وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات إسلامية - موضوعات مختصرة : 61 - الجهاد
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أمثلة رائعة عن أمهات المسلمين :

 وعدت بعض الأخوة الكرام أن أقرأ لهم فقرات من بعض خطبة الجمعة التي ألقيتها في جامع النابلسي، وقد تمّ نقلها عبر الإذاعة، ذكرت في هذه الخطبة أن أماً من فلسطين قالت لولدها وهو في ريعان الشباب: يا بني الشهادة في سبيل الله شرف ووسام وأنا اليوم مسرورة بك لأني سأغدو أم شهيد، وهذه الأخت الكريمة يبدو أنها على علم كبير بالدين، فناشدت أخواتها الفلسطينيات أن يقفن من وراء أبنائهن وأزواجهن وإخوانهن وآبائهن يشاركن في الجهاد، بالصبر، والثبات، وتربية الأبناء على موائد القرآن، ليس حفظاً فقط، ولكن تطبيقاً وعملاً، وأن يزرعن الإيمان في قلوبهم، هذا الإيمان الذي سيدفعهم حتماً إلى مقارعة أعداء الله، فإذا غرسنا بذرة الخير في الطفل فسوف يعرف ما له وما عليه، وسيعرف كل المعاني الخيرة، ويتعلق بها، وليس لنا خير في هذه الدنيا إلا ديننا، الذي هو عصمة أمرنا، أما غير ذلك فلا شيء صعب، وسيحمل سلاحه، ويحمي هذا الدين، فهذه الأم ترى أن أعظم معركة الآن أن نربي أولادنا لأنهم المستقبل، وكل أخ من إخواننا الكرام متاح له أن يربي أبناءه ويعتني بهم عناية تفوق حدّ الخيال.
 ثم تقول: يا أخواتي يا نساء فلسطين الصابرات الصامدات لا تبخلن على الله بفلذات أكبادكن، فو الذي نفسي بيده لهو أرحم بهم منا، لا تبخلن على أبنائكن بالجنة التي وعد الله بها الشهداء والمجاهدين، فهذه فرحتنا نحن وإخواننا وأبناؤنا وأزواجنا وآباؤنا أن نفوز بإحدى الحسنيين.
 قلت بعدها: ذكرت هذه الأم بتلك المرأة التي دخلت أحداً وهي تقول: ما فعل برسول الله؟ فاستقبلها من يخبرها باستشهاد ولدها وتبقى تقول: ما فعل برسول الله؟ طبعاً هي ليست غير مكترثة بولدها لكن هدفها وأملها وعيونها متعلقة بالهدف الأسمى، فيأتيها آخر فيقول: استشهد زوجك وتقول ما فعل برسول الله؟ ويأتيها ثالث ويقول: لقد استشهد أخوك، وتقول: ما فعل برسول الله؟ وتأتي لتكحل عيناها برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي يرزق، فتنظر إليه وتدمع عيناها، إنها دموع الإيمان والوفاء والدين لصاحب هذه الرسالة إنها دموع الحب والتضحية تنظر رسول الله وتقول: كل مصيبة بعدك جلل ولا أبالي إذا سلمت من هلك.
 ذكرتنا هذه المرأة بالخنساء التي استقبلت أولادها الأربعة شهداء، فما زادت عن أن قالت:" الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم جميعاً وأرجو الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته" وذكرتنا هذه المرأة بأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما جاء ولدها عبد الله بن الزبير يقول لها: " يا أماه أنا لا أخاف من القتل، ولكنهم لؤماء أخاف إن قتلوني أن يمثلوا بي قالت: يا بني اذهب فإن الشاة إذا ذبحت لا يضرها السلخ بعد الذبح" هذه أمهات المسلمين.

التضحية بالنفس من صلب الشهادة :

 ثم قلت: زهرة ندية، وغصن بان غض، وقطرة ندى في فجر يوم ربيعي، فتاة صغيرة تربط الحزام الناسف على الخاصرة الفتية تغطيه بثوب الإباء، ورفض الضيم، وتتسلل من بين طوابير المدججين بالسلاح من مجرمي العدو، تنسل مودعة الأرض بأخمص قدميها، ثائرة وبكل ثقة إلى حيث الموت والتمزيق، رافضة إتاحة الفرصة للعاطفة والذكريات ولضربات القلب أن تعبث بخطواتها المتروية الثائرة إلى النهاية التي تقطعها عن كل صلة بهذا العيش، بأمانيها، بأحلامها، بأمها، بأبيها، بإخوتها وأخواتها، وصديقاتها، وحبيباتها، وحديقتها، ولعبتها، وفي آخر لحظة مثل يحتذى وقدوة خالدة قائلة لأمها: غداً يأتيك خطاب لي، فقالت لمن بعدها، لأصحاب الجنود السمر والعضلات المفتولة: أليس عاراً وفضيحة وذبحاً للرجولة أن تنهض طفلة بريئة وادعة، نظرت للموقف بعين جرأتها من كل أنانية وطمع، فقدرت أنه لا بد من عمل شيء من أجل هذه الأمة ودينها، وكأنها تقول للكرام من أحرار أمتها وعظمائها: هذا هو لحمي وعظمي وعصبي ودمي وخصلات شعري أجعله لساناً يغطي القاعدين عن البذل، المؤثرين للراحة.
 أيها الأخوة: ثم ذكرت أكثر من خمسين دليلاً شرعياً على صحة استشهاد هؤلاء الأطفال، لأن هناك من يشكك في استشهادهم ويتهمهم بأنه بوق للاستعمار، يقول: هؤلاء منتحرون، والبارحة سفير المملكة العربية السعودية في بريطانيا ألّف قصيدة وذكر فيها استشهادهم فقامت القيامة واستدعي هذا السفير السعودي ووجه له احتجاج كيف تقول: هذا شهيد؟ فذكرت بعدها أكثر من خمسة عشر دليلاً من السنة الصحيحة على أن هذا العمل هو من صلب الشهادة.

قيمة العمل الاستشهادي :

 البارحة يوم الجمعة كما قلت سألني أخ هل يمكن أن نصوم يوم الاثنين من أجل الانتفاضة كمجموع مسلمين مقصرين شاردين؟ قلت له: طالب لم يدرس ولا كلمة ولا حرف ولا فتح كتاب الامتحان بعد يوم واحد اقترح عليه أن يقرأ الفاتحة لينجح، قال الثاني: قبّل يد أمك ينجحك الله، قال الثالث: خذ أسبرين، هذا كله كلام مضحك، الخطأ الكبير مضى عليه تسعة أشهر ولم يفتح كتاباً لا يصحح في دقيقة، والآن التصحيح لا يتم بيومين أو ثلاثة بل بمئة سنة قادمة وخمسين سنة قادمة هكذا ذكرت.
 قلت: إن الحديث عن القوة النابعة من الضعف ليس دعوة إلى الرضا بالضعف أو السكوت عليه، بل هو دعوة لاستشعار القوة حتى في حالة الضعف، فيجب أن نبحث في كل مظنة ضعف عن سبب قوة، ولو أخلص المسلمون في طلب ذلك لوجدوه، ولصار الضعف قوة، لأن الضعف ينطوي على قوة مستورة يؤيدها الله في حفظه ورعايته، فإذا قوة الضعيف تهد الجبال وتدق الحصون.
 والله أعجبتني كلمة لا أنساها: أنت قوي وهذا سرّ ضعفك، أنا ضعيف وهذا سر قوتك، الضعفاء إذا كشفوا مكان القوة في ضعفهم أصبحوا أقوياء كما جرى في فلسطين، شاب لا يملك شيئاً ، صنع حزاماً ناسفاً هو عبارة عن كحل وزيت كاز، أشياء بسيطة جداً تطير السيارة كلها وسقفها، مطعم تقريباً تشوه كله فلأنه ضعيف هذا سر قوته، ولأن القوي قوي فهذا سر حمقه وغبائه، والإنسان حينما يكون قوياً يفقده الله الحكمة، ثم ذكرت هذين البيتين:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنــا  لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه  فنحورنا بدمائنا تتخضــــــــــب
***

أعداؤنا حربهم حرب إبادة و ليس مكافحة إرهاب :

 ذكرت البارحة موضوع المقاطعة وموضوع أبواب الجهاد المتاحة لكل مسلم خارج فلسطين دون أن يحرج أحداً، أربعة أبواب أو خمسة متاحة له، لكن سأذكر لكم ما صرح به شارون في عام 1982 يقول هذا الوحش الثور الهائج: إنه لن يكون أفضل من ترومان الذي قتل نصف مليون ياباني بقنبلتين جميلتين، ربما سيكرهني العالم وسيخشاني بدلاً من أن أشتكي إليه، ربما يخاف من ضرباتي الجنونية بدلاً من أن يعجب بروحي الجميلة، وليرتجف مني وليعامل بلدي كبلد المجانين، وليقل إننا متوحشون، ونمثل خطر الموت في جميع الجيران، وإننا جميعاً غير أسوياء، ونستطيع أن نغمس أزمة فظيعة إذا قتل طفل منا، ونفجر بسبب ذلك آبار البترول في جميع الشرق الأوسط، هذا تصريح شارون عام 1982 قبل عشرين سنة يجب أن نعرف كيف يفكر أعداؤنا.
 مندوب صحيفة هي واحدة من أشهر ثلاث صحف يدعم أعداءنا يقول: لا توجد قيم ولا أخلاق وإنما هي القوة، والقوة وحدها ومنذ خمسة آلاف سنة والقوي يفرض ما يريد، وكلما أمعن بالقوة كسب أكثر، فنحن حينما استأصلنا الهنود الحمر، والإنجليز حينما استأصلوا سكان أستراليا الأصليين، نجحنا في حسم المعركة، أما البيض في جنوب أفريقيا حينما كانوا أرحم منا بالسود ولم يستأصلوهم بالكلية فانقلبوا عليهم وانتصروا في النهاية، فحربهم حرب إبادة وليست حرب مكافحة إرهاب.

إتقان العمل و إعداد القوة المتاحة سببا النصر :

 ثم ذكرت أهم ما في الخطبة: هؤلاء الأعداء الأقارب اليهود والأباعد أميركا، حققوا شروطاً صعبة جداً بنوا بها قوتهم خلال مئات السنين، فملوا بسبب قوتهم إرادتهم وثقافتهم على بقية الشعوب، أزياؤنا وفضائياتنا وأخبارنا والإنترنت هذا كله من عندهم، فأملوا بسبب قوتهم وثقافتهم على بقية الشعوب، فأفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، البنتاغون قصفوها وهوليوود أفسدوها، ونحن المسلمون ينبغي علينا من خلال الأمر القرآني أن نعد لهم كل ما نستطيع من قوة بمفهوم القوة الواسع، أسرنا ينبغي أن تكون متماسكة، وأمهاتنا ينبغي أن يتفرغن لتربية أولادهن، طالبنا ينبغي أن يتفوق، معلمنا ينبغي أن يحمل رسالة سامية يسعى إلى تحقيقها، عالمنا ينبغي أن يتقن، فلاحنا ينبغي أن يرتبط بأرضه ليزرعها، موظفنا ينبغي أن نعطيه حقه وعليه أن يتفانى في خدمة دافعي الضرائب، قاضينا ينبغي أن يعدل، عالمنا ينبغي أن يؤثر خدمة أمته على البقاء بأميركا، داعيتنا ينبغي أن ينصح لا أن يمدح، ضابطنا ينبغي أن يوقن أن حربه مع اليهود قادمة، وأن كل حديثهم عن السلام كذب ومراوغة وكسب للوقت هذه الحقيقة.
 الآن: أرضنا ينبغي أن تستصلح، مياهنا ينبغي أن يرشد استهلاكها، ثرواتنا ينبغي ان تستخرج، مصانعنا ينبغي أن تتطور، هذا الجهاد الحقيقي لبعد خمسين سنة، وهذا لن يكون إلا بالإيمان بالله الذي يحملنا على طاعته، والإيمان باليوم الآخر الذي يحملنا على ألا نظلم بعضنا بعضاً، وأن نطلب جزاء جهدنا وجهادنا في الجنة، هذا نوع من الجهاد لا تقطف ثماره عاجلاً بل آجلاً، وإذا قلنا لطالب من طلابنا: واصل دراستك وتفوق وخطط لسنوات قادمة كي تكون شيئاً مذكوراً في حياة الأمة ومستقبلها لاستثقل هذا، وآثر سماع الأخبار، وأن يكون منفعلاً لا فاعلاً.
 إن بعض الاندفاع قد يضاعف المعاناة بدلاً من أن يحلها، والغفلة عن المستقبل تجعلنا مشغولين أبداً بإطفاء الحرائق هنا وهناك عن العمل الجاد الذي يخفف المعاناة عن الأجيال اللاحقة، علاج الجرح المفتوح على أهليته يجب ألا ينسينا التفكير في مستقبل أجيالنا، كل حياتنا ردود أفعال، لكن لا يوجد عندنا تخطيط لفعل نحن نبدأ به، فكل أعمالنا إطفاء حرائق، لكن لا يوجد عمل مخطط له للمستقبل.

حاجة الأمة إلى كوادر من الكفاءة و الإخلاص :

 الآن: ربما يكون إعداد مجموعة من المواطنين إعداداً إيمانياً وخلقياً وعفوياً واجتماعياً ونفسياً وسلوكياً أعظم عمل نقوم به الآن، فالأمة تحتاج لكوادر على مستوى عال من الكفاءة والإخلاص، مجموع هؤلاء الكوادر بمستوى عال يحقق قوة للأمة، هذا الذي رأيته مناسباً أن يلقى، رفع المعاناة عن الأمة بأكملها بفعل واحد هو الله، أما أنت فاختر موقعاً وصب خبراتك فيه، إذا لم يخطط كل منا، هذا يتقن عمله، وهذا يحسن صناعته، وهذا يستصلح أرضه، وهذا يوفر بالمياه، إذا لم يكن عندنا هذه الروح الجماعية بالتعاون فالأمر خطير، يبقى عملنا كله إطفاء حرائق وردود أفعال.
آخر شيء أقوله: عندما هدمت الأندلس ما فعل بأهلها؟ كما يفعل الآن بفلسطين تماماً، يوجد شاعر اسمه أبو البقاء الرندي هذه القصيدة تعد من الأدب العالمي مترجمة إلى أربع عشرة لغة من بعض أبياتها يخاطب المشارقة:

يا راكبين عتـاق الخيل ضـامر ة كأنـها فـي مجـال السبق عقبــــــــان
وحاملين سيوف الهـند مرهـفة  كأنها فـي ظلام النـقع نـيـــــــــــــــران
وراتعين وراء البحر فـي دعـة  لهـم بأوطـانهم عـــــز وســـلطــــــــان
أعنـدكم نـبأ مـن أهل أندلـــس  فقـد سرى بـحديث القوم ركـبـــــــان
كـم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
فلو تراهم حيارى لا دلـيل لـهم  عليهم فـي ثـيـــــــــــــاب الـذل ألـوان
ويـا رب أم وطفل حيـل بينهما  كـمـا تـفــــــــــــــــــــرق أرواح وأبــدان
وطفلة مثل حسـن الشـمس إذ  طلعــت كأنما هي ياقوت ومـرجان
يقودها العلج للمكروه مكرهــــــة  والعين بـاكية والقلب حيـــــــــــــــــران
لمثل هذا يذوب القلب من كـمد  إن كان في القلـب إسلام وإيمان
***

 هذا حصل في جنين طفل لا يعرف أين أمه !
 الأندلس فلسطين العرب الأولى، هذه فلسطين أندلس العرب الثانية، ونرجو ألا تكون ثالثة.

 

تحميل النص

إخفاء الصور