وضع داكن
29-03-2024
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 088 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(23-48) : القلقلة1.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، تكلمنا يا أخوة، في المرة الماضية عن الحروف الخمسة التي كأنت العرب إذا نطقتها ساكنة أخرجتها بالتباعد بين طرفي عضو النطق بدلاً من أن تخرجها بالتصادم بين طرفي عضو النطق، يعني قلنا بأن العرب بدل أن يقولوا: (أبْ) إذا سكنت الباء يقولون: ( أبْ)، فيخرجون الباء بالتباعد بين الشفتين لا بالتصادم بينهما دون أن يصاحب ذلك انفتاح للفم لأنه لو صاحبه انفتاح لانفتحت الباء، (بَ)، ودون أن يصاحب ذلك انضمام للشفتين لأنه لو صاحب ذلك انضمام للشفتين لانضمت الباءُ، ودون أن يصاحب ذلك انخفاض للفك السفلي لأنه لو صاحب ذلك انخفاض للفك السفلي لانكسرت الباء، (بِ)، القلقلة عندما نتكلم يعني الحرف الساكن وليس الحرف المتحرك
ويجب التنبيه على ذلك حتى لا يتحول الحرف الساكن إلى متحرك.
 أريد من الأخوة إذا خطر في بالهم، لماذا قلقلت العرب، (قطب جد)، بالذات لماذا هذه الخمسة بالذات؟ لماذا لا تقول العرب، (أس)، بالسين؟ لا يقولون، (أع)، بالعين؟ لماذا هذه الخمسة بالذات؟ كنا قد درسنا يا أيها الأخوة، الأحرف الشديدة وقلنا أن الشدة هي انحباس الصوت عند النطق بحرف من حروف الشدة، وقلنا وقتها أن حروف الشدة ثمانية، جمعها العلماء رحمهم الله بقولهم: (أجد قط بكت)، لاحظوا بأن هذه الثمانية، تحتوي، (قـُطـْبُ جَـد)، (أَجـِدُ، هذه الجيم والدال، قـَطٍ، هذه القاف والطاء، بـِكـَت، هذه الباء)، هذه الخمسة من الحروف الشديدة، يعني ينحبس الصوت عند النطق بها.
 أريدكم أن تجربوا معي هذه التجربة في البيت، أنا سوف أنطق حرفاً من حروف الشدة وليكن القاف، أنطقه بحالاته الأربعة، قولوا مثلاً (أَقْ )، واضغطوا، ألا تلاحظون بأنه لما أنقفل مخرج القاف حدث في جهاز النطق ضيق لأن الهواء محبوس خلف مخرج القاف يريد أن يخرج ولا يجد أمامه طريق، جربوا مرة ثانية.
 الآن جربوا القاف المفتوحة، (قَ)، هل تشعرون بذلك الضيق الذي شعرتم به مع (أقْ)؟ لا أظن لأن المخرج كأن مقفولاً فأنفتح، (قَ)، جربوا القاف المضمومة، (قُ)، أيضاً مثل القاف المفتوحة ما فيها ضيق، (قِ)، أيضاً ما فيها ضيق، إذاً ينحصر الضيق والإزعاج في جهاز النطق بالقاف في حالة سكونها، وذلك بسبب انغلاق المخرج وانقفاله انقفالاً تاماً يحجز خلفه كمية من الهواء تشكل إزعاجاً للناطق، هذا الذي يفسر لنا لماذا قلقلت العرب (قـُطـْب جَـد)، ولم تقلقل مثلاً الشين، لم تقل العرب (أشْ)، لو كانت ساكنة، (أش)، الصوت ماشي والهواء منطلق ما في حاجز منغلق كانغلاقه في حروف، (قـُطـْبُ جَـد)، إذاً هذا الذي يفسر لنا لماذا قلقلت العرب هذه الخمسة بالذات ولماذا قلقلتها في حالة السكون دون الفتح أو الضم أو الكسر، فقط في حالة السكون، لأن الإزعاج والضيق في جهاز النطق يحصل فقط كما جربنا الآن في حالة سكون هذه الخمسة.
هنا يبرز سؤال، ولعله دار في أذهان بعضكم، قلت منذ قليل أن حروف الشدة ثمانية، (أَجد قـَط بـِكـَت)، وأن هذه الثمانية هي عبارة عن الخمسة، (قـُطـْبُ جَـد)، زائد ثلاثة أخرى التي هي، الهمزة من كلمة أَجـِدُ والكاف والتاء من كلمة بـِكـَت، والإزعاج الذي تكلمت عنه في حالة السكون أيضاً موجود في هذه الثلاثة، بدليل أننا نقول: (يأْتون)، عند نطق الهمزة الساكنة أشعر بنفس الضيق الذي شعرت به في، (أقْ)، وعند نطق التاء، والكاف، (أكْ)، والتاء (أتْ)، أيضاً أشعر بنفس الضيق، فلماذا لم تقلقل العرب الهمزة والكاف والتاء كما فعلوا في( قـُطـْبُ جَـد)، طالما أن العلة واحدة؟
 الجواب على هذا السؤال أن الهمزة كأن للعرب طرائق شتى للتخلص من شدتها فتارة يبدلونها فيقولون، (يومنون بدل أن يقولوا يؤمنون)، وتارة يسهلونها فيقولون، (ءأنذرتهم بدل من أن يقولوا ءأنذرتهم)، وتارة يحذفونها فيقولون، (من السما بدل أن يقولوا من السماء)، تلك الطرق العديدة للتخلص من الهمزة في لغة العرب أغنت عن قلقلتها، لذا لم تقلقل العرب ولم يصلنا كقرآن مَتلُو همزة مقلقلة، يعني لا يصح أن يقول القارئ يؤمنون، هذا لا يصح.
 أما الكاف والتاء، يا أخوة، نعم فيهما انحباس، (أك، أت)، في الكاف والتاء، لكن في هذين الحرفين صفة قامت مقام القلقلة في، (قـُطـْبُ جَـد)، في التخلص من شدة هذين الحرفين ألا وهي صفة الهمس، حروف الهمس كما مر معنا،( فحثه شخص سكت)، لاحظوا في كلمة سكت الكاف والتاء.
 وقلت سابقاً وأعيد الآن قال العلماء رحمهم الله: الشدة والهمس في الكاف والتاء في زمنين متتالين خلف بعضهما مباشرة وليسا في زمن واحد، لأنه يستحيل على الإنسان أن يأتي بانحباس الصوت وجريان النفس في الزمن نفسه و إنما هما خلف بعضهما، هكذا، (أكْ)، في قول، (أكْ)، هذا الانحباس هو الشدة، هذا جريان النفس هو الهمس، وفي قولنا (أكْ)، (أتْ)، ولو أعدناها بالبطيء هذا الانحباس والشدة، نفس هذا هو الهمس في التاء.
إذاً الهمس في الكاف والتاء يا أخوة، أغنى عن قلقلة هذين الحرفين وبالتالي تخلصنا من شدة، (أَجـِدُ قـَطٍ بـِكـَت)، كلها، ( قـُطـْبُ جَـد)، تخلصنا من شدتها بالقلقلة، الكاف والتاء تخلصنا من شدتهما بالهمس، أما الهمزة فتخلصنا من شدتها بالنقل والحذف والتسهيل والإبدال إلى غير ذلك من الطرق التي كانت العرب تفعلها، أرجو أن أكون قد وفقت في بيان هذا الأمر إليكم وإن كان هناك أي استفسار فنحن على استعداد لتلقي استفساراتكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور