وضع داكن
24-04-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 20 - التوحيد والعبادة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

دعوة الأنبياء

 أيها الأخوة ؛ يمكن أن يبقى نبي في قومه ألف سنة ، خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ، ويمكن أن تلخص دعوته كلها في كلمتين بالقرآن الكريم ، ظاهرة عجيبة ، إما أن تفصل الحقائق ، وإما أن تضغط بكلمات معدودة ، فهنا لخص الله دعوة أنبيائه بكلمات معدودة قال :

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾

[سورة هود الآية :84]

 دعوة الأنبياء جميعاً ملخصة بهذه الكلمات : بل إن هناك آية أوضح من ذلك :

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾

[سورة الأنبياء الآية:25]

 بل إن القرآن كله ملخص بآية واحدة :

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية:110]

 كما أن هناك في القرآن تفصيلات رائعة وإسهال ، هناك إيجاز بليغ ، دعوة الدين تقوم على أن تعتقد أنه لا إله إلا الله ، وأنه لا مسير لهذا الكون إلا الله ، وأنه لا معطي ولا مانع ولا معز ولا مذل ولا رافع ولا خافض إلا الله ، لمجرد أن تعقد الأمل على غير الله فهذا شرك ، لمجرد أن ترجو غير الله فهذا شرك ، لمجرد أن تتكئ على غير الله فهذا شرك .
 ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، ما من عقيدة تنقلك إلى الله من أقصر طريق إلا التوحيد .

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾

[سورة يوسف الآية:106]

الشرك الخفي

 حينما تتعامل مع الأشخاص على أنهم يفعلون ويرفعون ويخفضون ويقربون ويبعدون فهذا نوع من الشرك ، لمجرد أن تعتمد على مالك فهذا شرك ، لمجرد أن تعتمد على خبراتك فهذا شرك ، لمجرد أن تقول : أنا فهذا شرك ، لمجرد أن تقول : نحن هذا شرك ، لي .

﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾

[سورة الزخرف الآية:51]

 هذا شرك .

﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾

[سورة قصص الآية:78]

 شرك .

﴿ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾

[سورة النمل الآية:33]

 شرك .

﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾

[سورة الأعراف الآية:12]

 شرك .
 أخطر ما في الدين الإشراك الخفي ، ليس هناك من يشرك شركاً ظاهراً إلا في بلاد بعيدة يعبدون بوذا من دون الله وأصناماً ، لكن في المحيط الديني في نطاق العالم الإسلامي لا يوجد شرك جلي .
 إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم ، ولكن رضي فيما دون ذلك ، ما هو الذي هو دون ذلك ؟ شهوة خفية ، وأعمال لغير الله ، حينما يأنس الإنسان من نفسه تعلقاً بجهة دون الله ، أو حينما يعقد الأمل على غير الله ، أو حينما يتجه إلى غير الله ، أو حينما يعتد بغير الله فقد وقع في الشرك الخفي ، والشرك الخفي له عند الله إجراء .
 هذا الذي اعتمدت عليه وهو من دون الله لابد من أن يخيب أملك وقد يكون هذا بإلهام من الله.
 على كل من نحن أمام أصحاب رسول الله ؟ الذين بذلوا الغالي والرخيص والنفس والنفيس ومع ذلك قالوا : لن نغلب من قلة فغلبوا وفيهم رسول الله .

﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾

[سورة التوبة الآية:25]

 هذا درس يدور معنا كل يوم عشرات المرات ، حينما تعتد بخبرتك ، قصص أسمعها من بعض الأخوة مؤثرة جداً : إنسان متفوق جداً باختصاص تكلم كلمة فيها اعتداد بالنفس ، فسُدّ عليه الطريق ثمانية أيام الطريق غير سالك ، هو وخبرته واختصاصه لم يكشف له طريق الحل ثم راجع نفسه فعرف أنه قال كلمة فيها اعتداد بالنفس فاستغفر الله ، كشف له الطريق في ربع ساعة .
 في عملك يومياً حينما تحتد بنفسك ، تحجب عن ربك وتوكل إلى نفسك وحينما تقول اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي وعلمي والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك يا ذا القوة المتين ، حينما تفتقر يلهمك الله الصواب ، يلهمك الحكمة ، فكأن هذه السورة فيها كلام يعاد .
 هذا النبي قال : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، وهذا النبي قال : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .

 

الدين هو توحيد وعبادة

 يعني الله عز وجل جمع دعوته كلها وضغطها في كلمتين العقيدة :

﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾

[سورة هود الآية :84]

 والسلوك :

﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾

(سورة المؤمنون)

 هذا الدين عقيدة وعمل .

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾

[سورة البينة الآية:7]

 شيء ينبغي أن يستقر في الذهن وهو التوحيد ، وشيء ينبغي أن يترجم إلى العمل وهو الطاعة ، فأي دين لا توحيد فيه ولا طاعة فيه لا يمكن أن يكون له وزن إطلاقاً صفر لستم على شيء .
 النفاق أساسه الشرك ، لا ينافق إلا مشرك ، لا ينافق إلا أعمى ، رأى أن هذه الجهة بيدها خيره وشره ، فأطاعها وعصى الله عز وجل ، ولا تجد إنسان يسقط إلا بضعف توحيده ، لا تجد إنسان يذل نفسه إلا بضعف توحيده ، ولا تجد إنسان يطمئن أمام إنسان إلا بضعف توحيده ، لا تجد إنسان يرتكب معصية من أجل رزقه إلا بضعف توحيده .
 قضية التوحيد أخطر موضوع في حياتنا ، والحقيقة الله سمح أن يكون هناك في الأرض مراكز قوى تجد إنسان يعيش ببلد متقدم جداً يرى أن هذا البلد يفعل ما يشاء يؤلهه وهو لا يشعر .
 توجد فكرة دقيقة جداً : ليس التأليه أن تقول فلان إله لا أحد يقول ذلك ، لكنك تعامله كإله ، كم من مسلم يتعامل مع قوي على أنه إله ؟ وهو ليس بإله ، يطيعه في معصية الله ألهه ، رأى طاعته أنجى له من طاعة الله فأطاعه وعصى الله هذا شرك ، كم من إنسان أطاع زوجته طلباً للسلامة وعصا ربه ؟ مشرك ! كم من إنسان استجار بأهله من أجل ابنه ؟ فدفعه إلى عمل لا يرضي الله حتى يكون ابنه متفوق بالحياة ويعتز به على حساب دينه مشرك .
 أيها الأخوة ؛ كما نحن أحياناً بحاجة إلى تفاصيل إلى تفسير ، لكن نحن أحياناً بحاجة إلى ضغط معلومات ، ديننا عقيدة وعمل ، إيمان وعمل صالح توحيد وعبادة ، العبادة كما قال بعضهم غاية الخضوع وغاية الحب .
 من خضع ولم يحب ما عبده ، ومن أحب ولم يخضع ما عبده ، غاية الخضوع مع غاية الحب ، هذه العبادة ، لكن هذه العبادة تحتاج إلى يقينيات كيف الإنسان في حياته يقينيات ؟ كلما ضعفت يقينيات إيمانه كلما ضعف توحيده ، إنسان عنده معمل قرأ تصريح بالجريدة هذه القصة في الثمانينات أن العام الثلاثة والثمانين نهاية القطاع الخاص ، اسودت الدنيا في عينيه وباع آلاته ويأس ، كلمة قرأها ونسي أن الله فعال لما يريد ، ونسي أنه لا يكون إنسان في الأرض متحكماً بأرزاق العباد ، ما رأى أن الرازق هو الله فباع معظم الآلات تصديقاً لهذا الكلام ثم كان العكس بعد ذلك .
 لي قريب يمل بعمل في حوض دمشق ، القصة قديمة فمستوى المياه في حوض دمشق هبط هبوط مخيف لدرجة ، والآن نفس الوضع أن هذه المدينة مهددة بالعطش ، وإذا تفاقم الأمر لابد من أن يهجرها أهلها ، وقد حدث هذا في التاريخ قديماً فتكلم كلام لا تستطيع بعده أن تقف ، التعليم أن خطوط المطر تغيرت ، نحن كنا في منطقة متوسطة فأصبحنا في منطقة جافة يسموها التصحر ، وانتهى الأمر ، نحن نسير في طريق الجفاف ، خط المطر تجاوز مدينتنا ، والآن شيء واضح يوجد بالقطر أمطار جيدة والحمد لله ، أما في المنطقة الجنوبية ، فهو فسر هذا أن خطوط المطر انتقلت في العام نفسه ، نزل في دمشق ثلاثمائة وخمسين ميليمتر ! مياه نبيع النيل وصلت إلى الشام إلى برزة ، عين الصاحب تفجرت ، ثلاثين نهر في الغوطة تفجروا ! الله عنده كل شيء ، إذا قال الإنسان يوجد منخفض متوجه نحونا ونسي أن الله هو الذي جاء به رحمة منه ، إذا قلت منخفض فقط متمركز فوق قبرص متجه نحو بلادنا بسرعة مائتين كيلو متر فرضاً ، نحن بعد أيام عندنا منخفض جوي والله لا علاقة له بالموضوع ، أشرك بالله ، عَنْ زَيْدِ ابْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم]

 نقل هذا عن ربه فيما في الحديث القدسي .
 من قال اطلعت على النشرة الجوية وقال : يوجد مطر ، الله لا علاقة له ، مشرك ، ومن قال: أمطرنا برحمة الله فهو مؤمن ، وسع الأمر ، هذا الذي يجري في العالم ، هذه الحروب والاحتياجات والأحداث الكبرى التي هزت الدنيا في الحادي عشر من أيلول إذا أنت تريد أن تفهمها فهماً أرضياً الله لا علاقة له ، أنت مخطئ .

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾

[سورة يونس الآية:24]

 حينما تفسر كل شيء تفسيراً أرضياً بشرياً وتنسى أن يد الله فوق أيديهم ، وأن الله فعال لما يريد ، وأنه بيده الخلق والأمر ، مالكم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحداً ، لمجرد أن تعرف أن الله موجود وفعال بيده كل شيء ، النصر بيده وحده ، يقوي ويضعف ، بحكمة لا نعلمها نحن ، ممكن يذل كبرياء أمة في معركة ، ممكن لا يليها يذل غيرها ، بيده الخلق والأمر ، حينما ترى يد الله وحدها تعمل في الخفاء ، حينما ترى يد الله فوق أيديهم ، حينما ترى وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى ، حينما ترى ولو شاء لسلطهم عليكم ، ولو شاء لسلطكم عليهم ، يقوي هؤلاء ، ويقوي هؤلاء بيده ، وبحكمة بالغة وبعدل وبرحمة ، حينما ترى أن الله هو الفعال ، وهذه الأسماء الكبيرة التي تتناقلها الأخبار الكبيرة جداً التي فيما يبدو اضربه تضربه ، أنهوا هذه البلد ينهوها ، أنهوا هذا النظام ينهوه ، اقصفوا يقصفوا ، إذا واحد أفقه ضيق يقع بالشرك ، إنسان بيده إنهاء أمة ، إنهاء دولة بالقصف قصف قصف انتهى ، أحياناً تأتي الأحداث تدعم الشرك امتحان من الله ، الأحداث في تتابعها فيها دعم للشرك ، مثلما قالوا صار هذا صحيح ، يقول : أين الله ؟ الله له امتحانات دقيقة ، أحياناً يقوي الكافر ليمتحن ضعاف الإيمان ، إذا قوى الكافر وفعل ما يريد وبطش يأتي ضعيف الإيمان ويقول : أين الله ؟ ثم يظهر آياته فيأتي الكافر ويقول : لا إله إلا الله ، فأنت انتظر من الله كل شيء ، لا ترى أن إنساناً يفعل ما يريد ، من هو الفعال لما يريد ؟ الله .

﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾

[سورة البروج الآيات :14-16]

 أما أنت كإنسان لست فعالاً لما تريد ، مليون قضية أريدها ولم تقع ، أنت عبد ضعيف أما الذي يفعل ما يريد هو الله وحده ، الآيات :

﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾

[سورة المؤمنون الآية:32]

إن الله تعالى يحاسب الإنسان على نيته

 يوجد نقطة دقيقة هي قلما ينتمي إليها الإنسان على سيدنا صالح قال :

﴿وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾

[سورة هود الآية:64]

 هنا النقطة : فجاء واحد من هؤلاء القوم وعقر الناقة ، الله قال :

 

﴿فَعَقَرُوهَا﴾

 

[سورة هود الآية:65]

 الذي عقرها واحد ! قد يكونوا مائة ألف أو مليون فرضاً ، الله عز وجل عزى هذا الفعل إلى مجموع هذه الأمة لأنهم راضون عن ذلك ، أيدوه ودعموه ، يقول لك : مدني لا علاقة له ، لكن هذا المدني داع بلده ، راض على بطش بلده ، مستمتع بمشاهد القتل والدمار ، مادام راضي ومستمتع وداع ومؤيد فأصبح شريك في الاثم ، ما ذكر الله فرعون إلا وذكر معه هامان وجنود فرعون .

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾

[سورة القصص الآية:8]

 ما علاقة الجندي ؟ لأنه داع وراضي ومؤيد ، ومسؤول .
 واحد جاء من أقاصي الدنيا ليستقر في فلسطين ، ويعلم أن هذه الأرض ليست له ، وزيح إنسان ، أخذ بيت إنسان ، دمر بيت إنسان ، وجلس مكانه بمستوطنة ، هو يرى بعينيه كيف أن هذا المكان فيه عدوان وهو انتخب وحيد القرن ، أصبح مسؤول لا علاقة له ، بل له علاقة ، مدني بريء، لا ليس مدني بريء ، جاء المعتدي ليغتصب أرض ليست له ليطرد منها أهلها وانتخب واحد مجرم هذا لم يعد مدني بريء ، يوجد مغالطات بالأخبار ، هذا لم يعد مدني بريء هذا مدني مجرم ، والدليل هذه الآية :

﴿فَعَقَرُوهَا﴾

[سورة هود الآية:65]

 ما عزى الله الفعل لواحد لأن هؤلاء جميعاً راضون عن فعله ، إذاً هم آثمون معه من هنا قال سيدنا عمر :
 " والله لو أن أهل بلد ائتمروا على قتل واحد لقتلتهم به جميعاً "
 فأن ترضى عن عمل إجرامي ، وأن تبارك هذا العمل الإجرامي ، وأن تؤيد من يفعله ، فأنت شريكه في الإثم ، لم تعد مدني بريء ، أنت يوجد مغالطات كبيرة جداً ، لذلك من أعان ظالماً سلطه الله عليه ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوب على جبينه آيس من رحمة الله ولو بهز رأسه قال : وقّع ؟ لم يتكلم شريكه ، من غاب عن معصية فرضيها ، إذا قال لك واحد : إنسان قال لك : جعل قافلة أموال بنك تنتقل من بلد إلى بلد فعمل لها كمين وأخذ الأموال ، وهرب بها إلى طرف الدنيا الآخر ، وأنشأ قصور ومزارع والله دبّر حاله ، والله حلال عليه مثلاً ، والإنسان إذا غبت عن معصية فرضيتها وأثنيت على فاعلها كنت كمن شهدها وأنت شريكه في الإثم .
 فمن شهد معصية وأنكرها كان كمن غاب عنها ، القضية خطيرة جداً أن تبارك معصية وأن تدعم باطل ، أن تبارك جريمة أن تنحاز إلى باطل ، أصبحت شريك في الإثم ،
 كلها من كلمة :

﴿فَعَقَرُوهَا﴾

[سورة هود الآية:65]

 ما قال : فعقرها فلان ، فعقروها جميعاً ، مع أن الذي عقرها واحد ، لكنهم أيدوه وباركوه وأثنوا على عمله ، ومن هذا المعنى نجده في آيات كثيرة : أن الفعل فعل واحد ، والإثم إثم مجموع ، وأحياناً بالعكس أنت ترى إنسان يعمل عمل طيب وأنت لا تملك الإمكانية تمنيت ، لما قال الله عز وجل لبعض الصحابة النبي الكريم :

﴿لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾

[سورة التوبة الآية:92]

 كأنهم جاهدوا مع رسول الله ، لم يفعل شيء فقد احترق قلبه ، بكي لماذا لم يكون لي شرف الجهاد مع رسول الله ؟

﴿لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾

[سورة التوبة الآية:92]

 لأنك تألمت لعدم المشاركة في هذه المعركة لك أجر من شارك فيها ، فقضية النية مهمة جداً ، قد لا تفعل شيئاً ولك أجر كبير ، وقد لا تفعل شيئاً ولك إثم خطير ، لا فعلت لا هنا ولا هنا ، هنا ارتكبت إثم ، هنا أعطيت فضل .

 

تحميل النص

إخفاء الصور