ما يعلم، ومع من يعرف فقط، فالدرس الذي استمعت إليه ألم يبق في ذهنك منه شيء ؟ هذا الذي بقي فيك بلِّغه لمن حولك، لزوجتك، لأولادك، لأصدقائك، لزملائك، لجيرانك، لكن تلتقي فيهم في هذا الأسبوع.

 

(( بلغوا عني ولو آية ))

 إذاً هذا الجهاد الدعوي، الدليل:

 

﴿ وجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾

( سورة الفرقان )

 سمى الله الجهاد الدعوي الجهاد الكبير، لأن الأصل أن تعرف الله.
ثم الجهاد البنائي:

 

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾

 أعدوا لنا طائرة صنعت عام 1960، يمكن أن تنطلق من بلادهم البعيدة إلى أقصى الأرض، وتعود من دون أن تتزود بالوقود، هم أعدوا لنا، لكن ماذا أعددنا لهم ؟

 

 

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾


 وجاءت ( قوة ) مطلقة، الإعلام قوة، الأقمار قوة، التقنية قوة، الصناعة قوة، الاكتفاء الذاتي الغذائي قوة، الثقافة قوة، العلم قوة، التعاون قوة، التناسق قوة.

 

 

﴿ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾

 لذلك أيها الإخوة، نحن إن لم نطمع بنصر استحقاقي فلعل المسلمين يلجؤون إلى الله، ويسألونه نصراً تفضلياً.

 

أنواع النصر:

 لذلك العلماء قسموا النصر إلى:

 

1 – النصر الاستحقاقي:

 

 نصر استحقاقي، سيدنا رسول الله مع أصحابه في بدر انتصروا قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 123 )

هذا نصر استحقاقي.

2 – النصر التفضلي:

 لكن الروم حينما انتصروا على الفرس انتصروا نصراً تفضلياً لأن الروم ليسوا على حق تماماً، لذلك قال تعالى:

﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة الروم )

 هذا النصر الثاني.

 

3 – النصر الكوني:

 

 هناك نصر ثالث، النصر الكوني، إذا كان الطرفان لا يمتّان إلى الإيمان بصلة فالأقوى هو المنتصر، المنتصر هو الذي يملك سلاحاً متطوراً.
أحياناً طائرة قذائفها تصل إلى 7 كيلومترات، ومدرعات قذائفها تصل إلى 3 كيلومترات، فبإمكان طائرة واحدة أن تدمر مئة دبابة، ومئة مدرعة، فإذا لم يكن هناك إيمان في الطرفين فالمنتصر هو الأقوى، وصاحب السلاح الأقوى المتطور الفعال، صاحب التنظيم والإعداد والتدريب، وهكذا.
 النصر الثاني نصر تفضلي، الثالث كوني.

4 – النصر المبدئي:

 الرابع مبدئي: لو لم تنتصر انتصاراً تقليدياً، لأن الله سبحانه وتعالى كتب لك الشهادة، وأنت صحيح العقيدة، موحد ومستقيم، فأنت منتصر، ولو لم تنتصر بالمقياس التقليدي.
لذلك قالوا: الحرب بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، وبين باطلين لا تنتهي.
لذلك أيها الإخوة، القانون:

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾
﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ﴾


 وشرطا النصر: الإيمان والإعداد.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور