وضع داكن
24-04-2024
Logo
ومضات في آيات الله - الدرس : 31 - حديث شريف - للصائم فرحتان يفرحهما
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

لن تنال فرحة الصيام إلا إذا كان مقبولاً عند الله:

 أيها الأخوة الكرام, عن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ:

((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ, وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))

 أما فرحة يوم يفطر: بأن الله أعانه على أن صام هذا الشهر, فإذا دخل شوال, انتهى الصيام وبقي الأجر والغفران، والذي أفطر في رمضان في واحد من شوال يأكل مع الناس، ولكنه تحمل الخيبة والخسران، فالطاعة تمضي مشقتها، ويبقى أجرها، والمعصية تمضي لذتها، ويبقى وزرها، الطاعة تمضي متاعبها ويبقى أجرها، والمعصية تمضي لذتها ويبقى وزرها.
 لذلك: المؤمن حينما يأتيه ملك الموت, لكرامته عند الله: يريه الله مقامه في الآخرة فيقول: لم أر شراً قط، قد يكون عانى في الدنيا ما عانى، وقد ساق الله إليه أكثر أنواع البلاء؛ من مرض، ومن فقر، ومن ضيق، ومن شدة، ومن تحمل متاعب، فإذا رأى مقامه في الجنة يقول: لم أر شراً قط، وهذا الكافر الذي أمضى حياته في المتع الرخيصة وفي اللذائذ، وكان منغمسًا إلى قمة رأسه, نسي المعاصي والآثام حينما يرى مكانه في النار، يقول: لم أر خيراً قط، فالطاعة تمضي، والمعصية تمضي، لكن الطاعة تمضي متاعبها، ويبقى أجرها وثوابها، والمعصية تمضي لذتها، ويبقى وزرها وشقاءها.
 الله عز وجل مكننا بفضله تعالى من صيام هذا الشهر، ومن قيامه، ونرجو الله أن يكون هذا الصيام وهذا القيام مقبولاً عند الله عز وجل، فالعبرة بالقبول، وقبول العمل الصالح عند الله عز وجل له قاعدة.

شروط قبول العمل الصالح:

 سئل الفضيل بن عياض: ما هو العمل المقبول؟ قال: ما كان خالصاً وصواباً.
 -فحينما سئل هذا السؤال، سئل بمناسبة قوله تعالى:

﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾

[سورة النمل الآية: 19]

 فهذا العمل الذي تمناه أحد الأنبياء, قيده بأن يرضى الله عنه؛ أي أن يقبله-.
 فقيل له: يا فضيل، ما العمل الصالح الذي يرضاه الله؟ فقال: ما كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
 ففي كثير من الأحيان يكون خالصاً، ولا يكون صواباً، من يزعم أو من يتوهم أن اليانصيب الخيري الذي يرصد ريعه لليتامى, هذا العمل نيته طيبة، ولكنه لا يتوافق مع الشريعة، اليانصيب محرم، وتلك الحفلة الغنائية التي يرصد ربحها للفقراء، أيضاً يبدو أن هذا العمل طيب، ولكن صورته مخالفة للشريعة، أي يكون خالصاً، وأن يكون صواباً، شرطان لازمان غير كافيين، يعني كل منهما شرط لازم غير كاف، فلا يكفي أن يكون العمل صواباً والنية سيئة، كما أنه لا يكفي أن يكون العمل خالصاً والصورة سيئة، فالعمل الذي يقبله الله عز وجل ما كان خالصاً وصواباً.
 فيا أيها الأخوة, الإنسان عليه أن يحرر نيته.
 وقد وضع العلماء بعض القواعد: إن عملك الصالح إذا ازداد أمام الناس وضعف, فهذا مؤشر خطير أن النوايا ليست لله عز وجل.
 وسبحان الله! هذا شيء جانبي، كأن الله سبحانه وتعالى أحبط أعمال أهل العصر، فالأقوياء إن أحسنوا من أجل الانتخابات والضعفاء، إن أحسنوا بضغط من الأقوياء، كلاهما ليس له أجر، الأقوياء إن أحسنوا من أجل أن ينجحوا في دورة انتخابية قادمة، لا يبتغي وجه الله، وليس في قلبه رحمة، إنما يسعى لتمديد سنوات منصبه، بينما الضعاف يأتيهم ضغط من الأقوياء، فيحسنوا معاملتهم للناس، فلا هؤلاء لهم أجر عند الله، ولا هؤلاء لهم أجر، لكن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
 فالعمل إذا ازداد أمام الناس، وضعف فيما بينك وبين الله, هذا مؤشر خطير.
 2- أنه لا يزداد على المديح، ولا يضعف على الذم:
 والعمل إذا ازداد على المديح، وضعف على النقد, أيضاً هذا مؤشر خطير.
 والمؤشر الثالث: أنك إذا عملت عملاً صالحاً، لأن هذا العمل خالصاً لوجه الله, ينبغي أن تشعر بعده براحة نفسية، أما إذا كنت في ضيق، وفي ضجر, فقد يكون هذا العمل ليس لله، فالحالة النفسية السكينة، أنت رفعت إلى الله عملاً، فثاب عليك؛ أي رجع الناس يقولون لك: ثواب, ما الثواب؟ أنك إذا رفعت إلى الله عملاً, عاد عليك سكينة، وطمأنينة، وسعادة، وبشراً, وثقة بالله عز وجل، هذا من علامات الإخلاص، والعلامة الثانية: أن العمل الصالح لا يزداد أمام الناس، ولا يضعف أمام الله، والعلامة الثالثة: أنه لا يزداد على المديح، ولا يضعف على الذم، هذا الإخلاص, فإذا كان العمل صورته وفق سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونيته عالية كان مقبولاً.
أسأل الله لي ولكم أن يتقبل صلاتنا وصيامنا.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور