وضع داكن
26-04-2024
Logo
رحلة أمريكا 3 - المحاضرة : 01 - مؤتمر المايا - الإعجاز اللغوي في القرآن1 - مؤتمر الشباب المسلم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
ثم أما بعد..
فيسعدني كثيراً أن أجلس مجلس الطالب والمتعلم بين يدي أستاذٍ جليل، الأستاذ محمد النابلسي، وهو يستعيد رَوْنَق اللغة وبهاءها في النفس، عندما يستمع إلى هذا العمق إلى لغةٍ لم تكن لغةً حسابية تخاطب العقل فقط، وإنما لغةٌ تخاطب العقل إقناعا، وتخاطب القلب إمتاعا، فجمعت في اللحظة الواحدة التي تريد أن تفهم فيها معنىً، تفهم المعنى عقلاً، فتُقْنَع بهذه المعاني، ثم تُمْتَعُ من داخل هذا السياج نفسه، تلكم لغة القرآن..

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)﴾

(سورة يوسف )

﴿ قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾

(سورة الزمر: آية " 28 " )

هذه اللغة ما اختارها اللغة ما اختارها الله اعتباطاً أن تكون لغة كتابه الخَالِد، الذي سيتحدَّى به المسلمون، العالم كله..

﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)﴾

(سورة الإسراء )

وبُلغاء وفصحاء العرب، جلسوا وحاولوا، وكما يقول العلماء: بذلوا النفس والمال دفاعاً عن كفرهم، وأمامهم التحدي أن يكون إسقاط قوة اللغة وبهاءها في نظم القرآن سبيلاً أيسر، ولكنهم ما استطاعوا مع اعترافهم: " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاُ لمثمر، وإن أسفله لمُغْدِق، وإنه يعلو ولا يُعلا عليه ".
إذاً القرآن الكريم يتميز عن كل لغات العالم، وهناك أستاذ متخصص في عِلْم اللغات من جنوب أفريقيا، لغته الأولى التي تربَّى عليها هي اللغة الإنكليزية، ويتحدث الآن ثمانِ لغات بطلاقة، يقول: إنك لا تستطيع أن تُعادل أبداً اللغة العربية بأيَّةِ لغةٍ في العالم. اللغة العربية إذا أردت أن تقيسها لا بد أن تدخل الموسيقى، فهي لغةٌ موسيقية، فيها رونق، فيها رَوْعة، هذه الموسيقى التي تقنع وتمتع، تدخل المعنى من خلال سياجٍ رائعٍ رائقٍ، لا تَمْلِكُ إلا أن تستشعر أن انفعالاً كاملاً يغير من شأنك.
حتى قبل الإسلام، عندما كان يذهب الشاعر وليست عنده عائلة، ومسائل العائلات في الجزيرة العربية وكبَرها، كانت هذه المسائل في غاية الأهمية، حتى تُحمى هذه المرأة، أن يُغار عليها، وأن تُسْتَبى، وأن تصير من الإيماء، فكانت هذه المسألة في غاية الأهمية، والشاعر يذهب ويُسْأل عن عائلته وعددها فيقول: إنها أعداد قليلة. فلما وجد آنفةً أنشد الشعر وقال:

تُعَـيِّرُنا أن قـليلٌ عـددنا فقلت لها إن الكرام قليل
* * *

هل أنت يهمك كثرة العدد ؟! المهم أنكِ أمام قومٍ كرام.
وما ضـرنا أن جـارنا عزيزٌ وجار الأكثرين ذليل
* * *

ليس نحن فقط في مَنَعَة وعِزَّة، وجارنا أيضاً إذا سكن بجوارنا لا يستطيع أحدٌ أن يَغير عليه، فيأخذ موافقة على هذا الكلام، شخصٌ آخر. يذهب فيخطِب امرأة فلا يجد، أو لا يجد سبيلاً إلى مالٍ كثير، فيقف ويُنْشِد، وهو امرؤ القيس:

ولو أن ما أسـعى لأدنـى معيـشةٍ كفاني ولم أطلب قليلٌ من المالٍ
ولكن ما أســــعى لـمجدٍ مؤثِّلٍ وقد يدرك المجـد المُؤثَّل أمثالي
* * *

جاء القرآن في هذه البيئة ليحمل أحسن وأفضل الخصائص، التي تجعل اللغة تصل إلى القلب، لينفعل الإنسان بقلبه وعقله، لا تكون المسألة رياضية حسابية لا تحرك المشاعر، ولذلك المسلمون يستمعون القرآن، فيتحركون على الفور في الواقع، لأنك عندما تعطي معنىً عقلياً، يبقى القلب غير منفعلٍ بما اقتنع به العقل، أطباء كثيرون يقتنعون أن التدخين حرام، التدخين مُضر، ولكنه لا يستطيع، لأن المشاعر في جانب، والعقل في جانبٍ آخر.
فالإقناع والإمتاع لغة العرب جميعاً، والقرآن جاء في أعلى صورة من هذا الإقناع والإمتاع. في قضية الإمتاع حتى في أحكام التجويد نفسها، وأستاذنا تحدَّث جزاه الله خيراً عن الحرف وعن النظم وغيره، حتى في السياق في طريقة الأداء، في قضية التجويد، عندما تقول:

﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)﴾

(سورة التين )

تختلف تماماً عن أن تقول: والطين والزيتون. الطين أصبحت عَكَّة، أصبحت مشكلة..

﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)﴾

(سورة الضحى )

الرضا.

﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)﴾

(سورة طه )

" فتردى بالدال " من التردي، " ترضى بالضاد " من الرقي والسمو، حتى في هذا التفخيم، ولذلك لما شخص يكون اسمه خَالِد (الخاء مفخَّمة ) ونأتي نحن في لغتنا، وأنتم تعرفون، مما أصاب اللغة الترقيق في كل شيء، يقول لك:
ـ " صباح الخير " ( بترقيق الصاد مع نطقها كحرف السين )، أي صباح ( بترقيق الصاد مع نطقها كحرف السين ) هذا وأي بتاع ؟
ـ أو تظهر المذيعة على الناس وتقول: سباح الخير، ربنا يسعد مساكم أو " سباحكم " ( بترقيق الصاد ونطقها كحرف السين )، سباح إيه يا ناس ؟
ـ فلما نقول: خَالد ( بتفخيم الخاء )، تعطي له قوة، خالد، فيه عظمة، بينما يا خَالد ( بترقيق الخاء )، أضعفت الولد وأضعفت مكانته الأدبية.
ـ يقول لك: " أميرة " ( بترقيق الراء )، أي أميرة هذه ؟ هذه ضعيفة جداً " أميرة " ( بتفخيم الراء )، يا أميرة ( بتفخيم الراء ) هذه تعطي روح أخرى، روح للكلمة.
ـ وهم فيها يصترخون ( بتفخيم الصاد )، لو شخص قال: وهم فيها يصترخون ( يسترخون بترقيق الصاد وقلبها إلى سين )، تبقى مثل الفئران التي تصوص، إنما يصترخون، قومٌ قد اكتووا بهذه النار، وبأقصى ما عندهم، صيغة الافتعال، وهي أقوى هذه الصيغة، التفخيم، والترقيق، والقلقة.

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)﴾

(سورة البروج )

بينما واحد يقول: إن بطش ( بقلب الطاء تاء ) ربك لشديد، أو إن ( بط ش ) ( أي مع عدم قلقلة حرف الطاء ) ربك لشديد، بطش ( بقلقلة وتفخيم الطاء ) أعطت رجَّة شديدة تحدث إذا أراد الله أمراً كان..

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)﴾

(سورة البروج )

إنه هو يبدي ( مع قلقلة الباء ) ويعيد، غير يُبدي ( مع عدم قلقلة الباء ) ويعيد رهيفة جداً، فاللغة في القرآن الكريم، حتى بأحكام التجويد تعطي إضافة كثيرة جداً للمعنى، عندما تقرأ:

﴿ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾

 

( سورة الإسراء: آية " 20 " )

لما تقرأها:

﴿ كُلا نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا(20)﴾

( سورة الإسراء)

تختلف تماماً عن أن تمد الكلمة، وتمد بها صوتك، هذا المد يُعطي فسحة للعطاء، ويعطي فسحة للامتداد، لما نقرأها بالتجويد كالآتي:

﴿ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20)﴾

(سورة الإسراء)

مِنْ عَطَاءِ ( مع المد للألف مد لازم ) رَبِّكَ، في فوضات، تعيش في أحلام هذا العطاء الرباني الواسع، الكثير، لكن عندما تأخذه عطاء سريع، لا تستشعر قيمة هذا العطاء، هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ ( مع المد للألف مد لازم ) أزمان وأجناس وأعداد كثيرة من الناس، غير ما أن تقول هؤلاء وهؤلاء ( بدون المد للألف مد لازم )، ما وجدت فرصة أن تنظر إلى هؤلاء، فالنص طريقة النَغَم.
في قضية المد، أيضاً المد العارض للسكون، لما شخص يقرأ ويقول:

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)﴾

(سورة الفاتحة )

هذه شغلة غير مقبولة أبداً، أن تقولها مرة طويلة، ومرة قصيرة، لكنك هي تأخذها حركتين، المد العارض للسكون وتمشي به، يا أربعة، يا إما ستة، لأنه في نظم، في إمتاع في المعنى وأنت تسمع، فيجب أن تكون القراءة واحدة اختيارٌ من هذه الاختيارات:

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)﴾

(سورة الفاتحة )

( مد عارض ست حركات ) هنا يوجد نَسَق، في روح في الوقفات التي تعطي المعنى.
ولذلك لما أحد الشعراء يلقي بيتاً، ويحتار من يقرأه، لأنه لا يستمع وإنما يقرأ فقط من الكُتب.

لا يكون العيرُ مُهْرَاً لا يكون المُهْرُ مُهْرُ
* * *

وجاء الأدباء يفسرون هذا اللغز، فالبيت في خطأ مزدوج، هذا الخطأ المزدوج هو: لا يكون المهر مهرُ. خطأ في اللغة، لا يكون المهر مهراً، وبعد ذلك، من حيث النحو والقواعد، لكن من حيث المعنى يصبح: لا يكون المهر مهر، ماذا سيصبح إذاً ؟ لو نفترض أن جعلناه مهراً، إذاً سيبقى ماذا ؟ فهنا المعنى ارتبك، وروح البيت ارتبك، فالأصمعي قال لهم: المسألة ليست كذلك..

لا يكون العيرُ مهراً لا يكون، المهر مهرُ

رأيت المعنى أصبح: الراجل راجل.

لا يكون العير مهراً لا يكون، المهر مهرُ

فالشاعر الأصمعي قال: يا أمير المؤمنين ما استأنف ولكنه أكَّد، هو لم يبدأ بجملة كبيرة عند شطر البيت، لأن الأبيات متقطعة، قال لك: ما دامت الأبيات متقطعة، هذا نص أولاني وهذا نصٌ ثاني، قال له: لا، أنه هو أنه لم يحكم في طريقة حتى الإلقاء، فأكد الجملة الأولى بـ (لا يكون ) الثانية، ثم استأنف الجملة الجديد وبطريقة إلقاء جديدة.
اللغة تحمل بهذا السياق الذي يسمونه النبر والتنغيم في اللغة، أن كلمة واحدة تعطي معانٍ عديدة جداً، شخص يقف ينشد أو يقول شيء كمعنى طيب فتقول له:
ـ يا ولد، يا ولد. ( يقولها بنبرة إعجاب وصوت خفيض ).
ـ أما ابنك يفعل شيئاً فتزعل وتقول له: يا ولد. ( بغضب وصوت مرتفع ). لما تقرأها فقط لا تحس بها، لما تقرأ كلمة يا ولد، لم تحمل هذا المعنى.
ـ وأيضاً لما تضع الأكل وتريد أن تناديه تقول له: يا ولد. ( بصيغة الأمر ) تختلف.
فهي نفس السياق، هي نفس الكلمة، ولكن النبر والتنغيم غيَّر من هذا المعنى، ولذلك كانت القصائد العربية لأنها تثير العقل والوجدان معاً، كان في قصائد تغيِّر من مجرى كثير من الأمور، قصيدة أبو إسحاق الإلبيري التي قالها إلى ابن باديس في غرناطة، إشبيلية في الأندلس، لما تداخل اليهود معهم وصاروا يحتلّون المناصب الكبيرة والعظيمة، في هذه الأماكن، فكتب قصيدة، وراعى أن تكون بسيطة في ألفاظها، بحيث يستطيع أن يتحمَّلها كل أبناء الأمة الإسلامية:

 

ألا قل لصنهاجة أجمعين بدور الندى وأُسد العرين
لـقـد زل ســـــيـدكم زلَّـةً تقرَّ بها أعين الشـــامتين
تـخيَّـر كاتبه كـافـراً ولو شــاء كان من المسـلمين

 

 

ـ الكاتب هو الوزير.

 

 


فعـز اليهـود به وانتخـوا وتاهوا وكانوا من الأرذلين
فهلا اقتدى فيهموا بالأولى مـن القـادة الخيرة المتـقيـن
وأنزلهم حيث يســتأهلون وردَّهمموا أســـفل السافلين
وطافـوا عليـنا بأخـراجهم عـليهم صغـارٌ وذلٌ وهـون
و قَـمّـوا الـمـزابـل عـن خـرقةٍ ملوثةٍ لدثار الدفين

أباديس..

أباديس أنت امرئٌ حازق تصيب بظـنك نفــس الـيقين
فكيف اختفت عنك أعيانهم وفي الأرض تطرب منك القرون؟
وكيـف يتم لك المرتـقى إذا كنـت تبني وهم يهدمـون ؟
وكيف تحب فراخ الزنا وهم بغَّضـوك إلى العـالمين ؟
* * *

 

قصيدة لها تتمة، ولها بقية ولكن لا يوجد وقت لسردها، القصيدة حوالي خمسين بيتاً، ما إن سمعها الناس جميعاً حتى أقامت ثورة على استعباد اليهود للمسلمين، وحرَّكت جيوشاً كاملة.
لكن الآن لأنه لم تعد هناك لغة، وذلك بضرب اللغة العربية في واقعنا المعاصر ومن ضرب القرآن الكريم، وهذه خطط عقدت لها اجتماعات، وهناك اجتماع تم سنة 1906 قالوا
نحن لم نستطع أن نحرف القرآن رغم المحاولات المُضنية، لكن لا يكن المخطط الذي عقدوه في القاهرة سنة 1906، مؤسسات تبشيرية ألا يفهم الناس القرآن الكريم، دعوهم يقرءوه، مباني، ألفاظ، ولكنهم لا يفهمونه ولا يتذوَّقونه، فأصبح القرآن يتلى ولا يستشعر الناس هذه المعاني.
اللغة نسق، نسق رائع، لابد من أن تعلمه، وأن نحس بدقائق هذه اللغة، وأفلاطون كان يقول: من لا علم له باللغة الرومانية ليس رومانياً. فهي لغة انتماء، اللغة العربية، إنما العربية اللسان، أن تكون لك لغة تستطيع أن تواجه بها الناس وأن تعتز بها، الفرنسيون إذا حدثناهم باللغة الإنجليزية في فرنسا لا يجيبونك، ويمتعضون منك جداً، أما عندنا أي واحد يأتي ويرجع في البلاد، يصبح لسانه يعوج، وبعد ذلك يعملها بافتخار، يقول لك: ده ( ون وي )، وقاعد بوسط الناس جميعهم غلابة وفلاحين، ونشأ في بيئة عادية، قاعدين نحن مع بعض ونتكلم عن ما رأيك في رحلة العمرة، فواحد متحزلق شوية قال وهو في الناس وكلهم غلابة وفلاحين، بيئتنا البسيطة جداً فيقول: الطريق إلى المدينة ( فور ويز )، إنما الصراط ( فيري فاست )، قلت له ما هذه ( فيري فاست ) والناس كلهم غلابة، قل: أربع سكك والطريق مرتاح، فأصبح ليس عيباً، بل الواجب أن نتعلَّم لغات الآخرين، بل كل العيب أن نهمل لغتنا الأصلية، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً في انضاج هذه اللغة لنحس بمعاني القرآن ونفهمها.
والعرب، لما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ـ " قولوا كلمة تدين لكم بها العرب، وتملكون بها رقاب العجم ".
ـ قالوا: بل عشر كلمات نقولها.
ـ قال: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا.
ـ قالوا: أما هذه فلا نقولنها.
لا نقدر، لأنهم فاهمين معناها، وجاء قوم، يقول لك: واحد أحب واحدة ويريد أن يتزوج، يقول: أنت غير مسلم، الأصل أن تدخل الإسلام. طيب المطلوب: أن تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، اعتبر أنه قال كلمة لم تصل إلى عقلٍ ولا إلى قلب، وشاع الآن في أعلامنا أن يخرج على الشاشات، وأن يكتب في الجرائد والمجلات، وأن يحاضر ويخطب، أناس يكسرون المرفوع ويرفعون المجروه، ومعي كلمة في جريدة الزيتونة بعنوان " ولا عزاء لسيباويه " بقلم سناء:
" في مذبحة اللغة العربي استشهد الفاعل منصوباً بفتحةٍ طائشة، وسقط المفعول به مُضرَّجاً بالضمة الظاهرة، وفشلت كل جحافل حروف الجر في كسر شوكة ما بعدها من أسماء، واستسلم المبتدأ مُلقياً بسلاحه المرفوع، وفزع الخبر لما أصاب المبتدأ، فألقى هو الآخر بضمَّته وأعلن قبوله لكل التنازلات، أسوةٌ لما حدث للجانب الفلسطيني في مفاوضات ( واي بلانتش )، واستسلم الخبر بعد أن أوسعوه فتحاً وكسراً حتى سَكَنَ آخر الأمر، ولفظ أنفاسه الأخيرة، في مذبحة لغتنا العربية تشعَّبت عائلة " كان " بعد أن تعرضت هي وأخواتها لعدوانٍ بربريٍ على الطريقة الصربية، استهدفت شل حركتهن، ومنعهن من التصدّي لأي مبتدأٍ أو خبرٍ بالتغيير أو بالتبديل، وتم نزع كل صلاحيات " إن " وأخواتها، بعد أن تلقين تهديداً صارماً بعد الدخول على مبتدأٍ أو خبر، إلا بعد الاستئذان حرصاً على الفضيلة والأخلاق الحميدة، في مذبحة اللغة العربية أصبح الحال لا يسُر، وضاعت الضمائر بلا تمييز، ولم يعد جمع المُذَكَّر سالماً، وأصبح المبني للمجهول معلوماً للجميع، وقام نائبُ الفاعل بانقلابٍ أزاح فيه الفاعل عن منصبه، وأعرب المُنادى عن حصرته لأن أحد لم يستجب لندائه، وفشلت كل أدوات الاستفهام في الحصول على إجابةٍ شافيةٍ عن أسباب نشوب هذه المذبحة، أو موعد انتهائها، وأصبحت قواعد اللغة السليمة ممنوعة من الصرف، بعد أن تدهورت بها الظروف وأصبحت في موقفٍ يستدر العطف والشفقة ".
هذه الصورة التي آل إليها حالنا، وأكبت في واقعنا المعاصر استهزاء باللغة، أو الوصول إلى ما يسمَّى بشعر الحداثة بدون مؤهلات، هناك شاعر للحداثة في غاية الروعة، وإن كان بصراحة لا أدري رأي أستاذنا أنا لا يمتعني إلا الشعر العربي المُقَفَّى الموزون، هذا الشعر له روحه ورونقه وعطاؤه، وإن شاء الله اليوم في السمر مساءاً نعطيكم شيئاً من هذه الأشعار، لكن لما يأتي اليوم الذين يريدون أن يسموا أنفسهم شعراء يقول لك:

أدور دورتين دورتين وأمسك بيدي وردتين
* * *

يعني سوف يمسكها برجله ؟! كل واحد يمسك وردة.

وبعدين احرقيني مرتين مرتين
* * *

يا أخي روح احترق بعيد عني، هو الذي يتحرق مرة هل يبقى منه ماذا ليحترق مرة أخرى ؟ هو الفكرة أنه ليس عنده القدرة أن يجلب الوزن مُقفى موزون، فمشي على إيه:

احرقيني مرتين مرتين
وأمسك بيدي وردتين
* * *

ويدور...

ولا يلدغ مؤمن من جُحْرٍ مرتين
* * *

المشكلة هنا في أمريكا وسأختم كلامي: الذين جاءوا إلى هنا كان من أكبر ذوبان المسلمين في هذا المجتمع، وتبنيهم لمشروع اللغة الإنجليزية مع إهمالٍ كاملٍ للغة العربية، كان هذا أكبر نَسْفٍ لكل أمور الإصلاح التي يمكن أن تؤدَّى لنا ولأولادنا، لأن اللغة العربية، واللغات جميعاً، والأبحاث التي تقدَّم في هذا الجانب، تقول: أن أية لغة تحمل خصائصها العَقَدِيَّة، والأخلاقية، والثقافية، فاللغة ثقافة، والضغط الآن عن الصين أن تتخلى عن هذه اللغة المعقدة المصورة التي فيها أكثر من ثلاثة آلاف حرف. يقولون: هذه تمثل عقيدة وتراث، فإذا أنهيناها لم يعد لنا وجود.
والآن يأتي أولادنا ليقرءوا اللغة الإنجليزية، التي يتربَّى فيها الولد على أن الأب مُسَتِبُّد ومحتَكِر، الأم تبحث عن شهواتها وتتركه وحده، الأخ ينتزع بعض حقوقه، قضية النَفْعِيَّة والوصولية تتأصل من خلال أدبيَّات عديدة جداً.
ولذلك ينصح أحد خبراء اللغة الإنجليزية الباحثين اليهود، وينصح اليهود كلهم عامةً: ألا يدخلوا أولادهم أية مدارس إنجليزية حتى سن الثامنة، يتعلموا اللغة العبرية أولاً، حتى ينتموا إلى هذا المشروع العملاق ـ الصهيوني في أذهانهم ـ وقال: إن هذا الأمر ضرورة ليبقى أولاد اليهود يهوداً.
وطبقوا هذا في " بروكل " وفي أماكن أخرى، الولد إلى سن الثامنة لا يتكلم، ولا يستمع، ولا يتعامل إلا مع اللغة " العبرية " ثم بعد ذلك يدخل على اللغة الإنجليزية أو غيرها.
أولادنا لو كبروا يستطيعون أن يتعلموا اللغتين، لكن اللغة الإنجليزية تبقى لغة استعمال، واللغة العربية لغة انتماء واستعمال أيضاً، استعمال في تحصيل العلم والمعاملة اليومية، ولكن لغة الانتماء التي كان " جمني " يقول: أن أهجى باللغة العربية خيرٌ لي أن أمدح بغيرها.
أول وأحسن كتب وضعت في علم اللغة العربية " الكتاب لسيباويه" لم يكن عربياً، اعتزاز هؤلاء كان باللغة وهم أعاجم، نحن العرب طرحنا هذا جانباً.
النقطة الأخيرة: إنشاء المدارس الإسلامية، الأب والأم لا مناص أن يتحدثوا اللغة في البيت، إنشاء المدارس والحديث باللغة العربية، والاهتمام بمدرس اللغة العربية، يأتي مدرس " الماس، والساينس والسوشيال " كل هؤلاء متخصصين ومدرس في اللغة العربية، الأخت هذه تقدر تدرس لغة عربية، المهندسة أو طبيبة أو غيرها، وتنتهي المسألة، إلا أن الولد لا يسمع لغته، ولا شيء على الإطلاق، حتى حصة اللغة العربية تدرس على طريقة..
القط " كاتٌ "، والفأر " راتٌ "، والنهر يدعى عندهم " ريفر "
هذه الطريقة لا تعلّم أحدٌ، هذه الطريقة لا بد من أن يسمع اللغة بنسقها، بأوزانها، بشعرها، بنَبْرِها، بتنغيمها، أن يستلِذَّ بسماعها، آنئذٍ سنفهم القرآن جيداً، وسنفهم ديننا، كما أمر ربنا.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * *
ـ عريف الندوة:
بارك الله في الدكتور صلاح، الحقيقة هذا حديث شيقٌ آخر لا يُمَل.
وأيها الإخوة والأخوات الكرام... إذا كنا نحن في الحقيقة شهود عيان لمذبحة اللغة العربية، ولا أدري إن كنا في موقع الفاعل والمفعول به، لكن في الحقيقة نصف ما يمر به أبناؤنا، إذا أردت أن تعطي ابنك ليذهب إلى غرفة " الأوتيل "، تعطيه مفتاحاً، وإذا أردته أن يتعلم الإسلام فلابد أن تعطيه مفتاحاً، وهذا المِفتاح هو اللغة العربية، وكما أشار أخونا الدكتور صلاح إلى أهمية المدارس العربية وتعليم اللغة العربية لأطفالنا، والحقيقة مما يُدمي القلب ما نراه من تسيُّب في هذا الواجب الإسلامي الأصيل.
الحقيقة بعد كلام الله سبحانه وتعالى، فالقرآن ليس شعراً، والرسول صلى الله عليه وسلم ما علمه الله الشعر وما كان ينبغي له، ولكن من أبلغ ما قال البشر هو الشعر، والشعر العربي له مذاق خاص، والأخ خالد المَليكي إن شاء الله ينشدنا قصيدة قصيرة باللغة العربية.
* * *
ـ الأستاذ راتب:
فقط أحكي كلمة واحدة:
إخواننا الكرام... مرةً كنت ألقي شعراً حديثاً على طلاَّبي، فعطست فقلت لهم: لا علاقة لهذا العُطاس بالنص.
* * *
شعر من القاء الأخ: خالد المَليكي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد..
هناك قصيدة عن اللغة العربية، فقد أعجبت كثيراً بقصيدة الشاعر حافظ إبراهيم ـ رحمه الله ـ عن اللغة العربية، فكتبت قصيدة عن نفس الموضوع على نفس النهج، وسأقرأها، اسمحوا لي أن أقرأها من الديوان وهو متاح لمن أراد، القصيدة بعنوان:
اللغة الفصحى

أنا اللـغـة الـفـصحى يُراد مماتي مـن العجم الأعـدا فـأين حـماتـي
أقومي فهم في غفلة عـن رعايـتي فهـلاَّ حـموني واعتـنوا بحـيـاتي
يُريد العدا طمســـاً لكل معالـمي حـروفي وأشـكالي مـع الكـلمـاتِ
ولكن رب الخلق من هـو حـافظي وقرآنه المـحفـوظ فـيـه نجــاتي
كلام الإلـه الحـق أعـلى مكانـتي حُـفِظْتُ بمــا يحــويه مـن آيات
وألـبسني ثوباً جـديـداً وحـلـةً تـصدَّى لما لاقـيت مـن حمــلات
لقد خصَّني ربي بأســـنى مهمةٍ بحمل هـدى الـقـرآن لـلـدولات
وذاك لـميزاتي ومـقـدرة البقرة وما قد حـباني مـن جـميل صـفات
تعرَّضت للـتـحقير من كل حاقدٍ وســــدد نحـوي أعظم الطعنات
وحوربت من قبل الأعاجـم كـلهم لنحوي قادوا أفـظـع الـهـجمـات
فلم يـفـلحوا في كيـدهم لابادتي وخابت مســاعيـهم بفـضل ثبـاتي
بقيت مدى الأزمان شامخة البَنى علـى رغـم أنـف الحـاقدين عداتـي
* * *
أنا لـغة التـاريخ كـنـت قريـنةً له من قديمٍ كم ســـبقت لغاتي
وأنشأ قومي المسـلمون حـضارةً وقـدت مـسيرتها مدى السنواتِ
فكيف يلبي بعض أبناء جــلدتي لما قال ضدي الغرب من دعواتي؟
أما أدركت أبناء يَعْرُبَ قيـمتي وفضلي وما قدمت من خدماتي
حـرامٌ عليهم أن يُغَطّوا رونقي بخلطـي وألفـاظاً من اللهجات
أتركي وإهمالي جزاء منافـعي فكم فيهم أســديت من حـنات
بـهجرهـم إيايَ صار مثالهم كمن قابل الاحســان باللعنات
فيا قوم عودوا لي رجوعاً لدينكم تعيـدوا حضارتكم بلا عقبـاتِ
* * *

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزى الله خيراً الأخ ( خَالد الخاء مفخمة ) وليس ( خالد الخاء مرققة )، الحقيقة في سؤال موجه إلى الأخ الدكتور صلاح سلطان يقول: لقد نجحوا في إبعادنا عن لغتنا العربية الجميلة، وارتبطنا ارتباطاً شديداً باللغة العامية، نحاول جاهدين ألا نتحدث مع أولادنا باللغة الإنكليزية، ولكن ما الفائدة ؟ فالعامية ليست هي العربية، فبماذا تنصحنا حتى لا تضيع لغتنا نحن كعامة المسلمين ؟ وجزاك الله خيراً.
ـ الدكتور صلاح سلطان:
بسم الله الرحمن الرحيم
أول شيء: علينا أن نقرأ القرآن كثيراً، لأن قراءة القرآن هي التي تعطي للنَسَق اللغوي القدرة على الشعور بالخطأ وبالصواب في اللغة العادية، ونحن نعرف أناساً لم يدرسوا قواعد النحو أبداً، ولكنهم بحفظهم القرآن وقراءتهم للقرآن قراءةً كثيرةً مستمرة، نَسَق اللغة، صار عندهم تلقائياً وطبيعياً، فالبداية كل علوم اللغة العربية، كلها نشأت من أجل القرآن الكريم، فالقرآن كان هو المحور.
فلنبدأ نحن بقراءة القرآن لأنفسنا ومع أولادنا، الأسرة لابد من أن يكون لها مجلس أسبوعي يقرأ فيه القرآن، أسرة تخرج وتتفسح وتشتري أشياء كثيرة، وتجلس لتأكل وتشرب وتنام و.. وحياةً كاملة، لكنا استبعدنا القرآن بين الزوجين، بين الأسرة والأولاد، فأصبحت اللغة في معزلٍ عن الفهم والاستيعاب، فنحتاج، أولاً هذه أول خطوة.
الخطوة الثانية: فلنتحرَّك قدر الوسع، على المرء أن يسعى إلى الخير جُهْدَهُ، يحاول أن يتحدث اللغة الفصحى قدر وِسعه، ولكن العاميات تظل موجودة، واللهجات والعاميات هذه تظل موجودة، لكن في أسوأ الأحوال إذا كانت العامية أكثر، فهي في جميع الأحوال أيضاً ليست مثل أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في الأسرة في البيت، أقول لكم: حرام، حرام أن تعزلوا أولادكم عن القرآن وفهمه، عن الإسلام وفهمه، عن كتب اللغة، عن التراث، فهذه الروح، تلكم مسألةٌ خطيرة تتعلق إما بالذوبان، أو بالاحتفاظ بعزَّتنا وكرامتنا مع أولادنا، فلنحاول في البيت أن نتحدث اللغة الفصحى، والمسألة ليست عسيرة، هذه لغة القرآن.

﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)﴾

( سورة القمر )

ويجب أن تقفوا أمام كل من يقول: أن لغة القرآن لغة صعبة، أما اللغة الإنجليزية فهي لغة سهلة. وعندي الآن بعد أن أخذت بعض (الكورسات) ما يدل على أن لغة القرآن أسهل بكثير جداً من اللغة الإنجليزية في الدلالة في التعبير، في الاشتقاق حتى نفسه، ولكن الناس عندهم عدم اعتزاز بهذه اللغة، هذه القضية في غاية الأهمية.
أيضاً مدارس الأحد أو السبت في الأماكن التي ليست فيها مدرسة، والمدارس الإسلامية ضرورة، وأنا عندي بحث الآن عن " المدارس الإسلامية في أمريكا: فريضة شرعية وضرورةٌ واقعية " هذا المحضر في غاية الأهمية.
* * *
جزاكم الله خيراً... والحقيقة ليس عندي أسئلة أخرى، ولكن أريد من أستاذنا الفاضل محمد النابلسي أن يعلق عن موضوع أهمية إنشاء المدارس لتدريس اللغة العربية لأبناء المسلمين، وموقعها من حيث هي الشرعي والحياتي، وليتفضل:
ـ الأستاذ محمد راتب النابلسي..
أيها الإخوة الكرام... أحدث نظريةٍ في اللغة أنه من تكلَّم العربية فهو عربي، ورد في الحديث الشريف:

(( ليست العربية بأحدكم من أبٍ أو أم ولكن من تكلم العربية فهو عربي ))

( كنز العمال: عن " أبي سلمة بن عبد الرحمن ")

بمعنى أن مشاعر هذه الأمة تجدها في لغتها العربية، قيَم هذه الأمة تجدها في لغتها العربية، مبادئ هذه الأمة تجدها في لغتها العربية، تُراث هذه الأمة تجدها في لغتها العربية، فمن أعرض عن اللغة العربية مِنَ العرب والمسلمين فقد أنْكَر هويته، واجتث أصله، وحينما يتعلم الأولاد اللغة الإنكليزية، يقطعون عن ماضيهم، وعن تراثهم، وعن قيمهم، وعن أمتهم.
فمن أخطر الأشياء التي تهدد انتماء أولادنا إلينا أن نصرفهم عن لغتهم العربية، وهذه معاناةٌ أجدها والله في أكثر الإخوة الذين يقطنون في هذه البلاد، ابنه لا يتكلم إلا الإنكليزية، من أجل أن يكون طليقاً في استعمالها، أما إذا حرص الأب والأم، وقد بلغني أن بعض الجاليات الأخرى يحرصون على لغتهم القومية حرصاً لا حدود له، فما بال المسلمين يقصِّرون في الحفاظ على لغتهم، التي هي عنوان حضاراتهم، وسبب انتمائهم لأمتهم، والله أعلم.
* * *
جزاكم الله خيراً
* * *
عندنا في دار العلوم بالنسبة للشعراء الحداثة، الشعراء الذين ظهروا الآن جديداً، واحد جاء في الكلية عندنا، وقال لبعض الأساتذة أنا الحمد لله شاعر، وعندي شعر أحب أن ألقيه عليكم، طبعاً ليس فيه وزن، ولا شيء، الحمد لله أخونا ما شاء الله رغم حداثة سنه يقول شعراً طيباً، وأنا أدعو كل واحد عنده موهبة الشعر ألا يُخَلِّي عنها أبداً أو قصة أو رواية، ونكتب أدبنا وواقعنا وأخلاقنا في هذا الأدب، فأخونا جاء لا يوجد عنده معنى ولا عنده شيء، فجاء يقول الشعر الذي يقول، أدور دورتين، واحرقيني مرتين، فالمهم بدأ يلقي القصيدة بتاعته، فالأساتذة وكانوا اثنين، سمعوه فواحد فيهم قال له: الحقيقة يا ابني أنك شاعر، أنت فعلاً شاعر، شعرك كوييس جداً، ولكن فيه عيبين أثنين بس، الشكل والمضمون.
* * *
ـ تعليق من مقدم الحفل: والبقية كله صح.
بارك الله فيكم على حسن استماعكم، وبارك الله في المحاضرين.
* * * * *
الأستاذان المشاركان في الندوة:
ـ الأستاذ محمد راتب النابلسي.
ـ الدكتور صلاح الدين عبد الحليم سلطان.
وشعر من القاء الأخ:
ـ خالد المَليكي.

تحميل النص

إخفاء الصور