وضع داكن
29-03-2024
Logo
قراءات قرآنية - الدرس : 09 - من سورة النساء والمائدة - البشارة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

من آمن بالله و شكره حقق الهدف من وجوده :

 أيها الأخوة الكرام ؛ في آية من أدق آيات هذه الليلة ، الله عز وجل خلق الكون ، وسخره لبني البشر تسخير تعريف وتكريم ؛ من جهة نتعرف إلى الله من خلال الكون ، ومن جهة كرمنا الله به ، كما قال عليه الصلاة والسلام :

((هلالُ خَيْرٍ ورُشْدٍ))

[أبو داود عن قتادة]

 الآن الإنسان ماذا ينبغي أن يكون ردّ فعله تجاه تسخير التعريف ؟ الله عرفك بذاته من خلال الكون ، أنت كإنسان ماذا ينبغي أن يكون ردّ فعلك على هذا التسخير؟ أن تؤمن بالله ، والله أكرمك بهذا الكون ، ماذا ينبغي أن يكون ردّ فعلك على هذا التكريم ؟ أن تشكر ، إذاً إذا آمنت وشكرت ، حققت الهدف من وجودك ، وتوقفت المعالجة .
 هذه الآية دقيقة جداً ، وآية - كما يقال- مفصلية إذا استوعبها الإنسان ، أنت في الدنيا هنا من أجل أن تعرفه ، ومن أجل أن تشكره ، لأنه منحك وعرفك ؛ منحك نعمة الوجود ، ومنحك نعمة الكون ، ونعمة الإمداد ، وهذا الكون تعريف لذاته ، فإذا عرفته من خلال كونه ، وشكرته من خلال نعمه ، توقفت المعالجة ، ولك أن تجعل هذه الآية شعاراً لك دائماً :

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء:147]

 إذاً إن آمنتم ولم تشكروا هناك تأديب ، إن شكرتم ولم تؤمنوا ، شكرتم بعضكم ولم تؤمنوا هناك تأديب ، أصبح هناك شرك ، إما شرك أو معصية ، أما إذا حصل التوحيد ، وحصل الشكر ، انتهى التأديب ، فالذي يعاني من مشكلات ، عليه أن يؤمن ، وعليه أن يشكر.

 

على المسلم أن يعدل مع المسلمين و غير المسلمين :

 الآية التي في المائدة :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[سورة المائدة:8]

 هذه الآية دقيقة جداً ، هذه الآية تؤكد الدافع الإنساني ، أي لا تحملنك عداوتك ، وبغضك لغير المؤمنين أن تظلمهم ، أو أن تأخذ ما في أيديهم ، أو أن تبخسهم حقهم ، أو أن تجور عليهم ، هذه العداوة لا ينبغي أن تحملك على ظلمهم ، لأن هذا لا يرضي الله عز وجل :

((اتقوا دعوة المظلوم -ولو كان كافراً- ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))

[البخاري عن عبد الله بن عباس]

 أخواننا الكرام ، دققوا :

((اتقوا دعوة المظلوم -ولو كان كافراً- ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))

[البخاري عن عبد الله بن عباس]

﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ﴾

[ سورة المائدة: 8]

 أمر:

﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾

[سورة المائدة:8]

 أي إن عدلتم كنتم أقرب إلى الله ، مما لو ظلمتموهم ، وإن عدلتم ، قربتموهم إلى الله ولم تبعدوهم ، هذا منهج ، هذه الآية منهج :

﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[سورة المائدة:8]

 وكم من إنسان غير مسلم ، لأن إنساناً مسلماً أنصفه ، أعطاه حقه بالتمام والكمال، ورحمه ، هذا يكون سبب إسلامه ، آلاف آلاف القصص ، سبب إيمان غير المسلم أحياناً موقف أخلاقي من مسلم .

 

مرور حياة المؤمن بأطوار ثلاثة :

 هناك بشارة ، هذه البشارة استنبطها الإمام الشافعي من قوله تعالى :

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[سورة المائدة:18]

 لو أن الله أقرهم على أنهم أحبابه وأبناؤه ، لما عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه ، الله جل جلاله يعالج أحبابه ، ثم يمتحنهم ، ثم يكرمهم ، فحياة المؤمن تمر بأطوار ثلاثة ، متمايزة أو متداخلة ؛ طور فيه تأديب ، وطور فيه امتحان ، وطور فيه إكرام .

 

عدم جواز إصدار تشريع و تطبيقه بمفعول رجعي :

 أكثر التفاسير العالمية هناك مادة ، لو لم تكن لكان في القانون ظلم شديد . مثلاً : هناك بعض المصالح مسموحة قانوناً ، مثلاً : تبيع فواكه فرضاً ، مسموح لك أن تبيع فواكه ، لو حُصر بيع الفواكه مثلاً بالدولة ، وظهر قانون يحرم هذا النشاط ، وسيطبق هذا القانون رجعياً ، ألا يكون هناك ظلم ؟ سيكون هناك ظلم شديد ، لأن الإنسان عندما يفعل شيئاً غير ممنوع ، ليس مؤاخذاً ، يظهر قانون لاحق يحرم شيئاً ، ويطبق بشكل رجعي ، هذا الشيء يسبب ظلماً شديداً ، لذلك : في كل الدساتير في العالم ، القوانين لا تطبق بمفعول رجعي ، هذه أبعدوها أن هناك شطحة كبيرة جداً بحقوق الإنسان .
 هل في القرآن الكريم آية تشير لهذا الحق ؟ مرت معنا ، تؤكد أنه لا يمكن أن يطبق القانون بمفعول رجعي ، لأن هناك ظلم ، يقول لك : القرآن فيه كل شيء :

﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾

[سورة المائدة:34]

 لو أنهم تابوا قبل أن تقدروا عليهم ، لا تستطيعون أن تعاقبوهم ، أما إذا قدرتم عليهم قبل أن يتوبوا ، لكم أن تعاقبوهم ، هذه الآية الوحيدة في كتاب الله تبين أنه لا يجوز أن تصدر تشريعاً ، وأن تطبقه بمفعول رجعي ، هذا فيه ظلم شديد ، أي كل إنسان يتبجح أن له حقوقاً الآن، وتنص عليها الدساتير ، ؛ أن أي القانون لو طبق بمفعول رجعي لأوقع إجحافاً وظلماً شديدين بالإنسان .

 

الأخطار الناجمة عن تغيير خلق الله عز وجل :

 هناك أخ سألني عن آية . الأخ :

﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾

[سورة النساء:119]

 نعم ، أحياناً الصناعات الغذائية لا تعتمد على التشريع الإلهي ، تعتمد على المصالح المادية لشركات الغذاء العالمية ، فمثلاً : أحياناً هذه الدجاجة تبقى أربعين يوماً دون أن تنام ساعة واحدة ، يعطونها مواد هرمونية ، من أجل أن تنمو بسرعة ، من أجل مصالح معينة؛ لكن هذا الفروج غيّرنا في خلقه ، غيّرنا في طباعه ، غيّرنا في بنية نسيجه اللحمي ، فصار هناك خطر .
 أحياناً نضع مواد حافظة للمواد الغذائية ، هذه المواد الحافظة نسبها إذا زادت سببت السرطان .
 أحياناً : نستعمل دهوناً غير مشبعة ، هذه تؤدي إلى أمراض في الجسم ، فالإنسان عليه أن يعود إلى النموذج الذي صممه الله عز وجل .
 الآن يقول لك : هناك فرن توضع فيه اللحمة خلال ثوان تصبح فحمة ، والفحم بارد، عن طريق أشعة تخرب خلايا اللحم ، هذا تغيير ، والآن تسمع أحياناً أن هذه الفريزرات كلها تؤذي ، تكّون بكتريات على الطعام ، أي لا بد من أن نكتشف أن كل شيء جديد جاءنا عن طريق المجانين ، لعل فيه أخطاراً كثيرة جداً ، وكل شيء طبيعي كما أراد الله عز وجل لا شيء عليه .
 الآن مثلاً تجد التفاحة كبيرة ، لونها أصفر ، لها خد أحمر ، تأكلها ، لا يوجد طعم، الأسمدة الكيماوية تغير الصفات الفيزيائية للفاكهة على حساب الكيماوية ، طعم لا يوجد .
 قال لي أخ كان في بلد أوروبي : التفاح صغير هكذا . . . . ثمن الكيلو عشرة دولارات ، التفاح الكبير ثمنه ثلاثة دولارات ، هذا السماد طبيعي ، والآن إذا أردنا أن نسمد بسماد طبيعي ، عشرة آلاف ليرة ثمن السيارة ، لأن السماد طبيعي ، أما الكيماوي فرخيص ، يبدو أن كل شيء في تطوير .
 أحياناً شراب ، لا يوجد شيء طبيعي إطلاقاً ، كله كيماوي ، هذه الأنواع التي نستوردها كلها مواد كيماوية محضة ، فعندما تتجه حياتنا لمواد كيماوية ، والإنسان بطبيعته نباتي ، كل شيء مزور ، كل شيء ، المظهر لائق جداً ، وفخم جداً ، أما النوعية فسيئة جداً ، هذا من تغيير خلق الله عز وجل .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور