- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
تمتع اللغة العربية في شتى بقاع الأرض بخصائص كبيرة :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الخامس والخمسين من دروس سورة التوبة، ومع الآية الثالثة والثمانين وهي قوله تعالى:
﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ(83) ﴾
أيها الإخوة الكرام، الله -عز وجل- يقول:
﴿
ولأن هذه اللغة اختارها الله لتكون لغة وحيه لذلك هذه اللغة تتمتع -لا في رأي علماء المسلمين بل في رأي علماء اللغة في شتى بقاع الأرض- بخصائص كبيرة، من هذه الخصائص قضية التصرف.
على كلٍّ لهذا الموضوع بحث طويل لكن نكتفي من هذا الموضوع في قوله تعالى:
﴿
هناك رجعناك، وهناك رجع، ما الفرق بينهما؟ هذا الفعل يأتي فعلاً لازماً، وفعلاً متعدياً، والحقيقة أن الكلمة في اللغة العربية اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما دل على شيء، إنسان حيوان، نبات، جماد، الاسم ما دل على شيء، والفعل ما دلّ على حدث، الفعل يحتاج إلى فاعل ويحتاج إلى مفعول، لكن أحياناً يأتي الفعل مكتفياً بفاعله، نقول: هذا فعل لازم يكتفي بفاعله، كأن تقول: حضر فلان، أو نام فلان، أو غضب فلان، لكن أحياناً الفعل يحتاج إلى مفعول به تقول: أكل الطفل التفاحة، فالتفاحة مفعول به وقع عليه فعل الفاعل.
إلا أن الأفعال من بعضها يكون تارةً لازماً ويكون تارةً متعدياً، وهذا الفعل الذي تبدأ به الآية من هذا النوع.
النبي الكريم معصوم من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وإقراره :
الله -عز وجل- في آيات أخرى يصف سيدنا موسى أنه:
لكن ما الحكمة أن يكون الرجوع لازماً أو متعدياً؟ سيدنا موسى اتخذ قراراً ذاتياً
والنبي -عليه الصلاة والسلام- بالمناسبة معصوم، عصمه الله من أن يخطئ في أقواله، وفي أفعاله، وفي إقراره، لذلك أمرنا أن نأخذ عنه، فقال تعالى:
﴿ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ
إذاً عودة سريعة إلى بعض مصطلحات اللغة، الكلمة في اللغة تكون اسماً، أو فعلاً، أو حرفاً، الاسم ما دلّ على شيء، إنسان، حيوان، نبات، جماد، الفعل ما دلّ على حدث، حدث وقوع شيء، أكل، شرب، خرج، حضر، أتى، كسر، ضرب، قتل، الفعل ما دلّ على حدث، هذا الفعل إن وقع في الماضي فهو فعل ماض، إنه يقع الآن مضارع ، سوف يقع في المستقبل.
القرار إن كان من ذات الإنسان واستخدمنا كلمة رجع معنى هذا أنه قرار داخلي :
الآن الكلمة:
إذاً الله أرجعه، هذا يُفهم منه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حركاته، وسكناته، وأقواله، وأفعاله، وإقراره تشريع، لأن الله عصمه، فلما عصمه أمرنا أن نأخذ عنه كل شيء.
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى(3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)﴾
الفرق بين مقام الألوهية و مقام البشرية :
لكن قد يسأل سائل: لعل الله -عز وجل- لحكمة بالغة بالغةٍ ترك له هامشًا اجتهادياً ضيقاً جداً، فالنبي الكريم إذا جاء اجتهاده وفق ما ينبغي أقره الوحي على اجتهاده، فإن فرضاً جاء اجتهاده بخلاف ما ينبغي فالوحي يصحح له، لماذا هذا؟ لماذا ترك الله لنبيه المعصوم هامشاً اجتهادياً ضيقاً؟ إن اجتهد النبي الكريم وأصاب في اجتهاده أقره الوحي على ذلك وانتهى الأمر، لكن فرضاً إن جاء اجتهاده بخلاف ما ينبغي لأنه بشر فيأتي الوحي ويصحح له لماذا؟:
﴿
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى(1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2) ﴾
فإذا جاء اجتهاد النبي بخلاف ما ينبغي فيأتي الوحي ويصحح له، لماذا؟ السؤال الآن لماذا ترك الله -عز وجل- للنبي هامشاً اجتهادياً؟ ليكون هناك فرق بين مقام الألوهية، ومقام البشرية النبي بشر:
﴿
لئلا يؤله فيما بعد.
(( اللهم إنما أنا بشر، أرضى كما يرْضى البشر، وأغْضَبُ كما يغضب البشر ))
(( وأُوذِيت في الله ما لم يُؤذَ أحد، ولقد أتى عليَّ ثلاثون من يوم وليلة، ومالي ولبلال طعامٌ إِلا شيء يُواريه إِبطُ بلال. ))
النبي بشر تجري عليه كل خصائص البشر :
لكن ملاحظة أخرى ودقيقة: لأن الأنبياء بشر، ولأنه تجري عليهم كل خصائص البشر، كانوا سادة البشر، هو يشتهي كما نشتهي، ويتألم كما نتألم، ويغضب كما نغضب، ويرضى كما نرضى، لأنه بشر، ولأنه تجري عليه كل خصائص البشر كان سيد البشر، لأنه انتصر على بشريته.
والنبي الكريم هناك من يقول- وهذه شطحة فيما أعتقد - إن الكون خُلق من أجل محمد، أنا أقول البشر خلقوا ليكونوا على شاكلة محمد، هو قدوة هم.
﴿
المبادئ والقيم إذا أُخذت من بطون الكتب تنتهي إلى الكتب :
الأخلاق، والمبادئ، والقيم، إن كانت في بطون الكتب لا يتأثر بها، يتأثر بها إذا رأى إنساناً أمامه تتمثل به، لذلك قالوا: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قرآن يمشي، الذي يؤثر في الناس أن يروا الآن مسلماً صادقاً، مسلماً أميناً، مسلماً مخلصاً، مسلماً ورعاً، هذه القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون متمثلة في إنسان، تراه بعينك، ترى خطواته، ترى أخلاقه، ترى عطاءه، ترى ورعه، ترى حلمه، ترى رحمته، ترى قربه من الله، فلذلك المبادئ والقيم إذا أُخذت من بطون الكتب تنتهي إلى الكتب، أما إذا أُخذت من واقع الحياة تؤثر في الحياة.
لذلك النبي الواحد أهدى للبشرية شيئاً أفضل من آلاف الكتّاب، لماذا؟ لأن الناس رأوا فيه الصدق، ما رأوا مسافة بين أقواله وأفعاله، ما رأوا تناقضاً بين واقعه وبين مآله.
لذلك أيها الإخوة، قضية القدوة شيء مهم جداً، والشيء بالشيء يُذكر، إن أردت أن تكون داعية ينبغي أن تكون قدوة قبل أن تنطق، القدوة قبل الدعوة، إن أردت أن تكون داعية ينبغي أن تكون محسناً، ينبغي أن تفتح قلوب من حولك بإحسانك ليفتحوا لك عقلهم لبيانك، افتح قلبهم بإحسانك فيفتحوا لك عقلهم لبيانك.
المؤمن ما لم يبذل من وقته و جهده و ماله لن يصل إلى الله عز وجل :
أيها الإخوة الكرام، الآية الكريمة:
﴿
فيبدو أن معركة مؤتة في الصيف، والحر لا يُحتمل، والمسافة طويلة، ولكن بعدت عليهم الشقة، والخطر كبير سيواجهون الروم، وما أدراك ما الروم، فالعدو شرس، وقوي جداً، والمسافة طويلة جداً، والحر لا يحتمل، فهؤلاء ضعاف الإيمان تخلفوا عن رسول الله، هؤلاء المعنيون بهذه الآيات، أما الفقير الذي لم يجد ما تحمله عليه، وتولى وأعينه تفيض من الدمع حزناً لأنه لم يكسب شرف مشاركة النبي في الجهاد، هؤلاء المرضى، الضعاف، الفقراء، الصغار، الكبار، ليسوا معنيين بهذه الآية.
المنافق تحركه الغنائم و ليست طاعة الله عز وجل :
لذلك قال تعالى:
(( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ؛ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ))
(( رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصَّلاةَ، وذُرْوَةِ سَنامِه الجهادُ ))
أنواع الجهاد :
1 ـ جهاد النفس و الهوى :
والجهاد الحقيقي بالتعبيرات الدقيقة مراحله عديدة، هناك جهاد النفس والهوى أصل كل جهاد، والمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة فأنت حينما تحمل نفسك على طاعة الله، فهذا جهاد، هذا من جهاد النفس والهوى، وأنت حينما تمتنع عن كل معصية أو مخالفة هذا من الجهاد، وحينما تبذل المال من أجل طاعة الله هذا جهاد، حينما تبذل الوقت، الجهد، المكانة، كل شيء تقدمه، وكل شيء تمتنع عنه هذا من الجهاد، وهذا الجهاد أصل كل جهاد هذا جهاد النفس والهوى، والمسلمون يتوهمون أحياناً أنه إذا ذكرت كلمة الجهاد تقفز إلى أذهانهم كلمة القتال، هناك أنواع من الجهاد غير القتال، والدليل جاهد تشاهد كما قالوا.
﴿
أي جاهدوا أنفسهم، حملوها على طاعة الله، أبعدوها عن معصية الله، حملوها على البذل والعطاء، جاهدوا بأموالهم وبأنفسهم، فهذا الجهاد فرض في الإسلام، بل هو فرض عين أحياناً.
أيها الإخوة الكرام،
2 ـ الجهاد الدعوي :
ولكن هناك جهاد آخر هو الجهاد الدعوي، لابد من أن تدعو إلى الله، لابد من أن تنقل حقاً إلى الآخرين، استمعت إلى خطبة ينبغي أن تنقل مضمونها إلى من حولك، استمعت إلى درس ديني، قرأت آية، قرأت كتاباً، شاهدت مناظرة تأثرت بها، أنت حينما تنقل الذي وصلك من الحق إلى الآخر تكون قد جاهدت جهاداً دعوياً، جهاد النفس والهوى كالتعليم الأساسي، كالجهاد الأساسي، هناك جهاد دعوي لنقل ما تعلمت، والجهاد الدعوي فرض عين على كل مسلم، في حدود ما يعلم ومع من يعرف، والدليل:
(( بلِّغُوا عني ولو آية ))
دليل آخر:
﴿
هذا الجهاد الدعوي.
3 ـ الجهاد البنائي :
لكن بعد الجهاد الدعوي هذه أمة وهناك أمم أخرى أقوى منها قد تعتدي عليها، قد تحاربها، قد تسخرها لمصالحها، فلابد من جهاد بنائي، والجهاد البنائي أن تتقن عملك وأن تطوره، كل إنسان بمكانه، المعلم في صفه، الموظف في دائرته، التاجر في دكانه، كل إنسان بحسب ما أقامه الله، أنا أقول دائماً: الجهاد البنائي فيما أقامك الله، هذه امرأة، قال النبي الكريم:
(( انصرِفي أيَّتُها المرأةُ وأعلِمي من وراءكِ من النِّساءِ أن حُسنَ تَبعُّلِ إحداكنَّ لزوجِها وطلبَها مَرضاتَهُ واتِّباعَها موافقتهُ يعدِلُ ذلِكَ كلَّهِ ))
هذه المرأة تعبد الله فيما أقامها، أقامها أماً، أقامها زوجة، أقامها بنتاً، أقامها في أي مجال ينبغي أن تعبد الله فيه.
لذلك الغني عبادته إنفاق المال، أقامه الله غنياً، والقوي عبادته إحقاق الحق، وإبطال الباطل، والعالم عبادته نقل العلم للآخرين.
﴿
فالعالم له عبادة نشر الحق، والقوي له عبادة إحقاق الحق، وإبطال الباطل، والغني له عبادة إنفاق المال، فالعبادة تشمل كل طبقات المجتمع، وتدور مع الإنسان في كل شؤونه، وفي كل أحواله، وفي كل أوقاته.
الجهاد عقيدة صحيحة تنبع من داخل الإنسان :
الآية الكريمة:
الله عز وجل أرادنا أن نأتيه عن حبّ و إخلاص :
لذلك الله -عز وجل- هو خالقنا، ومربينا، وإلهنا، ومسيرنا، ما أراد أن تكون علاقتنا به علاقة إكراه، قال:
﴿
أرادنا أن نأتيه عن حب، عن إخلاص، أراد أن نأتيه بمبادرة منا، فلذلك هؤلاء الذين تخلفوا عن رسول الله ولم يجاهدوا، وآثروا بيوتهم، والظل الظليل، والماء البارد، والراحة، وقدموا اعتذارات كثيرة للنبي الكريم، والنبي في أيام الحر الشديدة، في الصيف، والصحراء كلكم يعلم ما معنى الصحراء، ما مستوى الحر فيها، والمسافة بعيدة جداً.
﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن
والعدو قوي جداً، الروم، فآثروا البقاء في بيوتهم، ومع أهلهم، وفي بساتينهم، هؤلاء الذين تخلفوا مُحيت أسماؤهم من قائمة المجاهدين.
(( لَخَلُوفُ فم الصائم ))
الإنسان إذا ترك الطعام لساعات طويلة يظهر في فمه رائحة ليست مستحبة، كأن هذه الرائحة شُبِّهوا بها، أي فسدوا، هؤلاء فاسدون، أولاً خالفوا منهج النبي، أو وقفوا موقفاً مخالفاً له، هو في مكان، هم في مكان، مكانهم في بيوتهم مع أهلهم، مع أولادهم، في بساتينهم، ينامون مرتاحون، هو في القتال وفي الجهاد.
يدافع الله عن المؤمن حينما يلهم مؤمناً أن يدافع عن أخيه :
لكن هناك ومضة لطيفة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في مؤتة، سأل أصحابه: أين فلان؟ فبعض من الناس قال: يا رسول الله شغله بستانه عن الجهاد معك، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن الذي أفرحه قول أحد الصحابة وقد دافع عن أخيه وقال: يا رسول الله، والله لقد تخلف عنك أناس ما نحن بأشد حباً لك منهم، ولكن مانعاً منعهم، فابتسم النبي وفرح لهذا الموقف الأخلاقي.
أنت عندما تدافع عن أخيك تعرفه صادقاً، وأميناً، وعنده أمر قاهر، فإذا جاء من يغمزه، ويقلل من نشاطه وإيمانه ينبغي أن تدافع عنه، والله -عز وجل- قال:
﴿
كيف يدافع عنهم؟ حينما يلهم مؤمناً أن يدافع عن أخيه، أنت كمؤمن لك أخ تعلم صدقه، وورعه، واستقامته، وهناك موقف ينبغي أن يكون فيه لم تجده، أحسِن الظن به، وقد قيل: التمس لأخيك عذراً ولو سبعين مرة.
من تخلف عن رسول الله حجب عن الله و هذا أكبر عقاب له :
إذاً:
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ
حُجب عن الله -عز وجل-، هذا عقاب كبير جداً.
﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ(84)﴾
المنافق إنسان فقد مكانته عند الله :
الحقيقة نحن حينما نلفظ كلمة الكفر نتوهم أن الذي أنكر وجود الله هو الكافر، هذا معنى مقبول، وقد يُسمَّى ملحداً، لكن الكفر درجات، واسع جداً، فأنت حينما لا تصلي كأنك أنكرت فرضية الصلاة، أنت حينما لا تؤدي زكاة مالك لم تعبأ بهذا الأمر الإلهي، لذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص له كلمة رائعة، قال:" ثلاثة أنا فيهن رجل" أي بطل.
بالمناسبة: فلان ذكر غير رجل، ذكر تعني أنه ليس أنثى، أما رجل تعني أنه بطل، ولحكمة بالغة كلمة رجل في القرآن والسنة لا تعني أنه ذكر بل تعني أنه بطل، قال:
﴿
فالآية الكريمة:
بطولة الإنسان أن ينجح مع الله عز وجل :
بالمناسبة: لأن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض فتنحطِم أضلاعه أهون من أن يسقط من عين الله، قد تكون فقيراً لكنك عند الله كبير، قد تكون مريضاً لكنك عند الله كبير، قد تكون تعاني ما تعاني لكنك عند الله كبير، لكنك إن سقطت من عين الله ولو كنت غنياً، ولو كنت قوياً، هذه أشياء زائلة، تزول هذه الأموال، وتلك المكانة، ويبقى البعد عن الله -عز وجل-.
لذلك:
﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ(59) ﴾
قفوا جانباً، أنتم مجرمون، فالبطولة أن تنجح مع الله.
بطولة الإنسان أن يكون مع الله ووفق منهجه وفي طاعته :
البطولة أن تأتي إلى الدنيا فتعرف أنك المخلوق الأول، لقوله تعالى:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72)﴾
البطولة أن تعرف أنك مكرم:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً(70)﴾
والبطولة أن تعرف أنك مُكلَّف، مُكلَّف أن تطيع الله، وأن تعبده، بل إن العبادة علة وجودك، والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
البطولة أن تكون مع الله، ووفق منهج الله، وفي طاعة الله.
لذلك:
الإيمان بالله يحمل الإنسان على طاعته والإيمان باليوم الآخر يمنعه من أن يؤذي إنساناً:
فالإنسان إذا كان مؤمناً فالدنيا ساعة اجعلها طاعة، الله -عز وجل- وعد المؤمنين بالجنة، والجنة تُسوَّى فيها الحسابات، يعني اليوم الآخر.
بالمناسبة: ما ذكر الله أركان الإيمان في القرآن أو ما ذكر ركنين من أركان الإيمان في القرآن متلازمين إلا الإيمان بالله واليوم الآخر، لأن الإيمان بالله ينبغي أن يحملك على طاعته والإيمان باليوم الآخر ينبغي أن يمنعك من أن تؤذي إنساناً.
إذاً:
﴿ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ(85)﴾
والحمد لله رب العالمين