وضع داكن
28-03-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 13 - أي الإسلام خير ؟ إطعام الطعام وإفشاء السلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أنواع الاختلاف بين البشر :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ لازلنا في صحيح البخاري، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما - هناك عبد الله بن عمر وهناك عبد الله بن عمرو، وكلاهما صحابيان، وكلا الأبوين صحابيان، لذلك إذا ورد الابن مع الأب وكلاهما صحابيان تقول رضي الله عنهما -:

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ))

[ مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّه عَنْهمَا]

 أي خصال الإسلام خير؟ كلكم يعلم قبل أن أمضي في شرح هذا الحديث أن هناك اختلافاً محموداً عند الله اختلاف التنافس، وهناك اختلاف طبيعي سببه نقص المعلومات .

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة البقرة:213]

 فإذا جاءت المعلومات صحيحة، قطعية، بينة، انتهى الاختلاف، فكيف نفسر اختلافاً بين المسلمين مع أن كتابهم واحد قطعي الثبوت ونبيهم واحد ومنهلهم واحد والقواسم التي بينهم لا تعد ولا تحصى؟ أعداؤهم يتعاونون على خمسة بالمئة من قواسهم المشتركة، وهم يتقاتلون على تسعين بالمئة من القواسم المشتركة، يفسر هذا بالاختلاف الثاني قال تعالى:

﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾

[سورة آل عمران : 19]

 هذا الاختلاف القذر، اختلاف الحسد، اختلاف البغي، اختلاف التنافس القذر، أعاذنا الله منه، ولا يكون المؤمن مؤمناً إلا إذا انتمى إلى مجموع المؤمنين، يجب أن تحب كل المؤمنين، يجب أن تحب كل من وحد، وكل من استقام على أمر الله، وكل من أقبل على الله، بصرف النظر عما إذا كان من جماعتك، أو من غير جماعتك، لا يجوز ولا يرضي الله عز وجل أن نكون كالفقاعات في العالم الإسلامي كل يدّعي وصلاً بليلى، على كل هذا الخلاف الثاني قذر، أما الخلاف الثالث المحمود فقد قال تعالى:

﴿ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[سورة البقرة: 213]

 مؤمنون، هذا المؤمن اجتهد أن إنشاء المساجد ودور الأيتام هذا أعظم عمل، مؤمن آخر قال: الاجتهاد بالفقه، والتمكن من علم الفقه، والتأليف في الفقه هذا أعظم عمل بارك الله به، إنسان ثالث رأى أن الرد على النظريات الهدامة هذا عمل عظيم ينقذ الشباب الجامعي الذي دخل في هذا الباب، نحن ممكن أن نتنافس في أبواب العلم، نتنافس في أبواب العمل الصالح، هذا التنافس محمود، والحقيقة غير أنه محمود كل إنسان أعتقد أن أعظم شيء التفسير، هذا سد ثغرة في الإسلام كبيرة جداً، أي جرد نفسه للتفسير، إذا اعتقد إنسان آخر أعظم شيء علم المواريث حفظ هذا العلم، إذا اعتقد إنسان آخر أعظم شيء إنشاء معاهد شرعية، شيء جميل ضمن العالم الإسلامي، ضمن حلقة الإيمان ممكن أن نختلف اختلاف تنافس، وهذا الاختلاف محمود، فإذا اختلفنا اختلاف تنافس معنى ذلك أغلقنا كل الثغرات، معنى ذلك أحطنا الدين من كل جوانبه، ترى شخصاً لا أحد يحل محله، الفقيه لا يوجد أحد يحل محله، متبحر، عنده أدلة تفصيلية، واجتهادات رائعة، وعنده موقف دقيق، والمفسر لا يوجد من يحل محله، والرجل الذي يعمل في نشر الحق، الداعية إنسان آخر، العالم إنسان، الداعية إنسان، والقاضي إنسان، والمجتهد إنسان، حتى العالم يوجد عالم بالعقائد، وعالم بالتفسير، وعالم بالفقه، وعالم بالحديث، وعالم بالتاريخ، فنحن ممكن أن نختلف اختلاف تنافس من هنا جاء هذا الحديث:

(( أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟.....))

أي خصال الإسلام خير؟

 

إطعام الطعام عمل عظيم جهده قليل و خيره كثير :

 يوجد للإسلام آلاف الخصال، أريد خصلة جهدها قليل وخيرها كثير، أي الإنسان أحياناً يعمل بائعاً متجولاً من الصباح وحتى الساعة التاسعة ليلاً، أي تنفق قواه، والربح مئتا ليرة، ثلاثمئة، خمسمئة، يأتي تاجر يعمل اتصالين يأخذ مليون ليرة، وجالس في مكتبه، ومكتبه مكيف، ومريح، ولم يبح صوته، ولا أصابه شيء مثلاً، فإذا الإنسان وجد عملاً مريحاً دخله كبير يكون ذكياً جداً، مرة كنت أسير في الطريق فوجدت محل موالح، مكتوب على المحل: نريد مصلحة أريح وأربح، معه حق، يريد مصلحة أربح وأريح، دائماً الأذكياء يبحثون عن جهد قليل، ومردود كبير، والإنسان أحياناً يقع في جهد كبير، ومردود قليل، التجار لهم بعض التعبيرات اللطيفة، إذا كان هناك حركة كبيرة ولا يوجد ربح يقول لك: مثل مطحنة الجن خرير على الفارغ، يعمل ويعمل ولا يوجد ربح، يشتري ويبيع ولا يوجد ربح .
 هذا الصحابي يريد من الإسلام خصلة جهدها معقول وأما خيرها فكبير " ... أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ ... " كلمة خير اسم تفضيل أي أشدها خيراً، أكثرها ثواباً، أكثرها عائديةً، أكثرها مردوداً، قَالَ: " تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ"، وهذا مفاجئ، إلا أن الناس أحياناً يطعمون الطعام، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( إنما الأعمال بالنيات ))

[ البخاري عن عمر ]

 إنسان طالب علم، أطعمته، وأكرمته، وشعر نفسه أنه بين أهله، وهو غريب وجد نفسه بين أهله، هذا إطعام الطعام شيء عظيم، أحياناً غريب مسافر، وجد بيوتاً تستقبله، طعاماً يقدم له، يشعر بالأنس، إطعام الطعام للفقير، إطعام الطعام للغريب، إطعام الطعام لطالب العلم، يوجد مشكلة عائلية صنعت وليمة، ودعوت الأطراف، وتصالحوا عندك، إطعام الطعام له أهداف كبرى، ومع ذلك ممكن أن يفرغ من مضمونه يصير للتباري، وقد ورد عن رسول الله أن شر الطعام طعام الولائم يدعى إليها الأغنياء، ويحرم منها الفقراء، تجد هذا الغني قرف من الطعام لا أريد اللحم، لا أريد هذه، ادع إنساناً فقيراً يأكل هذا الطعام، أما دعوة وجاهة فيقول لك: كسرنا عينه مثلاً، قضية أننا تفوقنا عليه بألوان الطعام، أنواع منوعة، بيت فخم، القصد إظهار ما عندك من أثاث، ومن بيت، فهذا الطعام شر، الإنسان مخير، ومعنى أنه مخير أعمال كثيرة يمكن أن تكون أعمالاً طيبة، ويمكن أن تكون أعمالاً خسيسة والعمل نفسه، فالذي يريد من إطعام الطعام العلو، وإظهار ما عنده من خبرات في الطعام، وعنده زوجة لها أكل يجنن مثلاً، ويطعم الناس طعاماً جميلاً جداً، والهدف أن يستعلي عليهم، هذا الطعام شر طعام، طعام الولائم، أما تصور إنساناً غريباً دعي إلى خمس عزائم أو ست فهذه فيها مودة، أنت بين أخوانك، أنت بين أهلك، فالطعام إكرام لا شك ولا سيما للغريب.
 أخواننا المؤمنون جزاهم الله خيراً إنسان جاء ضيفاً، هذا دعاه، وهذا دعاه، وجد نفسه بين إخوانه، أو طلاب علم يوجد أناس يدعون هؤلاء الطلاب إلى طعام، هذا الطالب يشعر نفسه أنه بين أهله.

 

إطعام الطعام وسيلة فعّالة كبيرة جداً لتحقيق الأهداف :

 يوجد قصة أريد أن أقولها لكم بعد الإذن من صاحبها، ولكنها دقيقة جداً، أحد أخواننا الكرام أنا أراه متفوقاً في باب الدعوة، كان له عمل في سوريا فانتقل عمله إلى الكويت، كيف يدعو إلى الله عمله في فندق؟ فخطر في باله أن يدعو من حوله من موظفين إلى طعام شامي - فول مدمس - قال لي: هناك الفول مرتفع السعر والزيت كذلك، عملت طعاماً عبارة عن فول ودعوت الموظفين، والمدير جاء يأكل معنا، أي لبى الدعوة، فوراً بعد أن أكلنا وضعت له شريطاً وأسمعته، فصار الأساس أن يسمعه، فإذا قال: تعال إلى أن أسمعك شريطاً يقول: والله لا يوجد لدي وقت، أما تعال وكل فولاً، يوجد لدي وقت، هذا شيء طبيعي إذا دعوت إنساناً لطعام يأتي، أما إذا دعوته إلى كلام يقول لك: أنا لا ينقصني كلام، ممكن أن يكون إطعام الطعام مناسبة للدعوة إلى الله عز وجل، مناسبة لحل خلاف عائلي، مناسبة للتوفيق بين شريكين، مناسبة للتوفيق بين أخوين، مناسبة لإدخال السرور على قلب مؤمن، ممكن، إكرام للضيف، إكرام للغريب، إكرام لطالب العلم، أي إطعام الطعام وسيلة فعالة كبيرة جداً لتحقيق الأهداف .
 ومن الممكن أن تصل إلى كل أهدافك، أنا في سفرتي الأخيرة مركز إسلامي، والبيوت هناك متباعدة، ثلاثون ميلاً، أربعون ميلاً، يوجد عندهم درس الأحد اسمه: جلسة الصفا يصلون الفجر، ويقرؤون القرآن ويفسرونه، وهناك بعض من الأذكار، عقب الجلسة يوجد طعام في المسجد نفسه، هذا الطعام صار يجذب، ولكن لا تطالبونا أن نصنع طعاماً هنا صباحاً.
 " أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ " بنية تأليف القلوب، بنية إكرام الضيف، بنية إكرام طالب العلم، بنية حل مشكلة، بنية الدعوة أحياناً، شخص شارد وهو ذكي، وعنده إمكانية ليؤمن، وفيه خير ولكن ليس فارغاً، ادعه إلى طعام، بعد الطعام ادعه إلى الله عز وجل، وهو جاء ليأكل مع الطعام صار دعوة إلى الله عز وجل.

السلام الحار لمن عرفت و لمن لا تعرف :

((وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ))

 المؤمن لا يفرق بين صديق وغريب، هذا إنسان، عبد لله، إن سلمت عليه يطمئن، وهذا الشيء دقيق جداً في الحياة الإسلامية، أفشوا السلام بينكم، أفشوا السلام تسلموا، شيء جميل جداً أن تقول له: السلام عليكم، وشيء قبيح جداً أن تقول: باي، مثلاً تحضر كلمات الأجانب لا يوجد لها معنى إطلاقاً، تستخدمها في عبارتك، السلام عليكم، الله اسمه السلام، هذا اسم الله، الله عز وجل أساساً هو السلام، الأمن عنده، والسعادة عنده، والراحة النفسية عنده، والتوفيق عنده .
 ابن آدم كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، أي لا تكلف خاطرك وتقول لي ماذا تريد، من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين، هو الله السلام، وهو يهديهم سبل السلام، إذا الإنسان طبق منهج الله يهديه الله إلى سبل السلام، معنى هذا أنه في سلام مع نفسه، لا يوجد عنده اختلال توازن، لا يوجد عنده انهيار داخلي، لا يوجد عنده شعور بالذنب، تعذيب ضمير، ازدواجية، هذه كلها أمراض الناس، الازدواجية، والشعور بالذنب، وتعذيب الضمير، والاختلال كلها أمراض خطيرة، عندما الإنسان تزل قدمه إلى النفاق صار له مظهران؛ داخلي وخارجي، معلن ومبطن، صار له خلوة وجلوة، له شيء يتوهمه وشيء يعلن به، الله هو السلام يهديك سبل السلام .
 حتى تكون القضية لله على من عرفت وعلى من لا تعرف، على من عرفت الأرض كلها تفعل هذا، إنسان يلتقي بصديقه وقريبه يسلم عليه، شيء طبيعي جداً، أما أنت فدعوتك عامة لكل الخلق فسلم على من عرفت ومن لم تعرف، يوجد شخص طبعه مجاف، إذا كان الذي أمامه لا يعرفه لا يتكلم معه، المؤمن منفتح، كم من إنسان اهتدى بسلام طيب؟!
 قصة أذكرها لكم لا من قبيل الافتخار لا والله، أخ من أخواننا سكن في بلدة خارج دمشق، قال لي: كلما أدخل إلى البيت يطرق الباب ويأتيني إبريق شاي من جاري الذي تحتي، قال لي: مرة نقلت البيت جاء وساعدني بالبراد والأثاث، أي قدم خدمات كبيرة، قال له: أنت من أين؟ قال له: أنا من جامع النابلسي، هويعرفه بالشكل، قال له: كيف عرفت هذا المسجد؟- هنا السؤال- قال له: لي ابن خالة كان يدعوني كثيراً إلى هذا المسجد، وأنا لا يوجد لدي وقت لآتي، مرة ذهبت ولكن ذهبت حتى أنتهي من كلامه، والله أنا العبد الفقير سلمت عليه سلاماً طيباً بحرارة، قال لي: ابن خالتي، فقلت له: إن شاء الله سررت بالدرس؟ أهلاً وسهلاً، وقلت له: انتبه عليه، ماذا كلفني هذا الشيء؟ سلام حار فقط، قال له: أنا الذي شدني إلى الجامع السلام .
 فإذا إنسان سلم عليك سلاماً حاراً بابتسامة، برقة، بمودة، هذا يشد الإنسان، أي إنسان يسلم على من يعرف، أما المؤمن فيسلم على من يعرف وعلى من لا يعرف، على من لا يعرف حتى يجلبه إلى الدين، أحياناً تهتم بطفل، أحياناً تهتم بصديق صديقك، يوجد شخص يجلس في جسلة عينه على أربعة خمسة والباقي يهملهم، الباقون يملون، أما إذا أنت وزعت نظراتك، وزعت اهتماماتك، وزعت ابتساماتك على الكل فصار هناك ود، فهنا القصد أن تتألف قلوب الخلق على من عرفت وعلى من لا تعرف، هل من الممكن السلام الحار فقط يشد الإنسان إلى الدين؟ ممكن، لي قريب كان في السعودية يعمل في التدريس، قال لي: عندنا مدير صعب جداً، عندما يقرع الجرس لا يحب أن يبقى أحد في غرفة المدرسين، قال لي: صبّ مدرس كأس شاي وقرع الجرس فهناك منظف المدرسة، قال له: خذ واشربها، سأله في اليوم الثاني لماذا ضيفتني هذه الكأس؟ قال له: نحن أسرة واحدة وليس هذا الذي حدث لأنه قرع الجرس، فقال له: أنا هنا منذ سنتين لا يوجد أحد يسلم عليّ من المدرسين، فأنت لفت نظري بهذه الكأس من الشاي، وأنا أحمل ماجستير في العلوم، يعمل عامل تنظيفات من دول آسيا، ويمكن دينه وثني، فقال له: تعال لعندي، وقال لي: أنا أخرجت موسوعة علمية ضخمة لأن هذه الكلمة كبيرة؛ ماجستير في العلوم، وابنتي في الحادي عشر، وهناك موضوع لا تفهمه، فقله له ذلك ففسر لي هذا، وفتح له في هذه الموسوعة على موضوع صعب في الكيمياء، قال لي: بطلاقة عجيبة قرأ وشرح وبين، واضح أن معه ماجستير، دعاه هو و خمسة من أصدقائه على عدد من الجلسات أسلموا كلهم، أي ممكن أن يسلم خمسة على سلام حار، على من عرفت وعلى من لا تعرف، أنت لا تضن بابتسامتك على الناس كلهم هكذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام:

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ))

[ البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا]

الضيافة عمل من الأعمال الصالحة الكبيرة :

 والضيافة من صفات المؤمنين، الإنسان يسافر يجد له في كل بلدة أخاً يعتني به، ويضيفه، ويكرمه، المؤمنون وحدة كالجسد الواحد:

(( تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ))

[ مسلم عَنْ عَامِرٍ ]

 أنا أحياناً من أعمق أعماقي أشكر بعض الأخوان، يأتينا ضيف، هذا دعاه إلى العشاء، وهذا استقبله في بيته، وهذا دعاه إلى الفطور، شيء مريح، أحياناً يأتي إنسان خاطرك مع السلامة، لا يوجد أمامه إلا الفندق، الفندق فيه وحشة ولو كان فخماً، لأنه لا يوجد فيه علاقات إنسانية، يوجد به علاقات تجارية، قد يكون خمس نجوم ولكن فيه وحشة، لأنك لا تشعر أنه يوجد من يستقبلك، يستقبلونك لمالك فقط، أما العلاقة الإنسانية الطيبة فتأتي من الضيافة.
 كما تحدثنا إطعام الطعام، الضيافة عمل من الأعمال الصالحة الكبيرة، لكن بهدف إكرام طالب العلم، إكرام الضيف، تأليف القلوب، سبب الدعوة توفيق بين زوجين، بين أخوين .

 

تحميل النص

إخفاء الصور