وضع داكن
29-03-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 22 - الاهتمام بالأطفال في الإسلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الاهتمام البالغ بالأطفال لأنهم رجال المستقبل :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ لازلنا في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ))

[مسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم]

 السنة كما علمنا النبي أنه بعد أن يشرب علية القوم يوزع الشراب من على يمين علية القوم إن صح التعبير، فشرب النبي عليه الصلاة والسلام وعن يمينه غلام صغير أصغر القوم سناً - طفل - وعن يساره الأشياخ صحابة كبار، سيدنا الصديق، سيدنا عمر مثلاً، فالنبي الكريم السنة أن نبدأ بالغلام وعن يساره أشياخ:

(( فَقَالَ: يَا غُلامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ، قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ))

 سيد الخلق، سيد الرسل، أعلى إنسان بالمجتمع، بالمفهوم الحضاري رئيس الدولة، وعن يمينه غلام صغير، وحسب تعليماته يجب أن يشرب الغلام الصغير أولاً، وعن يساره أشياخ كبار، صحابته الكبار.
 هل ترون هذا النظام الصارم، الحديث هذا له استنباطات كثيرة جداً، أي أهم شيء في حياتنا أن نعتني بالجيل الصاعد، لأن هذا الجيل الصاعد هم رجال المستقبل، والأمة لا بأشياخها ولا بكهولها ولكن بصغارها، لأن الأجيال حينما تعطي الصغار خبراتها العالية ضمنا المستقبل، أنا لا أتمنى أن أمدح الشاردين عن الله في بلاد الغرب، ولكن شاهدت مشاهدات في سفرتي الأخيرة لا تصدق، ما وجدت فئة بالمجتمع يعتنى بها إلى درجة تفوق حدّ الخيال كالصغار، سيارة المدرسة إذا توقفت السائق يفتح لوحة اسمها قف، أي شارع مهما كان كثيفاً يجب أن يقف فيه السير نهائياً لجهتين، وأي سيارة تقترب من سيارة المدرسة أقل من ثلاثين متراً مخالفتها ثمانمئة دولار، حتى الطفل إذا أحبّ أن يمر بالجهة المعاكسة يكون الطريق آمناً، ليس من جهة السيارة بل من الجهة القادمة أيضاً، توقفت هذه السيارة الكل توقف حتى الطفل ينزل مرتاحاً.
 شاهدت صباحاً في الطرقات طريقاً صغيراً معبداً إلى جانب الحشيش لدراجات الصغار، وصل الصغير إلى تقاطع الطرق، هناك شرطة خاصة للصغار، يوقف الطريق، معه إشارة قف تلغي إشارات المرور الحمراء والصفراء والخضراء، يوقف السير، ويأخذ بيد الصغير وينقله للضفة الثانية، العناية بالصغار تكاد لا تصدق، في المدارس يوجد لكل طفل سرير إذا تعب ينام ساعة، وجبتا طعام، كل عشرة طلاب في صف، أجهزة، إلى آخره، فالنتيجة هذا الطفل تعلق تعلقاً شديداً بمدرسته أقوى من أبيه، وأقوى من أي جهة ثانية، وهذه أكبر مشكلة هناك يعاني منها الآباء، انتماء الطفل ليس له، لا لأمه، ولا لأبيه، ولكن لهذا الذي يرعاه، نحن أولى كمسلمين مليون مرة، هم يعتنون على الباطل، ونحن معنا الحق، نحن أولى مليون مرة أن نعتني بالصغار، أن نشدهم إلى الدين، أن نحببهم بالمساجد، أن نلبي رغباتهم المشروعة، حتى يربطوا هذا السرور بالمسجد، نحن أولى ألف مرة ومليون مرة من هؤلاء الشاردين الذين انحلت فيهم عرى الأسرة، أما الطفل فانتماؤه إلى من يعلمه بشكل يفوق حدّ الخيال لدرجة أن الآباء أحياناً يجهدون أن يقنعوا أبناءهم أن يزوروا بلدهم في السنة خمسة أيام فيرفضون.
 الطفل لا يوجد عنده أفكار عنده محسوسات، إذا أكرمته انضم لك، إذا أكرمته والاك، إذا أكرمته اتبع تعليماتك، فأنا الذي أراه لا يوجد عمل الآن بعد الفساد العام، بعد المشكلات التي يعاني منها المسلمون، لا يوجد عمل أعظم من أن تعتني بالطفل، قد يقول أحدكم: أنا دخلي لا يسمح لي، القضية ليست قضية دخل، قضية عناية، قضية وقت، قضية اهتمام، إذا أخذت ابنك معك، ولبيت له حاجاته المشروعة الطيبة، مثلاً هذا الحديث من فعل النبي صلى الله عليه وسلم يستنبط منه آلاف الاستنباطات، أول استنباط احترام شخصية الطفل، سيد الخلق يسأل طفلاً: هل تسمح لي؟ أحياناً الإنسان يتجاوز رجالاً، يتجاوز أشياخاً إذا كان متعنتاً برأيه، سيد الخلق يسأل طفلاً: هل تسمح لي أن أسقي الأشياخ قبلك؟ قال له: لا أسمح لك:... مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ "
 الشرب بعدك فضل كبير، ميزة لا أعطيها لأحد، إذا تعلمنا من النبي وأنا قلت لكم كلمة كل شيء وجدته إيجابياً هناك هو إسلامي والله، ولكن والله يفعلونه حباً في الدنيا.

 

العناية بتربية الأولاد جزء من الدين :

 أنا شاهدت شيئاً والله بالعناية بالأطفال لا تصدق أبداً، أول فئة معتنى بها إلى درجة كبيرة على حساب الأسرة، صارت العناية أن الطفل يستطيع أن يتصل بالرقم صفر إذا أبوه قصر أو أمه قصرت يستدعي الشرطة، هذه حلت عرى الأسرة، هذه غلط كبير، هذا غلط فاحش، ولكن أنا أقول لكم إلى أين وصلت العناية بالصغار، ولا يوجد حق يجمعهم، عناية بلا هدف، فصار الطفل لا يحتمل.
 بالمناسبة العناية الفائقة من دون هدف، من دون منظومة قيم صار الطفل لا يحتمل، نحن أولى كمسلمين أن نعتني بأطفالنا، نحضره إلى الجامع، نحببه بالمسجد، نقدم له هدايا بالمناسبات الدينية، نحتفل بأعيادنا ولا نحتفل بأعياد غيرنا، الذين يعتنون بأعياد أول السنة من المسلمين أكثر من غير المسلمين، يجب أن نحتفل بنبينا؛ بأصحابه الكرام، أنا أتمنى أن يكون لكل مسجد مناشط إسلامية تستوعب الأطفال، الطفل يحب الحاجات التي تتناسب مع سنه، يحب أن يسبح، يلعب، النبي صلى الله عليه وسلم سمح باللعب، مع أن اللعب تشبه التماثيل، استثناء خاص للعب حتى تدخل على قلب الطفل السرور، ويوجد أحاديث أن في الجنة قصراً خاصاً لمن يفرح الصغار، هذا الطفل الآن صغير وقد يكون عالماً كبيراً، قد يكون مصلح أمة، قد يكون منقذ أجيال، قد يكون إنساناً خطيراً جداً، وقد يتسلم منصباً حساساً، فإذا تلقى الرحمة والعطف والحنان ينشأ بقلبه رحمة وعطف وحنان على الناس، أحياناً تفاجأ بشخص لا يوجد فيه دين لكن لا يؤذي أحداً ويخدم، التفسير العلمي أن تربيته البيتية عالية جداً، قد تجد إنساناً بمنصب حساس غير ملتزم، بالأساس لا يصلي، ولكن لأنه تلقى تربية عالية جداً في البيت صار في قلبه رحمة على الناس، وهذه الرحمة جاءته من تربيته العالية في البيت، إنسان عنده طفل، بنت في البيت ممكن أن تكون سبب دخول الجنة، فنحن أولى من هؤلاء الشاردين بكثير أن نعتني بأطفالنا، أن نعتني بهندامهم، أن نعتني بعلمهم، أن نعتني بأخلاقهم، أن نعتني بتربيتهم، هذا جزء من ديننا، وهذا الحديث واضح جداً:

(( لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ أَوْ أَحَدُكُمْ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ كُلَّ يَوْمٍ بِنِصْفِ صَاعٍ ))

[الترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ]

 كلمة صاع بر بالحجاز على عهد النبي ثروة، أي الأغنياء يأكلون خبز الشعير أحياناً، صاع من بر شيء كبير جداً، هذا الحديث يبين احترام شخصية الطفل، والنبي الكريم عشية معركة أحد- تعرفون إذا كانت الدولة ستخوض حرباً فالقضية فيها اهتمام بالغ- النبي أجاز طفلاً لضخامة جسمه، ومنع طفلاً من المشاركة بالجهاد، فالذي منعه بكى وشكا إلى أمه أني أنا أصرع هذا الذي أجازه النبي، فجاءت أمه وعرضت المشكلة فاستدعاه وقال: تصارعا أمامي، النبي هل يوجد عنده وقت في هذا الوقت الحرج العصيب يحل مشكلة طفل صغير منعه من أن يشارك في الغزو، واستدعاه مرة ثانية وقال له: تصارعا أمامي، وأجاز أحدهما ثم أجاز الاثنين، الأول لضخامة جسمه، والثاني لقوته، فهذا تعليم لنا.
 كان عليه الصلاة والسلام إذا شاهد الصغار يلعبون يسابقهم، هل تصدقون ذلك؟ تأليفاً لقلوبهم، كان يركب الغلام على الناقة ليدخل على قلبه الفرح، أي غلام بالطريق، يصعد ويركبه أمامه، كان في البيت إذا صلى ارتحله الحسن والحسين فكان يطيل السجود، مرة كان يخطب رأى ابن ابنته الحسن يتعثر في مشيته فنزل من على المنبر فحمله وصعد، هذه أشياء دقيقة جداً.
 يوجد آباء يقول لابنه: ابقَ هنا، لا تدخل لعند الضيوف، دائماً مهمل، يدخل ويجلس معك مع الضيوف لا يوجد مانع، أنا أتألم ألماً لا حدود له إذا رأيت طفلاً أهين في المسجد، جلس في مكان يقال له: ارجع إلى الوراء، لماذا يعود إلى الوراء؟ شجعه، بأي صف دعه، أن تنهر طفلاً في المسجد، أساساً يوجد عقد نفسية يكفي أستاذ لغة عربية في المرحلة الابتدائية يضرب طفلاً ضرباً مبرحاً ليكره هذه المادة حتى الموت، يكفي أستاذ الرياضيات أن يسخر من طفل أمام كل زملائه ليكره الرياضيات حتى الموت، يكفي الطفل أن يضرب في المسجد مرة واحدة، يوجد العديد من الأخوة بعثوا لنا أولادهم من أماكن بعيدة في الصيف، يوجد طفل وضعه غير طبيعي إطلاقاً، خائف بشكل غير معقول، سألنا أهله، أرسلوه مرة إلى الشام لمعهد يظهر أنه غلط غلطة فرفعوه فلقة، فهذا ربط المسجد بالفلقة، لا يريد أن يأتي، خائف، وضعه كله مهزوز.
 فالذي يعتني بالصغار له عند الله أجر كبير، وأنا ما ذكرت هذه الميزات في بلاد الغرب مدحاً، والله هم فاسقون، فجرة، منحلون، أما فهي إيجابية عندهم، الطفل معتنى به إلى درجة وأنا أعتقد يوجد خطأ أصبح لا يحتمل، أي أصبح الطفل هناك من كثرة الاعتناء به لا يحتمل، نحن نريد حلاً وسطاً، لا تقمعه، لا تضربه أمام أصدقائه، أنت تعرف إذا ضربت طفلاً أمام أصدقائه ماذا فعلت معه؟ أنت كنت في حقه مجرماً، يتحمل منك أن تضربه بينك وبينه، ويعدها هذه محبة وتربية، أما تهينه أمام أصدقائه؟! كما أنت لك أصدقاء تخاف على سمعتك أمامهم هو له أصدقاء لا يحب أن يوبخ أمامهم، أحياناً أب يعاقب ابنه أمام أخوته أيضاً، عندما تهين شخصاً أمام أصدقائه أو أمام أترابه تكون قد عملت معه جريمة، الذي يريد ابنه أن يكون شخصية محترمة، قوي الشخصية، يكون عنصراً في المجتمع جيداً يجب أن يعتني بتربيته.

 

العناية بالصغار و الثناء عليهم :

 يقولون: إن التعليم حرف والتكرار ألف، هذا الموقف ليس صدفة، هذا الموقف أنا لي بهذا الموضوع رأي، وأظنه صواباً، كل شيء وقع في عهد النبي مفتعل، الله جعله ليقف النبي الموقف الكامل، هذا شيء غير طبيعي، الله ألهم الطفل أن يجلس أمام النبي، وما قال له النبي شيئاً، وما كان هناك ضيافة، جاءت الضيافة، حسب ما أعطى تعليمات الطفل أولاً يشرب، فالنبي استأذنه ووقف الموقف الكامل، فكل شيء وقع مع النبي في حياته مقصود لذاته ليكون سبب التشريع، الصغار يجب أن تعتني بهم، يوجد لنا أخوان والله أنا أثني عليهم، يعلم ابنه على دفع الصدقات وهو صغير، يجعل الدفع عن طريق ابنه، يعلمه كيف يعطي، مرة قال لي أخ: أنا كلما أريد أن أدفع صدقة أكلف ابني أن يدفعها حتى إذا مت يتعلم على الدفع للناس، أحياناً يأخذ الأب ابنه لمجلس علم، ويسأله: ماذا فهمت يا ابني؟ يمتحنه، إذا الأب دعي خذ ابنك لا يوجد مانع، أنا لفت نظري أيضاً هناك بأي مكان في الطائرة يوجد كرسي خاص للطفل، يوضع ضمن الطائرة، يصير الطفل كأنه كبير، يرى النافذة، كل صغير يحضرون له مقعداً يوضع ضمن مقعد الطائرة حتى يجلس مثل الكبار، حتى إذا جلس مع أبيه بالسيارة له مقعد خاص يوضع ضمن السيارة حتى يصير مثل الكبار جالساً يرى من النافذة، إذا طفل صغير جلس غار في الكرسي لا يرى شيئاً، يضعون له مقعداً مساعداً، حتى في المطاعم، أينما ذهبت يوجد مقعد مساعد للصغير حتى يجلس مثل الكبار، هذا يعمل للطفل معنويات عالية.
 نحن لا نريد أن نعمل له معنويات عالية لدرجة لا يحتمل، ولا نريد أن نسحقه، اذهب وابق في غرفتك، إذا جاءك ضيوف وابنك جلس أمامهم ماذا حدث؟ إن تكلم بشكل خاطئ صلح له، يجب أن يغلط.

بطولة الإنسان أن يربي من حوله بالإقناع لا بالقمع و القهر :

 مرة لي صديق دخل إلى شركة ضخمة جداً، غلط غلطة فخجل، فقيل له: لا، الغلط شيء طبيعي، ولكن البطولة ألا تغلط مرة ثانية، وإذا أب عاقل، أو مدير مؤسسة، أو مدير شركة، الخطأ لابد منه، ولكن كلما غلط نبهه، هذا الغلط وهذا الصواب، أما تتوقع طفل ما عرف شيئاً ألا يغلط أبداً؟! هذا كلام مستحيل، دعه يغلط ويتعلم أفضل من أن تمنعه ولا يتعلم، يجب أن توطن نفسك ابنك سوف يغلط، وسوف تنزعج من غلطه، ولكن إذا لم يغلط لن يتعلم، غلط قل له: هذا الغلط هكذا صوابه، عندما يرى أن هناك تفهماً يبوح بمشكلاته لأبيه، إذا باح بمشكلاته لأبيه أفضل من أن يبوح بمشكلاته لصديقه، وصديقه جاهل على جاهل، فأنت إما أن تقبل أن يبيح لك بمشكلاته وتكون أنت متنفساً له، أو أن تمنعه أن يقول لك شيئاً فصار هناك نفاق في البيت، ازدواجية، تأتي إلى البيت كله منضبط، تخرج يفعلون كل شيء، فإذا كان وجودك في جو، وفي غيابك جو آخر لا يرضي، أنت لست مربياً ناجحاً، لأنهم قالوا: من أطاع عصاك فقد عصاك، الذي يخاف من سلطتك هو إنسان غير جيد، هو يعصيك وأنت لا تشعر، إذا كانت الزوجة ترضي زوجها بحضوره، وإذا غاب تفتح الباب على مصراعيه، تخرج إلى الشرفة من دون حجاب، إذا كانت تفعل شيئاً في غياب زوجها وشيئاً في حضوره هذه أسوأ زوجة، لأن زوجها ما تمكن أن يربيها تربية عالية، البطولة أن تربي الناس الذين حولك ما يفعلونه أمامك يفعلونه في غيبتك، وهذا لا يأتي بالقهر والقمع، لا يأتي بالضرب، هذا يأتي بالإقناع، علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف، لا تعنف، أقنع، واعتبر الطفل له شخصية، ويؤلمه ما يؤلمك، فالسحق، والضرب، والقمع، والإهانة، كثير من الآباء كلامهم قاس مع أبنائهم، يسبه دائماً، أنت حمار، لن تصير ذكياً بحياتك، هو مقصر وأنت أعنته على التقصير فتحطم، أما إذا عمل عملاً طيباً و أنت أثنيت عليه فتكون بذلك قد نعشته.
 إنسان دخل وأحدث ضجيجاً لا يحتمل في المسجد يريد أن يلحق مع النبي ركعة، قال له النبي:

(( عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ))

[النسائي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ]

 من أين درسها؟ من زاوية ثانية، من زاوية الحرص، وقال: " علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف " ممكن أن تكون أسعد الناس بأولادك، وبيتك صغير، ودخلك قليل، ولباسك متواضع جداً، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم، إذا ألبست ابنك أفخر الثياب، وأطعمته أطيب الطعام، و لم تنتبه إلى أخلاقه، و لم تربه، النبي الكريم يقول:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

 يطعمه ولكن ضيع له دينه، ضيع له أخلاقه وهو يطعمه، فإذا كانوا هناك يعتنون بالأطفال عناية تفوق حدّ الخيال الأولى نحن أن نعتني بهم.

 

إكرام الأطفال و العناية بهم لأنهم أملنا الوحيد :

 أنا أرجو الله عز وجل أن يرحمنا بحسنة الصغار، عندنا أطفال كثر معتنى بهم عناية فائقة والله، مشدودون إلى المعهد بحدّ يفوق حدّ الخيال، يوجد إكرام لا أريد أن أقول ماذا حدث من يومين، يوجد أخ من أخواننا وأنا والله مضطر أن أقول قدم لكل طلاب المعهد كنزات جديدة، أربعمئة وثمانون كنزة، وعندما وزعناهم السرور الذي صار لا يصدق، طالب أخذ من الجامع كنزة لبسها جديدة، وقد يكون ليس بحاجة لها، وهذا معنى ثان، ليس كل شيء صدقة، يوجد شيء اسمه إكرام، لا تكن متعنتاً، يمكن هذا الطفل والده ليس بحاجة لكنزة، ولكن أخذ كنزة من الجامع ولبسها، يوجد أخوان يقدمون أشياء للطلاب ثمينة جداً، أدوات قرطاسية مثلاً، ألعاب، مصاحف، ألبسة، هذا الطفل شاهد الجامع يستطيع أن يذهب إلى مزرعة يسبح، ويلعب، ويأكل، ما معنى الجامع عنده؟ شيء محبب، كلمة مسجد متألقة عنده، وفيها إكرام كبير، فنحن أولى أن نطبق هذه التعليمات، أولى أن نعتني بصغارنا، ما بقي لنا أمل غيرهم.

تحميل النص

إخفاء الصور