مقدمة :
الأستاذ منير:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أخوتي في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم معنا في رحاب إذاعة القرآن الكريم بالجزائر، وفي رحاب هذا اللقاء الخاص الذي يجمعنا بأحد علماء الأمة الإسلامية وأحد دعاتها، ومفكريها، هذا الرجل الذي من حيث جئته وجدته، سواء في علوم القرآن، والتفسير، والحديث، والدعوة، والفقه، والإعجاز العلمي، إنه الأستاذ الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي الذي نسعد اليوم باستضافته في رحاب إذاعة القرآن الكريم، مرحباً بكم شيخي الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي.
الأستاذ منير:
للإشارة فإن الشيخ الفاضل هو موجود بالجزائر بدعوة من الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ونرحب أيضاً بأحد أعضاء هذه الهيئة الأستاذ فوزي رمضان، كما نرحب في هذا اللقاء المباشر الأستاذ الفاضل فاروق الشويكي، مدير أعمال الشيخ محمد راتب النابلسي.
للإشارة فإن الأستاذ الفاضل الشيخ النابلسي له مجموعة من المؤلفات في مجال الدعوة والفتح والفكر، نذكر منها على سبيل المثال لا سبيل الحصر: نظرات في الإسلام، تأملات في الإسلام، كلمات مضيئة، الإسراء والمعراج، موسوعة الأسماء الحسنى، هذا البرنامج الذي يذاع حالياً على أمواج إذاعة القرآن الكريم، أيضاً نذكر كتابه الهام موسوعة للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وكتب أخرى لا يكفي الوقت لذكرها كلها.
كما يسعدني أن أرحب بأختي وزميلتي وداد التي ستشاركني مرحباً بكم جميعاً.
الأخت وداد:
مرحباً بكم أخ منير بارك الله فيك، ونتشرف باستضافة الدكتور محمد راتب النابلسي في رحاب إذاعة القرآن الكريم من الجزائر، ومرافقيه، ونشير فقط أن الدكتور فوزي رمضان هو نائب رئيس مكتب الجزائر للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
الأستاذ منير:
شكراً لك أخت وداد، قبل أن نبدأ رحلة السؤال والجواب، والخوض في مجمل هذه القضايا قضايا الدعوة، والفقه، والفتاوى، بودنا لو يتفضل الشيخ الفاضل محمد راتب النابلسي كي يتحدث قليلاً عن تجربته في الحياة حتى يكون قدوة لمستمعي القرآن الكريم وللشباب المسلم حتى يكون قدوة ونموذجاً للرجل الذي احتل مكانة مرموقة في قلوب المسلمين جميعاً.
الدعوة إلى الله دعوتان؛ فرض عين و فرض كفاية :
الدكتور راتب:
بارك الله بكم، ونفع بكم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
بادئ ذي بدء: يتوهم بعض الناس أن الدعوة إلى الله هي اختصاص يقوم به بعض الخبراء، مع أن الحقيقة التي قد لا ننتبه إليها أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، ولكن في حدود ما يعلم ومع من يعرف، والدعوة إلى الله كفرض عين على كل مسلم، في حدود ما يعلم ومع من يعرف، أي إنسان حضر خطبة جمعة، تأثر بموضوعها تأثراً كبيراً، ذكر مضمونها لأهله، ولأولاده، ولزوجته، ولأقربائه، في لقاء، في سهرة، فحينما تنقل ما سمعت والنبي قال:
((بلِّغُوا عني ولو آية ))
فالدعوة إلى الله بهذا المعنى فرض عين على كل مسلم، لكن الشرط في حدود ما تعلم ومع من تعرف، الدعوة إلى الله كفرض كفاية على قلة من العلماء تعمقوا في الدين، تبحروا فيه، تفرغوا له، هذا العمل الدعوة إلى الله فيما يقول الله:
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
هذه الدعوة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، مثلاً أنا تاجر يجب أن آخذ من الدين ما لي علاقة به، وأحكام البيع والشراء، وأركان الإيمان، وأركان الإسلام، أما الداعية فينبغي أن يتبحر، أن يتعمق، أن يقدم الإجابة الصحيحة، أن يجيب عن أي سؤال مهما بدا عويصاً لأنه متفرغ لهذا العمل.
فالذي أريد أن أقرره بهذا اللقاء الطيب، وأنا أسعد الناس بهذا اللقاء، أن الدعوة إلى الله دعوتان، دعوة فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم، ومع من يعرف، أما الدعوة إلى الله كفرض كفاية فيقوم به البعض متبحرين، متعمقين، متوسعين، ويملكون الأدلة، والإجابات الصحيحة، هذا العمل من أعظم الأعمال إلى الله.
الأستاذة وداد:
هو يشبه نشاط التجار الصغار الآن أمام الشركات الكبرى، أنت كداعية تعمل الآن على كل الأصعدة كي تدعو العالم الإسلامي لما فيه خيرهم وصلاحهم في شتى المجالات، لكن نشاطكم يبقى نشاطاً صغيراً إذا لم تدعمه الحكومات هل هذا صحيح؟.
دور الحكومة في دعم الداعية الإسلامي :
الدكتور راتب:
والله لا شك أن دعم الحكومة له أثر كبير جداً، أنا لي دروس في إذاعة أربع ساعات في اليوم، يستمع لهذه الدروس ملايين، طبعاً لولا أن الحكومة موافقة على هذا لما سمحت بذلك فلها دور إيجابي، ودائماً الحكومة تريد من الداعية أن يكون في اختصاصه، أما إذا تجاوز اختصاصه فهناك مشكلة، فما دام أنت تدعو إلى الله وفق منهج الله، وبشكل حكيم، وتسقط آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية على واقعنا، وتقدم حلولاً لهذه الأمة فهذا الشيء ترحب به الحكومة أيما ترحيب.
الأستاذ منير:
نريد أن نخوض أكثر في جوهر هذه القضية قضية الدعوة إلى الله في الواقع المعيشي، بعد إذنكم شيخي الفاضل الشيخ محمد راتب النابلسي، إذا نحن قمنا بعملية تحليلة للواقع المعيشي الذي فرض على العالم الإسلامي نجد أن تطور وسائل الاتصال، وأجهزة الإعلام، ومراكز المعلومات أضحت تساهم في تشكيل العقول، وصياغة العادات، وتنظيم العلاقات الاجتماعية، وتربية الأذواق حتى إنها صارت تخطف الأولاد من آبائهم، والأزواج من أزواجهم، وأصبح المجتمع المسلم في دور المتلقي المتأثر، لا الفاعل المؤثر، قراءة الدكتور النابلسي لهذا الواقع الذي يعيشه المجتمع في عهد التكنولوجيا، والانترنيت، وغزو الفضاء، والمجتمع الإسلامي يعيش هذا التخلف، والغرب ينظر إلينا كأمة متخلفة لا تصلح أن تقود العالم.
أية أمة تريد أن تتقدم عليها أن تعنى بالشباب لأنهم عصب الأمة وقوامها :
الدكتور راتب:
أقول لك هذه الكلمة: كان القوي فيما مضى يجبرنا بالقوة المسلحة على أن نفعل ما يريد، لكنه الآن يجبرنا بالقوة الناعمة- المرأة - على أن نريد ما يريد، لذلك هناك خطط مخيفة تريد من هذا المواطن أن يبتعد عن مبادئه وقيمه عن طريق إثارة شهواته، فتدعم المحطات الإباحية من قبل جهات قوية جداً من أجل تمزيق العالم الإسلامي، وصرف الشباب عن مبادئهم وقيمهم، وأهدافهم الوطنية والقومية، إلى الانغماس في الملذات الآنية، وضياع هذا الشعب، لذلك الخطة كبيرة جداً، نحتاج إلى وعي كبير، نحتاج إلى توعية، نحتاج إلى أن ننهض بهؤلاء الشباب، أنا أرى أن أية أمة تريد أن تتقدم عليها أن تعنى بالشباب، لأنهم عصب الأمة، وقوام الأمة ومستقبل الأمة.
الأستاذ منير:
بعد إذنك أخت وداد دائماً في النفس نقطة بنقطة، الغرب يملك القوة ولا يملك الحق، ونحن نملك الحق ولا نملك القوة، كيف تقرؤون هذه المفارقة العجيبة؟
القوة لا تصنع الحق ولكن الحق يصنع القوة :
الدكتور راتب:
والله الحقيقة القوة لا تصنع الحق، ولكن الحق يصنع القوة، هذه مقولة مهمة جداً: القوة وحدها غاشمة، والناس ينفرون منها، لكن الحق إذا دعمته القوة يفعل المستحيل، فلذلك أنا لا أريد إسلاماً ضعيفاً، إسلاماً متلقياً، إسلاماً يخضع لتخطيط بعيد عنه، أريد إسلاماً قوياً، هو يخطط، لذلك قالوا: إن لم تخطِط يُخطَط لك، إن لم تكن رقماً صعباً أصبحت رقماً سهلاً وتافهاً في خطة العدو، لا بد من التوعية، الأمة بحاجة إلى أن ننهض بفكرنا، بمبادئنا، بقيمنا، ودائماً وأبداً يريد الغرب من البلاد الإسلامية أن تنسى ماضيها المشرف، أن تنسى مبادئها وقيمها، وأن يكون هذا الإنسان ألعوبة بيد المحطات الفضائية، فلذلك هذه المحطات الفضائية التي تهدف إلى انحلال المجتمع بعرض الأفلام الإباحية هذه المحطات يجب أن تحارب محاربة قوية.
الأخت وداد:
في ظل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة دكتور في زمان مضى كان الدعاة يكونون على المباشر مع الشعوب، مع المتلقين، مع المدعوين، يدعونهم، ويجيبون عن أسئلتهم، الآن أنتم وراء شاشات التلفزيون كيف تتفاعلون مع هذه الجماهير التي قد تفهمكم وقد لا تفهمكم التي قد تصوغ فتواكم أو آراءكم عكس ما تريدون؟
تأليف القلب أعمق أثراً وأقصر أمداً :
الدكتور راتب:
قيل: إما أن تؤلف القلوب، وإما أن تؤلف الكتب، ويقاس على الكتب الفضائيات والشاشة، والتواصل، أنا أرى أن تأليف القلب أعمق أثراً، وأقصر أمداً، الإمام الغزالي بدروسه كان عنده أربعمئة عمامة بدرسه، لكن لولا الإحياء لما كان الغزالي، أما التواصل عبر الفضائيات فهذه أقل أثراً، لكنها أطول أمداً، فإما أن تؤلف القلوب، وإما أن تؤلف الكتب، أنا أحمل على الكتب الفضائيات، والنشر التلفزيوني، تأليف القلوب أعمق أثراً، وأقصر أمداً، ما دام الداعية حي يرزق فدعوته حينما يستخدم وسائل النشر الحديثة وهناك شاهد قرآني لهذا:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾
وقال بعض علماء التفسير: لسان القوم وسائل النشر في عصره، فأنا حينما ألقي خطبة في جامع ضخم لمدة نصف ساعة عندي أربعة آلاف في الأسبوع ، أما حينما أستخدم الانترنيت فهناك موقع يدخل على الانترنيت مليون إنسان في اليوم، يسحب ثمانمئة ألف ملف باليوم، هذه دعوة واسعة جداً، فأنا من أنصار أن نجمع بينهما، أن نجمع بين تأليف القلوب و تأليف الكتب و استخدام وسائل النشر في الحديث.
الأستاذ منير:
طبعاً ومنهاج الرسول كان في تأليف القلوب بأنه ألف هذه القلوب، وهذا هو منهج الدعوة الحق.
الأخت وداد:
أخ منير عفواً، نريد أن نتحدث وأن نسألك منهجية الدعوة الحديثة الدعوة إلى الله، لكن أظن بأن مسألة الدعوة إلى الله، ومنهج الدعوة إلى الله قد تجاوزه الزمن، قد كتب فيه الدعاة القدماء، وقد أسسوا، ووضعوا نقاط الدعوة، وكيف يكون الداعية، وصفات الداعية، طور إثبات عظمة الإسلام هو الطور الأول وصلاحيته لكل زمان ومكان، ودعوة الناس إلى التمسك به والفخر بتعاليمه، جاء طور بعده، هو طور بيان طرق الدعوة إلى الله تعالى، وتثبيت الدعاة وطرد الشبهات عن طريقهم، الطور الذي ينبغي أن نعتني به الآن في هذا الزمان و أن نتحدث عنه هو الطور المخصص إلى الدعاة إلى الله، وكيف نورث لهم الدعوة، أي مسألة التوريث الدعوي كيف تورثون بحسبانكم عالماً وبحسبانكم داعية الدعوة إلى من يأتي بعدكم؟
رجل الدين لا يمكن أن يُتبع إلا إذا رأى الناس أن واقعه مطابقاً لأقواله :
الدكتور راتب:
بادئ ذي بدء: أنا أنتفع من أي طبيب بصرف النظر عن سلوكه، أنتفع بمهندس عملاق بصرف النظر عن سلوكه، إلا عالم الدين لا ينتفع به إلا إذا جاء سلوكه مطابقاً لأقواله، ينفرد عالم الدين من بين جميع العلماء أنه لا ينتفع به إلا إذا وجد الناس في سلوكه ما يؤكد كلامه، وإلا صار هناك انفصام خطير جداً، لأن عالم الدين إذا كان بيته غير إسلامي، سلوكه غير إسلامي، يقال له: يا طبيب طب لنفسك، يقال له: أنت تتحدث عن نظام لا يطبق، والدليل أنك لا تطبقه.
لذلك أنا أقول: بيت الداعية جزء من دعوته، عمل الداعية جزء من عمله، أنا أرى الآن الداعية إلى الله لابد من أن يراه الناس مسلماً متحركاً، لأن الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي، المسلم الآن يريد أن يرى داعية يمشي على قدمين أمامه، صادق، أمين، بالعكس أنا اخترعت هذا المصطلح: الدعوة الصامتة، أنت أمين أمانتك وحدها دعوة صامتة، أنت صادق صدقك دعوة صامتة، يستطيع أي تاجر، أي موظف، أي صناعي باستقامته والتزامه بمنهج النبوي الكريم أن يكون داعية وهو ساكت، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، وبين الأذن والعين أصابع، يتعلمون بعيونهم.
أنا أقول: رجل الدين لا يمكن أن يُتبع إلا إذا رأى الناس واقعه مطابقاً لأقواله، هذه نقطة دقيقة جداً، لذلك أي عالم آخر أنت بحاجة إلى مهندس للبناء، لا يهمك اتجاهه الديني، لا يهمك أفكاره، يهمك علمه فقط، إلا عالم الدين أنت بحاجة إلى سلوكه الذي يؤكد صدقه في الدعوة.
الأستاذ منير:
حتى الفتوحات الإسلامية انتشرت عن طريق المعاملات وسلوكات التجار، ولم تنتشر عبر السلاح كما يدّعي الغرب.
الدكتور راتب:
فيما أذكر أن عشرة مسلمين ذهبوا إلى ماليزيا، الآن ماليزيا مع إندونيسيا فيهما مئتان و خمسون مليون مسلم عن طريق التجار المسلمين، فمادام المؤمن صادقاً، أميناً، منصفاً، عادلاً، هذه دعوة كبير، فالذي ضعف الإسلام وجود فكر نير لكن تطبيق لا يوجد.
الأخت وداد:
هذا الشريف أبو بكر بن زين العابدين نشر الإسلام في جزر المالايو، فدانت الرقاب لله سبحانه وتعالى بعد أن كانوا يعبدون الأوثان، كان وده أمة، دكتور أريدك أن تعود إلى النقطة التي ابتدأتها مع حضرتك كيف تورثون الدعوة إلى من بعدكم، ما هي طرق توريث الدعوة؟.
طرق توريث الدعوة :
الدكتور راتب:
والله طبعاً أقول لك كلمة وقد تكون مؤلمة: أن الداعية إذا تفوق في دعوته ولم يفكر فيمن يخلفه ضاعت دعوته، بمجرد موته انتهت دعوته، لكن البطولة أن تعيش ما بعد الدعوة، أن تهيئ رجالاً على منهجك، وعلى شاكلتك، وعلى مبادئك، وعلى أسلوبك، ليكونوا خلفاء لك، لذلك سيدنا زكريا:
﴿ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ﴾
فمنهج القرآن أن يبحث الداعية عمن يخلفه في الدعوة، من يجعل هذه الدعوة مستمرة، وأنا أرى وهذا من فضل الله عز وجل أن العلماء الصادقين، أنا أرى أن إكرام الله لهم أن دعوتهم استمرت بعد وفاتهم، الله يهيئ أناساً تعلموا منهم علماً صحيحاً، وأخلصوا في دعوتهم، فكان هؤلاء التلاميذ الذين تربوا على يد هذا العالم الجليل خلفاء له في الدعوة.
أنا أذكر علماء كثر في الشام دعوتهم مستمرة بعد موتهم بعشرين عاماً، هذه بطولة، أنا أقول: من علامات الإخلاص لا أن تفكر في حياتك، أن تفكر بعد مماتك، من يخلف هذه الدعوة؟.
الأستاذ منير:
دائماً في مجال الدعوة أود أن أتطرق إلى نقطة طرحها البعض، وهي أن الداعية المسلم الحالي أضحى يخاطب المجتمع خطاباً عاطفياً في ظل هذا التطور الرهيب الذي يشهده العالم، وخاصة العالم الغربي، ونحن نعلم أن الغرب المادي قد تجاوز الخطاب العاطفي الذي لا يزال بعض الدعاة متمسكين به، ولعل هذا سبب من أسباب تعثر الدين كما يرى البعض، ألم يحن الوقت كي نخاطب الغرب خطاباً عقلياً علمياً عملياً حتى نكون في موقع المؤثر لا المتأثر؟ ما رأيك في هذا؟.
الداعية الموفق يجب أن يغذي عقول أخوانه بالعلم الصحيح وقلوبهم بالقيم الأخلاقية :
الدكتور راتب:
للإجابة عن هذا السؤال أقول: ما الإنسان؟ الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، ما غذاء العقل؟ العلم، ما غذاء القلب؟ الحب، ما غذاء الجسم؟ الطعام والشراب، فحينما يقدم الداعية لتلاميذه غذاء لعقولهم وهو العلم، وغذاء لقلوبهم وهو الحب، حب الله عز وجل، ويدفعهم إلى العمل ليأكلوا من كسب أيديهم، هذا الداعية يكون عند الله موفقاً، لأنه أعطى كل جانب في الإنسان حاجته، فالعقل حاجته العلم، والقلب حاجته الحب، والجسم حاجته الطعام والشراب.
فالعالم والداعية الذي لا يحث أخوانه على العمل للكسب المشروع أخطأ خطأ كبيراً، هذا زهد في غير محله، والعالم الذي لا ينمي عقول أخوانه بالمعرفة الصحيحة الدقيقة بالشواهد والنصوص أخطأ خطأ جسمياً حينما اكتفى بالقلب، والعالم الذي ينمي عقل أخوانه ولا ينمي قلوبهم بالحب لله عز وجل أخطأ خطأ كبيراً، كما أن الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، الداعية الموفق يجب أن يغذي عقول أخوانه بالعلم الصحيح، بالأدلة القاطعة، ويغذي قلوبهم بالقيم الأخلاقية والجمالية، ويغذي أجسامهم بدعوتهم إلى العمل، لأن:
((اليدُ العليا خير من اليدِ السُّفْلى))
الأخت وداد:
لعل هذه خطوة أستاذ إلى الوصول إلى المحور الثاني الذي نريد أن نتحدث عنه ألا وهو محور الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، فقط أستاذ هذا يذكرنا بقوله تعالى سبحانه:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
هي دعوة من الله سبحانه وتعالى كي يتلازم العلم والإيمان، ويرتبط الدين بالمعرفة العقلية، وأن يتجانس العلم العقلي والنقلي مع الدين ويتساندا.
لولا الدليل لقال من شاء ما شاء :
الدكتور راتب:
أنا أريد أن أذكر الآية التي ذكرتها، قوله تعالى:
﴿ فَاعْلَمْ ﴾
ما قال: فقل، ألم يقتضِ البحث والدرس والدليل والتحليل؟
﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾
ما معنى بصيرة؟ أي هناك دليل، و تعليل، و حكمة.
﴿ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
فالذي يقدم الدين على أنه شيء مفروض فرض على الإنسان دون محاورة، دون تعليل، دون تحليل، هذا لا يكون على منهج رسول الله،
﴿ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
لذلك لولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
الأستاذ منير:
نذكر مستمعينا الأفاضل بأن ضيف إذاعة القرآن الكريم اليوم هو الأستاذ الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي، رئيس هيئة الإعجاز للقرآن الذي هو بزيارة للجزائر، مستضافاً من هيئة الإعجاز للقرآن والكتاب والسنة، من مكتب الجزائر، وذلك من أجل إلقاء الندوات والمحاضرات في كافة أنحاء القطر الجزائري.
نعود للحديث مع الأستاذ الفاضل محمد راتب النابلسي بعد الاستراحة قليلاً مع هذا الفاصل الإنشادي.
الدكتور راتب:
إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
الأستاذ منير:
مرحباً بكم من جديد في إذاعة القرآن الكريم في رحاب خاص يجمعنا بالشيخ الفاضل محمد راتب النابلسي رئيس هيئة الإعجاز القرآني الذي هو موجود حالياً في الجزائر من طرف الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، في مكتب الجزائر، والذي يمثله اليوم في إذاعة القرآن الكريم الدكتور الفاضل فوزي رمضان، كما يسعدني أن أرحب بالضيف العزيز فاروق الشويكي مدير أعمال الشيخ محمد راتب النابلسي.
إذاً قبل هذا الفاصل كنا قد دخلنا إلى محور الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وأعتقد أن الأخت وداد لديها ما تقول في هذا المحور.
الأخت وداد:
صحيح أخي منير، فضيلة الدكتور يرى البعض أن الحديث عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بدعة اختلقها الدكتور موريس بوكاي، وأن المسلمين أعجبتهم هذه البدعة المساعدة فطاروا بها هنا وهناك، فما ردكم؟.
شهادة الله لخلقه أن هذا الإنسان الذي بعثه هو رسوله تكون عن طريق المعجزة :
الدكتور راتب:
الحقيقة التي لابد من البحث فيها أن الأنبياء السابقين، أسأل أنا هذا السؤال كيف يشهد الله لهم أنهم رسله؟
الله عز وجل أرسل نبياً كريماً، قال لهم: أنا رسول الله، كيف يشهد الله لخلقه أن هذا الإنسان رسوله، شهادة الله لخلقه أنه رسوله عن طريق المعجزة الحسية، سيدنا موسى ضرب البحر فأصبح طريقاً يبساً، سيدنا عيسى أحيا الموتى، إلى آخره.
لكن النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسالته خاتمة الرسالات، فإذا كانت المعجزة حسية، المعجزة الحسية كتألق عود الثقاب تألق هذا العود واشتعل ثم انطفأ، أصبح خبراً يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه، لكن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لكل أمم الأرض.
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾
وهي خاتمة الدعوات، فلابد من أن تكون المعجزة التي يشهد الله له بها مستمرة مع دعوته إلى قيام الساعة، ولن تكون المعجزة مستمرة إلا إن كانت علمية، الأنبياء السابقون المعجزات حسية، هم لأقوامهم.
﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾
لأقوامهم فقط، فالمعجزة حسية، هذا العود انطفأ لكن أصبح خبراً، قومه شاهدوه، أما النبي لكل الأمم والشعوب، إذاً فلابد من أن تكون معجزته علمية.
شهادة الله لنبيه أنه نبيه عن طريق آيات الإعجاز العلمي :
الذي يلفت النظر أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن الكريم كله من خلال أحاديثه، إلا أن الذي لا يصدق أن ألفاً وثلاثمئة آية ما تحدث النبي عنها إطلاقاً، ولا كلمة لماذا؟ ما الحكمة؟ لو أن النبي عليه الصلاة والسلام شرحها شرحاً يوافق المستوى العلمي في عهده لأنكرنا عليه هذا الشرح نحن، ولو شرحها شرحاً يقنعنا لأنكر عليه أصحابه، كيف أعرض النبي عن شرح الآيات الكونية شيء لا يصدق، حكمة بالغة جداً، فهذه الآيات كل آية لها عصر، هذا العصر يظهر عظمتها، فكأن شهادة الله لنبيه أنه نبيه عن طريق آيات الإعجاز، فكلما تقدم العلم كشف جانباً من جوانب هذه الآيات، أضرب مثلاً قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴾
قديماً الشيء الذي بين أيدي العلماء أن بخار الماء يصعد إلى السماء يرجع مطراً، فلما اكتشف طبقة الأثير اكتشف أن هذه الطبقة هي التي ترد الموجات الكهرطيسية إلى الأرض، لولا هذه الطبقة ما كان بث تلفزيوني، ولا هذا الدرس الإذاعي، لولا أن هناك طبقة في أعالي الجو اسمها طبقة الأثير ترد الأمواج الكهرطيسية إلى الأرض ما كان تواصل تلفزيوني، ولا إعلامي، ولا إذاعة إطلاقاً.
فتقول:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴾
تخرج طبقة الأثير، الآن تقدم العلم ثبت أن هناك آلاف ملايين المجرات، وكل مجرة فيها آلاف ملايين الكواكب، وكل كوكب يدور حول كوكب آخر، ويرجع إلى مكان انطلاقه النسبي،
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴾
.
موضوع الإعجاز العلمي هو المادة الأولى التي تقنع الغرب بالإسلام :
شيء دقيق جداً، آيات القرآن الكريم العلمية تعد أحياناً سبقاً علمياً، لذلك هناك مئات كبار العلماء في العالم أسلموا عن طريق الإعجاز، هو كشف حقيقة الآن يأتي القرآن قبل ألف و خمسمئة عام يذكرها بشكل واضح جداً:
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ ﴾
كون الجنين ذكر أو أنثى من النطفة، هذه مذكورة بآية قرآنية الآن كشفت، فلذلك أنا أرى أن موضوع الإعجاز العلمي هو المادة الأولى التي تقنع الغرب بالإسلام، لكن هذا الإعجاز له منهج، هذا الإعجاز منهجه أن تكون القضية العلمية مقطوعاً بصحتها، لا يختلف عليها اثنان في الأرض، وأن تكون الآية القرآنية قطعية الدلالة، وأن يكون التطابق عفوياً وتاماً، إذا توافرت الآية الكونية الواضحة الدقيقة الصحيحة، والآية القرآنية ذات المعنى الواضح الأساسي، وكان هناك تطابقاً تاماً وعفوياً فهذا إعجاز، وإلا كان الإعجاز معولاً لتهديم الدين، لأن الغرب خبيث جداً، يأخذ هذا التفسير لهذه الآية، ينقض القضية العلمية فيها، فإذا نقضه فهذه القضية نقض للآية، فلذلك أخطر شيء أن يكتب بالإعجاز من ليس خبير فيه، أن يأتي بمقوله علمية يربطها بآية ربطاً عشوائياً متكلفاً، يقول لك: هذا إعجاز، يقول لك مثلاً:
﴿ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ﴾
قال: سيدي هذا.
﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾
الكهرباء، شيء مضحك، مضحك جداً، الإعجاز العلمي يعد أكبر أداة إقناع الآن للغرب، وقد يكون معولاً لتهديم الإسلام.
الأستاذ منير:
أنا كنت قد استمعت إليكم في محاضرة حول الإعجاز العلمي عن البعوضة، كنت قد استمعت إلى هذه المحاضرة الهامة جداً، أن الله سبحانه وتعالى جعل المعجزات في أحقر الحيوانات ليس فقط في المجال العلمي في السماء.
آيات الله في الآفاق :
الدكتور راتب:
الحوت وزنه مئة و خمسون طناً، والبعوضة واحد على ألف من الغرام، هذه البعوضة في رأسها- طبعاً متى عرفت ذلك الحقيقة؟ حينما صنع المجهر الإلكتروني، المهجر التقليدي العادي الميكروسكوب يكبر ثمانية أضعاف، أما هذا فيكبر خمسمئة ألف مرة، وضعت البعوضة تحت هذا المجهر- مئة عين، وفي فمها ثمانية و أربعون سناً، وفي صدرها ثلاثة قلوب، قلب مركزي، وقلب لكل جناح.
الآن هذه البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات، جهاز استقبال حراري، هي لا ترى الأشياء لا بأشكالها، ولا بألوانها، ولا بأحجامها، ولكن ترى الأشياء بالحرارة فقط، حساسية هذا الجهاز في البعوضة واحد على ألف من الدرجة المئوية، حضرتك تمسك الميزان الحراري بدقة بالغة، ببصر قوي جداً، فترى أن حرارتك مثلاً سبع و ثلاثون وثلاثة أرباع الدرجة، أنا أعتقد أن الإنسان طاقته ربع درجة، أما هذه البعوضة فحساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية، هذه البعوضة عندها جهاز تحليل دم، ما كل دم يناسبها، ينام أخوان على سرير واحد، الأول يستيقظ وقد ملئ بلسع البعوض، والثاني لا يوجد معه شيء إطلاقاً، تفحص الدم، فإذا ناسبها أخذت منه، الآن لو أنها غرزت خرطومها في جسم الطفل لضربها وقتلها، تضع مادة مخدرة، ثم تعطي مادة مميعة للدم لأن دم الإنسان سمج، أولاً تحلل الدم، تميع الدم، تمتص الدم، متى يشعر الإنسان بوخز البعوضة؟ بعد أن تطير البعوضة إلى سماء الغرفة بحيث ينتهي المخدر، فيحس بألم يقوم ويضربها، وهي تضحك عليه في سماء الغرفة.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾
الأخت وداد:
الله تعالى قد أرانا آياته في الأفاق، فهل نزعم دكتور بأن القرآن كتاب علم أم لا؟ أو كتاب طب أو فلك؟.
القرآن كتاب هداية للبشر :
الدكتور راتب:
لا، لا، كله غلط، القرآن كتاب هداية للبشر، استخدم قضايا علمية، لكن ليس كتاب علم، أنا لا أقدر أن أقرأ عن الجيولوجيا في القرآن الكريم، هناك إشارة بسيطة، وكتاب هداية، فإذا حملناه شيئاً بالأصل الله تعالى ما أراده، أراده هداية لنا، هناك قضايا علمية كثيرة جداً، لكن ليس كتاب علم، ليس كتاب جيولوجيا.
الأخت وداد:
هو خاتم العقول، هو يربط بين عقل الإنسان وعجائب الكون، مع إرشاد إلهي يكمل قصور هذا العقل، ويضبط مسيرته.
الدكتور راتب:
القرآن الكريم بعد قرأته بتدبر وتعمق، يكتشف الإنسان حقيقة بديهية، أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن.
الأستاذ منير:
سبحانه وتعالى، ما دمنا نتحدث عن الإعجاز العلمي، لو تحدثتم لنا قليلاً عن هذه الهيئة التي ترأسونها هيئة الإعجاز القرآني في الكتاب والسنة، نشاطات هذه الهيئة عبر العالم، هي ليست نفس هيئة التي يرأسها عبد الله المصلح؟.
لمحة عن هيئة الإعجاز القرآني في الكتاب والسنة التي يرأسها الدكتور راتب:
الدكتور راتب:
لا هيئة ثانية، أنا أقول لك: أنا عندي قناعة دقيقة جداً أن هذا العصر عصر علم، وحينما تأتي بحقيقة دينية مدعومة بالعلم الصحيح، هذه مقبولة الآن، لذلك أنا من خلال خطبي لخمس وثلاثين سنة، دائماً الخطبة الثانية موضوع علمي بالإعجاز تقريباً، ما الذي فعلته؟ جمعت هذه الموضوعات العلمية في الخطبة الثانية في خمس وثلاثين سنة في مؤلف، نقحته، دققته، وأصبح موسوعة الإعجاز العلمي، مطبوع بعشرين طبعة إلى الآن خلال سنتين تقريباً، فهذا الكتاب هو مستقى من خطب علمية، ألقيتها بخمس وثلاثين سنة، كنت أربط بها قضية علمية بآية كونية، فهذا الربط دقيق جداً، أحياناً الإنسان يتوهم أن الدين شيء قديم، وعنده قناعة أن العلم شيء كبير، أما حينما يقرأ آيات الإعجاز يرى أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، يعتز أن العلم المعاصر ضمن القرآن الكريم موجود كله بشكل مذهل.
فأنا أقول الآن: لا يوجد موضوع يقنع الطرف الآخر - وليكن من يكن - بهذا الدين إلا الإعجاز العلمي، وبعض علماء الإعجاز طافوا حول العالم فأسلم على أيديهم مئات العلماء الكبار، عالم كبير اكتشف شيئاً يجد أن القرآن الكريم ذكره قبل ألف وأربعمئة عام، شيء لا يصدق هذا كلام الله عز وجل.
هناك دليل مقنع لكن هناك دليل قطعي صعب أن يكون له تفسير آخر، فهناك آيات في القرآن تؤكد أن القرآن من عند الله عز وجل قولاً واحداً.
الأستاذ منير:
نفهم من قوله تعالى:
﴿إنما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
هم الذين يخشون الله حق الخشية، ويدركون عظمة الله سبحانه وتعالى.
عظمة الله عز وجل في الكون :
الدكتور راتب:
أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، أي يقطع الضوء في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، في الساعة ضرب ستين، في اليوم ضرب أربع وعشرين، في العام ضرب ثلاثمئة و خمسة و ستين، بأربع سنوات ضرب أربع، ابنك الصغير بدقائق على الآلة حاسبة يذكر لك كم بعد الأرض عن هذا النجم الملتهب عدا الشمس، لو أن هناك مركبة أرضية من أرقى المركبات، وسرعة أرضية، وصلنا إلى هذا الكوكب، أقرب كوكب ملتهب، أقرب نجم ملتهب، بعده عنا أربع سنوات ضوئية، لكن أربع سنوات أي ثلاثمئة ألف كيلو متر ضرب ستين ضرب ستين، ضرب أربع و عشرين، ضرب ثلاثمئة و خمسة و ستين، ضرب أربع، لاحتاج هذا الإنسان ليصل لهذا الكوكب بسيارة أرضية إلى خمسين مليون عام، ما معنى أربع سنوات ضوئية؟ أي خمسون مليون عام قياساً مع هذه السيارة، تاريخ هذه البشر عشرة آلاف سنة، هذا أقرب نجم ملتهب، انطلق إلى نجم القطب، أربعة آلاف سنة ضوئية، كنا أربعة، أربعة آلاف، المرأة المسلسلة مجرة، مليونا سنة ضوئية، أحدث مجرة الآن تبعد عنا أربعة و عشرين ألف مليون سنة ضوئية، أقرأ الآية:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
لذلك
﴿يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
الأخت وداد:
لذلك يحس الإنسان بنفسه لا يساوي شيئاً في هذا الكون.
الأستاذ منير:
تبرز عظمة الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته.
الأخت وداد:
لتسمح لي أخي منير فقط قبل أن ننطلق إلى نقاط أخرى، هيئتكم العالمية هذه تعنى بالإعجاز العلمي في القرآن، هل هي مربوطة بهيئات عالمية أخرى؟ هل تدعون إلى هذا الدين بالإعجاز؟.
الدكتور راتب الداعية الوحيد بالإعجاز العلمي في بلاد الشام :
الدكتور راتب:
أنا بالشام تقريباً الداعية الوحيد بالإعجاز العلمي، أنا أستاذ الإعجاز في الجامعة، فهناك عمل علمي بالجامعة، وهناك دعوة في جامعي، وهناك مؤلفات لي، أي هذا الموضوع ليس أكبر من ذلك.
الأستاذ منير:
بلاد الشام عزيزة في قلوبنا.
إعجاز الله في الكون :
الدكتور راتب:
قبل ذلك، الأرض تدور حول الشمس دورة في العام، هناك نجم اسمه قلب العقرب طبعاً الشمس يزيد حجمها عن حجم الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي مليون وثلاثمائة ألف أرض تدخل في جوف الشمس، وبينهما مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر، يقطعها الضوء في ثماني دقائق، عندما تغيب الشمس هي غابت قبل دقائق، فبين الأرض والشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، هناك نجم صغير ببرج العقرب اسمه قلب العقرب، يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما، اسم هذا النجم قلب العقرب، في برج العقرب قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
حينما تدور الأرض حول الشمس تمر باثني عشر برجاً، من هذه البروج برج العقرب، هناك نجم صغير أحمر اللون متألق اسمه قلب العقرب، يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما، فهذا الإله العظيم يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟.
الأستاذ منير:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾
كما يقول المولى عز وجل، طبعاً هذا الذي نعلمه، وما خفي أعظم، الذي استطاعت عقولنا أن تتحمله، وما خفي أعظم، أختي وداد هل لديك ما تضيفينه في هذا المجال؟.
الأخت وداد:
نعم، قد عجبت لهذه الهيئات العالمية، ولماذا أيضاً طلبتك، أو من يسعون للانتماء إلى هذه الهيئة العالمية لماذا لا ينشرون هذه الدعوة؟ لماذا لا يكتبون حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم كي ينشر في الغرب؟ ونعلم أن لديكم موقعاً خاصاً في الإعجاز العلمي.
الموقع الخاص للدكتور محمد راتب النابلسي :
الدكتور راتب:
موقعي في الانكليزي والفرنسي، أنا موقعي يرتاده ألوف يومياً.
الأستاذ منير:
نذكر موقع الدكتور محمد راتب النابلسي www.nablsy.com حتى نذكر الأخوة المستمعين.
الدكتور راتب:
الأخوة المستمعين يعرفون كوكل أكتب أي كلمة على كوكل، اكتب راتب فقط، اكتب نابلسي فقط، اكتب بالعربي، بالانكليزي، الموقع يظهر بتسعمئة ألف مكان، أربع ملايين وستون ألف مكان.
الأستاذ منير:
أنا أذكر كلمة، نعم دكتور فوزي رمضان.
لمحة عن الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة :
الدكتور فوزي:
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أريد أن أشير إلى قضية الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، هي هيئة أنشأت سنة ألف و أربعمئة هجرية، بمكة المكرمة، وهي تحت رابطة العلم الإسلامي، الذي أنشأها هو فضيلة الدكتور العلامة عبد المجيد زنداني هو رئيس الهيئة العالمية في القرآن والسنة، الآن يترأسها شيخنا الصالح عبد الله المصلح، وهذه الهيئة لها مكاتب في كل الدول العربية، وكذلك عندنا تمثيل حتى في الدول الغربية، أخيراً زرنا المؤتمر العاشر للهيئة العالمية في تركيا وحضر عدة علماء، وقدمت أنا بحثاً عن عدة المطلقة، وكان البحث جديداً على مستوى العالم، عن الحكمة الإلهية، والمعجزة العلمية، وإن شاء الله سنعقد مؤتمراً في 2011- 2013 في فرنسا، وهذا المؤتمر سيكون متميزاً، مثلاً أنا كمختص بالإعجاز الطبي، آتي بالحقيقة القرآنية، ويأتي معي دكتور فرنسي يتكلم الحقيقة بالعلمية على مرأى ومسمع الناس، ونثبت للعالمين أن هذا الكتاب من عند الله سبحانه وتعالى، وأن محمداً حق، ورسولنا حق، ونحن على الحق، وغيرنا على باطل، والهيئة العالمية لها مؤلفات كثيرة، ونحن الحمد لله ما نزال ندرس منهاج الإعجاز، وهذه السنة سيدخل كمنهج تدريس في الجامعة الجزائرية، نجمع بين علم الأديان وعلم الأكوان، وهذا هدفنا نحن في الهيئة العالمية، نحن نستنير من - كلما ضيق علينا الحال- الدكتور الفاضل راتب النابلسي، حتى نستقي من علمه، وكيف وصل إليه، لأنه الذي ليس له شيخ لا يستطيع أن يتعلم، ولذلك نحن شيخنا هو أستاذنا الذي يعلمنا هذا الطريق، ونحن كلما ضعف إيماننا، نشحن هذه البطارية، حتى نخاطب الناس بالخطاب الديني المتميز الذي يعتمد على العقل، فإذا اقتنع العقل اطمأن القلب، وإذا اطمأن خضعت الجوارح، وهذا هو هدفنا نحن في الهيئة العالمية، نحن نتكلم بالعلم ولغة العصر، ونحن نتكلم بلغات كثيرا منها الفرنسية، والانكليزية وخاصة بالجامعات نحن عندنا خطاب متميز في الجامعات.
وأريد لسيدي قضية أخيرة، سيدي في قضية التحريم بالرضاعة، لماذا في شرعنا الأخ تحرم عليه ما حرم على الأخ بالرضاعة، سبحان الله كما قلت في حكمة الأحكام: ما شرع الله إلا لحكمة، وما حرم إلا لغاية، سيدي الآن هناك عالم أسترالي، وجد في حليب الأم في كل واحد ميلي لتر من حليب الأم هناك مئة ألف خلية جذعية، الخلايا الجذعية تتشكل كما تريد، فهذا الأخ وأخوه عندهما نفس الخلايا الجذعية عند التمايز، إذاً عنده نفس التركيبة الجينية للخلايا، وهناك عالم ياباني زرع تلك الخلايا وجد أن أكبر نسبة في الخلايا الجذعية وهي الخلايا التي تشكل العمود الفقري والعظام، وكما تعلمون أن العمود الفقري والنخاع العظمي هو الذي يشكل الزمرة الدموية، ويشكل كل الدم وكذلك الكريات البيضاء والحمراء، وهذا دليل قاطع على أن الذي شرع هذا هو الله سبحانه وتعالى، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله، فنحن أخواننا الكرام نحن الأمة الوحيدة في هذا الوجود التي نملك الدليل العلمي والعقلي على صحة ديانتنا.
الأخت وداد:
لهذا سألت الدكتور هذا السؤال أي هل يصدر هذا العلم إلى الخارج؟ حتى إن الدكتور زنداني التي اعتمدت بعض بحوثه كانت مقدمات في كتب يابانية.
الإسلام هو الأصل :
الدكتور راتب:
لكن لي تعليقاً دقيقاً، تعليق على كلام الدكتور جزاه الله خيراً، نحن لا نثني على الإسلام إذا وافق العلم، لكن نثني على العلم إذا وافق الإسلام، الأصل هو الإسلام، الأصل هو وحي السماء، وحي السماء مطلق.
الأستاذ منير:
بارك الله فيكم دكتور فوزي رمضان على هذه المداخلة الهامة جداً، متعلقة بنشاطات الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، أنا أذكر قولاً سمعته للدكتور زغلول النجار، كذلك هو مهتم بالإعجاز العلمي، قال له أحد المسيحيين عندما أسلم: ما ذنب والدي قد مات مسيحياً أنه سيدخل النار بسبب عجزكم أنتم بأنكم لم تبلغوا، ولم توصلوا هذه الأمانة للناس، ما ذنب والدي أن يذهب للنار بسبب عجزكم أنتم؟
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :
الدكتور راتب:
والله كنت في إسبانيا، وقفت امرأة أسبانية وقالت: أنا في رقبتكم، أنا ما ذنبي؟ والله على أثر هذه الكلمة أدخلت في إميل موقعي اللغات كلها، لأي سؤال يأتي بأي لغة هناك مترجمون مكلفون بالترجمة، هذه الكلمة أثرت بنفسي كثيراً، ما ذنبنا نحن؟ الحق معكم.
الأخت وداد:
لذلك قال الدكتور في أول حديثه بأن الدعوة فرض عين على كل مسلم.
الخير كله في هذا الدين و نحن لسنا في المستوى الذي نخاطب به الغرب :
الأستاذ فوزي:
نحن عندما ذهبنا إلى أميركا ووجدنا العالم، أنا الحمد لله كرمني الله في بحث الهيئة العالمية، زرت أفريقيا، وأوربا، وأميركا، وآسيا، والله شيخنا قد زار أميركا مرات ومرة أقسم بالله العلي العظيم أن الإنسان عندما يعيش معهم هم بهائم يمشون على قدمين، مرة نحن كنا في المغرب، وكان مؤتمر الإعجاز في المغرب في فاس، فحضر معنا نائب رئيس جمعية أشبيليا وزوجته، عالم كبير مع زوجته، حضر معنا، وكان المجمع فيه علماء منهم شيخنا المصلح، فبدأت أنا أترجم لهم بالفرنسية، وتكلمت معه على خلق الإنسان بين الطب والقرآن، كيف تكلم محمد صلى الله عليه وسلم في آيات سورة النور عن خلق الإنسان، من نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظام، ثم كسا العظام لحماً، وتكلمت عن الحقائق العلمية، وتكلمت عن البحثين، والله أقسم بالله الذي لا إله إلا هو وأنا عندي صورة في الجوال، عندما جاء أحد المغاربة و قرآ القرآن الكريم، بكى هذا الرجل، ولا يعرفون العربية، ولا الإسلام، ماذا قال هذا الرجل للشيخ المصلح؟ قال: نحن نعيش كالبهائم في أوربا، وهذا أحسن يوم عشته في حياتي ولم يكسف، نحن لا نبلغ هذا الكلام، ولا نبلغ ديننا، نحن أخوننا الكرام مقصرون، وتقصيرنا سنحاسب عليه أمام الله سبحانه وتعالى لأن الخير كله في هذا الدين، ونحن للأسف الشديد لم نكن في المستوى الذي نخاطب به الغرب.
الأخت وداد:
ونبرز عجائب هذا الدين، لأننا لا نعرف هذا الدين.
الإعجاز العلمي وتوصيل الفكرة للآخر :
الدكتور راتب:
طالب في بلد غربي، له أب قاس جداً، فلما قصر في زيارة الكنيسة، ضربه ضرباً مبرحاً فترك البيت واعتنق الإلحاد، وترقى في دراسته حتى أصبح أستاذاً للرياضيات في جامعة لوس أنجلوس، فهو في هذه الجامعة طبعاً يعتنق الإلحاد، تدخل عليه فتاة طالبة جامعية في أيام الصيف الحارة، محجبة حجاباً كاملاً، طبعاً أرسلها أستاذه، أستاذه هو أقوى من أستاذه، إذا كان هناك قضية عويصة عند أستاذه يحيلها إليه، فلما رأى هذه الطالبة بهذا الشكل، قال: لا بد من أن هذه الفتاة عندها قناعات أنا لا أعرفها، هي خالفت معظم فتيات أميركا، في الصيف البنات شبه عرايا فبدأ يقرأ القرآن واتصل بموريس بوكاي، وكان سبب إسلامه، فصار يبكي في الصلاة، فقاله له أحدهم منتقداً: أنت لا تفهم بالعربية شيئاً، كيف تبكي؟ قال له: كيف يطمئن الطفل في حضن أمه وهو لا يعرف أن يخاطبها ولا أن تخاطبه، حقيقة قصته مذهلة، طبعاً طبعت في كتاب، والكتاب مترجم للغة العربية، جفري لنك الآن من أكبر الدعاة في أمريكا، وكان ملحداً.
الأستاذ منير:
ما دمنا نتحدث عن الإعجاز العلمي وتوصيل الفكرة للآخر، أريد أن نقف قليلاً عند موقف الإعلام دور الإذاعات الموضعية، ومنها إذاعة القرآن الكريم، كيف ترون هذا الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام ومنها إذاعة القرآن الكريم في توصيل هذه الفكرة.
الأخت وداد:
أخي منير، النابلسي كانت له حصص في إذاعة القرآن الكريم ولا تزال تبث حول الإعجاز العلمي، حول أسماء الله الحسنى، حول صحابيات وسيدات بيت النبوة.
الدين توقيفي لا يتبدل و لا يتغير :
الدكتور راتب:
أنا أرى أن الدين لا يتبدل، ولا يتغير، الدين توقيفي، لكن ينبغي أن نبدل الخطاب الديني، أن نخاطب القلوب، أن نخاطب الحياة، ينبغي أن يكون الخطاب علمياً، وينبغي أن يكون صادقاً، وينبغي أن يكون معمقاً، وينبغي أن يضع المستمع يده على حقائق هذا القرآن العظيم لأنه في حقيقة إنسانية، الإنسان يقبل على شيء عظيم، فإذا أريته عظمة الدين خضع له.
أنا أقول الآن: لأن هناك تواصل بين العالم كله لم يعد يكفي الخطاب التقليدي، الخطاب الديني التقليدي لا يقنع الآن، لابد من خطاب ديني تجديدي، مبني على العلم، أكثر شيء أعلق عليه إسقاط آيات القرآن الكريم وما صحّ من أحاديث النبي الكريم على واقعنا إسقاطاً دقيقاً جداً، حتى أرى أن مشكلاتي تحل بالإسلام، بالقرآن تحل مشكلاتي، أما حينما يأتي الخطاب تقليدياً بعيداً مأخوذاً من كتب صفراء بعيداً عن واقع الحياة فلا يؤثر.
الأستاذ منير:
الدكتور الفاضل محمد راتب النابلسي، نود أن نقف قليلاً عند برنامج يبث حالياً في إذاعة القرآن الكريم والمتعلق بأسماء الله الحسنى نحن عندما ندعو الله سبحانه وتعالى ندعوه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، نريد أن نقرب هذا المفهوم للمستمع في إذاعة القرآن الكريم الفاضل ونبين له أسماء الله تعالى، وصفاته.
العقيدة الإسلامية يأتي في مقدمتها أسماء الله الحسنى :
الدكتور راتب:
قبل ذلك، الله عز وجل قال:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
وهناك آية قرآنية:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
كيف؟ أنا حينما أقرأ عن اسم الشكور وأكون شاكراً لله عندئذٍ أتوكل على الله، حينما أقرأ عن اسم الله العفو وأعفو عمن خاصمني أتقرب إلى الله، وكأن الله أراد أن نقتبس كمالاً من أسماء الله الحسنى، يكون هذا الكمال أداة الإقبال على الله عز وجل، فأنا أرى أن العقيدة الإسلامية يأتي في مقدمتها أسماء الله الحسنى.
أنت أحياناً يزورك إنسان، تقول له: الاسم الكريم؟ أخذت اسمه، العمل؟ متزوج؟ أين تسكن؟.
الأسماء الحسنى أصل في العقيدة :
أنت كيف تعرف الله؟ يجب أن أعرف عن عفوه، عن كرمه، عن حلمه، عن قوته، عن قدرته، عن انتقامه ممن يعادي هذا الدين، فأسماء الله الحسنى أصل في العقيدة، لكن مع الأسف الشديد، أكثر الكتب السابقة الاسم عبارة عن سطرين أو ثلاثة، العبد الفقير بتوفيق من الله وحده عملت سلسلة الأسماء الحسنى، الدرس عبارة عن ثلاثين دقيقة، الاسم يأخذ درسين أو ثلاثة، أنا توسعت في بيان عظمة هذه الأسماء من خلال الخلق، الكون، أي اسم من أسماء الله الحسنى الودود مثلاً، كم شاهد من حياتنا اليومية فيه مودة من الله، القوي كم شاهد؟ فحينما أدرس الأسماء الحسنى من خلال القرآن والخلق، الخلق آيات لا تنتهي، أي اسم من أسماء الله الحسنى يمكن أن تأتي بمئة دليل من خلق الله عز وجل، اسم اللطيف، الطفل حينما يفقد أسنانه بدون أي ألم يجد السن مع لقمة الطعام، أكبر طبيب أسنان لا يقدر قلع السن إلا بألم، أو مخدر، فالله لطيف عز وجل، نأخذ من لطف الله أشياء كثيرة جداً، فأنا أرى أن الأسماء الحسنى أصل في العقيدة، وهي آتية بالعقيدة، لكن شرحها من خلال الله عز وجل، الله له ثلاث آيات، له آيات كونية، وله آيات تكوينية، وله آيات قرآنية، هي الطرق السالكة إلى الله، الآيات الكونية خلقه، والآيات التكوينية أفعاله، والآيات القرآنية كلامه، فأنا من خلقه، ومن أفعاله، ومن كلامه أتعرف إليه، هذه معنى قوله تعالى:
أي اشتق أيها المؤمن كمالاً من أسماء الله الحسنى، وتقرب بهذا الكمال إلى الله، فأنت بعفوك عما أساء إليك، أنت بلطفك، أنت بكرمك، تتقرب إلى الله عز وجل.
الأستاذ منير:
أعتقد أن الأستاذ الفاضل الفاروق الشويكي مدير أعمال الدكتور محمد راتب النابلسي يريد أن يدله بدلوه في هذا المجال.
القدوة شيء أساسي في الدعوة إلى الله عز وجل :
الأستاذ فاروق:
جزى الله شيخنا الكريم كل خير، أنا مما أكرمني الله عز وجل بخدمته منذ سنوات طويلة، كان شيخي الجليل يؤكد على موضوع القدوة، قلت له ذات مرة: أكرمني الله عز وجل أن أستمع إلى علمك، وأن أتعلم من علمك، لكنني الآن أتعلم من عملك، وهذا هو المهم، وهذا هو الشيء الذي يؤكد عليه جزاه الله خيراً القدوة ثم القدوة ثم القدوة، هناك قصة صغيرة إن سمح لي شيخي، طبيب أكرمه الله عز وجل بدخول الإسلام، والعودة إلى الدين بفضل الشيخ جزاه الله خيراً، والسبب في ذلك هو القدوة، هو استمع إلى علمه، وانبهر بهذا العلم الكبير بفضل الله عز وجل، وكان هناك لقاء مع الشيخ، فهذا الطبيب حينما اتصل بالشيخ قال له: أنا في مصر وسوف أعود بعد أسبوع إن شاء الله تعالى، وألتقي بك، بعد أسبوع تقريباً أو عشرة أيام اتصل هذا الطبيب بالشيخ فرحب به، و أتى هذا الطبيب إلى المسجد، ثم ذهب الشيخ به إلى بيته جزاه الله خيراً، ودعاه إلى الغداء، الشاهد في القصة قال له: والله يا شيخ لقد استمعت إلى علمك الغزير الكبير جداً، ولكن هذا اللقاء وهذه الدعوة وهذه المعاملة في كفة وعلمك في كفة أخرى، القدوة شيء أساسي، وهذا ما تعلمناه من شيخنا الفاضل جزاه الله خيراً.
الأخت وداد:
كنت أريد أن أستثمرك في آخر الحصة لكي تحكي لنا عن فضيلة الشيخ راتب النابلسي في حياته اليومية.
القدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان :
الدكتور راتب:
كتعليق على كلام فاروق جزاه الله خيراً، القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، أي افتح قلب المستمع بإحسانك ليفتح عقله لبيانك.
الأستاذ منير:
كان هذا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم قديماً، إذاً هذا المعنى الذي تبادر إلى ذهني هو الذي تحدث عنه فاروق، وتحدث الدكتور فوزي رمضان عن استشاراتكم فيما يخص هيئة الإعجاز القرآني، فأنا قد استمتعت بأخلاقكم، بتواضعكم قبل علمكم دكتورنا الفاضل محمد راتب النابلسي.
الأخت وداد:
ننتقل إلى محور آخر، نأخذ فاصلاً ثم نعود إليه، فهو محور مهم جداً، نريح مستمعينا الأفاضل، ونلقاكم بعد قليل.
كل إنسان خاسر لا محالة لأن مضي الزمن يستهلكه :
الدكتور راتب:
﴿ ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ ﴾
لذلك ورد في بعض الآثار: إن روح الميت ترفرف فوق النعش، تقول : يا أهلي، يا والدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، فأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي، لذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ﴾
أي كل إنسان خاسر لا محالة، لماذا؟ لأن مضي الزمن يستهلكه، الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، من هو الذي ينجو من الخسارة؟
أي ابحث عن الحقيقة، واعمل وفقها وادعُ إليها، واصبر على البحث عنها، والعمل بها، والدعوة إليها، تنجو من الخسارة،
الأستاذ منير:
كان إذاً هذا صوت الأستاذ الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي، الذي نسعد بلقائه على المباشر هنا، في رحاب إذاعة القرآن الكريم، أختي وداد نمر إلى المحور الآن.
الأخت وداد:
المحور الأخير هو محور مؤلم جداً، وهو واقع العالم الإسلامي، لا نريد أن نخرج أوراقه، لا نريد أن نتحدث عنه بالتفاصيل، لكن هذا الراهن هو راهن مرير، كيف نخرج منه؟ هل للدكتور محمد راتب النابلسي رؤية معينة؟
الموضوعية قيمة علمية وأخلاقية في الوقت نفسه :
الدكتور راتب:
هناك حالة منتشرة في العالم الإسلامي، هذه الحالة نجلس مع بعضنا بعضاً، نتحدث عن أخطائنا، أنا أسمي هذه الجلسة جلد الذات، لا نستطيع أن نقف بعد ذلك، هذا خطأ كبير، عندنا إيجابيات كبيرة جداً.
مرة إنسان واقف على نهر السين بباريس، رآه شخص طالب علم، أحب أن يتدرب على الحديث باللغة الفرنسية مع هذا الإنسان، قال له: بمَ تفكر؟ قال له: بقتل أبي، قال له: عجيب! لِمَ؟ قال له: أحب فتاة فأخذها مني.
أنا أفكر بالإنسان في المشرق، همه الأول تزويج أولاده، ويسعد أشد السعادة إذا تزوج أولاده كلهم، فأنا حينما أنسى فضائل العالم الإسلامي، أنسى الإيجابيات، أنسى الأشياء الطيبة في حياتنا، لكن سبحانه الله أحياناً نتعامى عنها، ونبحث بأخطائنا فقط، أنا أتمنى من أجل التوازن إن ذكرنا أخطاءنا نذكر خصائصنا، الأسرة عندنا مقدسة، الأب أب، الأم أم، البنت بنت، الصهر صهر، أما في بلاد أخرى فالأسرة ضائعة، المجتمع متفكك، مجتمع وقع في وحول الإباحية، عندنا ميزات كبيرة جداً، فأنا أتمنى من منطلق علمي أقول دائماً: الموضوعية هي قيمة علمية وقيمة أخلاقية في الوقت نفسه، أنت إذا كنت موضوعياً فأنت علمي، وأنت إذا كنت موضوعياً فأنت أخلاقي، فالعالم الإسلامي يعاني ما يعاني، لكن هناك ايجابيات كبيرة جداً.
مرة دكتور في الجامعة يعد من أكبر علماء النفس وكان أستاذي توفي رحمه الله حضر مؤتمراً في ألمانيا، قال: إن الشعب الألماني، نسب الأمراض النفسية فيه مئة و سبعة و خمسون بالمئة أنا استغربت، بينما بالشرق الأوسط بسبب الإيمان وحده النسب ضئيلة جداً.
فنحن عندنا ايجابيات في بلدنا، أنا أقول أنت لأنك عالم يجب أن تكون موضوعياً فاذكر ما لنا وما علينا، واذكر ما لهم وما عليهم، أما نحن دون أن نشعر فنأخذ إيجابياتهم ونأخذ سلبياتنا، طبعاً مسافة كبيرة جداً، الموقف غير موضوعي، الموقف الموضوعي أن تأخذ هذا وهذا.
الأستاذ منير:
وهذا من حق الداعية، والمفكر هو الذي عليه يأخذ هذا العمل الجبار.
الدكتور راتب:
أي الأب في بلاد المسلمين همه أولاده، همه بناته، هناك حواجز رائعة جداً أخلاقية، هناك حواجز علمية، كل إنسان واقف عند حده، هذه أشياء ملموسة، بينما في عالم آخر بعيدون بعد الأرض عن السماء عن هذه القيم والمبادئ.
الأخت وداد:
أمام الدعوة الآن فضيلة الدكتور عقبات كأداء، كيف ترون الحلول لهذه العقبات؟ أو كيف ترون المخارج على الأقل؟.
التركيز على الإيجابيات يجعلنا متماسكين :
الدكتور راتب:
إذا كان هناك انفتاح بلا حدود على الغرب فالإصلاح صعب، لا بد من وقاية، والدليل:
﴿ ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ ﴾
فإذا كان هناك جهة لا تعبد الله، تعبد الشهوة.
﴿ ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ ﴾
هذه الجهة التي تعبد الشهوات ينبغي أن نبتعد عنها، أما إذا كان هناك اختلاط شديد و انفتاح و تبادل بكل شيء، والله أنا لا أرى أن هذا الاختلاط الشديد مع الطرف الآخر الغير المنضبط مشكلة، نحن ما هي المشكلة؟ سألوا أحد كبار المفكرين ماذا نأخذ وماذا ندع عن الغرب؟ فقال: نأخذ ما في رؤوسهم وندع ما في نفوسهم، نأخذ ما في رؤوسهم من علم، وندع ما في نفوسهم من شهوات، فكيف إذا أخذنا ما في نفوسهم وتركنا ما في رؤوسهم؟ هذه المشكلة، فهناك ايجابيات عندنا كبيرة، أنا أقول التركيز عليها من حين لآخر يجعلنا متماسكين.
حقيقة أقولها بكل صراحة عقب الهزائم المتتالية في العالم الإسلامي تراكم عند الأمة الإسلامية حالة اسمها الشعور بالإحباط، واليأس، والطريق المسدود، جاء انهيار النظام العالمي المالي جرعة منعشة، جاء انتصار أخوتنا في فلسطين عشرة آلاف مقاتل على أكبر جيش في المنطقة، جرعة منعشة، جاء تبدل وضع تركيا من وضع يعادي الدين إلى وضع إسلامي، جرعة منعشة، فالله رحمة بنا أعطانا جرعات منعشة، أي بحياتنا جرعات منعشة، قوية جداً، عشرة آلاف إنسان معهم بندقية فقط، يقفوا أمام أكبر جيش بالمنطقة، هذه جرعة منعشة، فكأن الله عز وجل رحمنا بهذه الحالة من الإحباط واليأس والطريق المسدود، أعطانا جرعات منعشة، هذه الجرعات يحب أن نذكرها، وأن نؤكد عليها، وأن نعتز بها، تعطينا دفعاً، والحقيقة أخطر هزيمة أن نهزم من الداخل، هزيمة الحرب قضية سهلة لكن أخطر هزيمة أن نهزم من الداخل، فلذلك ذكر الأخطاء بشكل مستمر ندخل في اليأس، في الإحباط، في الطريق المسدود، الله أعطانا جرعات منعشة ينبغي أن نأخذ من هذه الجرعات.
الأستاذ منير:
والله كنت أريد أن نطيل لقاء الدكتور محمد راتب النابلسي، لا نريد أن نتعبكم أكثر، حسبنا في ختام هذه الجلسة الدكتور النابلسي يريد أن يقدم نصيحة لمستمع إذاعة القرآن الكريم، أو يود الدكتور محمد راتب النابلسي أن يبوح بشيء في هذا اللقاء الحميم.
من هان أمر الله عليه هان على الله :
الدكتور راتب:
أنا أقول كلمة قد تكون مؤلمة، الواقع السلبي الذي نعيشه بسبب أن أمر الله هان علينا فهنا على الله، ولو عظمنا أمر الله لكنا في حال آخر، فلذلك الشيء الدقيق جداً أننا حينما نعظم هذا الدين نعظم هذا النبي الكريم، نعظم هذا القرآن الكريم، حينما نعيش هذا القرآن في بيوتنا، في مدارسنا، في حياتنا، في كسب أموالنا، في إنفاق أموالنا، عندئذٍ الله عز وجل قال:
﴿ ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ ﴾
قال علماء التفسير: ما معنى وأنت فيهم وقد توفي النبي؟ أي سنتك مطبقة فيهم، منهجك مطبق فيهم، مادام منهج النبي مطبق فينا من سابع المستحيلات أن نصاب بأذى
ما كان هذه أقوى صيغة بالنفي، العلماء أعطوها اثني عشر فعلاً
لا يرضيه، ولا يفعل، ولا يريد، ولا ولا ولا،
الآن:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
نحن عندنا فسحة من الأمل أن نتبع سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
الأستاذ منير:
نصيحة للشباب المسلم، للشباب الجزائري المسلم كي يتمسك بالكتاب وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
نصيحة للشباب الجزائري المسلم :
الدكتور راتب:
والله أنا أقول: الشعب الجزائري بجهاده الطويل، من أجل التحرر، والاستقلال، هذا الجهاد الطويل وسام شرف يضعه على صدره، أتمنى أن يضع وسام الشرف بطاعة الله عز وجل، بالإقبال عليه، فهذا النصر المؤزر الذي أصابه الشعب الجزائري يجب أن يحافظ عليه باتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
الأستاذ منير:
ونحن نعتبر هذا اللقاء وسام شرف لإذاعة القرآن الكريم أنا وزميلتي الأخت وداد.
الأخت وداد:
وقد تشرفنا بلقائك فضيلة الدكتور، وبجناب الأستاذ فارق الشويكي، والأستاذ فوزي رمضان، بارك الله بكم على حضوركم معنا هنا في إذاعة القرآن الكريم، ولا شك بأن المستمعين من الأفاضل قد استروحت نفوسهم، وعاشوا فرحة.
خاتمة و توديع :
الدكتور راتب:
هل وصل هذا الياسمين إلى المستمعين؟.
الأستاذ منير:
نشكر المخرج كمال الذي قدم هذه الورود وهذا الياسمين، الذي هو عطر، وجعل أيامكم كلها عطراً ووروداً.
كان هذا إذاً الأستاذ الفاضل محمد راتب النابلسي، الذي شرفنا في رحاب إذاعة القرآن الكريم، وكذلك الدكتور فوزي رمضان، والأستاذ فاروق الشويكي مدير أعمال الشيخ محمد راتب النابلسي، نشكر جزيل الشكر باسمي وباسم إذاعة القرآن الكريم، وعمال إذاعة القرآن الكريم، ومستمعي إذاعة القرآن الكريم، على أمل أن نلقاكم في مشيئة الله تعالى، الله يشهد أننا نحبكم في الله، وإقامة طيبة في بلدكم الجزائر، لا أقول بلدكم الثاني، بلدك الأول الجزائر دكتور راتب النابلسي.
الدكتور راتب:
بارك الله بكم ونفع بكم على هذه الإذاعة و التي هي منبر للحق.
الأستاذ منير:
شكراً لكم مستمعينا الأفاضل على أمل أن نلقاكم في فرص أخرى، دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب:
لا شيء يعلو على مرتبة العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئا، ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله.
والحمد لله رب العالمين