وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 13 - منهج التوحيد .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
 الصادق الوعد الأمين .

البيان القرآني للوجهة الصحيحة للتدين:

 أيها الأخوة, من خلال هذه الآيات الكريمة التي تبدأ بقوله تعالى:

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾

[سورة الأنعام الآية: 74-76]

 من هنا نبدأ: في فطرة الإنسان نقاط ثلاث، الإنسان ضعيف خبر يهز أركانه، تقرير طبي ليس في صالحه يختل به توازنه، قال تعالى:

﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾

[سورة النساء الآية: 28]

 خبر متعلق بعمله سيء لا ينام الليل، بنية الإنسان أنه ضعيف، هذا ضعف في أصل خلقه، ليس له ذنب هو، في أصل خلقه، ألا ترى على بعض البضائع كتب سريع العطب؟ خبر سيء يهز أركانك، خبر متعلق بعمله يقلقه أشد القلق، خبر متعلق بصحته لا ينام الليل, قال تعالى:

﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾

[سورة النساء الآية: 28]

﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً﴾

[سورة الإسراء الآية: 11]

 يحب الشيء السريع الجاهز:

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾

[سورة المعارج الآية: 19-22]

 في النهاية الإنسان مبرمج على العجلة والضعف والهلع، إذاً هو يحتاج إلى قوة تحميه وتطمئنه إلى قوة تحيطه بمشاعر الأمن، هذا أصل التدين في الأرض، هؤلاء الذين عبدوا البقر لماذا عبدوا البقر؟ استجابوا لفطرتهم، هم ضعاف، توهموا أن البقرة تمدهم بالغذاء، هؤلاء الذين عبدوا الشمس والذين عبدوا البقر والذين عبدوا النجوم والذين عبدوا الرياح آلهة الرومان وآلهة الإغريق، كل ما عُبد في الأرض مما سوى الله استجابة لجبلة في الإنسان لكنهم أخطئوا الهدف، لذلك أي إنسان بالأرض ينبغي أن يكون متيناً على صواب أو على خطأ ، عنده شعور بالضعف يخاف، الإنسان شديد الخوف:

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾

[سورة المعارج الآية: 19-21]

 حريص على ما في يديه، تهتز أركانه بخبر سيء، هذه الفطرة تناسب الإيمان بالله، أنت ضعيف كي تتقوى بالله، أنت لا تعلم كي تعلم بالله، أنت في ضيق كي تسعد بالله، تماماً كما لو فرغنا إناء من الهواء، الإناء المفرغ من الهواء فيه خاصة يأخذ كل شيء، وأن الإناء الممتلئ بالهواء لا يأخذ شيئاً، لو أن الله خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته تشقي الاستغناء، خلقه ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد في افتقاره، خلقه عجولاً، لو أنه اختار الآخرة يرقى بهذا الاختيار، ترك الدنيا التي أمامه والتي بين يديه وتبع الآخرة، أنت مبرمج أو مولف بالتعبير الحديث أو مجبول أو مفطور على أن تركن إلى قوي وتعتمد على قوي، أن تكون في رعاية قوي، وأن تطمئن إلى من دعمك، هذا أصل التبين في الأرض .
 سيدنا إبراهيم ذكر هذا قال:

﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 76]

 دقق: استخدم عقله هذا الكوكب في النهار ربي، في الليل أفل:

﴿فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

 -هنا: الدين في الأرض نوعان: نوع توحيدي وهو الإسلام، ونوع شركي وهو غير الإسلام، عندما يتجه الإنسان لغير الله فهو مشرك، الآن من بين المسلمين من يعتمد على زيد ، من يعلق الآمال على عبيد، من يجعل أن فلاناً إذا كان راضياً عنه يرقى، وإذا غضب عليه ينزعج، وهذا شرك لكنه خفي، العبرة بالحقائق لا بالصور، لو كانت الصورة أنك مسلم لكنك علقت الآمال بإنسان وضعت كل ثقلك مع إنسان، عقدت الأمل على عطاء إنسان، توهمت أن هذا الإنسان يرفعك إذا رضي عنك، إذاً تعصي الله من أجله، ويضرك إذا غضب عليك، إذاً حاول أن ترضيه بأي ثمن هذا الشرك .
 فلذلك الدين ما يدين له الإنسان وما يخضع له، فإن خضعت لبقرة أو لشمس أو لقمر أو لصنم أو لحجر أو لمذر أو لإنسان قوي فهو مشرك، من اعتمد على ماله فهو مشرك، أو على علمه فهو مشرك، الشرك نوعان جلي وخفي، الجلي شرك هذه الشرائع الوثنية، وشرك أهل الأديان التوحيدية إذا كان في الأصل معتمداً على غير الله عز وجل، الآن الحل: النجم أفل والقمر أفل والشمس أفلت قال-:

﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 76-79]

 هذا هو التوحيد، أن تتوجه إلى الله .

 

سر تفوق المؤمن أنه عرف حقيقة الوجود:

 كنت مرة بأمريكا بمدينة لوس أنجلوس, فأحد أصدقائي أخذني إلى معبد هندوسي, يبعد عن هذه المدينة سبعين كيلو متر وسط غابة, قال: هذا المعبد كلّف ستة ملايين دولار، وجدت فيه صنمين كبيرين، صدر كل صنم ألماس برلنت، ملايين الصدف، ورأيت في مدخل هذا المعبد آلة لكسر جوز الهند، سألت ما علاقة هذه الآلة بهذا المعبد؟ قال: الآلهة يحبون جوز الهند فيكسر هذا من أجلهم ويوضع في الليل، والله يعلم وحده من يأكله في الليل! جاء أحد أتباع هذه الديانة فسجد للصنم انبطاحاً ثم علمت أنه يحمل دكتوراه، هو يشعر بالخوف والقلق وباختلال التوازن، يخشى على رزقه وصحته وعلى سلامته وحياته، فعبد هذا الصنم من دون الله، واستجاب لبنية أصلية في خلقه -بنية الضعف- فكل إنسان ضعيف يحتاج إلى قوي، كل إنسان جاهل يحتاج إلى عالم، لماذا يروج في الغرب المتنبئون؟ شخصيات لامعة جداً قد يكون رئيس وزارة يأتي إلى فلكي ماذا سيكون؟ لماذا يروج في هذه البلاد، في الشرق الأوسط موضوع الأبراج فيه قلق، تسأل صاحب هذا البرنامج ماذا ينتظرني على مستوى بلدي بسهرة يقدمون قهوة، ينظرون للقهوة أمامك قبضة، يوجد عدو يتربص بك مثلاً، يقرءوا فنجان القهوة أو بالأبراج هذا كله قلق من المستقبل، لذلك الله عز وجل حسم المستقبل بآية واحدة:

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾

[سورة التوبة الآية: 51]

 لنا وليس علينا، هذا كلام المؤمنين، لن يكون في المستقبل لمؤمن أطاع الله إلا الخير والرفعة هكذا، خطه البياني صاعد، لذلك ما يروج للجوء إلى المنجمين إلى المشعوذين إلى الأبراج، ما يروج في العالم الشرقي من عبادة للأوثان، هي حاجة فطرية بالإنسان، الإنسان ضعيف:

﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾

[سورة النساء الآية: 28]

 لكن من هو المسلم؟ هو الذي عرف القوة الحقيقية إنه الله، هو الذي عرف المعطي الحقيقي المنعم الفعال القهار الوهاب, من بيده ملكوت السموات والأرض, من بيده صحتك وأولادك وأهلك ومن فوقك ومن تحتك ومن حولك، من بيده ملكوت كل شيء، هذا هو الإيمان ، أنت حينما تعبد الله وحده أنت في نعمة لا تعادلها نعمة على وجه الأرض، هل تصدقون أن هذه البلاد التي سلبت عقول العالم اليابان بصناعتها وتفوقها وغناها إنها تعبد ذكر الرجل! في المعابد يعبدون مجسم من الشمع هو ذكر الرجل، يعبدونه من دون الله، فالإنسان ضعيف وهلوع وعجول، يأتي التدين استجابة لفطرته، لكن الفرق الكبير بين المسلم وبين غير المسلم أن المسلم عرف القوة الحقيقية، عرف قوة الجمال وقوة النوال وقوة الكمال، الإنسان يحب الكمال يحب الجمال يحب النوال يحب العطاء:

﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾

[سورة البقرة الآية: 165]

 القوة الحقيقة هي الله أو في العطاء أو في الكمال أو في الجمال، لذلك المؤمن يعيش في سعادة لا توصف، سعادة القرب في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة.
 ماذا يفعل أعداء الدين؛ إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة.
 فسيدنا إبراهيم علمنا كيف أن كل هذه المظاهر في الطبيعة لا يمكن أن تكون إلهاً، لكن الإله الحقيقي هو الذي فطرها كلها:

﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً﴾

[سورة الأنعام الآية: 79]

 أي مائلاً له بالحب، فالعبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية:

﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ﴾

[سورة الأنعام الآية: 79-80]

 قال: يا قوم دققوا في هذه الآية وهي من أدق الآيات قال:

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي

 -أنا الأمور واضحة عندي جداً قال-:

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾

[سورة هود الآية: 28]

 لاحظ المؤمن:

﴿وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾

[سورة هود الآية: 28]

 قد تجد مؤمن في الدرجة الأولى من السلم الاجتماعي لكنه على بينة من ربه ومعه رحمة الله عُمّيت على كبراء الأرض:

﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾

[سورة هود الآية: 28]

 لذلك قال:

﴿قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ﴾

[سورة الأنعام الآية: 80]

 أنا لا أخاف واحداً منكم، ولا من كبرائكم ولا من أقويائكم:

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة هود الآية: 55-56]

 لا حظ شعور المؤمن، لكن:

﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً﴾

[سورة الأنعام الآية: 80]

 جهة قوية حكيمة رحيمة عادلة تمسك ذمام عشر وحوش، وإنسان ضعيف يقف أمام هذه الوحوش، فهذه الوحوش بيد هذه الجهة، لكن لو أن هذه الجهة أرخت زمام أحد الوحوش لوصل إلى هذا الإنسان ونهشه، هذا الإنسان علاقته مع الوحوش؟ مع من يملكها، لكن من يملك هذه الوحوش إذا شاء وأرخى الحبل لأحدها وصل إلى هذا الإنسان:

﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا﴾

[سورة الأنعام الآية: 81-82]

من ميزات العالم الإسلامي:

 أيها الأخوة, تكاد نعمة الأمن لا يتمتع بها إلا المؤمن، الأمن الحقيقي!:

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

[سورة فصلت الآية: 30-31]

 خالق الأكوان، القوة المطلقة، الحكمة والرحمة المطلقة العدل المطلق:

﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾

[سورة فصلت الآية: 31-32]

﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة الأنعام الآية: 83]

 اشكروا الله عز وجل على أن الله سبحانه وتعالى هدانا إليه وإلى عبادته، إلى عبادة الإله الواحد القهار، ملايين مملينة في الأرض ستة مليارات فيهم من المسلمين مليار ونصف تقريباً والباقون يعبدون غير الله، توجد آية وردت قبل صفحات:

﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً﴾

[سورة الأعراف الآية: 51]

 أين حضرت مؤتمر أديان في واشنطن لفت نظري فيه كل الشرائع، هذه الشرائع عرضوا عبادتهم فقط، صدقوني جميع الأديان من دون استثناء غناء ورقص و موسيقا، فلما جاء دور الدين الإسلامي قرأت صفحة من القرآن وافتتح المؤتمر بأذان إسلامي، وطلب من الحاضرون أن لا يصفقوا لأنه مؤتمر دعوة إلى الصلاة ليس عملاً فلكلورياً بل عمل عبادي، وشرحت هذه الآيات، ألا تشعر باعتزاز بهذا الدين؟ اعتزازا حقيقي كما لو حضرت هذا المؤتمر ورأيت بأم عينيك كيف أن كل أديان الأرض بما فيها بعض الشرائع السماوية اتخذوا دينهم لهواً ولعباً، غناء وموسيقا ورقص، بينما ديننا صلاة وصيام وحج وزكاة، معنا كتاب كريم ووحي السماء ، فهذا الموضوع موضوع أن تتجه إلى غير الله.
 الآن مشكلة المسلمين الشرك الخفي هو موحد بلسانه لكن بأعماقه أو بعقله الباطن أو بأعمق ما فيه يرى أن فلان يجب أن يطيعه ولو أنه عصى الله عز وجل، نحن بعد نهاية هذا الشهر نكبر نقول الله أكبر، هذا الذي يغش المسلمين ماذا رأى؟ رأى أن هذا المبلغ الذي جاءه من غش المسلمين أكبر عنده من الله ومن طاعته ومن الجنة، إذاً هو مشرك هذا الذي يطيع زوجته ويعصي ربه مشرك، رأى إرضاء زوجته أكبر عنده من إرضاء الله، هذا الذي يريد لأولاده أن يكونوا أعلاماً في المجتمع على حساب دينهم, هذا الذي فعل هذا يرى أن نجاح أولاده وتألقهم في المجتمع أكبر عنده من الله، لذلك حملهم على معصية الله كي يفتخر بهم، هذا الذي يؤذي المسلمين من أجل دريهمات معدودة هذا رأى أن هذه الدريهمات أكبر عندها من الله، المشكلة هي الشرك، حينما ترى جهة في الأرض تطيعها وتعصي الله فأنت مشرك بالكلمة الكبيرة، واجه نفسك بالحقيقة المرة، فالحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، واجه حقيقتك بالحقيقة المرة نفسها، فلذلك نحن مبرئون والحمد لله من الشرك الجلي، ليس في العالم الإسلامي كله من يعبد صنماً ولا حجراً، لكن معظم المسلمين والدليل هذه الآية:

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾

[سورة يوسف الآية: 106]

 هذا متعلق بماله, هذا بوسامته, هذا بنسبه, هذا بحسبه, هذا بمنصبه, هذا تابع لقوي, مجير له, يعصي الله ويطيعه, هذا حال المسلمين, شرك خفي، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
 عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ:

((مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَذَكَرْتُهُ فَأَبْكَانِي, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ, قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَتُشْرِكُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ, قَالَ: نَعَمْ, أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا حَجَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ يُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ, وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا فَتَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكُ صَوْمَهُ))

 فنحن ندقق في شركنا الخفي، أما غير أجناس هم متلبسون بالشرك الجلي الأصنام دمرت الدنيا قامت ولم تقعد، كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ذهبوا إليه وعلماء مسلمين ذهبوا إليه، فلما دمر شعب بأكمله لا أحد يتكلم أليس كذلك، عندما دمروا صنمين قامت الدنيا ولم تقعد، عندما دُمر شعباً بأكمله هذا المقولة: قتل امرىء في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر.

 

تحميل النص

إخفاء الصور