وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 09 - التعاون.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

ما من داع يدعو إلى هدى فله أجر فاعله:

 أيها الأخوة الكرام, الإنسان كائن متحرك أودع الله فيه الشهوات، والشهوات تدفعه إلى تحقيقها، أودع فيه حب الطعام والشراب ليحافظ على وجوده كفرد، أودع فيه حب المرأة ليحافظ على وجوده كنوع أو كجنس، أودع فيه حب تأكيد الذات ليحافظ على استمرار ذكره، فأثناء حركته قد يسهم بشكل أو بآخر في خير أو يسهم في شر، أي مساهمة في خير له أجر مثل من فعل الخير، وأية مساهمة في الشر له مثل وزر من فعل هذا الشر، هذا المعنى قد لا ينتبه الناس إليه، أنت أثرت على صديق لك أن يفعل شيئاً لا يرضي الله هكذا بلا تأثر, بلا تبصّر, بلا حيطة, بلا حذر، هذا الصديق فعل الذي أمرته به، فكل ما صدر عن هذا الإنسان من الشر تتحمل وزراً مثل وزره أبداً, ثم إنك دللت إنسان على الله عز وجل أو على الاستقامة أو على طاعته أو على فعل الخير، كل شيء نتج عن هذه الدلالة لك مثل أجره، هذا المعنى مستنبط من قوله تعالى:

﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً﴾

[سورة النساء الآية: 85]

 فقبل أن تدل إنسان على معصية، أو على عمل يقربه من معصية، قد تجد إنسان مقاومته هشّة لا يقاوم مغريات الحياة، فإذا دللته على عمل في بؤرة المغريات، وذلت قدمه أو ارتكب الفاحشة أو أكل المال الحرام، فكل أعماله في صحيفة الإنسان:

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾

[سورة يس الآية: 12]

 لذلك:

((من أعان ظالماً سلطه الله عليه))

 من أعان ظالماً ولو بشطر كلمة هو يريد أن يمضي أمراً وقال لك: هل معي الحق؟ لو أنك هززت برأسك موافقاً أنت أعنته، وعليك مثل وزره، لذلك الآية الكريمة الأصل في هذا الموضوع:

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾

[سورة المائدة الآية: 2]

 لا تكون طرفاً أو شريك أو صاحب سهم بأي عمل سيء:

﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا﴾

[سورة النساء الآية: 85]

 لو أخذنا الناحية الإيجابية في هذه الآية: أنت دللت إنسان على طاعة الله أو على أن يلتزم منهج الله، دللته على عمل يرضي الله، هل تدري أن أعماله وأعمال ذريته وذرية ذريته من بعده إلى يوم القيامة في صحيفتك, من دون أن ينقص من أجورهم شيء؟ هذا كرم الله عز وجل، لذلك كيف يقول النبي عليه الصلاة والسلام؟:
 عَنْ سَهْلٍ -يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ))

 يوجد عطاء يفوق حد الخيال إذا كنت سبباً في هداية إنسان، وهذه هي التجارة الرابحة، هذه التجارة التي لا تبور، هذه التجارة التي تسعد بها إلى أبد الآبدين، هذا الكلام ينقلنا: إذا أنا كل مؤمن ينبغي أن يكون داعية إلى الله عز وجل، هذا الكلام الذي يقوله بعض الناس: لن تستطيع أن تقول كلمة في الحق ما لم تتقن سبعة عشر علماً هذا كلام ينطبق على الدعاة المتفرقين المتخصصين، لكن كل واحد في حدود ما يعلم ومع من يعرف ينبغي أن يكون داعية، وهذا الكلام مستنبط من قول النبي الكريم:
 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

((بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً, وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ, وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))

[أخرجه البخاري في الصحيح, والترمذي في سننه]

 والجهاد الدعوي جهاد، وسماه الله جهاداً كبيراً وهو متاح لك مسلم في كل مكان وزمان، ألا تستطيع أن تقول كلمة الحق؟ ألا تستطيع أن تقول كلمة تحيي بها ولو سنّة؟ وتميت بها بدعة؟ فلذلك مثل هذه الآية تعد أساسية في حياة المؤمن، هو سبيل للخير، واسطة خير لا يكون شفيعاً في معصية ولا في منكر ولا في أذى، فأية بلاغة أي توجيه أي حض أي دفع إلى معصية لهذا الذي فعل هذا مثل وزر من فعله، من دون أن ينقص من أوزارهم شيء! وأي دلالة خيّرة للذي دلّ هذه الدلالة مثل أجر من فعل الخير من دون أن ينقص من أجره شيء، هذا من كرم الله عز وجل .
 لذلك من يأتيه أولاد ويربيهم تربية صالحة, فكل أعمال هؤلاء الأولاد وذرياتهم وذريات ذرياتهم إلى يوم القيامة في صحيفة الأب الذي رباهم هذه التربية .

من أعان كافراً على مسلم خرج من ملة الإسلام ومن غشه فقد ظلمه:

 هناك نقطة أخرى دقيقة في هذا الموضوع هذه النقطة: أنه ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً .
 ومرة تلو المرة أعيد وأكرر: أن أبلغ صفة نفي في القرآن وفي اللغة العربية هذه الصيغة: ما كان, هذا سماه علماء البلاغة نفي الشأن، ونفي الشأن غير نفي الحدث، إن قلت : ما كان لي أن أسرق, أي أنت لا تسرق, ولا تحب أن تسرق, ولا تريد أن تسرق, ولا ترضى أن تسرق, ولا تدعم من يسرق، ولا تبارك من يسرق، ولا تفكر أن تسرق، يمكن أن نعد من خلال هذه الصيغة اثنتي عشرة حالة، فلذلك ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً، وهذا ينقلنا إلى أن هناك أعمالاً لو فعلها الإنسان لخرج من ملة الإسلام .
 مثلاً: اليمين الغموس: أن تحلف يميناً تقتطع به حق امرىء مسلم، هذه اليمين الغموس تخرجك من الجنة، فلذلك اليمين الغموس لا كفارة لها! ماذا ينبغي أن يفعل من حلف يميناً غموساً؟ أن يجدد إسلامه، خرج من الدين! دققوا هذه واحدة:
 من أعان كافراً على مسلمٍ خرج من ملة الإسلام، لم يقتله، لكنه أعانه، من أعان كافراً على مسلم، وهذا الذي يجري يصعق له الإنسان أن تقف مع كافر ضد مسلم ضد موحد ولو كان مخطئاً! ولو كان هذا المسلم مخطئاً تحاسبه أنت، أنت تردعه:

﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾

[سورة الحجرات الآية: 9]

 أما أن تعين كافراً لا يرحمهم على مسلم خرج من ملة الإسلام، هناك أشياء كبيرة جداً، إن فعلها الإنسان خرج من هذا الدين، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
 يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً .
 فحينما ترى دماء المسلمين تسيل على أيدي مسلمين فيقرأ هذه الآية:

﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 93]

 لما نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قال:

((ما أشد حرمتك، ولكن المؤمن أشد حرمة عند الله منك))

 المؤمن أغلى عند الله من الكعبة المشرفة! فأن تستبيح دمه، أن تأخذ ماله دعك من هذه الحالات الحادة، خذ حالات مخففة، أن تغش مؤمناً دخله محدود، يخاف الله، لا يمد يده إلى الحرام، تغشه تبتز ماله ظلماً وعدواناً، هذا نوع من أنواع الظلم، لذلك:

﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 93]

 فعد للمليار ليس للمليون قبل أن تهدم كيان مسلم، نحن في حياتنا اليومية دعك من القتل هذه حالات حادة تجري في بلاد بعيدة، لكن نحن نتحدث عن علاقاتنا الإنسان بنيان الله، هذا الله خلقه وكرمه، فأن تهدمه, أن تحتال عليه, أن تستغل جهله, أن تأخذ منه ما ليس لك، أن تغشه في البيع والشراء، أن تعطيه مادة لا تنفعه، مادة محرمة مادة مسرطنة، أن تبيعه بيعاً تربح منه أرباحاً طائلة، تستغل جهله .
 رجل كان يطوف حول الكعبة ويقول: ربي اغفر لي ذنبي ولا أظنك تفعله، يمشي ورائه رجل قال: يا هذا ما أشد يأسك من رحمة الله! قال له: ذنبي كبير، قال: ما ذنبك؟ قال: كنت جندياً في قمع فتنة، فلما قمعت، أبيحت لنا المدينة، فلما دخلت إحدى البيوت رأيت فيه رجلاً وامرأة وولدين، فقتلت الرجل وقلت للمرأة أعطني كل ما عندك، أعطته كل ما عندها فقتل ولدها الأول، فلما رأته جاداً في قتل الثاني أعطته درعاً مطلية بالذهب أعجب بها فإذا عليها بيتان من الشعر قرأهما فصعق! هذا البيتان:

إذا جار الأمير وحاجباه  وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فويل ثم ويـل ثم ويل  لقاضي الأرض من قاضي السماء

 أنا أقول لكم كلام دقيق: لا يوجد واحد ليس له مصلحة حرفة، قد يستغل جهل الطرف الثاني، قد يستغل ضعفه، قد تكون أقوى منه، وقد تكون أذكى منه، إذا كنت أقوى منه تسحقه، وإذا كنت أذكى منه تحتال عليه، فحينما تحتال على مؤمن، حينما تبتز مال امرىء مؤمن، حينما توهم مؤمناً حينما تأخذ من مؤمناً ما ليس لك أن تأخذه، لذلك صار هناك حجاب حينما تنصح المسلمين .

 

الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله:

 كان السلف الصالح إذا فتحوا محلهم التجاري يقول: نويت خدمة المسلمين أرأيت إلى هذه النية ؟! هذه النية تجعل من عملك عبادة، وأنت تبيع وتشتري، وأنت تربح، أنت في عمل صالح بل في عبادة، أما حينما تهدم كيان امرىء مسلم، حينما تخيفه من أجل أن تبتز ماله، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، تخيفه من أجل أن تبتز ماله، يوجد طبيب شفاه الله لزم المسجد فترة طويلة، الآن هو مريض شفاه الله قال: أنا معي مربين، وأنا علمت بالجامعة خمسين سنة! وخرجت خمسين جيل أطباء, هو مشهور جداً قال: مرّ بحياتي حوادث غريبة إحدى هذه الحوادث: شاباً جاءه مع زوجته شابة، وقد أصيبت بورم خبيث منتشر في صدرها قال: أخذته جانباً وقلت له: أنت مجرم في حق هذه الزوجة، قال: ولما؟ قال: هذا الورم لو جئتني بوقت مبكر من السهل أن نستأصله أو نعالجه بالأشعة أو بجرعات كيماوية، أما وقد انتشر فالأمر لا حيلة لنا به، والموت محقق، قال: وفعلاً بعد ستة أيام ماتت زوجته، الزوج قال: لا! أنا لم آتيك متأخراً أنا مع الطبيب الفلاني وذكر اسمه قال: بقينا عنده سنتين، لم يقل لنا ورم خبيث، قال: التهاب وأعطنا أدوية التهاب وكورتيزون، لكن لم يقل لنا: ورم خبيث، ثم قال هذا الطبيب: طالب الطب لا أقول متخرج يعرف أن هذا ورم خبيث! أبقاهم عنده سنتين، وهو يوهمهم أنه التهاب من أجل أن يبتز من أموالهم، لو قال: ورم خبيث تركوه إلى غيره، وليس متخصص، قال: ما إن سمع الزوج هذا الكلام حتى وقع مغشياً عليه في أرض العيادة، وصار كمن أصابه مس، قال كلمة اقشعر منها جلدي قال: يا رب إذا كنت موجوداً فانتقم منه، قال: ربط الانتقام بوجود الله لا بعدالته، يقسم لي بالله العظيم هذا الطبيب شفاه الله قال: بعد أحد عشر شهراً دخل إلى عيادتي شاب وسمي وجلس على الكنبة التي جلس عليها الزوج متهالكاً، فلما سألته عن حاله قال: أنا زميلك يا دكتور فلان الفلاني هو نفسه وقد أصيب بورم خبيث قال: والله بحسب علمي أن عمر هذا الورم أحد عشر شهراً من ساعة دعا عليه .
 أخواننا, كلنا لنا مصالح، ممكن أن تعمل مذاكرة صعبة جداً تعطي أصفار للطلاب، يراجعك الأولياء تخبرهم بحاجتهم للدروس الخاصة، ممكن توهم بتحليل لا حاجة لهذا المريض به، لكنك تنتفع أنت والمحلل منه، ممكن أن تقول للموكل الدعوة ناجحة، وتبتز ماله سنتين أو ثلاثة، ثم تهيئ له جواباً مقنعاً أن هذا القاضي لم يكن عادلاً، لعله قبض من خصمه، ممكن هذا الذي يظن نفسه شاطراً وذكياً هو في منتهى الحمق والغباء، وسوف يدمره الله عز وجل، هذا النص لا أدري لشدة تأثري به:
 الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله.
 لا تحرج أحداً، لا تحمر الوجوه، لا توهمه أن مرضه كبير، لا توهمه أن هذا الأمر عسير لا يحل إلا بكذا، كن موضوعياً، راقب أن الله يراقبك أن الله يحاسبك، أن المؤمن بالتعبير الدارج غني عن الله عز وجل، فإياك أن تخيفه أو أن تبتز ماله، لذلك من ينصح المؤمنين في بيعهم وشرائهم يكرمه الله سبحانه وتعالى أشد الإكرام .

من قتل مسلماً خطأ فعليه كفارته:

 أقول لكم كلاماً أيها الأخوة: رغم أن هناك وضع عام كساد عام في ارتباك في البيع والشراء، الناس ليس بيدهم قوة شرائية، والمصالح متعسرة الآن لكن هذا الذي ينوي خدمة المسلمين له معاملة خاصة والله مستثناة من كل هذه الأوضاع الصعبة في الحياة، من أراد خدمة المؤمن، لأن المؤمن ولي الله:

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾

[سورة يونس الآية: 62-63]

 لكن لو أن مؤمناً قتل مؤمناً خطأً بحادث سير، نية القتل منعدمة، لكن يوجد خطأ، طفل قفز إلى منتصف الطريق، هذا مؤمن ابن مؤمن قتل خطأً قال:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ

 -هذا الحق العام، أنت أفقدت هذا المجتمع الإسلامي عنصر مؤمن، هذا قد يكون معيل لأسرة، قد يكون بوظيفة حساسة له دور في قوة المسلمين، في إنسان يكون معه اختصاص نادر ويشغل منصب حساس، وله خير عميم على المسلمين، فإذا أنت قتلته خطأً ولو بحادث سير أنت أفقدت المسلمين عنصر فعال ومعطاء، فالحق العام يقتضي أن تدخل لهذا المجتمع المؤمن عنصراً جديداً، تكفيراً عن الذي أزهقت روحه خطأً-:

وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ

 -هذا الحق العام، الحق الخاص- :

وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾

[سورة النساء الآية: 92]

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

 -إذا واحد -لا سمح الله ولا قدر- مات بسبب مركبته إنسان مسلم ينبغي أن يصوم ستين يوماً متتابعة هذا هو الذي يعد بديلاً لتحرير الرقبة المؤمنة، وهنا في هذه الآية ملمح القانون الدولي ، هذا المؤمن لو كان قتل بحادث خطأ وهو في بلد كافر، فإن أعطيت أهله الكفار هذه الدية فقد قويتهم يوجد حكم، وإذا كان من قوم معاهدين يوجد حكم آخر: تدفع الدية لأهله الكفار إذا كان هناك معاهدة بينكم وبينهم، أما والعياذ بالله-:

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 92-93]

لن تنتصر الدولة المسلمة على الدولة الكافرة إلا بالعدل:

 مرة كنت على موعد مع أخ من أخواننا بقصر العدل فباب محكمة الجنايات كان مفتوحاً، رأيت آيتين، آية وضعت فوق رأس القاضي يقرأها المذنبون، وآية وضعت فوق رأس المذنبين يقرأها القاضي، الآية التي وضعت فوق رأس القاضي يقرأها المذنبون:

﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾

[سورة البقرة الآية: 179]

 والآية التي وضعت فوق رأس المذنبين ليقرأها القاضي:

﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾

[سورة النساء الآية: 58]

 الله هو العدل، أقول لكم كلاماً أرجو أن تفهموه على حقيقته: الكافر العادل أقرب إلى الله من المسلم الظالم! والذي قاله بعض العلماء: إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة كلام صح، لذلك الظلم ظلمات يوم القيامة، عد للمليار قبل أن تظلم طفلاً .
 مرة كنت عند قصاب فجاءه طفل صغير، طلب منه قطعة من الخروف نادرة وغالية اسمها شهباية يبدو لمريض، فهذا القصاب بإمكانه أن يعطيه أسوأ لحم، طفل صغير أنا أراقبه، سحب هذه القطعة من اللحم ونظفها تماماً ثم وضعها في الماكينة، أنا من هذا العمل أكبرته لأنه يراقب الله عز وجل، فهذا الطفل لا يستطيع أن يعرف شيئاً ولا أن يحاسبه، فإذا كان عندك محاسبة ذاتية فأنت مؤمن ورب الكعبة مهما كان الطرف الثاني تخشى الله أن تظلم أحداً أن تغشه .

خلاصة الدرس:

 ملخص هذا الدرس إن شاء الله: قضية سفك الدم، يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً، لذلك قال سيدنا عمر: والله لو أن أهل قرية ائتمروا على قتل واحد لقتلتهم جميعاً .
 والله عز وجل قال:

﴿فَعَقَرُوهَا﴾

[سورة الشمس الآية: 14]

 الذي عقرها واحد قوم صالح الذين عقروا الناقة، عقرها واحد، لماذا لم يقل عقرها فلان؟ لأنهم أقروا فعله، إذاً كلهم آثمون .
 لماذا الله عز وجل كلما ذكر فرعون يقول:

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾

[سورة القصص الآية: 8]

 هامان وجنود فرعون منتفعون من فرعون أشد الانتفاع، وهم يستطيلون على البشر، لذلك اسمهم كاسم فرعون، وهذه الآية تؤكد هذا المعنى:

﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾

[سورة النساء الآية: 85]

 أن تكون أنت مساهم في خير لك أجر كبير، مساهم في شر ....
 أبسط شيء قال: ابني ضعيف في اللغة الإنجليزية ماذا أفعل؟ ابعثه لإنجلترا، مثل أن يعيش إنسان في بلد أجنبي لا يتعلم اللغة إلا بهذه الطريقة، أنت لم تنتبه ماذا قلت، هذا بعث ابنه يجلس ضمن أسرة متفلتة وفيها فتيات، والزنا عندهم كشربة الماء، هذا الابن عاد وهو زان وألف الزنا، أنت ماذا فعلت؟ نصحته أن يقوي اللغة الإنجليزية أعدته زان، أنت لك إثم! يجب أن تنبهه كيف ابنك ما هو وضعه؟ تقوم بوسائل عليها رقابة لوجود ضمن أسرة مؤمنة، أما أن تخبره هكذا سافر ....
 ابنتي يلزمها أستاذ بالرياضيات، أنت جمعت شاب مع فتاة في خلوة، والفتاة في صف البكالوريا في عنفوان الصبا، لو حصل شيء في هذه الخلوة أنت آثم.
 أنا أضرب بعض الأمثلة؛ لا تتكلم كلمة يمكن أن تؤدي إلى معصية أو إلى فسق أو إلى فجور أو ما إلى ذلك.

تحميل النص

إخفاء الصور