وضع داكن
19-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 23 - الله هو كل شيء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

العقيدة لا تقبل تقليداً بل تحقيقاً :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ لازلنا مع صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

(( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم]

 يوجد بكلام الناس كلام هو الكفر بعينه، أو كلام هو الشرك بعينه، وهذا الكلام يدل على جهل فاضح بمعرفة الله عز وجل، كما نعلم في العقيدة الصحيحة أنه لا إله إلا الله، وربنا عز وجل يقول:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾

[سورة محمد: 19]

 بالمناسبة العقيدة لا تقبل تقليداً، لا تقبل إلا تحقيقاً، والذي يقلد في العقيدة بين كافر وفاسق، لأن الله عز وجل ما قال: قل: لا إله إلا الهك، ما قال: قلد بقولك لا إله إلا الله، قال: فاعلم أنه لا إله إلا الله، فالعقيدة لا تقبل تقليداً إنما تقبل تحقيقاً، فالذي يسب الدهر، أو يسب حظه، أو يسب القدر، أو يسب جهات لا وجود لها هذا كلام لا معنى له إطلاقاً، هذا كلام يدل على جهل فاضح في حقائق الإيمان، أنت راقب كلام العامة، فلان يده خضراء، أي من نوع آخر يده خضراء هذا كلام ليس له معنى إطلاقاً.

قوانين الله عز وجل :

 أنا يوجد عندي معنى دقيقاً، قال تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى * فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى ﴾

[سورة الليل: 5-14]

 يوجد إنسان أموره ميسرة، وإنسان أموره معسرة، فالذي أموره ميسرة سبب تيسير أموره أنه أعطى واتقى وصدق بالحسنى، آمن واتقى أن يعصي الله وعمل صالحاً فهذا ميسرة أموره، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ".
 وأما من بخل، بخل أن يعطي، واستغنى عن طاعة الله، وكذب بالحسنى أي بالجنة التي خلق لها الإنسان فسنيسره للعسرى، هذا قانون التيسير والتعسير، لو الإنسان يكتشف قوانين القرآن الكريم، كيف قوانين الفيزياء شاملة ومطردة، في أي مكان في العالم المعادن تتمدد بالحرارة في المعسكر الشرقي والغربي، في دول الشمال الغنية والجنوب، في المنطقة الباردة والحارة، في أي مكان في العالم المعادن تتمدد بالحرارة، أي هذا القانون مطرد وشامل، كل شيء اسمه تيسير أو اسمه تعسير يحكمه هذا القانون.

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى * فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى ﴾

[سورة الليل: 5-14]

 مثلاً قانون العزة والذل، قال تعالى:

﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

[سورة يونس : 26]

 ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة، الإنسان يذل نفسه حينما يسيء، يذل نفسه حينما يخون الأمانة، يذل نفسه حينما لا يتقن عمله، يذل نفسه حينما يعمل عملاً يقتضي أن يعتذر منه، قال عليه الصلاة والسلام: " إياك ما يعتذر منه " هذا قانون ثان.
 قانون العداوة والبغضاء، قال تعالى:

﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة المائدة : 14]

 لا يوجد عداوة وبغضاء بين شخصين إلا بتفلت أحدهما من منهج الله، أو بتفلتهما كليهما، المعاصي تؤدي إلى الخصومات.
 قانون الالتفاف والانفضاض، قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾

[سورة آل عمران : 159]

 بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم، فاللين منعكس الرحمة، ومع اللين يوجد التفاف، ولو كنت منقطعاً عنا لكان قلبك قاسياً، ومنعكس القسوة الغلظة والفظاظة، ومع الغلظة والفظاظة انفضاض الناس من حولك، القرآن كله قوانين، فحينما تتحدث عن قوانين الله عز وجل التي جاءت من خلال الكتاب والسنة فأنت مع الحق، أما تقول لي: يده خضراء ولو فاسق، ولو منحرف، يده خضراء ليس لها قانون، هذه من يضبطها؟ المسلم يده خضراء، والكافر؟ هذا الكلام ليس له معنى، أما يوجد تيسير وتعسير، يقول لك: سخر القدر منه، من هو القدر؟ أية جهة بالكون تفعل إلا الله؟ هل هناك جهة فاعلة في الكون إلا الله؟ فأي جهة تنسبه لغير الله وتسبه أنت دون أن تدري تسب الله عز وجل، الذي يسب الدهر يسب الله عز وجل مع أن الله عز وجل قال في الحديث القدسي:

(( يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ ))

[الترمزي عَنْ أَبِي ذَرٍّ]

 أنت حينما تستنبط من كتاب الله قوانين قطعية الثبوت، قطعية الحدوث، قطعية الدلالة ترتاح، التوفيق بحاجة إلى طاعة لله.

 

التوفيق من الله لأن مع الله لا يوجد ذكي :

 كنت أقول دائماً: لا يوجد مع الله ذكي أبداً، مهما كان الإنسان ذكياً يؤتى من مأمنه، يسلب ذكاؤه لحين فيرتكب حماقة ما بعدها حماقة، كلمة ولو كانت مضحكة لو أن الكافر حكيم وفهيم ويحسن التصرف، ما الحاجة إلى الدين؟ لكن الكافر لابد من أن يخطئ مهما كان ذكياً، يرتكب حماقة تسبب له متاعب لا تنتهي، يرتكب عملاً عدوانياً شريراً العالم كله ينقم عليه، هو ليس بحاجة إلى هذا العمل، لكن قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾

[ سورة محمد : 1]

 هذا قانون ثان، قال تعالى:

﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة يونس : 33]

 الفاسق لا يؤمن، لو أن الإنسان قرأ القرآن، وحاول أن يستشف القوانين، في قوانين خالق الكون يوجد عداوة بين شخصين أحدهما عاص لله عز وجل، تصور شخصين مؤمنين مستقيمين بينهما من الود والحب والوفاء والصدق ما لا يوصف، لأنهما ملتزمان، لأنهما مستقيمان، أما حينما يتفلت أحدهما فقد قال تعالى:

﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

[سورة المائدة : 14]

 كلام العامة: هذه البنت مسكينة ليس لها حظ، ما هذا الحظ؟ هل الحظ إله ثان، فلان محظوظ، كيف محظوظ ؟ كافر، فاسق، مؤمن، أريد أن أفهم الحظ ما علاقته بالاستقامة؟ كلمة ليس لها حظ كلام ليس له معنى، كلمة القدر سخر منه كلام ليس له معنى، كلمة الدهر قلب له ظهر المجن كلام ليس له معنى، هذا كلام الكفر، وكلام الشرك، ما أجمل المؤمن دائماً يضبط لسانه، يوجد إنسان يُؤله نفسه وهو لا يشعر يقول: أنا إرادتي قوية، من قال لك ذلك؟ الله عز وجل بلحظة يضعف لك مقاومتك وترتكب أكبر حماقة، أما انظر كلام سيدنا يوسف قال تعالى:

﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾

[ سورة يوسف : 33]

 قد تكون لك زوجة من الأنواع النادرة في الجمال ومع ذلك إذا ما استعنت بالله ترتكب حماقة مع امرأة لا تساوي معشارها في الجمال، هذا الموقف التوحيدي، يقول لك: بتعبي وبعرقي و بكد يميني، هذا كلام قارون، قال تعالى:

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

[سورة القصص : 78]

 قل: بفضل الله وبرحمته الله عز وجل أكرمني، دقق في كلامك، يقول لك: الله يعطي الحلاوة لمن ليس له أضراس، هذه آية أم حديث أم كلام إبليس؟ أي الله ليس حكيماً، هذا كلام إبليس، يعطي عطاءً لمن لا يستحق، ويحرم من يستحق، والعوام يتكلمون كلاماً هو الكفر بعينه، هو الشرك بعينه، لا يوجد عندنا دهر، أنا الدهر أقلبه كيف أشاء، لا يوجد عندنا إنسان محظوظ، يوجد عندنا إنسان موفق لقوله تعالى:

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾

[ سورة هود : 88]

 أي ما توفيقي إلا بالله، أي لا يمكن أن ينجح عمل على وجه الأرض إلا إذا وفق الله إليه، أحياناً الإنسان يكون تابعاً لقوي، سلاحه قوته، وقد يكون تابعاً لنبي، سلاحه كماله، فأنت إما أن تملك القلوب بكمالك، وإما أن تملك الرقاب بكمالك، كل واحد يعرف إلى أين ينتمي، الأنبياء قال تعالى:

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة القصص : 14]

 الأقوياء معهم سلطة، أنت قد تكون تابعاً لقوي تستخدم ما عندك من سلطة لابتزاز أموال الناس، وقد تكون تابعاً لنبي تستخدم كمالك لامتلاك قلوب الناس، بالكمال تمتلك القلوب، وبالقوة تمتلك الرقاب، وشتان بين القوي والنبي.

 

على الإنسان أن يصحح اعتقاده و يضبط كلامه :

 أيها الأخوة؛ ما أردت هذا الحديث وحده، أردت أن يصحح أحدنا اعتقاده، وأن يضبط كلامه، يقول له أحياناً: لحم أكتافك من خيري، ما هذا الكلام؟ أنت كلك من خير الله عز وجل، أنا مرة ذكرت قصة يوجد أخ من أخواننا طموح جداً، طموح إلى مشروع مركز مهني للفقيرات، أي بدل أن تجد امرأة متسولة نأتي بها ونعلمها الخياطة تعليماً حديثاً جداً في دورة، ونعطيها ماكينة خياطة، ونجعلها منتجة، بدل أن تأخذ الزكاة كمتسولة تعطي الزكاة كمنتجة، هذا المشروع جاهز ولكن يلزمه بيت، جاء إنسان - جزاه الله خيراً ورحمه الله توفي - قدم بيتاً في العفيف ثمنه ثمانية ملايين، طبعاً أجروا له حفل تكريم، كل الحاضرين أثنوا عليه، وألقوا كلمات رائعة، إلا أحد أخواننا الكرماء ألقى كلمة نادرة قال له: أيها الأخ الكريم كان من الممكن أن تكون أحد المنتفعين بجمعيتنا، أي أن تقف في الطابور، وتبرز هويتك، ونعطيك خمسمئة ليرة، وتبصم لنا، كان من الممكن أن تكون هكذا، ولكن الله كرمك فجعلك تعطي، فهذا من فضل الله عليك.
 كلما وحدت ترتاح، أحياناً يوجد سهرة أو جلسة ود، بنزهة مثلاً أخوان صادقون مؤمنون يوجد حبّ بينهم، يضحكون طبعاً ضحكاً بريئاً، وضحكاً مضبوطاً، وضحكاً شرعياً، أحياناً طرفة تمر والجو لطيف والجماعة يحبون بعضهم، هذا الضحك من نعم الله الكبرى، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾

[ سورة النجم : 43]

 أي الله سمح لك أن تضحك، يوجد شخص لا يوجد شيء اسمه ضحك في حياته إطلاقاً، لأنه إذا أراد أن يشرب ماء جهاز غسيل الكلية معطل، تبلغه الممرضة ألا يشرب ماء هذا الأسبوع ، أما أنت تفتح الصنبور وتشرب كأساً أو كأسين، لا يوجد لديك أي مشكلة، أما لو تعطلت الكلية، أنا موقف لا أنساه أبداً، أخ من أخواننا دعانا إلى غداء في بستان في الغوطة، وقال لي: البستان لعمي، ونحن كنا ثلاثين أو أربعين أخاً نأكل، فدخل عمه ولم يسلم علينا، أي موقف في منتهى الجفاء، قلت له: من الذي دخل؟ قال: عمي، قلت له: لماذا لم يسلم ؟ قال: اتركه بهمه جاء من غسيل الكلية لا يرى في عينيه، ثلاثون شخصاً ما شاهدهم، فالإنسان عندما يجلس مع أهله ويضحك معنى هذا أن الله سمح لك أن تضحك، وهذه من نعم الله، لا تشرك، لا تقل: سررنا، قل: الله عز وجل أكرمنا بهذا اللقاء، قل: الله عز وجل سمح لنا أن نضحك، والضحك نعمة من الله، يوجد أشخاص والله أنا أرى شخصاً يبكي، عندما الله عز وجل يشد على إنسان يبكي، قال لي شخص هو تاجر ساعات وقد أفلس: لي أخ يملك مئتي مليون- وهذه القصة من اثنتي عشرة سنة، مئتا مليون تقدر اليوم بألفي مليون - ما قدم لي شيئاً، وصرت مكشوفاً، ثم قال لي: ذهبت إلى بيروت، يوجد تاجر ساعات كبير، وكنت أنا زبونه سابقاً، قال له: كيف صحتك يا فلان طمئني عن حالتك؟ قال لي: بكيت، هل من المعقول أن يبكي الإنسان؟ بكى لأنه أفلس، هذا الرجل طبعاً ليس مسلماً، عندما شاهده يبكي حجز له في فندق ضخم جداً، وكان من أفخم فنادق بيروت، غرفة ثلاثة أيام هو وزوجته مع الطعام والشراب، قال له: اقعد ثلاثة أيام وارتح، بعد هذا تعال لعندي، جاء لعنده بعد ثلاثة أيام، أعطاه خمسين ألف ليرة لبناني رأسمال، وأعطاه بضاعة بخمسين ألفاً، يقول لي: أحبه أكثر من أخي، معه حق.
 يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وعلى بغض من أساء إليها، لا تقل له: أنا أخوك أحبني، أنا أحبك بعملك، إذا أنت بخلت عليّ بمبلغ بسيط يدعمني وجاء إنسان آخر غير مسلم دعمني سوف أحب الآخر، اكشف القوانين، اقرأ القوانين بتدبر.
 البارحة قال لي أخ على الهاتف: الآن أنا سوف أختم القرآن لمن أهبه أنا محتار، قلت له: لماذا محتار؟ قال: أهبه للنبي أم لأمة محمد كلهم أما لأمي وأبي أم لي؟ قلت له: لا يوجد أحد بحاجة لمساعدتك، اذهب افهمه وطبقه فقط، كأن إنساناً معه ألف مليار وليرة سوري لمن أعطيها؟ لا أحد بحاجة لك، الذي تتكلم عنهم يملكون ملايين، صلى الهل عليه لا ينتظر أن تهب له الختمة، ولكن ينتظر أن تطبق سنته، ينتظر أن تهتدي بهديه، ينتظر أن تسعد أنت.

 

النجاح بالعمل ليس بالذكاء أو الإعلان :

 أيها الأخوة؛ أتمنى عليكم إذا قرأتم القرآن أن تكتشفوا قوانين القرآن، النجاح بالعمل ليس بالذكاء ولا بالإعلانات، والله يوجد تجارب وأنا مطلع على تجربة البارحة كنت فيها، أي صعب أن تصدقها، رواج في البيع والشراء يفوق حدّ الخيال، إنسان، خمسة أولاد، خمسة بيوت بظرف كل شيء واقف، تنظر فتجد يوجد تقوى لله تفوق حدّ الخيال، انضباط بالمواد بأفضل أنواع المواد، سعر معتدل يعامل الله، وعندما عامل الله صار مستثنى من كل الأوضاع العامة، أي البضاعة مباعة سلفاً لشهر إلى الأمام، أكثر ثمنها نقدي، لا يوجد أي مشكلة أبداً، بظرف من ظروف الكساد الصعبة جداً رواج منقطع النظير، أي بإمكانه أن يغش فلم يغش، يقدم أفضل شيء للمسلمين، أفضل نوع للمسلمين بأفضل المواصفات، الله عز وجل عنده قوانين ثانية، يوجد قوانين الاقتصاد، ويوجد قوانين رب الاقتصاد، قوانين ربنا مبنية على الاستقامة، إذا أنت راقبت الله الله عز وجل لا يسلمك لغيره، أنا أقول لكم هذه الكلمة ولكن والله ملخص الملخص: مستحيل، مستحيل، مستحيل أن تخاف منه فيما بينك وبينه ويخيفك من إنسان، تتقيه فيما بينك وبينه ويخوفك من إنسان، أما إذا لا يوجد تقوى فيما بينك وبينه يأتي إنسان يملأ قلبك رعباً، إنسان يملأ قلبك قلقاً منه، من خاف الله خاف منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء، هذه العقيدة مهمة جداً، بالعقيدة الصحيحة أنت ملك، تسير على منهج، تعرف الإنسان المستقيم له معاملة خاصة من الله، المستقيم مستثنى مما يصيب الناس، المستقيم له فهم عميق للحياة، وكلامه مضبوط، أي يوجد كثير من القصص تؤكد هذه الحقائق، فإذا الإنسان ألقى الكلام على عواهنه وما كان منضبطاً يدفع الثمن باهظاً.
 سمعت قصة أن إنسانة لها ضرة، الضرة لا تلد، عقيم، فهذه الإنسانة أرادت أن تزهو عليها، وأن تتغطرس عليها، قالت لها: في بطني ولد، وعلى يدي ولد، وأمامي ولد، احزني وموتي، لأنها ضرة، من يصدق أن الأولاد الثلاثة ماتوا، ورزق الله الأخرى خمسة أولاد ذكوراً، الله كبير، هل تعرف قوانين الله عز وجل ؟ تتأدب جداً، تتأدب مع نملة، تتأدب مع خادم، إنسان يوجد عنده مشروع في المنطقة الحرة بمئات الملايين، جاء مهندس جيد وصالح ومستقيم لكنه عصامي، قال: كن عصامياً ولا تكن عظامياً، عصامي بجهده، أما عظامي فأنا ابن فلان، خطب ابنته والوسيط أحد أخواننا قريب الجهتين، قال له: ما دخلك يا بني؟ هذا الرجل ضرب المبلغ بثلاثة أضعاف، قال له: عشرة آلاف في الشهر، فقال له: هذا المبلغ لا يكفي ابنتي يوماً واحداً، ليس لك نصيب عندنا، وطرده، كلمة كبيرة، وهذا الإنسان فجأةً عمله في السوق الحرة صدر قانون أوقفوا المنطقة الحرة، وعليه التزامات كبيرة جداً، انتهى البيع وقع تحت عجز كبير، والعجز رافقه سوء تصرف، أي شبه أعلن إفلاسه، فالأخ الكريم من أخواننا الكرام يتصل به هذا التاجر بعد سنة ويقول له: هذا صاحبك الذي خطب ابنتي هل هو جاهز؟ قال له: أسأله، فسأله وكان عنده رغبة، قال: أرسله نتساهل معه، لا يوجد مشكلة، فأرسله وخطب ابنته وصار صهره، لا يوجد عند العم دخل فشغله عنده محاسباً، قال لي: والله اشتغل العم عند صهره محاسباً.
 الإنسان يضبط لسانه، أحياناً كلمة كبيرة تدمرك، كلمة تحدّ تمحق الإنسان، كلمة غطرسة تذل الإنسان، أخ من أخواننا قال: الدراهم مراهم، وهذه واحدة منهم من كلمات إبليس، الدراهم مراهم، وقال: بالدراهم يحل كل شيء، قال لي: أدبني الله، بقيت في المنفردة تسعة وستين يوماً، وكل يوم يأتي في بالي الدراهم مراهم، تفضل وحل المشكلة، كلمة الدراهم مراهم كلمة إبليسية، أي يجب أن تحرروا عقيدتكم من هذا الكلام الفارغ، امش في جنازة ولا تمش في زواج، من الذي قال لك هذا الكلام؟ هذا كلام إبليس لعنه الله، أما من يشفع شفاعةً حسنةً، أنت وفقت بزواج، كنت سبب تزويج شاب مؤمن بفتاة مؤمنة لك أجر كبير، حتى أنه يوجد قول في الأثر ورد: " من مشى بتزويج رجل بامرأة كان له بكل كلمة قالها، وبكل خطوة خطاها، عبادة سنة قام ليلها وصام نهارها."
 فيجب كل شيء تقوله تعمل له حساباً، هذه الكلمة غلط، وهذه شرك، وهذه كفر، وهذه غطرسة، وهذه استعلاء، أكثر الأسر نحن لا نفعل هذا، من أنتم؟ كأنهم طبقة فوق الناس، من أنتم؟ كلمة نحن فيها كبر، نحن هكذا نشأنا، نحن هكذا تربينا، كلمة نحن فيها كبر.

الكلمات المهلكات :

 أربع كلمات مهلكات؛ أنا، نحن، لي، وعندي، قالها إبليس، قال تعالى:

﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾

[ سورة ص : 75]

 وقال قول سبأ، قول بلقيس، قال تعالى:

﴿ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾

[ سورة النمل : 33]

 فأهلكهم الله، وقال قارون، قال تعالى:

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

[سورة القصص : 78]

 فأهلكه الله، وقال فرعون، قال تعالى:

﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[سورة الزخرف : 51]

 فأهلكه الله.

 

من تواضع لله رفعه :

 يقولون: نحن هكذا، من أنتم؟

يقولون هذا عندنا غير جائز  فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ؟
***

 نحن مؤمنون نخضع لكلام الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً ﴾

[ سورة الأحزاب : 36]

 لا يوجد خيار، أنت تحت الحق، نحن، وأنا، أنت، أين ربيت؟ المسلم أخو المسلم، الناس سواسية كأسنان المشط، عندما تفكر أن تقول: أنا، أصبحت عنصرياً، أنت أعلى من الناس، أنت من الناس.
 دخل على النبي رجل أصابته رعدة، قال له: " هون عليك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة، أنا واحد من الناس، وكلما تواضعت ترتفع.

وانظر إلى الأكحال وهي حجارة  لانت فصار مقرها في الأعين
***

 حجر الكحل عندما صار ليناً وضع في العيون.

 

تحميل النص

إخفاء الصور