وضع داكن
19-04-2024
Logo
هدي النبي صلى الله عليه وسلم - الدرس : 33 - هديه في العدل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الظلم مرتعه وخيم لأن الظالم يعاقب في الدنيا قبل الآخرة :

 أيها الأخوة الكرام: قد يتوهم الإنسان أن العدل بين الناس من اختصاص القضاة فقط, مع أن كل واحد منا في مواقف كثيرة يُنصَّب قاضياً, ويحكم بين اثنين دون أن يشعر, فلو أن ابنته جاءته تشكو زوجها, والأب أخذ موقفاً من الزوج, قبل أن يستمع منه بشكل أو بآخر الأب الآن قاض واستمع إلى أحد الخصوم, ولم يستمع إلى الطرف الآخر, وأصدر قراراً, وأخذ موقفاً من صهره, هذا الموقف ه ظلم.
 لا شك أن القضاة هم أول الناس الذين ينبغي أن يتحروا العدل, هذا الشيء بديهي, إلا أن الإنسان يُحكَّم في مئات المواقف كل يوم, أو كل شهر؛ بين أقربائه, بين موظفيه, بين من دونه, يُسأل, يُجيب, فالظلم عند الله عز وجل ظلمات، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي الصحيح:

(( يا عبادي إني حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تَظَالموا ))

[ أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ]

 أحياناً بين والدته وزوجته, يأتي إلى البيت, زوجته تشكو أمه, وأمه تشكو زوجته, هو صار حكماً بينهما؛ فإما أن ينحاز إلى أمه ظلماً ويسحق زوجته, وإما أن ينحاز إلى زوجته ظلماً ويسحق أمه؛ فبين الأم والزوجة حكم, وبين البنت وزوجها حكم, وبين الشريك وشريكه حكم, وبين الموظفين حكم, فلذلك: درء المفاسد مقدم على جلب المنافع.
 قبل أن تفعل الصالحات, وقبل أن تتقرب إلى الله بعمل صالح, يجب أن يُنتفى من عملك ما كان ظلماً, لأن الظلم قنبلة تنفجر بالإنسان, والله عز وجل من خلال السنة النبوية توعد الناس بعاجل العقوبة على الظلم, وعقوق الوالدين في الدنيا قبل الآخرة, الظلم مرتعه وخيم, لأن الظالم يعاقب في الدنيا قبل الآخرة, وقد يُعاقب في الدنيا والآخرة معاً.

 

علة الشح وراء كل الانحرافات في المجتمع :

 لذلك يقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر:

((اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّحّ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلِكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم))

[أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله]

 أي لو أردت أن تبحث عن العلة وراء كل الانحرافات, وراء اغتصاب الأموال, وراء انتهاك الأعراض, وراء الغش في العمل, وراء الإساءة في الصناعة, وراء إخلاف المواعيد, لما وجدت علة وراء كل هذه الانحرافات أكبر من علة الشح، أي الحرص على كسب المال من طريق مشروع, أو غير مشروع. والله عز وجل يقول:

﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

[سورة الحشر الآية:9]

 الشح مرض خطير, الشح: أن تحرص على كسب المال من أي طريق؛ مقبول أو غير مقبول, مشروع أو غير مشروع, مستحب أو غير مستحب, لذلك: ما إله عبد في الأرض أسوأ من الهوى. الله عز وجل يقول:

﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾

[سورة الجاثية الآية:23]

 الهوى إله يُعبد من دون الله, إله يعبده الناس وهو المال:

﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً﴾

[سورة الفجر الآية:20]

 فالحرص على كسب المال غير المشروع يحمل الإنسان على كل الموبقات:

(( واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم))

[أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله]

 حرصه على كسب المال, حرصه على إنفاق المال إنفاقاً تبذيرياً, هذا أهلك الذين من قبلكم.

 

أعمال المؤمن الصالحة نور يهتدي به يوم القيامة :

 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام:

((الظلم ظلمات يوم القيامة))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمر]

 أي المؤمنون:

﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾

[سورة التحريم الآية:8]

 فالمؤمن أعماله الصالحة نور يهتدي به يوم القيامة, بينما المنحرف الظلم ظلمات يوم القيامة.

 

حظوظ الإنسان ليست نعماً أو نقماً إنها موقوفة على نوع استخدامها :

 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:

((إِنَّ الله يُمْلي لِلظَّالمِ، فإذا أَخذه لم يُفْلِتْهُ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي موسى الأشعري]

 كلمة يملي أي قد تجد إنساناً في أشد حالات الانحراف, ومع ذلك قوي, غني, هذه القوة, وهذه الغنى إملاء من الله, أو استدراج, ما كل نعمة تُرافقها معصية هي نعمة, النعمة التي ترافقها معصية هي استدراج, وإذا رأيت الله يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره.
 أحياناً الإنسان يعمل فحوصاً كلها كاملة, تجارته رابحة, أموره ميسرة, وهو غارق في المعاصي, فهذه النعم التي يُحاط بها إنما هي استدراج وليست نعماً, بل هي نقم, والشيء الثابت هو أن حظوظ الإنسان هذه الحظوظ ليست نعماً, كما أنها ليست نقماً, إنها موقوفة على نوع استخدامها؛ فإذا أنفقت في طاعة الله كانت نعماً, وإذا أنفقت في معصية الله كانت نقماً.

 

الحديث التالي يبين سياسة الله في معاملته لعباده :

((إِنَّ الله يُمْلي لِلظَّالمِ، فإذا أَخذه لم يُفْلِتْهُ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي موسى الأشعري]

 وهذه سياسة ربنا عز وجل التي نستنبطها من معاملته لعباده, يرخي الحبل, الإنسان مربوط بحبل. قال تعالى:

﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾

[سورة الأعراف الآية:183]

 الكيد هو التدبير, أما وصف الكيد بأنه متين, المتانة صفة المواد في مقاومتها لقوى الشد, المواد التي تُقاوم قوى الشد يقال لها قاسية.
 الألماس قاس مهما جاءه ضغط يتحمل هذا الضغط, لذلك أقسى عنصر في الأرض هو الألماس, يأتي بعد الألماس ميناء الأسنان, مع أن الإنسان من ماء مهين, ومن خلال ظاهرة فيزيائية هي الترسب, عن طريق الترسب يغدو ميناء السن أقسى بعد قسوة الألماس, لولا الترسب لا يوجد إنسان يقف, لأن اللحم ليس له قوام ذاتي, أما العظم فله قوام ذاتي, العظم متين جداً, الإنسان يحمل خمسمئة كيلو- عظم عنق الفخذ- فالإنسان إذا حمل صندوق حديد, هذا الوزن من يتحمله؟ عنق الفخذ.
 أحياناً تجد جسراً, والسيارة فيها ثلاثون طناً, عندما تمشي فوق جسر تحمل ثلاثين طناً معنى هذا أن الجسر يتحمل هذه الحمولة.
 أحياناً يقول لك: الجسر يتحمل فقط خمسة عشر طناً, والسيارة ثلاثون طناً وتسلم, معنى هذا أن لها محورين, إذا كان للسيارة محوران, أي دولابان بدولابين, ومرت فوق جسر, الثلاثون طناً يقسمون على محورين؛ خمسة عشر بخمسة عشر, فالإنسان عندما يحمل مكان تحمل الضغط هو عنق الفخذ, المكان هذا يتحمل مئتي وخمسين كيلو, كل محور مئتان وخمسون كيلو إذا كان الوزن خمسمئة كيلو, حسناً قساوة هذا العظم من أين جاءت؟ الله عز وجل قال:

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾

[سورة الإنسان الآية:28]

 ذكر لي طبيب جراح عظام قال لي: أصعب شيء في الجراحة العظمية فك هشاشة الفخذ عن موقعها في الحوض, هناك تفريغ هواء ومعلوكم لو جئنا بكرة نحاسية مفرغة من الهواء, ومشطورة إلى نصفين, و جئنا بأربعة خيول من اليمين, وأربعة خيول من اليسار, تحركوا بعكس بعضهم, لما استطعنا أن نفك هذه الكرة, لأنه لا يوجد هواء، مفرغة من الهواء, وكذلك هشاشة عظم عنق الفخذ بالحوض متينة جداً:

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾

[سورة الإنسان الآية:28]

لابد للإنسان من أن يأخذ أبعاده ويعبر عن حقيقته ليكشف ما في نفسه من خير أو شر

 فالذي يقوله الله عز وجل:

﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾

[سورة هود الآية:102]

 الله يملي, هذه سياسة ربنا, والإنسان في أشد حالات المعصية, وهو يسب الدين, ويسب الإله, ويرتكب الموبقات, والضغط جيد, ثمانية على اثني عشر, والنبض ثمانون, والدسامات تعمل بانتظام, وكل شيء في جسمه يعمل بانتظام, ودخله كبير, هذه ليست نعماً, إنما هي نقم, هذا استدراج.
 أي الحبل مرخى, في أية لحظة يُشد الحبل, فإذا هذا الإنسان في قبضة الله عز وجل, يرخى الحبل ليأخذ الإنسان أبعاده, ليصل إلى كل ما يريد, فإذا انكشفت حقيقته وأخذ أبعاده كشف ما في نفسه من خير أو من شر.
شخص يرغب أن يؤذي, الله عز وجل يسلطه على إنسان يستحق هذا الأذى, فهذا الإنسان أعطاه الله إمكانية أن يحقق ما في نفسه, قال النبي الكريم:

((نِيَّةُ المُؤمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ))

[ المعجم الكبير عن سهل بن سعد]

 فلا بد من أن يأخذ الإنسان أبعاده, ولا بد من أن يعبر عن حقيقته, ولا بد من أن يكشف ما في نفسه من خير أو من شر.
 هذا يقتضي للمؤمن الإمداد, وللكافر الاستدراج, المؤمن يُمد, والكافر يُستدرج, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

((إِنَّ اللّه يُمْلي لِلظَّالمِ، فإذا أَخذه لم يُفْلِتْهُ، ثم قرأَ:﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾[هود: 102]))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي موسى الأشعري]

 والله عز وجل إذا حكم لا راد لحكمه:

﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾

[سورة الرعد الآية:11]

حقوق العباد مبنيةٌ على المسامحة :

 و عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((مَنْ كانت عنده مظلِمَة لأخيه، مِنْ عِرضِهِ أو شيء منه، فلْيَتَحلَّلَهُ منه اليومَ))

 الآن: الإنسان ينهش في عرض أخيه, بلا سبب, وبلا حق, وبلا دليل, ثم يتوب, ويتوهم أن توبته إلى الله قد أنهت الأمر, هو تاب إلى الله, وهذا الذي نهشت عرضه؟ وهذا الذي تكلمت عنه في مجلس فيه عشرة أشخاص؟ من قال لك: إن الأمر انتهى بتوبتك؟ الأمر لا ينتهي بالتوبة, الأمر لا ينتهي إلا أن تعتذر منه, وأن تستسمحه, وأن تدعو ليصفح عنك, وإلا لا بد من أن يُصفى منك يوم القيامة, هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((...مَنْ كانت عنده مظلِمَة لأخيه، مِنْ عِرضِهِ أو شيء منه، فلْيَتَحلَّلَهُ منه اليومَ، من قبلِ أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذَ منه بقدر مَظلِمتِهِ، وإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحبه فَحمِلت عليه))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة]

 هذا كلام النبي بالبخاري, أنت تكلمت على فلان أمام عشرة أشخاص هكذا بلا انضباط, بلا دليل, من أجل أن تفضحه بلا سبب, لأنه خصمك, أو منافس لك في العمل, فنهشت عرضه, ثم تبت إلى الله, التوبة هنا ليس لها قيمة, هنا يوجد حقوق الآخرين؛ فيما بينك وبين الله تُقبل التوبة, أما فيما بينك وبين العباد لا بد من أن يسامحوك, لا بد من أن تعتذر إليهم, لا بد من أن تطلب السماح, والعفو منهم, لأن الله سبحانه وتعالى شديد العقاب.
 قال له شخص: لقد اغتبتني, قال له: ومن أنت حتى أغتابك؟ إن كنت مغتاباً أحداً اغتبت أبي وأمي, لأنهما أولى بحسناتي منك.

 

من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة :

 النقطة الدقيقة لا أحد يريد أن يعترف أن من اغتابه فإنه يوم القيامة لا بد من أن يقدم له من حسناته, فإن فنيت حسناته, يُطرح على هذا المغتاب سيئات الآخرين, حتى يُطرح في النار.
 هذا كلام النبي, فإذا شخص اغتاب, وتاب, التوبة هنا لا تُجدي؛ إلا أن تستسمح منه, إلا أن تعتذر منه, وعد للمليون قبل أن تتهم إنساناً اتهاماً باطلاً, وعد للمليون قبل أن تأتي بشيء ما فعله فلان, لكن من أجل تشويه سمعته, وهذا يفعله معظم الناس, يفعلونه, ويعتقدون أنهم أذكياء بهذا العمل, يقول لك: حطمته, شوهت سمعته, والله عز وجل بالمرصاد:

(( من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ))

[ الترمذي عن ابن عمر]

 هناك شخص قناص, دائماً: عيَّاب, همّاز, لمّاز, هذا الإنسان مصيره أن الله يفضحه في عقر بيته, وكل إنسان ستر على الناس الله يستره, رب كبير, وعظيم, إن سترت مسلماً ستر الله عليك, وإن افتريت عليه الله عز وجل يبطش بك:

﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

[سورة البروج الآية:12]

تعريف المفلس يوم القيامة :

 وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المفْلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع, فقال: إن المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار))

[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]

 أخواننا الكرام, كلام مخيف؛ لا تغتر بصلاتك, وصيامك, ولا تغتر بصدقتك, فإن لم تضبط لسانك, وإن لم تتحر العدل في علاقاتك, كل هؤلاء الذين نهشت أعراضهم سوف يأخذون حسناتك, فإن فنيت قبل أن تقضي ما عليك, طرحوا عليك سيئاتهم, حتى تُطرح في النار؛ مع صلاته, وصيامه, وصدقته.
 وأنا أقول لكم دائماً: الإنسان إذا ارتكب الكبائر مع أداء العبادات هكذا أقول: ضع صلاتك في الحاوية, قمامة صارت صلاتك, وضع صيامك في الحاوية, وضع عبادتك في الحاوية, الإنسان إذا كان مفتر, كذاب, مغتاب, دجال, صلاته لا قيمة لها, صلاته قمامة صارت.
 هذا الحديث مخيف، حديث في الصحاح رواه الإمام مسلم:

((من المُفْلِسُ؟ الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، يأتي وقد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار))

[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]

 هذا الحديث من أصول الأحاديث التي ينبغي أن تكون ماثلة في ذهن كل واحد منا.

 

العاقل من يتقي دعوة المظلوم :

 وعن ابن عباس رضي الله عنهما, أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذ إلى اليمن, فقال:

((يا معاذ, اتَّقِ دعوةَ المَظْلومِ، فإنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عباس]

 شخص يحمل حديداً في سيارته, إنسان خارج أوقات الدوام سأله من أين جئت بهذا الحديد؟ قال له: من عند فلان لعند فلان, أنا عندي هذه السيارة أنقل عليها البضاعة, فهذا ذهب معه إلى مصدر البضاعة, لما رأى فيها مسؤولية, قال له: هذا الحديد ليس لي, من بقي المسؤول؟ صاحب السيارة, أُخذت منه هذه السيارة, صُودرت, انكب على أقدامه يرجوه: أنا ليس لي علاقة, أنا عندي اثنا عشر ولداً, وعندي هذه السيارة, نقلت نقلة حديد من فلان لفلان, وهذا الإنسان خارج أوقات الدوام تبرع, تبرع ليعمل هذا العمل, لم يرد عليه, أخذ له السيارة, بعد ثلاثين يوماً بالضبط ذهب إلى مزرعته في الغرب, ويوجد أمامه سيارة حديد, والطريق زلق, و لم يكن منتبهاً, فوجىء بالسيارة, استعمل المكبح, الأرض زلقة, فدخل في الشاحنة, الشاحنة حديدها بارز, جاء هذا الحديد, وقطع رأسه, وبقي اثنتي عشرة ساعة, أو إلى الصباح, حتى كُشف الأمر, ورأسه في المقعد الخلفي, والآن السيارة موجودة في الحرم الجمركي.

((...اتقِ دعوةَ المَظْلومِ ))

 هذا الإنسان ليس له علاقة, بعد ذلك لم يفهم القوانين, لم يستوعب القوانين, شخص عنده هذه السيارة, ينقل الحديد عليها, لا يعرف الحديد؛ نظامي أو غير نظامي، والشخص الآخر أنكر, ارحم هذا, لم يرحمه, فكانت نهايته من الحديد.

((...اتقِ دعوةَ المَظْلومِ، فإنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عباس]

 والقصص كثيرة جداً وما أكثرها.

((المسلمُ أخو المسلم, لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلهُ، ولا يَحْقِرهُ، التقوى ها هنا, التقوى ها هنا, -وأشار إلى صدره الشريف- بِحَسْبِ امرئ من الشَّرِّ: أَن يَحْقِرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمُه، ومالُه، وعِرْضُه))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة]

إياك و الظلم :

 أخواننا الكرام, الأحاديث الصحيحة لها نور, هذه كلها في الصحاح، أي قبل أن تصلي قيام الليل, قبل أن تصلي النوافل, قبل أن تعمل نفسك ورعاً, إياك والظلم.

((اتَّقِ المحارِمَ تَكُنْ أَعبد الناس))

[ أحمد عن أبي هريرة]

 تكون في أعلى درجة بالعبادة, من دون أن تقوم الليل, أدِّ الذي عليك, واطلب من الله الذي لك؛ لا تظلم إنساناً, لا تبتز مال إنسان, لا تغش إنساناً.
 أحياناً: تجد شخصاً دخله محدود, اشترى كنزة, استحلفك بالله خيطها صوف طبيعي؟ تقول له: صوف طبيعي, لبسها مرتين فقصر كمها, هذا الذي اشتراها بألفي ليرة, أو بألف ليرة, ربع دخله, ربع معاشه، أنت غششته.
 فأنت لا تغش, الغش ظلم, وابتزاز أموال الناس ظلم, إنسان تخوفه وتبتز ماله ظلم, فكل إنسان دخله من طريق غير مشروع هذا إنسان سيحاسب عند الله حساباً عسيراً.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور