وضع داكن
25-04-2024
Logo
رحلة استراليا 3 - المحاضرة : 18 - التفكر و معرفة الله عز وجل- أسئلة و أجوبة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 حياكم الله في بيت من بيوت الله تعالى، نجتمع اليوم مع فضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي، الشيخ أشهر من أن يعرف، لكن أنا في عجالة من الأمر، من أحب أن يتابع الشيخ فله موقع على الانترنيت، وله دروس ومحاضرات، ويدخل يومياً أكثر من مليون زائر في موقع الشيخ، ويستمع له في الشام، ودرعا، وحلب، والأردن، وفلسطين، في اليوم أكثر من اثني عشر مليون مستمع في أربع ساعات، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على القبول، وتعلمون الحديث الشريف:

(( إِنَّ اللهَ إِذا أحبَّ عبدا دعا جبريلَ، فقال: إِني أحبُّ فلاناً فأحِبَّه، قال : فيُحِبُّه جبريلُ، ثم ينادي في السماءِ، فيقول: إِنَّ اللهَ يحبُّ فلاناً فأحِبُّوه، فيحبُّه أهل السماء، ثم يوضَعُ له الَقبُولُ في الأرض ))

[ البخاري عن أبي هريرة]

 وشيخنا الفاضل نحسبه من هؤلاء وأسال الله عز وجل أن ينفع به، ونتمنى من الجميع أن ينتبه، ونترككم مع شيخنا الفاضل.
 قبل أن أبدأ الحديث عندنا في الشام شيخ إذا قام ليصلي يقول استووا واعتدلوا، وأطفئوا هواتفكم فإن إطفاء الهواتف من إقامة الصلاة.

 

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

 أيها الأخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
 حجم الإنسان بحجم عمله الصالح
أيها الأخوة الكرام، لعله من الممكن أن نميز بين بلد إسلامي وبلد غربي وأناس مسلمين يعيشون في الغرب، لكل بلد حكاية قصيرة معبرة، كيف أن الرسم الكاريكاتيري يعبر عن خمسمئة كلمة أحياناً، رسمة تستهلكها في ثانية واحدة، حكايات ثلاثة كل حكاية تصور بلداً، نبدأ ببلد إسلامي، رجل من كبار الأغنياء أراد أن يتقرب إلى الله ببناء مسجد، كلف أحد أخوانه بالبحث عن أرض مناسبة، وجد أرضاً جنوب دمشق، أربعة دونمات مربعة، أحد أضلاعها باتجاه القبلة، من صاحب هذه الأرض؟ مستخدم في مدرسة ابتدائية، ساكن بغرفة واحدة مع ثمانية أولاد، دخله أربعة آلاف ليرة، لا يكفوه ثمن خبز، تَمَلَّك هذه الأرض إرثاً منذ شهر، فتساوم مع من يريد أن يشتريها، فاستقر المبلغ على ثلاثة ملايين، المحسن الكبير فتح دفتر الشيكات وكتب له شيكاً بمليوني ليرة، قال له صاحب الأرض أين البقية؟ قال له: عند التنازل، قال له: أي تنازل؟ قال له: يا أخي هذه الأرض سوف تغدو جامعاً، ولابد من أن تذهب إلى الأوقاف كي تصرح بالتنازل للأوقاف، قال: هذه الأرض ستغدو مسجداً؟ قال: نعم، قال: أنا أبيع أرضاً تغدو مسجداً؟! قال له: نعم، قال: والله أستحي من الله، قال: أنا أولى بك أن أقدمها لله، وتمّ بناء المسجد، والجامع الآن بجنوب دمشق أطول مئذنة، الذي قدم الأرض مستخدم، عنده ثمانية أولاد، ودخله أربعة آلاف، يقول المحسن الكبير الذي معه ملايين مملينة: والله ما صغرت في حياتي كما صغرت أمام هذا المستخدم.
 باب الخير مفتوح، باب التضحية مفتوح، وحجمك عند الله بحجم عملك الصالح.

باب الخير مفتوح دائماً :

 كل إنسان يمكن أن يصل إلى أعلى مقام عند الله عز وجل:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

[ سورة الحجرات: 13]

 هذه القصة وقعت في الشام، هناك قصة وقعت في بريطانيا، رجل مسلم مقيم في لندن، له عمل في ظاهر لندن، اضطر أن يركب مركبة كل يوم مع السائق نفسه، فمرة صعد المركبة، وأعطى السائق ورقة نقدية كبيرة، ردّ له السائق التتمة، عَدّها، فإذا هي تزيد عشرين بنساً على ما يستحق، دخل في صراع، إنها شركة عملاقة، ودخلها فلكي، والمبلغ يسير جداً، وأنا في أمسّ الحاجة إليه، فلا يوجد عليّ شيء إن أخذتها، لكن الذي حصل أنه قبل أن ينزل دون أن يشعر مدّ يده إلى جيبه، وأعطى السائق العشرين بنساً، الشيء الغريب ابتسم السائق، وقال له: ألست إمام هذا المسجد؟ قال: بلى، قال: والله حدثت نفسي قبل يومين أن أزورك في المسجد لأتعبد الله عندك، ولكنني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك، وقع هذا الإمام مغشياً عليه، لأنه تصور عظم الجريمة التي كاد يقترفها لو لم يدفع للسائق هذا المبلغ، فلما صحا من غفوته قال: يا رب، كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً.
 خطؤك في الغرب يلام عليه الإسلام
كم إنسان مقيم في العالم الغربي من أجل مبلغ بسيط يقدم تصريحاً كاذباً، أي باع دينه؟ أليس كذلك، كيف بالإمكان أن تقنع إنساناً مقيماً في أستراليا بأنك أنت صح ودينك حق إذا وجد الكذب؟ الواحد منكم هنا يحمل رسالة الإسلام لأهل هذه البلاد، ما من داع لأن يتكلم إذا كان صادقاً أدى الرسالة، إذا كان أميناً أدى الرسالة، إذا أتقن عمله أدى الرسالة، إذا كان في بيته بأعلى درجة أدى الرسالة، فأنت الآن لست كما لو كنت في بلدك، إذا أخطأت في بلدك يقولون: فلان أخطأ، أما هنا فيقولون: الإسلام غلط، أنت حينما تكون في بلد غربي وتخطئ لا يشار إليك يشار إلى دينك، أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين، فلا يؤتين من قبلك، هذا إنسان مسلم مقيم في بلاد الغرب.
 أما بلاد الغرب فشاب أحب فتاة في أمريكا فاستأذن والده من الزواج منها، قال له: لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، له علاقة مع أمها، فلما أحبّ ثانية قال: يا أبي هذه فتاة أحببتها، قال له: أيضاً هذه أختك وأمك لا تدري، الثالثة كذلك، فضجر من أبيه، وشكا إلى أمه، قالت له: خذ أياً شئت أنت لست ابنه وهو لا يدري.

 

الإنسان هو المخلوق الأول في الكون :

 أيها الأخوة الكرام، أولاً من هو الإنسان؟ أنت المخلوق الأول في الكون، لأن الله عز وجل قال:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض
لأنك قبلت حمل الأمانة كنت عند الله المخلوق الأول، ولأنك قبلت حمل الأمانة سخر هذا الكون لك تسخيرين؛ تسخير تعريفٍ و تسخير تكريم، كيف؟ هذا الماء أنت بحاجة إليه فهذا مسخر لك تسخير تكريم:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ﴾

[ سورة الجاثية: 13]

 وتسخير تكريم، من جعله عذباً فراتاً بعد أن كان ملحاً أجاجاً؟ قانون التبخر من قننه؟ كل شيء أمامك من دون استثناء بدءاً من المجرة وانتهاءً بالمجرة مسخر لك تسخيرين تعريف وتكريم، وأنت مهمتك أن تنتفع بالتسخيرين، أن تنتفع بهذا الشيء وأن يكون هذا الشيء مرشداً لك إلى الله عز وجل، هذا مأخوذ من قول النبي عليه الصلاة والسلام حينما رأى هلالاً قال:

(( هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْدٍ ))

[أبو داود عن قتادة ]

 هلال خير ننتفع به، وهلال رشد يرشدنا إلى الله عز وجل، ابنك الصغير خير ورشد، الطعام الذي تأكله خير ورشد، الشمس التي تتدفأ بأشعتها خير ورشد، أي شيء تقع عينك عليه تنتفع به في الدنيا ويدلك على الله عز وجل.

التفكر في خلق السموات والأرض أرقى عبادة على الإطلاق :

 لذلك دخلنا في موضوع هو قوله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

 إذا عرفت الآمر تفانيت في طاعته بالأمر
أرقى عبادة على الإطلاق التفكر في خلق السموات والأرض، لأن التفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريق إلى الله، ولأن التفكر في خلق السموات والأرض أوسع باب ندخل منه على الله، ولأن التفكر في خلق السموات والأرض يضعنا وجهاً إلى وجه أمام عظمة الله، لذلك إذا عرفت الآمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر، في بلادنا في الشرق الأوسط قد تأتيك ورقة من البريد تدعوك إلى تسلم رسالة مسجلة، لا تتحرك شعرة في جسمك، وقد تذهب وقد لا تذهب، وقد تأتي ورقة من جهة أخرى من فرع، تعال لنحقق معك الساعة العاشرة، فلا تنام الليل، ما الفرق بين الورقتين؟ الآمر، فإذا عرفت من الآمر تفانيت في طاعته، من هو الله؟ الذي أمرك أن تصلي ماذا عنده لو أطعته؟، ماذا ينتظرك لو عصيته؟ كلما عرفت الآمر خضعت له، وكلما ضعف معرفتك بالآمر تأبيت أن تطيعه، علامة معرفتك بالله طاعتك له، وأي ضعف للطاعة دليل ضعف في الإيمان،.

معرفة الله عز وجل من خلال آثاره :

 السؤال: كيف نعرف الله؟ الله عز وجل له ذات وله أمر، بالفقه نعرف أمره، أحكام الزواج، أحكام الطلاق، أحكام البيع و الشراء، كل موضوعات الحياة لها بالفقه قواعد، وأدلة، وفرائض، وسنن، ومستحبات، ومكروهات، ومحرمات، لكن كيف نعرف الله؟ هذه النقطة الضعيفة في العالم الإسلامي، يقول سيدنا علي: أصل الدين معرفة الله، الله عز وجل:

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة الأنعام: 103 ]

 الكون أثر من آثار الله نعرفه به
الله عز وجل كيف نعرفه؟ نعرفه من آثاره، الكون كله أثر من آثار الله عز وجل، الكون كله ينطق بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، الكون كله يشف عن رحمته، عن قوته، عن علمه، عن غناه، عن عدله، كل أسماء الله الحسنى يمكن أن تستشفها من خلقه، لذلك أيها الأخوة، لا تجد إنساناً ضعيف الطاعة مقصراً إلا بسبب ضعف في معرفة الله عز وجل، للتقريب أنت بالخدمة الإلزامية في بلدك عريف سبعتان، وثمانية، وثمانيتان، ونجمة، ونجمتان، ثلاث نجمات نقيب، وتاج رائد، تاج ونجمة مقدم، تاج ونجمتان عقيد وثلاث عميد، سيفان ونجمة وتاج للواء، إلى آخره، فأنت إذا تلقيت أمراً من عريف أن تزحف، قد لا تزحف، أما إذا تلقيت أمراً من لواء عندما يقول لك ازحف دون أن يكمل ازحف، تنبطح على الأرض، معنى ذلك إذا عرفت من هو الآمر تفانيت في طاعته، وإذا عرفت من هذا الذي نهى تفانيت في البعد عن هذا المنهي، إذاً وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي، الأمر معروف كل إنسان درس الابتدائية والإعدادية والثانوية، علموه الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، والأمانة، والصدق، والكذب، أما من هو الآمر؟ الله عز وجل قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب و كل نهي يقتضي الترك :

 أيها الأخوة الكرام، المصحف أمامكم إذا كان هناك آية فيها أمر:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾

[ سورة الحجرات : 6]

 أمر، و كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، الآن نهي:

﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ﴾

[ سورة الحجرات: 12 ]

 وكل نهي يقتضي الترك، إذا كان هناك قصة نبي من أجل أن تتعظ، ولكن يهمني الآن إذا كان في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون، وعن الإنسان، ماذا تقتضي هذه الآيات؟ الأمر نأتمر، النهي ننتهي، القصة أتعظ.

التفكر يضع الإنسان وجهاً لوجه أمام عظمة الله عز وجل :

 أما إذا كان في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية كونية:

﴿ وَالْفَجْرِ * ولَيَالٍ عَشْرٍ ﴾

[ سورة الفجر: 1-2]

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾

[سورة الليل: 1-2]

﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

[ سورة الأنعام: 11 ]

 ماذا تقتضي هذه الآيات؟ العلماء قالوا: التفكر، التفكر أرقى عبادة على الإطلاق لأن المتفكر في خلق السموات والأرض يضعه تفكره وجهاً لوجه أمام عظمة الله، وكلما عظم عندك الله عز وجل تخضع له والدليل:

﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة الحاقة : 33]

 التركيز على كلمة عظيم لأن إبليس آمن بالله قال رب:

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾

[ سورة ص: 82 ]

 قال:

﴿ فأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

[ سورة ص ]

 إبليس نفسه اللعين آمن به خالقاً، آمن به رباً، آمن بالآخرة، ومع ذلك هو إبليس، فمعناها الإيمان المنجي شيء، والإيمان غير المنجي شيء آخر، هناك دائرة كبيرة، كل من أقر أن لهذا الكون خالقاً عظيماً داخل الدائرة، لكن هناك دائرة ثانية أصغر، كل من أطاع الله ضمن الدائرة الثانية، الأولى غير منجية الثانية منجية، وفي مركز هذه الدائرة الأنبياء المعصومون، هناك فئة معصومة الأنبياء والمرسلون، و فئة ناجية المؤمنون المطبقون، و فئة غير ناجية الذي أقروا بوجود الله، و فئة شاردة خارج الدائرة، أنا يغلب على ظني أننا جميعاً إن شاء الله في الدائرة الأولى والثانية، البطولة أن تنتقل من الدائرة الكبيرة التي فيها إقرار إلى الأصغر التي فيها تطبيق.

من لم يستقم على أمر الله لن يقطف من ثمار الدين شيئاً :

 أيها الأخوة الكرام، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، دين من دون استقامة عادات، وتقاليد، وفلكلور، وثقافة، وتراث، أو له خلفية إسلامية، أرضية إسلامية، اهتمامات إسلامية، مشاعر إسلامية وهكذا، المشكلة التي تحير أن النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن أقول الحديث، يقول سيدنا سعد بن أبي وقاص: "ثلاثة أنا فيهن رجل"، ما معنى رجل في القرآن الكريم والسنة؟ هل يعني ذكراً؟ لا ، الرجل في القرآن الكريم والسنة تعني البطولة:

﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه ﴾

[سورة النور: 37]

 أما ذكر فموضوع ثان الذكر ليس أنثى، أما رجل فبطل، يقول سيدنا سعد بن أبي وقاص: "ثلاثة أنا فيهن رجل- أي بطل- وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس- ما هذه الثلاثة؟- ما صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها"، هذا الميت إلى أين؟ كان في بيت ثمنه فرضاً سبعمئة ألف دولار، أمامه حديقة، غرفة استقبال، جلوس، نوم، مطبخ، هذا البيت أصبح قبراً، لذلك أول ليلة أصعب ليلة في القبر، ينادى أن عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت، شيء مخيف.
 يبدو أنه يوجد تاجر كبير جداً في مصر، وسمع ابنه في درس علم هذه القصة، فجاء بإنسان فقير جداً يكاد يموت من الجوع، أعطاه عشرة جنيهات لينام في هذه الليلة مع أبيه في القبر- طبعاً قصة رمزية- جاء الملكان فرأيا شخصين قال أحدهما للآخر: عجيب، هناك اثنان في القبر، يبدو أن الحي خاف فتحرك، فقال له: هذا حي وليس بميت، بدؤوا به فأجلسوه، من شدة فقره أحضر كيساً، فتحه من مكان من أجل رأسه، ومن طرفيه من أجل يديه، وربطه بحبل، لا يملك من الدنيا إلا هذا الكيس وهذا الحبل، أيقظوه، بدؤوا بالحبل من أين جئت بها؟ قال: من بستان فلان، كيف دخلت إلى البستان؟ تلعثم، انهالوا عليه ضرباً حتى كادوا يقتلونه، الآن كيف دخلت إلى البستان؟ بعد هذا كيف أخذت الحبل؟ بعد هذا من أين جئت بالكيس؟ ففي صبيحة اليوم خرج من القبر وقال: أعان الله والدكم.

الذكي من أعدّ لساعته عدتها :

 اعمل ليوم لن يغني عنك أحد شيئا
أيها الأخوة الكرام، البطولة والذكاء أن تعيش المستقبل، معظم الناس ولا أبالغ يعيش حاضره وماضيه، يقول لك: كنت في البلد الفلاني، درست ثانوية وجامعة وتزوجت، والآن عندي شركة، أكمل وبعد، ثم ماذا؟ صار معك ثروة كبيرة ثم يأتي الموت، أكبر عالم في الأرض وبعد؟ يوجد موت، أكبر ملك في الأرض يموت، ثم ماذا؟ مرة عملت درساً ثم ماذا؟ من أكبر قصر إلى قبر، من أكبر ثروة إلى القبر، من أعلى منصب إلى القبر، أليس من الذكاء أن نعد لهذه الساعة عدتها؟ عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت، لذلك سيدنا عمر يقول: "إن في معالجة جسد خاو لعبرة"، عجيب في العالم الغربي كأنه لا يوجد موت أبداً، في بلادنا هناك تذكر، يوجد بالمئذنة إعلان بموت فلان، هناك جنازة تمشي، هناك ميت بالنعش، لذلك نفس الميت كما ورد في بعض الآثار: "نفس الميت ترفرف فوق النعش تقول: يا أهلي، يا ولدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، وأنفقته في حله، وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة عليّ، فو الذي نفس محمد بيده، لو يرون مكانه، ويسمعون كلامه، لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم".

لحظة تفكير بسيطة تنقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان :

 أقوى موضوع واقعي، هل هناك إنسان من الحاضرين وأنا معكم لا يموت؟ أبداً هذه الساعة الخطيرة الانتقال من بيت إلى قبر ماذا أعددنا له؟

كل مخلوق يموت ولا يبقى  إلا ذو العزة والـــجبروت
* * *
والليل مهما طــــال  فلا بد من طلوع الفـــجر
والعمر مهما طــــال  فلابد من نزول الــــقبر
* * *
وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته  يوماً على آلة حدباء محمول
فــإذا حملت إلى القبور جنازة  فــاعلم أنك بعدها محمول
* * *

إذاً هناك نقطة دقيقة جداً أن تفكر من أنت؟

 أيها الأخوة الكرام، سيدنا نعيم بن مسعود زعيم قبيلة غطفان، جاء ليحارب النبي عليه الصلاة والسلام في الخندق، وهو في الخيمة خاطب نفسه ويسمى بالأدب الحديث مونولوج، ما الذي جاء بك يا نعيم؟ أجئت لتحارب هذا الرجل الصالح؟ ماذا فعل محمد؟ هل سفك دماً؟ هل أخذ مالاً؟ هل انتهك عرضاً؟ أين عقلك يا نعيم؟ وقف وتوجه إلى معسكر النبي عليه الصلاة والسلام ودخل على النبي، قال له النبي عليه الصلاة والسلام وقد فوجئ به: نعيم! قال: نعيم، قال له النبي: ما الذي جاء بك إلينا؟ قال له: جئت مسلماً ثم قال له: مرني ماذا أفعل؟ قال له: أنت واحد، خذل عنا ما استطعت، ومن قرأ التاريخ يجد أن أحد أكبر أسباب انتصار المسلمين في الخندق هو نعيم، التقى ببني قريظة وحدثهم حديثاً عن قريش، لعب دوراً ذكياً جداً، استطاع أن يثنيهم عن محاربة النبي عليه الصلاة والسلام.
 أيها الأخوة الكرام، لحظة تفكير ما دامت عشر ثوان نقلته من الكفر إلى الإيمان، من الجريمة إلى الفضيلة، وكل واحد منا يفكر، اشتريت بيتاً وبعد البيت؟ في الشام يعلقون النعوات وسيشيع إلى مثواه الأخير، ماذا تعني الأخير؟ أن البيت الذي تسكنه مثوى مؤقتاً، أربعمئة متر، ثلاثمئة متر، طابقان، مطل على البحيرة، أمامه حديقة، مثوى مؤقت، وسيشيع إلى مثواه الأخير ما دام الأخير، لذلك العقل كل العقل، والذكاء كل الذكاء، أن تعد لهذا اليوم عدته.

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل :

 الوقت رأسمالك في الحياة
أيها الأخوة الكرام، من أجل أن تعلموا قيمة الزمن، إنسان لا سمح الله ولا قدر، لو أصابه مرض عضال وهناك عملية جراحية في أمريكا، والعملية تساوي ثمن بيته، أنا أعتقد جازماً الإنسان لا يتردد ولا ثانية لبيع بيته وإجراء العملية، على أمل أن يعيش بضع سنوات إضافية، باع بيته وبقي بالأجرة من أجل أن يعيش كم سنة، معنى ذلك أن الوقت أغلى من المال، تخلى عن بيته ليعيش كم سنة، أنت وقت، ما قرأت تعريفاً بحياتي جامعاً مانعاً فيصلاً للإنسان كتعريف الحسن البصري قال: الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه. لذلك عندما تحرك نقطة ترسم خطاً، عندما تحرك الخط يرسم سطحاً، عندما تحرك السطح صار حجماً، صار عندك طول وعرض وارتفاع، هذا إذا حركته يساوي زمناً، الزمن البعد الرابع للأشياء، أنت كونك متحركاً تمشي تعود إلى البيت، تأكل، تشرب، تنام، أنت كائن متحرك، لك بعد رابع هو الزمن، الزمن هو أنت، أنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، ما دام للإنسان عمر محدود لو فرضنا له عند الله تسع وستون سنة وسبعة أشهر وستة أسابيع وأربعة أيام وثماني ساعات وسبع دقائق وأربع ثوان، ينظر إلى ساعته كلما مشي عقرب الثواني حركة نقص عمره، أنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، شيء مخيف، أنت وقت، لذلك أقسم الله لك بمطلق الزمن، قال تعالى:

﴿و العصر* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 1-2 ]

 إله، خالق السموات والأرض يقول: أنت أيها الإنسان خاسر، لماذا؟ لأن مضي الزمن يستهلكك، إذا كان عمره أربعين سنة، كيف مضى؟ والله البارحة كنت في الابتدائي وأحمل حقيبة الآن عمري أربعون سنة، إذا مضت الأربعون سنة كلمح البصر وبقي عشرون سنة أيضاً يمضون، البطولة أن تعيش المستقبل.

الله عز وجل بدأ بالموت لخطورته و أهميته :

 لذلك الله قال:

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك: 2 ]

 بدأ بالموت لخطورته، ولأهميته، ولأن الإنسان حينما يولد أمامه خيارات كثيرة، أما عند الموت فهو أمام خيارين لا ثالث لهما، عبر عنهما النبي عليه الصلاة والسلام فقال:

(( فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))

[الجامع الصغير عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ]

 مرت جنازة أمام النبي عليه الصلاة والسلام فقال:

(( مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ))

[ متفق عليه عن أبي قتادة]

 لذلك أيها الأخوة الكرام، احرص أن تكون معطاء، ألّف إنسان كتيباً صغيراً أعجبتني مقدمته قدمه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، يا من جئت الحياة فأعطيت و لم تأخذ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء عاش الناس لهم، الأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء ملكوا الرقاب، والأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء يمدحون في حضرتهم، والأنبياء يمدحون في غيبتهم، كل واحد منا لا بد من أن يكون تابعاً لقوي أو لنبي، أي إذا كنت شرطياً معك دفتر مخالفات، هذه قوتك مثلاً، إذا كنت مؤمناً معك اللطف وسيلة، والرحمة وسيلة، والعطاء والكرم وسيلة، فلا بد من أن تكون تابعاً لنبي أو قوي.

الإنسان خاسر لأن مضي الزمن يستهلكه :

 كل ساعة تمر تأخذ من عمرك ساعة
أيها الأخوة الكرام، الإنسان هو وقت فقط، قال: أنت خسران لأن مضي الزمن يستهلكك، اثنين، ثلاثاء، أربعاء، خميس، جمعة، سبت، أحد، مضى أول أسبوع ثم الثاني فالثالث فالرابع أصبح شهراً، شهر اثنان ثلاثة أربعة راح فصل، فصل فصلان ثلاثة أربعة راحت سنة، سنة سنتان ثلاث عشر عقد، فتحت غمضت أصبحت في الأربعين، مرة ثانية في الستين، مرة ثالثة على حافة القبر، معترك المنايا بين الستين والسبعين.
 أيها الأخوة الكرام، ماذا أعددنا للآخرة؟ كلام مصيري، هناك أناس غارقون بالجزئيات، أكلنا، شربنا، ضحكنا، عملنا وليمة، ثم ماذا؟ هناك موت والموت قبر، فإذا كان الإنسان مفرطاً بمحبته لذاته بالتعبير لا تحب أحداً أحب نفسك، إذا كنت مفرطاً في محبة ذاتك فينبغي أن تطيع الله، لأنك خاسر لأن مضي الزمن يستهلكك:

﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا ﴾

  رحمة الله في إلا، إلا الذين آمنوا.

الإيمان المنجي هو الإيمان الذي يحمل على طاعة الله :

 أيها الأخوة الكرام، أكثر شيء أتمنى عليكم ألا تغتروا بأنفسكم، الإيمان الذي لا يحملك على طاعة الله ليس إيماناً منجياً وهناك كلمة قاسية سامحوني بها هناك إيمان إبليسي:

﴿ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

[سورة ص: 82]

 الإيمان الشكلي، نحن فقط إسلام، نضع آية الكرسي في البيت، جميلة، قطعة في السيارة لكن لا يوجد اتصال بالله، لا يوجد دخل حلال، ولا علاقات إسلامية وهناك تجاوزات، فقط يضع مصحفاً، أنا مسلم، وآية الكرسي في البيت و انتهى، لا لم تنتهِ، والله كل مظاهر الدين إذا ما رافقها استقامة لا فائدة منها، وهذه كلمة حق وقاسية سامحوني بها إذا ما استقمت على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، إذا ما استقمت على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً:

﴿و العصر* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 1-2 ]

أركان النجاة :

 الآن

﴿ إِلَّا ﴾

 تأتي بعد إلا أركان النجاة:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 3]

 كل معصية عقبة في طريق الإيمان
الإيمان الذي يحمل على طاعة الله، وعملوا الصالحات، الإيمان لا يكفي يحتاج إلى عمل، سامحوني بهذا المثل، برأس جبل هناك طريق عريض، لو فرضنا بنهاية الطريق هناك كنز مليارات، أنت تمشي على الطريق وجدت صخرة على عرض الطريق، تكمل؟ هذه عقبة، كل معصية عقبة في طريق الإيمان، كل معصية، المعصية حجاب حجبت عن الله، للتقريب تابع فيلماً لا يقرب إلى الله ثم صلِّ العشاء كيف تصلي؟ بصراحة أنت تقف ترفع أصبعك للتشهد، إنسان عنده ثلاثة صناديق للتجارة، في المغرب بأول ركعة الصندوق الأول وبثاني ركعة الصندوق الثاني والركعة الثالثة؟ يوجد ركعة ثالثة، إذا كان هناك معصية، مخالفة، تقصير، أصبحت حجاباً:

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين: 15]

الدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ومع من تعرف :

 فيا أيها الأخوة الكرام:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[ سورة العصر: 1-3]

 لا تصدق إيماناً ينفعك إن لم يحملك على طاعة الله:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

[ سورة العصر الآيات: 3]

 العمل الصالح يؤكد هذا الإيمان:

﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾

[ سورة العصر الآيات: 3]

 هذه دعوة إلى الله، الدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ومع من تعرف، أخ كريم جالس معنا سمع فكرة أعجبته قالها لزوجته، لأخيه، في حدود ما تعلم، ومع من تعرف:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾

[ سورة العصر:3]

موقع الدكتور النابلسي على الانترنيت فيه كل ما يحتاجه المسلم :

 أيها الأخوة الكرام، ماذا أقول في عجالة وفي وقت محدود واللقاء لا يتكرر؟ إن شاء الله أجيء مرة ثانية، لكن الآن بفضل الله عز وجل، لي موقع في الانترنيت زواره في اليوم مليون إنسان، مليون وأكثر، سحب من 1-1- إلى 24-1 المعدل اليومي أكثر من مليون وأربعة وستين ألف ملف، هذا بين أيديكم، فيه تفسير القرآن الكريم المطول، فيه حديث، فيه سيرة، فيه فتاوى، فيه سؤال و جواب، كل شيء فيه، أنا معكم إلى ما شاء في هذا الموقع، وهذا الموقع فيه توفيق إلهي، أنا أقول: الله عز وجل كتب القبول لهذه الدعوة، ممكن أن نتراسل نحن بإميلات الموقع، إن شاء الله ينفعنا وإياكم.

تربية الأولاد أخطر شيء في حياة كل إنسان :

 لكن هناك نقطة دقيقة أحب أن أقولها: كنت مرة في أمريكا في مؤتمر المايا هذا مؤتمر مهم جداً يعقد كل عام، وعقد في لوس أنجلوس وكان معنا الدكتور القرضاوي وتعرفونه قال هذه الكلمة ولا أنساها: "إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً فلا يجوز أن تبقى في هذه البلاد"، لأنك حينما تكتشف فجأة أن ابنك غير مسلم، والأديان كلها لا يؤمن بها أصلاً، ويعيش حياة مادية، ساعتها يذوب قلبك ألماً عليه، إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً فلا يجوز أن تبقى في هذه البلاد، أنا أقول لكم المشكلة الأولى، الأولى وليس الثانية في هذه البلاد تربية أولادكم، التربية تحتاج إلى جهد كبير، يجب أن تتابع ابنك، تتابع عقيدته، تتابع كلامه، وذهابه وأصدقاءه، قال تعالى:

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

[سورة الفرقان: 74 ]

 هذا الكلام أنا قلته في دمشق في عقد قران حضره مئة طبيب من أمريكا، أحد الأطباء زوج ابنته في هذه الفترة، ودعاني إلى عقد القران، حضرت هذا العقد وألقيت كلمة، دون أن أشعر ذكرت كلمة القرضاوي، بعد أن انتهت كلمتي، وانتهى الحفل، تقدم مني طبيب مقيم هناك، والله الدمعة على خده، قلت: خير إن شاء الله! قال لي: ألم تقل أنت إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك؟ قال لي: أنا ابني ليس مسلماً، طبيب ثان في ديترويت رأيته حزيناً جداً قلت له: خير إن شاء الله، قال: ابنتي اختفت ثم قالت: إنها في تكساس وهو في ديترويت أحبت شاباً يهودياً، قال: فأخذت حب فاليوم وذهبت من ديترويت إلى تكساس، ثلاثة أيام حتى وصلت، استقبلتني، طلب كأس شاي، وأكل، وله مكانة عندها، وضع لها حبة الفاليوم و أخذها معه، بعد قليل طلبت منه الدخول إلى الحمامات، فكتبت بميل الحمرة: أنا مخطوفة من قبل والدي وكتبت رقم السيارة فأوقفوه و أعادوها.

 

من لم يكن ابنه كما يتمنى فهو أشقى الناس :

 إذا أردت إنفاذ أمر فتدبر عاقبته، انتبه لأولادك، والله انتبه لأولادك إذا ما ربيتهم على الإيمان، والإسلام، والصلاة، والتقى، والصلاح، تأتي آلام لا تحتمل، أنا كنت أقول كلمة أنا كنت في أمريكا بعهد كلينتون الرجل وليست زوجته، قلت لهم: لو بلغت منصباً ككلينتون، وثروة كأوناسيس، وعلماً كأنشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، المشكلة الأولى هنا أولادكم، إذا خسرتم أولادكم خسرتم كل شيء، أما إذا ربحتهم فأعمال ابنك وابن ابنك وابن ابن ابنك ليوم القيامة في صحيفتك والدليل:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾

[ سورة الطور: 21 ]

 ابنك وابن ابنك إلى يوم القيامة في صحيفتك
قال علماء التفسير: أي ألحقنا بهم أعمال ذريتهم، ابنك وابن ابنك ليوم القيامة بصحيفتك، إذا ربيتهم، أنا لا أجد من مشكلة عندكم أكبر من تربية أولادكم، كل شيء في هذه البلاد يدعو إلى المعصية، سألني إنسان كيف هذه البلاد؟ قلت له: والله على الشبكية جنة، كلها أشجار، نظيفة، مرتبة، أما عشرة سنتمترات في الدماغ فتصبح جهنم، هذه حقيقة، الإنسان يفكر يجد أن هذه البلد لحم كتفه من خيرها فيرجع، هناك متاعب قليلة لكن إذا إنسان هاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة، والله أعرف ثلاثين طبيباً والله دخلهم في فرنسا وأمريكا أعلى مستوى، سمعوا دروسي وشاهدوا أنهم يجب أن يرجعوا، ورجعوا، والله الآن في الشام في أعلى عليين، دخل ومكانة، أي قرار تتخذه لله:

 

﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ﴾

 

[ سورة النساء: 100 ]

 بارك الله بكم ونفع بكم أنا بانتظار أسئلتكم المكتوبة.

 

أسئلة و أجوبة :

مشكلة بدء العيد أو رمضان :

 رؤية هلال رمضان
س: أقسم لكم بالله هناك سؤال أنا يقلقني، دائماً هناك مشكلة في أستراليا وأمريكا وأوربا، مشكلة بدء رمضان والعيد، حجم هذه المشكلة كبير، ونحن أمام العالم الغربي مفضوحون، أعيادنا ثلاث، الجمعة و العيدان، النبي عليه الصلاة والسلام قال: "صوموا- واو الجماعة- لرؤيته"، شتات، في أي مكان في أستراليا أو في إندونيسيا أو ماليزيا، فتاة إن رأت الهلال تصوم، مليار وثمانمئة مليون مسلم، كلما أسافر إلى مكان هذه المشكلة الكبيرة، أي كبيرة؟ بدء الصيام.
 ج : اسمعوا هذه الكلمة الدعوة إلى الله دعوتان دعوةٌ إلى الذات مغلفةٌ بدعوة إلى الله، ودعوةٌ إلى الله خالصة، الدعوة إلى الذات المغلفة بدعوة إلى الله أساسها الابتداع لا الاتباع، الدعوة إلى الذات المغلفة بدعوة إلى الله أساسها التنافس، الدعوة إلى الذات المغلفة بدعوة إلى الله أساسها إلغاء الآخر، تجاهل الآخر، أما الدعوة إلى الله الخالصة فأساسها التعاون لا التنافس، أساسها الاتباع لا الابتداع، أساسها الاعتراف بالآخر، آن الأوان موضوع رمضان والعيد أي إنسان في أستراليا شاهد الهلال، مسلم بالغ عاقل نصوم جميعاً على شهادته، أي مواطن بماليزيا أو إندونيسيا يجب أن نصوم على رؤيته وانتهى الأمر.

البنطال في الصلاة يجب أن يكون تحت الركبة :

 س: نريد شورت تحت الركبة إذا بدأت الصلاة؟
 ج: نريد بنطالاً تحت الركبة برمودا.

وصية الدكتور راتب لأبناء الجالية في أستراليا :

 س: ما وصيتك لأبناء الجالية في أستراليا؟
 ج: تقوى الله وطاعته.

القرض :

 س: ما حكم شراء البيت، القرض؟
 ج: يا أخي هذا الموضوع يمكن الموضوع الأول، الإنسان إذا غص وكاد أن يموت و أمامه كأس من الخمر هل يستطيع أن يشرب؟ عند الضرورة، من يعرف الضرورة؟ الله وأنت فقط، إذا كان هناك ضرورة ملجئة وأنت باقي في الطريق هذه ضرورة، لكن لا يوجد أحد بالطريق، أنا لا أعرف الضرورة، إذا إنسان أفتى بشيء محرم يركب الفتوى مليون إنسان ليس بحاجة لها، هذه القضية تفتي لوحدك والله يعلم بضرورتك و لا تحملني إياها أنا جئت إليكم ضيفاً.

حكم نبش القبور :

 س: حكم نبش القبور؟
 ج: كيف دفنوه بهذا المكان؟ هذه المشكلة الأولى، أن يدفن مع المسلمين.

الحلف بالله فقط :

 س: هل يجوز الحلف بجاه النبي عليه الصلاة والسلام أو بالأمانة؟
 ج: من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله. بالأمانة بشرفي لا فقط بالله عز وجل.

الدعاء يكون بالهداية :

 الدعاء يكون بالهداية
س: أصبت من فلان بضرر بالغ فهل يجوز أن أدعو عليه في الصلاة؟ وللأسف لقد أدمنت الدعاء عليه فهل علي أن أتوقف؟
 ج: أدمن، النبي عليه الصلاة والسلام قيل له: ادع عليهم، قال:

(( اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمونَ ))

[ متفق عليه عن عبد الله بن مسعود ]

 مشى على قدميه ثمانين كيلو متراً للطائف، كذبوه وسخروا منه، وأغروا أطفالهم بضربه، وسار الدم من رجليه، فجاء ملك الجبال وقال: يا محمد أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الجبلين، أي مكنه الله أن ينتقم، فقال: لا يا أخي:

(( اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمونَ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ]

 ادع لهم بالهداية، هناك دعاء وسط قال: اللهم اهده فإن لم تهده فخذه.

حكم التدخين :

 س: حكم التدخين هل هو حلال أم حرام أم مكروه؟
 ج: أنا عضو رئيس جمعية التدخين في الشام، عندي دليل لكن بسيطاً جداً هل هناك مدخن في الأرض عندما يضع السيجارة في فمه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وعندما ينتهي يقول: يا رب أدم فضلك علينا؟ لأن الله عز وجل قال:

﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾

[ سورة الأعراف: 157 ]

 هناك إنسان قال: من قال إن الإقلاع عن التدخين أمر صعب؟ أنا أقلعت عنه عشرين مرة.

دعوة الدكتور لزيارة أستراليا مرة ثانية :

 س: إن كان أن تكرر الزيارة كل عام مرة؟
 ج: إن شاء الله لأن استراليا بعيدة عن الشام، أربع عشرة ساعة في الطائرة.

عدم أكل مال الغير :

 س: دين مضى وقت طويل عليه، ولا أستطيع أن أرجعه لأصحابه، ماذا أفعل؟ وإذا اتصلت بهم يتسبب هذا لي بضرر كبير؟
 ج: لا يعرف أصحابه؟ لا يستطيع أن يلتقي بهم، يرسلهم برسالة مسجلة، وإذا ماتوا يدفعهم صدقة، إنسان مثلاً ذهب من الشام إلى حلب أكل ولم يدفع، ثم تاب على الله، وذهب إلى حلب فوجد أن هناك تنظيم وكل شيء هد، يدفعهم صدقة.

زوال الكون أهون على الله من أن تبتغي رضاه ثم لا توفق :

 س: فيما يخص كلمة القرضاوي، فهل نحن في بلادنا العربية نستطيع أن نضمن ابن ابن ابننا سيكون مسلماً؟
 ج: أنا قلت طرفة، إنسان مسلم دخل إلى ملهى نظر فوجد امرأة شبه عارية، فقال: أعوذ بالله، نظر إلى فوق فوجد واحدة ثانية، ذهب يميناً فوجد امرأة أخرى شبه عارية، قال له آخر: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ والله طبيب في أمريكا رجع، زارني وقال: كلما أعالج مريضاً من بلدي أحس بقرب من الله، بدل أن تعالج أعداء الدين عالج مرضى المسلمين، ثم يا أخوان اقبلوا مني هذه الكلمة: زوال الكون أهون على الله من أن تبتغي رضاه ثم لا توفق، في بلدنا يأتي عشرة أضعاف:

﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ﴾

[ سورة النساء: 100 ]

 هذا ليس كلام شخص عادي، ليس كلام زيد، هذا كلام خالق الأكوان، أنت لما تعود، الآن الفساد عم، لكن أنت أقدر على ابنك في بلدك، هناك خاله، وعمه، وابن خالته، كل الجو إسلامي تقريباً، مساجد، خطب، دروس، الجو العام إسلامي، إذا عدت كل الميزات التي هنا انسها تبقى لك الخيرات، أما إذا إنسان آثر الدنيا فلن يستطيع أن يعود، في ديترويت الحقيقة شيء مثل الخيال، الرفاه ليس معقولاً إطلاقاً، صعب أن أقول لكم التفاصيل، قلت لهم أنتم تموتون هنا؟ قالوا: طبعاً، قلت لهم: إذاً أنتم مثلنا.

اللحية :

 سؤال عن اللحية
س: موضوع اللحية، هذا الموضوع سمعته أحد الأخوة طرحه على أحد الشيوخ في طرابلس.
 ج: والله العبد الفقير نحن عندنا بفضل الله أربعمئة أو خمسمئة مركز ثقافي، هذا النظام الداخلي للمراكز الثقافية لا يستقبل رجال الدين إطلاقاً، أنا أستاذ جامعة وحليق أعطيت مئة محاضرة بهذه المراكز، ممنوع بالنظام دعوة رجال الدين، أما أنا فأستاذ جامعة وهناك كثير من الحواجز التي تخطيتها، أدعو الله أن يقبل مني هذا الاجتهاد وهو مني.

 

الاضطرار لوضع الأموال بالبنك مع فائدة لا يكون إلا لضرورة شرعية :

 س: إذا الشخص اضطر إلى وضع أمواله في المصرف بفائدة ماذا يفعل بها؟
 ج: إذا اضطر الضرورة الشرعية، هناك ضرورة شرعية فقد الحياة، أو فقد أحد أعضائه، أو فقد المال كله، هذه ضرورة شرعية، إذا وضعه يأخذ الفائدة وليس له، لفقراء المسلمين، وليس له أجر الصدقة، هذا موضوع دقيق جداً، إذا فرضنا أنه لا يوجد حل إلا أن تضع مالك في البنك، خذ الفائدة انفع بها المسلمين، لأنه يجوز أكل مال المستأمن برضاه، طالب بألمانيا اشترى مجلة طبية وإذا فيها رقم لم ينتبه له بعد أسبوع ربح أربعين ألف مارك قلت له: خذهم، أخذ المال فإذا كان هناك ضرورة يعرفها هو، دائماً استفت قلبك وإن أفتاك المفتون وأفتوك، أنا بهذه الموضوعات كل إنسان يفتي ويتحاسب لوحده، فإذا كان هناك ضرورة إن شاء الله الله تعالى لن يحاسبه.

الفائدة إن أخذت من البنك تؤخذ و تعطى للفقراء إن لم يكن الإنسان بحاجة لها :

 س: أنا عندي مبلغ بدل أن يبقى في البيت أضعه في البنك دون أن أشغله، أشغله وأعطي الفائدة للفقراء.
 ج: خذ فائدتها وانفع بها المسلمين، إذا كان هناك حاجة خذها لك، ليس بحاجة انفع بها المسلمين.

حكم الاحتفال بعيد المولد النبوي :

 س: حكم الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف مع المدائح؟
 ج: انتبهوا إلى هذا، الله عز وجل قال:

﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾

[ سورة هود: 120 ]

 فإذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد يقيناً بسماع قصة نبي دونه فكيف بمؤمن مقصر يستمع إلى قصة النبي عليه الصلاة والسلام؟ هذه آية وليست حديثاً، الآن:

﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾

[ سورة المؤمنون:69]

 أيضاً آية يقول الله عز وجل:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾

[ سورة سبأ: 46]

 هذه آية ثالثة، لا إله إلا الله محمد رسول الله نصف الدعوة تعريف بالنبي، فإذا أنت جلست مع أخوانك في بيت حكيتم عن شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، عن أخلاقه على مدى العام ماذا فعلت؟ أنت دعوت إلى الله لكن إياك أن تسمي الاحتفال بالعيد المولد عبادة، ا

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور