وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - موضوعات مختصرة : 34 - الاستخارة لله وشروطها
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الدّين هو الكتاب و ما صحّ من السنة :

 أيها الأخوة، هناك أشياء ابتدعت في الدين ليس لها أصل فيه؛ من هذه البدع أن يستخير واحد بواحد؛ النبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن نستخير بأنفسنا، والاستخارة كما تعلمون ركعتان ودعاء؛ ولكن من خلال هذا الدعاء يتضح أن جواب الاستخارة ليس في آية تقرأها من كتاب الله؛ تفتح المصحف تجد آية هي الجواب، كلا، وليس مناماً تراه، إنما من خلال دعاء الاستخارة: " اللهم إن كان في هذا الأمر صلاح لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فيسره لي" فالجواب هو التيسير.
 وقعت تحت يدي قصة أو مشكلة؛ أن إنساناً لا ينجب؛ تزوج فتاة، ولما علمت زوجته أنه لا ينجب طلبت الطلاق فطلقها، و تزوج امرأة لها ثلاثة أولاد، وقبلت أن يكون عقيماً، ثم فوجئ أن بهذه المرأة ولد – حمل- جاء بمصحف وجعلها تقسم عليه بأن هذا ولده؛ فأقسمت وعدها كرامة له، وفتح المصحف وإذا بالصفحة الآية:

﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم﴾

[سورة الصافات:101]

 اطمأن؛ معنى ذلك أن زوجته أنجبت خلاف التقارير وخلاف كل شيء....إلخ، لها صديقة بعد شهر اختلفت معها؛ فوشت لزوجها أن هذا الولد الذي أنجبته ليس منه، فلما أرى: "فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ" أهذا هو رد الله عز وجل؟! لا. فأنا أتمنى ألا يقع الإنسان تحت وهم، النبي قال:

((فإن كان كذا وكذا - يسمي الأمر باسمه - خيراً في ديني ومعيشتي، وخيراً لي في عاقبة أمري، وخيراً لي في الأمور كلها فاقدره لي وبارك لي فيه، وإن كأن غير ذلك خيراً لي فاقدر لي الخير حيث كان ورضني به))

[ الطبراني عن عبد الله بن عمر]

 فالتيسير هو الرد الإلهي؛ لا منام ولا مصحف ولا آية؛ هذه بدع ما أنزل الله بها من سلطان. حديث لا أصل له: "من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة في قلبه، و أجراها الله على لسانه" فيأتي إنسان صدق الحديث الموضوع؛ يصوم أربعين يوماً، يصلي قيام ليل...لا يجد شيئاً، يشك في الدين كله؛ بما أن الدين من أصل نقل، أخطر ما في النقل صحة النقل؛ لذلك أتمنى على كل مسلم أن يعتمد الكتاب وما صح من السنة ـ هذا هو الدين ـ وأي حديث ضعيف أو موضوع يسبب إشكالات لا تنتهي، أي أخطر شيء في الدين النقل، لأنه هو نقل؛ أخطر شيء في النقل الصحة، مثلاً لو إنسان كلفك بإجراء ؛ وأعطاك أوامر صرف؛ قال لك: أعط فلاناً مليوناً ووقع؛ من حقك أن تتأكد من توقيعه، إن لم يكن توقيعه لا يعترف عليك، راح منك المبلغ؛ فلذلك من حقك التأكد من التوقيع، وأنت كمسلم من حقك أن تتأكد من صحة النص.
 " كل الناس هلكى إلا العالمون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم" هذا الحديث ليس له أصل؛ هذا للتيئيس، لأنه لم يعد هناك أمان، للتيئيس: " كل الناس هلكى إلا العالمون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم"، فيجب أن نحذر.

 

على الإنسان ألا يقبل شيئاً بدون دليل :

 إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، ابن عمر دينك دينك، إنه لحمك و دمك، خذ عن الذين استقاموا، و لا تأخذ عن الذين مالوا.
 عود نفسك ألا تقبل شيئاً إلا بالدليل، وألا ترفض شيئاً إلا بالدليل. لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، إن كنت ناقلاً فالصحة، متبعاً فالدليل.
 النبي عليه الصلاة والسلام علمنا:

(( بعثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة، واستعملَ عليهم رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يُطيعوه، فغضب، فقال: أليس أَمَرَكُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تُطيعوني ؟ قالوا: بلى، قال: فَاجْمَعوا حطبا، فجمعوا، قال: أَوْقِدُوا نارا، فأوقَدُوها فقال: ادخلوها، فَهَمُّوا، وجعل بعضُهم يمسك بعضا، ويقولون: فَرَرْنا إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من النار، فما زالوا حتى خَمَدَتِ النارُ، فسكن غضبُه، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إِلى يوم القيامة، الطاعةُ في المعروف))

[ متفق عليه عن علي بن أبي طالب ]

 فالعقل لا يعطل أبداً، أجرىf b i تجربة في أمريكا؛ إنسان له دعوة دينية؛ له أتباع - الآن لا أذكر عددهم قد يكونون خمسة وخمسين أو خمسمئة وخمس - عاشوا بمكان، أعطاهم أمراً أن ينتحروا فانتحروا جميعاً - قصة مشهورة - انتحروا جميعاً؛ هذا ليس توجيه الله عز وجل؛ توجيه الله:

﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾

[سورة الممتحنة:12 ]

 دقق...النبي سيد الخلق وحبيب الحق، المعصوم الموحى إليه، معصيته مقيدة بالمعروف، "وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ" إنسان لا يحب اليقطين؛ والنبي كأن يحب اليقطين؛ هل نقول: إنه أذنب؟ لا؛ هذا ليس له علاقة بالتشريع أبداً، أما قال لك: اصدق؛ هذا تشريع، لا تأكل الربا؛ تشريع، غض بصرك؛ تشريع، فحتى النبي المعصوم بأقواله، وأفعاله، وإقراره؛ طاعته مقيدة بالمعروف، والمعروف ما عرفته الفطر بطبيعتها؛ لذلك يجب على كل داعية أن يهيئ إخوانه على الدليل، وأقوى دليل على ذلك:

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أنا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

[سورة يوسف:107]

الحق لا يعرف بالرجال بل الرجال يعرفون بالحق :

 إذاً من يتبع النبي يدعو على بصيرة؛ والبصيرة - كما قال العلماء - الدليل والتعليل؛ فوطن نفسك ألا تقبل شيئاً إلا بالدليل، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل، أما الفيصل في هذا الموضوع فقول سيدنا علي: "نحن نعرف الرجال بالحق".
 العكس غير صحيح، يقول لك: كنت مرة في جلسة فلان قال: كذا و كذا، ولو قال فلان مهما كانت مكانته كبيرة، ما جاءنا عن صاحب هذه القبة الخضراء فعلى العين والرأس، وما جاءنا عن سواه فنحن رجال وهم رجال، كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه، إلا صاحب القبة الخضراء لأن الوحي معه، ومعصوم، وما سوى ذلك ـ افتح نهج البلاغة تقرأ: المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها، هذا ليس كلام سيدنا علي، أبداً...غير مقبول والله عز وجل قال:

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾

[سورة البقرة:201]

 قال علماء التفسير: المرأة الصالحة كلها حسنة؛ هذا توجيه القرآن؛ اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها، يعدل الجهاد في سبيل الله:

(( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن نصبوا أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك ؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك وقليل منكن من يفعله ))

[البزار وفيه رشدين بن كريب عن عبد الله بن عباس]

 هذا توجيه النبي.
 إذاً العقل لا يعطل، الحق لا يعرف بالرجال، الرجال يعرفون بالحق؛ الأصل هو الحق وليس الرجال، فإذا إنسان تبرمج أن سؤال فلان صح فهذه برمجة خاطئة؛ هل يوجد أشد ورعاً من سيدنا الصديق؟ قال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ، أي راقبوني؛ ما دمت على المنهج أطيعوني، فإن حدت عن المنهج لا تطيعوني: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم .

 

تحميل النص

إخفاء الصور