وضع داكن
28-03-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 21 - أشكال النفاق.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الدين منهج كامل :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ قبل أيام عدة ذكرت لكم الحديث الشريف، وذكرت وقتها أنه يقصم الظهر، أن أناساً لهم أعمال كجبال تهامة بيضاء يجعلها الله هباءً منثوراً، وسيدنا ثوبان سأل النبي عليه الصلاة والسلام قال: يا رسول الله جلهم لنا- صفهم لنا- لكيلا نكون منهم ونحن لا نعلم، فقال: هم أناس من بني جلدتكم، يصلون ويصومون ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.
 كل ضبطهم أمام الناس، فإن كانوا في معزل عن الرقابة فعلوا كل شيء، إذاً هؤلاء لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزناً، فهذا الحديث يقصم الظهر، إنسان يقدم تقديماً كبيراً ويلغى عمله، إنسان سوف يشتري بضاعة، ومعلق عليها آمالاً كبيرة يجد قيمتها صفراً، لكن نحن أيها الأخوة مع مرور الزمن، ومع شيوع الجهل بين الناس، ومع مسخ الدين إلى عبادات شعائرية شكلية صار الدين عندنا صلاة، كل إنسان يصلي صاحب دين، الدين عندنا صيام، كل إنسان صائم صاحب دين، هذه خمس عبادات شعائرية.

المديح مرض العصر اليوم :

 الحديث الصحيح المألوف والمشهور والمعروف وهو على كل لسان حتى الأطفال يحفظونه:

(( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو]

 وقبل أن أتابع إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، لأنه أخذ ميزة المؤمن وكان كافراً، استطاع بذكائه أن يقنع الناس أنه مؤمن، بتجارته وثق الناس به، في زواجه مسلم يصلي، أخذ ميزة المؤمنين وهو كان مقصراً فلذلك استحق الدرك الأسفل.

((قَالَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

 الإنسان أحياناً يقرأ النصوص قراءة تبرك، ولكن يوجد نصوص مخيفة لمجرد أن تكذب دخلت في النفاق، لمجرد أن تغدر دخلت في النفاق، لمجرد أن تخون دخلت في النفاق، فالخيانة تخرجك من الإيمان، والكذب يخرجك من الإيمان، والغدر يخرجك من الإيمان، والخصومة الفاجرة تخرجك من الإيمان، دقق في حياة المسلمين، تسعة أعشار كلامهم كذب، في بيعهم وشرائهم، في زواجهم، تعطي الأم عن ابنها صورة إما صدّيق أو نبي، ثم يكتشف أنه وحش لا يصلي، يشرب الخمر، الخطبة بنيت على الكذب، التاجر يعطي وصفاً لبضاعته أفضل بضاعة، أجود بضاعة وهي أسوأ بضاعة، ففي البيع يوجد كذب، وفي الشراء يوجد كذب، وبالوساطة يوجد كذب، وبالزواج يوجد كذب، يطلق بلا سبب، و يلصق بزوجته الطاهرة آلاف الصفات التي هي بريئة منها حتى يبرر لماذا طلقها، وتكون هي المجرمة بحقها، في الطلاق، في الزواج، في البيع، في السفر مجاملات.
سيدنا عمر مرة كان جالساً مع أصحابه، إنسان قال: ما رأينا أفضل منك بعد رسول الله، هي كلمة مجاملة، كلمة مديح، يفهمها معظم الناس، أنت إذا مدحت مرة إنساناً لا يصلي أمام ابنك، إنسان لا يوجد به دين، إنسان هيئته متفلت، تقول: لطيف، محترم، معشراني، كريم، أنت ماذا فعلت حينما مدحته مدحاً كاذباً إما خوفاً أو طمعاً؟ أنت دمرت القيم، إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق، الآن لا يوجد فاسق لا يمدح.
 أسرة تخطب من بيت حتى يدغدغ مشاعرهم يقول: أسرة علم، أسرة فضل، من بيت عريق من بيوتات دمشق، حتى الخطباء أحياناً بعقود القران يثنون على هذه الأسرة ثناءً غير معقول، لا يوجد شيء من هذا إطلاقاً، صاحب مسبح مختلط تسبح النساء به شبه عرايا مع النساء عمل مولداً ودعا أناساً تكلموا في المولد وأثنوا على كرمه.
 مرض العصر المديح، مديح الكاذب، من لا يصدق أنك إذا مدحت مدحاً كاذباً خرجت من الدين، إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق، لا تزكي على الله أحداً، أحسبه صالحاً ولا أزكي على الله أحداً؟
 فهذا الحديث لو فهمه الناس فهماً عميقاً، مرة جلست جلسة، القصة كلها كذب، كل شيء ألقي فيها غير صحيح، مجاملات، تطييب خواطر، مديح كاذب، المشكلة أن هذه المجاملات دخل بها من يعملون بالحقل الديني، مرة حضرت عقد قران أثنى الخطيب على الأسرة ثناء، وأنا لقرابتي منهم أعرف أن هذا الشاب فاسق، فاسق وفاجر، وله تجارب في الزنا كثيرة جداً، وله انحرافات كثيرة جداً، والذي ألقى كلمة في هذا العقد أثنى ثناء منقطع النظير، حسب ما قال: إما صدّيق، أو مؤمن كبير هذا الشاب، وبعد سبعة عشر يوماً طلقها.

 

الكذب و النفاق ينهيان المجتمع :

 أنت عندما تتكلم كلاماً غير صحيح دمرت القوى، الأنبياء جاؤوا بالكلمة، لماذا جاؤوا بالكلمة وأفلحوا؟ لأنها كانت مقدسة، أما الكلمة الآن فهي غير مقدسة، يقول لك: كله كلام بكلام، كله كذب، فإذا فشا الكذب في مجتمع انتهى المجتمع، قد يكون محامياً يعلم علم اليقين أن موكله ظالم ويدافع عنه، ويأتي بوثائق مزورة، ويعد هذا فلاحاً وذكاءً، هذه مشكلة، إذا ألغينا الكذب من حياتنا والله الذي لا إله إلا هو لوجدتم مجتمعاً غير هذا المجتمع، مئة وثمانون درجة يختلف عنه، كن صادقاً.
 رسول صلى الله عليه وسلم وجد صهره بين الأسرى، وهو مشرك جاء ليقاتل، ولو أتيح له لقتل، فالنبي كان صادقاً قال: " والله ما ذممناه صهراً " قضية وجوده مع المشركين أما كصهر فممتاز، ما كذب، أما أكثر الناس إذا أحبوا شخصاً جعلوه نبياً، وإذا بغضوه أسقطوا عليه كل الصفات الخسيسة، أين العدل؟

(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع؛ خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى))

[أخرجه زيادات رزين عن أبي هريرة]

 أنت هل عندك جرأة أن تمدح خصمك بما هو فيه؟ عندك جرأة تنتقد أقوى الناس؟ هذه تحتاج إلى بطولة، الأقوياء والأغنياء يكلمهم الناس فيما يرضيهم، ما الذي يرضيهم؟ أن تمدحه وتعلم أنت علم اليقين أنه فاسق، وأنه فاجر، إذا دخل النفاق في مجتمع انتهى المجتمع، من يصدق أربع كلمات تستحق الدرك الأسفل من النار، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[ سورة النساء: 142]

﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾

[ سورة التوبة : 54]

 يصلي و ينفق وهو كافر، قال عليه الصلاة والسلام:

(( قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ))

[أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلالِ كُلِّهَا إِلا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

 كم إنسان تزوج وفي نيته أن يطلق، لا يتزوج، أجرى عقد قران شرعي؛ إيجاب وقبول ومهر وشاهدان، وفي نيته أن هذا الزواج مؤقت، هذا عند بعض الأئمة زنا، ما لم يكن التأبيد أحد مقوماته فهو زنا، كم إنسان يتزوج زواجاً مؤقتاً؟ كم إنسان يحاسب شركائه حساباً غير صحيح؟ كم إنسان يكذب بالبيع والشراء؟ إذا أصبحت حياة الإنسان كذباً بكذب الله عز و جل لا يقيم لنا وزناً يوم القيامة، الذي أتمناه أن المؤمن صادق لا يكذب، ما الذي جعل أهل مكة يخضعون للنبي؟ ما جربوا عليه كذباً قط، لا يكذب، أنت كمؤمن محسوب على أهل الإيمان، لك مسجد، لك انتماء ديني، أن تعرف بين كل من حولك أنك لا تكذب أبداً.
 لو فرضنا إنساناً قال لك: أيهما تفضل هذا البضاعة أم هذه البضاعة وأحد البضاعتين بضاعتك أنت الذي أحضرتها؟ عندك إمكانية أن تنصحه بغير بضاعتك، هذا الحد الأدنى من الإيمان، هذه أفضل ولكن بضاعتي أرخص ومستوى الجودة أقل، أما كنصيحة فبضاعة فلان أفضل، من يفعل هذا؟
هل عندك إمكان إذا كان هناك عيب في البضاعة أن تظهره؟ يقول لك: هذا من هنا إلى بردى حاضر حلال، هذا كلام من؟ كلام إبليس، من هنا إلى بردى كلام إبليس، بيّن له العيب وخذ سعراً أقل لا يوجد مانع، البضاعة التي فيها عيب مسموح بيعها ولكن مع بيان العيب، انتهى الأمر، أما إخفاء العيوب، كذب بالرأسمال، كذب بالنوعية، كذب بالماركة، كذب بالمنشأ، وأول ما يؤذن إلى الجامع، فكل حياتنا صارت كذباً فكيف ينظر الله لنا؟

 

إيمان الإنسان يتجلى بصدقه و طاعته لله :

 هذا الحديث أيضاً من قواصم الظهر:

(( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

 أحد الصحابة ألقي القبض عليه وسيق إلى مكة ليقتل، قيدوه وأودعوه في بيت ريثما يقتل، ابن صغير من أبناء صاحب البيت سار إليه وجلس في حضنه، وهذا الصحابي كان بيده سكين، طلب سكيناً ليعالج بها بعض شأنه فأعطوه سكيناً، وابن صاحب البيت جاء إليه عفواً، فالأم أكدت أن ابنها قد ذبح، لأنه بعد ساعة مقتول، إنسان موجود ليقتل شيء طبيعي أن يقتل، قال لها: لا تخافي ما كنت لأفعل، يوجد انضباط، سيعدم بعد قليل.
 صحابي آخر أثناء الهجرة عاهد الذين اعترضوه، قال: والله لأن أطلقتموني لا أقاتلكم ما حييت، فأطلقوه وذكر هذا للنبي والنبي فرح به، بعد عدة سنوات صار هناك غزوة فانخرط مع الغزاة ونسي أنه عاهد الذين قد عاهدهم، النبي يذكر قال له: "ارجع أنت لقد عاهدتهم ألا تقاتلهم".
 هذا الإسلام، الإسلام الذي انطلق من مكة إلى الصين بالأخلاق، الآن يوجد شعائر، يوجد مساجد، مظاهر إسلامية صارخة ولكن لا يوجد أخلاق، ضمن الحلقة الواحدة يوجد مشاكل، ضمن الجماعات يوجد سوء ظن، وطعن، وكذب، وطائفية دينية ضمن الجماعات الإسلامية، فكيف نتمنى على الله أن يرحمنا وأن يحبنا ونحن تاركون لبديهيات الإيمان؟
 أيها الأخوة؛ يجب أن تعتقد جازماً أن إيمانك في طاعتك لله، إيمانك في أن تكون صادقاً، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه، المؤمن لا يوجد عنده ازدواجية، سره كعلانيته، سريرته كجهره، خلوته كجلوته، هو في بيته كما هو أمام الناس لا يكذب، لا يخون، لا يفجر، يوجد شخص إذا خاصم يقيم الدنيا ولا يقعدها، الفاجر في المخاصمة منافق، لا يوجد اعتدال، أحبب حبيبك هوناً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، فالله عز وجل على لسان النبي الكريم الذي لا ينطق عن الهوى يؤكد لنا من خان فقد نافق، ومن كذب فقد نافق، ومن غدر فقد نافق، ومن فجر فقد نافق، كان منافقاً خالصاً، وإن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.

 

كلمة الحق لا تقطع رزقاً ولا تقرب أجلاً :

 الآن كلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرب أجلاً، أحد أخواننا يبيع قطع تبديل سيارات، يوجد عنده قطعة بقيت خمس سنوات، ثمنها عشرون ألفاً تتحول من جرد إلى جرد، ضاق بها ذرعاً، لا تباع معه، قال لي: جاء زبون يريدها، قال لي: أنزل لي إياها، وأنا أنزلها وأنا على السلم قال لي: أصلية؟ وهي غير أصلية، قال لي: تزلزلت إذا قلت له: أصلية كذبت، وإذا قلت له: ليست أصلية، لن تباع، قلت له: لا، ليست أصلية فقال لي: هاتها، كلمة ليس أصلية صار بيعها حلالاً، بلغه ودفع ثمنها، كلمة الحق لا تقرب أجلاً ولا تقطع رزقاً.

(( أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ))

[ ابن ماجة عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

 ما هو لك لك، إذا أنت أيقنت رزقك على الله وحياتك بيد الله لماذا الكذب؟ بغية ربح؟ كل شيء يأتيك عن طريق معصية لا قيمة له، لا تكذب، كم زواج تمّ فيه مرض خطير؟ قصور في القلب، معها صرع، تظهر المشكلة، أنت عليك أن تبلغ وعلى الله، تخفي عيوب البنت إخفاء غير معقول بعد هذا يفاجأ الصهر أنه يوجد عندها نوبة صرع، وتأخذ حبوب باستمرار، لا يجوز، هناك أمراض لا مشكلة فيها، وأمراض يجب أن يعلم الخاطب حتى لا يكون هناك غش، نكذب بالزواج طلقنا، نلصق بالزوجة كل التهم السافلة، الله كبير، بعنا نمدح البضاعة، اشترينا نذمها، حتى نزعزع ثقة صاحبها، ويبيعها بسعر بخس، إذا أردنا أن نشتري بيتاً يخفي صاحب البيت عيوبه، قد يكون هناك مشكلة، يوجد زعزعة بالأساس، أمر بإخلاء البيت، كل بيت يباع فيه خطر لا يقال للمشتري فالبيع حرام، إذا نحن وصلنا إلى هذا المستوى فلا قيمة لديننا، وليس لنا عند الله شأن. هذا الحديث أيضاً من قواصم الظهر.

(( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

الدين صدق و وفاء و أمانة :

 الآن في المهن كلها، بالتدريس أحياناً يكون الطالب جيداً، نعطيه علامة سيئة جداً حتى يأخذ درساً خاصاً عند الأستاذ، أنت كذبت على والده، سببت له مشكلة، الأب غضب على ابنه، والأم تدخلت فطلقها الأب مثلاً، من أجل أن تبتز من هذه الأسرة بدروس خاصة عملت مشكلة كبيرة في البيت، قصة صعب أن تصدقوها، رجل بلغه عن ابنته قصة غير صحيحة، فأحبّ أن يتأكد عمل تحليلاً، موظف التحليل وقعت العينة من يده وانكسرت، فقال في نفسه: إيجابي، موضوع حمل، وقال للأب: مبروك حامل، ذهب الأب وذبح البنت والخطأ من التحليل وهي ليس حاملاً، أحياناً كلمة واحدة تسبب جريمة، كلمة واحدة تفض أسرة، كلمة واحدة تفض شركة، فعندما يدخل الكذب في حياتنا انتهينا، والله عز وجل لا يلقي لنا بالاً، ولا يرحمنا، ويتخلى عنا، لا تكذب أبداً، الدين صدق، ما معنى دين وليس صادقاً؟ الدين وفي، الدين أمين، الدين خصومة معتدلة من دون جرح، من دون سباب، إذا خاصمت لا تفجر، وإذا عاهدت لا تغدر، إنسان دخل إلى بيت ليسكن على أثاث ثلاثة أشهر بقي ستاً وثلاثين سنة والقانون معه، وهذا الحاضر، ثمن البيت ثلاثة وعشرون مليوناً، أجرته في الشهر مئة ليرة، أنت دخلت جمعتين أو ثلاث فقط حتى تدهن بيتك، هكذا صار المسلمون هم وصلاتهم، ما هذه الصلاة؟ لا قيمة لها، لا قيمة لصيامهم، لا قيمة لحجهم.
 من حج بمال حرام وقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك، امرأة تدخل النار في هرة حبستها، إذا الإنسان استغل صانعاً عنده يتيم وليس له أحد، أعطاه أقل أجر بأعلى جهد، واعتبر نفسه ذكياً، هذا إنسان تستغله تأخذ منه زهرة شبابه وتعطيه أقل مما يكفيه طعاماً وشراباً، وعنده أم وأخوات، فإذا ما أنصفنا لا يحبنا الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام:

(( أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ))

[ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

 ما قال: أعطه أجراً، قال: أجره، أي الأجر الذي يتناسب مع جهده، الأجر الذي يتناسب مع حاجته، يوجد الكثير من أصحاب المصالح يعطي أجيره أقل من الحاجة بكثير، ويسألك: أنا عندي موظف فقير جداً يجوز أن أعطيه زكاة؟ لا تنس أنه أعطاه أقل من حاجته، يخصم الزكاة من مكافآت الموظفين معنى هذا أن الزكاة ما دفعتها، أنت ملزم أن تعطي الموظفين زكاة على العيد، أو على نهاية الموسم، فحسبتها من الزكاة معنى هذا أن الزكاة ما دفعتها أنت، كل دفع للزكاة يخفف من مصروفك هذه ليست زكاة، أخته عنده في البيت ينفق عليها، يلزمها أدوية على العيد، قال لي: سوف أحسبهم من الزكاة، قلت له: معنى هذا أنك لم تدفع الزكاة لأنك أنت ملزم بالإنفاق عليها، فحاجاتها الأساسية حسبتها من الزكاة، معنى هذا أن الزكاة ما دفعتها أنت.

 

النهي عن الكذب :

 يا أيها الأخوة؛ الكلام دقيق حتى يحبنا الله، حتى ينصرنا، حتى لا يتخلى عنا، حتى لا تسمع أخباراً مزعجة جداً كل يوم، كأن الله تخلى عن المسلمين لأنهم كاذبون، لا تكذب، الكذب يخرجك من الإيمان ويدخلك في النفاق، ونحن نظن أن الكذب شطارة، نظن أن الكذب نوع من الاحتيال، نوع من الحكمة، لا، لا يوجد كذاب حكيم أبداً، لا يوجد كذاب شاطر، لا يوجد كذاب مقرب، عندما يكذب لم يعد مؤمناً، أعتقد شيئاً بديهياً عندكم أن إنساناً كذب على فرسه، رفع له طرف ثوبه وأوهمه أن فيها شعيراً، وكان يحفظ حديثاً عن رسول الله، جاءه صحابي من المدينة إلى البصرة، تصور من المدينة إلى البصرة على ناقة أو على فرس، في الليالي، وفي الصحارى، احتمال أن يموت ليأخذ حديثاً عن النبي، عندما كذب على فرسه ما قال له ولا كلمة قال: الذي يكذب على فرسه ليس أهلاً أن ينقل عن رسول الله.
 امرأة تقول لابنها: تعال لأعطيك، قال لها: ماذا أردتِ أن تعطيه؟ قالت: تمرة، قال: إنك لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة صلى الله عليه وسلم.
 لي قريب مقيم في أمريكا، جاء في الصيف عنده ابن عمره خمس سنوات، أحدث ضجيجاً في النهار، قالت له جدته: اقعد آخذك مساءً في نزهة، هذا الطفل جلس كما قالت، في المساء لم تأخذه قال لها: أنت كاذبة، ومعه حق أن يقول لها هذا لأن الأمر واضح، لا تتكلم كلمة غلطاً، لا توعد وعداً غلطاً، أم تكون مع ابنتها ذهبت مشوار وعندما تأتي أين كنتِ؟ لم نذهب إلى أي مكان، أمام الأب علمتها الكذب لأنها كذبت أمامها، الآن يقول لابنه: أنا ليس في المنزل، يقول: قال بابا ليس هنا، الطفل بريء.
 نعلم أولادنا الكذب دون أن نشعر، لا تكذب، المؤمن لا يكذب ولو كان الحق مراً، هذا الشيء الذي أتمنى أن يكون واضحاً.
 يوجد نقطة مهمة جداً؛ إذا الناس كلها كذبوا انتهى الدين، إذا كان هناك واحد بالمئة من المؤمنين لا يكذبون فهذه الدائرة تتنامى، نحن المشكلة لا ينفرد الباطل في الساحة، لا ينفرد الكاذبون في الساحة، يجب أن تكون هناك مجموعة لا تكذب أبداً مهما يكن ما يكن، وهكذا ينظر الله إلينا بعين الرحمة.

تحميل النص

إخفاء الصور