وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 097 - بيان كثرة طرق الخير 2 - لا ينفك العمل الصالح عن الاستقامة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ما سبق ذكره :

 أيها الأخوة الكرام, لا زلنا في فصل, أو في باب: بيان كثرة طرق الخير.
 كنت أُصر: على أن يعلم الإنسان علم اليقين, لماذا هو في الدنيا؟ هو في الدنيا من أجل شيء واحد, من أجل عمل صالح يكون ثمناً للجنة, أو سبباً لدخول الجنة, إلا أن هذا العمل الصالح الذي هو سبب دخول الجنة: لن يكون إلا بعد معرفة الله.
 قلت في درس سابق: إن الحد الأدنى من معرفة الله, هو الذي يحملك على طاعة الله, فما دامت هذه المعرفة, تفضي بك إلى الطاعة, فهي معرفة يافعة, أما المعرفة التي لا تحملك على طاعة الله, معرفة لا قيمة لها, بل إن إبليس -كما ذكرت لكم في درس سابق-: هو يؤمن أن الله خلقه. قال له:

﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾

[سورة الأعراف الآية:12]

﴿أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾

[سورة الأعراف الآية:14]

 آمن بالآخرة. قال له:

﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾

[سورة ص الآية:81]

 آمن بأن الله ربه, وأنه عبيد, وكل هذا لم يحل بينه وبين المعصية, فإيمان كهذا الإيمان: هو إيمان إبليسي.

من الأعمال الصالحة :

 بعد أن تؤمن الإيمان في حده الأدنى, الذي يحملك على طاعة الله, لا ينبغي للمؤمن الصادق أن يكون له عمل أكثر, من أن يعمل عملاً صالحاً يتقرب به إلى الله, وأبواب العمل الصالح في الدنيا لا تعد ولا تحصى, أينما تحركت هناك فرص للعمل الصالح, أينما تحركت؛ وأنت في بيتك, وأنت مع أولادك, وأنت مع أمك وأبيك, وأنت مع زوجتك, وأنت في الطريق, وأنت في العمل, الأعمال الصالحة كثيرة جداً, بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق, بل إن العمل الذي تعمله, والحرفة التي تحترفها, والمهنة التي تمتهنها, إن كانت في الأصل مشروعة, وسلكت فيها الطرق المشروعة, الشرعية, وأردت منها كفاية نفسك, وأهلك, ونفع المسلمين, ولم تشغلك عن طلب علم, ولا عن طاعة, ولا عن واجب ديني, انقلبت حرفتك إلى عبادة.
 فهؤلاء الناس الكثر, الذين يعملون صباح مساء في أعمال شاقة, لو عرفوا الله, وعرفوا سر وجودهم, لأصبحت حرفهم عبادات, بالمعرفة تصبح العادات عبادات, من دون معرفة قد تكون العبادات الخالصة آثام, الهجرة عبادة خالصة.

((ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها, أو امرأة ينكحها, فهجرته إلى ما هاجر إليه))

دقق في هذه الكلمة :

 دقق في هذه الكلمة: المباحات مع معرفة الله, ومع ابتغاء وجه الله: تنقلب إلى عبادات, والعبادات المحضة من دون معرفة: تنقلب إلى آثام, لأنه فيها شرك, فيها نفاق, والعمل -كما ذكرت في درس سابق- يُقيَّم بنيته.

((إنما الأعمال بالنيات))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]

 ويقيم العمل –أيضاً- بامتداد أمده, ويقيم باتساع رقعته, ويقيم بعمق تأثيره.

من الأعمال التي ترضي الله :

 فالأعمال كثيرة, لكن كما هي في الدنيا, يمكن أن تتعامل بعملة تركية, يمكن أن تتعامل بالدولار, كلاهما عملات, لكن عملة ساقطة, ثلاثة آلاف وسبعمئة ليرة تركي, يساووا دولاراً واحداً, ففي أجور بعملات ساقطة, وفي أجور بعملات غالية جداً.
 فمن الأعمال التي ترضي الله عز وجل: أن تكون سبباً في هداية إنسان, ليس شرطاً أن تكون أنت داعية, لكن لو كنت طالب علم, ونقلت ما في درس معين إلى أخ, إلى صديق, إلى جار, إلى ابن, إلى زوجة, بشريط, بنقل شفهي, يعني أنت تعلم وعلم.

من لوازم الدعوة إلى الله :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((بلغوا عني ولو آية))

[خرجه البخاري في الصحيح, والترمذي في سننه]

 ادع إنساناً إلى مجلس علم, أسمعه شريطاً, حدثه عن موضوع تأثرت به, إنك إن وصلت إلى هداية إنسان بإقناعه, والتلطف به, وإكرامه, إن وصل هذا الإنسان إلى الله, كل أعماله في صحيفتك, فلذلك: الدعوة إلى الله فرض عين, وهي صنعة الأنبياء, فرض عين لقوله تعالى:

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

[سورة يوسف الآية:108]

 فلن تكون متبعاً لرسول الله, إلا إذا دعوت إلى الله على بصيرة, ولقوله تعالى:

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

[سورة العصر الآية:3]

 فالتواصي بالحق: أحد أركان النجاة, بل هو ربع النجاة:

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

[سورة العصر الآية:3]

من خصائص المؤمنين والمنافقين :

 وقد ذكرت لكم من قبل: أن الله سبحانه وتعالى أرسل ملكين ليهلكا قرية, قالا:

((يا رب, إن فيها رجلاً ما عصاك ساعة في حياته, قال: به فابدؤوا –ولم؟- قال: لأن وجهه لم يكن يتمعر حينما يرى منكراً))

 يعني: لم يأمر بالمعروف, ولم ينه عن منكر, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر: من أخص خصائص النبي, ومن أخص خصائص المؤمنين, والأمر بالمنكر, والنهي عن المعروف: من أخص خصائص المنافقين, بل إن الذين يأمرون بالمعروف, وينهون عن المنكر, تأتي مرتبتهم بعد الأنبياء في آيات كثيرة.
 فلذلك الدرس اليوم: توسيع للدرس الماضي, لا بد من أن يكون لك عمل صالح تلقى الله به.

((يا بشر, لا صدقة, ولا جهاد, فبم تلقى الله إذاً؟))

نقطة مهمة :

 في نقطة مهمة جداً: شخص يعرف أنه لن يموت الآن, خطأ, هذا طبعاً خطأ كبير, لا يوجد إنسان مات, إلا وهو يعتقد: أنه سيعمر عشرات السنين, فتعامله مع مغادرة الدنيا تعامل شكلي, تعامل غير حقيقي, أما لو -لا سمح الله ولا قدر- أشرف الإنسان على مغادرة الدنيا, فالقضية –الآن- تصبح خطيرة جداً.
 يعني: أخ كريم قال لي: يعني دخلت مستشفى من أجل أزمة قلبية, صرت أبكي, أقول: يا رب؛ دعني أياماً حتى أتعرف عليك, دعني أياماً حتى أتوب إليك, دعني أياماً حتى أعمل صالحاً ترضى به عني.
 فنحن نعيش بحكم الاستمرار, أما لو الإنسان وقع بمشكلة, وغلب على ظنه أن قد يغادر الدنيا, يا لطيف! يتغير تغيراً جذرياً. فلذلك: التفكر بالموت من أوامر النبي -عليه الصلاة والسلام- إذ يقول:

((أكثروا ذكر هادم اللذات, مشتت الجماعات, مفرق الأحباب))

((عشت ما شئت فإنك ميت, وأحبب ما شئت فإنك مفارق, واعمل ما شئت فإنك مجزي به))

عمل قد يغيب عن الأذهان :

((رجلٌ يَمشي بطريق اشْتَدَّ عليه العطشُ، فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلبٌ يَلْهَثُ، يأكل الثَّرَى من العطش، فقال -هذا- الرجلُ: لقد بلغ هذا الكلبَ من العطشِ مثلُ الذي بلغَ مِني، فنزل البئر، فملأَ خُفَّهُ ماء، ثم أمْسَكه بِفيهِ، حتى رَقِيَ، فسقى الكلبَ، فشكرَ اللهُ له، فغفر له))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه, ومالك في الموطأ]

 سقى كلباً؛ لكن بإخلاص شديد, سقاه في الصحراء, لا يوجد إنسان يراه, ونحن في المجتمعات, في إنسان يثني عليك, إنسان ينتبه لك, إنسان يقدرك, إنسان يمدحك, ففي الأعمال الصالحة مشوبة بالشرك أحياناً, أما حينما يكون الإنسان في الصحراء, ليس هناك من يشكرك, وليس هناك من يرى عملك, إلا أنك إن فعلت خيراً, تفعله ابتغاء وجه الله صرفاً, فهذا عمل.

ما رأيكم؟ :

((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة, في شجرة قطعها من ظهر الطريق, كانت تؤذي المسلمين))

 يعني: شخص يركب سيارته, يمشي على مئة وعشرين, وجد في المنتصف حجر, هل توجد عنده حيوية أن يوقف يزيحه؟
 هذا من أعظم الأعمال, هذا الحجر الكبير: قد يسبب موت إنسان, قد يسبب حادث مروع, قد تأتي سيارة إلى جانب الحجر, والمقابلة مسرعة جداً أمام الحجر, لا تستطيع أن تتلافى, فهذا الذي نزل من مركبته, ويزيح هذا الحجر عن الطريق, له أجر كبير.

ملاحظة :

 كنت ألاحظ أحجاراً كبيرة في منتصف الطريق, لا أفهم لماذا؟ ثم تبين لي: أن هذه الشاحنات الكبيرة, يوضع الحجر وراء الدولاب, فإذا أقلعت, يستمر, ويمشي, وحجر كبير مكعب , هذا يؤذي من في الطريق؛ فأن تزيح شيئاً يؤذي المسلمين من الطريق, هذا عمل صالح, أن تسقي كلباً .....
 الآن: إذا إنسان يتلافى, يدوس, أو يقتل دجاجة, أو خروف, لأنه يوجد لها أصحاب, أما الكلب يقول لك: ليس مشكلة, المؤمن يتورع عن قتل كلب خطأ, كما يتورع عن قتل غنيمة, أو دجاجة, هذا له رب سيحاسبني عنه, لم تعذبه؟

عمل يخص المزارع :

 حديث آخر:

((ما من مسلم يغرس غرساً, إلا كان ما أُكل منه له صدقة, وما سرق منه له صدقة, ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

 أنت زرعت زرعاً, كل من أكل من هذا الزرع حتى الطير, حتى بنو آدم, حتى الذي يسرق ليأكل, لك به أجر, ولك به صدقة.

ما وراء هذا المثال :

 العبرة: أن الإنسان ينطلق في الدنيا من عمل صالح, يبيض وجهه به عند الله, وأنت لاحظ:
 إذا جندي رئيسه بالجيش لواء بالجيش, لا يستطيع أن يدخل إلى عنده ولا بعشرة أيام, ولا بشهر, بالتسلسل, أما لو هذا الجندي وجد ابن معلمه, ابن اللواء, يسبح بمكان, وشارف على الغرق, فألقى نفسه فوقه, وأنقذه, يستطيع هذا الجندي أن يدخل على اللواء من دون إذن, يقول له: أهلاً وسهلاً, الله يرضى عليك, عملت معي عملاً لا أنساه لك حتى الموت, مع أنه رتبة عالية جداً , ورتبة متدنية جداً.
 ما الذي جعله يقتحم, ويدخل بلا استئذان؟ عمله الصالح, عمله الصالح دفعه, وكل واحد منا إذا كان له عمل صالح, شيء رائع جداً. قال تعالى:

﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية:110]

وقفة متأنية :

 نقف هنا وقفة متأنية: في طريق إلى الله, كل معصية عقبة كؤود على هذا الطريق, كل معصية, لن يكون الطريق سالكاً, إلا إذا أزحت كل هذه العقبات, كلما تبت من معصية, أزحت عقبة, إلى أن تتوب من كل المعاصي, ترى الطريق إلى الله سالكاً, ليس من السهل أن يكون الطريق إلى الله سالكاً, حينما تتوب من كل المعاصي والآثام, ترى الطريق إلى الله سالك.
 الآن ماذا عليك بعد هذا؟ أن تمشي على هذا الطريق, المشي على هذا الطريق عن طريق العمل الصالح, لأن العمل الصالح يرفعك, الاستقامة تُنجيك من المعاصي, من المصائب, والعمل الصالح يقربك من الله؛ فالسلامة تحتاج إلى استقامة, والسعادة تحتاج إلى عمل صالح, العمل الصالح يرفعك.

هل ينفك العمل الصالح عن الاستقامة؟ :

﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية:110]

 والاستقامة, والعمل الصالح: ينبغي أن يجتمعا, لأن كلاً منهما شرط لازم غير كاف, كلاً منهما شرط لازم غير كاف.

لك يا مسلم :

 بنو سلمة: أرادوا أن ينتقلوا قرب المسجد, فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال لهم:

((إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد, فقالوا: نعم يا رسول الله! قد أردنا ذلك, فقال: يا بني سلمة دياركم –يعني: الزموا دياركم- تُكتب آثاركم))

 يعني: هذا الذي يأتي من مكان بعيد, له أجر مضاعف عن الذي يأتي من مكان قريب.

حدثني شخص من أمريكا :

 والله مرة كنت في أمريكا, في درس ألقيته, قال لي شخص, قال لي: والله -يا أستاذ- أنا قادم إليك من ستمئة ناين, يعني ألف كيلو متر, هذا كم ساعة في؟ ثماني ساعات, ليستمع لهذا الدرس, حسناً: معقول واحد يسكن جانب الجامع, يكون له أجر كأجر هذا؟ مستحيل.

اعلم هذا :

 الإنسان كلما بذل جهداً, لقي ثمرة, الحج, لماذا الحج؟ إذا الإنسان حج بيت الله الحرام حجاً مبروراً, رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
 الحج في مشقة, أنت تصلي في بيتك, تصلي في الجامع جانب بيتك, تصلي في بلدك, تزكي في بلدك, تصوم في بلدك, أما الحج؛ تركت البيت, والزوجة, والأولاد, والأهل, والجيران, ومكانتك, وهيمنتك, ومكتبك التجاري, وحياتك الناعمة, وغرفة نومك, والأكل الطيب الذي تحبه, لك أكلات خاصة, لك جلسات خاصة في البيت, هذا كله تركته, وآثرت تلبية نداء الله عز وجل على كل دنياك, وذهبت؛ حر شديد, ازدحام شديد, دفع أموال كثيرة, ازدحام لا يحتمل, كلما دُفع الثمن أكثر, كان القرب أكثر.
 قال لهم:

((بنو سلمة دياركم, تُكتب آثاركم))

اسلك هذا الطريق :

((مَن سَلَكَ طريقاً يَلْتَمِسُ فيه علماً: سهَّلَ الله له طريقاً إِلى الجنة))

[أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما]

 إنسان أتى إلى المسجد؛ ليس له عمل, ليس له تجارة بالمسجد, ولا يوجد زبون وعده, ولا توجد صفقة, ولا يوجد تحقيق ربح, ولا يوجد شيء, أتى ليسمع كلام الله, أتى ليسمع كلام النبي -اللهم صل عليه-, فهذا الطريق الذي يسلكه إلى المسجد, هو طريقه إلى الجنة.

اقرأ بتمعن :

 في حديث مقابل لهذا الحديث, قال:

((كان رجل, لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه –يعني: أبعد بيت عن المسجد-, وكان لا تُخطئه صلاة, فقيل له: -يعني: ما ترك صلاة في المسجد- لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ فقال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد, إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد, ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي, فقال عليه الصلاة والسلام: قد جمع الله لك ذلك كله))

 يعني: يوم جمعة, الآن: أكثر الناس بالشتاء, يحمي السيارة ربع ساعة, من المهاجرين إلى الميدان, من أجل كيلو فول, يقول لك: فولاته طيبون, انظر, دقق, كيلو فول, يأتي على صلاة الجمعة, جانب بيته, أي مسجد, ليس مقتنعاً بالخطيب, يقول لك: أأتي على الصلاة فقط لحتى يسمع, يعني: نووا الصلاة يأتي؛ كيلو فول غال عليك, تنتقل من طرف لطرف, تحمي السيارة, من أجل أن تتعلم أمر دينك, لا تختار مسجداً تكون مقتنعاً بخطيبه, مقتنعاً بالمسجد, في خطبة ممتازة, في خطبة نافعة!!.
 فلذلك -أيها الأخوة-: كلما كان هناك جهد أكبر, كان هناك ثواب أكبر.

كان نبيكم تعظم عنده النعمة مهما دقت :

((إن الله ليرضى عن العبد, أن يأكل الأكلة فيحمده عليها, أو يشرب الشربة فيحمده عليها))

﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾

[سورة إبراهيم الآية:7]

 كان -عليه الصلاة والسلام-: تعظم عنده النعمة مهما دقت.
 شخص شرب كأس ماء, والطريق سالك, هذه نعمة لا تقدر بثمن.
 كان في أحد أخواننا, أصيب بفشل كلوي, فكلما يغسل بابن النفيس, في مرة قالت له الممرضة نعرته: لا تشرب ماء الجمعة, الآلة معطلة.
 يعني: أنت لما تعطش, تشرب كأس ماء, كأسين, ثلاثة, ترتوي, هذه نعمة لا تقدر بثمن, لا تقدر بثمن, يكون معك مفتاح بيت.

هل تعرف قدر هذه النعمة؟ :

 مئتان وأربعون مليون بلا مأوى بالصين, في الطريق, تصور أنت الساعة التاسعة ليس لك مكان تنام فيه, على الرصيف, تريد أن تخلح ثيابك, أين تريد أن تخلع ثيابك؟ لا في مخدة, ولا في فرشة, ولا في شيء, الدنيا برد, الدنيا حر, طريق قذر, هكذا الحروب الأهلية, والعواصف, والأعاصير, والفيضانات, تعمل تشرد, الذي معه مفتاح بيت, لا يهم؛ أجرة لما ملك, منخفض لما مرتفع, كبير لما صغير, معك مأوى.
 كان -عليه الصلاة والسلام-: إذا دخل بيته, يقول:

((الحمد لله الذي آواني, وكم ممن لا مأوى له؟))

 إذا شخص ذهب للغرب, يجد بلادنا متخلفة جداً, إذا ذهب للشرق, يجد أغنياء جداً, أسرة بأكملها تتزوج, وتنجب, وتربي على الرصيف, بالهند لا يوجد بيوت, تسعمئة مليون, أسر بأكملها على الرصيف, له فروغ, أرقام فلكية, فروغ في هذا الرصيف؛ هو وزوجته, وأولاده, ينام, يأكل, يشرب على الرصيف, هذه الأسرة, في صور عندي.
 فإذا الإنسان ذهب للغرب, يرانا فقراء, أما لو شرق, يرى أن الحمد لله نحن في نعم لا تقدر, لا تحصى في نعم.
 لذلك النبي علمنا قال:

((انظر لمن هو أدنى منك, فذاك أحرى ألا تحتقر نعمة الله عليك))

ما ثمرة دروس العلم؟ :

 أيها الأخوة, دروس العلم ثمرتها: أن تعرف الله, وثمرتها: أن تتأدب معهم, وثمرتها: أن تعرف نعم الله أيضاً, والإنسان لما يعرف نعم الله عز وجل يحبه, لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:

((لما يغدوكم به من نعمه, وأحبوني لحب الله, وأحبوا آل بيتي لحبي))

 والله عز وجل قال:

﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾

[سورة إبراهيم الآية:5]

 إذا الله عز وجل أكرمك, زوجك؛ كنت فقيراً أغناك, كنت أعزباً زوجك, كنت تفقد المأوى جعل لك بيتاً, ما عندك أولاد رزقك أولاد:

﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾

[سورة الصافات الآية:102]

 هذه نعم عظمى, والإنسان إذا كان في بحبوحة, وإذا كان في سعادة, لا يغير الله لا يغير, وإذا توجد عنده مشكلة, يغير حتى الله يغير.

احفظ هذه الكلمات :

 احفظوا أربع كلمات: إذا كنت في بحبوحة, ما عندك مشكلة صحية, ولا اجتماعية, ولا اقتصادية, مرتاح؛ زوجتك تعجبك, بيتك منتظم, أولادك أبرار, دخلك جيد, لا تغير لا يغير, على أحسن, لا تغير لا يغير, لك مشكلة كبيرة, المشكلة, بسبب مشكلة غير حتى يغير:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

[سورة الرعد الآية:11]

 والحمد لله رب العالمين.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور